احكي يا شهرزاد
بقلم أمل محمد الكاشف
اتسعت عيونه و هو ينتفض ويقفز من مكانه لتصبح قدمه أعلى مقعده ، عقله لا يصدق رؤيته للدماء تخرج من أنفها بعد ان غابت عن وعيها تماما ، تساقطت الدموع من عينيه مناديا عليها بأنفاسه المتقطعة:
" شهرزاد ، لا شهرزاد ، افتحي عينيكِ "
سحب كم كبير من علبة المناديل الورقية و وضعها على انفها مغلقًا فتحاته ، كما وضع يده الأخرى على وجهها ليحركها يمينًا و يسارًا محاولًا إعادتها لوعيها.
تذكر هاتفه حرك عينيه ليبحث عنه حوله دون تركيز، بدل يديه لتصبح الشمال هي من تغلق انفها واليمين المرتجفة تبحث بجيوب جاكيته ثم بجيوب بنطلونه ليجده أخيرا بجيب قميصه الداخلي اخرجه بسرعة دون أن يتوقع سقوطه من يده بين المقاعد ، نظر لها بخوف وتوتر لعدم استعادتها لوعيها حتى الآن مد يديه بين المقاعد ليلتقط هاتفه دون فائدة، وبنفس اليد امسك حقيبتها ليفتحها ويخرج هاتفها منها قائلا بصوت مرتجف من ذعره:
" اسعاف نعم الإسعاف ".
نظر حوله ليتذكر أنه بالسيارة عاد لينظر لها وهو يقول:
" لا يمكننا الانتظار لنذهب نحن ".
استعادت وعيها بأنفاسها الضعيفة ليسرع هو بسؤاله:
" هل أنتِ بخير ، هل تسمعينني".
أومأت رأسها له وهي تغمض عينيها مجيبة عليه بصوت منخفض، لم يستغرق فقدانها لوعيها الدقيقتان على الأكثر و لكنه شعر و كأنهم ساعتان ، أو ربما سنتان فلقد ذهبت روح من روحه بهما.
حركت يدها لتضعها على أنفها التي شعرت بتألمها من ضغطه القوي اللاإرادي عليه ، رفع يديه و هو يراقب مجرى أنفها متخوفا من رؤية الدم مجددًا ولكن بفضل الله توقف عن النزف.
نظرت لقربه وجلسته أعلى مقعده ويديه الملطخة بدماء انفها بحزن ، تحرك ليعود مكانه متحدثا :
" لنذهب لأقرب مشفى، لا يمكنك الاستمرار بهذا الشكل " .
سحب مناديل مجددا ليضع بداخلهم المناديل المغرقة بحمرة دمها ثم سحب أكثر ليعطيهم لها مشيرا بعينه نحو وجهها وملابسها ، ومن ثم اخذ مجموعة أخرى لنفسه كي يمسح بهم يده وبنطلونه وقميصه فلم ينجو أحدهم من حمرة دمائها التي تنافرت من انفها بقوة .
نظرت لحالته الملطخة تكلمت لترد عليه بوهن:
" أنا بخير أريد أن أذهب لمنزلي فقط ".
كانت يده المرتجفة تحرك المفتاح كي تشغل سيارته ليقودها نحو المشفى دون الاهتمام لما قالته ، كررت حديثها:
" حقا أصبحت بخير ، نزف أنفي ليس له علاقة بمرضي أخبرني أبي أنه كان مثلي يعني لا شيء كبير ".
كرر آخر كلماتها بغضب وضيق:
" لا شيء كبير ، نعم لا شيء كبير ، وانتِ بخير ، و علي أن أكذب عيني وأصدق ما تكذبين به على الجميع ".
دمعت عيونها دون أن تبكي لينظر لها بحزن كبير تحدث به:
" دعيني اساعدك ، اسمحي لي أن أساعدك رجاءً ".
رن هاتفه ليقطع حديثه فتح باب سيارته لينزل منها أولا و من ثم دخل بنصف قامته كي يبحث عنه أسفل المقعد محاولا ايجاده بيده التي وصلت لأبعد من نظره .
رفع رأسه بعد أن أخرجه بصعوبة ليجدها تنظر له ليبادلها نظراتها بهذا الصمت، كانت نظرات خوف وقلق وعتاب ووداع من جانبها ، تحرك ليجلس على مقعده مغلقًا الباب وهو يبدأ حديثه مجددا دون الاهتمام برؤية المتصل به قائلا لها " إن لم يكن لأجلك فليكن لأجلي. لعائلتك " راجع نفسه من المفترض أنه يجب عليه توضيح كلماته التي تشابكت بينه و بين عائلتها و يعيد توضيحها لقول:
" لأجل عائلتك ".
