احكي يا شهرزاد
بقلم أمل محمد الكاشف
الرواية قريبة من مجتمعنا العربي معيد بالجامعة رومانسي يعيش بعالم الأحلام متمني ان يحالفه نصيبه ويجد شهرزاد حياته التي ستدخله جنة الأحلام والرومانسية والسعادة التي لا مثيل لها، وجد شهريار زمانه شهرزاد العصر والاوان🤣طالبة مجتهدة بنفس الفرقة المسؤول عنها 🤣ومنا هنا بدأت معاناته اقصد حكايته
رواية تخالط بين الواقع وعالم الف ليلة وليلة بازدواجية جميلة بجانب قصص لأبطال اخرين سينالون اعجابكم
لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن ذكر الله
......
ما زالت شهرزاد في مكتبة الجامعة تنظر لأستاذها الشارد الصامت كانت شهرزاد تترقب إجابة سؤالها التي كررته مرة أخرى
" عن أي شيء تتحدث أنا لم أفهم ؟ "
ابتسم شريف مقرراً الخروج عن صمته وشروده قائلا
" من الواضح بعد المكالمة التي استحوذت على كل تفكيرك أصبح من الصعب أن تميزي بين المزاح و الجد"
نظرت لهاتفها ثم نظرت له قائلة
" نعم هذا ما يحدث عندما تُصدر الفرمانات وتسن السيوف وأصبح أنا كالأسيرة التي ليس بيدها سوى الانصياع لها أياً كانت العواقب"
رد عليها بوجه ضحك مما سمع قائلا
" الواضح أن عملهم صعب معكِ ، لهذا يضطرون لإصدار الفرمانات وسن السيوف ليجبروكِ على ما يريدون"
ابتسم وجهها وهي تستمع لتكملة حديثه
" وتعودين وتظلمين شهريار وتغضبين عليه رغم أنه لا سبيل أمامه سوى سلك هذا الطريق كي يستطيع السيطرة عليكِ وارغامك على اخباره بالمزيد"
عادت لغضبها همت لتسأله هل تقصدني أنا ولكنه لم يعطيها الفرصة في التحدث حين بادر بقوله " تأخرتي على محاضرتك من المؤكد أنها بدأت الآن "
يجمع أغراضه من فوق الطاولة مبتسما أكثر بحالتها فور تذكرها المحاضرة نظرت لهاتفها ليخرج منها صوت
"من المؤكد أنها بدأت بالأذن منك "
تحركت لتخرج من المكتبة على عجل ، حدثها من الخلف بنبرة ساخرة من حالتها
" اسرعي. لن تصلي بهذه الحالة "
استدارت وهي تومئ رأسها بضيق لم تظهره متفننة بسيرها البطيء حتى خرجت بشكل كامل من المكتبة .
مسرعة بعدها بأقصى ما لديها لتلحق بالمحاضرة دخلت القاعة لتجدها فارغة من الطلاب وضعت يديها واحدة على رأسها والأخرى على صدرها وهي تتنفس بسرعة ضربات قلبها المتسارعة من ركضها.
امسك شهريار زمانه كتابه من جديد ليفتحه كي يقرأ به وهو يتذكر كلماته مع نفسه
"فخ وسحر ما يخطر لقلمك ويسحرني به جمالك "
ابتسم وجهه محدثًا نفسه
" الحمد لله أنني لم أخرجها من داخلي، لا اعرف ماذا يحدث لي أمامها؟، وكأني أفقد عقلي وتركيزي في كل مرة أراها بها"
……
تقابلت شهرزاد مع إحدى صديقاتها التي أخبرتها بأن المحاضرة الأخيرة ألغيت بسبب تأخر أستاذ نديم بالعودة ، سألتها شهرزاد عن نسمة و البقية لتجيبها الجميع عادوا للمكتبة كي يلحقوا بأستاذهم.
شكرت شهرزاد ربها أنها هربت من المكتبة قبل عودتهم وتحركت وهي تتصل بأختها لتخبرها أنهم يستطيعون الخروج الآن ليستغلوا الوقت.
ردت توتة عليها
" ستأتي لتتناولين طعامك أولا ومن ثم نذهب سويًا".
تحججت شهرزاد بتناولها بسكوت وحلويات مع أصدقائها وأنها ستنتظرهم بالمكان المعتادين الشراء منه .
بمنطقة مدينة نصر وفي متجر خاص بأحدث الموديلات النسائية الراقية والحديثة كانت زيزي الحلو تهتم بالسيدة إنجي كامل زوجة رجل الأعمال الكبير ذكري سالم وابنتها الجميلة هنادي.
اقتربت إحدى العاملات في المتجر وبيدها طقم رسمي وجهته قبل هنادي ذكري قائلة
" إنه مميز وصلنا حديثاّ ولم يعرض حتى الآن"
نظرت زيزي للطقم ثم نظرت لهنادي قائلة
" عليكِ تجربيه قبل إبداء الرأي به فهو حقا مميز "
أجابتها انجي كامل
" نعم أنتِ محقة عليها ان ترتديه أولا و من ثم تقرر، لقد انهكت خلفها و هي ترفض كل ما يأتي أمامها ، حتى تحدثت مع ذكري وقلت له إن لم تجد حاجتها اليوم فلتذهب للخارج تأتي بما تريد و تعود "
ردت عليها زيزي وهي تنظر لهنادي بعيون حنونة " أنتِ تشبهين ابني شريف، تنقطع انفاسنا و نحن نحاول إقناعه بما نريد "
ردت هنادي بتدللها عليهم
" نحن لا ذنب لنا أنتم لا تفهمون علينا، انظروا لما أريده أنا و لما تريدوني ان اجربه، هل سأذهب لحفل زفاف كبير بهذا المستوى وهذه التحضيرات الغير مسبوقة بطقم رسمي"
ردت زيزي بدهشة
" ولماذا لم تخبروني انه لحفل زفاف؟، بالطبع لا يمكنكِ الذهاب به. لأعطيك إذا فستانا يليق بجمالك قطعة نادرة مفعمة بالشغل اليدوي اللامع"
رفضت هنادي وطلبت منها أن يكون هادئ وبسيط يليق بالمناسبة دون الزيادة.
أومأت زيزي رأسها ثم نظرت لإحدى العاملات بالمتجر قائلة
" احضري لي موديل رمز خمسة وخمسون"
ثم نظرت لهنادي مكملة
" سأريكم موديل لا أخرجه إلا للمميزات لدينا، من المؤكد أنه سيتم الأمر حين تروه حتى أقول لكما من الان سيطير عقلكما من جماله، ولكني سأستأذن منكما بضعة دقائق لأجري اتصالاً مهماً وأعود إليكم "
تحركت زيزي الحلو لتبتعد عنهم قليلا فاتحة هاتفها لتتصل بابنها كي تطلب منه أن يأتي إليها بسرعة متحججة بانخفاض ضغطها وشعورها بأنها ستفقد وعيها بأية لحظة، اسرع شريف بالخروج من الجامعة بسرعة كبيرة وصل بها لمتجر أمه وعيونه تبحث عنها بقلق .
وجدها تقف بجانب أناس لم يعرفهم من قبل اقترب بسرعته
" كيف أصبحتي الآن، هل اتصل بالطبيب "
ابتسمت زيزي واضعه يدها على كتفه قائلة بفخر " ابني الحنون، حبيبي الغالي، أخبرتك أكثر من مرة أنني بخير لا تقلق. ما حدث بالصباح كان عارضًا طارئًا وذهب. انا بخير الان "
نظر لها بأول الأمر دون أن يفهم عليها ولكنه علم بالمكيدة التي سقط به فور حلقة التعارف التي فتحتها أمه بينه وبين عائلة ذكري سالم.
