رواية حــيـاتــي
بقلم أمل محمد الكاشف
دراما اجتماعية رومانسية
تقع الاحداث في دولة تركيا حيث مكان وجنسية ابطالها الاتراك
تحرك صبري والد سفر مقتربًا من أخيه صالح قائلا بنبرة تحذيرية " أصبح ضيفنا "
نظر صالح لأخيه ثم نظر لارتباك ابنته بجانب زوجها وسحبها له للوراء كي تخرجه من الحديقة وهي تحدثه
تحرك متوجهاً بسيره نحو زوج ابنته بنفس حالة وجهه الحاد وحاجبيه المتشابكين ببعضهما ،
أشار العم صبري لابنه كي يلحق بصالح .
نظر عارف لوجوه الرجال وقلق النساء قائلا لزوجته بصوت ضاحك
" بدأت أخاف الآن. ماذا سيفعلون بي "
ردت بصوت منخفض
" لا زالت تضحك. ألم تعلم موقفهم منك وأيضا"
قطع حديثه نظر عارف نحو والد أوزجي الذي اقترب منهم قائلا له
" ليلة سعيدة لكم. جئت لأرى زوجتي لعدة دقائق واذهب بعدها على الفور "
نظرت اوزجي نحو والدها بخوف وترقب متفاجئة بمده يده كي يصافح زوجها قائلا
" اهلا وسهلا بك بيننا. تفضل للداخل"
راقبت النساء المشهد بقلق كبير ينظرون لبعضهم البعض بقلق وخوف. ذهب صبري إليهم بصعوبة تحركه وكبر سنه خزفًا من أي تصرف خاطئ يخرج من أخيه.
نظر عارف لاوزجي التي كانت تشير له بعيونها كي يرفض عرضه ، مد نظره نحو الأب صالح شاكرًا له ترحيبه واستضافته ولكنه حقًا جاء ليرى زوجته لعدة دقائق سيذهب بعدها لفندق قريب حجز غرفته به .
فاجأهم الاب صالح برفضه الذهاب قبل أن يأخذ ضيافته مستضيفه على حفل الشواء.
رفض مرة اخرى بعدما رأى وجه أوزجي الموجه نحوه هو فقط ، أتاه صوت العم صبري كبير العائلة من صالح
" عليك ان تتعلم درسك الأول هنا. وهو لا رجوع ولا معارضة لقرارات رجال العائلة. على الجميع تنفيذ قرارات من هم أكبر منهم سنًا ومقامًا بالبلدة هذا ان كنت ترغب ان تكون فردًا من هذه العائلة"
مسحت نعمة الله دموع الفرح مترقبة نظرات زوجها وانصدامه من قول أخيه
' فردًا من العائلة'
أكمل العم صبري أكثرهم حكمة قائلا
" اتيت علينا فاجأة وتريد ان تذهب إلى فندق كالغريب لنصبح بعدها حديث البلدة كلها. فهل سنترك ضيوفنا بعد هذا العمر للمبيت بالفنادق اقسم اننا سنصبح حديث البلدة كلها ان فعلتها "
(ايوه ياعمو والله اكسب فيه ثواب ونيمه مع البنت دا غلبان ينوبك ثواب في بنات الجروب هههههه وأنا اضمن لك هيناموا زي الاخوات😂😂)
دخل عارف الحديقة وهو ينظر لاوزجي بعيون تحدثت بإجباره على قبول ذلك.
تحرك الجميع كي يعودوا لاماكنهم ، اقترب عارف من عم أوزجي وهو يمد يده كي يصافحه رفع صبري يده بوجه عارف في اشارة له كي يقبلها كعادتهم.
نظر عارف ليده ثم نظر لاوزجي فهو غير معتاد على مثل هذه الأمور، لم يلبث الامر إلا ثواني قليلة قبل عارف يد العم بعدها متحركًا بجانبهم نحو المائدة كما كانوا يشيرون له.
نظر نحو سفر وهم ليقترب منه كي يصافحه ولكن سفر اكتفى بهز راسه من بعيد قائلا
" السلام عليكم يا أخي "
وقف عارف في مكانه ولم يقترب منه لشعوره بعدم رغبة سفر في مصافحته .
أتت ياسمين زوجة سفر وابنة خالة أوزجي بمقعد من الداخل و وضعته بجانب مقعد صديقتها كي يجلس زوجها بجانبها.
ابتسم عارف لياسمين " شكرا لكِ"
بادلته نفس الابتسامة قائلة
" اهلا وسهلا بك بيننا "
وقفت أوزجي صامتة تراقب عيون عائلتها وتعابير وجوههم، فاجئها عارف بسحب مقعدها كي يجلسها قبله بعدما حثه الجميع على الجلوس.
تحركت لتجلس بخجل وهي لا تعرف هل تبتسم بوجه عائلتها أم تظل صامته ، كان القلق والترقب يمتلكونها لم تتخطى اهتمامه بجلوسها حتى صدمها بتقبيله رأسها وهو يحنو بيديه على اكتافها كعادته متحركًا جانبًا ليجلس بمكانه.