ولكنه كررها بشكل أقوى مصرحا بما يكنه ويخبئه بقلبه قائلا :
" لأجلي، لنذهب سويًا لنجري الأشعة والتحاليل المطلوبة ونذهب بعدها لأفضل طبيب، أعدك لن نترك باب للشفاء حتى نطرقه وندخل منه، أعدك أنني سأكون بجانبك حتى تتعافي وتعودي لكامل صحتك، اسمحي لي، أعطني هذه الفرصة لأثبت لكِ قدرك لدي ".
تحرك قليلا على مقعده ليدير نصف قامته نحوها ليصبح قبالتها مكملا:
"سنحارب قدرنا بإيماننا وقوتنا اسمحي لي ان اشاركك همك واهون عليكِ حزنك بل اسمحي لي كي أكون شفاء لكِ ".
استقامت بجلستها مجيبة عليه:
" استاذ شريف من فضلك لا تصعب الأمر أكثر من ذلك ، أعدك أنني سأبلغ عائلتي بمرضي بعد انتهاء المنتدى بالأصل حجزت أمي موعد لي عند دكتور كبير بالمنصورة ".
قاطعها مندهش: " هل المنصورة!".
_ " نعم المنصورة ، جميعنا اصبنا بالدهشة ولكنها تشكر به ولم نرد كسرها ، سنذهب بعد أقل من أسبوعين وحينها سيعلم الجميع كل شيء".
تحدث من جديد:
" ممتاز وحتى هذا الموعد سنقوم نحن بإجراء التحاليل والاشعة المطلوبة كما قلت لكِ لن نترك بابا إلا وسنطرقه باحثين متأملين في أن نجد به علاجك وشفائك التام " .
قاطعت حديثه :
" أشعر أنه آخر المطاف ، وكأني أودع عالمي وكل ما أحب ".
اصمتها ليجيبها :
" لن يسمح لكِ عالمكِ ومن تحبين أن تودعيه، لن أسمح أن تضيعي من يدي بعد ان وجدتك، اعترف لا أعرف كيف حدث لي هذا، بليلة وضحاها وجدت نفسي غارقا ببحور هائجة ثائرة عكس ما حلمت وبحثت دائما، استغربت من حالي وملاذي، كلما تقربت منكِ وتحدثت معك او حتى رأيتك من بعيد حدثني حدسي ليقول هذه هي نعم هي ولا يمكن أن تكون غيرها".
قاطعته و هي تتحرك بجدية على مقعدها:
" أستاذ شريف من فضلك ".
لم يهتم لمقاطعتها له أكمل بقوة:
" اسمحي لي بتحقيق حلمي والفوز بمن اختاره قلبي وعقلي اريد ان أكون بجانبك اساعدك و اساندك بشكل رسمي، تحدثي مع عائلتك وانا أيضا سأتحدث مع عائلتي لنحدد موعد قريب يتعارفوا به على بعضهم البعض لتتقاطع طرقنا".
رن هاتفه مجددا لينظر له قائلا :
" أعتذر منكِ اتصل أكثر من مرة وعلي أن اجيب ".
فتح هاتفه ليحدثه أباه انه بطريقه للمنزل وشدد عليه أن لا يتأخر عليه ليبدأوا رحلتهم باكرا، رد شريف و هو ينظر لها :
" تمام لن أتأخر لا تقلق ولكن قبل سفرنا هناك أمر خاص وعاجل أريد أن أحدثك به ".
رفعت يدها لتراجعه عن حديثه وهنا نظر لها مطولا دون كلام ، ناداه أباه ليجيبه شريف:
" أنا هنا سأتحرك الآن ونكمل بالمنزل ".
أغلق هاتفه لتسرع هي بتحدثها:
" لا تتسرع دعنا الآن من هذا العرض انا لا اريد أحزانك، لأرى أولا ما سيحدث بمرضي وعلاجي ومن ثم نتحدث ".
اجابها بحسم :
" لا أريد مراجعة فيما قلته ، ستذهبين وتحدثين عائلتك عني ، تخبريهم أنني سآتي لخطبتك ، وسأفعل انا هذا أيضا لا داعي للتأجيل وبعدها سيكون من السهل مساعدتي لك بحرية أكبر، لن اتركك لتستسلمي بهذا الضعف اما هذا او نذهب فورا لمنزلكم و أبلغ عائلتك ".
صمتت أمام ضيقه وخوفه واصراره، أدار سيارته وبدأ يقودها للخلف حتى خرج من تحت الشجرة ثم أعاد توجيهها لتصبح مقدمتها بوجهة الشارع الرئيسي متخذا المخرج الأيمن ليبدأ طريقه باتجاه منزلها .
اغمضت عينيها لتهدئ من نفسها وارهاقها مستسلمة نسبيا لما قاله، فهي بأشد الحاجة لمن يقف بجانبها ليساندها ويمدها بطاقة إيجابية .