اقترب من أمه قائلا بصوت منخفض
" هكذا إذا "
اتسعت عينيها وهي تحذره قائلة بصوت عالي
" شاركنا الرأي ايهما لائق أكثر على مناسبة لها قدر كبير هل اللون الأحمر أم الأخضر علما أن اللونين يتصدران قائمة السهرة بهذه السنة "
ابتسم شريف وهو ينظر للاثنان قائلا بعدم رضا " لا فرق بين الألوان فالاختبار بينهم يحدده حب الشخص واقتناعه بما هو لائق به وبمفضلاته، ولكن حتى وإن كانت مناسبة كبيرة فلا داعي لكل هذا يكفي أن تختار شيء بسيط ولائق بنفس الوقت "
ردت زيزي
" و ما بها الفساتين لا خرز و طرز "
ابتسم شريف وهو يتغاضى عن نظرات أمه محاولا أن يرد لها ما فعلته به قائلا
" أنا لا احب الاكمام الطويلة للأرض و أيضا كثرة القماش تعيق الحركة والاستمتاع بالأجواء ، حتى العروس أصبحت تبتعد عن هذه الموديلات باحثه عن ما هو بسيط و سهل بالحركة "
غضبت زيزي من ابنها الذي أصبح يحبط محاولاتها الكثيرة بإقناع هنادي بموديلاتها.
فهي تهتم بارتداء أصحاب الطبقة المخملية من متجرها معلنين عن هذا بمواقعهم الاجتماعية لتزداد بقعة معارفها وزبائنها من هذا النوع .
وبينما كان شريف يعارض أمه في اختياراتها حتى اقترب ندمها على مجيئه كانت شهرزاد واقفة بإحدى متاجر بيع الأدوات المنزلية بجانب أهل مدحت واختها منتظرين ان تختار لهم اطقم الطناجر بسرعة ولكنهم لا يعلمون أنهم سيجهدون بالدوران خلفها لعدم اقتناعها بأي شيء بسهولة ، كانت تدقق و تبحث وتسأل أصحاب المتاجر باهتمام حتى اصبحوا هم يرضون بأي شيء لينقضي الأمر دون أن تسمح هي بهذا، لتكون النتائج أكثر من مرضية حيث اقتنت لهم أفضل مما يحلمون به.
صدقت أمها حين اوصتهم وحرصت أن يأخذوها معهم فهي ماهرة بهذه الأمور تشتري الأفضل بأقل الأسعار .
امتلأت سيارة مدحت بأغراض جهاز العروس حتى أصبحت لا تسعهم فهذا هو الحال حين يتم شراء الكثير من أدوات الطبخ دفعة واحدة.
اقترح مدحت أن يذهبوا بشكل منفصل سيأخذ أمه معه و هم يصعدون بسيارة أجرة خلفه، ردت شهرزاد على زوج أختها قائلة
" نعم هذا أفضل حل "
أومأ مدحت رأسه و هو يقول لهم
" اتفقنا اذا و عند وصولنا و وضع الأغراض بمكانها سأوصل شهرزاد لمنزلها "
ردت توتة و هي تنظر لساعة هاتفها
" لا زال لدينا وقت نستطيع به شراء المزيد"
تحدثت ناهدة قائلة
" هل نذهب لمتجر الملابس الذي اخبرتموني عنه أم نتركه للغد لنكون براحة أكبر "
و بسرعة تدخلت فهمية قائلة
" نتركه للغد لا طاقة لدي اليوم يكفي بهذا القدر و غدا نكمل ما تبقى لنا لا زال لدينا متسع من الوقت "
أكد مدحت على كلام والدته، لتعترض شهرزاد قائلة " ليس لدي وقت لارتباطي بأبحاث ومحاضرات مكثفة بعد أن حاصرنا الأساتذة وجعلنا بدوامة امتحانات متتالية، لذلك إن أردتم ذهابي معكم فلننهيها جميعا اليوم "
نظرت لها توتة بأعين متسعة ثم نظرت لأهل مدحت قائلة بخجل
" نعم انها مشغولة و مضغوطة بالامتحانات و لكن لا تقلقوا هذا لا يعني أننا سنتركها براحتها بعد هذه الحجج، ستأتي معنا رغما عنها "
مثلت شهرزاد موافقتها
" نعم سآتي وهل لي أن لا آتي، ولكني أرى أن نذهب الان لنأخذ نظرة عامة على ما بداخله فمن الممكن أن لا ينال إعجاب ناهدة ونذهب غدا للبحث بمكان اخر، أقول هذا كي لا نضيع الوقت" .
وافق الجميع على ذهابهم بشرط أن لا يتأخروا، استقلا سيارة أجرة ليذهبوا لذلك المتجر المحبب لدى توتة واختها فهو بجانب تنوع ملابس النوم و جودة قطنها إلا أن أسعاره غير باهظة.
وصلا للمكان أعطت توتة الأجرة لصاحب التاكسي ونزلت خلفهم لتجدهم ينظران اتجاه فستان أبيض من الحرير الفاخر، اقتربت توته منهم قائلة بصوتها الهادئ
" انظروا إلى جماله. انفتح داخلي ابتهاجا بمجرد النظر له "
ردت ناهدة عليها
" واه واه واه ، أنا لم أرى بجماله من قبل" نظرت شهرزاد نحوه بعقلها الجاد العملي ثم رفعت نظرها تجاه فخامة المتجر ومعروضاته عائدة للتدقيق بقصر طوله واتساع فتحة الصدر به قائلة لهم
" نعم جميل ولكنه ليس لهذه الدرجة المبهرة ، أول شيء غير عملي لن تستطيعي ارتدائه كلما اردتي وإن نظرنا لواجهة المتجر فمن المؤكد استنتاج سعره الباهظ ، هيا دعونا لا نفقد الوقت و نذهب للمكان الذي أتينا لأجله "
و بفضول ورغبة كبيرة بالاقتراب منه والشعور بملمسه بين يديها أصرت توتة أن تدخل المتجر وتراه حتى أنها رغبت بقياسه عليها و ان لم تشتريه ، غضبت شهرزاد عليها قائلة بصوت منخفض " ليس وقت ما تقولينه "
وحذرتها بعينها لتقترب ناهدة مؤيدة ما قالته توته، اسرعا بالدخول وهما يعدان شهرزاد بأن لا يتأخران فقط يقتربن منه و يعرفن سعره فمن الممكن أن يكون عليه خصومات .
تحركا باتجاه المتجر ليلفت انتباه توتة الفتاة الجميلة التي كانت تخرج منه ، أدارت ناهدة رأسها تتبعاً لملابسها الراقية الثمينة، دخلت شهرزاد المتجر دون اهتمام بحركتهم و عيونهم التي علقت بكل مكان حولهم، أقبلت عليها إحدى العاملات بالمتجر و هي تقول لها
" تفضلي بماذا أستطيع مساعدتك ؟"
و بصوتها المميز المملوء بالثقة ردت شهرزاد " من فضلك نريد أن نرى الفستان الأبيض المعروض على الواجهة "
ردت الفتاة متسائلة
" المقاس ؟ "
تحدثت شهرزاد و هي تنظر لأختها قائلة
" أعتقد أنه ستة او ثمانية و ثلاثون "
نظرت الفتاة لقوام شهرزاد لتسرع هي بالرد
" ليس لي " و أشارت نحو اختها مكملة
" لأجل اختي " .
تحركت الفتاة لجلب ما طلبته ليأتيها صوته من خلفها " هل هي صدفة ام انه القدر يلعب لعبته معنا "
التفتت بسرعة لتنظر خلفها باعين اتسعت من المفاجأة قائلة " أستاذ شريف " .
ضحك مؤكد برأسه أنه هو ، اقتربت توتة منهما وهي تترقب حالتهما لتأتي أنجي وبيدها مقاس الفستان المضبوط لتعطيه لشهرزاد وهي توجه حديثها لشريف
" زيزي هانم تنتظرك بالأعلى "
_" حسنا سأذهب إليها ولكن عليكِ مساعدتهم وإكرامهم أنهم ضيوفي "
ثم نظر لشهرزاد و قال
" هل تأمريني بشيء ؟" .
ردت بخجل شكرته به ، ليتحرك شريف بوجهه الفرح مكملا " كونوا على راحتكم "
ثم نظر لمن ينظرن له من الخلف بفضول ودهشة ليومأ رأسه مرحبا بهم قبل انسحابه وصعوده ملبيًا نداء أمه التي تحدثت له فور صعوده قائلة
" أخبرني هل ذهبوا، كيف رأيتها . . "
ضحك شريف و هو يرد على أمه
" أين ذهب ضغطك المنخفض؟"
ردت متجاهلة كلام ابنها
" لا تماطل احكي لي. ما رأيك هل كما وصفتها لك ام أهدرت حقها بالوصف "
رد شهريار عائلته و زمانه على أمه
" ما رأيك أن نتحدث على الطريق كي لا نجعل أبي ينتظرنا أكثر من ذلك".