ابتلعت أوزجي ريقها بعد أن ازداد توترها وخجلها باحمرار وجهها ، جلس بجانبها ليبدأ حديثه وهو يقول
"اعتذر منكم جئت فاجأه دون خبر"
ثم نظر لاوزجي مكملًا
" ولكني اردت ان أرى وجهها الجميل لحظة تفاجئها بوجودي"
حركت أوزجي قدمها بهدوء لتدعس قدم عارف أسفل الطاولة كي يصمت
(اسكت بقى هنروح في داهيه هههههه هتتعمل كفته وربنا😂😂)
نظر عارف لاوزجي متسائلا
" هل دعست قدمك قدمي بالخطأ؟ أم هي ايضا اشتاقت إلي ؟"
فتحت فمها باتساع عينيها الثابتة عليه بعقل وقف عن التفكير، ضحك عارف مكمل حديثه وهو ينظر للجميع قائلا
" اعتذر بالنيابة عنها فهي عندما تتفاجأ يحدث ما ترون تفتح فمها وعينيها وما شابه"
نجح عارف في إضحاك أم أوزجي وياسمين رغم محاولتهم إخفاء فرحتهم أمام وجه صالح الحاد .
أغلقت أوزجي فمها ناظره بطبقها وهي تحاول أن تتلافى حديثه دون أن تجاريه به حتى لا يستمر و يتمادى اكثر فهناك اختلاف كبير بين العادات والتقاليد الحازمة لهذه العائلة والمدنية مختلفة تماما على ما اعتاد عليه عارف.
يعلم بعادتهم متظاهرًا بعكس ذلك مستمتعًا بارتباكها وخوفها محاولًا تقابل ذلك بمرح كي يُهدئ من الوضع.
بدأ حديثه مع امها قائلا بوجه مبتسم
" واخيرًا رأيتك. اشتقت للتحدث معكِ ولكنها كانت ترفض تواصلنا ، تتحدث بالساعات معكِ وعندما اطلب محادثتك تغلق سريعًا متحججة انكِ مشغولة"
(استر على البنت يستر عليك ربنا 😂😂 أنت جاي تجلطنا وتطلق الست الغلبان بعد العمر دا كله 😂😂😂)
نظرت نعمة الله لزوجها بعيون خائفة ثم نظرت لعارف محاولة الابتسام على حذر.
مر وقت العشاء بترقب ما سيحدث ، وبرغم مفاجأتهم بضيفهم الثقيل على قلوبهم إلا أنهم أكرموه كعادتهم مهتمين بإطعامه .
لم يصمت عارف بأحاديثه وضحكة واهتمامه بزوجته واطعامها بيده
تمنت لو تنشق الارض وتبتلعها من شدة خجلها أمام عائلتها فهم غير معتادين على هذه التصرفات من الأزواج أمام الغير وخاصة بوجود كبار العائلة.
لم يتوقف ولم يفهم عليها مما جعلها صامتة لا تجرؤ على النظر لاحد تفتح فمها عند رؤية شوكة الطعام ممدودة امامها لتأكل بصمت.
فار دم سفر عندما تذكر حركات فاتح عكس حكمة الكبراء الذين صمتوا رغم ضيقهم مما يفعله عارف اعتبارا لحق الضيف .
كان يراقبونه محاولين فيهم مع أي نوع من الرجال تعيش ابنتهم.
انتهى العشاء وشرب الجميع الشاي بعده وهم بنفس الصمت الكبير حتى عارف صمت اخيرًا بعد أن فرغت طاقته من تعب السفر الدسم على غير المعتاد عليه خاصة بهذا الوقت المتأخر.
وقف عارف شاكرًا لهم ضيافتهم مستأذنًا منهم على امل اللقاء مرة اخرى قبل عودته لاسطنبول، نظر لوالدة اوزجي متحدثًا بشكل شخصي " سررت كثيرا لرؤيتكِ. حقا كنت متشوق لرؤيتكِ والتحدث معكِ. لم اكذب ان قلت لكِ غار قلبي من حديثكم المستمر والطويل ولكني كنت سعيد لرؤية وجهها سعيد "
صمتت والدة اوزجي امام كلامه المعسول كان من المفترض أن ترد عليه قائلة
" رضي الله عنك يا بني" او تغضب من أوزجي لأنها منعت حديثهم ولكنها ظلت صامته تومأ برأسها فقط لا تعرف بماذا تجيبه ما زالت صورة فاتح النذل بأعينها و أعين الجميع من حوله .
تقدم والد أوزجي رغم غضبهم المحتقن بحلقهم متحدثًا بعقل رجلٍ حكيم قائلا
" لا يمكنك الذهاب لأي مكان. فكما تحدث كبير عائلتنا سنصبح حديث البلدة بفعلتك هذه. انت ضيفنا ولا يمكننا ترك الضيف للمبيت بالفنادق"
همَ عارف ليعترض لولا سماعه صوت سفر من خلفه وهو يحدثه بحده
" ألم نقل لك كلام الكبار لا يكرر"
نظر عارف نحوه بصمت ثم نظر لوالد أوزجي و شكره على استضافته بمنزله .
انتهت السهرة على خير تحرك سفر وهو يحمل على كتفه ابنه ذو الخمس سنوات نائما ومن خلفه زوجته ياسمين تلحق به وهي تجر أمامها عربة ابنتها ذات السنة الواحدة .
