احكي يا شهرزاد قلبي
الرواية قريبة من مجتمعنا العربي معيد بالجامعة رومانسي يعيش بعالم الأحلام متمني ان يحالفه نصيبه ويجد شهرزاد حياته التي ستدخله جنة الأحلام والرومانسية والسعادة التي لا مثيل لها، وجد شهريار زمانه شهرزاد العصر والاوان🤣طالبة مجتهدة بنفس الفرقة المسؤول عنها 🤣ومنا هنا بدأت معاناته اقصد حكايته
رواية تخالط بين الواقع وعالم الف ليلة وليلة بازدواجية جميلة بجانب قصص لأبطال اخرين سينالون اعجابكم
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
ما بين نهاية فصل الشتاء و فصل الربيع نبدأ قصتنا في صبيحة إحدى الأيام المختلطة بمخاوف و قلق العالم من خطر فيرس كوفيد ، وسط تعليمات عالمية بتوخي الحرص الشديد والحذر من التخالط والأماكن العامة المزدحمة عكس ما يحدث داخل جامعة آداب القاهرة تحديدًا في قسم الأدب العربي حيث تجمع لفيف من الدكاترة والأساتذة والمعيدين في قاعة كبيرة كي يتحدثوا مع الطلبة عن النظام الجديد المفترض اتباعه بالدراسة في ظل أوضاع البلاد والفيرس الخطير الذي أصبح يداهم البيوت والأماكن العامة ورغم كل ذلك إلا أن قراراتهم جاءت عكس المتوقع حين اعتذروا منهم على عدم استطاعتهم التوقف عن اكمال إلقاء المحاضرات الدراسية بمواعيدها المحددة لها وخاصة المحاضرات العملية التي من المفترض أنهم سيبدؤون بها وهي تدريب عملي على الارتجال بإلقاء أبيات الشعر و النثر و الروايات.
علا صوت الطلاب معترضين على هذه القرارات وسط الخطر المحتمل بنسبة كبيرة بوجود عدد طلاب كبير بمكان واحد مغلق مما يؤكد على زيادة نسبة الإصابة بينهم .
تحدث أستاذ الأدب العربي قائلا
" اعتذر منكم كما تعلمون بدون الإلقاء والارتجال أمام الأساتذة لا أعدكم بدرجات و لا نجاح ، ولكننا نعدكم بتباه إجراءات السلامة والتباعد الاجتماعي من خلال تقسيم الدفعة إلى مجاميع صغيرة كل مجموعة سيشرف عليها أستاذها الخاص بها".
وهنا انقسم الطلاب لمعارضين و مستسلمين للقرارات، تحركت هيئة التدريس لترك القاعة بعد أن افضوا ما في جعبتهم من قرارات لا رجعة بها وأن ضجت القاعة بالفوضى والاعتراضات.
وقفت شهرزاد لتخرج من القاعة امسكتها صديقتها نسمة من ذراعها قائلة
" لن تذهبي لأي مكان قبل أن نطمئن على وضع أبحاثنا الاخيرة ومواعيد المحاضرات الجديدة من ثم اذهبي لأي مكان تريدين"
ابتسمت شهرزاد بردها
"معكِ حق انتظري أنتِ هنا وأنا سأذهب للحمام و أعود إليكِ بلمح البصر "
أمسكتها نسمة من يدها مرة تانية وهي ترد بعيون قوية محذرة
" لا يا قلبي أنا لا أصدقك ، لن تذهبي لأي مكان قبل أن ننهي ما علينا إنهائه "
غمزت مبتسمة بتكملة كلماتها
" ومن ثم سنذهب بعدها للحمام سوياً "
شخصت عيون شهرزاد رافعه يدها لاطمة على صدرها قائلة بنبرتها الفكاهية
" لا عيب. كيف نذهب الحمام مع بعضنا؟ ، أنا فتاة مؤدبة كما أن أمي حذرتني من هذا مرارًا وتكرارًا ، يجب علي أن أدخل الحمام وحدي. ولكني اعدك سأعود بسرعة البرق "
ضربتها نسمة بقوة على كتفها مجيبة
" لن تذهبي لأي مكان قبل أن ننهي ما علينا لا تطيلي الأمر ، لنطمئن على أوراقنا ومستقبلنا
و سأطلق سراحك إلى حيث ما تريدين، أرأيت في طيبة قلبي من قبل؟ "
وبنبرتها الضاحكة المعتادة في حديثها مع الأهل والأصدقاء نظرت شهرزاد ليد صديقتها التي علقت بكتفها قائلة
" أنتِ تظلمين نفسك بوصفك ذاتك بالطيبة فقط، فأنتِ رقيقة ولطيفة وحنونة ، الشهادة لله من يرى يدكِ وهي تسقط على كتفي وعيونك المرعبة وهي تبرق كالصاعقة بعيني يكتب لكِ اشعار، و لكن من الواضح أنكِ لا تعلمين قدر نفسك "
و بسرعة و بدون رد سحبتها نسمة من يدها وتحركت بها لتلحق بأحد الأساتذة لكي تستفسر منه عن بعض التفاصيل ، ولكنهما لم يستطيعا الوصول إليه من الازدحام و الفوضى.
علا صوت شهرزاد بضيق دون أن تعي قربها من أحد الأساتذة الآخرين قائلة
" ان حكمتم فاحكموا بالعدل. حسنا علمنا أنه لا مهرب لنا من المحاضرات العملية و لكن لا يمكننا بهذا التزاحم ، والله ان تم تصويرنا الآن وبث حالنا عبر الفضائيات سيُفرض علينا محكمة دولية لا محالة "
ابتسم دكتور نديم و هو يرد عليها من الخلف
" نعم ليس محكمة فقط بل سيفصلوننا من عملنا بلا رحمة ، و لكن هذا ما يجب حدوثه حقًا نعتذر منكم لو كان الأمر بيدنا لأعطيناكم إجازة طويلة المدى لأننا بحقبة حرجة علينا الانتباه على أنفسنا فالمسألة حياة أو موت "
سمعوا صوت ضوضاء مفاجئ قطع حديثهم ، تبين بعده سقوط طالبة مغشي عليها من شدة الازدحام حملها طالب قوي البنيان و خرج بها. من القاعة متوجهاً إلى غرفة الرعاية الصحية.
تذمر الطلاب منهم من ندد بخطورة الازدحام و ما سينتج عنه و منهم من قال
" من المؤكد أنها لم تأكل و لم تنم ليلتها بشكل جيد "
نظر أستاذ نديم لشهرزاد من جديد قائلا
" هيا اتركي ما تقولينه وتعالي معي للمكتب جهزت بعض الكتب الجديدة عليكِ ان تأخذيها لعمكِ فؤاد بطريق عودتك إن كان وقتكِ سامحاً لهذا "
_ " حضرتك أأمرني وانا انفذ على الفور "
رد عليها بامتنان
" الأمر لله وحده يا إبنتي ، وفقك الله في دراستك لتكملي تفوقك. إياكِ ان تنسي وعدي لكِ. أن تفوقتي سيكون مكانكِ بجواري "
و بحماس وفرح ردت شهرزاد
" بإذن الله ساحقق هذه الأمنية لأكون عند حسن ظن حضرتك بي ، و لكني أستأذن منك دقيقتين على الأكثر أهرب من نسمة قبل ان تنتبه لي وأتى بعدها للمكتب "
ضحك دكتور نديم بجوابه
" و أنا ايضا عليَّ أن أهرب قبل ان تشتد المظاهرات أكثر وتقع الفأس بالرأس و يصعب علينا حينها الخلاص "
تحرك مبتعدًا عنها ليخرج من القاعة دون الإجابة على الاسئلة التي تنهال عليه من كل مكان ، جاءها صوت عالي من مسافة ليست ببعيدة ينادي " شهرزاد ، شهرزاد "
ألتفت خلفها و هي تقول بصوت غاضب
" خير ماذا حدث لكل هذا الصوت، وكأنكِ تبحثين عن طفل ضائع، ألم تذهبي للاطمئنان على زميلتك "
تحركت لتقف في مكان أقل ازدحامًا " هيا لنخرج ارهقت من الأصوات وسخونة الهواء وكاني أتنفس ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج منهم فقط "
لم تنتبه شهرزاد للوجه الذي ظهر أمامها فجأة وهو يسألها " هل شهرزاد ؟"
خجلت من سماعه لحديثها الغاضب دون أن تفهم ما به ، ليسألها من جديد
"هل إسمك شهرزاد ؟ ما سمعته صحيح أم أنني توهمت بهذا ؟ "
ابتسمت بخجل وهي تجيب عليه
" لا العفو منك لم تتوهم نعم إسمي شهرزاد "
لم تكمل ما تقوله حتى اقتحمت نسمة حديثهم و هي فرحة " استاذ شريف اهلا بحضرتك "
لم يرد عليها و لم يعطي ردة فعل لوجودها وكأنها لم تصدر صوتًا من الاساس، و كأن جميع من حوله فراغ لا يرى سواها .