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
أوصلها بسيارته حتى أسفل بناية ذاهبًا دون مساعدتها بالصعود بناءً على طلبها واصرارها ، بل وبناء على اعطاءه وعد منها أن تفكر بأمر طرح ما طلبه على عائلتها.
وصل شريف لمنزله مباشرة لتنذعر أمه من حالته والدماء التي غطت قميصه وبنطلونه اقتربت بذعرها كي تتفقد يديه واكتافه وارجله دون أن تسمح لنفسها بسماع كلامه.
خرج امين من غرفته وهو يغلق ازرار قميصه باحثًا عن مصدر الصوت بذعر.
رفع شريف يديه للأعلى محرك اقدامه قائلا:
" أقسم أنني بخير" .
ردت أمه بخوف:
" هل قمت بحادث سير، هل مات المصاب ؟".
رد أمين على زوجته:
" أعوذ بالله الله لا يكتب علينا هذا ".
رد شريف ليطمئنها :
" لا يوجد مصاب ولا حادث طريق ، كل ما في الأمر طالبة بالجامعة نزف أنفها و انا حاولت مساعدتها ".
نظر لحالة ملابسه من جديد مكملا:
" من الواضح أنني لستُ بارعا بهذا الامر".
وضعت زيزي يدها على صدرها قائلة بأعين مغلقة و قلب تنفس الصعداء أخيرا:
" الشكر لله ، كنت سأموت من خوفي".
تحرك أمين ليجلس على المقعد الجانبي معقبًا على زوجته:
" منكم لله شُلت ركبتيِ من الخوف، هل يصرخ المرء بهذا الشكل وكأن البناية ستسقط بنا " .
اقتربت سناء وبيدها الماء لتعطيه لزيزي التي جلست على المقعد الجانبي مشيرة لها كي تعطي لأمين الماء أولا .
تحدث شريف لهما:
" أعتذر منكم لم أفكر ان اللقاء سيكون بهذا السوء، بالمرة المقبلة سأتصل قبل أن أتي ".
( يعجبني فيك يا شريف يا ابني ثقتك بنفسك 🤣😂😂 ).
و بسرعة رد الأبوين:
" أعوذ بالله الله لا يقدر علينا السوء".
تحدثت زيزي بخوف:
" انقبض قلبي ، لا يوجد سفر لكما" .
_" لا إله إلا الله . أخاف من انقباض قلبك هذا، رأينا بآخر مرة ماذا حدث لنا من خلفه ".
استغرب شريف من حالتهم و انخفاض ضغطهم و ضيقهم ليقول:
" لا داعي لكل هذا سأبدل ملابسي وينتهي كل شيء ، كنت اعتقد أنني مرهف الحس لهذا لا اتحمل رؤية الدماء ولكني بعد ما فعلتموه أشعر و كأنني أسد مقداد ، فلقد أمسكت الدم بيدي بسابقة لم تحدث من قبل و أيضا دون خوف ".
( هو انا ليه شعرت اننا قلبنا على يحيى الفخراني في حمادة عزو ههههه 🤣 طبعا الي متفرجش على حمادة عزو و ماما نونه فاته كتشير 🤣 ).
اهتز جسد زيزي لتغمض عينيها:
" اصمت لا تحكي لا اعرف كيف امسكته ، آلمتني رأسي بمجرد التخيل آآآه ".
رد شريف على امه :
" كانت بجانبي وبينما انا أحدثها نظرت لها إذ بها فاقدة لوعيها والدم يخرج من انفها متناثرا كالنافورة، لا اعرف كيف ولكني لم أجد نفسي إلا وأنا ممسك بأنفها ".
رد أمين بدوران رأسها:
" أصمت يا ابني كانت ركبتاي والآن جسمي كله هل اتفقتم علي اليوم ".
( هههههههه ايه العيله المسخره ديه بصوت وحيد سيف المره ديه 🤣 ).
أنزلت زيزي يدها من على وجهها قائلة:
" و انا أيضا لم يبقى بجسدي جزء إلا وارتجف مما قاله".
ثم نظرت لابنها لتكمل :
" كان عليك أن تترك غيرك ليتدخل عوضا عنك ، لا أصدق أنك أمسكت الدم بيدك وجئت إلينا بهذا الهدوء ".
رد امين على زوجته:
" كنت قد نسيت هذا الأمر ".
و نظر لابنه مكملا :
" بني ألم يكن لديك فوبيا من الدماء والجروح أين ذهبت ".
ابتسم شريف وهو يتذكر كيف فزع وقفز وكاد أن يفقد عقله بمجرد رؤيته للدماء بل وتذكر كيف اقترب منها ليضع يده على انفها متخليا عن ذعره لإنقاذ حبيبته .
