رواية قرة عيني
بقلم أمل محمد الكاشف
مزجت بين السرد الفصحى والحوار بالعامية
قصة رومانسية اجتماعية دينية كوميدية
تدور احداثها بين حلمية الزيتون والصعيد اسوان بالتحديد
استيقظت العائلة صباحا على قرار الحاج جمال بالرجوع إلى القاهرة في نفس اليوم ، عارضهم حسام و طلب منهم أن يبقوا يومين حتى ينهي بعض الأشغال الهامة و يعود معهم ، تحجج جمال بحفيدته ندى و وضع امها و أهمية وجود إبنتها في حضنها ولو تأخروا أكثر من هذا سيكون عيبا كبيرا عليهم.
لم يستطع حسام ولا أهله أن يراجعوهم وخاصة علمهم بوضع ندى وسؤالها المتكرر عن أمها كل يوم قبل النوم ، اقترحت هويدا على خالتها بهية أن تبقى هي وأميرة ليومين إضافيين ليعودا مع حسام بعد انهائه لعمله ولكنها عارضت بشدة واصرت ان تعود مع اخيها جمال كما أتت معه.
تحدث حسام قائلا " ما دمتم مصرين لهذا الحد سأحاول ان ألغي او اؤجل ما علي و أتي معكم " رفض الحاج جمال ان يشغله كي يوصلهم واخبرهم بأنه حجز فعليا بالقطار ولم يتبقى الكثير على موعد سفرهم .
كان الفراق صعب على قلبه بعد ان اعتاد على رؤية وجهها النادي الجميل كل صباح وايضا بعد ان صرح لها ولعائلتها بما في قلبه و تأمل بالموافقة عليه
عادت عائلة الحاج جمال للقاهرة بعد ان قضوا اجمل ثلاث ايام بسحر طبيعة أسوان الجميلة
استقبلهم ابنهم عمرو في منزلهم بالحلمية وهو سعيد جدا برجوع ابنته التي ركضت وألقت بنفسها في حضنه وهي تحنو بيدها الصغيرة على ظهره وتحضنه بقوه وكأن هو من بداخل حضنها وليس هي وكأنها تخبره ان حضنه اكبر واغلى واجمل من رحلتها وفسحتها هناك .
ألقت بنفسها في حضن أمانها وفرحتها و حياتها فمهما كانت العمة او الخالة او الاجداد رحماء وذو قلب و قدر كبير من الحنان لن يستطيعوا ولن يكفوا لتعويض الطفل عن حنان والديه .
لم يطل عمرو بالجلوس معهم أكثر من نصف ساعة استأذن بعدها من أهله ليذهب كي يأخذ ابنته لأُمها ويعود إليهم مرة أخرى ليكمل جلسته معهم ويستمع لجمال ما قضوه هناك .
رد والده عليه
" انت لسه بتستأذن يا ابني اجري عشان حبيبة جدها مشتاقه لمامتها ، و ماترجعش بسرعة احنا هنام الطريق كان زحمة ومتعب قوي محدش يصدق اننا اخدنا تلات ساعات في مدخل القاهرة بس ، امال فين الكباري والتسهيلات اللي بيعملوها "
دخلت اميرة الغرفة وهي تحدث أخيها
" انا حضرت شنطة ندى بسرعة ممكن يكون في حاجات ناقصة مش باينة وسط هدومي بس دول هيكفوها لحد ما افضي الشنط الباقية "
استغرب عمرو وقال
" وليه حضرتي كل هدومها ، مكنش ليها لازمة يكفي غيار او اتنين بشنطة صغيرة "
رد والده بسرعة وهو ينظر لحفيدته قائلا
" عشان حبيبة جدها هتنام في حضن مامتها النهاردة "
استسلم عمرو وقال
" ماشي حاضر الي انتوا عايزينه "
واخذ ابنته والشنطة و فتح الباب و انحنى ليساعد صغيرته بإرتداء الحذاء فهي من كثر حماسها و قفزها الفرح لم تستطع ارتدائه بطريقة صحيحة لتعكس كلا منها مكان الآخر ، حزنت سمية على ابنها وحفيدتها لتتحدث بعد خروجهم مباشرةً
" البنت قطعت قلبي يا جمال ، ده انا بعد اللي شوفته ده هعمل اي حاجه عشان ارجع امها وابوها زي زمان ، ومش عايزينها تيجي تزورنا و لا حاجة كفاية يرجعوا في بيت واحد والبنت تكون مرتاحة بينهم هما الاتنين "
مدد جمال جسمه على فراشه بغرفته وهو يتألم من ركبته ، كما ابدلت الام سمية ملابسها و تحركت للجانب الثاني من الفراش لتستلقي هي الأخرى عليه ناسية أمر إطفاء الإنارة نادت على إبنتها وقالت لها
" يا اميرة هاتيلي مية و تعالي اقفلي النور "
لبت أميرة طلب أمها وتحركت لتدخل غرفتها بعد نوم الجميع وهي متعبة حزينة تشعر بضيق في صدرها تريد ان تبكي لتخرج ما خبئته عن الجميع ولكنها رفضت أن تضعف حتى بعد انفرادها بنفسها، شردت لتتذكر جمال رحلتها وهواء اسوان وحديثهم و ضحكهم و خوفه عليها بعينين تجمع الدمع بهما لتنام وهي على هذه الحالة الحزينة .
…………
وصل عمرو لمنزل اهل زهرة التي بكت بشدة وهي تحتضن إبنتها و تقبلها بكل مكان برأسها و وجهها و ايديها ، بكت جدتها ايضا وحضنت حفيدتها بقوة ، فرح الكل بندى الجميلة التي ظلت تحكي لهم عن رحتلها و البقر الصغير و البط و الأرانب و حسن و ايمن الذين كانا يلعبان معها هناك
أخذت أم زهرة ندى لتريها الحلويات والملابس الجديدة التي اشترتها لها وهي تحدثها أثناء دخولها الغرفة.