ردت أمه بضيق
" هذا يعني انه ليس لديك إجابة، ظننت أنك ستنبهر بها من أين أتيت بكل هذا البرود "
رد بملامح وجهه المختلطة
" ليس برود و لكنها ليست من طرازي ، الدلال الزائد و اللامسؤولية، احاديثها الفارغة ، عدم استطاعتها اتخاذ قرار باختيار طقم لحضور مناسبة بعيدة عنها فكيف بالقرارات المصيرية بحياتها "
رفعت زيزي يدها و وضعتها على رأسها وهي تقول " لقد ألمتني رأسي ، من المؤكد أنه ارتفع ضغطي هذه المرة "
حاولت شهرزاد السيطرة على اختها وإخراجها من المكان قبل نزول شريف من جديد ، فهي على يقين تام بعدم شرائهم لأي قطعة من هذا المتجر وخاصة بعد أن رأوا أسعاره الباهظة.
تحركا للخارج بعد ان هددتهم و أقسمت بتركهم وعودتها لمنزلها وحدها ، شعروا بجدية ما قالته وخرجوا ثلاثتهم كي لا يخجلوها أمام استاذها ، تحدثت ناهدة بمجرد خروجهم
" علينا أن نبيع فدان ارض كي نشتري بمقابله تلك الفساتين "
ردت توتة عليها بضحك
" اعتقد سنحتاج لبيع المزيد . ولكنهم مميزين ومختلفين و كأنهم مرسومين بماء الذهب، يجعلون من المرء شخص آخر بمجرد ارتدائهم"
رفعت شهرزاد يدها و وضعتها على رأسها التي ازداد دوارها و هي تقول لهم
" نعم كان يتضح من واجهة المتجر انه مميز أعتقد أنه يخص الطبقة المخملية و ما شابه ، بالنسبة لنا غالي و ثمين و لكن بالنسبة لهؤلاء الذين يرتدونهم بالسهرات الخاصة والحفلات عالية المستوى و الظهور الاعلامي او العملي في المراكز المرموقة لا يكون غاليا او مميزا بل من الممكن أن يكون أقل بكثير مما يبحثون عنه "
تنهدت توتة و هي ترد على اختها
" آه لقد امتلأ داخلي من الحقد عليهم ، اتركينا منهم لا عيش إلا عيش الاخرة "
ضحكت شهرزاد و قالت بصوت متعب و يد لا زالت موضوعة على رأسها
" لقد ذكرتيني بنسمة الان "
و نظرت لناهدة لتكمل
" عندما تسمع لا عيش إلا عيش الآخرة تضحك و تقول من الواضح أننا لن نحصل لا على العيش في الدنيا او الاخرة "
نظرت توتة حولها بعيون باحثة عن ما أتوا لأجله ثم نظرت لجميع المتاجر المجاورة وهي تقول لأختها " هل اختلط علينا المكان !"
أشارت توتة للجهة المقابلة للطريق وهي تكمل
" وجدته ها هو هناك "
تحركت شهرزاد دون تفكير لتنزل للطريق العام كي تقطعه مرورًا للجهة الأخرى . .
علا صوت توته من الخلف وهي تنادي على شهرزاد لتحذرها من الدراجة النارية التي اقتربت منها و صدمتها عن غير عمد.
سقطت شهرزاد بقوة على الأرض لتسرع كل من ناهدة وتوتة نحوها وهما تصرخان باسمها، أسرع الرجل بالوقوف والنزول من الدراجة النارية كي يرى حالتها.
تجمع المارة كل منهم يسأل عن السبب وحالة المغشي عليها أرضا ، سمع شريف صراخ يدوي باسمها أسرع نحوهم مقتربًا منها على الأرض وهو يسألها عن حالتها.
فتح هاتفه ليتصل بالإسعاف قبل ردها عليه الذي أتاه برفضها بإكمال اتصاله مؤكدة أنها أصبحت بخير وفقدانها للوعي نتج عن اصطدامها و سقوطها المفاجئ بالأرض. .
أصر صاحب الدراجة النارية هو أيضا أن تنقل للمشفى كي يطمئن عليها و لكنها عنيدة رافضة للفكرة تماما.
تحركت و وقفت بمساعدة ناهده وأختها التي قربتها منها لتضعها بحضنها مقبلة رأسها .
اقتربت زيزي من ابنها الذي كان بوسط الجمع و هي تستمع لأحاديثهم فمنهم من كان ينصح بذهابها للمشفى و منهم من ينصح بذهابها للمنزل للراحة و هناك من كان يدعو له ، تحدثت لابنها بصوت منخفض
" هيا لنذهب الفتاة بخير لا داعي لهذا الازدحام"
صدمها ابنها و هو يقترب منها قائلا
" لا يمكنني تركها بهذه الحالة اذهبي أنتِ وأنا سأطمئن عليها وأوصلها لمنزلها وأعود إليكم لا تقلقي عليّ"
جاءت لتعترض و لكنه سبقها بقوله
" إنها إحدى طالباتي بالجامعة ولا يصح تركها بهذه الحالة"
نظرت زيزي نحو شهرزاد قائلة
" حمدا لله على سلامتك، انتبهي لنفسك "
ربتت على كتف ابنها و ودعته ثم تحركت نحو سيارتها لتصعد بها و تبتعد عنهم كباقي الناس الذين تفرقوا .
رفضت شهرزاد مساعدة استاذها وسط تكرار توتة وناهدة الاتصال بمدحت كي يأتي لهم دون فائدة فلا أحد يجيبهم لا هو ولا فهمية . .
رفض شريف تركها ليجبروا بالأخير على الصعود معه والسماح له بأن يساعدهم.
بدأ قيادة سيارته بعد ان صعد الجميع، نظر نحوها من المرآة الأمامية متسائلا
" هل أنتِ متأكدة انكِ بخير "
أومأت شهرزاد رأسها التي كانت تسندها على كتف اختها مكررة تأكيدها أنها بأفضل حال،
صدمها شريف وصدم من بجانبها حين قال
" ولماذا عيونك تخبرني بعكس هذا!، ان كنتِ حقاَ بخير كان علا صوتك واصريتي على رفضك. حتى كنا سنستمع الآن لجزء جديد من روايتك "
( اثبت يا وحش 🤣 🤣 اللهم سترك وعفوك ههههههههه )
نظرت توتة وناهدة نحوه بالمرآة ثم نظرا لشهرزاد التي ردت عليه مدافعة عن صدق ما تقول وانها حقا بخير كما وعدته بجزء جديد بأقرب وقت لتؤكد له أنها بخير .
فرح شريف بحديثها و وعدها له لينسى نفسه من جديد و هو يرد عليها
" هل لي أن أطمع بجزء صغير الآن ، لن اطمع بالكثير فقط اريد معرفة الجواب على ما تركتيه عالقًا بأذهاننا "
( وهنا أيها السادة تمت الفضيحه بالتمام و الكمال 😂😂😂😂😂)
ابتسمت شهرزاد على ما قاله لينظر من المرآة من جديد بعيون فرحة ضاحكة لم تسقط طوال الطريق من عليها .
وقفت سيارته أمام دكان صغير يتقدمه عربة فلافل و هو يقول لهم " هل هنا ؟"
ردت توته بصوتها الجميل " نعم شكرا لك "
و تحركوا لينزلوا من السيارة، اهتمت توتة بأختها و إسنادها بالسير رافضة ترك ذراعها.
شكرته هي أيضا على مساعدته لهم وعدم تركهم وحدهم و تحركت ببطء بجانب اختها وناهدة التي كانت تراقب الوضع بصمت .
التفت شريف جانبه ليجد شاب ممسك بسندويتش فلافل يأكله بشهية كبيرة نظر خلفه اتجاه الرائحة وهو ينقاد نحوها دون أن يستطيع مقاومتها.