نظرت نسمة لضيق صديقتها من هذه النظرات ، مقتربة منها وهي تنظر باستغراب نحو الذي تسمر بمكانه قائلة له
" بالإذن منك ، علينا أن نذهب لمنازلنا فكما تعلم بعد الفرمانات الكثيرة التي صدرت بحقنا صباح اليوم علينا ان نتدرب اكثر استعدادا لخوض المحاضرات القادمة "
ابتسمت شهرزاد ابتسامة مصطنعة وهي تومأ برأسها مؤمنة على صحة ما قالته صديقتها
" نعم علينا ان نذهب و سريعًا أيضا كي نستطيع ملاحقة ما علينا ، فكان عليكم أن تفكروا أكثر من مرة قبل إصدار قرارات تعسفية بهذا الشكل ، اعتذر لا استطيع تزين ما أقوله فما فرض علينا من تقليص المدة وعدم إلغاء او تقليص المناهج المقررة يفوق حد طاقتنا ، كنا نتوقع ان دراستنا عبر الانترنت ( اون لاين) ستكون شفيعة لنا بتقليل كم المناهج أو حتى الرأفة بنا و لكن مع الاسف تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن "
لا زال على حاله دون رد و لا ردة فعل مما جعلها على وشك الانفجار فهي ذات طبع حاد وقوي لا تتحمل ما يفعله هو كالصمت والنظرات المطولة كأنه يتأمل خلق الله بكونه .
تحركت خطوتين متحدثة لصديقتها بصوت منخفض
" أنقذي الموقف بسرعة، حتى لا أصغي لشيطاني واصفعه على وجهه بقوة تجعله يعود لرشده "
( 😳 ياللهوي تصفعي مين لا استهدي كده وقولي يا صبر احنا لسة في البداية متزعلنيش منك 😂)
ضحكت نسمة ضحكة غير مكتملة الاركان يملأها التوتر و القلق وهي تنظر لأستاذ شريف هامسة لصديقتها بصوت لا يسمعه غيرها
" نعم سيعود لرشده لا نقاش، و نحن سنأكل مادته ما دمنا احياء نرزق "
فرغت القاعة من حولهما عندما خرج الجميع بتذمر و غضب حتى نسمة ابتعدت عنهم لتلحق بفتاة خارجة من القاعة أرادت أن تأخذ منها بعض الأوراق المهمة.
مد استاذ شريف يده نحوها للسلام عليها وهو يقول لها بصوت ولهان
" أعرفكِ بنفسي أنا الأمير شهريار "
( انت جاي تهزر عندنا 😂😂يا سنه سوخه يا ولاد مين دا هههههه)
لم تفهم عليه نظرت ليده ثم نظرت لوجهه قائلة
" أفندم؟ أنا لم أسمع جيدًا !!"
عادت نسمة وعينيها تنظر لحالة يده الممدودة قائلة بنبرة يعلوها التوتر
" نعتذر من حضرتك نحن لا نتبادل السلام مع الرجال "
اخفض شريف يده وعاد ليتحدث لشهرزاد وكأنها الوحيدة التي أمامه
" أعرفكِ بنفسي أنا شريف أستاذ الأدب العربي والمسؤول عن نشاطكم العملي من بعد الآن "
لم ترد عليه ظلت صامتة تراقب حالته الغريبة ظنًا منها انه مصاب بعقله قليلا ، ليأتيه الرد من جهة نسمة " أهلاً بك ، بالأصل تشرفنا بمعرفة حضرتك قبل قليل عندما أعلن دكتور نديم عن هذا "
جاء استاذ يبدو عليه كبر السن لباب القاعة الخارجي ينادي " استاذ شريف "
ألتفت شريف نحوه و أشار بيده
" اعتذر منك تأخرت عليك سآتي على الفور "
وتحرك مستاذنًا منهما موجه حديثه لشهرزاد متجاهلًا نسمة عن غير عمد " فرصة سعيدة "
ومن ثم تركهم خلفه وخرج من القاعة ليظلا على حالتهما ينظران خلفه دون أي ردة فعل ، وعندما تأكدا من ابتعاده وذهابه بشكل كامل أصدرت نسمة ضحكة عالية تحدثت بها
" كم هو جميل! من الواضح أن الصيد الثمين شبك بصنارتك هذه المرة و تم الاصطياد بحرفية عالية "
مالت نسمة عليها لتقبلُها من خديها قائلة
"الف مبروك يا شوشو فرحت لك من اعماق قلبي، العاقبة لي إن شاء الله قريبا قريبا قريبا"
ردت شهرزاد بضيق و حالة من الاستغراب خيمت عليها منذ بداية رؤيتها له قائلة
" عن أي صنارة وشبكة تتحدثين، استعيذي بالله. اقسم بالله لولا أنه استاذي و أنا بحاجة لإنهاء السنة الأخيرة من دراستي دون مشاكل ، كان لي تصرف آخر معه. حتى كنت سأعرف كيف ألزمه حدوده، عيب ما فعله. أستاذ بقدره لا يجب ان يكون بهذا السوء وكأنه مراهق"
ردت نسمة بفرح
" و ما العيب بهذا! أنتِ تظلمينه ألم تري حالته وكأنه سقط على رأسه فأصبح لا يعي لأي أحد سواكِ، شرد وذهب مع مهب الريح منفصل عن دنياه كلها بمجرد رؤيته لكِ "
لم ترد عليها مستمعة لعقلها وهو يُذكرها بقوله
" اعرفكِ بنفسي أنا الأمير شهريار "
ورغم حيرتها و ضيقها إلا انها احتفظت بهذا المقطع لنفسها كي لا تكون موضع استهزاء من نسمة و أختها توته عند عودتها للمنزل.
تفرقا خارج القاعة ذهبت شهرزاد لمكتب الدكتور نديم اما نسمة فاضطرت للعودة لمنزلها بعد اتصالات أمها المتوالية تستعجلها بالعودة وعدم التأخر خوفاً على سلامتها.
طرقت باب الغرفة ودخلت بوجهها المبتسم
" اعتذر تأخرت على حضرتك"
أجابها دكتور نديم
" ادخلي يا شهرزاد لا يوجد تأخير يا بنتي لدي بعض الاعمال عليَّ أن انهيها قبل مغادرتي الجامعة ، ان تبقى لديكِ ما تنهيه اذهبي و عودي براحتك ولكن لا تتأخري عن الساعة الثانية "
ردت بسرعة
" لم يبقَ لدي أي اعمال أخرى، ساعة على الأكثر وسيكونون بيد عمي فؤاد بإذن الله، مسافة الطريق فقط "
شكرها دكتور نديم و اوصاها ان تبلغه منه السلام ، و اثناء خروجها تقابلت من جديد مع من عرف نفسه بالشاه شهريار ، ارتبكت مسرعة بحركتها للخارج وهي تستمع لصوت الدكتور نديم و هو يرحب به و يحدثه عن قهوته بضحك فمن الواضح ان شريف عليه دين قهوة جاء للمكتب ليوفي به .
