رواية قرة عيني
بقلم أمل محمد الكاشف
مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية
قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية
تدور احداثها بين حلمية الزيتون والصعيد اسوان بالتحديد
وبنظراتهم وتغامزهم على عصافير الغرام صعدت أم سعاد و هويدا السيارة وهم صامتين يراقبون الوضع بوجه كانت ملامح الفرحة به كفيلة للتعبير عن ما يتحفظ به اللسان ، وعند توقف السيارة اسفل بنايتهم كانت أميرة أول الهاربين منها حين تحججت بالصغيرة النائمة بحضنها ، حمل أيمن وصعد من بعد اخته و خالته وهو يحدث هويدا قائلا " اشتريتي حاجة سهام كلها "
ردت اخته عليه
" لا مش كلها في حاجات غريبة قالوا لي مكانها بس خلاص كفاياها اللي اشتريته و كأني مسافرة اجبلها مصر في شنطه وراجعة "
رد عليها بجدية
" شوفي المكان فين وبكرا الصبح نروح نجيب باقي حاجتها انتي عارفة هي مش بتخرج ولا بتطلب كتير خلينا نفرحها "
دعت ام سعاد له قائلة
" ربنا يفرح قلبك زي ما بتفرحنا كلنا يارب "
ابتسم وهو يؤمن على دعائها لترد هويدا على خالتها " بيفرحكم كلكم ما عدا انا قاعدة على قلبه "
ردت خالتها عليها بضحك وقالت
" والله ما حد اخد حقه قدك "
استقبلهم الحاج جمال وهو يرحب بهم تحرك حسام ليضع أيمن على الفراش بالداخل كما أشار له خاله ، وعند دخوله الغرفة وجدها تحثه أن يضع الصغير بالجانب الآخر من ندى نظر نحو الباب ليبدأ حديثه معها دون ان يتوقع خجلها و هروبها منه اتى لكي يحدثها و هو يترك حسن على السرير بجانب أيمن و لكنها هربت بسرعة وخرجت من الغرفة وهي متوترة
لاحظت امها خروجها السريع وحالتها لترى خروج حسام من خلفها بعينيه التي تبحث عنها ليجد أمها أمامه ألقى عليها السلام وأعتذر منها على التأخير
ردت سمية عليه وهي مبتسمة و قالت " لا يا ابني ماتعتذرش المهم اتفسحوا وانبسطوا "
استأذن كي يذهب لمنزل خالته ليرتاح قليلا قبل استيقاظه الفجر ومتابعته للعمال
نامت هويدا و أميرة بجانب الأولاد بعد أن صليا فرضهم ، اما الام سمية فلم يأتها نومها بهذه الليلة جلست امام التلفاز تبدل بالقنوات دون فائدة أغلقته بعد ان نامت بهيه من إجهاد التجول و المشتريات و اغلقت الاضاءة من بعده ذهبت لغرفتها كي تستلقي على فراشها بعقل لم يقف عن التفكير ظلت تتقلب على فراشها ، شعر زوجها بها وهي تجلس و تسند بظهرها على وسادتها الخلفية فتح عينه وقال لها " خير يا سمية ضغطك عالي ولا يكون رجع نفسك لضيقه "
هزت راسها وقالت له " متقلقش يا حج انا كويسه كمل انت نوم "
استغرب من حالتها تحرك و جلس هو ايضا مثلها مكررًا سؤاله " لا أنتي اكيد تعبانة ، مالك يا سمية بصي يا بنت الناس لو في حاجه نروح المستشفى "
ردت عليه بضيق " يا ريته تعب نروح المستشفى ويخف ، ولكنه خوف وقلق وضيق"
حك عينه وقال لها " خير يا سمية هو انتي مستوعبة الساعه كام دلوقتي ، وبعدين انا قولتلك قبل ما ننام مفيش حاجة هتحصل غصب عننا وعنك انتي بذات ، كل ما في الحكاية انهم خرجوا يتفسحوا مع بعض و كمان كانت مع عمتها و بنت عمتها والاولاد معاهم "
