رواية قرة عيني
بقلم أمل محمد الكاشف
مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية
قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية
تدور احداثها بين حلمية الزيتون والصعيد اسوان بالتحديد
📌ملحوظة مهمة ✋👈"تم كتابة حرف 'ج' بدل 'ق' في بعض الكلمات داخل نص سهام وأم حسام ليعبر عن اللهجة الصعيدية بقدر المستطاع.. ان وجدتم كلمة غير مفهومة اقلبوا ال 'ج' إلى 'ق' ستعود لوضعها السليم كما بالمثال التالي (عقل 👈عجِل) و هكذا 🏃♂️ "
فهم حسام عليها ابتسم من غير ما يظهر لها ابتسامته و اعطاها ظهره متجها لغرفته وهو يقول " ابقي اربطي ايمن بلاش ينزل بدري عشان انا هموت من النعس "
ضحكت هويدا و قالت له
" حاضر بس ابقى غطيه كويس وهو نايم " و ركضت لتخرج بسرعة مغلقة الباب خلفها ، لم يفهم حسام ما تقصده إلا بعد دخوله غرفته و تفاجأ بأيمن نائم على فراشه
ضحك وقال " سلاماً قولاً من رب رحيم ، هما بيطلعوا امتى دول " نام بجانبه ليجد ايمن يقترب منه ويحضنه ، فرح اكتر و قبله من رأسه وهو يأخذه بحضنه ويرفع الغطاء عليهما .
تأخر الجميع بالاستيقاظ قلقت سمية على حفيدتها بعد ان علمت من هويدا ما حدث بالامس دخلت غرفة الضيافة الصغيرة لتطمئن عليها وهي بحضن عمتها ، حمدت ربها عندما وجدتها بحالة جيدة همّت لتخرج من الغرفة ولكنها وجدت ندى تتقلب وتفتح عينيها ، ابتسمت لها وإقتربت منها و هي ترفعها لتحملها بحضنها و تقبلها ثم أنزلتها قائلة بصوت منخفض
" تعالي نسيب عمتك تكمل نومها براحتها " وخرجوا من الغرفة
فرح الحاج جمال بندى اخذها بحضنه
"خير يا جدوا انتي هتقضيها نوم وله ايه"
كانت ندى تدلل بحضنه أتت سهام بالشاي ووضعته على السفرة التي بجانب الصالون وهي تقول " اتفضل ياخال الفطار جاهز ، اتفضلي يا مرات خالي دي هويدا عملتلكم فطاير البييتزه بتاعتها، هتعجِبكو جوي جوي"
ردت سمية وقالت
" وعلى ايه الغلبة يا هويدا كنا فطرنا جبن وحاجات من دي "
اقترب الحاج جمال من سفرة الفطور وهو يرد على زوجته " دول مش مخلين حاجة غير حاطينها ، ليه كده يا أولاد هو إحنا غرب ولا ايه "
ردت أم حسام عليهم
" بجولكم إيه مش كل شوية هتجولوا لينا احنا اغراب ومعرفش إيه ، إحنا مش تعبانين و فرحانين بيكم عملينوا بمزاجنا ، ولا انت شايفنا مش قد المجام على ضيافتكم "
اقتربت أم سعاد وهي تنظر للسفرة قائلة
" شكلكم هتكونوا مش قد المقام فعلا ، فين يا أختي الفطير المشلتت بالزبدة الطازة بتاعت الصعيد "
وصلت هويدا وبيدها طبق الزبدة والمربى البيتي وقالت " أحلى زبدة و مربى لخالتي حبيبتي "
دخل حسام الصالون قائلا بفرح " صباح الخير ، ايه الجمال ده والله البيت منور بالحبايب "
رد الجميع عليه الصباح ، شكرته الام سمية على كلامه الجميل ، كانت عينيه تبحث عنها إقترب من ندى و سألها " إيه أخبار دلوعتنا النهاردة "
إبتسمت ندى و لم ترد عليه لترد جدتها وتقول
" كويسه الحمد لله ، شكل بطنها برد من الطريق ولكنها زي الفل دلوقتي "
كان يستمع للأم سمية و عينه على باب الصالون مرة وعلى غرفة الضيافة مرة ثانية
إقتربت هويدا منه وغمزت له و هي تقول له بصوت مسموع " مالك يا حسام بتدور على حاجة يا حبيبي "
غضب حسام منها نبهها بعنيه
" لا مفيش حاجه ،أنا مستغرب كلكم واقفين جنب السفرة كده ليه "
ضحكت أمه وقالت " عندك حج ياولدي والله ، اتفضلوا يا جماعة الخبز والبيتزا هتبرد ،هي حلاوتهم تاكلوهم وهما سخنين و الجبنة تبقى سايحه من فوق كده ، بصراحة البت هويدا بجت شاطره بالعجن بعد ما خاب أملي فيها اتعلمت واتشطرت زي اختها ديه كمان بجت بتعمل فطير بالسبانخ حلو جوي "