استمرت بخروجها من الجامعة و هي متعبة غاضبة تحاول ترتيب جدول دراستها وكيفية إنهائها كل ما عليها قبل يوم الأحد المقبل.
لم تتوقع ان يصل خبر استاذ شريف لأختها توته التي حدثتها عنه فور وصولها للمنزل.
غضبت على نسمة وهي ترد على اختها
" حبيبتي. صاحبة الشعر الجميل. والقلب الرحيم. أرجو منكِ عدم التحدث معي بأي شيء اليوم لنستأنف غداً ما تريدين قوله ، اتركيني لاعيش احزاني هذه الليلة وحدي "
ضحكت توته بتخفي ناظرة نحو باب المطبخ قائلة بصوت منخفض
" احكي لي ما حدث ؟ ما قصة هذه النظرات والشرود ؟ هل حب من أول نظرة ؟ أم سقوط في هاوية الغرام ؟ الله . أقسم أنني تحمست من الآن "
وضعت يدها الصغيرة الجميلة على فمها قائلة
"كم هو رومانسي ، الواضح أن دعواتي ستستجاب و أخيراً سنعيش بمنزلنا الرومانسية القاتلة"
هزت شهرزاد رأسها وهي تضحك على حالتها
" نعم رومانسي جدًا .اقسم بالله العظيم ان المسلسلات التركية خربت اعداداتك و انهت عقلك تماما ، انظري إلي يا جميلة الجميلات يا حبيبة أختها ما رأيك بأن احضر لكِ فنجان كابتشينو بمكعبات الثلج الباردة مثلكِ وافتح لكِ التلفاز على مسلسل تركي لتعيشي معه اللحظات التي تحلمين برؤيتها ، وتتركيني براحتي كي اعيش أنا أحزاني "
صمتت شهرزاد لوهلة تحدثت بعدها
" على الرغم أن مدحت زوجك لم يقصر معكِ بفعل كل ما تريدينه و أكثر "
ردت توتة بضيق
" باردة ؟!، هل أنتِ متأكدة انني باردة يا عدوة الرومانسية ، أقول لكِ الرجل وقف امامك مثل الصنم لا يسمع لا يرى لا يتكلم و أنتِ تقولين لي كابتشينو و مسلسل تركي "
و بعيونها المرهقة رفعت شهرزاد يدها كي تحك شعرها بقوة قائلة
" أريد لأخذ حمامًا دافئ واخلد بعده للنوم بسلامة، و لكني سأجعله بوقت آخر فنومي يناديني بشدة "
نظرت توته بحسرة على حالة شعرها وهي ترد
" و الله ستحاسبين على هذا المظلوم ، كيف تتعاملين مع النعمة بهذا الشكل "
حسنت شهرزاد من حالة شعرها المتناثر
" لن ينتهي اليوم إلا بهروبي منك "
و رفعت طبق الشوربة لتشرب منه مباشرة بعد أن ملّت من تناوله رشفة رشفة بالملعقة.
حدثتها توته بضيق
"ماذا تفعلين؟!، كيف تشربينه بهذه الطريقة ، إن فعلتيها أمام الناس سيفسد حرك و تبقين ببيت اهلكِ دون زواج "
انهت شهرزاد طبق الشوربة و وضعته جانبا مقربة منها طبق الأرز بالشعرية لتبدأ بتناوله وهي ترد على أختها
" لا تقلقي سحري و شعوذتي محفوظين بسلام اتركيهم بحالهم و اخبريني هل وصلت لكِ تلك العصا الخضراء التي اهدرتي بها دم قلب زوجك "
نظرت توتة باستغراب
" ماذا تقصدين لم أفهم عليكِ؟ عن أي عصا تتحدثين ؟"
فكرت توتة قليلاً لتتسع عيونها الجميلة قائلة
" هل تقصدين صبارتي الراقصة "
و بضحكة مخفية و روح فكاهة قالت شهرزاد
" إن كنت مكان زوجك بعد الشر طبعا ، كنت ترددت أكثر من مرة قبل الموافقة على قرار مصيري كهذا ، كان عليه ان يقلق كي لا يخف أكثر "
و بضيق ردت توتة
" هل ما سمعته صحيح. أنا عقلي خفيف!!!"
تراجعت شهرزاد بحديثها بسرعة
"لا طبعا يا روحي أنا أقصد الأكل خفيف على القلب ، سلمت يداكِ يا روحي طعمه جميل. لم تسعني دنيتي من شدة فرحتي حين أخبرتني أمي أنكِ من تولى أمر المطبخ اليوم ، بصراحة كنت قلقة من اختراعاتك الجديدة و لكن الحمد لله مرت بسلام هذه المرة"
دخل الحج بغدادي المطبخ و هو يرد على ابنته شهرزاد " أنتِ لم تتذوقي الحلوى بعد ، و الله ان لم تتعلم بحياتها غيرها فكان هذا كافيًا لها "
قالها ناظرا لابنته توتة متسائلًا
" إلا بالحق يا بنتي ما الذي أكلته هذه المرة ؟؟"
( الحج بغدادي يمثلني و بشدة🤣🤣)
وبفرحة حركت أكتافها و اطراف شعرها و هي ترد على أبيها
" تيراميسو ، اسمه تيراميسو. سهل ولذيذ سمي بذلك الاسم لأنه يمد الجسم بطاقة كبيرة تلزمه لإتمام نشاطاته الحركية للناس الذين يقومون بمجهود حركي او رياضي و أيضا للذين يبذلون النشاط الذهني كشهرزاد و سهرها بالمذاكرة و المطالعة طول الليل ، كما أنه يساعد على التخلص من حالات الأرق والتوتر ويمنح الشعور بالاسترخاء "
وبنبرة فكاهية ردت شهرزاد على أختها
" أنا بحاجة ملحة لهذه الحلوى. يا ترى ما مكوناتها هذه المرة! "
تحمست توته و قالت
" سهل جدا تستطيعين تحضيره بسرعة ، استمعي إلي جيداً أول شيء من المهم أن تهتمي بنوع كريمة الجبنة حتى يصبح الطعم مميز "
قاطعها بغدادي و قال
" انتظري ، ما دامك بدأتي بالجبنة فانتظري حتى اشرب الماء و اخرج قبل ان تكملي ، بصراحة اعجبتني بشدة و من الممكن تغيير رأيي بها ان أكملتي المقادير على النحو الذي بدأتي به "
دافعت توته عن حلوتها
" لن تغير رأيك لأن مكوناتها جميلة و بسيطة، قشدة طازجة، كريمة خفق، نسكافيه، بسكوت، بهذا القدر فقط و بالطبع جبنة كريمية "
ابتسم الحج بغدادي و قال برضا
" الله . قلب المؤمن دليله علمت الان سبب محبتي لها "
نظر لابنته شهرزاد مكمل بنبرة تحذيرية
" اياكِ ان استيقظ بالصباح لأجدها منتهية ، أنا لم أفهم عليكِ ماذا تفعلين طوال الليل! هل تدرسين ام تنقلين المطبخ لغرفتك !"
قطبت شهرزاد حاجبيها و هي ترد
" حزنت منك ، و لن أكمل طعامي "
نظر بغدادي للأطباق الفارغة أمامها وهو يخبئ ضحكته قائلا
" لا يمكن قلبي الحنون لا يتحمل ، أكملي طبقك على الأقل لا زلتي ببداية طعامك "
و بضحك تحركت توتة و وضعت لاختها قطعة من حلوى التيراميسو وضعتها أمامها وهي تقول
" مستحيل أن تقاوميه ".