وبرغم ازدحام المنزل بالأقارب إلا أن الصالون فرغ عليهم لدقائق قليلة استغلها عمرو متحدثًا دون النظر لها قائلا " تقدر تنام معاكي النهاردة و الاسبوع كله لو عايزة ، وهبقى اجي اخدها وارجعها تاني ، انتي عارفة النهاردة اخر يوم في العزاء و من بكرا هرجع الشغل يعني مش هكون فاضي زي الاول "
مسحت زهرة دموعها التي نزلت من جديد تأثرًا بما قاله زوجها والفجوة التي لازالت بينهم بسبب المشكلة الاخيرة ، ردت عليه وقالت بصوت خرج منها بصعوبة
" إللي انت شايفه صح اعمله ياعمرو ، وانا كمان هرجع الصبح الشغل بس هقدم على إجازة تانية مفتوحة بدون مرتب يارب يوافقوا عليها "
وبنفس حالته و من غير النظر لها سألها
" وليه اجازة تانية مفتوحة ، هو انتي لسة تعبانة ؟"
ردت بضيق اكثر وبصوت يكاد يُسمع
" انا اصلا كنت هقدم استقالتي بس ماما واخويا رفضوا "
نظر لها اخيراً وبصوت عتاب سألها
" تفتكري هو ده الحل ؟ "
بكت من جديد ولكن هذه المرة اكثر واكثر
لم يستطع منع نفسه من اخذها بحضنه وهو يربت على ظهرها ويحنو عليها فحبه لها وقلبه لا يتحمل رؤيتها حزينة تبكي ولهذا السبب كان يصر على عدم النظر لها .
خرجت خالة زهرة من الغرفة وهي تنظر لاحتضان عمرو لزوجته لم تظهر فرحتها بهذا اقتربت منهما و قالت بنبرة حكيمة قوية
" يلا ياعمرو يا ابني خد زوجتك وارجعوا بيتكم العزاء خلص خلاص وهتبقى تيجي الصبح تشوف امها واخواتها ملهاش لازمة قعدتها هنا زيادة عدد وبس ، وكمان انا موجودة لسه مش هرجع بيتي الاسبوع ده كله لحد ما اطمن على اختي انتوا عارفين المكان بعيد على الروحة والرجعة"
انصدما الإثنان مما قالته ظلا صامتين يسمعون لها دون رد ، سمعت والدة زهرة حديث اختها خرجت هي ايضا للصالون قائلة لعمرو
" يلا يا ابني اسمع كلام خالتك واكسر الشيطان ، اكيد ندى اشتاقت لبيتها "
ونظرت لحفيدتها التي اقتربت منها
" مش كده يا ندى "
استقام عمرو بجلسته ليقول لزوجته
" حضري نفسك لحد ما اروح اخلص مشاوير وهرجع اخدك "
ردت امها عليه وقالت " خلص مشوارك براحتك اخوها هياخدها يوصلها بالعربية و انت وقت متخلص روح على بيتك هتلاقيها مستنياك هناك "
خرج عمرو من منزل أهل زهرة صامتًا لم يظهر عليه أي تعابير تدل اذا كان فرحا أو حزينا على ما حدث وكأنه مصدوم من سرعة الأحداث، نعم لم تظهر تعابير قوية تشرح حالته ولكن هذا لا يمنع تحرر بسمة صغيرة خفيفة من الحين للآخر على وجهه تعبيرا عن الرضا و وجوب ما حدث فهو ايضا قد اشتاق لحياته واستقراره النفسي فما حدث كان مؤلم على قلب شخص مثله.
كان يصارع شيطانه و ذكرياته بالحادثة وهو يقنع نفسه بأنها تغيرت وأن قلبها لم يخنه ولم يحب غيره كان يؤكد لنفسه أن تنازله لأجل ابنته الصغيرة
انهى ما عليه وذهب ليشتري فاكهة وحلويات ثم عاد لمنزله ليشعر بالرضا بمجرد فتحه للباب ورؤية ركض ابنته نحوه وهي فرحة
" بابا جه بابا جه " تحول احساس الرضا لفرح وسعادة وهو يضمها ويقبلها.
أخذت ندى تفاحة حمراء كي تأكلها اقتربت امها منها بسرعة وهي تقول
" استني اغسلها واقطعها ليكي"
تحرك عمرو ليدخل الاكياس في المطبخ ، وبدون ان يشعر بدأ بتفريغ أكياس الفاكهة باطباقها كعادته
اقتربت زهرة وساعدته بتنظيم كل شيء في مكانه ، اخذ ابريق الشاي وملأه بالقليل من الماء اقتربت منه واخذته من يده وهي تقول
" انت ادخل غير هدومك وانا هعمله و احطلك حلويات جنبه "
رد عليها بقلب راضي قائلا
" متنسيش الشاي بلبن بتاع ندى "
………
في أسوان وصل حسام منزل عائلته بوجهه الذي ظهر عليه فرحته وفمه الذي لم يكف عن الضحك والابتسامة الشاردة طوال اليوم ، و بمجرد دخوله وجلوسه طلب من اخته هويدا ان تتصل بخاله وتطمئن عليهم ، رفضت أمه و قالت له " خالك بينام بدري اتركهم براحتهم"
فكر حسام قليلا مستغلا تحرك امه للمطبخ وقال لهويدا
" طب اتصلي بأميرة ممكن تكون صاحية "
غمزت هويدا له قائلة " تدفع كام "
رد عليها بوجهه المبتسم
" اتصلي بسرعة قبل ما ترجع امك واخليكي انتي اللي تدفعي "
فتحت هاتفها واتصلت عليها دون رد من الجهة الاخرى لتقول لأخيها
" الظاهر امي محقة أكيد تعبوا ومعتادين على النوم المبكر "
وبدون ان يرد على اخته تحرك بوجهه الفرح وتركهم ليذهب للنوم وهو طائر من سعادته.