أخذ حسام قطعة من البيتزا وقال " بصرآحه إلي يشوف المعجنات بتاعتها ميقولش هويدا اللي عاملاها نهائي وكأنها جاهزة وله معمولة بعجان كهربائي "
ردت أم حسام وهي اشد معارضي استخدام الاجهزة الكهربائية بحكم اعتقادها انها سبب في فساد البنات قائلة
" عجان إيه! أمال ايدينا راحت فين بلا دلع ماسخ أنا بناتي ملهمش في الكلام ده ، كله طبيعي من جهد أيديهم ، جال عجان كهربي جال ، ده يا ياولدي بيضحكوا بيه على البنات المدلعة ، ولكن حدانا مفيش أحلى من عجن الايد "
ردت أم سعاد وهي تأكل من البيتزا
" عجان ولا مش عجان كله واحد مش فارق ، وبعدين على رأي حسام مالك قلبتي المحطة "
ردت ام حسام وهي تضحك
" انا بحاول مقلبهاش واتكلم معاكم مصري بس زي ما تقولي الطبع غلاب ، خلاص خدنا على عيشيتهم ولهجتهم وحياتهم تلاتين سنة عمر مش قليل وله ايه "
رد اخوها جمال بحب
" العمر كله يارب وبعدين كل الي يخرج من لسانك حلو يا ختي "
رفع حسام حاجبه لهويدا وفي نيته يكمل حديثه مع والدته عن موضوع العجان الكهربي ، لترد وهي تحذره بعينيها قائلة
" افطر يا حسام يا حبيبي بالف هنا ، أعيش واعملك من ايدي كل حاجه بتحبها"
خرجت أميرة من غرفة الضيافة ، نظرت أم حسام عليها وقالت
" صباح الخير بليل يا أميرة ، ما لسه بدري يا بنتي "
رد حسام بسرعة على امه
" مسا ايه يا ماما ده لسه الوقت بدري وكمان ندى قعدت تعيط طول الليل و قلقت نومها "
استغربت أمه من كلامه ودفاعه على غير العادة ، إقتربت أميرة منهم وهي ترد على عمتها أم حسام " سامحيني يا عمتي زي ما حسام قال قلقت اكتر من مرة بليل، وكمان هوا البلد جميل وبيخلي الواحد ينام ولا يحس بحاجة ، ده كان نفسي أكمل بس قمت أما سمعت صوتكم "
وقبل ما عمتها ترد اسرع هو برده مجددا
" ولا يهمك لو تحبي افطري وكملي نومك تاني حتى تستكفي "
نظرت الأم لأبنها بعيون ضيقة و من بعدها نظرت لأميرة وقالت
" قربي يا بنتي افطري الأول وبعدها نشوف موضوع النوم والكسل ده أمال إيه إلي بسمعه عنك وأميرة بتعمل وبتعمل وشايلة مسؤولية البيت "
أشارت سهام للمقعد المجاور لها
" تعالي يا اميرة حدايا في مكان فاضي "
جلست أميرة بجانب سهام وهي تنظر للشاي تحركت من جديد لكي تضع لنفسها كوبًا لولا أن سبقتها هويدا قائلة بدلع
" انا هصب ليكي يا مرمر خليكي أنتي مرتاحة يا حبيبتي حرام انتي سهرانه وتعبانه طول الليل"
تحدثت أم سعاد وقالت
" دوقي البيتزا يا أميرة جميلة قوي ،عايزاكي تعرفي إزاي بتتعمل عشان تعملي ليا لما نروح "
ضحكت سهام
" بس لازم تاخد وصفة الوجه الاحمر ده من هويدا بصراحة جمالها إنها مش زي بتاعتنا واخيرا المسلسلات التركي نفعتها بحاجة "
ردت أميرة على أم سعاد وقالت
" لا ياعمتي أنا مليش بالعجن كفاية علي الطبخ"
اتخضت ام حسام وكأن سقط على رأسها حجر كبير تحدثت بسرعة و ضيق
" إزاي ملكيش بالعجين يا بت، انتي عايزنا نتفضح عند أهل جوزك وله ايه "
ضحك جمال مما سمعه
" لا يا أختي مفيش فضيحة انتي شكل قعدتك ببلد أهل جوزك نسيتك فعلا حياتنا بالقاهرة "
ردت سمية هي الأخرى معقبه على حديث أم حسام
" دلوقتي يا ثنية الأجهزة الكهربية بتعمل كل حاجة ، لو بيحب المعجنات يجيب ليها عجان كهربائي "
دافعت أم سعاد عن أميرة وقالت
" ولكن الأجهزة متقدرش تعمل كيك زي كيكة أميرة الاسفنجية وله الكريب بتاعها ولا الترايفل بالفواكه ولا حتى الكنافة بتاعتها ، يا بختك يا أستاذ أحمد تلاقي امه القوية دعياله بليلة قدرية "