رد أباه بغضب :
" اضحك ، اضحك ، والله سأريك وأخرج منك ثمن ما فعلته بنا ".
رد شريف بنفس حالة وجهه قائلا:
" هذا يعني ان الحب يصنع المعجزات ".
امسك أباه وسادة المقعد من جانبه و ألقاها عليه:
" نعم يصنع المعجزات انتظر لأستطيع الوقوف على قدمي حتى أريك قدر محبتك بقلبي و كيف سأصنع بها معجزتي بإعادة تربيتك "
أخذت أمه نفسا عميقا لتخرجه بهدوء متسائلة:
" هل هي بخير الآن ، ماذا قال الطبيب".
رد على أمه بثقة أدخلت الشك بقلبها :
" لا تقلقي ستكون بخير، نزف انفها أمر عابر يحدث لعائلتهم ، ومع ذلك لن أهدأ ولن يرتاح لي قلب حتى أسمع هذا الحديث من طبيب مختص".
صغر امين عينه و هو ينظر لابنه، لتتحدث زيزي محاولة أن لا تعطي للأمر قيمة أكبر:
" وأين ستستمع أترك الأمر من المؤكد أنها تعلم مشكلتها وكيفية التلاؤم معها ، هيا اتركنا من هذا الأمر واذهب لتبدل ملابسك تأخر الوقت كان عليكم أن تكونوا على الطريق الآن ".
رد امين عليها:
" و الله افكر بتأجيله ، حضري لي قهوة وسط و انا سأقوم ببعض الاتصالات لأرتب الأمر أتمنى لو لا اسافر و يتم حله بالاتصالات ".
تحرك شريف بضع خطوات وهو يقول لوالديه بوجه مبتسم:
" ممتاز وانا سأبدل ملابسي و أعود أليكم، لدي موضوع مهم أريد أن أحدثكم به ".
اومأوا رؤوسهم دون رد عليه ناظرين لبعضهم البعض بعد ذهابه، ليتحدث أمين:
" لا أعرف من أين جائني هذا الشعور ".
و بصوت ضعيف و قلب قلق سألته زيزي:
" أي شعور " .
ابتسم وجه أمين:
" الشعور الذي جعلك تخفضين صوتك وتتحدثين بقلق بدى على وجهك بوضوح ، ألم تستمعي له و هو يقول الحب يصنع المعجزات واضافة إلى انه لن يرتاح له قلب حتى يطمئن من الطبيب بنفسه بالإضافة لوجهه المبتسم بشكل مختلف وكأنه غرق بأحلامه وهو يحدثنا ".
ردت زيزي بضيق:
" لا يوجد ما تقوله ، أنت تتوهم ، هل لأنه ذهب و انقذ الفتاة شعرت بهذا ، لا أعتقد أن شريف سيسقط بمجرد اسعافها حتى بالخيال لم يحدث مثل هذا ".
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
اختلف الوضع بمنزل البغدادي حين اكهل الحزن عاتقهم واصبحوا لا يستطيعون تحمل رؤية تدهور صحتها .
شهقت الأم لآطمة على صدرها فور رؤيتها لبقع الدم المتناثرة على حجاب و ملابس شهرزاد .
أسرع بغدادي باصطحاب ابنته للحمام بحكمة وهدوء قائلا:
" هل عاد نزف أنفك من جديد "
عجزت شهرزاد عن النطق بأي حرف أمام حالة أمها و اختها التي دخلت بصدمة مما رأته، ساعدها أبيها بغسل وجهها ويديها محاولا تهدئة حزنها الذي ظهر بعينيها، ربت على ظهرها متحدثًا بنبرة حنونة:
" والله يا بنتي كان يتكرر معي بنفس الشكل وأكثر، لا داعي لخوفك وحزنك أمك ستساعدك بتبديل ملابسك ونذهب بعدها لنطمئن من الطبيب".
أخذتها أمها من يده قائلة:
" نعم تجهز أنت حتى اساعدها بتبديل ملابسها وارتدي بعدها على الفور ".
_"لا داعي لذهابنا بالأصل لدينا موعد عند طبيب المنصورة ".
قالتها شهرزاد بصوتها الحزين المتعب ردًا على والديها، تدخل ابوها قائلا بحزم :
" لا أريد اعتراض سنذهب لنطمئن حتى وان كان الأمر بسيط فلا يمكننا أن نتهاون مع نزول كل هذا الكم من الدم ونحن بأشد الحاجة له ".
تحركت مع أمها وهي تنظر لعيون أختها الواسعة الثابتة عليها دون حركة لتدخل غرفتها جالسة على الفراش بصمت، أخرجت توتة ملابس أختها من خزانتها كما رفعت أمها حجاب ابنتها من على رأسها .