طلب سندويتش متسائلا عن سعره لترد عليه فاطمة " الواضح انك زبون جديد لهذا سأحضره لك بوصفتي الخاصة كي تكرر قدومك و شراءك منا بشكل مستمر، ولكن أخبرني أولا هل أنت ضيف لدينا أم عابر سبيل ؟"
ابتسم شريف لها و هو يمد يدها ليأخذ طلبه متسائل عن سعره من جديد ، لترد على سؤاله بسؤال آخر قائلة
"هل تشرب بجانبه شاي، أم أضع لك ماء الطرشي "
تغيرت نظرات شريف لتفسر له
" الطرشي. الموالح. المخلل يا بني هل أنت من كوكب آخر خلاف كوكبنا "
جاء ليرفض و لكنها سبقته وسكبت له بكوب ورقي القليل من الطرشي مغطي بالكثير من الماء الخاص به و اعطته له قائلة
" لا تدفع ثمنه انه إكرام مني، انصحك بشرب ماءه بعد إنهاء ما به نحن نسميه عصير الطرشي سيعجبك كثيرا، عافيه لك "
أخذه منها و أعطاها أجرتها وزيادة ضعفين وتحرك وهو يأكل ويشرب باستمتاع كبير ، بأول الأمر شعر انه لم يأكل بجماله من قبل ولكنه غير رأيه بمجرد انتهائه مما سموه بعصير الطرشي . . .
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
تجمع بغدادي والجميع حول شهرزاد خوفا عليها ، أصر اباها و زوج اختها على ذهابها للمشفى و لكنها لا زالت على عندها واقنعتهم أنها بخير، تحتاج للراحة والنوم فقط.
موضحة أن دوران رأسها كان موجود قبل وقوع الحادث وهو الذي تسبب بعدم رؤيتها للدراجة النارية وسقوطها أمامها قبل أن تصدم بها ، ردت توتة بصوتها المتأثر بحزنها على أختها
" نعم أخبرتني بأن رأسها يدور وأنا لم أبالي لها توقعت انها تتحجج كي تهرب منا "
تحدثت شهرزاد لترد على اختها بصوتها الضاحك كي تخرجهم من حالتهم الحزينة
" نعم كان بالبداية شيء كهذا و لكن أنقلب السحر على الساحر"
أتت أمها للغرفة وبيدها صينية الطعام مؤكدة حدوث ما حدث لعدم تناولها طعامها فلقد وعدتها أن تذهب لمنزل أختها لتتناول طعامها وبعدها يذهبا سويا لأي مكان يريدونه و
لكنها هكذا دائما تنسى نفسها وكأنها صاحبة أعمال، وبنبرة صوتها الضاحكة المتعبة ردت شهرزاد على أمها
" قريبا ، قريبا تبقى القليل لأصبح سيدة أعمال"
ضحك بغدادي برده
" و لكنكِ وعدتيني أن أكون مدير الدار "
تحدث مدحت كن الخلف
" هل لا زلتي تعتقدين أن الكتب مشروع مربح ، ستهدرين وقتك عبثا عليكِ أن تسعي لتصبحي معيدة بالجامعة خلاف ذلك لا أنصحك"
أكد الحاج بغدادي على ما قاله صهره مدحت مكملاً " نعم وهذا أيضا موجود لقد وعدتني به و أنا اثق بها ، أليس كذلك يا جميلتي "
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
استاءت حالة شريف بعد أكله الفلافل وشربه لماء الطرشي، تألم بتقلصات بطنه وقيء متوالي لعدة مرات حتى أصبح منهكًا بشكل كامل، غضبت أمه عليه لأنه أكل من الطرقات دون تفكير ولا الانتباه للمكان الذي تناول منه بجانب شربه لهذا المشروب الغريب.
مرت ليلة عصيبة على شهريار قضى جزءً كبير منها بالحمام ما بين القيء والإسهال، عكس شهرزاد التي نامت بثبات وعمق كأنها لم تنم من قبل.
ليبدأ يوم جديد تجهز شريف للخروج لعمله رغم رفض أمه أن يذهب بذلك خوفًا عليه إلا أنه أصر على ذهابه وهو يتحجج لها ولنفسه بأعمال هامة لا يمكن تأجيلها ولكن الحقيقة التي بداخله ولم يصارح حتى نفسه بها وهي الاطمئنان عليها فلقد فضحته عيونه التي بحثت عنها بين الطلاب منذ لحظة وصوله و قبل نزوله من سيارته ودخوله حرم الجامعة .
ظل على هذه الحالة متمنياً رؤيتها و الاطمئنان عليها بعد ما حدث معها ليلة أمس، حزن عند تأكده من غيابها ورؤيته لأصدقائها يتحركون بدونها، ليس هذا و حسب بل حزن لعدم اخذه رقم هاتفها كي يطمئن عليها، فكر أن يذهب لأخذه من اصدقائها و لكنه رآها خطوة غير لائقة بوضعه كأستاذ وطالبته .
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
جلست ناهدة بجانب أمها في غرفة الأولاد متحدثة بصوت منخفض
" ظننته بأول الأمر معجب بها فقد خرجت اعينه عليها بمجرد رؤيته لها، ولكني بعدها فكرت قليلا وأنا انظر لتقربه منها و نظراته التي تعلقت على حقيبة ظهرها لأقول لنفسي سيهجم عليها الآن ليسرقها ويفر هاربا، شغلت عقلي وتحركت لاقف مقابل الباب دون أن يعي أحد لهذا كي أكون أول من يمسك به عند فراره ، ولكنه صدمني بمعرفة اسمها ومناداته عليها، أه يا أمي لو رأيتي كيف اتسعت عينيها و هي تقول له أستاذ شريف"
قاطعتها أمها و هي تسألها بفضول كبير
"كيف قالتها له؟، هل هم على علاقة مع بعضهما، نعم وكيف لا من المؤكد أنها فعلت كما تفعل أختها تضحك وتتمايل وتتحدث بصوت يسرق قلب من أمامها".
نظرت ناهدة نحو أختها التي تطعم الأولاد بجانبهم في الغرفة وهم يشاهدون الأفلام الكرتونية ثم نظرت لباب الغرفة لتتحدث بصوت منخفض أكثر
" لا. أنتِ تعلمين أنها مختلفة عن اختها لو ترين كيف تحدثت بجدية. معه وكيف أخرجتنا من الجنة قبل أن يعود هو".
وبغضب و ضيق تحدثت فهمية
"لم أعد أفهمك تتحدثين منذ الصباح ولا أفهم عليكِ، ماذا تريدين أن تخبريني هل حالتك هذه لأن استاذها رآها وتحدث معها كلمتين".
اقتربت ناهدة حتى أصبحت ملتصقة بأمها مكملة نميمتها
"أنتِ لم تري خوفه عليها ونظراته نحوها طوال الطريق، أصبحت انظر للطريق أكثر منه خوفاً من اصطدامنا وكأني أنا من يقود وليس هو".
حركت فهمية رأسها متحدثة بعيون حادة
" نعم هم كذلك يسقطون المرء بهم وبعدها يتظاهرن إنهم لم يفعلوا شيء وأنهم هم من يركضون خلفهم"
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
زاد خوف عائلة شهرزاد عليها فهي تقول عكس ما يروه فإن كانت حقاً بخير ما كانت تغيبت عن جامعتها لعدة أيام متتالية دون حتى ان تعوضهم بالدراسة الليلية كعادتها السابقة، فلم تنام شهرزاد من قبل كما نامت بهذه الأيام ولم تتغيب عن جامعتها بهذا القدر منذ أن التحقت بها حتى وهي بأشد الأيام تعبًا وارهاقًا كانت تذهب وتنتظم .
لتكون عودتها لجامعتها مختلفة، جميع من يراها يقترب منها للاطمئنان عليها وسؤالها عن سبب تغيبها، سأل و اطمئن الجميع إلا هو خاف أن ينكشف أمره أمامها من شدة فرحته وتسارع قلبه حين رآها بوسط اصدقائها حتى أصبح لا يستطيع التحكم بنفسه .