بهذا الوقت نظرت هويدا على وجه حسام و من بعدها نظرت على أختها سهام التي تحدثت قائلة
" ما تعزمه يا خال عندينا بالبلد يجي آخر يومين نتعرف عليه ونفرح كلياتنا بيهم "
رد جمال دون رضا
" ربنا يسهل يا بنتي المرة الجاية لو في نصيب يبقى يجي معانا "
وقف حسام من على مقعده نادته أمه
" على فين يا ولدي انت مكملتش فطورك "
رد عليها وهو ينظر لهاتفه
" هعمل مكالمة مهمة وارجعلكم "
خرج ليكملوا هم حديثهم عن العريس ، تساءلت أم حسام عن سبب ضيقهم منه ما دام الرجل اخلاق و ابن حلال و ذو سمعة طيبة فلماذا التأخير وكثرة الأحاديث.
دافعت عنه بهية وجمال بالمقابل تمسكت سمية برأيها أما أميرة التزمت الصمت وهي تنظر لباب الصالون وكأنها منتظرة رجوع حسام ليكمل فطوره ، ضاق صدرها من حديثهم عن أحمد تحملت بصعوبة حتى وجدت حجة لتهرب مما تسمعه عندما طلبت ندى دخول الحمام .
..............
في حلمية الزيتون و في المدرسة التي يعمل بها أحمد كان هو يتحدث مع نور لكي يشتكي لها من عروسته و طريقتها الجافة معه بل و عدم ردها عليه
كان رد نور غريب وخاصة إنها طلبت منه ان يعيد التفكير بارتباطهم فإن كان الوضع بهذا الشكل قبل زواجهم فماذا سيحدث بعده
رد احمد عليها بضيق
" عندك حق ، الواضح كده إني هصرف نظر عن الموضوع أنا مش بحب المراوغة خلي حسام ينفعها "
ردت نور
" أنا مش عايزه أفسد بينكم بس إلي هي بتعمله مش مقبول ، إنت تستاهل كل خير ومية وآحده تتمنى عريس زيك "
إبتسم احمد ورد بثقة كبيرة في نفسه
" أشكرك يا نور انتي الاحسن طبعا ، بس أنا هديها فرصه أخيرة وبعدها ننهي الأمر ونخلص الموضوع ، ده خلتني أندم إني مسمعتش كلام أمي من الأول "
ردت نور بوجه غريب الملامح
" ربنا يكرمك بكل خير وبالي تسعدك يارب "
...........
في أسوان
و بعد وقت قصير كانت ندى تحدث اباها بالهاتف وهي بحضن جدها جمال متسائلة عن أمها ، نظر جمال لاميرة وقال لها بصوت منخفض
" بصي يا بنتي أحمد هيتصل النهاردة عليكي ، اخوكي اتفق معاه على كده مينفعش متكلمهوش حتى ولو هترفضي كلميه وبعدها نقوله مش عايزين حتى يبقى شكلنا كويس قدام الناس ، لأننا طولنا بدون سبب لو مش عايزاه قولي و نقفل الموضوع "
ردت سهام على خالها بسرعة
" نجفل إيه يا خال اصبروا أنتوا ، نجعد معها ونفهم إلي براسها ونردلك خبر "
بكت ندى وهي تتحدث مع أُمها
" عايزه أروح معاكم ، خلي بابا يجي ياخدني "
بكت زهرة وهي تجيب على ابنتها
" وحشتيني يا ندى أنا كمان عايزاكي ومحتجاكي ياروحي "
تأثر الجميع بالمكالمة و بحالة ندى التي اصبحت تبكي ولم تقبل أي شيء ممن حولها أخذتها عمتها ودخلت بها غرفة الضيافة
نظر حسام لسهام وسألها
" أمال فين الأولاد كانوا لعبوا معاها "
ردت أخته و قالت
" راحوا الصبح المزرعة مع أبوهم ، عشان البيت يهدى ونعرف نجعد من غير دوشة "
تسائل حسام
" و ايمن كمان راح ؟ "
ضحكت سهام بردها
" ده جبليهم كلهم ربطته بأيد سامي جبل ما يخرج "
ردت هويدا مدافعة عن أبنها
" ظالمين الملاك الطاهر بتاعي والله "
ضحكت أمهم على حوارهم
" ابجوا اطمنوا على أيد سامي إحنا مش لاقينه بالشارع "
خرجت أميرة بندى من غرفة الضيوف وهي لاتعلم ماذا تفعل لترضيها؟ ، تعلقت عيون حسام عليها كلما تحركت ليثير فضول أمه و أخواته لعدم اعتيادهم على هذه الطباع والافعال بل والاحاديث منه ، فحتى عدم ذهابه لعمله و اخذه اجازة منه رغم غيابه الطويل عنه أثار فضولهم وشكهم أكثر .