تحدثت شهرزاد لتقول
" أنا سأبدلها بنفسي ، اذهبي أنتِ وتجهزي ".
_ " تمام هذا أفضل كي نكسب وقت أكبر".
نظرت أمال لابنتها توتة قائلة:
" من المؤكد أنه احترق اسرعي واغلقي النار أسفله رائحته ظهرت " .
وبضيق أكملت آمال لشهرزاد :
" كنت احضر مهلبية الحليب التي تحبينه لكن الحمد لله ذهبت بشرها عنا " .
_" لا عليكِ يا أمي ليس لنا نصيب به ".
وقبل أن تخرج من الغرفة و تغلق الباب على ابنتها سألتها هل هي متأكدة انها بخير وتستطيع تبديل ملابسها وحدها.
أومأت شهرزاد رأسها بالإيجاب لتكمل أمها خروجها ذهابها لغرفتها لتتحضر بسرعة، لم تكن بقدر سرعة شهرزاد التي كانت خشيت أن يرى أحدهم البقع الحمراء التي في جسمها .
انهت ارتداءها السريع لتجهد بعده وضعت رأسها على وسادتها بجلستها كي ترتاح قليلا وهي ترتب ما ستقوله للطبيب كي لا يشك بأمر مرضها .
عادت أمها للغرفة لتجدها قد نامت بجلستها اقتربت منها قائلة بصوت هادئ:
" لا مهرب مني ، هيا لنذهب".
ردت شهرزاد من الأحلام :
" جاء السلطان افسحوا الطريق".
ردت أمال باستغراب:
" أي سلطان! شهرزاد ، شهرزاد ".
استدارت أمال لتنظر لبغدادي الذي تحدث:
" من الجيد انها نامت سيفيدها نومها".
ردت على زوجها بغضب:
" لو اقسمتم على جنوني لن تفعلوا بي ما تفعلوه، ما بك كيف سأتركها وهي مريضة لنذهب ونطمئن ومن ثم نعود لتنام براحتها ".
جاءهم صوت شهرزاد وهي تهمهم:
" رجاءً لا تخبرهم ، رجاءً".
ورغم حزنها الكبير تحدث البغدادي بحسم قائلا:
" اتركيها لترتاح ، إن استيقظت وحدها نأخذها ونذهب، وإن لم تستيقظ وأكملت نومها براحه وسلام نذهب غدا ".
_" سأموت بسبب برود اعصابكم، أقسم أنني سأموت منكم ".
قالتها أمال بغضب خارجة بعدها من الغرفة معلنة صمتها ومقاطعتها لهم .
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
وقفت زيزي الحلو بوجه ابنها رافضة لما قاله مجيبة بنبرة اندهاشها:
"أي شهرزاد!، نحن لم نتفق على هذا. هل كنت تسايرني وتضحك عليّ وأنت تعلم من تريد".
_" هل برأيك انا شخص من هذا النوع يساير ويراوغ ويضحك على الغير يا أمي، كل ما في الأمر أنها ظهرت بحياتي فجأة لم أكن متأكدا من مشاعري وبعدها… ".
قاطعته بغضب :
" نعم وبعدها! قل اسمعك وبعدها ماذا؟، هل وقعت بحبها؟، هل ضحكت عليك وجعلتك تراها رغمًا عنك ".
تدخل أمين ليهدئ و يراجع زوجته :
" لا إله إلا الله. اصبري يا زيزي دعينا نفهم منه أولا وبعدها استنتجي ما تريديه ".
تحدث شريف مدافعًا عن من اختارها قلبه وعقله:
" ما بكم! لما كل هذا الغضب؟ جعلتموني اندم على التحدث معكما".
و نظر لأمه نظرات عتاب مكملا بضيق:
" هل انا شخص ضعيف وتافه بنظرك لهذه الدرجة ".
_" لا يا ابني امك لا تقصد ما فهمته هي فقط تفاجأت ، انت تعلم انها تحلم بعروستك واختياراتها الكثيرة لأجلك ".
ردت زيزي على زوجها بضيق وغضب:
" لا تدافع عني أمامه لقد استحق ما قلته ، انظر كم بحثت وعانيت لاختيار الأفضل والأجمل وهو يأتي ليقف امامنا ويخبرنا بكل دم بارد انه اختار طالبة لديه بالجامعة وليست أي طالبة ، لا أصدق أن مستوى اختياره وصل لهذه المرحلة لا نمط خاص ولا جمال ولا مستوى اجتماعي، كيف له أن يختار بهذا الشكل".
نظر امين لابنه متسائلا:
" هل هي كما تقول أمك ؟".