ردت سمية وقالت " طبعاً ومين يشهد ليه كلكم اتجمعتوا واتفقتوا عشان تتمموا الجوازة طبعا ما هو ابنكم من فرحتكم نسيتوا مصلحة الغلبانة بنتي ، صدق الي قال الي ايده في المية مش زي اللي ايده في النار "
حك جبهته بضيق وقال " هتخليني اندم اني وافقت تروح معاهم ، وكمان يا ستي متزعليش نفسك للدرجة ديه بكرا هبعتله الرفض مع عمرو عشان ترتاحي ، و ابقي خليها بحضنك اما نشوف هتلاقي احسن منه فين "
تنهدت سمية بضيق و ردت " شوفت حتى انت بقيت بدافع عنه قدامي و كأني انا الشرانية الي مش عايزه افرح ببنتي ، وكأن مش انت الي رفضته و سرعت من سفرنا "
اغمض عيناه وقال لها بضيق " عايزة ايه يا سمية ، قولي ايه اللي يريحك وانا اعمله عشان انا تعبت وعايز انام ، بس قبل ما تقرري افتكري كلامك ان البنت فرحانة وميالة للولد ولولا العيبة كانت وقفت قدمنا وقالت انا عايزاه ، ولكن معلش اكسري فرحة الولاد المهم تكوني مطمنة عليها "
تحرك ونام من جديد وهو يرفع الغطاء عليه كعادتة عندما يكون غير راضي عن شيء ، قامت من على فراشها وهي تقول " هقوم اتوضى واصلي ركعتين لله "
رد عليها " ربنا يتقبل منك ، اقفلي نور الصالة جاي بعيني وافتحي بداله نور طرقة الحمام .
مضت الليلة ليبدأ صباح يوم جديد على صراخ زينة بوجه كريم و تهديدها له بباحة الجامعة انها ستفضحه وتخبر الجميع انه ظالمها ، رد كريم عليها وقال " تفضحيني لاني ظلمتك و ضحكت عليكي ، اتبقى تقولي الطفل الي ببطنك مني "
وبقهر وضيق ونبرة صراخ مخلوطة ببكاء ردت عليه و قالت " اي طفل ده اللي بتتكلم عنه ، انا اشرف منك ومن عيلتك كلها "
ضحك وهو يسخر منها قائلا " اهو اعترفتي يعني مكنش بينا غير تسالي و كام حضن وخلاص انتهى "
اخفضت صوتها لتحدثه بنبرة عتاب و حزن " معقول كان كل ده تسالي معقول مكنش حب "
اقترب منها كثيرا وكأنه سيحضنها اغمضت عيناها التي ظفرت بدموعها مستسلمة له ليقول لها بجانب اذنها " انا مش بتاع حب و جواز العنوان غلط يا قلبي " قالها ومن ثم قبلها على وجنتها و تحرك ليركب سيارته مبتعدًا عنها وعن انهيارها و بكائها
بهذا الوقت في الحلمية الزيتون
كانت هويدا تخرج مشترياتها والهدايا التي احضرتها لاولاد عمها و حبايبها لتُريها لزوجة خالها ، ردت ام سعاد وقالت لهويدا " بس تصدقي اجمل حاجة عجبتني في كل ده قشارة البطاطس الغريبة ديه "
ضحكت سمية وقالت " عندك حق يا بهية شوفتي طلعتها حلزونية و رفيعة ومقرمشه ازاي "
دخلت أميرة عليهم الغرفة و جلست بجسد مرهق بجانبهم وهي تقول " طلعوا روحي لحد ما اقتنعوا يشاركوا الألوان مع بعض من غير خناق "
نظرت هويدا لها وهي ترفع كيس مشتريات مكتوب عليه اسم محل تجاري وقالت " بت يا أميرة عايزين نروح المحل ده تاني ، سهام عجبتها بيجامات الولاد هروح ابدل بتاع سيف بمقاس اكبر عشان ينفعه للسنة الجاية و هشتري عليهم اتنين كمان له ولاخوه حسن "
ردت ام سعاد وقالت " وماله نروح تاني اصلا عروضه جميله واسعاره مش هتلاقيها فى حتة تانية حتى هجيب لبنتي سعاد فستانين كمان عشان اما تيجي بالصيف متتحيرش بالهدايا "
نظرت سمية على اميرة وقالت " كنتي قستي حاجات ندى احسن تكون هي كمان مش على قدها "
ردت هويدا على زوجة خالها " متخافيش على اميرة ديه مخرجتش من المحل غير لما قيستها و اتصلت بأمها عشان تختار معاها و جابت مقاس اكبر كمان ، ياريتنا عملنا زيها "