نظرت ياسمين لعارف قائلة
" يجب أن تأتي لزيارتنا مع أوزجي كي نقضي وقت جميل في منزلنا "
تفاجأ سفر بما قالته زوجته دون خوف منه فهي شبيهة الرجال بشخصيتها القوية انتظرت ابتعادها عن الكبار كي تستضيفه براحتها.
ابتسمت أوزجي " لا يمكننـ…
قُطعت كلماتها بتحدث عارف وهو يقول
" سنحاول ترتيب وقتنا ونأتي إليكم "
نظرت له مبتسمه لياسمين وهي تلوح لها بيدها.
دخل عارف بجانب زوجته للمنزل ليجد صالح يقف أمامه قائلا
" يكفيك بهذا القدر اليوم. اعلم انك متعب ومجهد من السفر. تستطيع دخول غرفة أوزجي لترتاح"
شكره عارف مرة اخرى قائلا
" ولكني أرغب بأخذ حمام ساخن قبل نومي "
اجابته والدة اوزجي السيدة نعمة الله قائلة
" طبعا يا بني تستطيع فعل ما تريد "
وأشارت لجهة اليمين قائلة
" هذا الجناح خاص بأوزجي يوجد به غرفتها والحمام الخاص بها" .
تحرك صالح وهو يقول لهم
" بالأذن منكم. تعديت موعد نومي منذ زمن"
وذهب إلى غرفته.
تحركت والدة اوزجي خلف زوجها قائلة
" وانا ايضا سأدخل لانام قبل أن يذهب نومي"
ثم نظرت لاوزجي قائلة لها
" اهتمي أنتِ بزوجك يا ابنتي ليلة سعيدة لكم" ..
ردوا عليها اثنتيهم قائلين " ولكِ ايضا سعيدة"
نظرت اوزجي لعارف قائلة له
" تفضل من هنا"
تحركا نحو القسم الأيمن من المنزل كما وصف له أمها ، دخلت أوزجي ممر بعيد عن الأنظار في نهايته غرفتها الكبيرة.
اعجب عارف بنظام منزلهم و بخصوصية غرفة اوزجي دخل الممر فتحت باب الحمام والنور من بعده قائله " تستطيع أن تكون براحتك "
مشيرة له نحو غرفتها " وأنا سأنام انهي حمامك براحتك .. ومن ثم يمكنك المجيء لغرفتي"
قالتها على استحياء شديد ، أرادت ان تقول شاركني فراشي ولكنها لم تستطيع نطقها.
نظر عارف لحقيبة ظهره قائلا
" سأخرج منها أغراضي أولا"
تحركت اوزجي وعارف اتجاه الغرفة التي أعجب بها ظهر هذا الأعجاب بنظراته الباسمة وهو ينظر للجدران قائلا
" وكأنكِ نقلتي الحديقة لغرفتكِ"
ابتسمت اوزجي بردها
" نعم انا احب رسم الطبيعة بألوانها الزاهية. كانت هذه الخطوة الأولى في حبي للرسم وبعدها تطور الأمر ليصل للأزياء كما تعلم"
هز عارف راسه وهو ما زال مستمتعا بجمال رسوماتها الطبيعية المنتشرة على جدران الغرفة
فاجأته اوزجي وهي تسأله
" ماذا تفعل في مدينتنا لما أتيت؟ هل خرج لك عمل هنا وانا لا علم لي ؟"
تحجج عارف برغبته في الابتعاد عن التوتر كما إثارة فضوله للتعرف على مدينتها الجميلة كما كانت تحكي له عنها، لم تستطيع السيطرة على مشاعرها امام كلامه المعسول لتغرق من جديد بعيونه الضاحكة ووجهه الذي اشتاقت له كثيرا
أخذ عارف ملابسه و خرج من الغرفة متوجها للحمام تاركها خلفه ثابته بنظرها تجاهه بوجه مبتسم بشروده.
تذكرت أمر عودته بأي لحظة اسرعت تبدل ملابسها مرتدية بيجامة بيضاء قطنية مزينة بدانتيل ابيض ناعم وجميل .
لم تكن تصميم خاص ولا ماركة غالية إلا انها من اجمل ما ارتدت اوزجي.
وقفت تنظر للمرآه لتجد مشبك شعر عائد لطفولتها موضوع بجانب الفرشاة.
ابتسم وجهها وهي تأخذه لتضعه بشعرها قائلة
" أين كنت بحثت عنك كثيرا" ضحكت لانه كان أمامها ولم تره.
رفعت شعرها لأعلى حتى جمعته بيديها كي تضع المشبك به كالسابق.
سمعت صوت يأتي من الخارج اسرعت بسرعة نحو فراشها لتمثل النوم من كثرة خجلها..
اردت ان تختبئ كي لا تخجل امامه بعد ان اصبحت تعجز عن السيطرة على وجهها الذي يتبسم كلما رأه امامها .
طالت عودته للغرفه ظلت على وضعها تمثل النوم كي لا تواجهه ، تقلبت على فراشها حتى غلبها النوم قبل مجيئه.