عادت أمه للصالون وهي تنظر على حالته قائلة لابنتها بصوت اشبه بالندم والحسرة
" عليه العوض ومنه العوض يا ولدي اكلت عقلك القاهروية "
……….
رفض عمرو ان تقدم زهرة على اجازة جديدة و قال " انا لو مش واثق فيكي مكنتش رجعتك بيتي ، احنا هننسى اللي فات ونبدأ من جديد ، وكمان معنديش مانع تفضلي معاه بنفس المكتب ولكن ده بس عشان تثبتيله انه ولا شيء بالنسبه ليكي ، وعشان اثبتلك اني لسه واثق فيكي وإني مش من الرجالة اللي تحب تخنق على ستاتها الرايحة والجاية "
وعدته زهره أنها لن تكرر أخطائها مرة اخرى وإنها ستسعى لإرضائه و نسيانه لما حدث
كانت ندى تدور بالعابها أمامهم فرحة بمنزلها وبعد ما هلكت من اللعب نامت وسطهم وهي ممسكة بهم خائفة من ان يبتعدوا عنها ويتركوها في دنيا الاحلام تبحث عنهم من جديد .
مرت الليلة بهدوء وسلام لتمر بعدها ثلاثت ليالي كانوا من أصعب الليالي على حسام الذي لم يحظى بجواب على طلبه من خاله ليزداد قلقا وخوفا.
وباليوم الرابع اتصلت امه بأخيها جمال بعد ان نفذ صبرها ولم تستطع رؤية ابنها يتعذب أمامها بالانتظار والقلق لهذه الدرجة
كانت مكالمة بدايتها شوق وتذكر جمال لحظاتهم بالبلد حتى وصل حديثهم لسؤال ام حسام على رأي عروستهم ست البنات بطلبهم ، وهنا ندمت الأم على تسرعها و حزن ابنها الذي انصدم من الرد حين سقط ولخبط جمال بالكلام و بدأ بالتحجج بابنته لا تريد ان ترتبط بأحد في الوقت الحالي لضيقها من موضوع العريس السابق، صدمهم اكثر بقوله "أميرة تعتبره أخ لها و لا يمكنها التفكير به بغير هذا الإطار "
وهذا ما احزن حسام اكثر وجعله يتذكر كل كلمة وضحكة واهتمام بينهم مفسرًا كل هذا على الاخوة ، ظل أيام على هذه الحالة الحزينة يفتح هاتفه ليرى صورهم بعيونه المليئة بالدموع المتحجرة ، كان قلبه لا يصدق ان الذي بينهم اخوي فقط ، أما هي فكانت تختلي بنفسها بعد نوم الجميع لتفتح هاتفها كي تنظر لصورهما معا بعيون ظلت تبتسم كلما تذكرت كلامه واهتمامه وفرحته وهو بجوارها .
وبعد وقت قصير من رفض اميرة له خطب استاذ احمد إبنة صديقة والدته عنادًا واسترداد كرامته أمام أميرة كي يثبت لنفسه و للجميع أنه ليس ذلك الرجل الذي يرفض من فتاة بسيطة في حين الكثير يتمنوه عريسًا لهم .
صدمت نور بخبر خطبته و موعد زفافه بعد شهرين من الآن على حسب الاتفاق بين الأهالي
مر اسبوعين اخرين تأخر فيهم حسام عن الرجوع للقاهرة ليباشر عمله حين ابى قلبه الموجوع المجروح الذهاب ولمس تواجدها بجانبه ولو من على بعد.
كان لا يستطيع أن يسافر و يرى منزله الذي حلم وخطط له بأحلامه الجميلة التي تمنى ان تجمعهم سويا لاخر العمر ، و رغم كل ما بداخله من مشاعر مؤلمة اضطر للسفر والعودة للقاهرة لمباشرة ما بدئه و ترتيب كل الأمور ليعين مسؤولا عن إدارة ومتابعة العمل بها ثم يعود لبلده هاربًا من جديد ، فرحت امه بقراره وقالت " هذا هو ابني لا يترك أمر خطى به اذهب يا بني وأكمل عملك ليفتح الله عليك ويكرمك ببنت الحلال اللي تسعدك وتهنيك يا حسام يا ابني " .
حملته امه زيارة كبيرة لخالته و خاله جمال لأنها تشعر بالتقصير في حقهم لقصر المدة التي قضوها معهم وعلمهم بسبب استعجالهم بالعودة .
هذه الزيارة او ما تسمى بالزيارة في المعنى الدارج عبارة عن هدية محتوياتها كلها من خيرات البلد كالفطير و الكرنب و العسل وأوقات تحتوي على اللحوم البلدي.
و بدون أي تخطيط لنوايا خفية طلبت ام سعاد من أميرة ان تأتي إليها كي تساعدها بعمل الفطير المشلتت بعد ان اشترت عجان كهربائي مخصوص له وللحلويات والبيتزا و تريد ان تخوض اول تجاربها مع ابنة اخيها .
ذهبت اميرة لتقضي اليوم في منزل عمتها وهي مطمئنة على والديها بعد ان جاء عمرو وزهرة لقضاء اليوم معهم و اعطائها وعد ان لا يعودا لمنزلهم قبل عودتها هي.