وبحماس كبير انتظر شريف موعد محاضرته للقسم الخاص بها ليسرع بدخول القاعة بالموعد المحدد على التمام و الكمال متحررًا بنظراته نحوها فهو لم يعد يتحمل إبعاد عيونه عنها ، تجمع الطلاب ليتحدث استاذهم مبتدأ محاضرته قائلا
" هيا لنبدأ هل تجهز الجميع كما اتفقنا، اعتقد ان مدة أسبوع كانت كافية "
رد الطلاب بحماس وفرح يخبروه أنهم جاهزون، حدث ما خاف منه حين نسي نفسه بل فضح اهتمامه بها قائلا لهم
" إذا لنبدأ بمن تغيب عن سمانا لعدة أيام بلا رحمة، بقينا متشوقين لمعرفة باقي القصة " .
( باقي القصة!!! المفروض أني أصدق دلوقتي 😏 )
نظر الطلاب نحو شهرزاد فحتى وإن لم يذكر اسمها فكان واضح من عيونه وحديثه أنها المعنية بالحديث، وقفت شهرزاد بوجهها الذي لم يعد كسابق عهده لتنظر للطلاب و من ثم تنظر لأستاذها معتذرة أنها غير جاهزة بشكل كامل فكل ما كتبت جزء صغير وان سمحوا لها تكمله وتقصه عليهم بشكل أطول بالمحاضرة القادمة بعد يومين من الان، استغرب من حالتها وصوتها الحزين قائلا
" هل لا زلتي متعبة؟، أم تقولين دعيهم يشتاقوا أكثر للقصة؟"
وبحزن فاض من عيونها ردت على استاذها
" أعتذر منكم كنت بحاجة للراحة ولكني اعدكم أن اكتب المزيد "
و لأجل إخراجها من حزنها وحالتها أصر أن تروي عليهم ولو جزء صغير فهم سيسعدون بهذا كثيرا حتى أنه بسبب مرضها سيعطيها تقيمها على هذا القدر فقط . . .
وافقت شهرزاد ووقفت وهي تفتح دفترها لتبدأ إلقاءها بصوت يعلوه ارهاقها واجهادها قائلة
" بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد و العقل الحكيم و القلب الكبير الرحيم أن فتاة القصر بتلك الزمانات البعيدة …..
استرسلت شهرزاد بروايتها للقصة وهي منهكة متعبة تمسح تعرق جبهتها بين الحين والآخر،
لاحظ تغير عينيها وصوتها الذي أصبح أكثر سوءً، همَ ليقاطعها مكتفيًا بهذا القدر كي ترتاح ولكنها فاجأته بسقوطها المدوي مغشيًا عليها وسط قاعة ، أسرع الطلاب بالوقوف بأماكنهم فزعا وعقولهم لم تستوعب ما حدث.
تفاجأوا بأستاذهم يركض بسرعة كبيرة قبل الجميع ليكون أول من يصل لها بعد نسمة التي فشلت باللحاق بها قبل سقوطها أرضاً منحصرة بين المقعد والطاولة.
انحنى شريف محاولا إخراجها بصعوبة من ضيق الزاوية التي حشرت بها، لم يجد سوى احتضانها من ظهرها وإمساكها بشكل جيد ليجرها أرضا للخلف حتى خرجا من حلقة الضيق للمتسع واضعا رأسها على ذراعه وهو ينادي عليها بصوته العالي المذعور .
فتحت عينيها ليلتقط شريف نفسه وهو يسألها بصوته المتقطع
" هل أنتِ بخير ؟"
سحبتها نسمة لحضنها والدموع تملأ عينيها
" شهرزاد هل تسمعيني؟ هل أنتِ بخير ؟" تحرك شريف وجمع أرجله أسفله ليجلس جاثيا على ركبتيه منتظرا ردها الذي أتاهم بصدمة أكبر حين اغشي عليها مرة أخرى تاركة شهريار يرتعد خوفًا وذعرًا عليها .
حاول أن يرفعها ليحملها كي يخرج بها من القاعة و لكنه استصعب الحمل اقتربت نسمة ورفعتها معه من جهة الوسط لتساعده على حملها بشكل كامل احنى ظهره للخلف وهو يتحرك للخارج ومن خلفه الطلاب .
وبين لحظة وأخرى تم وضع شهرزاد في سيارة الإسعاف ، هرع شريف ليصعد سيارته ليتبع الإسعاف بقلق وخوف.
اتصلت نسمة بأهل شهرزاد لتبلغهم بما حدث ليهرولوا خائفين عليها وفور وصولهم حاوطوا ابنتهم وهم يسألونها عن حالها ، ردت شهرزاد عليهم و هي تطمئنهم انها بخير ولا يوجد شيء.
وصل الطبيب للغرفة ومن خلفه أستاذ شريف وهو ينظر بأرجاء الغرفة نحو باقي المرضى، اقترب اباها متسائلا
" دكتور طمئني ما بها ابنتي ؟"
نظر الطبيب للحاج بغدادي ثم نظر لشهرزاد وقال
" لا شيء من الواضح أنها أرادت أن تختبر قدرها لديكم، كل شيء على ما يرام ولكن نسب الدم لم ترضني "
ونظر لأمها متسائلا بصوت غلبه الخصوصية والانخفاض مقترباً منها ليقول
" هل تعاني من مشاكل خاصة، يعني زيادة بعدد أيام الدورة الشهرية أو نزيف زيادة عن الطبيعي بتلك الأيام "
ابتعد أستاذ شريف عن الطبيب متراجعا للخلف وهو يخفض نظره لتخجل شهرزاد منه بهذه اللحظة .
( ده أنتي لو حد داعي عليكي بالفضيحة مكنش حصل كده 🤣 )
أومأت الأم رأسها وقالت للطبيب
" نعم يحدث هذا معها ولكننا ذهبنا للطبيب و أخبرنا أنه بسبب نقص بنسب مخزون الحديد وأعطاها علاجاً مكثف لمدة ثلاث شهور حتى يتأكد من ارتفاع نسبة الحديد بالدم"
رد الطبيب برضا
" ممتاز، متى آخر مرة تم التحليل و قياس نسبة الحديد بالدم"
فكرت الأم قليلا، لتسبقها نسمة بالرد قائلة
" ذهبت أنا وهي بأول العام الدراسي أعتقد بشهر أكتوبر منذ ثلاث او أربع أشهر تقريبا "
أكدت شهرزاد وامها على كلام نسمة الذي تبعه تساءل الطبيب عن وضع النسب ليصله الرد أنهم لم يأتوا بها، رفع شريف نظره وهو يستغرب من ردهم
تقدم بغدادي و بدأ حديثه مع الطبيب قائلا
" نعم تذكرت هذا ما حدث عندما أغلقت البلد فجأة بسبب فيرس كورونا وكما تعلم التحذيرات من الاقتراب للمستشفيات و المراكز الطبية بذلك الوقت نسينا أمره ولكن ان اردت تكراره من جديد لنفعل "
تدخل أستاذ شريف قائلا
" لا أعرف إن كان ما سأقوله يناسبكم ام لا ولكني اقترح بالقيام به خارج المشفى أعني بمراكز تحاليل طبية خاصة "
رد الطبيب على شريف
" كما تريدون. علينا ان نتأكد من منسوب الحديد بالإضافة لبعض النسب الأخرى أن تم القيام به خارج المشفى بجانب الاهتمام بالأطعمة الغنية بالحديد "
رد بغدادي باهتمام كبير
" نعم سنفعل لا تقلق، اكتب لنا ما تريدنا القيام به وسأتصل ليأتوا لأخذ عينة منها وتحليلها على الفور "
رد الطبيب عليهم
" لا داعي لبقائها لا زلنا بوضع حرج والبقاء بالمستشفيات دون ضرورة قصوى غير آمن للجميع ، لهذا سأكتب لها وثيقة خروجها وبعض التحاليل اللازمة كي نطمئن عليها كما أوصي بمراجعة طبيبها الخاص بعد ظهور النسب"
رد شريف متسائلا بقلق
" هل أنت متأكد انها بخير، أشعر بقلق حيال ما تقول لا يوجد بها شيء و وجوب التوجه للطبيب لمتابعتها "
ابتسم الطبيب و هو ينظر لشهرزاد قائلا
" من الواضح أن اخاكِ من النوع القلق لم يكف عن سؤالي عنكِ وعن خطورة الوضع وكلما طمأنته يعود ليسأل من جديد "
خجلت شهرزاد ليرد بغدادي بوجه مملوء بالرضا
" لا ليس أخوها ولكنه استاذها بالجامعة يشكر لم يقصر هو من شهد سقوطها واسعفها "
تفاجأ الطبيب انه استاذها فقط ، ليتحدث شريف بقلق مضيفا لحديث الاب بغدادي
" و لكنه ليس بالسقوط الأول لهذا قلقت فتكرار الأمر مثير للقلق حقاً "
ضحك الطبيب يعقب على تكرار شريف لحديثه
" من الواضح توجب انسحابي. باقي المرضى ينتظروني ، حمد لله على السلامة "
تحرك ليخرج من الغرفة ليسأله شريف
" وإذن الخروج ؟ من أين سنحصل عليه؟ "
ضحك الدكتور بجوابه
" لن يسألك أحد عنه حتى وإن اخذتها هي وباقي المرضى وخرجت بهم دفعة واحدة، ومع ذلك سأكتبه لكم هيا لتأتي معي كي أعطيه لك "
أخفت نسمة ضحكتها بصعوبة ، حذرتها *شهرزاد بأعينها الخجلة من اهتمام استاذها بها لهذه الدرجة أمام والديها .