تأخر عارف بشكل غير طبيعي فهو من كان يرغب في استرخاء اعصابه بالماء الساخن كي يتنعم بالنوم الهادئ العميق ، ولكنه نام أسفل صنبور الماء الساخن وظل لساعات على هذا الوضع.
فكان حمام أوزجى مصمم بطريقة خاصة مضاف مقعد رخامي مريح كحمامات الجاكوزي مزود بدش علوي كالحمامات الحديثة، أعجب عارف بهذا الطراز الخاص مسترخيا بجلوسه تحت الماء حتى نام منفصلا عن عالمه.
انتفض عارف بنومه في منتصف الليل عندما أراد التقلب متفاجئً بوضع نومه تحت الماء.
إن كان عليه فهو لا يريد الخروج ولكنه قام كي يذهب ليرتاح على الفراش.
لم يعرف كم من الوقت استغرق بغفلته التي طالت يظن أنها بعض دقائق قليلة. ولا يعلم اقتربت الشمس على الشروق وهو تحت الماء.
دخل عارف غرفة زوجته مرة أخرى مقترب من الفراش كي ينام وهو يبتسم على صغر حجمه الذي من المستحيل أن يكون بسعة الذي بمنزله لأنه تصميم خاص بناء على طلب عارف.
نظر لأرجاء الغرفة باحثا عن مكان اخر للنوم ولكن لا يوجد فهناك خزانه ومكتب و استند للرسم و مرآة و ارفف تجمع عليها ألعابها من الطفولة حتى بالكاد كان هناك مكان لمقعدين صغيرين بجانب الباب .
اضطر عارف على مشاركتها الفراش الصغير ناظرا لوجهها الجميل بقلب سعيد، نام على ظهره وهو يتألم من الاجهاد قائلا بصوت غير مسموع " ما هذا لقد هلكت اليوم"
اغمض عينيه سابحًا بالنوم متفاجئ باقترابها و وضعها يدها على .صدره. فتح عينيه مرة اخرى ناظرا لها ثم ليدها التي على صدره وهو لا يصدق ما حدث محدث نفسه
" هذا ما يحدث عندما نتشارك بفراش كبير بهذا الحجم" .
اغمض عارف عيناه وهو مستمتع بقربها منه يتحجج بصغر حجم الفراش ولكنه سعيدا بتقاربهم و هذا ما ظهر على تعابير وجهه وهو نائم.
استيقظ عارف قبل الجميع متوجهًا للحمام كي يغسل وجهه ويبدا بالتمارين الصباحية البسيطة فهو شخص عملي لا يحب النوم والكسل حتى بأوقات العطل .
وصل إلى مسامعه صوت حركة أثارت فضوله بالخروج والنظر لارجاء المنزل اتبع الصوت حتى وجد نفسه بالقرب من باب المطبخ .
ابتسم وجهه فور رؤيته لوالدة أوزجي تعجن الفطائر على الطاولة الحديدة المستطيلة في منتصف المطبخ.
دخل بقلب فرح قائلًا بصوت يحترم حرمة الشروق
" صباح الخير. سهل الله عملكِ "
لم تصمت هذه المرة أمام كلامه الجميل و وجهه الباسم مجيبة عليه بابتهاج
"بل صباح الخير عليك يابني. كيف كانت ليلتك هل ارتحت ".
شكرها على اهتمامها ناظرًا للعجين متسائلا
" هل تحضرين الخبز؟ ".
قابلت سؤاله بسؤال آخر
"هل اشتهيت الخبز الطازج ؟"
نفى ذلك وهو يحرك رأسه قائلا
" لا ولكنها خرجت هكذا عندما رأيت العجين وتذكرت أفران المخابز في الصباح "
ابتسمت بجوابها
" عجنت عجينة البريك لاعد لكم فطائر شهية للفطور. تحبها أليس كذلك؟ "
نظر للعجين بداخل المعجن قائلا
" نعم أحبه. ولكني لا أعتقد نجاحه بهذا الشكل"
استغربت من كلماته نظرت هي ايضا للعجين ، مستمعة لتكملة حديثه قائلا
" أعتذر منكِ لا يمكنني التدخل بعملك ولكن لو جعلتيه لزج قليلا سيكون أفضل. استبدلي الماء بالحليب سيكون مذاقه اطيب ثقي بي "
صمت لوهلة مشيرًا لأبريق الماء الذي بجانبها يكمل حديثه قائلا
" الماء مهم طبعا ولكننا سنمزج معه القليل من الحليب ليحسن من طعمه وليونة مضغه"
ضحكت ام أوزجي مشيرة له بعينيها نحو كوب الحليب الذي حضرته مسبقًا بجانب موقد الغاز ، نظر موضع نظرها ليجده أمامه ابتسم متسائلا
" هل حضرتيه لأجل العجن! ولكن لماذا لم تضعيه منذ البداية !؟"
تحدثت وهي تكمل عجن
" سأخبرك بالسر. ولكنك ايضا ستخبرني كيف عرفت حاجة العجين لسائل وأفضلية وضع الحليب بدل الماء"
ابتسم بحنين طفى على نبرة صوته
" حكاية طويلة بدأت باشتراكي في دورة تدريبية خاصة بإعداد الأطعمة التركية الأصيلة . كنت بعمر العشرين حيث الطموح والرغبة في احداث طفرة مختلفة عن من حولنا. حدثتني أمــ.. أسماء هانم زوجة عمي عن رغبتها في ان اصبح طباخ ماهر شهير كمن تراهم على شاشات التلفاز لا اعرف من اين جائتها الفكرة. ولكن من الممكن لأنني حضرت بجانبها بعض الأطباق الشهية"
لاحظت نبرة حزنه وعودته عن مناداة زوجة عمه بأمي ظلت صامته تتفقد وجهه لتفهم شخصيته و ما بقلبه وهي تعجن العجينة.