ليس هذا وحسب بل و وقوفه من مكانه ليحدث اميرة قائلا
" إيه رأيك اخدها وانزل افرجها الجنينة ، آه نسيت البقر الصغير دي هتفرح قوي بيه "
نظر لندى وهو يمد يده لها مكملا
" تعالي يا ندى افرجك على البقر الصغير ، والبط و الفراخ "
رفضت ندى و دفنت رأسها بصدر عمتها وهي تبكي ، تحدثت أم سعاد وقالت
" روحي انتي كمان معاهم يا أميرة هتسكت أما تشوفهم وتلعب بين الزرع "
نظرت اميره لوالدها الذي سمح لها
" روحي يا بنتي ربنا يعينك وتعرفي تسكتيها "
و بخبث تحدثت هويدا و قالت
" وأنا كمان هجي معاكم عشان افرج أميرة الجنينة "
تحرك حسام وخرج من الصالون ومن ورائه أميرة و هويدا التي تركتهم بعد ان اغلقت الباب خلفها قائلة
" أنا هطلع بيتي أعمل شوية حاجات وأبقى اجي ليكم "
ردت أميرة عليها
" ماشي مستنينك اوعي تتأخري " قالتها لتكمل طريقها بعدها نحو الحديقة.
إبتسم حسام واقترب من أخته ليحدثها بصوت منخفض
" من الواضح أننا كنا حجة عشان تهربي "
ضحكت هويدا وهي تغمز له
" أنا قولت اخدمك بس لو مُصر انا ممكن استغنى عن اعادة حلقة مسلسلي المفضل واجي معاكم "
تركها حسام و نزل الدرجتين الصغيرتين باتجاه الحديقة مجيبا عليها
" لا ازاى وكمان لو جيتي مش هتلحقي تعجني السينابون الرائع بتاعك "
وغمز بعينه وأكمل
" بس أبقي زودي مدة العجان اقصد العجن بتاعه "
لم يكمل حسام كلامه حتى تفاجأ بهويدا تقترب منه بسرعة ممسكة بكتف قميصه قائلة
" والله يا حسام لو حد عرف بموضوع العجان بتاعي لاجوزها لعيسوي الاهبل و اخليك تموت عليها ما تنولها "
سحب حسام طرف قميصه من يد هويدا وهو يهرب قائلا " عيب يا بحر انتي خفتي وله ايه ، وبعدين الوضع تحت السيطرة اخفي انتي الريش كويس و كله هيبقى في السليم "
خرج من بوابة منزلهم راكضا بضحكه المسموع.
ابتسمت أميرة على ركضه وضحكه لتسأله فور اقترابه منها
" خير هي كانت بتجري وراك ولا إيه "
اكمل ضحكه وهو فرح بوجهها المبتسم وحديثها معه ، تحدث لندى واميرة سويا
" ايه رأيكم تتفرجوا على البقر الصغير الأول وله البط "
لم ترد الطفلة عليه ظلت على حالتها الحزينة حتى رأت البقر الصغير وهو يلعب بجانب أمه و يرضع منها ، هنا تبدلت ملامح حزنها لفرح وخاصة حين بدأ حسام بحلب البقرة امامها .
اعجبت أميرة ببقرة كبيرة باللون الأسود المطعم بدوائر بيضاء غير منتظمة تحركت مقتربة على حذر لتلتقط صورة بجانبها ، وقبل ضغطها على زر الكاميرا خرج من البقرة صوت عالي صرخت على اثره وتراجعت بسرعة مصطدمة بحسام من الخلف ليفزع هو وينتفض من مكانه كالذي اصيب بمس كهربائي لينتهي المطاف بسقوطه وسط كوم البرسيم لتسقط هي من بعده محاولة أن لا تلمسه بسقوطها القريب منه.