فرحت ام سعاد بمجيء اميرة إليها والذي أشبه بمجيء العيد الذي لا يتكرر كثيرا بالسنة ، تحدثت لابنة أخيها وهي تقول
" والله البنت زهرة اتغيرت كتير ، عقلت و ركزت و رجعت زي ايام اول جوازهم ، تصدقي يا بت يا ميرا كانت الدنيا مش سيعاني أما جم زاروني المرة الي فاتت و كمان كانت جايبة ليا كيكة الشيكولاته الي انا بحبها من ايديها"
ابتسمت اميره وقالت
" اكيد فرحتي عشان الكيكة "
مالت عمتها عليها وقالت " يووه ماتكسفنيش يا بت هو معقوله انا مفضوحة للدرجه دي "
علت ضحكتهم وهم بالمطبخ يفردان الفطير بالصواني ليرن جرس الباب ، استغربت ام سعاد وقالت " مين هيجي بدري بالوقت ده "
ردت اميرة و قالت
" مش يمكن صينية كيكة بالبرتقال المرة دي "
ضحكت عمتها اكتر
" من بوقك لباب السما "
تحركت اميرة قائلة لها
" انا هشوف مين " و اخذت منديل ورقي حاولت مسح يديها دون تنظيفها بشكل كامل من بقايا العجين المتلاصق بها ، فتحت الباب وهي تقول " مـيـن " لم تكمل الكلمة من صدمتها عندما رأته أمامها ، كانت عيناهم لا تصدق صدفة لقاءهم .
اخفضت اميرة عينيها وهرب حسام بنظراته بعد ان أوشكت قلوبهم على البكاء وكأنهم تبادلوا العتاب والدفاع عن انفسهم امام بعضهما.
وعندما اطالت اميرة بالرد على عمتها أتت أم سعاد وراءها لترى من الذي أتى متفاجئة هي الأخرى بوصول حسام ، سرعان ما تغيرت ملامح وجهها ورسمت الفرحة عليها وهي تعاتبه على عدم أخبارها بقدومه
سحبته و ادخلته المنزل وهي ترحب به ، وضع حسام الشنط التي بيده جانبا قائلا لعمته
" هنزل اجيب الباقي وارجع "
تحركت أميرة بعفوية
" لو كتير انزل اساعدك "
وبعفويه اكتر رد قلبه ورفض أن تتعب وتنزل لمساعدته ، شعرت عمتها بحزنها وتغير حالتها بل و بدموعها التي تجمعت بعينيها فور وصوله ، جلس حسام بالصالون بعد ان غسل وجهه ويديه ليرتاح من طريق السفر وهو صامت لا يرفع نظره على أحد
تحدثت خالته وقالت
" احضر لك الفطار ولا تستنى نص ساعة لحد صنية البطاطس بالفراخ تستوي "
رد حسام على خالته بدون روحه المعتادة وقال
" شكرا يا خالتي انا شبعان مش هقدر اكل اي حاجة دلوقتي ، وكمان مفيش وقت المفروض انزل الشغل "
ردت ام سعاد باستنكار
" شغل ايه ده انت لسه واصل والله ما اسيبك ، زي ما قولتلك نص ساعة ويخلص الاكل ادخل نام ولا اقعد قصاد التلفزيون لحد ما يخلص "
بلع ريقه وهو يجبر عينه ان لا تذهب جهة ذهاب قلبه الذي كان يتمرد عليه لم تتحمل أميرة حالته و تجاهله لوجودها وقفت وتحركت بحزن نحو المطبخ قائلة " انا هبص على الفطير "
ردت عمتها عليها
" لا متفتحيش عليه سبيه لسه بدري "
وأكملت لها " بصي مدام وقفتي اعملي لينا كوبايتين شاي ولا اقولك صبي من عصير الكركديه اللي في التلاجه عشان يطري على قلبه "
تحدث حسام من جديد وهو يصر على رفضه انه يشرب او يأكل أي شيء ، حتى انه تحرك ليذهب إلى عمله لولا غضب خالته و أقسامها عليه بالله ان يجلس ويأكل معهم .
وأمام حالته دخلت هي المطبخ لتختفي من أمامه كي لا تجلس معه وتعذب روحها بحالهم الجديد وعدم اهتمامه وصمته ، وكأن كل الذي كان بعيونه و التي شعرت به بقلبه طار وتبخر برفضها له.
اخذت نفسا طويلا واخرجته وهي تصبر نفسها قائلة " كده احسن لينا احنا الاتنين ، اهلي عندهم حق انا مش هقدر استحمل ، والرجال بتتغير بعد الجواز و اهتماماتهم بتتغير معاهم ، وبعدين مفيش حاجة من اللي بفكر فيه كله كان شوية اهتمام زيادة راجع لطلبه وراح لحاله "
وصل لأنفها رائحة تشبه رائحة الشياط أسرعت بفتح الفرن وسحبت الصينية بدون عازل للحرارة لتخرج منها صرخة عالية وهي تلقي ما بيدها لداخل الفرن من جديد ، ركض حسام و هو يسبق خالته للمطبخ بعيون واسعة خائفة عليها ، وجدها تحرك يديها بالهواء متألمة من الحرق ، اخذ كيس مكعب ثلج من الفريزر ليضعه على يديها ولكنها خافت تتألم رفضت متراجعة للوراء
أخذت أم سعاد الثلج من يده وهي تقول لها
" استهدي يا بنتي بسيطة ان شاء الله "
اقتربت ام سعاد منها لترى يدها التي كانت تبعدها عنهم وتخبئها خلفها من شدة ألمها قائلة
" خليني اشوف الحرق "
ولكن من خوفها رجعت بسرعة للوراء ليسوء الامر اكثر عندما اصطدمت بالخزانة الخشبية التي أسقطت على رأسها الأطباق البلاستيكية الكبيرة من داخله مع اطباق اخرى اصغر حجماً .