لا زال عارف مستمر بسرد العلاقة الجميلة بينه وبين زوجة عمه غير منتبه بمشاركة كل جوارحه لمشاعره النبيلة لهذه المرأة وخاصة حين قال " اصبحت اهتم بحضور فيديوهات الطبخ كي اعد لها فطور صحي ومفيد والأهم أن يكون شهيًا. تتحجج بألم معدتها منتظرة خروج الجميع و انشغالهم باعمالهم حتى تبدأ تناوله بجانبي مثنيه عليّ كنت اريد ان ادخل عليها السرور ولكنها بالحقيقة هي من كانت بكل مرة ترفع قدري وتنير عالمي بعيني . فهي ذات قيمة عالية بقلبي كلمة واحدة منها كانت تكفيني لأكمل يومي براحة وسلام "
أرادت ان تغير مجرى الحديث بعدما رأت الحزن يطفو بعينيه وكأن هناك ألم كبير وراء هذه الذكريات التي يبدو في ظاهرها أنها سعيدة ولكنها بالحقيقة جبر خواطر من سيدة أرادت أن تهون على قلب المسكين ما يعيشه وسط عائلته.
تحدثت أم اوزجي
" معذرة منك يا ابني ساقطع حديثك ولكن ان تفضلت عليّ هل تعطني كأس الحليب من فضلك"
تحرك وجلب الحبيب وهو يرد عليها
" استغفر الله لا داعي للاعتذار تفضلي "
لم يعطيه لها بيدها المملوءة بالعجين ظل يسكب لها قليلا قليلا وهو يتحدث عن زوجة عمه "أرادت أن تنمي بوادر حبي لتحضير الأطعمة ، اشتركت لي بإحدى أكبر دورات الطبخ في اسطنبول حين ذاك أعدت تحت اشراف اكبر الطباخين المشهورين كانت مدتها ثلاث شهور تعلمنا بها كل شيء وبالأخير اخذت شهادتي بتفوق الشكر لله "
انهت العجن ثم تركته جانبا ليرتاح قليلًا، لم تستطع الصمت دون أن تسأله
" ولماذا تركت إعداد الطعام مهتم بالأزياء ما دام هذا المجال هو الافضل و الاقرب لقلبك"
صمت لثواني تحدث بعدهم بنفس نبرته الضاحكة بحزن عميق
" تم إدخال ابن عمي معي في نفس الدورة ليحصل على شهادة بتقدير متوسط جعل عمي يحتفل به ويقرر فتح مطعم على مستوى كبير في منطقة راقية له ليكون بداية جيدة ، لذلك تراجعت كي لا نكون منافسين لبعضنا البعض "
حزنت قائلة " هل أدخل عمك غافر فاتح نكاية بك "
لم يجبها على حديثها مكمل سرده بوجه مبتسم ممثلًا عدم تأثره
" كنت أحب الرسم منذ صغري حتى أنني صنعت لزوجة عمي عدة فساتين واكسسوارات ولكن بالرسم طبعا وهي مشكورة لم تقصر استمرت في تحفيزي وتطوير الفكرة بعقلي وقلبي حتى اصبحت جوتشي المشهور "
ردت متأثرة بحديثه
"لم تحكي لي أوزجي عن هذا من قبل. لذلك هي ذو مكانة خاصة وعالية بقلبك ليرضى الله عنها، لم اكن اعلم انها جيده لهذا الحد يعني عندما اتذكر ابنتها.. "
صمتت ناظرة للعجينة مكملة
" على كل حال يا بني خذ راحتك الفطور سيكون جاهزا خلال نصف ساعة تستطيع الخروج للحديقة و استنشاق هواء الصباح الجميل حتى انتهي من تحضيره "
_ " ولكني لم ااخذ جوابي على عدم وضع الحليب على عجينة البريك من البداية . وايضا لماذا أخرج ؟ استمتع كثيرا بأعداد الفطور وخاصة أيام العطل. ساكون ممنونًا لكِ ان سمحتي لي ان اساعدكِ "
ابتسمت الأم أمام كلماته الجميلة قائلة
" كما تريد يابني. ولكني لا اريد اتعابك انت ضيفنا عليك ان ترتاح وتستمتع برحلتك ونحن من يعد لك كل ما تتمنى"
لم تكن تعلم انها ترتكب اكبر خطأ بحياتها بل ترتكب اكبر جريمة بحق مطبخها عندما وافقت على مساعدته لها.