تدخلت زيزي قبل أن يرد شريف على ابيه متحدثه بعصبية:
" نعم كما أقول لقد رأيتها بعيني هل ستكذبني ، يومها بقيت انظر لابني واهتمامه بسقوطها باستغراب. الآن فهمت حاله ولما أتت لمتجرنا كان يتوقع أنني سأعجب بها وتنجح خطتهم بسقوطها واهتمامي بها " .
لم يصدق ما يسمعه تحرك بعصبية مبتعد عن امه كي لا يغضب اكثر، تحدث أباه من جديد قائلا:
" لا يمكننا إكمال حديثنا بهذا الشكل اهدأوا".
تحدث شريف بضيق قائلا:
" أعتذر منكم لا يمكنني الصمت و الهدوء ، ولن ارد على الاتهامات التي قالتها أمي بحقي او حق شهرزاد، فلقد كبرت و تربيت على أن أثق بنفسي واختياراتي ولا أدافع عن شيء لم ارتكبه ".
وقف أمين بجانب ابنه قائلا:
" فهمت بشكل خاطئ امك لا تقصد ما تقوله نحن نعلم من انت جيدا، كل ما في الأمر أننا نحلم لك بمستقبل جميل مشرق ناجح ".
رد شريف بغضب :
" لا أهمية لمستقبل مشرق وناجح بدون راحة وسعادة وحب وتفاهم ، انا من سيعيش هذا المستقبل و أنا من له الحق باختيار شريكة حياته التي تتقاسم معه مستقبله بحلوه ومره ، شره وخيره، بياضه وسواده ".
جلست زيزي بشموخ و رأس مرتفعة واضعة رجل على رجل قائلة:
" لنغلق هذا الموضوع لقد اخذ من وقتنا اكبر من حجمه، أنا لا أقبل بها انتهى".
ثم نظرت لزوجها بنفس الشموخ والقوة:
" هيا حضر نفسك لتسافر حتى يمكنكم البقاء عدة أيام لتريحوا اعصابكم و تجددوا طاقتكم".
رد شريف بضيق:
" انا مصدوم بشكل لا يصدقه احد ، نعم لا أريد احزانكم ولكن أنتم أردتم هذا ، اعتذر منكم ليس امامي وقت كبير سأذهب غدا للتحدث مع البغدادي والد شهرزاد لأطلب ابنته منه ، أنوي على إقامة حفل صغير بمنزلهم لتبدأ بعدها في رحلة علاجها التي سأقف معها وبجانبها بها حتى تستعيد صحتها وعافيتها ونحدد الزفاف بعدها ".
انزلت زيزي أرجلها لتستقيم بجلستها وهي ترد بغضب كبير:
" هل فقدت عقلك يا شريف هل ستتزوج بدون رضانا ، انظر لما قلته أرأيت بعينك لقد أكلت عقلك وسحرتك ".
تحدث أمين متسائلا:
" رحلة علاج ؟ ، هل هي مريضة؟".
أجابه ابنه دون التعقيب على أمه:
" نعم مريضة لا نعرف التشخيص النهائي لمرضها ، أيا كان التشخيص فأنا وعدتها سأقف بجانبها اساندها وادعمها حتى تتعافى ، لا أحد يعلم بأمر مرضها ولا حتى عائلتها ضغطت عليها حتى أخبرتني بصعوبة، أعلم انه أمر لا يستهان به ولا يمكننا تخبئته لوقت كبير لهذا سأخبر والدها غدا بحقيقة مرضها كي تتلقى دعم عائلي هي بأشد الحاجة إليه في الوقت الحالي".
و باهتمام كبير تحدث أمين:
" يا ستار يا رب هل المرض خطير لهذه الدرجة ".
_" احتمال كبير ان تخضع لجلسات كيماوي او عملية ، لا أعرف و لكن كل ما أعرفه الآن أنني لن اتخلى عنها ولن اتركها بهذه الحالة وحدها، رجاءً لا تضغطوا عليّ وتجعلوني احزنكم مني أو ادخل معكم بطريق معاكس لا أحبه ".
تحرك خطوات وهو يكمل: " سأرتاح بغرفتي ".
ابتلعت زيزي ريقها قائلة بعد ذهاب أبنها:
" يا ستار. ابعد عنا المرض يا رب".
عاتبها أمين بصوت منخفض:
" ما كان له داعي ما فعلتيه، هل تدار المشاكل بهذا الشكل، انظري تبين ان البنت مريضة وابنك كما تعرفيه من المستحيل أن يترك احد بهذا الوضع فما بالك بمن أثرت بقلبه من اول يوم كما أخبرنا ".
و بنفس ضيقها ردت زيزي:
" لا دخل لي بمرضها ، شفاها الله وكتب لها النجاة ، لا يستوعب عقلي انه تعلق بها لمجرد انها مميزة ومجتهدة وقوية، أوهم نفسه وتعلق بما لا يدوم، العائلة والوضع الاجتماعي هو من يبقى ".
