recent
جديدنا

رواية قرة عيني الفصل الحادي عشر

رواية قرة عيني 

بقلم أمل محمد الكاشف 

مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية

قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية

تدور احداثها بين حلمية الزيتون والصعيد اسوان بالتحديد



 📌ملحوظة مهمة ✋👈"تم كتابة حرف 'ج' بدل 'ق' في بعض الكلمات داخل نص سهام وأم حسام  ليعبر عن اللهجة الصعيدية بقدر المستطاع.. ان وجدتم كلمة غير مفهومة اقلبوا ال 'ج' إلى 'ق' ستعود لوضعها السليم كما بالمثال التالي (عقل 👈عجِل) و هكذا 🏃‍♂️ " 


انصدمت اميرة من كلام أستاذ احمد ردت بضيق وغضب مدافعة عن نفسها 

" انت سامع الكلام اللي بيخرج منك كويس ، انت ازاي تكلمني كده انا قولت لك اكتر من مرة أن حسام ابن عمتي زي عمرو اخويا  " 

جاء ليرد ولكنها لم تسمح له تحدثت من جديد قائلة 

" بعد اذنك انا مضطره اقفل ، السلام عليكم " وأغلقت المكالمة بسرعة  

جن جنونه و غضب معاتبا نفسه على ما قاله  عاد ليتصل بها متمنيا ان ترد عليه كي يعتذر منها و يطلب فرصة اخرى لحبهم . 

أرسل لها رسالة " اعتذر منك انا مكنش قصدي اضايقك ، ردي عليا عشان نتكلم لازم تدي نفسك فرصة تتعرفي عليا وبعدها تقرري"

قرأت الرسالة رافضة الرد على اتصالاته .

…….


في المطبخ كانت سهام تتحدث بعيون متسعة وفم مفتوح وهي تقول لاختها

 " والله افتح راسها هي وعريس الغفلة نصين ، هما مين عشان يقهروا قلب اخوي " 


ردت عليها هويدا وقالت

 " ايوه عنديكي حق يا حبة عيني عليك يا خوي واقع ومحدش حاسس بيه ، الكل قاعد يدبح فيه وهو حاطط بقلبه وساكت مش بعيد يطلبوا منه يزفهم كمان " 


فار الدم بعروق سهام قائلة بغضب 

" لا عاش ولا كان الي يقهر اخويا ، ليه هو احنا لاجينه بالشارع اياك ، دنا اجوزوا ست ستها " 


ردت هويدا عليها 

 " ركزي معايا بقولك الواد بيحب البنت ، ندور ليه على غيرها ؟ ، وبعدين اميرة منا وعلينا اخرتها معروفة نجيب واحده غريبة  تغيظ و تكيد فينا ليه؟ وكمان مش يمكن الغريبة دي تقلبه علينا و تعصيه على امه " 

برقت سهام بعينيها وهي ترد

 " وهنعمل ايه دلوجيت " 


اقتربت هويدا منها أكثر متحدثة بصوت منخفض " احنا هنسعى لنقربهم من بعضيهم و مش هنخلي اميرة تسيب البلد غير و دبلة حسام بايديها " 

سألت سهام  

" وهنعمل ايه في خطيبها " 

ردت هويدا على أختها 

 " هنخطفه و نغرقه بالترعة  ، ما تشغليش عقلك يا سهام لازم نفرقهم ونطفش العريس وكمان احنا لازم  ننضم لفريق سمية مرات خالك ، ونسيطر بعدها على عقل خالتك ام سعاد وبكده هنخلص  منه " 

نظرت  سهام لاختها وقالت

 " هو انا ليه خفت منك دلوجيت مالك جلبتي على شغل ريا وسكينة  " 


ضربتها هويدا على كتفها  وقالت 

" ايوة خافي امال ايه هو حسام قليل عندينا ، دنا هركب قرون الشيطان و ااتشقلب بكل المؤامرات اللي مرت بالدراما التركية والعربية والهندية  لو لزم الامر لحد ما اجوزهم ، حتى لو وصلت الحكاية هحطله نقط السم بالاكل بس دا مينفعش غير بالسقاط" 

ردت سهام بتلقائية وبلاها و فم مفتوح

 " هي اميرة حامل " 

ردت هويدا بسرعة صدمتها مما سمعته

 " حامل ايه يا ختي انتي عايزه خالك يطخك ، بصي ركزي معاي و سيبك من الطبخ اللي قضى على عقلك ، فتحيلي عينيكي و نضفيلي ودانك مش عايزة عته دلوقيت ، ورانا مهمة وعلينا نخلصها لنخلص عليهم " 

………

بالخارج و بعد ان كرر احمد اتصالاته المتتالية ردت اميرة عليه  ليبدأ هو اعتذاراته من اللحظة الاولى قائلا " ماكنش قصدي والله ، انتي عارفه اني بغيير عليكي وخصوصا من حسام لانه حاطط عينيه عليكي ، انا عارف انك مش بتبدليه نفس الشعور بس هو مش بيعتبرك اخته ده والله بيحبك وحاطط عينيه عليكي ، انا مش بتحمل و بتجنن اما  يكون قريب منك " 

ردت اميرة بعصبية وقالت 

" صدقني يا استاذ احمد الموضوع بعيد عن حسام و عن غيرتك و كلامك اللي ملوش اي اساس من الصحة ، انا قولت ليك اني مش مرتاحه وكل ما اصلي اتخنق اكتر ، عارفه ان الموضوع طول بس بجد ده دليل اننا مش من نصيب بعض " 

حاول أحمد ان  يقنعها بإعادة التفكير والصلاة على وعد ان لا يضغط عليها  ، ولكنه بحديثه و اصراره هذا كان قد ضغط عليها فعليا لتتحدث بقوة " اسفه مش هفكر ولا هصلي الموضوع بالنسبة ليا منتهي لو احتاجت حاجة تقدر تتواصل مع بابا السلام عليكم "


اغلقت المكالمة من جديد دون ان تستمع لحديثه الذي بدأ بالفعل ثم فتحت الاعدادات لتعيد الحظر من جديد قبل ان يكرر اتصالاته . 


و بحالتها تحركت لتذهب إلى الحمام لتتوضأ  ، لمحت بسيرها وقوف حسام جانبا عادت كلمات أحمد لتتكرر بإذنها وهو يقول لها 

" حسام عينه عليكي، مش معتبرك اخته ، ده بيحبك " رفعت عينيها لتنظر له بصمت كبير و استغراب من حالته الحزينة فشعوره انها كانت تحدث أحمد لتبدأ حياة جديدة معه كان يقطع فؤاده .