ابتسمت سمية برضا وقالت " اصلها متعودة وديما كانت وهي راجعة من الجامعة تنزل هي وايمان الله يرحمها يلفوا بوقت تخفيضات المواسم و يلاقوا حاجات جميلة وبنص التمن طبعا شربوا مقالب كتير لحد ما تعلموا "
تذكرت بهية ابنتها لتقول لهويدا " وسعاد كمان كدة احنا هنا بنحب نعود البنت تعتمد على نفسها و تخرج لوحدها تواجه الحياة و كل ما تغلط تتعلم و تقوى اكتر "
دخل الحاج جمال الغرفة عليهم وهو ممسك رأسه قائلا " اااه راسي هتنفجر "
سألته ابنته بقلق " بابا هو انت اخدت دواء الضغط الصبح؟ "
التفت على الأكياس و تخطى بعضهم وهو يعبر من فوق اخرين قائلا بنبرة ساخرة " انتوا اشتريتوا البلد كلها امبارح ولا ايه "
جلس بمكانه المفضل بعدما رفعت اخته بهية الاكياس من أعلاه مستمعة لبقية حديثه لهم " والله صعب عليا الواد حسام دلوقتي يا ترى اخدتوه و بهدلتوه معاكم باللف ، ولا قعدتوه بالعربية مع الاولاد و لفيتوا انتوا"
تحدثت هويدا وهي سعيدة وقالت " متخفش عليه يا خال هو انا اقدر اضغط على اخويا حبيبي "
ضحك وقال لها " لا طبعا ماتقدريش ، انا كده قلبي اطمن عليه يبقى اكيد قعد بالعربية مع الاولاد أصل القط والفار عمرهم ميمشوا جنب بعض وبنفس الوقت محدش يقدر يفرق بينهم "
ضحك الجميع على كلامه كررت أميرة سؤالها لأبيها لتتأكد أخذه لدواء الضغط بالصباح ام نساه ، دعى لها وهو يطمئنها على أخذه طالبا منها فنجان قهوة مظبوط يهدئ من ألم رأسه
بمكان عملهم كانت نرمين تبكي لزهرة و تشكي لها من سليم الذي فضل عائلته عليها بجميع محطاتهم ، لم تهتم زهرة ببكاها قائلة لها بحدة " ده طبيعي انتي رخصتي نفسك وسمحتي تكوني نزوة بحياته وقت ما يحب يهرب من ضغوطه يلجأ ليكي يقضي الباشا وقته و يهدي نفسه عشان يقدر يرجع يكمل حياته الأصلية تاني يعني انتي مجرد وسيلة ولستي غاية سامية له من الاخر وبدون لف ودوران ضيف موسمي مش اساسي بحياته "
بكت نرمين أكتر وهي تقول لها " حرام عليكي انتي بتعملي فيا كده ليه ، لعلمك احنا بنحب بعض و هو قالي انه محبش حد قبلي واني اول حب بحياته ، اصلا انا غلطانة اني بفضفض معاكي انتي عمرك ما هتفهمي علاقتنا بكرا تشوفي اما يسيب الكل ويلجأ ليا ونعيش مع بعض قدام العالم و الناس"
ردت زهرة عليها و قالت " انا مش مصدقة انك بتفكري بالطريقة ديه، رغبتك انك تعيشي الحياة ديه عمت عينك ، ياريتك انتظرتي نصيبك الي يحافظ عليكي ويقدرك و يمسك ايدك قصاد العالم كله ويفتخر انك زوجته "
صدمتها نرمين عندما ردت عليها وقالت " هو انتي غيرانة مني ولا ايه ، ليكون حبه ليا و اننا مع بعض ضغط عليكي لدرجة انك قررتي تفرقينا ، وانتي بتتصنعي دور الأخت الناصحة "
وقفت زهرة وهي ترمقها بعينيها من اعلاها لاسفلها قائلة " خسارة يا نرمين ، بجد خسارة "
في حلمية الزيتون كانت أميرة قد حضرت مشروب شوكولاتة للأطفال و نادت عليهم ليشربوه بالمطبخ
واخدت صينية القهوة و خرجت متوجهة لغرفة المعيشة وهي توصي الأولاد أن يأخذوا بالهم وإلا يسقطوا على ملابسهم
وعند عودتها لغرفة التلفاز سمعت الحديث الذي كان يدور بينهم عن عادات الصعيد القديمة و ظلمهم للمرأة .