رد زوجها معقبًا عليها:
" لا إله إلا الله ، استهدي يا زيزي واستمعي جيدًا لما يقوله لسانك. هل تريديني ان افقد عقلي!، منذ متى أصبحتي شخص عديم المشاعر هكذا. يقول لك مريضة وسنخوض علاج وعمليات والله عليم هل ستكمل بعدها حياتها أم ستنتهي رويدا رويدا كالكثير غيرها، و انتِ لا زلتي على غضبك " .
ردت زيزي باستنكار وغضب:
" هل أصبحت عديمة المشاعر الآن؟، هل تريد مني أن اربط ابني بشخص لم يتبقى في عمره إلا القليل، سيكسر وينتهي ابنك ان تعلق بها وأتى أمر الله بعدها ، كلانا يعلم قلبه اقسم إنه سينتهي ويذهب خلفها ، لن اضحي به ولن اقبل أن يتعلق بها أكثر عليه أن يبتعد وينسى من الان. أفضل من كسر سينتهي حب التعلق واعتياد رؤيتهم لبعضهم بشكل يومي رويدا رويدا حتى ينساها وتنساه بانشغالها بمرضها و ألمها وعلاجها ".
تحرك أمين ليتركها تتحدث وحدها، سألته باستغراب:
" إلى أين لم انهي حديثي بعد ".
رد مجيبًا دون النظر لها:
" يكفي بهذا القدر لا استطيع تحمل ما تقولينه ".
و اكمل سيره إلى غرفته لتتحرك هي خلفه مكملة:
" هل أصبحت مخطئة وسيئة لأني أخاف على مشاعر ابني ومستقبله " .
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
استيقظت شهرزاد منتصف الليل لتجد نفسها على فراشها وسط ظلام دامس تحركت لتجلس مستندة على وسادتها الخلفية متذكرة قلق والديها ونومها بعد ارتدائها و تحضرها للخروج .
نزلت من على فراشها مقتربة من مقبص الإنارة لتضيئها ومن ثم تفتح الباب لتخرج من غرفتها متوقعة رؤية احد والديها مستيقظا .
استغربت من الهدوء ونوم الجميع نظرت لساعة الحائط لتجدها الثانية بعد منتصف الليل تحركت متجهة للمطبخ وهي ممسكة بمعدتها التي فرغت تماما، فتحت البراد واخرجت ما رأته أمامها من اطباق الجبن والفول والموالح و وضعتهم بصينية كبيرة .
وصلت أمها للمطبخ بعد ان سمعت حركة غريبة به لتجد ابنتها تسخن رغيف العيش البلدي على عين الموقد، اقتربت وأخذت العيش من يدها قائلة: " كيف أصبحتي ؟".
ردت على أمها بابتسامة جميلة :
" أصبحت جائعة".
نظرت أمها للأطباق داخل الصينية و هي تهز رأسها بالرفض:
" اتركي الجبن. حضرت لكِ لحمة محمرة بالزبد البلدي ستأكلين أصابعك معها".
ضحكت شهرزاد فرحة مستمتعة بمضي الوقت الجميل بجانب أمها وهما يتحدثان كسابق عهدهم فشهرزاد هي الابنة الأقرب لامها لتشابههما من حيث تفكيرهما و ملامستهما للواقع .
تركتها أمها لتذهب للحمام كي تتوضأ وتصلي ركعتين لوجه الله قبل الفجر داعية الله أن يحفظ لها عائلتها و يرفع البأس عن ابنتها .
ذهبت شهرزاد لغرفتها ناظرة للفراش بعقل مستيقظ يأبى أن ينام ، تحركت واخذت حقيبتها لتخرج منها دفاترها ثم جلست على مكتبها لتفتحها و تقرأ ملاحظات استاذها بها .
شردت بجلستهم وحديثهم وآخر ما قاله لها في السيارة ، أخذت نفسا عميقا واخرجته بقوة محدثة نفسها:
" لا وقت لدي لهذا ، لا أريد مساعدة احد ".