جلست أميرة مكانها أرضا تبكي بشدة وبصوت عالي مخبئة يديها و وجهها بين ركبها
بكت عمتها على بكائها الموجع وهي تقول لها " استهدي بالله يابنتي ايه اللي حصلك ما انتي كنتي كويسة و بتضحكي ، يا رتنا ما عملناه ، يا ريتني انا اللي اتحرقت بدالك"
دمعت عيونه عليها كان قلبه يتقطع وهو يسمع صوت بكائها الذي كان واضح جدا أنه ليس بسبب الحرق
أمسكتها عمتها و اوقفتها لتخرجها من المطبخ ولكنها رفضت الخروج وقالت بعد ان أوقفت بكائها " الحمدلله انا كويسة ، كنت بفتكر ان الفطير اتحرق ولكنه متحرقش الحمدلله "
مسحت ما تبقى من دموعها التي كانت على خدها وقالت
" انا هحط الفطيرة الأخيرة عشان تخلص قبل الغدى "
جاءت لتمسك صينية الفطيرة الاخيرة متفاجئة بسحبه لها من يدها بضيق قائلا
" فطير ايه و ايدك بالشكل ده ، سبيها انا هعملها اخرجي انتي عشان تحطي كريم حروق عليها ، وبعدين خلينا نشوفها هتفضلي مخبيها لأمتى ورى ضهرك كده "
نظرت ام سعاد لإبنة أخيها بحزن تحدثت به
" حسام عنده حق يا بنتي ورينا ايدك عشان نعرف هتحتاج لكريم و لا ايه "
وبعيونها المحمرة حركت يدها و رفعتها لقرب صدرها وهي تنظر عليها ، فزعت ام سعاد و حسام مما رأوا فكان بطن كف يدها الاحمر منتفخا بعدة كور مائية من شدة الاحتراق
تفاجأت ام سعاد بأبن اختها وهو يصرخ بهم قائلا
" كان لازم تعملوا فطير، وكمان ازاي مخدتيش بالك ، انتي صغيرة عشان تمسكي الصينية وهي سخنة كده "
بكت اميرة من صوته العالي
" لو سمحت متزعقش فيا انا حرة اعمل اللي انا عايزاه "
و خرجت بسرعة من المطبخ لتدخل غرفة عمتها مغلقة بابها عليها لتبكي من جديد لانه لم يكتفي بتجاهله لها فقط بل زاد عليها بصوته العالي وسط تألمها .
انصدم من ردة فعلها و ردها عليه لينتبه حينها على ما قاله ، نظر لخالته بسرعة وارتباك قائلا " و الله مش قصدي انا بس عشان زعلان عليها ، اقصد عشان عشان يعني الحرق كان صعب عليها "
صمت بوجهه الذي فضح مشاعر حزنه واصبح عاجز عن تبرير ما فعله ، رفعت خالته يدها لتحنو على ظهره بحزن قائلة
" عارفه يا بني انك عملت كده من خوفك عليها ، اقعد انت وانا هدخل اشوفها "
رد على خالته بصوته المخنوق وقال
" ياريتني ما جيت ، اعتذري ليها ياخالتي بالنيابة عني " وبنفس حزنه تحرك ليخرج من المنزل
همت ام سعاد كي تعارضه وتمنعه من الخروج ولكنها سمعت صوت باب الغرفة ينفتح من جديد نظرت خلفها لتجد اميره تخرج منه بعد ان أبدلت ملابسها وجهزت نفسها للعودة لمنزلها
تحدث حسام وقال
" ما فيش داعي انك تمشي بدري عشاني ، انا اصلا كنت خارج وكمان انا بعتذر منك مكنش قصدي اضايقك انا اسف "
تحرك ليخرج وهو يستمع لردها عليه
" لا انا اللي همشي تأخرت على البيت و لازم أرجع "
احتارت ام سعاد بينهم امسكت رأسها قائلة
" اااه يا راسي الحقوني ياولاد هقع "
اقتربوا منها سريعا ليمسكها كلا منهم من جهة و تحركا بها ليجلسوها على مقاعد الصالون
تحركت اميرة واحضرت لها كاسا به ماء شربت عمتها وهي تستمع لسؤالها هل أخذت دوائها ام لا ، سألها حسام هو ايضا
" لو لسه تعبانه نروح المستشفى الموضوع ده مفيهوش هزار "
ردت ام سعاد وقالت
" لا انا كويسه امشوا انتوا وملكوش دعوة بيا انا هاكل لوحدي وهكون كويسة "
رد الاثنين بنفس اللحظة ليقولا
" ازاي نمشي وانتي تعبانة".
تبادلا النظرات بصمت لتجيب ام سعاد
" الحمدلله بقيت كويسة اصلا انا متعودة على الوحدة مش عايزة حد فيكم ، هو انتوا هتذلوني عشان تاكلوا اللقمة معايا "
تحدثت اميرة وهي تعتذر من عمتها قائلة
" والله ما قصدي ازعلك اكيد حصلك كده بسببي بعتذر منك والله ، خلاص انا هقعد واحضر السفرة اكيد الاكل استوى دلوقتي "
رد حسام وقال بضيق
" هتحضري الاكل ازاي وايدك كده ، كان لازم تنتبهي اكتر قبل ما تحرقيها بالشكل ده "
اختنقت أكثر منه لترد بقوة وحدة
" اسفة بعد كده هبقى اختار الوقت الي اتحرق فيه "
عادت ام سعاد لوضع يدها علي راسها وهي تقول " آآآآآه ، آآآآآه يا راسي ، قاعدين تتخنقوا فوق راسي وانا تعبانه و هقع من الجوع "
تحركت اميره وقالت لعمتها
" دقايق والاكل يكون جاهز" ، تحرك حسام وراءها متحدثًا بغضبه
" وريني ازعي هتغرفي الاكل والاطباق وانتي ايدك كده "
(استهدى يا ابني عشان تبقى القليل والحفك كف يطيرك ب استمار ١٢ مش ٦ بس😂😂 )
ضحكت ام سعاد وهي تستمع لصوتهم الذي كان يأتيها من المطبخ حين أخرج كل منهما الغضب الذي بداخله على الآخر ، حدثت نفسها وقالت " طب والله حلوين حتى وانتوا بتتناقروا كده ، الله يسامحك يااختي "
( ياللهوي انتي سايباهم ياكلوا بعض وفرحانه هنا 🏃♂️🏃♂️، ده قربوا يضربوا بعض وهي تقول حلوين😂😂 )
اخذت اميرة طبق و وضعته بجانب الحلة وبنفس اليد امسكت الملعقة لتغرف الرز بالطبق ، للحظة نسي عصبيته و نسي حرق ايديها وشرد مجددا بها ، مع الاسف كان هذا الشرود له تفسير سلبي على الجهة الأخرى التي فسرته على غير محله .