وصلت توتة وزوجها للمشفى وهي تتحدث مع أمها على الهاتف لتصف لها الطريق، رأت أستاذ شريف بالجانب المقابل رفعت يدها قليلا تعبيرا عن السلام قائلة
" السلام عليكم، شكرا لك اتعبناك معنا من جديد" ، ثم نظرت لزوجها وهي تشير له قائلة
" لأعرفك بأستاذ شريف "
مد مدحت يده ليسلم على شريف دون أن يتذكره، تحدثت من جديد موجهه حديثها لشريف وهي تشير لزوجها " اعرفك زوجي ميتودحت "
وباستغراب سألها
" عفوا لم استمع جيدا للاسم "
نظر مدحت بقوة لزوجته ثم نظر لشريف وقال " اعرفك بنفسي انا مدحت عرابي مهندس بشركة المياه والصرف الصحي "
بهذه اللحظة خرجت شهرزاد من الغرفة الخلفية وهي مستندة على ذراع أمها، تحركت توتة مسرعة نحوهم لتحتضن اختها بعيونها الدامعة وقلبها الحنون ، سعلت شهرزاد بهدوء قائلة بعدها بصوتها الفكاهي المتعب
" لا أريد بكاء يكفينا ما نحن به. لنخرج ونذهب للمنزل وأعدك أنني سأعطيك حقك بهذا "
ضحك الجميع ليرد أستاذ شريف
"نعم ليس له داعي أن تبدئي الآن بالكاد استطاعوا تهدئتك بالمرة السابقة"
اقترب السيد بغدادي ومد يده ليسلم عليه وهو يربت على كتفه قائلا
" لم تتيح الفرصة لنا للتعرف عليك وشكرك بالمرة السابقة سلمت يا بني شكرا لك بل الشكر لمن أضاف لبلادنا شخص جيد مثلك "
ضحكت توتة وتحدثت بصوت اعتقدت أن أختها فقط من سمعته قائلة
" و كأنك أنتِ من يتحدث وليس أبي..ان قال له سأفضي ما بجعبتي بدفتري وأتي إليكم لن اندهش "
هز مدحت رأسه وهو يرد على زوجته
"هذا على أساس انكم وحدكم ولا يسمعكم احد"
ضحكت شهرزاد و قالت
" حذرتك يا أخي أن لا تأتوا وتنتظرونا بمنزلنا وانت من أصر فلا تشتكي الان، هذه البداية فقط"
و بدون تفكير رد مدحت بضحكة أكبر نسى بها أين هو
"لا ليست الأولى فكانت ستعرفني له بميـتو "
ضحك الجميع لتهم توتة بالدفاع عن نفسها دون أن تفعلها فكان صوت بغدادي القوي محذرهم جميعا
" ششششش ما بكم أنسيتم أين أنتم ، هيا لنخرج ونكمل بالمنزل "
نظر بغدادي لشريف بقوة جعلته يكف عن الضحك وهو يمسح بكف يده آثار ضحكته قائلا " لا شكر على واجب بل أنا من عليه شكرك "
ثم نظر لشهرزاد التي ارتعبت من أن يفضحها أمام أهلها، مكملاً
" شهرزاد مثال مشرف للطالبة المجتهدة المميزة بقلمها وإلقاءها وقبل هذا كله ادبها و احترامها ومحبتها للجميع "
اخفضت نظرها بوجهها الذي اشبه بحبة الطماطم لتدهش توتة ونسمة وحتى أمها من حالتها، فكان عليها بهذا الوضع أن ترد بلباقة وهي تنتقي مفرداتها التعبيرية الفصيحة أو أنها تقلب مجرى الحديث للضحك.
استأذن أستاذ شريف بعد أن تمنى لها الشفاء وتحرك مبتعدا، ليشير بغدادي برأسه لهم قائلا
" هيا لنذهب يكفينا بهذا القدر بعد قليل ستقلبونها لمقهى هيا "
تحرك الجميع للخارج وعند وصولهم لمخرج المشفى وجدوا شريف يقف منتظرهم بالأسفل بجانب سيارته، نظر بغدادي له نظرات مطولة عميقة محاولا فهم ما وراءه متحدث بصوت لا يصل للجميع
" ما حكايته وكأنه التصق بنا "
مالت توتة على اختها قائلة بنبرة ضاحكة
" من الواضح انه اقسم ان لا يذهب إلا بعد الاطمئنان عليكِ "
ضغطت شهرزاد على ذراعها بقوة كي تصمتها، نزل الجميع الدرج الصغير ليصل بعده مدحت بجانب أستاذ شريف قائلا
" لا داعي لأتعابك أكثر "
مد شريف يده وأعطاه الورقة التي كتبها الطبيب بالتحاليل المطلوبة بجانب إذن الخروج ، وتحرك بعدها و هو رافع يده مستأذن من الجميع مجددا صاعدا سيارته مبتعدا شيئا فشيئا عنهم.
رد مدحت ساخر من نفسه وهو يرفع الورقة لينظر بها
" و أنا الذي اعتقدت أنه ينتظرنا ليساعدني بتوصيلكم "
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
مرت عدة أيام اطمئن قلب عائلة بغدادي على ابنتهم بعد ظهور نسب الحديد تناقصت مما أثر على انخفاض نسب هيموجلوبين الدم، اهتم الجميع بشهرزاد واطعامها كل ما يحتوي على الفيتامينات و الحديد حتى تحسنت بشكل ملحوظ.
لتهدئ قلوبهم بمجرد رجوعها للدراسة وسهر الليالي لتعويض ما مضى وما تغيبت عنه.
كُشف شريف أمام نفسه بشكل كامل في هذه الأيام لعدم غيابها عن عقله وتذكره المستمر لها وهي بين يده جعله يتأكد من مشاعره وحديث سيف ابن خاله
" ستجد نفسك ساقط ببحورها دون أن تشعر " .
استقام شهريار عصره وزمانه بوقفته بشرفة منزلهم وهو ينظر لجمال النيل شارداً بوجهها وخجلها أمامه ، ابتسم وجهه متذكرًا حركتها وإلقائها بكل جوارحها أمامهم و كأنها تمثل الأدوار وليست فقط تلقيها عليهم.
شرد سابحا بأحلامه دون أن يشعر بالصوت الذي ناداه أكثر من مرة.