ظلت ندى تضحك و تضحك عليهم بصوت عالي بدون توقف ، سحب حسام الصغيرة وهو بمكانه نحوه وأخذ يدغدغها من بطنها ورقبتها ليزيد ضحكها وفرحتها ، دون أن يتوقع مجيء احدهم من الخلف قافزا على ظهره بسرعة البرق تعبيرا عن غيرته من ندى ، ضحك حسام وقال
" أنت اتحدفت علينا منين ، مش كنت مع ابوك يا بني "
وقبل أن يجيبه ايمن سحبه حسام وأخذ يلاعبه ويدغدغه مثلما فعل مع ندى. اقتربت أميرة هي الآخرى وشاركت حسام دغدغة الأولاد بضحك وفرح، و بحركته السريعة قفز ايمن على ظهر أميرة وهو يحاول أن يدغدغها ، سحبه حسام من عليها ليصبح من بعدها فريسة بيد الأولاد حين قلدت ندى ما يفعله ايمن من دغدغة ببطن خاله ، استسلم لهم وهو يمثل انتصارهم عليه .
نسيت ندى حزنها و طلبها لوالديها و هي تلعب و تتنقل بين الأشجار و رؤيتها للبط ، اختفى ايمن لثواني قليلة عاد بعدها وبيده أرنب أسود اللون ممسكا إياه من أذنيه مقتربا به من اميرة وهو يرفعه بوجهها صارخا بأعلى صوت .
خافت اميرة وابتعدت عنه وهي تقول
" حرام عليك يا ايمن ، سيبه من ايدك " وبضحك اقترب ايمن اكثر وهو يخيفها ، لتركض نحو حسام الذي تفاجأ بها تأتي نحوه منادية عليه " حسام ، حسام "
اغلق الهاتف بعد ان انزله من على أذنه دون أن يستأذن ممن يتحدث معه ناظرا نحوها مزبهلاً ، عقله لم يترجم ما يحدث أمامه تراجع للوراء خطوات محاولا فهم سبب ركضها الذي اقترب كثيرا منه.
للحظة كان سيسقط من سرعة دقات قلبه و توتره حتى يتوقع من يرى حالته انه سيركض هاربا منها ، لم يلبث ارتباكه وتفاجأه ثواني معدودة حتى نظر خلفها ليجد ندى و أيمن يركضون بالأرنب ، ابتسم وجهه اخيرا و عاد الدم ليضخ بعروقه مرة ثانية وهو يقترب ليمسك بالأرنب من أيمن الذي هرب من خاله مقتربًا ممن كانت تقف خلف حسام محتميه به، غضب على ابن اخته وخاصة أنه نجح بالاقتراب من اميرة و تخويفها اكثر من مرة و بحركة كاد بها ان يلمس من تفقده السيطرة على نفسه مال بسرعة ليأخذ الارنب من ايمن وهو يقول
" حرام عليك يا ابني هتطلع ودانه في ايدك "
لم يتوقع في هذه اللحظة رمي ايمن للارنب على أميرة التي وضعت يدها على وجهها صارخة بأعلى صوتها
ألتفت لها قائلا بسرعة خوفه عليها
" مجاش عليكي متخافيش ، خلاص هرب " وهم ليخرج غضبه على أيمن لولا منع اميرة له " أوعى تزعله محصلش حاجة كان بيلعب معايا"
سبحان من هدئه وجعله يتمالك اعصابه وخاصة أن أيمن لم يهدأ بعد فما زال يقفز ويلعب مصطدما بندى ليوقعها أرضا و يلقي عليها الرمال بيديه الصغيرتين حتى تجرأ وأصبح يلقي بالرمال عليها.
امسكه خاله ورفعه وهو يشبك يديه و يعقدها أمام صدره قائلا لها
" خليكم هنا هروح احبس القرد ده وارجعلكم تاني "
رفضت ندى و طلبت منه ان يبقى ليلعب معها
اضطر حسام ان يتركه ويمثل دور الخال الحنون امام حبيبته بصعوبة كبيرة حتى أصبح يستغل بعدهم عنه ليستحلف و يتواعد لأيمن بأن يعلقه من رموشه عند عودتهم .