وبعد ان انتهت من غرف اول طبق تحرك هو ليسحب منها الملعقة ليتولى الامر وضعا الاطباق على الرخامة الجانبية دون كلام .
وبصمتها بدأت تأخذ اطباق الرز وتخرجها طبق طبق وعندما فرغت من نقلهم عادت لتأخذ اطباق الدجاج بالبطاطس ولكنه رفض اعطائها لها و اخذ صينية كبيرة ليضع داخلها الاطباق الباقية و رفعها وهو يمدها لها قائلا
" يلا خرجيها "
نظرت له ونظرت للصينية وبعند و ضيق منه اقتربت لتمسكها بيد والاخرى المحترقة وضعتها أسفلها قائلة
" مسكتها خلاص سيبها انت "
نظر في عيونها و قال بصوته الذي ارتجف قلبها له و ادمع عينيها من حنانه
" بعتذر منك والله مش قصدي بس شوفي ايدك عامله ازاي ، يعني متنتظريش مني اشوفها كده واسكت "
و اخفض صوته مكملا
" وبعدين كان يتحرق الفطير والفرن كله مكنش حاوج تحرقي ايدك عشانه ، اكيد امي بعتت لكم فطير كتير يعني لو صبرتوا شوية مكنش ده حصل "
ردت عليه بعين مخفضة وقالت
" محصلش حاجه وانا كمان بعتذر اتعصبت ومعرفتش بقول ايه من ألم ايدي ولكن الحمدلله انه متحرقش لانها كانت نفسها تاكل من الفطير بتاعي "
ابتسم لها ابتسامة تشبه ما يغص قلوبهم به قائلا " عندها حق الاكل من ايدك ليه طعم تاني " تشابكت العيون من جديد احدهما بعتاب والأخرى بقلة حيلة .
وصل لهم صوت ام سعاد وهي تناديهم
" خير يا ولاد امال لو ما كنتش بموت من الجوع كنتوا عملتوا فيا ايه "
ضحكوا على كلامها تحدث حسام و هو ينظر لضحكة أميرة
" افهم من كده انك خلاص مش زعلانه مني "
اومأت رأسها بخجل و قالت له
" يلا سيب الصينيه عشان منتأخرش على عمتو "
رفض و تحرك وهو يحملها للخارج قائلا بصوته المخفض
" لا انا اللي هطلعها ، عشان تحرمي تعملي فطير تاني "
ابتسمت بخجل اكبر كانت ام سعاد شاهدة عليه حين راقبت حركاتهم ونظراتهم السريعة لبعضهما كل هذا وهي تمثل عليهم تعبها وانخفاض ضغطها ، اكل حسام و كأنه لم يأكل من شهر كامل فجلوسها أمامه و شعوره بقربها أراح قلبه لدرجة تمنى ان يبقوا على هذه الحالة طوال العمر .
وبعد ان أنهوا طعامهم طلبت ام سعاد من أميرة الفطير مع الشاي لكي تحلي فمها به ، ردت اميرة و قالت " حاضر يا عمتو من عيني "
دخل حسام الغرفة بصينية الشاي الذي حضره بنفسه عوضاً عنها ، سألته خالته
" الا بالحق ياحسام امك بعتت عسل معاك وله الزيارة كلها حوادق "
فكر قليلا وقال " اعتقد انها بعتت "
نادت ام سعاد على أميرة وقالت
" سيبك من العسل المغشوش بتاعنا وهاتي بتاع عمتك مع انها اليومين دول تقيلة على قلبي بس مش مشكلة اللي يجي منها احسن منها "
استغرب حسام من كلام خالته ليسألها قائلا " ليه بس هي امي عملت لك ايه يا خالتي عشان ده كله "
ردت عليه وقالت " قول معملتش ايه "
اعطاها الشاي واقترب ليجلس بجانبها يشرب شايه ، دخلت اميرة عليهم وهي تحمل شنطة بيضاء كبيرة بيد واحدة قائلة
" دورت فيها ملقتش "
من جديد غضب عليها وأخذها من يدها قائلا
" لا ديه لبيت خالي جمال ، وبعدين بتحركيها من مكانها ليه ده انا كنت شايلها بالعافية "
ردت ام سعاد بفضول وقالت
" لتكون امك باعته لبيت اخوها حاجات زيادة عني والله اقاطعها ولا اكلمها بحياتي وانا بصراحة بتلكك لها على خناقة اليومين دول"
ضحك حسام وقال
" لا و هي تستجرأ تعملها ، اعتقد انها لسه بعقلها على انها تعمل حركة زي دي ، بس انا اللي زودت السوداني المملح وانا بالطريق عشان اميرة حبته اقصد عجبها في البلد "
نظرت اميرة عليه ليرفع نظره كي ينظر لها دون ان ينجح بهذا حين فاجأته خالته بصوتها العالي و قسمها ان تأخذ نصفه .