قدمت القهوة لهم و ظلت صامتة تسمع ما يقولوه بنبرة هجومهم على نساء الريف والقرى دافعت هويدا بنفي ما سمعته محاولة الدفاع عن بلدها و وصفها انهم اصبحوا كالقاهرة واكثر مع الاحتفاظ بعادتهم
تدخلت أميرة بحديثهم متسائلة " بس انتوا ليه حجمتوا الظاهرة و ركزتوا على الصعيد بس ونسيتوا قرى مصر وكمان العالم كله يعني برغم كل الحداثه و التعليم إلا أن ظلم المرأة مازال موجود باختلاف اشكاله منهم إلي يجبروها على الجواز لمصالح الأهل ، و منهم يعيش ويموت بخدمة الناس بالرضا او غير الرضا ، دنا حتى سمعت ان الست لحد النهاردة بحقول الشاي بمدن تركيا بتنزل تزرع وتحصد ايديها بأيد الراجل وهي مجبورة على ده حتى انهم بيبقوا متفقين قبل الجواز على مشاركة العمل "
ردت هويدا لتؤكد على ما تقوله أميرة " اه والله يا خال انا شفتها بمسلسل تركي كان اسمه البحر الأسود الستات بينزلوا يشتغلوا مع رجالتهم في حقول الشاي و جمع الفاصوليا البيضا "
اكملت اميرة وهي تنظر لامها " بس انا شايفة ظلم المرأة الحقيقي مش بس بالجهل وظلمها بالقرى و المناطق النائية لأنها اوقات كتيرة بتبقى بتعمل ده بدون ما تشعر بالقهر والظلم ، و كمان في منهم بيتنافسوا عشان يوصلوا لمكانة وتقدير اكبر عند ذاويهم ، ولكن الظلم الحقيقي هو الي شايفينه حولينا و الي المجتمع بيفرضه على الست بانها تشتغل و تراعي اولادها الي لازم يكونوا ناجحين و طبعا لازم بيتها يكون نضيف و اكلها جاهز و فوق ده راضية اهل جوزها و مش مقصرة بالمجاملات و لا الزيارات العائلية ولا العزومات الأسبوعية ، و كلنا شايفين العبئ ده بدون منعلق عليه و كأنه اصبح فرض على المجتمع انه يحط كل حاجة على المرأة بدون كلمة شكر حتى ، و اذا غلطت او قصرت بعمل صغير او طفلها غلط او رسب بامتحان الدنيا تقوم ومتقعدش و كله يرمي الذنب عليها ، طبعا بخلاف الراجل سي السيد الي ينزل معاها الصبح الشغل زيه زيها ويرجع الباشا معاها بنفس الوقت ، طبعا رجوعهم مع بعض مش مبرر انها متكونش مجهزة البيت والاكل واللبس النضيف المكوي ، لا وكمان الباشا بعيون قوية يزعق لو اتأخر الاكل و يقعد يقولها الملح زيادة و مش بعمول برضا ، وطبعا الغلبان يتخنق و يخرج بعدها ليغير جو مع اصحابه عشان اتخنق من دوشة البيت و طلبات الاولاد ، و بالأخير كتير منهم يروح يتجوز ولا يحب عليها ويرميها هي وعيالها او يخونها او يقضيها احلام وعدم رضا ويطفحها بعيشيتها فوق ما هي على اخرها "
أكدت هويدا على ما قالته أميرة " ايوه يا بنت خالي عندك حق "
أكملت أميرة وهي توجه حديثها لأمها " علقتوا على الستات المظلومة بالريف و نسيتوا إن عندنا اكثر ظلماً ولكنها عشان لابسة زي الحداثة محدش قادر يشاور ويقول حرام ميصحش تتحمل كل ده ، ولكن الست الي بتشتغل في بيتها وهي راضية ، ومش متبهدلة في المواصلات و اسواق الخضار و المستشفيات وغيره وغيره هي اللي غلط بس بمقارنة صغيرة هتلاقي الاتنين مظلومين بالعكس اللي عندنا مظلومين اكتر لانهم اتحرموا من الراحة النفسية بتاعت أهل الريف "
ردت سمية على ابنتها وقالت " هو انا ليه حاسة انك بتوجهي عليا اللوم و كأني انا الي ظالمة الستات ، انا طول عمري ضد أي إهانة وظلم لأي حد اذا كان ست او راجل محدش يحق ليه يظلم أي شخص "
ردت ام سعاد وقالت " تصدقي يا بنت يا اميرة انتي فتحتي عيني على حاجات مكنتش شايفها ، او شيفاها بس عمري ما عملت مقارنة بينها فعلا انتي عندك حق الاتنين مظلومين ومتقولوش دلوقتي و زمان كله مظلوم ناس ظلمها الجهل وناس ظلمها التعليم والحداثه بس تعرفوا ان صعبوا عليا ستاتنا اكتر من ستات الأرياف يا الله دول لو جبل كان انهد من حملهم ، يقطعهم الرجالة ويقطع تقل دمهم "
كح الحج جمال وقال بصوت يعلوه القلق " والله حاسس كمان شوية هتقوموا بثورة علينا واحتمال تقيموا عليا الحد ، حتى اقولكم حاجة تبقى القليل واتخبى من الشرار الي هيطق من عيونكم في ايه يا ستات مصر خير مالكم يعني مسكتوا بالسيء و تركتوا كل الجوانب الايجابية الي حولينا ما زي ما في ناس وحشة و تعبانة في ناس كويسة و مرتاحة خليكم منصفين ولا ايه يا سمية دنا جوزك ابو عيالك كدة تبعيني قصادهم "
ضحكوا على عدم انتباههم ، ليكمل الحج جمال " بس بجد لكل قاعدة شواذ كتر او نقص شواذها فبالأخير موجودين ، واحنا علينا محاربة الشواذ دول بالعقل والسياسة و ببعض الاحيان بالحزم والقوة ، ولكن بطلوا النظرة السوداوية ديه احسن وربنا اسيبكم و اهج في بيت بهية اسمي اقعد مع حسام بروقان اليومين دول "
قامت هويدا واميرة لتجميع المشتريات واعادتهم بالحقائب مرة أخرى كما تحركت ام سعاد و قالت " وانا كمان هقوم اتحضر لصلاة الظهر "
خرجت ام سعاد لتخرج من خلفها اميرة وبعدها هويدا ليضعوا الحقائب بغرفة أميرة
نظر جمال لسمية و بصوت منخفض قال لها " شوفتي ده اللي كنت بقولك عليه بنتنا عاقلة و فاهمة مش طفلة تفرضي عليها شيء مش عايزاه، وكمان احنا ربناها كويس هي واخواتها و عرفناهم الي ليهم والي عليهم و سمعتي بنفسك أزاي اتكلمت وحللت الظاهرة بطريقة احنا الكبار استصعبناها ، كفاياكي خوف وقلق بصراحة بعد الي سمعته منها بقيت مرتاح ومتأكد انها قادرة على اخد قرارها الصح بنفسها "
مر الوقت و اكمل حسام شغله وعاد ليأخذهم كي يكملوا مشترياتهم و يذهبوا بعدها للنافورة الراقصة كما وعدهم لم يكتفي حسام بروحه وخالته و اخته بل وأصر على اصطحاب خاله وزجته معهم و ظل يقنعهم ويعدهم ان لا يتعبهم
وافقت سمية ليفرح الجميع بهذه الموافقة دون ان يصدقوا ضغطها على زوجها وهي تقوله " يلا يا حج عشان خاطر حسام هو اول مرة يطلب منك طلب ميصحش تزعله "
ابتسم حسام و اسرها بقلبه و هو يترقب الانفراد بها طول رحلتهم حتى أتته فرصته حين أرادت الذهاب للحمام وقام هو ليدلها على مكانه بعد انشغال البنات مع الاولاد و الصور