امسكه سيف من كتفيه واضعًا رأسه وسط ضلعيه قائلا بصوت ساخر
" من المؤكد يا حبيبي أنك شارد بأيامنا الجميلة، أول نظرة ، أول بسمة ، أول لمسة يد "
ضحك وجه شريف و هو يبتعد عنه
" وقعنا بيدك. متى أتيت أنت ؟ "
رد سيف
" اختلط عليّ الأمر هل وصلت عند النظرة الأولى أم الل . . "
نظر شريف لباب الشرفة و هو يحذر ابن خاله " أن سمعك أحدهم سيصدق الأمر ولن يتركوني بحالي "
رد سيف باستغراب
" سيصدق الأمر؟، ألا زلت تنكر ما أنت به؟ "
رد شريف بنبرة ساخرة مما يقوله سيف
" ماذا أنكر؟، و ما هذا الدخول التقط انفاسك يا صديق أولا ومن ثم نرى ما أصاب عقلك ان كان ما زال بمكانه "
ضحك سيف مشيرا لمفصل كتفه قائلا
" اقطع ذراعي من هنا ان كنت مخطأ، أصبحت الحقيقة واضحة حتى اني اراها بعينيك " وتحرك ليقترب من صدر شريف ليسند رأسه عليه بضحك .
_" ابتعد عني ما بك أشبهت استغفر الله "
دافع سيف عن نفسه
" ما بك هل ظننت أنني سأريح رأسي على صدرك ونحن نشاهد النجوم الساطع ضوءها على مياه النيل "
رد شريف بضحك
" تبقى القليل لأذهب لإجراء تحليل نسبة الخلل بعقلك، حقا ما بك هل تركت عقلك بمنزلك قبل مجيئك"
_" هل خلل بالعقل!، فقط أردت أن أسمع صوت غناء الطيور داخل قلبك، ألم تقل لي دوماً أنك حين تقع بالحب سيسمع الجميع تلك الأصوات نابعة من قلبك وستشع عيناك بضوء الفرح معلنة عن مجيء العيد بلا رحيل "
ضحك شريف " هل لا زلت تتذكر "
رد سيف بنبرته الساخرة
"وهل لي أن انسى رومانسية شهريار اللاعية للأنفس"
تغيرت ملامح شريف ليسرع سيف مكملا
" هيا لنتحدث بشكل جدي افضي ما بقلبك أنا اسمعك"
رفض شريف أن يحكي له أي شيء عنها كي لا يكثر ضحكه ، ليبتسم سيف و يقول
"ولكن انتبه بقولك هذا تؤكد سقوطك المدوي "
تنهد شريف بعمق مجيبًا عليه
" لا أعرف يا أخي أقول ليس حبا وغراما فهي غريبة عني بشكل كامل وكأنها النقيض مني، أشعر بالفروق الكثيرة بيننا و بنفس الوقت أشعر أنها تكملني، يعني وكأنها القطعة التي كنت أبحث عنها لإكمال الصورة بها، لا اعرف هل تفهم علي أم لا. ولكني أحلم دوما أن تكون شريكتي كالأميرات و من جانب آخر أن لا تكون خاوية تافهة ذابلة من الداخل، لا اكذب عليك لم أرى بها أميرة أحلامي المدللة ولكني لمست بها ما كنت أحلم به من الجهة الأخرى، فإن رأيت قوتها، حكمتها، نجاحها، روح العزم والإصرار التي تمتلكها حين تهم على تنفيذ ما تريده بجانب الصمود، الشموخ، الثبات وهي تتحرك بين باقي الطلاب لا أحد يستطيع الاقتراب منها بسوء، الجميع يقدرها ويعطيها الأولوية حبًا وتقديرًا ، ولكنها مختلفة عن احلامي "
رد سيف بحيرة
" اممممم انت بمأزق حقيقي، داخلك منقسم جزء منك لا يرى بها فتاة أحلامه التي ستشاركه رومانسيته اللزجة، والقسم الآخر رأى بشخصيتها ما كان يبحث عنه"
أغلق شريف عينه اليسرى بغير رضى وهو يكز على طرف شفته قائلا
" رومانسيتي اللزجة إذا!، اتعلم الحق ليس عليك بل على من تحدث معك وفتح قلبه لك "
ضحك سيف مسرعًا برده
" عملك صعب يا صديق وخاصة حين نتذكر عمتي وما تحلم لك به "
بادله شريف الضحك
" لو رأيت اخر اختياراتها ستدعو لي بالرحمة "
_ " لم أرى و لكن شاء القدر لأكون شاهد على جلسة النميمة الخاصة بأمي وأمك، اعتقدت أنك أعجبت بها فهي تشبه رومانسيتك الطاحنة "
و بغضب تحدث شريف
" استغفر الله، جعلتني اندم على التحدث معك يا عدو الرومانسية "
_ " عديم الرومانسية مرة واحدة! ، حسنًا يناسبني فما أنتم به من أحلام خيالية تفصل الإنسان عن الواقع لا يعجبني ، أنا أبحث عن شخص استند عليه أن أدار الدهر وجهه عني، أريدها ممرضة ان ألمني قلبي من هموم الدنيا، أرض صلبة ترفعني و تقويني وتقودني دوما للأمام ، مرحة، جادة، حكيمة، عاقلة، تحبني أكثر من نفسها، تتفانى لأجل سعادتي و راحتي"
تحدث شريف باستهزاء
"انظروا لمن يتحدث. تتفانى لأجل سعادتي و راحتي، و الله انك ستفنى لأجل إرضائها ولن ترضى عنك، ما هذه الأحلام البائسة يا صديق ارض صلبة. عاقلة. جادة ، تبقى أن تكون لاعبة كراتيه لتدافع عنك "
انتهى اللقاء و لا يزال شريف متمسكاً بما يفكر به ، يقول غير متأكد من مشاعري وهي ليست فتاة أحلامي. وفجأة يتغير حاله ويفقد نفسه بمجرد رؤيته لها، يفرح ويتوتر بحماسه الذي يعلمه بكل مره أنه وقع ببحورها منذ زمن بعيد ، فلا تصدر الطيور هذه الأصوات التي تخرج من قلبه إلا إن كانت عاشقة ولهانة.
………….
و بيوم جديد عادت روحه لجسده عندما راقب دخولها الجامعة من بعيد منتظر اقترابها من المبنى الكبير ليكون أول من يقابلها به.
لاحظت شهرزاد قدومه من الجهة المقابلة لها فكرت بما ستفعله وتقوله لتقرر أن تلقي عليه السلام و تكمل سيرها بعدها مباشرةً، انتابها القلق حيال سيره بنفس الحارة التي تسير بها وهو ينظر لها بوجهه المبتسم، توترت من عيونه الضاحكة واستمرار تقدمه بهذا النحو، تحركت شهرزاد للجهة الأخرى عند اقترابه تخوفًا من اصطدامه بها ملقية السلام عليه لتهرب بعدها، و لكنها صُدمت وتفاجأت بتحركهُ هو أيضا ليصبح أمامها من جديد، ازداد توترها تحركت شمالاً محاولة الابتعاد عنه ولكنه عاد ليتحرك بنفس الاتجاه.
توترت أكثر لتسرع بعودتها لليمين لتجده يعود لما عادت له وقفت خشية الاصطدام الذي اقترب حدوثه رافعة كف يدها بوجهها لتوقفه باحترام قائلة " السلام عليكم، من الجيد رؤيتي لحضرتك كنت سآتي إليك واشكرك على ما قمت به معي حقا اتعبناك معنا "
رد عليها بفرح
" دعكِ من هذا واخبريني هل أصبحتي بخير، اطمئنيت عليكِ من صديقتك نسمة وارسلت لكِ السلام ، أم أنها لم توصله "
ابتسمت ابتسامة بالكاد خرجت من توترها مجيبة عليه
" نعم اوصلته شكرا لك، بدأت النسب بالارتفاع الحمد لله "
نظرت حولها وهمت أن تستأذن منه لتكمل سيرها وتلحق بمحاضرتها التي بدأت بالفعل، ليسمح لها قائلا
" أردت أن أخبرك بأنك معفاة من تحضير أجزاء جديدة من قصتك بهذه الفترة لتكوني بخير ومن ثم نرى ماذا ستفعلين بنا "
ابتسم وجهها فرحا وخجلا مجيبة عليه
" حضرت لكم جزء كبير أتمنى ان يكون مرضي ، تعبيرا مني عن شكري لك بحق ما قمت به معي "
فرح بشدة و هو يبادلها ابتسامتها قائلا
" أنا لم أنتظر شكر هذا واجبي "
_" أعلم هذا، ومع ذلك أتمنى ان يعجبكم ما كتبته ، والان اسمح لي ان الحق بالمحاضرة و استعد لمحاضرتنا التي ستليها "
تحركت أمام صمته وعيونه الفرحة لتتركه خلفها بقلب يطرق طبول الفرح والسعادة والمحبة.
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
انشغلت توته مع أهل مدحت بآخر يوم لهم بمنزلها فكانوا يرتبون الأغراض التي تم شراؤها لجهاز العروس ليتم شحنها قبلهم.
على أن يعودوا للقاهرة بأقرب وقت لينهوا ما تبقى لهم، اعتقدوا في بداية الأمر أنهم سينهونه بوقت أقصر ولكن أفكار توتة وأحلام ناهدة التي غلبت الحجة فهمية وارهقتها كثيرا لم تتوقف..
و بعد ان ودعتهم وخرج زوجها خلفهم ليوصلهم هو والأبناء لمحطة القطار فتحت توتة هاتفها لتتحدث مع اختها وتطمئن عليها دون رد من الجانب الآخر.
فكانت شهرزاد تغوص بالأحلام من جديد وهي تروى قصتها وسط قاعة المحاضرات أمام شهريار العصر وانسجام الطلاب لما قارب على ساعة كاملة من الإلقاء حتى وصلت لاقتراب الأمير من أذن المعلمة ليهمس بها
" أنا لم أرى قمرًا سيئًا من قبل"
وعاد ليستقيم بوقفته ليسأل عيونها المحدقة ووجهها الأحمر من انحباس لأنفاسها
" هل رأيتي أنتِ قمرًا سيئًا من قبل "
و قبل أن تجيب المعلمة عليه صاح ديك الصباح بالإعلان عن بداية يوم جديد جاء ليطوي ليله و ينير سماه .
انهت شهرزاد قصتها و جلست لتستمع لما كتبوه وألقوه أصدقائها فرحة بشفائها وتحسنها، مر الوقت الجميل بسرعة كبيرة لتنتهي محاضرتهم التي أصبحت الأكثر متعة لهم.
تحرك أستاذ شريف ليخرج من القاعة وهو يحاول ان يقترب من شهرزاد ليقول لها بصوت منخفض اتاها من خلفها لا يسمعه غيرها
" لا أنا لم أرى قمرًا سيئًا قط "
التفتت خلفها لتجده يكمل سيره وكأنه لم يقل شيئا، ابتسم وجهها وضحكت عينيها لتنير لألئ أسنانها في وجهها الجميل من سعادتها وهي تضع طرف هاتفها بفمها شاردة بكلماته.
لم تتوقع شهرزاد قط أن يلتفت شريف وينظر لها ليراها بهذه الحالة الفاضحة أمامه، جمعت نفسها مخفية هذه الفرحة التي تملكتها مسرعة بتحركها
مبتعدة عن المكان ليتحدث هو مع الطالب الذي كان سببا بتوقفه .
اقتربت منها نسمة و بعض الأصدقاء الأخريات وهم يتأففون من المحاضرات والمهام الكثيرة التي عليهم، تحدثت إحداهن وقالت
" لا أريد أن أتحدث بالدراسة و خاصة بهذه الأيام "
ردت نسمه عليها
" ألم تنتهي التحضيرات بعد "
وبفرحة كبيرة ردت عليها ريم البدراوي
" لا. ليس بعد اليوم سأذهب لإستلام فستاني أتمنى أن يكون تم امر القياسات هذه المرة ومن ثم تبدأ رحلة البحث عن حذاء احلامي وحجابي"
تدخلت سارة الحسن بالحديث
" بنت حلال، انتظري لأريكِ تشكيلة جديدة حفظتها أمس على هاتفي "
اقتربت ريم و نسمة وعلا من سارة وهن ينظرن لشاشة هاتفها منتظرين تحميل الصور .
نظرت شهرزاد حولها و من ثم نظرت لهم مستأذنة منهم
" سأذهب للحمام و أعود إليكم "
تحدثت نسمة لها
" إن لم تجديني هنا فيستجديني بجانب مبنى الإدارة سأذهب لأسلم أستاذ نديم ما كلفنا به "
أومأت رأسها " تمام اتفقنا "
تحركت شهرزاد نحو الحمامات وقد ظهر على وجهها الإجهاد والإرهاق رفعت يدها ووضعتها على رأسها متذكرة توصية أمها لها بأن لا تتحرك ولا تكثر من التحدث بهذه الفترة حتى لا تجهد ، دخلت الحمام وأغلقت عليها لتشعر وكأنها سيغشى عليها أسرعت بقضاء حاجتها والخروج منه مقتربة من صنبور الماء لغسل وجهها محاولةً استعادة طاقتها وبالفعل شعرت بتحسن طفيف حين غسلت وجهها وتحركت للخارج فاتحة حقيبتها باحثة عن قالب الشوكولاتة التي أوصتها أمها أن تأكلها بوسط النهار وبينما كانت غامرة رأسها بحقيبتها اصطدمت بشخص كان منشغلا بالنظر لهاتفه.
ورغم أن الاصطدام ليس بقوي إلا ان حقيبتها سقطت من يدها بقوة، نظر الرجل ليرى بمن اصطدم مسرعًا بمد ذراعيه لتسقط هي بينهما.
لم تفقد وعيها هذه المرة ولكنها بحالة سيئة كل ما حولها يدور بها. اسودت رؤيتها لبعض الوقت وحين استعادتها كانت غير واضحة.
حاولت أن تجمع طاقتها وتتحرك مبتعدة عن ذلك الشخص الذي بالكاد استطاعت تفسير ملامحه وهي ترد بصوتها المتعب
" أنا بخير. أصبحت بخير. لا داعي للمشفى "
تكلم سيف معتذرًا منها
" أعتذر منكِ لا أعرف كيف اصطدمت. بكِ"، ردت شهرزاد بصوتها الذي اعتلاه نشيج تنفسها " لا عليك أنا من عليه الاعتذار "
وبابتسامة وروح الفكاهة سخرت شهرزاد من حالتها قائلة
" أصبحت كالقطار المعطل مكابحه "
و وضعت يدها على رأسها من جديد وهي تكرر شكرها له ، ابتسم بوجهها وهو يتأمل ملامحها التي أعجبته رغم بساطتها قائلا
" إذا علينا أن نحذر من تلك القطارات "
استأذنت منه بوجهها المبتسم وتركته مبتعدة عنه وهي تفكر هل تذهب لمبنى الإدارة لتبلغ صديقتها أنها ستكتفي بهذا القدر وستعود لمنزلها باكرا أم تخرج مباشرةً مكتفية بالاتصال بها لتبلغها بالأمر ، و بعد تفكير لم يطل كثيرا توجهت شهرزاد لمبنى الإدارة كي لا تقلق نسمة عليها و أيضا كي تأخذ منها بعض المحاضرات التي يتوجب عليها تلافيها.
و قبل أن تصل لمبنى الإدارة وجدت شهريار يخرج منه وهو يتقدم نحوها بخطوات سريعة ووجه فرح ضاحك ، ارتبكت وتخبطت بأعينها المتسعة وعقلها الذي لا يستوعب ما يفعله فهل سيتحدث معها بهذه الحالة أمام جميع الطلاب، أم هل سيفعل كما فعل بأول النهار حين عرقل سيرها و لكن هذه المرة الجميع حولهم .
و بينما هي تفكر وهو يسير بسرعة نحوها خرج صوت عال من الجوار جعل الجميع ينظر نحوه ليكونوا هم والجمع شهداء على صفع نسمة لوجه جمال بقوة ارعدته وادهشته بل فاجأت وادهشت جميع المحيطين بالمكان .
( انتظروا انتظروا هي الصفعة كانت من نصيب جمال ، و أنا اللي كنت مفكره أنها من نصيب واحد صاحبنا 🤣 🤣 )
انتظرونا الحلقة القادمة لنرى ماذا حدث بين جمال و نسمة 🙊 ، و شهريار و الاميرة شهرزاد 🤣 🤣 أعتقد بعد *الصفعة *ديه *هيخاف شهريار *يقرب ههههههههه
انا *هربت *هههههه 🏃♂️🏃♂️🏃♂️🏃♂️🏃♂️ اتمنى تكون نالت اعجابكم.
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد لا تنسى قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا .
منها رواية حياتي
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..