ملأ الحاج بغدادي إبريق الشاي ثم وضع داخله ملعقة و نصف من خرز الشاي المنكهه بالنعناع ثم وضعه على الموقد وهو يتحدث قائلا
" إلا بالحق يا بنات أم كريم اسم الله عليه متى ستفرج عن أمكما و تذهب لمنزلها اقترب أذان العشاء وهي مستقرة بمنزلنا. مللتُ من البقاء وحدي أم أنها تخطط على المبيت معنا "
ردت توته بضحك
" لا تقلق لن تراه حتى بأحلامها فاين انام انا واولادي ان بقيت هي، كما تبقى القليل على عودة كريم من عمله ، أنا أيضا مللت لم تترك موضوع إلا و تحدثت به "
امسكت شهرزاد الملعقة وهمت لتأكل حلوتها متفاجئة بأختها تسحب الطبق من بين يديها وهي تنظر لها بعين قوية قائلة
" ماذا ستفعلين بها؟ لماذا أمسكتي بها "
نظرت شهرزاد للملعقة ثم نظرت لتوتة مجيبة
" لا تقلقي الأميرة شهرزاد لم تأكل الحلويات بيدها وخصوصا ان كانت حلوى التلسكوب الجميل "
ضحك والدهم " قامت الحرب. سأهرب انا للحمام لحين انتهاء الشاي"
خرج من المطبخ وهو يسمع
" اعطيني الطبق يا توتة ، يكفيني ما فعله بي الشاه شهريار اليوم "
دققت توتة بعينها متسائلة
" شهريار؟ ، هل يوجد عريس جديد و لم تخبرني أمي عنه ، وانا جالسة هنا اكلمك عن شريف ، انتظري لنبدأ من جديد أنسي ما تحدثنا به عن استاذك الجامعي نحن لسنا من هذا النوع نظرات و نحنحة و ما شابه ، لنركز على شهريار أخبريني ما اسمه؟ و ماذا يعمل؟ و من الذي دله عليكِ؟ ، هل نعرفه أم أتى عن طريق أصدقاء أمي؟ ، أعتقد ان الخيار الأخير منطقي أكثر مما سبقوه بالأصل ان كان من معارفنا يستحيل ان يخطوا خطوة كهذه ، انتظري لقد فهمت سبب زيارة أم كريم و طلباتها الكثيرة كلما أردت الجلوس معهم "
سحبت شهرزاد منها طبق الحلوى و بدأت تأكل بدون رد ، لتكمل توتة حديثها
" لعلمك لا يصح ان تأكلي الحلوى بمعلقة الطعام، لو أنكِ بدلتيها بملعقة الغرف كان افضل لكِ ، على الاقل كنتِ أكلتيها على مرة واحدة وانتهيتِ مما تفعليه "
فهمت شهرزاد عليها اقتنصت قطعة كبيرة لتأكلها باستمتاع وهي تقول
" اعدكِ بأن يكون أدائي بالمرة القادمة أفضل بكثير مما أفعله الآن، حتى أنني سأبهرك باستخدامي شوكة صغيرة او معلقة صغيرة واتناول قطعة صغيرة تليها قطعة صغيرة.. و لكن اليوم اتركيني لأعيش أحزاني براحتي "
و بغضب ألقت توته عليها المنديل الورقي
"تتنمرين عليَّ ، اصبحت مخطئة لأني أردت ان اعلمكِ كيف تأكلين بشكل جميل "
ردت شهرزاد
" كيف اتنمر على حبيبة قلبي ، حقا الحلوى طعمها جميل و الواضح ان مخاوف أبي على نصيبه باتت صائبة لدي الكثير من المذاكرة والأبحاث و من المؤكد أن قلبي سيرمي بي على بحور غرام هذا التلسكوب "
كادت عيون توته ان تبكي و هي تسمع اسم الحلوى من اختها ، ردت بحزن قائلة
" هل تفعلينها عنوة لتفقديني صوابي ، أقسم سيقع ذنبي برقبتك إن أصبت بالضغط بهذا بالسن الصغير "
اخدت شهرزاد المنديل و الملعقة الصغيرة و بدأت تأكل قطعة صغيرة و تمسح بعدها فمها بالمنديل ثم تعيدها لتأكل قطعة صغيرة و تمسح بعدها فمها قائلة
" ما رأيك بأدائي ، هل ارتاح قلبك الآن ، أنتِ تعلمين سلامتك بالدنيا يا قلبي "
همت توتة لترد على اختها برضى و لكنها صُدمت و شخصت بعيونها حين تفاجأت بأختها وعي تمد يدها لتأخذ بطرف سبابتها آخر قطرات كريمة الحلوى من أعلى الطبق.
نظرت الأخرى لحالة أختها و قالت
" لأجل النعمة كي تدعوا لنا ، حرام علينا تركها بالطبق بعد مجهودك الكبير المبذول في تحضيرها "
و بملامحها الطفولية الحزينة ردت توتة عليها
"هل ألمك قلبك على النعمة و لم يؤلمك على صحة اختك التي ستنهار بسببك! ، ان لم يكن لأجلي فليكن لأجل اطفالي الصغار من سيهتم ويعتني بهم بعدي "
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
على أصوات الموسيقى الهادئة بمنزل الشاه شهريار الذي كان يتناول طعام العشاء مع عائلته الصغيرة على مائدتهم الكبيرة التي تنتصف غرفة الجلوس الكبيرة المزينة بأثاث مذهب راقي المظهر رفيع الذوق .
تحدث أباه و هو يترأس المائدة
" طمني يا شريف كيف مر يومك بجامعتك الجديدة"
_"جامعتي الجديدة ! "
ضحكت زيزي مجيبة على ابنها
"نعم جديد لم تكمل اسبوع بعملك "
رد شريف بوجه مبتسم
" الحمدلله رغم ثقل اليوم و تذمر الطلاب على القرارات الجديدة إلا أني كنت مستمتعا بوجودي بهذه الأجواء ، بصراحة اعطيتهم الحق عندما نظرت من جهتهم ، ولكني أرى ان القرارات كانت لأجل مصلحتهم ، ولكنهم مع الاسف كانوا غاضبين بشكل كبير "
صمت ليشرد كيف كانت غاضبة أمامه ليبتسم وجهه بشروده ، استغرب والده امين الحلو من حالة ابنه وشروده غامزا بإحدى عينيه لزوجته
" اشتم رائحة شهرزاد تفوح بالأفق "
ردت زيزي
" لا تشغل تفكيرك ، فإن قرر ابني الارتباط من المؤكد أنها ستكون من مجموعة قائمتي هو فقط يأشر و يختار وانا انفذ على الفور "
ضحك شريف معقب عليهم
" و متى موعد الزفاف إن شاء الله ، إياكم و نسياني بزحمة المدعوين "
رد امين موجه حديثه لزوجته و هو يضحك على ما قاله ابنه
" كنت سأنسى ، هل اضفتي هنادي ابنة ذكري سالم ؟ "
و برضا ردت زيزي
" طبعا. طبعا و على رأس القائمة أيضا "
ثم نظرت لابنها لتكمل
" سأرسل لك صورها وأنت ستحكم بنفسك ، جمال سبحان من خلق وصور وابدع شعر وبياض و عيون واسعة جميلة لا اريد ان انقص من وصفها إن رأيت جمال خديها يا شريف كالتفاح الامريكاني تأتيك رغبة بالتهامه من أول نظرة به ، انا اثق بأنك ستغير معايير اختياراتك كلها لأجلها "
و بضحك رد شريف
" أي معايير تقصدين!. الواضح أنني سأجلس مدة اطول معكم بالطبع تقولان من الجيد حدوث هذا كي نتسلى و نتسامر "
ونظر لأبيه متسائلا
" الستُ محق "
رد عليه والده بضيق
" لا أريد التسلية معك اشتقت لأرى أحفادي يلعبون حولي اريدهم هم من يسلوني و لست أنت ، أمنيتي ان أفرح بك و اسقطك بهاوية الزواج كي تمل و تحصر و تترك عملك وتأتي لتعمل بمالك الحر الخاص بك ، ولكن من الواضح ان العمر سينتهي بي وانا احلم بأحلامي البعيدة "
ردت زيزي الحلو على زوجها و هي تضع يدها على يده
" ليس ببعيد تبقى القليل على اجباره و اختياره شريكة حياته فهذا ما وعدنا به "
قاطعها شريف
" وعدتكم بعد أن اتعين بالجامعة سأفعل ما تريدونه مني و لكن لا تحلموا ان اترك عملي و ما حلمت به لأذهب و اعمل بصباغة و صناعة الجلود"
و بوجه غير راضي رد والده عليه
" و ما بها يا ابني الجلود أليست هي من ربتك وكبرتك و فتحت بيوتنا من سنين "
و بسرعة رد شريف لينقذ ما قاله
" انا لم اقصد ما فهمت . من المستحيل أن أقلل من شأن عملنا أنت تعلم موقفي من هذا الموضوع ، كل الحكاية أنني أحببت الدراسة و التدريس و القراءة والأدب، لم أجد نفسي إلا وأنا بين الكتب و الطلاب ، اتعلم ! عند دخولي صباح اليوم لقاعة المحاضرات مع الدكاترة و الأساتذة و امامي المدرج و الطلاب انتابني شعور غريب. نعم غريب لا يوصف. نشوة وسعادة لم اشعر بها من قبل و كأني أحدث نفسي وأقول لها الآن نجحت الآن حققت حلمي "
فرحت أمه و هي تنظر له بعيونها الحنونة الدامعة
من سعادتها ، ليرد امين الحلو
" ابن الوز عوام ، انا أشعر بكل كلمة تفوهت بها يا ابني و سعيد بلمعة عيونك التي تبرز مدى حقيقة مشاعرك و حبك للأدب و التدريس ، انت تعلم جيداً أنك أحببت الادب العربي بفضلي و بفضل جلساتنا الطويلة ونحن نقرأ سوياً القصص و الروايات القصيرة للأدباء المرموقين، و كما تعلم لي كتابي الخاص الذي سطرت به ما يجول بقلبي من عشق للأدب ومفردات اللغة العربية ، و رغم هذا تخليت عن حبي و اخترت ان اقف بجانب والدي و اعمل معه لتستمر تجارتنا و حياتنا ، فكر معي إن تمسكت بذلك الوقت بشغفي و حبي و حلمي بأن أكون كاتبًا معروفًا يسطر كل ما يجول بعقله و قلبه ماذا كان حال تجارتنا الآن؟ من كان سيحمل هذا العبء الكبير و يستمر بعجلة العمل به؟ "
ردت زيزي بضيق
" هل من جديد؟ ، اخبرتك أكثر من مرة. لن اسمح لابني بأن يتخلى عن طموحاته و أحلامه ، و ليس من الضروري ان يتحمل ما تحملته ونجحت به انت "
أنهى أمين طعامه و تحرك ليقف وهو يتنهد بضيق
" أنا لم أفرض عليه شيء ليكن براحته "
تدخل شريف لينقذ الموقف بسرعة
" ما بك يا أبي هل حزنت مني؟ "
رد أمين على ابنه
" لا يا شريف. انا شبعت يا ابني، أكملا أنتما بالهناء و الشفاء وبعدها نشرب القهوة في التراس الطقس جميل بالخارج"
خطى عدة خطوات مكمل حديثه اثنائهم
" غير هذه الموسيقى بعد أن تنتهي من طعامك لا اعرف بماذا قصرت أم كلثوم معكما كي تستمعا لهذا النواح و بالأخير تنعتوه بالأوبرا والله انتم بهذه الاصوات تظلمون الأوبرا "
انتظرت زيزي ابتعاد زوجها لترد بصوت منخفض يعلوه الضيق
" أكمل طعامك ولا تحزن هو كعادته ينهي كل أحاديثه بذهابك للعمل معه ، و ايضا ما بها الموسيقى لقد بحثت و تغلبت لشهور حتى حصلت على اسطوانتها "
رد شريف بنبرة فكاهية محاولاً تهدئة الوسط الذي قُلب على رأسه كالعادة
" بصراحة لديه الحق بذلك كنت احب الاوبرا حتى سمعت هذه الأسطوانة. أوشكت علبة المسكن على الانتهاء بسببها "
ابتسمت زيزي ونظرت خلفها لتتحدث بصوت منخفض أكثر
" هل تصدقني ان أخبرتك أنني على وشك ان انهي العلبة الثانية ولكن عليّ ان اتحمل فأنت لا تعلم كم دفعت بها "
ضحك شريف وهو يرد على أمه
" و ما الجديد ضعيها تأنس وحدة من سبقوها، وإذا كان على أبي أنا سأختار له اسطوانة جميلة لأم كلثوم وضحكتين مني على دلع منكِ سينسى وتعود ضحكته لتعلو من جديد"
رفعت يدها لتهذب شعرها الجميل القصير مهتمة بعدها بتحسين وضع مجوهرات يدها وعنقها قائلة " اتفقنا ولكني سأحضر له القهوة من يدي اولاً و من ثم نرى كيف سيرضى عنا "
رد شريف بوجه مبتسم
" ضمنا الصلح إذا فهو لا يقاوم قهوتك "
و قفا من على مقاعدهم لتقترب سناء وهي تقول
" بالهناء و الشفاء"
نظرت لها زيزي قائلة
" أمين بيه بالتراس الكبير حضري الفاكهة وقدميها له وانا بنفسي سأحضر قهوتنا الليلة"
أومأت سناء برأسها مجيبة " أمرك يا هانم "
تحرك شريف بعدما انهت أمه حديثها قائلا لسناء
"الأكل جميل اليوم و خصوصا البيكاتا بالشامبنيون اصبحتي ماهرة بها سلمت يداكِ "
( ديه أكله جميلة اول ما تسمعوا اسمها تحسوا انها من المحرمات 😂😂عكس حقيقتها وطعمها الجميل هههههههه)
ردت سناء بفرح
" الله يجبر بخاطرك يا استاذ شريف ويحقق لك احلامك وينصرك على من يعاديك "
اقتربت زيزي من ابنها وهما يسيران قائلة
" لن تصمت الليلة "
_ " بصراحة الفتاة ماهرة بالطبخ. أرى أنها تتعلم من أمها بسرعة كبيرة تستحق الاطراء عليها "
لم تعجب زيزي برد أبنها مجيبه عليه
" ليس بأيدينا غير الرضا، فالأمين اصبح نادرًا بهذا الزمن يا ابني كما اننا اعتدنا عليهم واصبحوا جزء من عائلتنا لا يمكننا الاستغناء عنهم"
تفرقا بسيرهم لتذهب زيزي الحلو لتحضير القهوة، و شريف للطرف الآخر لتغيير اسطوانة الموسيقى واختيار إحدى روائع كوكب الشرق أم كلثوم كان من المفترض أن يختار من روائعها لإرضاء أبيه ولكنه لم يستطع منع نفسه عن اختيار اسطوانته المحببة، ليس ذنبه ولكنها هي من خرجت أمامه، بدأت نغماتها تحوم بالأرجاء فور تشغيلها ليأتيه صوت أمه من بعيد
" شهرزاد من جديد يا شريف! اختر اسطوانة أخرى. قاربت أن اصاب بالتوحد بسببها "
ابتسم بسعادة تحرك بها نحو والده وهو سابح بجمال نغمات المعزوفة الأسطورية
نجح شريف وزيزي بمصالحة أمين كعادتهما وجعله يعود لوضعه الطبيعي، ضحك امين و سايرهم بالأحاديث وهو يحتسي قهوته ممثلاً رضاه و فرحته عكس ما بداخله.
فكان حلمه رؤية أبنه الوحيد يعمل بجانبه في تجارته التي ورثها أبا عن جد.
تركهم شريف وذهب إلى غرفته ليستلقي على فراشه مستمتعًا يدندن سمفونيته المحببة شاردًا بأول لحظة وقعت عينه على شهرزاد قبل أسبوع حين رآها في مكتب الدكتور نديم تتحدث مع أحد اساتذة اطقم التدريس تطرح مشكلة والأسباب التي أدت لحدوثها ومحاولات حلها وعدم الاستسلام للفشل وتطوير الذات للنجاح بتخطيها.
وبرغم انه لم يرى منها سوى ظهرها الموجه له بحديثها مع استاذها ، وبرغم عدم معرفته لها إلا رقيها الفكري وحديثها اللبق المرتب جعلوه ينجذب إليها ويترقب وضعها محاولا رؤية وجهها بذلك اليوم.
تحرك شهريار بنومه مستندًا على جانبه الأيمن وهو يتذكر رؤيتها في الحديقة تتحدث مع الأصدقاء بكل جوارحها كي تشرح لهم شيء يبدو أنه مهم للغاية. ابتسم حين تذكر يدها التي ارتفعت وانخفضت بشكل مضحك وكأنها تصف ضرب احدهم، استطاع أن يستشف ما تقوله من هذا البعد و دون أن يستمع لصوتها من حركة فمها التي تعطي مخارج الحروف حقها بالإضافة لحركات وجهها ويدها التي تصف بالإشارة ما يقوله لسانها.
أسرته الفتاة غريبة الأطوار فهي عفوية .قوية .مستخشنة . لطيفة. ضاحكة. مفعمة بالطاقة . سريعة بخطواتها .متميزة بملابسها.
اجتهدت شهرزاد في دراستها واستعدادها للامتحان الشفوي الذي سيقام غدا بالجامعة
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
انتهت الليلة وبدأ يوم جديد مزدحم بحالة من القلق و التوتر أصابت الطلاب حيال ما ينتظرهم بقاعة المحاضرات حيث سيتم الاستماع لكل طالب على حدا وهو يلقي ارتجاله الخاص إن كان نثراً أو شعراً أو قصة قصيرة.
وبينما الطلاب كانوا يتوافدون على القاعة ليأخذوا مقاعدهم كانت هي على موعد مع القدر حين تعطلت دواليب أتوبيس النقل العام واضطر الجميع للنزول وأخذ مواصلة أخرى تصل بهم لمرادهم .
غضبت مما حدث نظرت لساعة يدها تارة وللطريق تارة أخرى منتظرة أي بشائر لأي وسيلة نقل دون ان تجد.
صادف هذا مرور 'عربة كارو' عربة خشبية يجرها حمار هزيل، نظرت شهرزاد للساعة متذكره أهمية المحاضرة ناظرة بعدها للعربة وهي تحدث نفسها
"لا. اهدئي. مستحيل. لا يمكنني فعلها"
فتحت حقيبتها غاضبة على نسيانها هاتفها في المنزل نظرت مرة أخرى للطريق ثم عادت لتنظر للعربة الخشبية و للحمار مغمضة عينيها وهي تقول " علينا أن نستخدم عقلنا، جميعهم وسائل للوصول لهدفنا، أيًا كانت الوسيلة علينا أن نستقلها لأجل النجاح، نعم النجاح، بماذا أهلوس أنا سأفقد عقلي؟"
استجمعت قواها وهي تحدث نفسها
"اهدئي ستفعلينها، لأجل النجاح ومستقبلك الذي تبقى عليه دقائق معدودة"
وبأقصى سرعة تحركت راكضة على جانب الطريق، تفاجئ المارة بركض الفتاة بقوة وبسرعة كبيرة. من يراها يعتقد انها سيارة مسرعة فقدت مكابحها لتصبح تتطوح يميناَ ويسارًا تتفادى المارة والسيارات القاطعة للطريق دون توقف حتى وصلت لمنطقة أخرى و هناك ارتوت أعينها برؤية سيارة أجرة فارغة من الركاب، وبدون سابق أذن اقتربت وفتحت الباب صاعدة به بسرعة قائلة
"أمامي ستة دقائق على بدء امتحان مهم بجامعتي هل ستساعدني بهذا يا عم؟"
رد الرجل المسن
" نعم يا إبنتي لا تقلقي سنصل بسرعة الصاروخ"
ارتاح قلبها لثواني قليلة تعرضت بعدها لخيبة أمل مريعة حين بدأ السائق بالقيادة البطيئة الهادئة. ازدادت غضبًا واغتياظًا محدثه نفسها
"أي صباح هذا يا ربي، هل صادفت قدري السيئ اليوم، أستغفر الله العظيم وأتوب إليه. الصبر يارب"
وصل أذنيها صوت الراديو الخاص بالتاكسي لتشرد بسعادة ووجه مبتسم، تحدث الرجل المسن ليقول " كل مرة اسمع هذه الموسيقى أشعر وكأنني أستمع لها لأول مرة. أسافر معها لقديم الأزل وتعيدني للشباب "
ردت شهرزاد بفرحة وراحة
"نعم هي كذلك فما عاصرت أجمل من سيمفونية ألف ليلة وليلة التي تسحرك وتبحرك بعالم الخيال والآمال"
تركا أنفسهما للاستمتاع بجمال الموسيقى بكلماتها التي حفرت بقلوب المحبين للأساطير،
لم تنتبه شهرزاد للوقت ظلت مغمضة الاعين مستمتعة بالأغنية والموسيقى الجميلة حتى توقفت السيارة وقول المسن
"وصلنا يا إبنتي، جعله الله يوما موفق لكِ"
شكرته وأعطته أجرة الطريق فاتحة الباب مسرعة بنزولها، لم يخيل لها إطلاقا أنها ستصطدم بالأمير شهريار الذي اوقفه صوت الأغنية و نغماتها الجاذبة لقلبه كالصنم أمامها ينظر لها وهي تنزل من عربتها الملكية كالأميرات مرتدية فستانها السماوي المنفوخ رافعة يديها لأعلى رأسها لامساك ذلك التاج المنير الذي كلل بهِ شعرها الذهبي الطويل.
ابتلع الصنم ريقه و هو لا زال يستمع للأغنية التي لم تعد بنفس قوة صوت نغمتها حين أسرعت الخيول البيضاء بترك المكان للعربات الملكية الاخرى التي كانت تتوالى وتضج الساحة بها ، اصبحت لا تعرف ما عليها فعله هل تهرب من أمامه وخاصة وهو بهذه الحالة الغريبة أم تقترب منه وتلقي عليه السلام لتسأله عن الاختبار الشفوي الذي كان من المفترض أن يديره منذ عدة دقائق ماضية داخل القاعة.
رفعت يدها و حسنت من حجابها الذي خجلت حين تذكرت عدم اهتمامها بوضعه من سرعتها وتأخرها، أقترب منها بوجهه المبتسم قائلا
" هل صدفة أم أنه القدر ؟ "
ابتسمت شهرزاد بتوتر وخجل
" صباح الخير يا استاذ شريف، اعتذر للتأخير و لكني على الأغلب لم يحالفني حظي اليوم فمنذ أن استيقظت وأنا بأكثر من مغامرة أخرج من واحدة تليها الاخرى دون رحمة"
نظر شريف لساعة يده مجيبًا عليها
"ولكني كتبت على صفحتنا الإلكترونية أننا سنتأخر نصف ساعة عن الموعد المحدد "
أرتاح قلبها متحدثه بيدها وكل جوارحها التي لم تتركها شارحة مأساتها
" عندما سرقني وقتي وأنا أدرس للاختبار تفاجأت بمرور الوقت اسرعت بالخروج دون الانتباه لهاتفي بالإضافة لتعطل الاتوبيس "
نظر الاستاذ شريف لجموع الطلاب الذين اقتربوا منه ليسلموا عليه وهم يحثونه على الرحمة والرأفة بهم في أول اختبار لهم.
ابتسم للجميع قائلا
"هيا لنكمل حديثنا في القاعة "
تحرك الجميع بجانبه وخلفه ليدخلوا القاعة الكبيرة، وهم بحالة ترقب ينظرون بالأوراق التي بيدهم يحاولون اتقان وحفظ ما كتبوا بها قبل أن يسلموها لأستاذهم، أما هي فكانت مغمضة الاعين تدندن موسيقى ألف ليلة وليلة لتهدأ أعصابها وتوترها الناتج عن صباحها الغريب.
تحدث استاذ شريف لطلابه فور دخوله للقاعة ليحثهم الهدوء كي ينجحوا في استشعار ما كتبوه وسطروه بخيالهم و فؤادهم.
نجح بتهدئتهم و خلق روح متبادلة من الراحة والسكون بينه وبينهم، أراد أن يبدأ بمن أسرته ولكنه حرص أشد الحرص على عدم اظهار اهتمامه بها أمام الطلاب.
نظر إلى سجل الاسماء بيده وقال
" ما رأيكم أن نغير العادة، اعني ان يكون الاختيار عشوائي من يأتي عليه الدور يقف ويعرفني بإسمه أولا كي أخرج ورقته، ومن ثم يبدأ بإلقاء ما حضره لنا بهدوء"
لم يعترض أحد على المقترح ليرفع شريف يده مشيرًا لشاب وسيم بشعر لامع عذب من كثرة الكريمات المثبتة له " تفضل لتبدأ أنت أولا "
وقف الشاب قائلا
" اسمي أحمد طه. حضرت كلمات قصيرة شعرت بها وأحببت أن أشاركها معكم بأول اختبار"
أجابه أستاذه " تفضل نستمع لك "
_" قلبي محطم ، أصبحت لا أستطيع أن أنسى شيئا. كل ما أراه يذكرني بالماضيّ القديم، يذكرني باندفاعاتي و آلامي الأولى، عشقت ارتداء الأسود فلا تلوموني عليه فأصبح قلبي عاشقا لأناقتي حين تكون بلون قلوب من حولي، أحزن بشدة عندما أحاول مسايرة من حولي فمحاولة إخفاء الحـزن أســوء وأثقل مــن الحـزن نفـسه ، أصالح نفسي بفنجان قهوة احتسيه وحدي مع ذكريات بدت للجميع أنها اختفت وأصبحت رمادا عكس ما كبر واستعمر فؤادي بقلبي المحطم"
أخذ استاذ شريف نفسا عميقا أخرجه بقوة علت عليها نبرة ضاحكة
" ما الذي فعلته بنا؟ من اين اتيت بهذه الكلمات الثقيلة وانت بهذا العمر؟ هون على نفسك يا سيدي إن لم يكن لأجلك أنت فليكن على الأقل لأجلنا انتفخ قلبي بأول صباحه "
ضحك الجميع ليمسح الشاب دمعة حزينة ملأت اعينه و هو يستمع لأستاذه
" أحسنت صنعا بإيصال مشاعرك لنا، بجانب القاءك الجيد و تغيير نبرات ايقاع صوتك مع الكلمات حتى أصبحت بالكاد اسمعه تحيرت هل اهتم بمشاعرك الذي اضفت على صوتك هذه النبرة الحزينة التي يعلوها الاختناق بالبكاء أم اهتم بتمكنك بإكمال القاءك بثبات ، تحتاج فقط لانتقاء تعابيرك أكثر من هذا يعني بأول تجربة لك كان عليك ان تختار تعابير أقوى من التي استخدمتها ومع ذلك لن اهدر حقك لا تخف. تفضل بالجلوس"
نظر شريف للسجل ووضع بجانب الاسم علامة الطالب ثم نظر للبقية من جديد مشيرا لفتاة نحيفة جميلة وقفت بحماس مسرعة بالتعريف عن نفسها " يمنى أسعد أحب الشعر الرومانسي "
مالت شهرزاد على صديقتها وقالت
" ربنا يطول روحنا، ألا يوجد في المدرج كله غير يمنى نبدأ بها الاختبار "
حذرتها نسمة بأعينها، لترد شهرزاد عليها بتخفي
" ماذا افعل اتوتر بمجرد حركتها أمامي، لكِ أن تتخيلي ماذا سيحدث بي بعد إلقاءها شعرها الماسخ قبلي، ذهب مستقبلي وما عانيت لكتابته وإتقانه"
وكزتها نسمة بيدها وهي تحذرها بأعينها
" اصمتي. سيفضح أمرنا ويتم تسريحنا قبل ان نبدأ "
أجاب استاذ شريف طالبته وهو يتغاضى عن همس شهرزاد و صديقتها قائلا
" جميل وأنا أيضا أحب الشعر الرومانسي الهادئ الذي يحيي الروح و يمدها بالسعادة والجمال ، تفضلي بالبدأ اسمعكِ"
حركت يمنى شعرها من أعلى كتفيها بخفة مهيئه نفسها لتبدأ بعد أن غيرت نبرة صوتها لتصبح أكثر رومانسية و هيام و دلال
" ذكرياتك قابعة في كياني يتدفق حبك في شراييني … "
غمزت شهرزاد لنسمة
"لاعت معدتي من أول سطورها ماذا افعل مستقبلي يذهب هباءً منثورا أمام عيناي "
استرسلت يمنى بالإلقاء حتى اوقفها شريف قائلا
" حسنا يكفي بهذا القدر اختيار الكلمات جميل، كل جملة مركبة بشكل جيد و لكنكِ تحتاجين إلى ربط الجمل بشكل أفضل لتكون افضل تناسقا، لن أهدر حقك ومجهودك الواضح باقتناء الكلمات الجميلة انتظر منكِ اداء افضل بالمرة المقبلة "
تغيرت ملامح شهرزاد وهي تقول
" اين الجيد بهذا ، أقسم أنه تبقى القليل على تقيئي ما هذا وكأننا نشاهد فلمًا رومانسيًا تم عرضه على الشاشات لآلاف السنين"
ردت عليها نسمة
" حرام عليكِ الشعر رائع الفتاة ابدعت هذه المرة من الواضح أنها تعبت واجتهدت في تطوير نفسها، حسنا ينقصها الربط بين الابيات كما قال الأستاذ ولكن هذا لا يهدر حقها و تحسن اداءها "
لم تستطع شهرزاد الرد حين لمحت يد أستاذها تشير لها بأن تقف ، اغلقت فمها وهي تبتلع شفتيها داخله مستمعة له
" من الواضح أنكِ لديكِ مشكلة رأيتك تتحدثين أكثر من مرة هل يمكننا معرفة السبب يا ترى"
وقفت مبتلعة ريقها مرة أخرى ناظره لصديقتها تفكر بماذا ستجيب، ليكمل هو
" يمكنني أن استغنى عن الإجابة بحالة واحدة "
اجابته مسرعة " وما هي ؟"
ابتسم ابتسامة يقظة بقلب شارد
" أن تلقي علينا ألقاءً حسن تتفوقين به عن من سبقكِ "
توترت من نظراته و مما قاله ، لترد نسمة عليه " شهرزاد حضرت شيئا مختلفا ومميزًا جدًا "
رد وهو يبحث عن ورقتها دون أن ينتظر تعريفها لنفسها " تفضلي استمع لكِ "
تحدثت بارتباك وخجل
" هي ليست مختلفة ولا استطيع ان احكم هل ستكون مميزة أم لا و لكني اردت كتابتها متمنية النجاح بها ، هي اقتباس من الرواية الاسطورية الخيالية ألف ليلة وليلة ولكنها بنكهة مختلفة، فدائما ما ننظر للقصة من منظور الملك القوي المتسلط الحزين الذي يحكم بلا رحمة أو شفقة والاميرة التي حزنت على زهق أرواح كل الفتيات بمملكتها، وضحت القصة الاسطورية ملامح الاميرة الحسناء فائقة الجمال مرهفة المشاعر لا يستطيع مالكها التفريط به ليؤجل ذبحه بأي حجة كانت..
قاطعها استاذ شريف بوجهه الفرح قائلا
" اشتم رائحة تمرد على رواية ملكت قلوب جميع من سمع عنها، كيف تكتبين قصة لم يتأثر او يأسر قلبك بها"
ردت شهرزاد بقوة تحررت بها من ارتباكها وتوترها متحدثة بكل جوارحها كي توضح وجهة نظرها قائلة
"برغم حبي لها إلا أنني أتحفظ على أحداث كثيرة بها، لهذا اردت كتابتها بنكهة جديدة تظهر اهمية المرأة بالمجتمع وأنها ليست جارية او أميرة تشترى للهوى بل لها أدوار ومسؤوليات تجعل منها نصف المجتمع بل وأكثر عندما يكون عليها مراعاة النصف الآخر"
رد الأستاذ شريف
"تمام سنتحدث في وقت لاحق عن ذلك ولكن الآن عليكِ ان تبدئي بإلقائها علينا كي نستطيع أن نستمع لأكبر عدد ممكن"
انطلقت شهرزاد بقولها " بلغنى أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد و العقل الحكيم أن هناك فتاة بسيطة…..
صمت وشرد جميع من في القاعة مستمتعين بسرد شهرزاد واسترسالها في وصف الابطال والأماكن والأحداث ، كما شرد استاذها بحركة جوارحها وصوتها الذي يعلو وينخفض ويتسارع ليجسد المشهد كأنه يراه .
ظل الجميع على هذا الحال حتى قطعت شهرزاد انسجامهم بقولها " ودون سابق إنذار سكتت شهرزاد عن الكلام المباح حين صاح الديك معلنا أن الصباح قد لاح والليل شد الرحال مفسحا للنور المكان "
صفقت نسمة لصديقتها بحب وإعجاب كبير، كما أبدى الطلاب إعجابهم الشديد بالقصة وهم ينظرون نحو من طار عقله بجمال الالقاء والقصص الذي يذوب شوقا وعشقا لها، علا صوت أصدقائها المعجبين أحدهم قال
" قضيتي علينا" ، تحدث آخر
" والله تستحقين أعلى الدرجات"
تحدثت فتاة " نريد بقية الحكاية "
وبفرحة كبيرة نظرت شهرزاد لأستاذها وهي تسأله " هل تم الأمر؟ "
صُدم الجميع من رد استاذهم
" مع الاسف لا تنتظري مني أي تقدير بهذا الشكل الناقص "
تغيرت ملامح وجه شهرزاد متسائلة
" أكان سيء لهذا الحد؟ "
استغرب الطلاب وملأ قلوبهم الخوف من مصيرهم فكيف بعد كل هذا الاداء تكون النتيجة لا شيء ، ردت بغضب ليس بجديد على شخصيتها القوية
" هل بإمكاني معرفة السبب؟، من فضلك اريد ان اعرف باي شيء أخطأت ؟، أم أن الحديث عن الملك الظالم جعلك..."
دعست نسمة على قدمها كي لا تتحدث بما ستندم عليه مستقبلاً، نظرت شهرزاد لها ثم عادت لتنظر لاستاذها قائلة
" أن سمحت من حقي معرفة نقاط الضعف، أعتقد أنه من حقي معرفة هذا حتى أقاومه واعمل عليه للتمكن من تطوير نفسي وابداء أداء جيد بالمرة المقبلة، رغم أنني لا أرى أي تقصير بما ألقيته فأنا دوما أؤمن بما أكتب ولا أكتب ما لا أقتنع به حتى وإن كان مرضي للجميع"
ابتسم مخفي فرحته بقوتها ودفاعها عن كتابتها بقوة مجيبًا " تصرين على ما كتبتي وأن قلت لك عكس ذلك "
ردت بسرعة وقوة
" لا. لم أقصد ذلك. ولكني مقتنعة بمضمون ما كتبت وان لم اقتنع به ما كنت كتبته ولا القيته عليكم ، ولكني سألت عن نقاط ومواقع الضعف هل بالصيغة ام التعابير ام الإلقاء "
رد عليها و نظرات الفخر والاعجاب تشع من عينيه قائلا
" بالعكس تمامًا التعابير جميلة وبسيطة يستطيع الانسان ان يشرد بجمالها دون جهد فكري، والتسلسل مرتب وجميل، أما عن الالقاء وتغير نبرات صوتك مع الحدث وحالة الحزن والفرح والارتباك اشعرتني أنني أرى الاحداث بعيني وليس فقط أسمعها بأذني"
صُدمت برأيه مجيبة باستغراب
" لم افهم عليك. بما أنه أعجبك لهذه الدرجة فلماذا …
قاطعها بنبرة فرحته
" نعم اعجبني و لا يوجد تقييم لكِ إلا بعد استكمال القصة وسردها علينا، حينها أعدكِ بتقييم مناسب لها "
ردت براحة ورضا
" الحمدلله الآن فهمت، شكرا لحضرتك ولكني اعتذر منك لا يوجد لدي تكملة لها ، كتبت للقدر الذي طلب منا أن نحضره بل وتم التأكيد على عدم الاطالة به، وبهذه الحالة حضرتك مجبر على تقييم هذا القدر فقط "
نغزتها نسمة من جديد لتصطدم شهرزاد يدها وتبتعد عنها وهي تستمع لرد استاذها عليها
" هذا شرطي. لن أعطي أي تقييم دون أن أستمع لباقي الحكاية "
ونظر لباقي الطلاب قائلا
" أليس كذلك! هل توافقوني الرأي ؟"
علا صوت الطلاب ما بين فرح ومؤيد ومشفق أما هي فظلت صامتة تنظر لعينه التي كانت ترمقها بنظرات غريبة لم تفهمها أهو مريض نفسي، ام من الذين يحملون أكثر من شخصية بنفس الوقت، ظلت على حالتها طوال المحاضرة وإلقاء باقي الطلاب ما بجعبتهم واحد تلو الاخر.
مر الوقت بجمال ما كتبه الطلاب وما شعروا به من َوسط هادئ بسبب سلاسة واحتواء استاذهم وهو يدير الاختبار بقوة وحب واستمتاع مما جعلهم يشعرون براحة غير عادية.
اسرعت شهرزاد بعد إنتهاء المحاضرة خلف استاذها منادية عليه
" أستاذ شريف لحظة من فضلك"
استدار لينظر لها قائلا بصوت منخفض
" هل تنادين على أحد، اعتقد تنادين على شخص يدعى استاذ شريف؟"
تسمرت بمكانها للحظات ردت بعدها بوجهها الذي علا عليه تعابير استفهامية كثيرة قائلة
" مع أني لم أفهم شيء مما قلت ولكن كنت أنادي على حضرتك أليس هذا أسمك؟ "
رد ليزيد من استغرابها
" العفو منكِ أعتقد أنكِ تبحثين عن الشخص الخطأ "
…….
من الواضح ان شهريار عصره وزمانه ناوي يجنن اميرته هههههههه
اتمنى تنال اعجابكم اترككم برعاية الله وحفظه