ظلوا يلعبون ويركضون لساعتين مضوا وكأنهم لحظتين بجمالهم و سعادتهم، عادوا للمنزل لتضحك سهام على حالة حسام وهو يدخل عليهم حاملا ايمن على كتفه بعد ما كتف يديه اقتربت لتأخذ ابن اختها منه وهي تقول
" حد يعمل في الملاك ده كده "
ضحك حسام رادا عليها
" ولسه الملاك ده هعلقه في النجفة "
تحدثت أميرة لسهام
" خديه منه حرام ايده هتوجعه "
ردت سهام كي تطمئنها
" لا مش تخافي عليه هما متعودين على المرمطة دي "
ضحكت اميرة واقتربت من حسام وهي تحاول أخذ ايمن من على كتفه قائلة
" اخر مرة يا خالو مش هيعملها تاني والله ، بس يا حسام عشان خاطري كفاية كده الواد ايده وجعته"
بلع حسام ريقه و تقدم خطوة للأمام كي يبتعد عنها، اقتربت هويدا بنفس اللحظة متحدثًا بصوت أشبه صوت ابنها
" سامحني المرة دي يا خالو عشان خاطر ابلة اميرة "
ارتبك حسام من طريقة هويدا التي كادت أن تفضح أمره ، انزل ابنها لتصفق ندى وتركض خلفه لتلعب معه ، ضحك ونظر لاميرة وهو يقول " انا حذرتك لو انتقلت العدوى انا مش مسؤول "
ابتسمت بخجل بعد ان اصبحت نظرات عيونه المليئة بسحر حبه وعشقه تفضح ما بداخله كلما اقتربت منه .
أتى صوت ام حسام من الصالون وهي تنادي على بناتها ، ردت هويدا وقالت
" ايوه يامه سهام جيالك اهي"
ونظرت لاختها
" هطلع اجيب عجينة السينابون من بيتي عشان انزل نحضر الصوص و اخبزه "
ردت أميرة عليها
" الله انا بحب السينابون جدا "
اجابتها هويدا وهي تنظر لأخيها
" وهو كمان بيحبك قوي اقصد ان السينابون بيحب الي يحبه "
وتحركت لتصعد لمنزلها بوجه مبتسم ، وقفا بجانب بعضهما دون كلام كلاهما ينتظر الآخر ان يتحدث أولا، خجلت من حالتهم تحركت نحو المطبخ قائلة
" بصراحة انا جعانة ما فطرتش كويس الصبح ، وندى كمان طلبت تاكل "
رد بسرعة حسام عليها
" اصبري اقول لسهام تحضر لكم أكل "
رفضت عرضه
" لا سيبها براحتها ، وبعدين انا مش غريبة هدخل احضر لندى بيض بالبطاطس و نعمل سندوتشين صغيرين انا وهي ونستنى بعدها السينابون "
تركته بعد ان أنهت كلامها وذهبت للمطبخ بعد ان جاوبها بصمته و عيونه التي شردت بها من جديد ، تلك العيون التي اخجلتها وجعلت قلبها يسرع بدقاته لأول مرة ، وقفت بمنتصف المطبخ لا تعلم من أين تبدأ.
سمعت صوت طرقات خفيفة على بابه ، التفتت للصوت لتجده يحدثها
" الواضح انك محتاجة لمساعدة "
اومأت برأسها قائلة بخجل
" لا أعرف من أين أبدأ "
دخل وأخرج لها طاسة البيض و وضعها بجانب البوتجاز تحركت لتفتح باب البراد باحثة عن البيض متسائلة
" انا مش لاقية البيض بالعادة بيكون في باب التلاجة او في طبق جوه "
ومالت باحثة بنظرها عنه
ضحك حسام مجيبًا عليها
" مش هتصدقي لو قولتلك ان امي لحد دلوقتي بتحتفظ بيه في البلاص " .
اقتربت اميره من حسام وهي تشاهده يخرج البيض من بلاص فخاري داخله قش ، سألته بفرح " الله جميل قوي هو انا ممكن اصوره "
ضحك و سألها بتلقائية
" مين فينا انا و له هو "
خجلت و خفضت عينيها ليرفع هو البلاص بين يديه قائلا " هسهل عليكي الخيار صورينا احنا الاتنين وابعتيلي الصورة ، أهو تكون ليا ذكرى مع بلاص البيض بتاعنا " وضحك اكثر دون ان يتوقع تصديقها له والتقاطها الصورة وهو بهذه الحالة لتخرج الصورة بجمال فرحته وحبه الذي برز وترجم على هيئة سعادة كبيرة ملأت عيناه.