انطلق عارف ليمارس اكثر شئ يحبه ويستمتع به كان يدور حولها ليأخذ الاطباق من هنا والكؤوس من الجهة الاخرى. فتح البراد ليخرج الأطعمة منه باحثًا عن الخضروات، تحرك بحرية كاملة وكأنه بمنزله استمرا بالحديث و الضحك و تبادل الحكايات العامة وهو يحضر معها الطعام ، نظرت بعيونها المتسعة مصدومة بكمية الأطباق والأدوات التي يستخدمها.
اندمجت بأحاديثه الممتعة حتى حكت له عن أوزجي وكيف كانت تجلس بجانبها وهي تخيط الملابس " تأخذ بواقي الأقمشة بعد القص وتجلس بجانبي أسفل ماكينة الخياطة انتهي انا من صنع المفروشات او الفساتين لها لأجدها هي أيضا قد انتهت من صنع الفساتين الجميلة لعروستها. ليس هذا فقط تطور الأمر لديها ليصبح ابداع حين بدأت بصنع فساتين السهرة للعرائس ومن ثم لأطفال العائلة. كنت سعيدة جدا انها اخذت هذا الأمر مني وإمكانية صنع ملابس لأطفالها بالمستقبل "
صمتت بحزن رغبتها وامنيتها الكبيرة في رؤية أحفادها .
رد عليها دون أن يعي حالتها
" ستفعل هذا أيضا بأذن الله ألم تري كم أصبحت ماهرة. حتى سأقول لكِ انها اصبحت تعدل على رسوماتي كثيرا باخر فتره. ولكنه سيبقى سر بيننا"
ابتسمت وهي تنظر له بعيون الرضى والمحبة التي فاز بها في غضون بضعة دقائق ، فهو شخص من هذا النوع انسان طيب جميل مبتسم دائما يحب الخير. يواجه السيئه بالحسنة لا يحرج احد ولا يؤذي احد. يحب إدخال السرور على كل من حوله حتى تظن أنه ليس لديه هم وانه اخر شخص ممكن ان يطرق الحزن بابه. ولكن بالحقيقة ان فتحت بابه ستتفاجأ بل ستذعر من حجم الهموم حتى انك ستندم على فتح هذا الباب ورؤيتك لحزنه المميت.
استيقظت أوزجي لتجد نفسها وحيدة على فراشها جلست معتقدة انه بالحمام، تحركت بسرعة كي تبدل ملابسه قبل عودته.
خرجت من غرفتها قبل عودته متفاجئة بفراغ الحمام من أي أحد. أكملت طريقها باحثة عنه في المنزل خوفًا من اصطدامه بوالديها بدونها.
انصدمت بشكل آخر فور سقوط نظرها على مائدة الطعام وطريقة تنظيم الاطباق فوقها بل طريقة تنظيم الاطعمة داخل الاطباق فلا أحد يمكنه تزينها بهذا القدر والاهتمام
أسرعت نحو المطبخ لتنقذ ما يمكن انقاذه قبل استيقاظ أهلها ولكنها وجدت عارف واقفًا بجانب امها يطلب منها اعطائه قطعة أخرى من البريك، تعجبت أكثر من رفض أمها وقولها له
" ستشبع قبل أن تبدأ فطورك"
ظلت صامته ثابتة مكانها تتابع استسلام أمها أمام تكرار طلبه قائلة " هذه اخر قطعة لا تنتظر ان تخادعني بعيونك الراجية لاعطيك المزيد قبل ان يجتمع الجميع "
لم تفهم ماذا يحدث والسر وراء هذا الانسجام وكأنها هي الغريبة وليس هو ، لمح عارف زوجته وهي تقف بجانب الباب تنظر لهم بعيون وفم مفتوح.
ابتسم قائلا
" الان اشرقت شمسي بحق "
اعتقدت الأم أنه يمدح طعامها حتى وجدته يتحرك نحو ابنتها التي تفاجأت بوجودها بجانب الباب، مقتربًا منها ليضع بفمها قطعة البوريك التي بيده قائلا
" صباح الخير يا جميلتي " طبع قبلة جميلة على رأسها وصلت بالقرب من أذنها حين تحركت خجلًا من أمها.
شعرت الام بقيمة ابنتها بقلب زوجها وتقديره الكبير لوجودها.
لم يقلل هذا من دهشة أوزجي لتأقلم عارف السريع مع أجواء منزلهم وارتباطه السريع بأمها.
استيقظ والد اوزجي وهو عاقد حاجبيه بقوة متحدثًا بصوت عالي يصل إليهم قائلا
" ما هذه الأصوات والضجة منذ الصباح ألم تعلموا أنه يوم راحتي الوحيد" ..
صمتت أوزجي وأمها امام غضب السيد صالح فهم يعلمون ان هذه هي اصح طريقة كي يهدئ بسرعة دون ان يعلق بهم.
عكس ما فعله قليل المعرفة في منزلهم عندما اقترب منه ليتحدث معه قائلا
" لا تؤاخذني يا عمي انا من أحدث هذه الضجة" واكمل حديثه وهو يشير بيده نحو المائدة
" لكننا حضرناها لك بشكل كامل وجميل"
ازداد غضب صالح على زوج ابنته فهو لا يحب لأحد ان يتحدث معه بالصباح وخاصة ان كان عارف المثير للأعصاب.