…………


مرت عدة ساعات أنهت العائلة تناولها لطعامهم الشهي ليجتمعوا بعدها في المجلس الكبير وهم يشربون الشاي 


تحدثت أم سعاد وقالت

 " الله يا هويدا تسلم ايدك علي الرقاق باللحمة انا بيتهيألي مكلتش غيره من حلاوته" 


ضحكت الأم سميه وقالت

 " آمال مين خلاص طاجن الباميه يا بهية  " 


شاركهم جمال الضحك 

 " بصراحة و انا خلصت طبق البامية الي كان قدمي وطبعا بجانب الرقاق باللحمة " 


ضحكت أم حسام بفرح 

  " صحة وعافية على جلبكم مع اني زعلانه من أميرة  دبحتلها الديك الشركسي مخصوص عشانها وبردك مكلتش منيِه "


ردت اميرة  على عمتها وهي تطعم ندى 

" حقك عليا يا عمتو والله ، بس كانت لحمته غامقه قوي وأنا مش بحب غير الفراخ البيضة بصراحة "


حزنت أم حسام و ردت عليها بضيق

 " الفراخ البيضا دي مش بتروم العضم ، دي كلها هرمونات وحقن وأمراض يااامِه "


رد الحاج جمال على اخته ضاحكا 

" براحه يا اختي مش للدرجه دي ، انتي كده هتكرهينا فيها واحنا ملناش غيرها بالقاهرة ، وبعدين ده حال كل الشباب بكرا تتجوز وتاكل كل حاجة زي اخوها "


لم تتقبل أم حسام  ما قاله اخيها لتتحدث رادا عليه " بس دي بت يعني هتتجوز وتشيل مسؤولية وحمل و ولادة وجري ورا العيال ومطبخ وغسيل ، منين هتجيب صحة لكل ده لازم تتغذى كويس " 


ضحكت أميرة وقالت لعمتها 

"  بعد الكلام ده انا اعتزلت الجواز هقعد عند اهلي كافيه خيري شري  "


ضحكت عمتها ام سعاد عليها 

" او يجيب لك شغاله تساعدك " 


تغيرت ملامح أم حسام  و ردت بغير رضاء

 " دلع بنات ماسخ ، بكرا يا عمتي  تفتكري كلامي وتندمي على  الايام دي"


دخل حسام عليهم المجلس وهو يعتذر عن تأخره وعدم انضمامه معهم على الأكل  بسبب ضرورة تواجده على رأس العمال ، دخل من بعده  زوج سهام و يتبعه زوج هويدا وهم يلقون السلام على من بالمجلس 

وقفت سهام و قالت

 " ولا يهمك يا خوي  كلنا اهل مفيش حد غريب ، حمدلله على سلامتكم هقوم احضر ليكم الاكل اكيد تعبانين "


رحب الجميع بازواج البنات الذي من النادر رؤيتهم بسبب كثر انشغالهم بعملهم  ، جلس حسام بجانب هويدا و هو ينظر لندى التي كانت تاكل في حضن عمتها .

 مالت على اخوها  قائلة 

 " جيت بوقتك تبقى القليل وامك تمسك برقبتها" 


استغرب من كلامها حاول أن  يفهم ما حدث وهو ينظر على امه و لكنه لم يفهم ، طلبت أم سعاد من اختها " الفطير المشلتت " ، لترد ام حسام وهي تعدهم ان يفطروا غدا به

 تحدثت سميه و قالت

 " متغلبيش نفسك خدي راحتك الدنيا مش هطير" 


ردت أم حسام " متخافيش عليا البنات بيساعدوني" 


وابتسمت وهى تنظر لحسام قائلة

 " بكرا حسام ابني يتجوز ومرته تريحني على الاخير ، اصل هنا عرايسنا مش زي اي عرايس شاطرين على الاخر بيعرفوا يعملوا كل حاجه ينظفوا ويهتموا بأزواجهم ويعجنوا ويطبخوا"


ظلت أم حسام تشكر في بنات بلادهم وعائلة زوجها  وأصالة نسائهم بشكل زائد عن الحد ، نظرت أميرة بحزن تحركت به وهي تقول لندى " تعالي اغسل لك ايدك وبوقك   "


وخرجت وهي تستمع لعمتها بهية

 " انتوا بقي بتجوزو الولاد طمع في مساعدة زوجاتهم ، بصراحة كان الله بعون بناتكم احنا عندنا البنت بتتجوز عشان جوزها يهنيها ويسعدها ويريحها " 


غسلت اميرة يد ندى التي ركضت للعب مع  أيمن ومصطفى و كامل و حسن اولاد سهام وهي سعيدة انهم عادوا من المزرعة نادتها عمتها  وقالت " براحة وانتي بتجري لتقعي " 


وقفت في مكانها متنهده بضيق فكرت قليلا لتتحرك ذاهبة للمطبخ كي تعد لنفسها فنجان قهوة  و تأكل بجانبه قطعة السينابون التي لم تستطيع أكلها قبل الغداء 


كانت ضائعة بافكارها و الضيق الذي ملأ صدرها  كلما تردد كلام أحمد لمسامعها خرجت من المطبخ وهي تتذكر ما قالته عمتها عن أحلامها بعروسة ابنها 


 أتت لتعود للمجلس كي تشاركهم جمعتهم ولكنها غيرت طريقها على اخر لحظة و خرجت من المنزل لتجلس على قواعده الإسمنتية الملتصقة به من الخارج .


شردت وهي تنظر نحو الأطفال امامها وهم يلعبون ويركضون خلف بعضهم 


و بالداخل و في المجلس الكبير كان حسام يأكل بجانب أزواج أخواته البنات وهو يستمع لحديثهم مع خاله بعين ظلت عالقه على الباب منتظرا عودتها. 