جلس بجانبها ليعدها ان يشتري لها بالمرة المقبلة ما دامت تحبه لهذه الدرجة ، ردت ام سعاد
" كل بعقلي حلاوه فاكرني صغيرة وهيضحك علي "
رن هاتف اميرة تحركت لترى أين هو تعقبتها عيونه لتميل خالته عليه قائلة
" استهدى و اتقل متخلنيش أغضب على امك اكتر"
نظر لها متسائلا
" صحيح هي مالها امي ، ليه مزعلة حبيبتي للدرجة دي "
ضحكت و هي تسخر من كلامه و قالت
" حبيبتك برضوا ماشي هعديها مع انه انا لو حبيبتك كنت افتكرتني انا كمان بسوداني "
ابتسم بخجل رد به عليها
" وطي صوتك ياخالتي عشان ماتفهمناش غلط"
ردت خالته بضيق
" بص يا ابني بصراحة ربنا ، انا قلبي اتنفخ من امك ديه ، انت عارف غلاوتك عندي دوناً عن اخواتك و اميرة بنفس الغلاوة انتوا الاتنين بمكانة سعاد بنتي ربنا يرجعها من غربتها بالسلامة "
رد حسام وقال
" امين يارب ، والله وانا بحبك جدا يا خالتي "
رفعت ام سعاد ارجلها لتربعهم فوق الكنبة
و هي تقول له
" بص يا ابني انا من بعد ما هويدا كلمتني و قالتلي انك متعلق بيها و اتكسر خاطرك من خالك وانا ضميري مأنبني "
رد حسام بحزن
" كل شيء قسمة ونصيب ، الجواز مافيهوش غصب ولو هي شيفاني اخوها صعب جدا ارغمها على غير ده "
وبصوت خفض اكثر مالت عليه قائلة
" البنت ولا قالت ولا زادت خالك اللي قال و اتفق قصادي و بلغ البنت انه رافض و انه هيرد بالنيابة عنها "
وبحزن اكتر رد حسام وقال
" للدرجة دي أنا وحش و ما استاهلش بنظر خالي "
ضربته على رجله وقالت
" لا وانت الصادق مش وحش ولكن وراك ام تخوف بلد ، اب مين العاقل الي يرمي بنته الوحيدة للنار بٱيده ، هو انت ماسمعتش امك وهي قاعدة تتباهى بمواصفات عروسة ابنها و المهام العظيمة اللي هتتولاها الغلبانة بعد جوازها ده لو مرفضش كنت هقول مستغني عن بنته وله تكون مش بنته ولقاها في الشارع مثلا "
رد حسام بسرعة و قال
" هو خالي رفضني عشان الكلام ده "
رجعت اميرة للغرفة وهي تقول
" كان عمرو بيطمن عليا و كمان ندى كلمتني "
ابتسمت عمتها مجيبه عليها
" كويس ، بس قبل ما تقعدي روحي لفي الفطير عشان ماينشفش "
خرجت اميره لتفعل ما قالته لها عمتها ليسأل هو لخالته " ازاي هتلفه بإيد واحده "
ابتسمت خالته على ما قاله
" وانا عشان طيبتك دي وعشان عارفة انك مش زيهم وكمان ما هنش عليا كسرتك وزعلك من خالك قولتلك ، والقرار بإيدك شوف انت هتعمل ايه لترضي خالك و تضمنله ان بنته مش هتتبهدل ، وله انت غيرت رأيك وهترضى بالعروسة الذهبية الي امك هتختارها ليك "
رد باهتمام وسألها
" طب قوليلي يا خالتي اعمل ايه عشان ارضيه"
فرحت خالته مجيبه بحماس
" انا مكنتش اعرف انك غرقان لشوشتك للدرجة ديه "
عادت اميرة مرة اخرى وهي تقول لخالتها
" انا لفيت الفطير و المطبخ كل حاجة فيه مترتبة ، همشي انا دلوقتي عشان عمرو وزهرة عندهم مشوار وهيسيبوا ندى بالبيت عندنا "
شكرتها عمتها و قالت
" تسلم ايدك يا بنتي تعبتك معايا بس والله كان اليوم جميل لولا الحرق ده كان كمل وبقى احلى"
ردت أميرة على عمتها بحب
" لا بسيطة ده حتى خف الحمدلله " نظر حسام على ايديها الي لسه مخبيها بحزن كبير
قامت ام سعاد ووضعت لها من الفطير الذي اعدوه سويا مشددة على ضرورة إعادة التجربة بدون حروق .
وبدون ان يشعر وقف وهو يرد على خالته
" انا مش هسمح بتكرار ده حتى بأحلامك "
نظروا له ليكمل هو بسرعة
" هيا لاوصلك بطريقي " رفضت أن تذهب معه ولكنه لم يستمع لرفضها أخذ الحقائب وفتح الباب ليخرج دون الرد على رفضها .
نادت ام سعاد عليه و قالت
" ونصيبي من السوداني فين ، لا ما انا لا فيها لاخفيها "
ضحكت أميرة وقالت
" حطيت نصه بالشنطة بتاعتك والله "
رد حسام
" شكلنا مش هنخلص النهارده والشنطة تقيله انا هنزل قبلكم "
حضنتها عمتها وهي تدعي لها الله ان يهدي سرها ويفرح قلبها ويكرمها بكل رضا وسعادة في حياتها
فرحت اميرة بدعاء عمتها نزلت و ركبت سيارته وهي تتوقع أن يمر طريقهم بسرعة وصمت ولكنها استغربت خروجه من المنطقة
سألته بسرعة
" هو احنا رايحين فين ، لو مشغول انا بتمشى لوحدي المكان قريب جدا "
لم يرد عليها واكمل طريقة دون ان يبتعد كثيرا ليوقف سيارته وينزل منها ليدخل ماركت كبير
وبعد دقائق عاد ليصعد من جديد مغلقا بابه وهو ينظر لها بالخلف مد يده ليعطيها كيس صغير
استغربت وسألته " ايه ده ؟ "
ابتسم بجوابه الذي تكرر كالمرة السابقة
" اما تفتحيها هتعرفي الجواب بنفسك"
خجلت ولمعت عينيها بمجرد رؤيتها للشيكولاته المفضلة والمحببة لها ، لم يترك لها فرصة حتى تشكره تحدث بصوته المعاتب لها قائلا
" ليه مقولتيش ليا ان خالي هو اللي قرر و رد بالنيابة عنك "
خجلت واخفضت عينيها بحزن ظهر بنبرة صوتها وهي تقول
" متزعلش من بابا ، وبعدين ده نصيب انا ماقدرش اعارضهم ، أكيد هما عارفين مصلحتنا اكتر مننا "
رد حسام وهو يدافع عن نفسه
" ولكني شرحتلك وقولتلك اني مش زيهم ، ومستحيل اقبل لاميرة قلبي انه يحصل فيها الكلام اللي ماما بتقوله ده ، وكمان احنا مش هنعيش بالبلد انتي عارفة اني ببني شقة بالتجمع فوق الشغل بتاعي ، صدقيني حتى بالزيارات مش هيحصل معاكي الكلام ده ولو مش عايزه تروحي تزوريهم "
قاطعته وقالت " انا مش وحشة للدرجة دي و بابا مش قصده كده طبعا ، بس صدقني احلام مامتك وشدتها تخوف جدا "
ضحك وقالها " ممكن اطلب منك طلب "
( اتفضل يا سي حساااام 😍 ده شكل بنات الجروب وجوبهم دلوقتي 😂😂😂)
لم يعطيها فرصة بالرد حين اسرع باستكمال حديثه وطلبه الذي خرج منه حين قال
" ممكن تثقي فيا ، انا قولتلك مفيش كلام من ده هيحصل معاكي ، انتي هتكوني اميرتي انا بس ، ثقي فيا وصدقيني واسمحي ليا اني اكون اسعد واحد بالعالم "
( لا يا حسام لا يا بابا كده مضر على صحة الجروب😂 لم الليلة و لم نفسك وعيونك المسبله دي عايزين نخلص الحلقة بدون اسعافااات😂)
خجلت من كلامه جدا لدرجة جعلت لون وجهها كالطماطم الحمراء
كانت ابتسامتها وفرحتها التي ظهرت على عيونها الهاربة من لقاء عيونه اكبر دليل على إجابتها عليه
تحدث و هو يعود لقيادة سيارته كي يكسر خجلها قائلا
" ودلوقتي جه وقت الشيكولاته طبعا انا ليا نصيب فيها واحدة ليكي و وحدة ليا ، دلوقتي هكتفي بنص بتاعتك و اما اجي زيارة عندكم هاكل النص التاني مع الشاي بلبن "
خجلت اكثر منه ليكمل كلامه قائلا
" يلا افتحيها واديني نصها انا مش بضيع حقي في الحاجات دي بسهولة ، تبقى علينا ندور على اقرب صيدلية اجيب ليكي رشاش للحروق متقلقيش من بعد هترشي عليها و هتكون ايدك كويسة "
ردت وقالت " ملهاش لازمة انا هبقى اقول لعمرو يجيب معاه وهو راجع " نظر لها من مرآة السيارة الامامية وقال لها
" ليه تقولي لعمرو هو انا مش مالي عينك عشان اجيبه لاميرتي ولا ايه "
( لا كدة الأمور خرجت عن السيطرة ولازم نجوزهم بسرعة احسن سمعة ابطالي هتروح في الباي باي وكله إلا الشرف 🤣🤣🤣 )
خجلت اميرة من نظراته كانت تخبئ وجهها وعنيها بعيدا عن عينيه التي ثبتت عليها من خلال المرآه الأمامية ، وصلا لاسفل منزلها اوقف حسام سيارته وهو يدير ظهره لينظر نحوها بالخلف منتظرا نجاحها بفتح الباب المغلق ، اضطرت للنظر لوجهه المبتسم لتسأله
" الباب معلق مش راضي يفتح "
ودون ان تنتظر إجابته التي تأكدت من عدم أخذها وهو بهذه الحالة تحركت بسرعه على المقعد الخلفي للجهة التانية لفتح الباب الآخر هاربة بأقصى سرعتها .
و عندما أبى أن يفتح هو ايضا نظرت له وقالت باستغراب " انت قافل الأمان "
وبدون تردد اومأ حسام رأسه و هو يعترف بإغلاقه أمان السيارة كلها
خجلت اكتر من حالته قائلة بصوت بالكاد خرج منها " افتحه بقى الناس هتاخد بالها "
رد عليها بفرحته " بس انا مسمعتش اجابة لطلبي و بصراحه مش هفتح قبل ما اسمعها ، يعني فيكي تقولي اني لاقيتها فرصه عشان متهربيش مني "
ابتسمت اكتر بخجل و رفعت عينها وهي تنظر عليه " يلا افتح يا حسام الناس هتاخد بالها بجد "
شرد بابتسامتها وبجمال اسمه الذي خرج منها كأغنية جميلة بصوتها الخجول ، رد عليها بفرح
" تصدقي انا اول مرة اسمع اسمي حلو كدة "
…………..
لا عندك بقى انا سكت ليكم كتير ههههه
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.
منها "رواية حياتي"
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..