تحرك صالح للحمام دون الرد عليه ولا حتى انتظاره ليكمل حديثه.
قائلا لابنته
" اخبري هذا الثرثار انني لا احب سماع أي صوت بصباح عطلتي"
أجابت على ابيها من الخلف دون صوت فقط تومأ برأسها بالإيجاب ، ضحك عارف قائلا لزوجته بصوت اعتقد انه منخفض
"هل يمتلك اباكِ عيون في ظهره؟ كيف له أن يراكِ من ظهره وأنتِ تحركين رأسك دون صوت"
(أركز يا حبيبي لتتسلخ و ربنا 😂😂)
أنهي ما قاله لها ليرفع بعدها صوته متحدثًا عوضًا عن زوجته
" حسنًا ابي العزيز سأقول لهُ هذا "
استدار صالح ونظر لعارف بقوة وغضب اصمتته وجمدت الابتسامه على وجهه أمام تلك النظرات المخيفة، اكمل صالح سيره ودخل الحمام مغلق عليه .
اخذت نعمة الله نفسها واخرجته بهدوء ، ليتحدث عارف بضحك قائلا لاوزجي
" اعتقد انكِ محقة بما فعلتي. لنكتفي من الان وصاعد بهز الرأس فمن الممكن أن يكون لديه عيون خلفية حقيقية "
ردت عليه بعيون قوية قائلة
" اصمت قليلاً لا يمكنك الضحك وهو بهذه الحالة . الم ترى حالة وجهه"
تحدثت الأم وهي تنظر لابنتها قائلة " لا اعتقد انكِ ستعودين به سالمًا ولكني سأعطيه يومين ليرى بنفسه حينها ستجدينه يقف خلفنا صامتًا "
لم تكمل الام ما تقوله حتى جاءهم صوت صالح العالي الغاضب من داخل الحمام قائلا
" لماذا لا يوجد ماء. هل أغلقتم المحابس ".
نظرت اوزجي وأمها بسرعة نحو عارف الذي رفع يده للأعلى قائلا
" أقسم أنني لم أقترب من شيء "
(😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂 مفروض يقولهم أنا أول مرة حد يثبتني التثبيت دا هههههههه )
أسرعت الأم لتتأكد من المحابس مكتشفة انتهاء الماء نادت على ابنتها
" انتهى الشحن اسرعي بوضع البطاقة حتى يعود الماء بسرعة "
تحرك عارف قائلا " أنا سأفعلها "
اسرعت اوزجي وجلبت له بطاقة شحن الماء واعطته له وهي تنظر لخروجه وتوجهه لخلف المنزل كي يضع البطاقة بعداد المياه كما أخبرته .
انتهى حمام العم صالح كما انتهى بعده الفطور بسلام ، هدأ صالح و استعاد تركيزه بعد تناوله الفطور قام ليجلس بمجلس خشبي على طراز النظام القديم عدة اريكات خشبية بدون ايادي تلتف بدوران الحائط بشكل ملتصق يعلوهم مراتب ومساند قطنية
اجلست أوزجي امها بعد الفطور وتولت هي أمر نقل الاطباق وترتيب المطبخ بعد الحوادث التي جرت به، ساعدها زوجها بجمع الأطباق بوجه يكتم ضحكته .
نظرت نحوه وهو يدخل خلفها المطبخ متسائلة
" ما بك ! "
رد عليها بعيون تترقب الباب
" عندما سمعت والدك يتحدث باستغراب على الماء تذكرت ما حدث لي بالأمس"
هزت اوزجي رأسها متسائلة بعيونها ليكمل عارف حديثة وهو يخفض صوته بعيون معلقة على الباب خلفه ليتأكد أنهم بمفردهم
" نمت امس وانا جالس تحت الماء الساخن" قالها ضاحكًا بعدها بتخفي مكملًا
" تخيلتها غفوة لبضع لحظات و لكن اتضح لي بعد كلام ابيك أنني قضيت ليلتي كلها إلا قليل تحت الماء"
ضحكت اوزجي وهي تضع يدها على فمها تنظر نحو الباب بترقب قائلة
" كيف نمت بالحمام ؟"
اقترب منها وهو يضحك قائلا بصوت منخفض
" لا اعرف كيف ولكن كان عليكم أن تفكروا بهذا قبل تصميم الحمام بهذا الطراز الفريد "
تفاجأ باقترابها منه وهي تلامس ذراعه بيدها قائلة بصوت بالكاد يسمع
" هل اخبرك سرًا؟"
ضحك عارف بجوابه
" لا تقولي انكم كنتم تعلمون أمر نومي بالداخل؟"
ضحكت اوزجي حتى خرج صوتها رغم يدها التي تغلق فمها قائلة
" من اين لنا ان نعلم بنومك. حسنًا لن اقوله لك"
انحنى عليها بهذا القرب ناظرا لعينيها المدللة
" حسنًا سأصمت. هيا أخبريني ماهو هذا السر الذي جعلكِ تضحكين حتى أصبح وجهك كوردة جميلة بفصل الربيع"
خجلت من كلامه وخاصة من قرب عيونه وهو يحدثها رفع اصبع السبابة بوجهها وهو يكمل حديثه قائلا