شكرته سمية واخبرته ان يعود دون انتظارها فلقد علمت الطريق بشكل جيد قالتها ودخلت لقبلتها دون ان تتوقع رؤيتها له عند خروجها لتكن اول كلماتها " مرجعتش ليهم ليه يا ابني متخفش عليا انا متعودة على الأماكن المزدحمة دي "
رد حسام عليها وقال " ربنا يكرمك ولا يهمك انا قولت عشان مترجعيش لوحدك"
ابتسمت وفرحت باهتمامه بها لدقائق لم تكتمل عند تفاجئها بحديثه الذي بدأه فور تحركهم للعودة وهم بجانب بعضهم قائلا " بس مكنش ده أول طلب ليا عند خالي"
نظرت له بدون رد ليكمل وهو يشير بيده نحو مقاعد جانبية قائلا " تسمحي لي نتكلم مع بعض شوية صغيرين "
ردت بقلق " بلاش يا ابني انا مش عايزة ازعلك "
تحرك وهو يسحب لها مقعد ليجلسها رفعت نظرها عليه وهي تتنهد بخوف وقلق من كسر خاطره ثم جلست مستسلمة لرغبته ، جلس امامها معيدا لحديثه قائلا
" مكنش طلبي الاول لان طلبي الاول اترفض ، انا مقدر خوفك و قلقك عليها بس اديني فرصة اثبت لكم اني مختلف عن الفكرة الي خدتوها عني ، انا مستعد لأي ضمانات تطلبوها اثبت لكم بيها اني شاري و هحافظ عليها "
قاطعت كلامه وقالت له " أي ضمان ده الي بتتكلم عنه ، وبعدين احنا أهل وكلمتك عندي كفاية ، متزعلش منا بكرا اما تكبر هتعرف قيمة اولادك و هتقدر خوفنا عليها "
وبسرعة وخوف تحدث مرة اخرى وقال " لو كانت من نصيبي ان شاءالله ، مش هخليها تحزن ابدا ولا حد يقرب ليها ، حتى مش هسمح لنفسي او لحد انه يخليكم تندموا على جوازتنا ، هعمل كل اللي بوسعي عشان اشوفها بتضحك "
وبرغم انها اخفت فرحتها امامه الا ان شعورها بالرضا كان قد ارتسم على وجهها ، أكمل حسام كلامه قائلا " انا زي ما قلت لعمرو احنا هنتجوز بالتجمع و هتعيش على اللي كبرت وتربت عليه "
ردت سمية عليه وقالت " الحماس و الحب بيقلوا بعد الجواز و الي بيفضل العادات والأفكار المتشابهة "
اقترب بمقعده منها وهو يدافع عن ما قالته " لا مين قال كده امال فين المودة والرحمة والمحبة اللي ربنا ذكرها في كتابه الكريم ، وبعدين في ناس كتير بتتجوز بدون حب و بعقلهم الكبير و بقلوبهم الرحيمة بتتولد اكبر قصة حب الكل بيبقى نفسه يوصل ليها "
ردت وهي مبتسمة " انا مش ضد الي بتقوله برغم انه اصبح قليل بزمانا بسبب الضغوط اللي بتقابل الشباب و مش بيعرفوا يخرجوها غير على شكل مشاكل وغضب على زوجاتهم "
مسح وجهه بكف يده و تحدث بقلق قائلا " مش الكل زي بعضه وبعدين لو قعدنا نفترض اللي هيحصل فممكن جدا اني اقول افرض هي اتغيرت ،افرض تذمرت على كل حاجة ،افرض وافرض وافرض لو فكرنا بالطريقة دي محدش هيتجوز وكله هيفضل خايف من كله ، بس انا زي ما انا قولتلك اطلبي الضمانات اللي انتي عايزاها وانا مش هتردد لحظة اني اوافق عليها اصلا انا اموت لو زعلتها هسعى ديما عشان اشوف ضحكتها الجميلة منورة الدنيا كلها "
ابتسمت له وهي تنظر لندى التي كانت تركض بطريقها للحمامات ، نظرت أميرة على امها وحسام باستغراب مكملة طريقها خلف ندى كي تساعدها بقضاء حاجتها .