انتبهت أمه على نظرته التي طالت وتكررت أكثر من مرة ليبدأ الشك يختلط باليقين داخل قلبها ، وبعد صلاة العشاء استأذن جمال ومن بعده زوجته كي يناما مبكرا ، سألته ام سعاد عن عمرو و زهرة ليرد جمال عليها 

" هما كويسين مش بحب اضغط عليهم بالاتصال عشان الناس رايحه جاية عليهم  و انا بنام بدري" 


سألته باهتمام 

" طيب هو عامل ايه مع مراته "


رد جمال " بقولك مش عارف اكلمه تقوليلي موضوع مراته اعرف منين انا وضعه معاها " 


ردت أم حسام وقالت " معك حق يا خويا الأيام الأولى بتبقى صعبة كتير ، ادخل نام و ريح  انت بتصحى بدري زينا  و متنساش  بكرا هنلف على الحج ابو صلاح والحجة الكبيرة دي هتفرح بيكو كتير "


رد اخوها عليها وقال 

" إن شاء الله وكمان عايز ازور الشيخ محمد الاكرم من زمان يا دنيا مشفتهوش كان بيزور ابنه بالقاهرة واشوفه هناك"


ردت أم حسام بسرعة وقالت 

" يوه هو انت مدريتش انه مات "


رد جمال متأثرا 

" لا حول ولاقوة الا بالله امتى ده يا اختي انا لسه مقابل ابنه من قيمة شهرين  واحنا بنصلي الجمعة وبعتله السلام معاه "


ردت عليه " ما هو مكملش شهر على وفاته "


قالت  سمية " يبقى  العزاء واجب لأهل بيته "


تحدث حسام 

 " كنا عايزين نخرج بكرا و نروح متحف النوبة ونركب مركب بالنيل ونلف شوية "


نظر جمال لابن أخته وقال

" لا يا ابني انا مش قد لف وتنطيط خلاص هناخد زمانا و زمن غيرنا ، بس لو مرات خالكم هتروح معاكم انا معنديش مانع "


ردت الأم سميه 

 " لا مرات خالهم مين هو انا قد لف وتنطيط بردو "


تحدثت أم حسام وقالت 

" يبقى خلاص نلغي متحف النوبة وكمان  منين خرجت الفكرة دي هما سياح عشان يروحوا المتحف ده هم أهل البلد وراحوا زمان معنا ايام المرحوم "


صمت ليفكر كيف سيخرج من هذا المأزق ؟  لتأتي   هويدا التي انقذته متحدثة

 " لا ازاى انا عايزة اروح اتفسح و كمان ندى و  اميرة مرحوش هناك قبل كده ، عيب يوصلوا حدنا من غير منوجب معاهم ونفرجهم على اماكنا الحلوه"


ابتسم وجه حسام وهو يؤكد على ما قالته اخته، وقف زوج سهام وقال

 " اسمحولي اطلع بيتي حاكم اليوم كان شديد جوي "

تحركت سهام خلف زوجها وهي تقول له

 " وماله يا اخويا انت تعبان من الصبح وحقك تنام وتريح "


خرج لتخرج سهام خلفه ، و من بعده قام  زوج هويدا وقال لها " يعني هو تعبان وأنا لا " 

ضحكت  هويدا مجيبة على زوجها

" لا انت حلال فيك السهر استنى شويه كمان ونطلع سوا "

حك شعره  وهو يقول

 " هسقط منك والله وبعدين متجيش ورايا أنا هنام لوحدي راسي مصدعة خلقه "


نظرت له هويدا بنص عين وقالت

 " تسلم ياغالي عارفة انك عاوز راحتي مع اهل امي اطلع انت نام دلوجتي و خلي الليلة تعدي على خير يا عسلي "


ضحكت أم سعاد علي طريقة هويدا مع زوجها  وقالت له " يعينك يا ابني على اللي انت فيه ، دنا خفت عليك منها والله " 


رد حسنين  " عشان تعرفوا الي انا في" 


تحدثت هويدا بغضب 

" وايه اللي انت فيه يا حسنين" 


اقترب منها و قبلها من  رأسها  قائلا

 " اقصد العسل الي انا فيه " 

و نظر للبقية  وقال 

" و دلوجيت  المفروض اهرب قبل ما تجلب تاني  والليلة تصبح مرار ، بالاذن يا خاله بالاذن منكم كلكم " 


ردت هويدا وقالت له 

" اصيل يا حسنين شوف ايمن وخده معك بطريقك يمكن عاوز ينام هو كمان ينوبك ثواب فيا "


ردت أم سعاد بصوت منخفض   

" شكلها قوية على جوزها مش زي اختها خالص "


سمعتها أم حسام ابتسم و جهها  

 " واي جوية شويه ويهرب منها ومن ابنها " 


وبعد دخول الحاج جمال غرفته تارك أمر الفسحة لابنته وأبناء أخته تحرك حسام وخرج هو ايضا  خلف حسنين  و لكن ليس للنوم وانما للبحث عنها وهو يستغرب من اختفائها 


وجدها جالسة في الخارج تشاهد  لعب ندى مع حسن ابن سهام الذي كان الاقرب سناً لها اقترب منها متسائلا

 " بتعملي ايه هنا هربتي منهم وله ايه "


ابتسمت أميرة وهي تجاوب عليه

 " الهوا هنا  جميل وهادي و الخضرة بليل ليها جمال مختلف" 


جلس بجانبها  بعد ان ترك مسافة لشخصين بينهم مجيبا عليها و هو ينظر  للمزرعة 

 " عندك حق انا عرفت قيمة الهدوء ده اما سفرت عندكم الكام اسبوع دول "


لم ترد عليه كانت تنظر  لندى بصمت ،  تحدث مرة أخرى  ليسألها " هو في حاجة مزعلاكي  او حد ضايقك بحاجة" 


نظرت له وقالت " لا والله مفيش، ده كلهم يتمنوا لينا الرضا نرضى ده احنا تعبناهم كتير والله"


رد عليها " لو متعبوش ليكم هيتعبوا لمين ، هو احنا عندنا اغلى منكم" 


تحدثت اميرة بصوت ضيقها و تأثرها بكلام عمتها 

 " عقبال عروستك اما تتعب هي كمان لحبايبكم وقرايبكم " 


استغرب ردها ابتسم بقوله

 " و مين قالك اني هتعب اميرتي " 


خجلت من عيونه وصوته المليئ بالحنان ، ردت بنفس ضيقها " ربنا يسعدك وتلاقي بنت الحلال اللي تستهلك بس بجد يا حسام حاول تختار بقلبك مش بعقلك " 


شعرت انها تمادت بالكلام حاولت توضح قصدها لتتحدث مرة اخرى  

 " انا قصدي بقلبك يعني اللي تريحك انت و تخاف عليك انت وتسعدك عشانك مش عشان اهلك ، واحدة تفهمها وتفهمك من الطبيعي تساعد مامتك بحب ولكن ميكنش اختيارها على مقاييس دولية زي الاكل والغسيل والنظافة "


ضحك حسام و قال

 " انا كدا فهمت اكيد ماما اتكلمت قدامكوا عن أحلامها باختيار خدامة حياتي "


حزنت أميرة وقالت بعتاب

 " ازاي تقول كده على اللي هتتجوزها "


تحدث مجيبًا بنبرة دفاعية

 " لا مش قصدي انا بتريق على مواصفات امي اللي لا تصلح غير لشغالة كويسة يكون معاها شهادة جودة من كبرات البلد ، بس  ده مش مفهومي ولا دي طريقة تفكري لشريكة حياتي او اميرتي زي ما قولت ليكي في أول كلامي ، بس بصراحه انا اوقات بلتزم الصمت قدام امي عشان مزعلهاش فمستحيل اقدر اقنعها بمعتقدات مختلفة عن اللي اكتسبتها و عاشت بيها سنين وسنين ، يعني هي ضحية لثقافة مجتمع ظالم للمرأة القروية اللي كل المفروض عليها انها تعطي من غير مقابل ولا حقوق حتى بالكلمة الحلوة "


ردت اميرة وقالت

 " او تبقى كل هدفها ترضي اهل جوزها وتنال الكلمة الحلوة من الجميع وكأنها هيتعلق ليها نيشان على مجهودها الغير عادل ده "


هز رأسه قائلا لها 

" مع الأسف بيبقى اوقات برضى البنت الصغيره اللي كل حلمها تفرح اهلها وترفع راسهم بسمعتها وكسب رضا حماتها واهل جوزها ، بس عارفه انا  اعتقد  ده بسبب ان أغلب أهل  القرى الكبار بالسن  بيكونوا مش متعلمين وأولادهم بنسبة كبيرة بيكونوا زيهم بيهتموا  بالغيط و الزراعة و تربية المواشي  والبنات  في البيوت، تنضف وتغسل عشان كدا أقصى تفكيرهم وطموحاتهم الاكل والتوضيب والعمل بدون رحمه ليهم و لغيرهم "


ردت اميرة وقالت

 " انا مش ضد ان البنت تساعد اهل جوزها وانها ترضيه فيهم وباهتمامها بيهم ، بس اتمنى جوزها يقدر ده و يعوضها عن تعبها بحبه و حنانه "


ضحك حسام ساخرًا من القدر 

 " لا مش زي ما انتي بتحلمي ده بعد كل اللي بتقدمه ليهم  بيروح جوزها يتجوز عليها واحدة صغيرة بأكتر من حجة ، فبعد ما يهلكها يسيبها للعيال ويجيب غيرها  والمصيبه ان الكل  بيديله الحق بده "


صمتت عن مشاركته الحديث ليكمل هو 

 "  بس ده زمان قوي قوي دلوقتي الدنيا اتغيرت حتى في بيتنا هنا برغم شدة امي إلا ان التعليم كان عندها اهم حاجة ، وبحجة تعليم اخواتي كانت تجيب بنات مستأجرين يساعدوها بخدمة البيت لانه كبير قوي عليها لوحدها "

لم تقتنع  اميرة لترد وكأنها تسخر من كلامه

 " اللي يسمعك يقول بتتكلم عن حد تاني غير عمتو  ثنية ، دي حرمت الأجهزة الكهربائية عليها وعلى بناتها عايز ايه اكتر من كده "


ضحك وهو يحاول أن يراودها بغضبها قائلا

  " طب هقولك على سر بس هيفضل بيني وبينك "


نظرت له باستغراب وقالت " سر ؟ "


ضحك اكتر وقال " مش سر عادي ده سر حربي كمان هههههههه ، هقولك انتي عارفة  البت هويدا الي بتعمل بيتزا وسينابون مفيش اجمل منه  دي عندها عجان كهربائي انا جبته ليها من سنتين بعيد ميلادها عشان ترتاح من نق امي على تعليمها للعجن ، و كمان عندها جهاز عمل الزبادي البيتي  وغسالة اطباق وجهاز لفرد الفطير وغيرهم كتير ، بصراحة أنا كنت اشتريهم ليها هي وسهام عشان يرتاحوا من الشغل الكتير "


ردت وقالت " وعمتي عملت ايه " 


ضحك وقال " مش قولتلك سر حربي ، بصي أنا كنت هكلمها وهتزعل يومين وبعدها ترجع تاني ولكنهم عايزين يفرحوها ويظهروا قصادها انهم بيعملوا اللي هي عايزاه  ، تصدقي دي بتفرح أوي ان سهام بتعمل عصير برتقال طبيعي كمية كبيرة في وقت قياسي ، وكمان هما مبسوطين بده و مخبينهم  في غرفة للتخزين مقفولة محدش بيدخلها غيرهم " 


وبنفس تعابير وجهها المندهشة قالت " ربنا يعينهم وضعهم غريب شوية وكأننا رجعنا بالزمن سنين وسنين "


رد عليها  " زي ما قولت ليكي هما بس عايزين يفرحوها ويرفعوا راسها بالعيلة انتي عارفه والدي اتوفى زمان واحنا صغيرين وهي تعبت معانا كتير ومقصرتش بتعليمنا و تربيتنا ، اتقدم ليها عمي الكبير وعمي الاوسط عشان يتجوزوها ويراعونا  كعرف من أعراف بلدنا ولكنها رفضت و اتحملت مسؤليتنا بظروف كانت صعبة على الكل عشان كده هما مش عايزين يزعلوها "

……..

و على الجانب الاخر بالداخل كانت ام سعاد قد اختنقت من كلام اختها وهي تعد لها عدة بنات من عائلات مختلفة تحاول ان تختار من بينهم لابنها وفقا لمواصفاتها وكأنهم أجهزة تختار الأفضل عملا و عمرا بالاستخدام  ، عارضتها بأفكارها ولكن ام حسام لم تستمع  لها ، وقفت ام سعاد وهي ليست راضية عن الكلام 

 " أنا هروح انام قبل ما تقضي عليا أنا كمان ، بجد ولا كأننا من ام واب واحد " 


وبعد أن ذهبت اختها للنوم  نظرت ام حسام لابنتها هويدا وقالت

 " هو فين حسام يابت مش ظاهر ليه ، ليكون نام هو كمان " 


غمزت هويدا لها مجيبه

 " صباح الخير يمه هو انتي لسى فايجة على ابنك دلوجتي "


استغربت الام مما سمعته بل ومن سحب هويدا لها صاعدة بها درج الدور الثاني مقتربة بحذر  من نافذته التي  تطل على المزرعة امام البيت وهي تشير لها بعينها قائلة

 " ضيعتي وقت كبير يمه وانتي بتدوري على عروسة لابنك ،  بس بعد دلوجيت  ملهوش لازمة اللي انتي بتعمليه ابنك اختار عروسته بنفسه " 


نظرت الأم لابنها وهي تراقب سعادته وضحكه وفرحته وهو يتحدث  مع من اختارها قلبه ، ردت على ابنتها وهي تنظر لها

 " من ميتى حصل الكلام ده ، وليه اني اخر من يعلم "


نظرت مرة اخرى لجهتهم وأكملت بحسرة وقالت " اخ يا ابني مش لاجي غير القاهروية " 


ضحكت هويدا معقبه على كلام امها

 " من فات قديمه مات يمه ، اما هي  قهروية و انتي كنتي من فين "


ردت ام حسام وقالت بقوة

 " انتي متاكده يابت ، مش يمكن بيتهيألك " 

نظرت هويدا لجهة أخيها وهي ترد على امها

 " فرضنا اني أنا بيتهيألي ، اومال ايه اللي احنا شايفينه ده "


ردت ام حسام بفرح

 " اهو جام وسابها ، مفيش حاجة من اللي انتي بتجوليه "


ابتعدوا بسرعة عن النافذة و الدرج كي لا يراهم حسام ، تحدثت امها وهي قريبة بانحناءها من الأرض " اخ منك شايفه عملتي فينا ايه ، اهو الواد دخل ينام وسابها ، بس انا غلطانه اللي مشيت وراه ام عجل خربان زيك   " 


سمعوا صوت خروج حسام من المنزل مرة أخرى ، اسرعوا بوقوفهما لينظرا نحوه من النافذة ليجدوه عائدا إليها وهو يضحك بوجهها رافعا بيده كيس ورقي عائد لمحمصة كبيرة للسوداني الأسواني ، اقترب و أعطاها  لها وهو يقول " مينفعش تكوني ضيفة عندنا ومتكليش السوداني المملح  بتاعنا "


اخذته منه وهي تمد يدها داخلها به لتبدأ تذوقه مستمتعة بطعمه ، سعد بفرحتها وضحكتها لدرجة لم تجعله ينتبه لشكرها و تحدثها معه و انه كان من المفروض أن  يرد عليها على الاقل

 " بالهنا والشفا " 


غار قلب أمه   نغزت هويدا بيدها وقرصتها بقوة وهي تسألها 

" هما بيقولوا ايه ، ماله الواد سهم كده ليه" 


أمسكت هويدا يديها وهي تقول بصوت كاد أن يكون مسموع  

" وانا مالي يمه بتقرصيني ليه دلوجيت "


وبقوة نظرت امها لها واضعه يدها على فمها لكي تصمتها ثم عادت لتنظر لزوج الكناريا مرة اخرى   .


نادت اميرة  على ندى وحسن لتعطيهم  من السوداني  ، لا زال سعيد بقربه منها و جلستهم مع بعض و فرحتها بالسوداني  الذي اشتراه لها  و هو عائد من عمله ، أصبح من فرحته لا ينتبه على من حوله ولا حتى على يدها التي مدت له كي تعطيه هو ايضا من السوداني .

نادته لتنبهه " حسام "  فتح يده ليأخذ منها وهو لا زال  شارد بعيونها مما اخجلها واوقف طعامها بحلقها أكثر من مرة  .


لم تتحمل ثنية رؤية  ابنها الوحيد بهذه الحالة نظرت   لهويدا وقالت " الواد باينه مسحور قاعد مبحلج فيها وكأنه اول مره يشوف بت قدامه " 


وبرغم تحذير ومنع هويدا لامها الا انها تحركت  ونزلت الدرج ذاهبة إليهم وهي تنادي على حسن  

" يلا  يا ولدي عشان تنام اخواتك سبقوك من بدري " 


ألتفت حسام و نظر على امه قائلا

 " لسه بدري أنا معاهم ، شوية وندخل كلنا "


ردت امه عليه بغضب 

 " لا مفيش شوية ، يلا يا أميرة انتي كمان يا بنتي ادخلي ريحي والصباح رباح تبجي تطلعي تتشمسي براحتك ، احسن ما تاخدي برد وتتعبي"


تحركت اميرة بخجل وقالت 

" حاضر يا عمتو مع انه مليش نفس انام  حتى بفكر اشوف هويدا تسهر معايا شوية " 


ردت عمتها من جديد و قالت بحده

 " لا هويدا مين اللي تسهر الوقت اتاخر ادخلي نامي دلوجيت وبكرا اعملوا اللي عايزينه  " 


و علت صوتها أكثر لتسمعها  أبنتها التي تستمع لهم من على الدرج 

" اصلا هويدا طلعت لبيتها عشان تنام انتي عارفة جوزها رجع متأخر ولازم تهتم بيه " 


خجلت أميرة وقالت " عندك حق خلاص انا هدخل انام عشان نصحى مع بعضنا بدري " 


رد حسام عليها

" لو عايزة ممكن تسهري على التلفزيون وهو كمان بالمجلس جنب غرفتك و وقت ما يجيكي نوم ادخلي نامي "


ردت أميرة عليه

 " لا تلفزيون ايه مليش طولة بال ليه ، أنا هدخل انام احسن " 


و نادت على ندى وأخذتها و تحركت بها للداخل ، نظر حسام لأمه وهو يبتسم قائلا 

" يلا ننام احنا كمان " 


و تحرك  ليدخل لمح كيس السوداني ابتسم وجهه من جديد و تحرك ليعود لأخذه وهو طائر من الفرحة التي صدمت امه محاولة تكذيب ما استقر بقلبها. 


و عند دخولهم للمنزل استأذن حسام من امه و ذهب لغرفته وهو يقول

 " تصبحي على خير يا ست الكل " 


اعتقد ان اليوم  انتهى بهذا القدر فلم يكن يتوقع دخولها عليه بعد وقت قصير وهي تقول 

" بقولك ايه يا حسام انا  عايزة افرح بيك " 


ابتسم لها 

 " بيا  وله فيا أصل تفرق  بالمعايير بتاعتك " 


ردت امه وقالت " ولا معايير ولا بطيخ ، انت بتضحك عليا وبتسكتني كل مرة ولكن المرة دي مش حسكت لازم نختار عروسة من اللي انا قولتلك عليهم  ، وله انت عنديك عروسة عايز تجولي عليها " 


ارتبك حسام بجوابه " انا نعسان وعايز انام "


 و تحرك ليصعد فراشه مكملًا كلامه 

" حتى انا نمت كمان بصي "  و رفع الغطاء عليه 


وبعين قوية ردت امه عليه 

 "  طيب نام دلوجتي والصباح رباح نخلص موضوع اميرة وافوق ليك " 


انزل الغطاء  من على وجهه و هو يرد عليها باهتمام متسائلا " هتخلصوا الموضوع ازاي ؟" 


صدمته وقالت " هكلم مرات عمك  صلاح عشان تيجي و تخطبها للواد جميل ماشاء الله كبر وصار عريس "


رفع الغطاء من عليه و جلس على ركبتيه وهو يستمع لأمه " طبعا محدش يقدر يرفض جميل أدب وأخلاق وأراضي لو عندي بت تالته كنت مترددتش للحظة أنها تكون سلفة لأخواتها "


بلع حسام ريقه وقال لأمه

 " بصي يا امي طلعي الموضوع ده من دماغك وأصلا جميل مش حيقدر يطبع مع اميرة بنت خالي الاثنين مختلفين تماما " 


عاندت امه معاه وقالت

 " متقلقش لو مكنش جميل هيكون فؤاد ابن عمتك متعلم وصاحب شهادة وأراضي المرة دي مستحيل ترفضه "


رد حسام بعصبية 

 " خير يا ام حسام مره جميل و مره  فؤاد متهملي البت بحالها ،هو حد طلب منك تجوزيها" 


جلست امه و ربعت على الفراش أمامه وهي تنظر له واضعه يدها على ركبتيها قائلة بقوة و صراحة 

" أخبرني يا ولدي أنت راغب بأميرة  بت خالك" 


انصدم من سؤالها صمت لتكمل امه سؤالها

 " لو ليك رغبة فيها جولي من الحين ولو ما لك رغبة بجوزها من ولاد عمك ونرتاح منها " 


ابتسم حسام وقال " ترتاحي منها ؟" 


ردت بعصبية 

" هتتجوزها وله اجوزها بمعرفتي "


ابتسم اكتر والفرحة ظهرت ولمعت بعينه و وجهه الذي انار ليكون خير من مائة جواب ، وأمام انتظار امه الرد منه تحدث قائلا 

" بس أنا عايز أكلمها في الموضوع ده  بنفسي الأول عشان يكون ليها حرية التفكير بعيد عن أي ضغوط ، بس هنتظر موضوع العريس يخلص عشان حرام نخطبها على خطبة خطيبها وبعدها لو في نصيب هتكلم أنا معاها " 


ردت أمه وقالت " وايه اللي حرمه انت هتخترع دين جديد ولا ايه "

لم يعد قادرا على إخفاء ضحكته التي رد بها على امه قائلا " ولا اختراع ولا حاجة سمعت شيخ الجامع كان بيقول بخطبة الجمعة أنه مينفعش خطبة المخطوبة " 


ردت امه وقالت 

" من بعد الحين عليك تسليك ودانك وتغسل عقلك كويس قبل ما تروح خطبة الجمعة عشان كدة هتودي نفسك وتودينا بطريق مش مليح ، البت لسه ما مردتش عليه ، يعني مش مخطوبة ولو مخطوبة كانت هتبقى بالحالة دي حرام "

 

فرح حسام اكثر و تحمس قائلا لامه

 " مدام مش حرام  خلاص يبقى هفاتحها بكرا بالموضوع ده ، أصلا احنا رايحين النوبة وهناك هكلمها " 


تحركت امه و وقفت أمامه وهي تقول

 " خد هويدا اختك معاك ، ميصحش تروحوا لوحديكم البلد هتاكل وشنا ، وكمان اتقل شوي ما تعصبنيش أكثر منا متعصبة  " 


ضحك حسام و لم يستطع  ان يكون كما طلبت حين قام وحضنها بقوة من سعادته التي شعر بها بمجرد اخراج ما بقلبه لامه التي فرح قلبها رغم تخوفها من القاهروية ، لتحدث نفسها فور خروجها من غرفته  

" شكلها وقعة مربربة ، القهراوية وآكلة عقله  راحت عليك يا ثنية يا فرحة اهل البلد فيا "


لم يستطع حسام النوم من سعادته كانت فكرة انه سيحدثها محتلة تفكيره و جعلته متوتر يفكر بأكثر  من سيناريو ليبدأ تحدثه معها في أمر خطبته لها .


نام اخيراً بوجهه المبتسم ليستيقظ بعدها بساعات على صوت امه وأميرة وكلام غريب عن الفطير المشلتت و الست الشاطرة والنظافة وأمور مختلطة ليست لها صلة ببعضها ، اعتقد انه لا زال يحلم بها فتح عينيه حين شعر للحظة انه ليس حلم وأنه بالفعل يسمع اصواتهم وهذا ما  تأكد منه عندما خرج من غرفته منصدما بوجودهم في المطبخ .

 لم تصدق عينيه وهو يراهم بهذه الحالة بعد ان قررت أمه تعليم اميرة عجن الفطير المشلتت  لتخرج أول كلماته بنبرة صعيديه اصيلة  

" بتعملي ايه يمه ، و فطير ايه اللي قبل شروق الشمس "


ابتسمت أميرة  من حالة وجهه وشعره الغير مرتب مكان نومه وكلامه الصعيدي الذي كان أول مرة تسمعه منه  ، ردت امه وقالت 

" بنت اخويا وعايزة اعلمها لتكون اشطر بنت بالبلد العلام مش عيب ، وله ايه يا أميرة " 


ردت أميرة على عمتها وقالت 

" عندك حق يا عمتو وليه لأ نتعلم النهاردة الفطير عشان تكون آخر تجربة ليا بالعجن لأن إيدي اتقطعت و لسه مخلصناش " 


غضبت عمتها وقالت لها 

" آخر تجربة ايه ، انتي لازم تتشطري لأما هنتفضح بالبلد " 


نظر حسام لامه قائلا بسرعة 

" نتفضح ايه يمه ، وبعدين خليها براحتها مش المهم الكل يبقى شاطر بنفس الحاجة وزي ما عمتي بهية قالت ، هي بتعمل حاجات أهل البلد ميعرفوهاش " 


ضحكت أميرة وقالت 

" لا حرمت خلاص أنا اعتزلت المطبخ خالص" 


وبغيظ وغضب وضعت ام حسام المزيد من الزبدة على العجين وهي تقول

 " امزجيهم وبطلي كلام ماسخ " 


نظرت أميرة للعجين وقالت بحزن وتعب 

" انتي حطيتي تاني ليه يا عمتو مش قولتي اللي قبلها هتكون الأخيرة " 


ردت ام حسام وقالت

 " عشان تشغلي ايدك وتبطلي دلع بنات القاهروية " 


خرج حسام من المطبخ وهو غاضب اتصل على اخته سهام الماهرة بالعجن وهو يستنجد بها ، لترد عليه "  يا حبيبي معقول ده؟ ، ملهاش حق امي ؟، ازاي تتعب الحمامة بتاعتنا بالمشلتت؟ " قالتها سهام وهي تقلد نبرة القاهروية 


غضب حسام أكثر وقال لها

 " براحتك  الكل بقى بيضحك ويتمسخر عليا وكلمتي مش بتتسمع ، اعملوا اللي انتوا عاوزينه سلام "


و بعد دقائق قليلة  وصلت سهام للاسفل و هي تركض للمطبخ تحاول أن تساعد امها وتأخذ العجين من يد أميرة ولكنها لم تستطع بعد أن أقسمت امها ان لا يعجن أحد غير اميرة لتكون ماهرة بإعدادها .


فرح الحاج جمال بالفطير الذي أعدته ابنتها ، سعدت  سمية وهي تميل على ابنتها  قائلة

 " الله ده جميل قوي وكمان مورق قوي " 


ردت أميرة على امها بصوت منخفض

 " فعلا جميل بس توبة بعد النوبة ايدي واكتافي مش حاسة بيهم " 


سعد  الجميع و شكر بفطير أميرة الذي اخذت ام حسام فطيرتين كبار منه و لفتهم بقماشة ثم أعطتهم  لأيمن ابن هويدا قائلة له

 " روح دار جدك  صلاح  و اعطي جدتك الفطير وجولها اميرة بنت خال امي هي اللي عملاه "

 ظلت تكرر وتحفظ ايمن الكلام أكثر من مرة 

ضحكت هويدا وقالت لحسام بصوت منخفض 

 " لو الأمر بيدها لتوزعه على البلد كلها " 

………..

تجهز الحاج جمال و زوجته كي يذهبوا ليؤدوا  الزيارات العائلية الواجبة عليهم ، و تجهزت هويدا وابنها واولاد سهام لتبدأ نزهتهم مع حسام الذي نظر لسهام وقال

 " متغيري رأيك وتيجي معانا "


ردت أمه وقالت 

 " ومين هيطبخ أما نخرج كلهاتنا " 


رد حسام على امه " نجيب أكل جاهز معانا واحنا راجعين مش غلبة يعني "

 

رفضت امه بقوة

 " و لا بحطه بفمي ، سيب اختك وروحوا انبسطوا وبكرا اما افرح بيك عروستك هي اللي هتقعد مكان سهام وهي تبقى تخرج مع أولادها "


ردت ام سعاد وهي ترتدي جواربها السوداء

 " الله يعين مراتك يا حسام دنا هصلي وادعي للغلبانة من دلوقتي "


 تحرك بضيق وخرج وهو يقول لهم

 " أنا هجهز العربية عشان اوصلكم انتوا الاول لبيت عمي وبعدها من هناك جميل هيلف معاكم انا اتفقت معاه على كل حاجة " 


أكمل خروجه وهو يستمع لمدح أمه في أخلاق جميل و انه لا يختلف عن اخوانه  أزواج بناتها  ، وصلا للمكان والفرحة تملأ وجوه الجميع  سعدت أميرة بجمال الآثار و المتاحف و الرسومات النوبية ، زادت فرحتها حين أصر حسام ان يركبا مركب صغير بالنيل .

وجد جانبا ثوب نوبي باللون الأزرق الزاهي للايجار ، ارتداه بعد أن أعطى الرجل حقه و فتح ذراعيه طالبا من اخته ان تصوره بهاتفه ، وعلى استحياء فتحت اميرة هاتفها لتصوره هي ايضا  .


حاولت هويدا طوال الوقت اخذ الاولاد والابتعاد عن حسام واميرة قليلا لتعطيه فرصة بالتحدث معها ولكنه لم يستطع فعلها حتى الآن خوفا من ردة فعلها الغير مضمونة 


تحدثت اميرة وهي مبهورة قائلة 

" الله  المكان جميل قوي وكأني بشوف البلد لأول مرة ، عارفة اننا  جينا أكتر من مرة قبل كدة بس بصراحة المرة دي جمالها مش عادي "


رد حسام وقال " عندك حق هي اتغيرت كتير عن زمان الاهتمام بالمتاحف والآثار أصبح ملموس بالسنوات الأخيرة خلاف زمان ايام ما كنتي بتيجي وانتي صغيرة"


ضحكت ضحكة ساحرة وقالت له " ‏عندك حق ده أنا هكتب فيها شعر اما ارجع "


رد حسام  " فكرتيني بصاحبي محمد كامل كان طالب معنا بكلية الهندسة كتب أيامها شعر جميل بأسوان من كتر حبي لكلماته حفظته ورددته كتير  "


و بخجلها المعهود أمام عيونه ردت عليه قائلة

 " انا كمان بحب الشعر قوي و أوقات بكتب حاجات صغنتوتة بدونها عندي بمذكرة خاصة بيا " 


و بدون تفكير طلب منها ان تروي عليه مما تكتبه ، احمر وجهها وهي تقول " لا يمكن اعمل كده اصلها خرابيش و كلمات بتخرج تلقائي " 


تشجع من انسجامها معه و ابتسامتها التي  ارتسمت على وجهها الخجول ليسألها دون مقدمات " صحيح يا اميرة هو انتي ناوية تعملي ايه في موضوع عريسك ، اصل الكل سكت و انا قولت يمكن اتوافق عليه ، بصراحة حاسس انك متعلقة بالموضوع ومش عايزة تقفليه بسرعة عشان متندميش اقصد يعني ان  العريس مناسب بالنسبة ليكي ولازم تفكري كويس  " أكمل آخر كلامه بصوت خرج بصعوبة منه 


لاحظت أميرة تغير في  ملامحه وهو يتحدث على عريسها و بخجل ردت عليه وقالت 

" لا مفيش تعلق ولا حاجة حتى انا رديت عليه بآخر مكالمة وقلت له انه كل شيء قسمة ونصيب و رجعت قولت لبابا بس كان بوقت متأخر  " 


فرح حسام 

" وأخيرا خلصنا منه ، بصراحة ده كان تقيل قوي قوي " 