" انتظري انتظري. هل حدث معكِ من قبل؟ هل كنتي تنامين بجلوسك تحت الماء؟ "
أومأت برأسها متدللة بحديثها
" نعم وايضا كثيرا لهذا قام أبي بوضع هذا المقعد الرخامي كي لا أنام أرضًا "
اهتزت مكانها وهي خجلة واضعة يدها على فمها مكملة
" كان بالصغر فقط. كنت أحب البقاء تحت الماء لأكبر وقت"
لم يقاوم عارف حالتها مد يده ضاممها بحضنه وهو يضحك مقبلاً اياها من رأسها قائلا
" هل طفلتي محبة للماء لهذه الدرجة"
اغمضت عينيها بخجل وسعادة لم تطل عندما دخل صالح المطبخ ليس فقط ليتفاجأ بحالتهم المتلاصقة بل ليتفاجأ بحالة المطبخ المبعثر خارجًا عن صمته قائلا " ما هذا؟ "
انتفضت أوزجي مبتعدة عن زوجها الذي ذعر من صوت ابيها الغاضب ، أشار صالح نحو المطبخ وهو يكمل
"كيف حدث وبعثر لهذه الدرجة "
نظرت أوزجي نحو عارف وهي صامتة لينظر صالح بعيونه الغاضبة الحادة نحو عارف الذي ابتلع ريقه ورفع يده لأعلى وهو يقول
" سأعترف اردت المساعدة. ولكني لن أكررها مجددًا "
لم يستطع عارف ان يخبئ ضحكته التي رسمت على وجهه بسبب وجه العم صالح وحاجبه المقتضب .
حذرته ان لا يضحك خوفًا من أبيها مندهشة بإدارة والدها لوجهه كي يخبئ ابتسامته
لم يضحك من حالة عارف الطفل المذنب أمامه أكثر من فرحته لرؤيتهما وهما مع بعض اثلجت صدره وأشعرته بالراحة والاطمئنان على ابنته مدللته .
جعل عارف من العطلة يوم ممتع و جميل وخاصه انه لم يترك لهم المجال ليتحدثوا وهذا ما جعل صالح يقول
"من الان وصاعد لن نحتاج للتلفاز بوجوده"
ابتعد عارف عنهم مختلس بعض الوقت ليرسم جمال الحديقة والطبيعة من حوله.
جاء سفر ليعطي للعم صالح السمك راقبهم عارف عن بعد رفعًا يده مشيراً لسفر ملقيًا عليه السلام دون أن يتحرك، شعر بعدم ارتياح سفر له فأراد أن يبتعد حتى لا يحدث أمر معاكس....
فمع ان عارف طيب ومسامح الا انه غير ساذج فهو من الممكن أن يتحمل والدي أوزجي ويعطيهم الحق بهذه المعاملة اثر الذكريات والظروف الغامضة التي تزوجها به ولكنه غير ملزم ان يتحمل نظرات سفر الغاضبة وخاصه ان وجوه اهالي هذه المدينة تتسم بالحدة والصخب والشدة دون ان يجتهدوا باظهارها.
أصر العم صالح ان لا يذهب سفر قبل أن يشرب معهم الشاي، استغرب سفر من هدوء عمه ناظرا نحو عارف المندمج بالرسم قائلا
" لا اريد ليذهب ضيفكم ومن ثم نأتي ونشرب الشاي براحتنا..."
رد العم صالح بشدة
" لا يمكن أن تأتي لبابنا دون ان تشرب الشاي وبعدها ان شئت تذهب لن امنعك"
دخل سفر وتقدم لداخل الحديقة جلس
على الطاولة التي بالمنتصف وهو ينظر نحو وضع الاستاند الخاص بالرسم وجلوس عارف امام الزهور لرسمها بمتعة كبيرة
نادى صالح على عارف لينضم إليهم مناديا على أوزجي بصوت عالي ، مد يده وأعطاها السمك قائلا " اسكبي لنا الشاي واخبري والدتك أننا سنشربه سويًا هنا"
نظرت اوزجي نحو سفر مرحبة وتحركت للداخل كي تضع السمك بالمطبخ وتخبر أمها
جلسا يتحدثان عن العمل بينما تابعهم عارف باهتمام محاولا فهم شخصيتهم ، هدأ سفر عند رؤيته الرضا بوجه عمه وزوجة عمه التي رفضت ذهاب سفر مقترحة عليه
" احضر زوجتك والاولاد وعد كي ناكل جميعنا السمك "
رد العم صالح قائلا
" نعم انت في اجازة اليوم اذهب لإحضارهم ولكن لا تتأخر كي لا يزهق السمك روحه فلا يمكننا تناول سمك بدون روح"
ضحك سفر مجيبًا
" حسنًا كما أمرت سأذهب لإحضارهم وأعود باقصى سرعة "
تدخل عارف وهو مصدوم
"هل ستأكلون السمك وهو حي"
رد صالح وهو يضحك
" لا سنذبح ونسلخ قبل تناوله ".
أكمل سفر ضاحكًا
" وبعدها نخرج الكبد ونحمره"
(فضحتنا يا جوووو😂😂😂)
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد من رواية حياتي يوم الاحد الساعة العاشرة مساءً ، لا تنسى قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا .