رواية حــيـاتــي
بقلم أمل محمد الكاشف
دراما اجتماعية رومانسية
مرت عدة ساعات بصعوبة كبيرة على الطرفين نظر عارف بساعة يده إذ هي تقترب للرابعة عصرًا ، نظر أمامه بثبات مفعم بالغضب والخوف قائلا " كما تريدين. وعدتك الا يضغط عليكِ أحد حتى وان كنت أنا ، افعلي ما يريح قلبك المهم أن تكوني بخير"
………
تمنى عارف لو تتراجع عن قرارها ولكنها كانت جادة ، هربت أوزجي من النار التي اشتعلت بقلبها المهشم ملقية نفسها في حضن عائلتها وهي قلقة من ردة فعلهم ، هل سيتقبلها والدها أم سيساومها حول بقاءها لديه بشرط الانفصال عن زوجها .
وصلت لأعتاب حديقة منزل أهلها الممتلئة بالأشجار والزهور التي تفوح رائحتها لتختلط مع نسائم الهواء الباردة لتزيد من جمالها جمالاً خاص بهذه المنطقة الواقعة في مدينة طرابزون على سواحل البحر الأسود . يحيط بها سياج حديدي مما يعطيها جوًا من الألفة والدفء. تتوسطها شجرة كبيرة تتدلى منها أرجوحة خشبية جميلة كجمال محيطها.
نظرت نحو منزلها الكبير بمساحته الداخليه يعتلي سطحه القرميد الأحمر بشكل هرمي ، بناء قديم ذو طابع خاص يعكس تاريخ المنازل في تلك المنطقة كالمدخنة الكبيرة والجدران التي يحيطها ألواح خشبية تقلل من الرطوبة العالية في الشتاء.
سمعت السيدة نعمات صوت سيارة الأجرة وهي تقف أمام منزلهم دون ان يطرق أحد بابهم، خرجت لتتحرى من القادم لتجد ابنتها أمام عينيها التي ادمعت من المفاجأة.
تركت اوزجي الحقائب من يديها ملقية بنفسها في حضن امها وهي تبكي قائلة:
" اشتقت إليكِ "
( مش عارفه ليه بكيت هنا بس بجد مفيش أجمل من حضن العيلة تلقي بهمومك في حضنهم وقت ما تغلق بوجهك كل الأبواب )
خرج السيد صالح ناظرًا للاصوات التي تأتيه من الخارج ، تفاجأ هو أيضا متأثرًا برؤية ابنته رغمُا عن قوته وحدته ناطقًا لسانه " ابنتي" اقترب بعيونه الحنونة ليحتضنها بقوة داخله.
لم تتوقع أوزجي احتضان عائلتها لها دون شروط أو أحكام ، جلست على الأريكة وسط والديها متنعمة بحضنهم وقبلاتهم لها وهما لا يصدقان رؤيتها، ابتعدت السيدة نعمات قليلا للخلف وهي ممسكة بذراع أوزجي ناظرة للحزن بعيون ابنتها التي حاولت التبسم بوجههم ورسم الفرحة والسعادة كي لا يكشف أمرها ولكنه قلب الأم الذي شعر بهمها قائلة بحزن كبير
" اه يا ابنتي اه. ألم اقل لكِ ان هذا الزواج لن تنالي منه سوى الألم و الهم. ها أنتِ قد عدتي إلينا باكية حزينة من جديد، بماذا نفعكِ عنادكِ ووقوفكِ أمامنا"
ردت أوزجي على والدتها نافية ما سمعته
" لا لقد فهمتي الامر خطأ أنا بخير. أتيت لكي أراكم. اشتقت اليكم كما أنني أرهقت من ضغط العمل فأتيت لأقضي عطلة جميلة معكم"
لم تقتنع امها بكلامها الذي أوضح نبرة صوتها عكسه ، ولكنها صمتت حتى لا يزداد الحزن الذي تراه بعيونها
تحدث والدها قائلا بحزم
" لماذا لم تخبرينا بقدومكِ حتى نرسل سفر ابن عمك لجلبك من المطار. ما معنى أن تأتي بمفردك كالغرباء"
ابتسمت أوزجي وهي تجيب والدها
" كنت اريد مفاجأتكم بقدومي حتى استمتع بهذه الاحضان والقبلات "
مالت والدتها عليها مرة اخرى محتضنة اياها داخلها وهي تقول" اشتقت لكِ كثيرا كثيرا "
ابتسم السيد صالح وهو يقول
" من يراكِ ويسمع كلامكِ لا يقول انكِ تنهين ارصدة البلدة كلها عليها كل يوم. حتى أنني دعوت الله ان لا تفتح عليكِ الهاتف بأوقات طعامي"
تعجبَت من معرفته بأمر تواصلهم وتمريره رغم قراره بمقاطعة ابنته ، بل تعجبَت بتقبل وجود ابنته دون عتاب او ضغط على جراح لم تدمر بعيونها بعد وكأن قلبه الذي يتظاهر بالقوة والحدة انتظر عودتها منذ لحظة خروجها من منزلهم ليطمئن ويسكن .
أتصلت ياسمين فرحة بخبر وصول قريبتها وصديقتها لمدينتهم ضحكت نعمات قائلة
" من بعد الان سنراكِ كثيرًا "
ضحك سفر وهو يجيب زوجة عمه عوضًا عن زوجته
" طلبت العودة لمنزلها كي تكون قريبة من منزلكم بعد أن عجزت على المجيء بهذا الطقس"
ردت نعمات وهي قلقة على الأطفال
"إياكِ والخروج بهم المكان بعيد انتظري حتى تعودي لمنزلك غدا ومن ثم يا مرحب بكِ في أي وقت "
نسيت أوزجي همها وحزنها بمجرد شعورها بالوسط العائلي الذي كانت تحتاج إليه ، جلست بينهم و شعور الأمان و الراحة و الهدوء النفسي يغمر صدرها بمجرد رؤيتها لاهتمامهم وضحكاتهم ووجوههم الفرحة وعيونهم السعيدة بها.
عكس عارف الذي عاد إلى المنزل مختنقًا بوحدته به ، جلس على المقعد المقابل للدرج العلوي وهو ينظر للأعلى وكأنها تنزل لتجلس بجانبه.
لأول مرة يشعر بأنه لا يتحمل المكان، صعد لغرفته وابدل ملابس لينام على الفور دون تناول طعامه مختنق بانفاسه كأن الجدران أطبقت عليه.
دخلت أوزجي غرفتها بعيون تشعر بالحنين لكل ركن بها. تنظر لأرجائها بقلب أثقله الحزن و الألم الناتج عن تطور مشاعرها السريع تجاه زوجها وهي لا تعرف متى وكيف غرقت بقلبه كونه لا يبادلها المشاعر نفسها .
نامت على فراشها حاملة بعينيها دمعة راكدة في نهر حزنها وشتاتها تتذكر تقربها منه بعد نومه كي تشعر بوجوده وانفاسه بجانبها .
حاولت الهروب من حزنها قائلة لنفسها
" كفاكِ حزنًا على من لا يشعر بكِ. ابتعدتِ عنه حتى ترتاحي و تجدي طريقة للتعامل مع هذه المشاعر. علي أن أكون قوية ولا أظهرها أمام أحد وخاصة هو ، سأحاول نزعها من قلبي قبل ان تنمو وتكبر دون فائدة"
نامت أوزجي بوجهها الحزين مضت الليلة حاملة بجعبتها الكثير من الأوجاع النفسية
استيقظ جوتشي في صبيحة اليوم التالي ذاهبًا للشركة بوجه عصبي قليل الصبر فاقدًا القدرة على التركيز في العمل.
ينظر للأوراق بخيال خال من ابداعه فجأة. امتلكه خوفه من أسئلته التي ضغطت عليه بتكرارها في أذنه ماذا أن قررت عدم العودة ؟ ماذا ان ارتاحت هناك كما كانت تحكي له وإطالة سفرتها ؟
يعطها الحق ببعض الوقت، ويعود ليحملها الخطأ و وجوب تحليها بالقوة أمامهم .
امسك الهاتف لأكثر من مرة كي يتصل بها ولكنه تردد بكل مره قائلا
" وعدتها الا اضغط عليها "
و مع مرور الوقت وكثرة تفكيره امسك الهاتف واتصل بها بسرعة كبيرة لا يريد أن يعطي لنفسه فرصة للتراجع.
كانت اوزجي بحديقة منزلها بالضبط فوق غصن كبير في شجرتها المفضلة تقطف منها التوت الأبيض وتتناوله وهي بالأعلى كعادتها فهي لا تتحمل رويته دون تذوقه.
تناديها امها لأكثر من مرة كي تكتفي وتنزل بحذر ، أجابت عليها بكل مرة
" آتية " ، "سآتي" ، "انتظري تبقى القليل"
كانت تماطل بالنزول كي تشبع وتملأ الطبق الذي بيدها من التوت.
كرر عارف اتصالاته بها دون اجابة منها فالهاتف بغرفتها منذ الصباح. لم تنسى أمره
ولكنه بقي بيدها تنظر إلى شاشته منتظرة اتصاله طوال الفترة الصباحية دون فائدة
تحدث نفسها " سيتصل وهو يفطر "
ومرة اخرى تنظر للساعة قائلة
" هو الان بطريقه للشركة سيتصل بي عند وصوله" ظلت تنتظر وتعطيه المبررات مرة بانشغاله و مرة اخرى بعدم أحقيتها انتظاره بعد الحوار الأخير بينهما وحقيقة زواجهما والاكثر شعورها ان ذهابها فرصه له كي يريح نفسه ويتحرر منها.
ازداد خوف وقلق عارف لعدم ردها عليه، اتى لعقله اكثر من سبب جميعهم اسوء من بعض حتى انه لم يفكر قط انها بعيدة عنه أو انها لم تسمعه.
اصيب بذعر حيال فقدانها و احتمالية تركها له ،
كان الشعور غريب على شخص مثل عارف ترك زوجته السابقة دون أن يتأثر بغيابها مع التحفظ بالجرح الذي احترق به أثر الخيانة دون أن يشعر بشوق وحنين لها.
نزلت اوزجي من اعلى شجرتها بواسطة سلم خشبي قديم ثبت جيدًا لأجلها، اقتربت من امها ووضعت الطبق الكبير على طاولة الحديقة قائلة " أشعر وكأني أريد تناوله كله دون توقف...."
ابتسمت امها بحب كبير قائلة
" لا يمكنكِ الان ادخلي و بدلي ملابسكِ التي اتسخت من كثرة حركتكِ بين الأشجار والأزهار يكفي هذا القدر اليوم. وايضا ستأتي خالتك بعد قليل كي تراكِ وتقضي يومها معنا"
فرحت اوزجي " كم اشتقت إليها كثيرًا"
نظرت لملابسها مكملة
"حسنًا سأبدل ملابسي على الفور و اغسل التوت واعود نتناوله سويًا "
اخذت الطبق وتحركت به نحو الداخل ، حدثتها
امها بصوت مرتفع مملوء بالسعادة
" الشكر لله واخيرًا تذكرت انه يُغسل. اقتربتِ على انهاء الشجرة والان تريدين غسله "
ثم دقت على الطاولة الخشب وهي تقول
" ماشاء الله ماشاء الله حفظك الله يا روحي"
دخلت أوزجي منزلها و وضعت الطبق على مائدة الطعام الكبيرة التي كانت في واجهة الباب ثم تحركت يمينًا كي تدخل غرفتها لتبدل ملابسها اولاً ، سقط نظرها على هاتفها بمجرد دخولها للغرفة اقتربت من مكتبها الصغير لتأخذه وهي تقول لنفسها
" لقد ارتاح مني اتضح انه كان ينتظر ذهابي بشوق"
فتحت الهاتف لتتفاجأ بخمسة وعشرون مكالمة فائتة لم يرد عليها أحد...
ارتبكت من المفاجأة وارتجفت يدها لا تعرف هل تفرح لاتصاله ام تحزن لأنها لم ترد عليه.
توترت أكثر بتفكيرها الذي انتهى بقرارها الاتصال به ، اتصلت ليجيب هو سريعًا
" اين أنتِ ؟ لماذا لم تجيبي على اتصالاتي؟ "
تحدثت بهدوئها المعهود عليها قائلة
" اعتذر منك فلم أسمع صوته. كنت أعلى الشجرة أتناول التوت ونسيت أمره بغرفتي"
وأخيرًا تبسم وجه عارف وهدئ داخله متسائلا " انتظري دقيقه هل كنتِ حقًا أعلى الشجرة أم انكِ تمازحيني! "
خرجت منها ضحكة عالية مملوءة بالسعادة و هي ترد عليه قائلة
" هذا ما حدث اشتقت لشجرة التوت خاصتي "
فرحت باتصاله واهتمامه بها وشعورها بخوفه عليها عندما لم تجب عليه.
ظهرت هذه الفرحة بصوت ضحكتها وبهجتها وهي تتحدث معه .
بادلها عارف الضحك والفرح بعد أن أضاءت دنياه من جديد ، دار بينهما حديث جميل شرحت أوزجي فرحتها برؤيتها لامها وابيها واعادة ذكريات منزلها و هواء مدينتها الجميل.
هدئ عارف واستقر داخليًا مما جعله يكثر من اتصالاته طوال اليوم متحججًا بأي شيء كي يتصل بها. زاد هذا من بهجتها و دهشة عائلتها الذين لم يصدقوا رؤية هذه الفرحة والبهجة التي ترتسم على وجهها وقت التحدث مع زوجها وشرودها بعد الانتهاء من محادثته.
نظرت الأم لزوجها باستغراب فهم من ناموا ليلتهم حزينين على فشل زواج ابنتهم للمرة الثانية ملقين الخطأ على سرعة الزواج والأهداف التي كانت خلفه.
حمّل عارف ابن عمه فاتح سبب حزن ودموع زوجته وهروبها لمدينتها ، تذكر كلامها الأخير وعدم تحملها رؤية هذا الخائن بالقرب منها أكثر من ذلك ، تذكر رؤيته له وهو يتوجه لجهة الحمامات مسرعًا خلفه ليجده ممسك بشعر زوجته، تذكره هذه اللحظات جعله يغضب ويفور داخله من جديد لدرجة انه قرر مواجهة فاتح و إلزامه حده هذه المرة.
خرج جوتشي بقوته المعروفة من الشركة بوقت متأخر استقل سيارته وقادها بسرعة غضبه ، استمر بقيادته الغاضبة حتى توقف أمام المطعم الرئيسي لفاتح
دخل المطعم بكل قوة وعينيه تبحث عنه بكل مكان ، كان المطعم فارغًا من الزبائن لقرب موعد الإغلاق.
سمع جوتشي صوت فاتح يأتي إليه من جهة المطبخ ليتجه نحوه دون تردد مستمع إلى حديثه الغاضب مع الشيف
" كيف لم يلقى الإعجاب المطلوب وهو من أحد أهم الأطباق التي نشتهر بها . ما التقصير الذي اقترفتموه حتى رفضه وعلق عليه الناس دون رضا ، هل تعلم غلطة مثل هذه قد تكلفنا سمعة المطعم بل سمعة السلسلة كلها "
فسر له الشيف قائلا " السبب يعود لتغيير الموردين الذين زودونا بمواد غير طازجة ، لذلك لم تكن كما يريدون، انتبهنا على هذه المشكلة بعد فوات الأوان "
استمع فاتح لتبريرات الشيف بغضب كبير تحدث به " تأخذون اعلى الاجور في الوسط ؟ ماذا تريدون أكثر من هذا كي تتقنوا عملكم؟ كيف لشخص مثلك ذو خبره وسجل مملوء بالتكريمات ألا يتذوق الطبق الذي يعده قبل أن يقدمه للزبائن. هل هذا تصرف طبيعي يقوم به شخص محترف مثلك"
لم يتوقف عن التأنيب والعتاب الغاضب حتى سمع صوت أقدام تقترب منهم.
استدار ليتفاجأ بدخول جوتشي القوي رغم تحليه بمظهره الهادئ كنمر يقترب من فريسته شيء فشيء
حتى يقفز عليها مفترسها.
اقترب للطبق الرئيسي الذي كان عليه الخلاف و مد يده بشوكة الطعام لتذوقه.
صمت للحظات تحدث بعدها
" انت محق طبق كهذا من الممكن أن يقضي على سمعة المطعم"
قال هذه الجملة لترتفع شفته بابتسامة جانبية مستهزئة وهو يوجه نظره إلى الشيف محرك بؤبؤ عينه في اشارة له أن يتركهم قليلا، توتر فاتح ونظر هو أيضا نحو الشيف ليطلب منه أن يتركهما.
تحرك الشيف معتذرًا من فاتح على هذا الخطأ ثم استأذنهم وخرج بهدوء فكان جوتشي طوق نجاة له من كلام مديره الجارح.
انتظر انصراف الشيف ليوجه نظراته الغاضبة باتجاه فاتح الذي تذكر تلقيه ضرب مبرح من عارف يوم رؤيته له وهو يقبل دفنة في المنزل، تقهقر لوضع دفاعي رافعا يديه أمامه قائلا " أقسم لك بأني لم أقصد شيئًا سيءً كنت فقط اريد.. " ..
لم يكمل فاتح حديثه حتى قاطعه جوتشي قائلا بصوت يملئه التهديد القوي "احذرك"
ابتلع فاتح ريقه وتحرك خطوات للخلف مبتعد عن تقدم عارف القوي والغضب الذي يشع من عيونه . أكمل حديثه وهو يتقدم خطوات قوية وثابته اتجاه فاتح قائلا
" دائما ما كنت ترغب بصغرنا بكل ما هو في يدي وملكي . فبرغم كثرة ألعابك كانت عينك دائما على لعبتي وخاصة المفضلة لدي. حتى ببعض الأحيان كنت امثل عليك ان لعبة أخرى هي المفضلة لدي كي يأخذها عمي ويعطيها لك تاركًا لي مفضلتي الحقيقية. ولكن الأمر اختلف كثيرا الآن فلم يعد امامك ذلك الطفل الضعيف"
جاء فاتح ليدافع عن نفسه ولكنه لم يستطع نطق سوى اول حرف مصطدمًا بجوتشي وهو يلقي بشوكة الطعام ارضًا صادما يده بعدها على ادراج المطبخ الحديدة صارخًا بوجهه المقترب ضاغطًا بيديه على عنق فاتح بعد أن علق به قائلا
" احذرك بشدة يا فاتح فهي ليست لعبة. احذرك من تكرار ما فعلته. او الاقتراب منها حتى ولو بنظرة من بعيد. لن أقول لك ستكون عواقب الامر اسوء من هذا الطبق الرئيسي ولا اقول انها ستكون نكسة على سلسلة مطاعمك. لأنك لا أنت ولا مطاعمك ولا اسم عائلتك المشترك سيحميك مما سأفعله بك. سأجعلك حينها تتمنى الموت ولا تحصل عليه انا جاد بكلامي .."
انهى تهديده تاركًا المطبخ بعده اخذ فاتح نفسًا عميقًا لم يخرج بعد حتى صدم بعودة جوتشي وهو يرفع اصبع السبابة قائلا بنبرة تهديدية
" اقسم انني جاد أكثر مما تتوقعه "
خرج بعدها من المطعم مستقلا سيارته ليقودها بأعلى سرعة بها
تنفس فاتح الصعداء وهو يضع اصابعه تحت ياقة قميصه ليقول
" ماذا أصابه! هل فقد عقله؟ لقد كاد ان يقتلني "
ورفع يده ليمسح وجهه المتعرق من الخوف
...................
مرت ثلاثة ايام على ذهاب أوزجي لمدينتها ليأتي صبيحة يوم الجمعة على جوتشي وهو يشرب الشاي في صالون منزله .
اكتفي بشرب الشاي فقط بالصباح و تناول وجبة سريعة خارج المنزل آخر اليوم.
دارت عينيه في أرجاء المنزل وهو يتذكرها بكل مكان .هنا جلست وهنا ضحكت وهنا تحدثوا وهنا خجلت بوجهها الجميل، تذكر اخر فتره عندما كان يستيقظ في الصباح ليجدها نائمة بالقرب منه وكأنها تحتمي به، و اعتياده على العمل بجانبها في الشركة عليها لدرجة لم يكن يتوقعها فلم يتعلق ويهتم ذلك الطفل الشاب بأحد قط قبل ظهورها في حياته باستثناء أسماء زوجة عمه فهي بمثابة والدته الروحانية عالمه الحقيقي النقي الركن الحنون واليد الداعمة والقلب المحب والثقة الكبيرة التي لم ينفرد بها غيرها.
........................
لم يختلف الوضع لدى أوزجي التي كانت تتذكره طوال يومها يراها والدها وهي شاردة مبتسمة تخطئ أمامهم بالتحدث عنه ' يحب هذا ويفعل هذا ويضحك على هذا' كانت ترتبك عندما تعي ما خرج منها مسرعة بتغيير مجرى حديثها امامهم ولكنه شيء لا ارادي فلقد اراد القلب ان يتحدث عنه ليشعر به .
تحولت حديقة منزل أهل أوزجي عشية يوم الجمعة إلى ملتقى للأهل و الاحبه كالعادة ، استغلوا اعتدال الطقس ليجلسوا بها كان والدي اوزجي أقرباء من جهة الأعمام وهذا ما يجعل الود بين الأقارب أكثر.
أقاموا حفل شواء كبير على شرف وجود أوزجي بينهم ، امتلأت الطاولة الخشبية الكبيرة بأنواع مختلفة من الاطعمة و المشروبات اللذيذة التي تم إحضارها من قبل زوجات عمها وخالاتها.
تولى سفر أمر موقد الشواء بجانب المائدة وهو يقص عليهم ذكريات اوزجي مع أصدقائها بالمدرسة وكيف كانت تبكي وتنادي عليه كي يساعدها ، اندمجوا بالضحك على قصص سفر الذي قصها عليهم بصوته الضاحك على ضعف اوزجي أيام طفولتهم فهم غير معتادين على الهدوء و الرقة بهذه المدينة التي اكثر ما يميزها صلابة اهلها وقوتهم وسرعة غضبهم.
صمت الجميع فجأة وهم ينظرون نحو باب الحديقة استغربت اوزجي صمتهم المفاجئ ونظرهم خلفها ، همت تستدير بظهرها كي تنظر لما ينظرون وهي جالسة على المقعد لولا سماعها صوته يصل لاذنها وهو يقول
" مساء الخير عليكم جميعًا "
تحركت أوزجي لتقف ببطئ وهي تتمنى ان يكون ما سمعته غير صحيح ولكنها تأكدت من وجوده فور رؤيتها له متسائلة " كيف جاء إلى هنا وهو لا يعلم العنوان ، تذكرت حضوره ، حفل زفاف فاتح "
وقف صالح ناظرًا نحوه بعيون حادة كما وقف الجميع وهم ينظرون نحو والد أوزجي بترقب وخوف من ردة فعله القوية تجاه عارف.
تحركت أوزجي بسرعة مقتربة من زوجها
وهي تسأله بصوت متوتر مملوء بالخوف
" لماذا جئت الى هنا؟ لماذا لم تخبرني بقدومك آخر مكالمة بيننا؟ "
نظر لها بوجهه المبتسم وعيونه التي هدئت برؤياها قائلا
" شكراً لكِ. كان الطريق جميل لا تخافي لم أرهق به. ما أردت قوله كل شيء على ما يرام"
دنت منه متحدثة وهى تكز على أسنانها
" أهذا وقت مزاح! اقول لك لماذا اتيت ؟"
ابتسم عارف منحنيا عليها وهي بقربه قائلا
" اشتقت لزوجتي" جعلها تندم من قربها منه تراجعت للوراء خطوتين مبتلعة ريقها بقلق بالغ.
(الواد مش مستوعب انه هيتهرس ويتعمل كفتة على الفحم كمان شويه. لا ولسه بيهزر قال اشتقت لزوجتي قال )
الى اللقاء في الجنة يا جووو ههههههه
التفاعل قليل جدا جدا جدا
ارجو الاهتمام بقراءة الفصول حتى نستكمل نشرها بمواعيد ثابته قريبة
انتهى الفصل شكرا ليكم جميع
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد يوم الجمعة التاسعة مساءً، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.