استغربت من  ردة فعله وكلامه  الذي زاد خجلها وخاصة عندما سمعته يتحدث من جديد ليقول " تقبلي تتجوزيني ؟ "

 تفاجأت  مما سمعته ، حاول حسام أن يحسن من طريقة طلبه ليتحدث مجددا 

 " بصراحة انا كنت بنتظر ترفضي عريسك عشان اتقدم أنا ليكي ، وحبيت اعرف رأيك الاول قبل ما اكلم خالي يعني لو رافضة الفكرة بلاش ندخل الأهل ونحرجهم "


ردت  أميرة و قالت على استحياء

  " بس ده موضوع  مينفعش اقول راي فيه بدون معرفتهم " 


طار قلبه من الفرح وقال

 " يعني انتي موافقة اني افتح الموضوع مع خالي ، اقصد معندكيش مانع اني اكلمه " 


هربت بخجلها منادية على ندى قائلة

 " كدة بهدلتي هدومك " 


كان طائر من سعادته  فهي بهروبها هذا أعطته ضوء أخضر للتحدث مع والدها ، لاحظت هويدا فرحة اخيها اقتربت منه وهي تتمنى له السعادة طول العمر .

رجع الجميع بعد انتهاء هذا  اليوم السعيد لم يصبر حسام أكثر من هذا جلس بجانب خاله وهو يطلب منه أن يحدثه على انفراد قبل تناولهم الاكل ، استغربت أمه وقالت 

 " اصبر على خالك يشم نفسه من الخروجة و ياكل أكلة هنية وبعدها تكلموا زي ما أنتوا عايزين " 


وقف الحاج جمال وقال 

" لسه في نص ساعة زي ما سهام قالت ، نكون اتكلمنا براحتنا لاني مش ضامن نفسي بعد الغدا انا من دلوقتي هنام على نفسي" 


وفعلا دخلوا مع بعض بصالون صغير ليحدثه حسام بدون مقدمات طلبا منه يد ابنته على سنة الله ورسوله قائلا بآخر كلامه

 " هكون سعيد جدا لو وافقت على طلبي"


رد خاله 

 " احنا مش حنلاقي احسن منك يا ابني بس انت عارف موضوع العريس التاني ، استنى ارجع ليها هي ومامتها ونشوف رأي العروسة بس في كل الاحوال مش عايزك تزعل منا احنا اهل وحبايب وايا كان قرارها ده مش هيأثر على علاقتنا " 


رد حسام وقال " طبعا  طبعا يا خالي ازعل ازاي انا هحترم رأيها و رايكم طبعا ايا كان ، متحملش هم الموضوع ده كل شيء بالنهاية قسمة ونصيب " 


تجمع الجميع على الطعام نادت هويدا على حسام وخالها لينضموا لهم .


كان الفضول ينتاب ام سعاد لمعرفة ما تحدثوا به وخاصة عندما  رأت حالة حسام و سعادته ، وبعدما اكملوا وانهوا طعامهم دخلت الغرفة على الحاج جمال وسمية وقفلت الباب وهي تقوله

 " ما انت لو مقولتش ليا الواد ده كان عايز ايه  حطق واحتمال سكري يرتفع" 


رد جمال بحزن وقال

 " بعد الشر عليكي  يا اختي ، اعتقد انتي فهمتي صح  حسام طلب ايد اميرة وأنا مش عارف اقول ايه " 


ردت سمية وقالت

 " زي ما قولت ليك بنتي مش حمل حياتهم ،احنا نسحب نفسنا بكرا بحجة عمرو وزهرة ونرجع بيتنا ونقولهم الرد من هناك" 


ردت ام سعاد وقالت " قلبي كان حاسس، بس والله خسارة ده حسام عريس جميل كفاية طيبته وفرحته دي لا إله الا الله ، بس انتوا عندكم حق صعب البنت هتعيش عيشة مش متعودة عليها  " 


رد عليها جمال وقال " كدة اتفقنا نروح بكرا وبعدها بيومين نبعت ليه الرد ونقوله انها مش عايزة بالوقت ده وخاصة بعد العريس اياه واننا مش هنغصب عليها "


دخلت اميرة عليهم الغرفة وهي تعلم جيدا ما يتحدثون به  و لولا ندى كانت هربت و نامت في غرفتها كي لا تخجل أمامهم ، كانت تتوقع رؤيتهم سعداء مسرورين و لكنها انصدمت بكلام والدها لها حين قال 

" بصي يا بنتي حضري نفسك عشان راجعين القاهرة بكرا" 


و عندما سألته عن السبب قال لها

 " بصراحة حصلت حاجة مكنش نفسي تحصل، حسام ابن عمتك طلب ايدك للجواز وطبعا ده مستحيل نوافق عليه هو كويس وكل حاجة بس ليه اللي يناسبه احنا مش من توبهم ، ودلوقتي عشان عدم الاحراج  هنسحب نفسنا ونبقى نرد عليه بعدها بيومين "

ردت الام سمية دون ان تعطي احد فرصة بالرد وقالت " هو ده عين العقل ، اصلا الموضوع مفيهوش تفكير هو انا عندي كام بنت عشان افرط فيها  بجوازه زي ديه ، الحمدلله كانوا اتنين وربنا استرد امانته بواحدة ومستحيل افرط في التانية بالسهولة دي "


توقف قلبها عن النبض السريع واختفى شعورها الجميل الذي ملأ داخلها وهي ترد عليهم 

" اللي انتوا شايفينه صح اعملوه ، اكيد مش هعارضكم بحاجة زي دي "


اقتربت عمتها ام سعاد منها وحضنتها وهي حزينة " ربنا يحفظك بعقلك يا بنتي ان شاء الله بكرا ربنا يكرمك بابن الحلال الي يستاهلك ، ومع اني زعلانة على الواد حسام وقلبي مفتور عليه الا اني شايفه كلام اهلك صح ، انتي مش قد حياتهم ولا عادتهم خلينا أهل وحبايب احسن "


مع الاسف انتهت الحلقة وانتهت معها رحلتنا بأسوان واحلامنا الجميلة فليس كل حلم يتحقق ، اوقات احلامنا الصغيرة تصبح عبئ وظلم لنا بالمستقبل فرب ضارةً نافعة 🥺🥺

يا ترى هنرجع تاني لأستاذ أحمد وهيكون هو الأحق بيها

يتبع ..

إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا. 

منها "رواية حياتي" 

رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..

google-playkhamsatmostaqltradent