انتهى اليوم بعودة الجميع بفرح وسرور وقلوب راضية ليتم بعدها تتويج فرحتهم باليوم التالي حين خرجت من هويدا زغروطة طويلة تلتها أطول واعلى صوتا مما سبقها ملئت و طنت بها سماء الحلمية كلها .
اخذت هاتفها وفتحته لتزف له خبر موافقة اهل أميرة على حبيب القلب مجنونها الذي فقد عقله وكاد ان يبكي من فرحته وهو يستمع لأخته تقول له " واخيرا هنخلص منك يا اخويا وأخيراً خالي فقد عقله وهيسلمك بنته بأيده ، والله اني فرحانة فيك "
من الواضح ان الفرحة لم تفقده عقله فقط فمن يرى رقص ام سعاد وهويدا يعلم مكانة العريس بقلوبهم وكم هو اخ حنون وسند يعتمد عليه و يصدق قوله ، ظلت هويدا تحتضن خالها وزوجة خالها حتى اقسم جمال ان اقتربت منه هي او بهية سيغير رأيه و يرفض الزواج
زادت سمية على ما قاله " ويبطلوا زغاريد وصراخ هما والعيال راسي وجعتني والله "
لم يناما العروسين بهذا اليوم من شدة فرحتهم بموافقة الاهل ، لم يتوقع احد من العريس أن يأتي لمنزل خاله فور بزوغ الشمس متحججا بطلبات خالته منه
تفاجأ جمال به وهو يقف امامه نظر باستغراب وقال " خير يا ابني ايه اللي جايبك الساعة ستك الصبح ، امك واهلك كويسين "
انصدم حسام عند معرفته ان الساعة لا تزال السادسة كان معتقد انه مضى وقت كبير بعد الفجر و على الاقل وصلت لثامنة صمت خجلا ليستقبله خاله وهو يقول له " اتفضل يا ابني انت مش غريب انا بس خفت عليك "
رفع حسام يده وقال " أصل خالتي وصتني على شوية حاجات و قولت اجيبها قبل ما اروح شغلي و ما ارجعش غير بليل "
وضع حسام الشنطة اعلى مقعد الصالون المجاور للباب ، رد جمال و قال له " تسلم يا ابني ، معلش كان بودي اخلي حد يحضرلك الفطار بس كله نام متأخر"
شكر حسام خاله و قال بضحك " فطار ايه بالوقت ده ، انا كمان يادوب اروح الشغل بس لو تسمح ليا دقايق نتكلم قبل ما امشي "
مد خاله يده جهة الصالون وقال له " طبعا طبعا اتفضل يا ابني اصلا جيتك بالوقت ده تقلق "
و اغلق الباب ليجلس بجانبه ابن اخته مستمع له باهتمام كبير ليبدأ حسام قوله " شكرا لأنك وثقت فيا وقبلت تديني امانتك ، و وعد مني مش هخليك تندم على قرارك ده بأي لحظة "
رد خاله بفرح وقال له " انا لو مش واثق فيك مكنتش وافقت "
تحدث حسام " ودلوقتي يا خال هنكتب الكتاب امتى "
تفاجاء جمال و من صدمته لم يعلم بماذا يرد بأول دقايق ليكمل حسام كلامه وقال " انا هحاول اخلص الشقة في خلال شهر بالكتير و الفرش والخشب مش هياخد اسبوع او اتنين ، انا بفكر اننا نكتب الكتاب كمان يومين والفرح بعده باربع او خمس اسابيع بالكتير "
ضحك جمال وهو يرد عليه و يقول " لا يا ابني احنا لسه هنستنى اربع اسابيع "
توتر حسام وقال له " طب انا هحاول قبل الوقت ده المشكلة في العمال ، بس ممكن اطلب من اصحابي يجوا يساعدوني ونخلص بوقت أقل "
رد خاله عليه بنبرة ضحكته الساخرة " وعلى ايه يا ابني توكل على الله و روح انت هات المأذون دلوقتي وانا هقوم اصحيها "
😂😂😂
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..