كان يريد مساعدتها في تحضير البيض ليأخذه بحماسه الكبير مقتربًا من الطاسة ليكسره الاولى داخلها دون ان يضع السمن قبله ، حذرته بصوتها الذي علا " استنى انت هتعمل ايه " وأخذت طبق فارغ لتضعه أسفل البيضة التي شرخت بيده قائلة
" لازم الزبدة الاول وبعدها هقلي فيها البطاطس الي انا بشرته و بعدهم البيض "
نظر لها باستغراب وقال
" هي البطاطس ديه مش هتترش على الوجه زي الموزاريلا "
ضحكت بجوابها
" الواضح ان معندكش خبرة في المطبخ ، ربنا يخليلك اخواتك ومامتك ، ويعين عروستك عليك"
لم يصدق ما قالته عاد من جديد لوضع الازبهلال والصمت مستمرا بضحكه الذي يخرج منه رغم محاولته تهدئة نفسه والسيطرة على حالته التي جعلتها خجله و مرتبكة .
وبعد أن انتهت من تحضير البيض نظرت له متسائلة " اعملك سندوتش معانا "
أومأ رأسه بالموافقة دون كلام .
حضرت اميرة السندوتشات بينما سكب حسام الشاي بالاكواب اقترب و وضعت السكر المضبوط داخل كلا منهم ، اخذ نصيبه و بدأ يأكل بجوارها و هو مستمتع قائلا بعد أن أخذ أول رشفة من الشاي مبتلع بها ما بفمه
" ايه رأيك نروح بكرا احنا وندى لمعبد ابو سمبل او متحف النوبة أيا منهما لا فرق لدي بكل الأحوال هنروح الاتنين "
كان من حظ هويدا أن تستمع و تشهد على نظراتهم وانسجامهم الذي قاطعهم عن عالمهم المحيط بهم .
سعلت هويدا لتشعرهم بوجودها قائلة لأخيها وهي تدخل المطبخ
" وانا كمان عايزه اروح النوبة خدني معاكم يا حبيبي ان شاء الله يخليك "
فرحت اميرة وقالت
" ياريت والله ، وكمان ايمن يجي معانا عشان ندى تنبسط و نقول لسهام ونروح كلنا "
ضحك حسام
" مدام فيها ايمن و هويدا يبقى شوفوا حد غيري يوصلكم "
دخلت سهام المطبخ وهي ترد على أخيها
" يوصلكم لفين ، هتروحوا فين وتسيبونا يا اميرة "
همت اميرة لترد على سهام لولا ان علا صوت رنين هاتفها ، بهذه اللحظة نظرت هويدا على الساندوتش في يد اخوها قائلة بنبرة صدمتها
" بيض يا حسام ، هو جار عليك الزمن ياخوي للدرجادي "
ضحك وهو يجيبها
" ولكنه مختلف عجبني طعم البطاطس غيرت جدا منه عشان كده أكلته "
غمزت له بعينيها " طبعا لازم يكون مختلف ، ما هي البطاطس عليها عامل كبير مع البيض مش بس بتغير طعمه لا وبتغيره هو كمان "
ضاق صدر اميرة بمجرد رؤيتها لاسم المتصل ، ردت سهام على اختها
" هو صوح البطاطس حلوه مع البيض "
استاذنت اميرة منهم و ابتعدت و هي تفتح تليفونها قائلة " السلام عليكم "
انتبهت سهام لحالة اميرة نظرت لهويدا وقالت
بصوت منخفض " شكله العريس ، البنت ارتبكت وبعدت والله شكلهم هيكونوا لبعض وابجوا قولوا سهام قالت "
نظر حسام نحو اميرة و طريقة تحدثها بخجل وتخفي تاركًا المكان ذاهبا لغرفته .
أعادت سهام سؤالها لاختها
" بت يا هويدا مجوبتيش عليا ليه ، هي البطاطس حلوه مع البيض للدرجة دي "
خرجت اميرة هي ايضا مستمعة لرد استاذ أحمد عليها
" و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وأخيراً رضيت عروستي علينا وقبلت ترفع الحظر عني "
ردت بصوتها المنخفض
" زي ما قولتلك قبل كده ، كنت عايزه اخد راحتي بالتفكير بدون ضغوط "
حزن احمد قائلا لها
" اخص عليكي يا اميرة هو كلامنا مع بعض بقى ضغط عليكي دلوقتي ، بصراحة مكنتش منتظر منك الرد ده خالص"
ردت عليه بسرعة
" اعتذر لو ضايقتك بس بجد كنت محتاجة ده جدا "
اجابها بحب وفرح
" بالعكس انا الي بعتذر منك ، ولكن صدقيني ده عشان وحشتيني قوي وكنت عايز اسمع صوتك و اطمن عليكي "
صمتت اميرة ليكمل هو كلامه
" مالك يا اميرة ايه اللي اختلف فين اميرة بتاعت زمان اللي كانت تنتظرني كل يوم وقت رجعتي"
ردت مدافعة عن نفسها
" كانت صدفة انا قولتلك قبل كده انها كانت صدفة "
تحدث احمد مدافعا هو ايضا عن شعوره
" فرضنا اني هصدق انها صدفه ، طب و لما قولتي انك مش هتقدري تكلميني غير اما اجي البيت كانت صدفة برضو "
تحدثت سهام مع اختها بحماس
" بت يا هويدا ايه رأيك ناخد اميرة عندنا فوق بعد الغدى ونتكلم معاها ونفهمها البنت شكلها خام وخايفة من الجواز ، اهو نكسب ثواب في خالي ونفرح كلنا "
أغلقت هويدا باب المطبخ عليهم وعادت لتقترب من اختها وهي تقول
" تفهمي مين يا غشيمه هو انتي مخدتيش بالك من ايوتها حاجة "
فكرت سهام قليلا لترد بعدها على سؤال اختها ببلاهة وعدم فهم
" قِصدك عشان مرت خالي مش راضية عن الجوازة "
ردت هويدا بضيق
" لا يافالحه مش قصدي من الناحية دي ، انا قصدي على أخوي الغرقِان لشوشته ، الواد حسام بيتعذب وبيتشوي على نار هادية قافل على جلبه وساكت ، هو يا حبة عيني غلبان و محدش حاسس بيه ، ما انتي عارفاه ديما يقدم سعادة الكل على سعادته "
ردت سهام بحيره
" وااه ياختي انتي عارفاني مليش في كلام المسلسلات بتاعكم ، اتكلمي دغري بدون تزويق ومراوغة ماله حسام ومال عريس اميرة ، ياكش يكون بينافسه بالسوق "
ضربتها هويدا على رأسها قائلة بغيظ
" اخيرا فهمتي ، ايوة الواد احمد كان عنده بهيمة عامية ضحك بيها على حسام ومن ساعتها وحسام محروق وهيموت على الفلوس الي دفعها"
ردت سهام بفمها المفتوح
" مع اني مفهمتش ، بس سؤال هو العريس شغال زيينا بالسوق ولا ايه اصل سمعت من خالتي بهية انه مدرس لغه عربية "
نظرت هويدا لاختها بعيون تشع منها الغضب قائلة
" شوفي انا بقولك ايه و انتي بتسألي في ايه ، تصدقي بالله اني استاهل ضرب البولغ عشان بتكلم معاكي ، امشي من وشي لخرشمك خليني اخلص صوص السينابون عشان يصبروا نفسهم بيه قبل الغدى "
وقفت سهام لتفكر مع نفسها عدة دقائق عادت بعدها لتتحدث قائلة " اهيييي يا سنة سوخة يا ولاد ، بت يا هويدا ليكون إلي في بالي "
……….
بالطرقات و بجانب باب المنزل كانت اميرة صامتة تستمع لأحمد دون رد و إن ردت يكون ردها بالمختصر الشديد مما جعله يختنق من حالتها متسائلا
" خير يا اميرة هو انا زعلتك في حاجه ، اللي يسمع مكالمتنا يقول انك متحملة بالعافية و منتظره اني اخلص كلامي عشان اقفل "
ردت أميرة بأسف
" عندك حق انا بعتذر منك مرة تانية مكنش ينفع الموضوع يطول كل ده ، بس انا حاولت افكر كويس و ادي نفسي وقت كافي عشان ما متتظلمش معايا المشكلة في حاجات كتيرة بينا مختلفة ، وكمان انا مش مرتاحة كل ما اصلي احس نفسي مخنوقه اكتر من قبل بعتذر منك بس دي الحقيقة "
رد عليها بصوته الحزين
" يعني ايه بينا حاجات مختلفة ومش مرتاحة ، هو انتي اديتي لنفسك فرصة تكلميني عشان تحكمي علينا بالشكل ده ، انا تحيلت عليكي اكتر من مرة نتكلم عشان نفهم بعض وجيت البيت من بابه زي ما طلبتي ، انا مقصرتش في حاجه لكن انتي مدتيش لنفسك فرصة عشان تفهميني "
ردت أميرة بحزن اكبر
" اسفه والله انا فعلا غلطانه بس صدقني تكرار الكلام ده مفيهوش فايده ، انا مكنتش اعرف اني هشعر بكده بعتذر مرة تانية لتأخيري على الرد و هدعي ربنا انه يكرمك ببنت الحلال اللي تناسبك و تسعدك "
رد احمد بسخرية وقال
" ودلوقتي اكيد منتظرة مني ارد و اقول اتمنى ليكي حياة سعيدة مع حسام ، وله اقولك اتمنى لك وقت سعيد برحلتك معاه"
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..