فتحت صفحة جديدة بيضاء لتكتب بها:
" ضعيفة، منهكة، لا طاقة ولا حيلة لي ك، بل لا وقت كبير أمامي، استهلك من انفاسي ما ينفذ به رصيد حياتي، اخطو خطواتي بقلب مودع لكل مكان تطأ قدمي به، انظر بعيون احبابي راجية أن لا أصبح ذكرى عابرة تمر وتنسى بعد ذهابي، عداد زماني توقف وأصبح يسير بعكس رغباتي وأحلامي، الألوان تخالطت وتوحدت بالأبيض والأسود الغالب، اتنهد من أعماق بركاني الثائر بنيران أحزانه ، أؤمن بالأقدار والرضا والصبر وأن الله لا يكتب على شخص إلا الخير أعي هذا جيدًا ، ومع ذلك تظل عيناي متعلقة على حزن من حولي. كيف سيتحملون فكرة رحيلي؟، انا لا اريد أحزانهم الموت عندي أرحم وأهون من أن يعصفوا ويهزموا ويتخبطوا بحدادهم عليّ، لا اعرف ما علي فعله لا أريد احزانه هو أيضا معي ، لا أريد ربط قدره بقدري لا فائدة من تضحيته وتعلقه ونسج شباك أحلامه بي ، ساعدني يا الله، ارضني بقدرك، توفني وأنت راض عني، هل ترضى عني يا الله ، هل احزنتك مني دون أن أعي هذا، هل وجدتني بغير ما أمرتني به، هل أخذتني دنياي عن طريق الهداية، أرضى عني يا الله، اغفر لي ما تقدم وما تأخر يا الله، اللهم أني استغفرك وأتوب أليك ، تقبلني عندك يا الله ".
سبقت دموعها ما خَطٌَ بقلمها .
وضعت ذراعيها على مكتبها لتدفن رأسها بهم باكية لربها مكملة استغفارها وتوبتها وخوفها من لقائه ، ظلت تبكي دون صوت حتى نامت على حالتها إلى ما تبقى من ليل لتشرق الشمس بيوم جديد استيقظت به برأس متعبة وأكتاف متشنجة من وضع نومها .
وكالمعتاد ارتدت ملابسها بسرعة تناولها لفطورها وتحدثها مع والديها بضرورة اللحاق بموعد أستاذ نديم لمراجعة قصتها وما بين معارضة أمها وموافقة أبيها خرجت شهرزاد من منزلها وهي تعدهم أن تحافظ على نفسها وتعود باكرًا .
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
على الصعيد الاخر كان الوضع لا زال مضطربا الأم رافضة ما طرحه الابن عليهم مصرة على زواجه من فتاة احلامها هي ، أما الاب فلا زال يضغط عليها لترضخ للأمر الواقع كي لا يخسرا ابنهما الوحيد، ظل امين لوقت متأخر يقنعها لتغير رأيها وتترك له الخيار موضحا حساسية وضع الفتاة قائلا :
" ضميره وعاطفته هما من يتحكمان به اتركيه ليخوض التجربة وقوفنا بوجهه سيُخسرنُا الكثير، سيعاند ويكابر ويعادي لأجل إرضاء ضميره وقلبه المشفق عليها ، إن أراد أن يساعدها ويعينها على ما هي به لا يحق لنا الوقوف أمامه وإن حدث هذا ستكون عواقبه كبيرة بالمستقبل ، ولا تعودي لتشتكي من العناد ورفض أي نصيحة دون أسباب واضحة ، حتى وإن كُسر بعد رحيلها فنحن هنا بجانبه سنسانده ونعيده لحياته الطبيعية وبعدها افعلي ما تريدين ، كما قلت لكِ هذا المرض لأيمكن الخروج منه بسهولة، رغم اني ادعو الله ان يشفيها ويرفع عنها هذا البلاء العظيم لأجل عائلتها " .
تحركت زيزي مقتربة من مائدة الفطور و هي لا زالت تتذكر باقي حديثها مع زوجها أمين حين ردت عليه:
" هل تظن أنني بلا قلب وبلا رحمة ، أتمنى لها الشفاء وادعو لها أيضا و لكني خائفة على قلب ابني انا اعلم ان قلبه الصغير الجميل لن يتحمل عبئ كهذا وقوفه بجانبها أثناء بدئها بالعلاج مرورًا باستياء حالتها وصولا للقدر المنتظر ، صدقني يا أمين سيذهب وينتهي من بين يدينا سيذبل ويتمزق قلبه وفؤاده حتى أن روحه ستذهب خلفها إن ابتعد عنها من الان سيكون جيد لكل الأطراف لا أريد أن أخسر ابني، أتفهم عليّ؟".
اقتربت سناء متحدثة بصوت منخفض :
" زيزي هانم هل تأمروني بشيء أخر".
نظرت للفطور قائلة: " هل خرجا".
أجابت سناء قائلة:
" نعم أمين بيه خرج منذ نصف ساعة و أستاذ شريف خرج من بعده بدقائق ".
ردت زيزي بصوت محتقن:
" حضري لي القهوة و أجمعي الفطور لا شهية لي الان".
_" تحت أمرك يا هانم ".
تحركت زيزي للشرفة الكبيرة المطلة على النيل وهي أكثر ضيقًا واختناقًا لتحكيم ابنها لقلبه وعدم انصاته لما نصحته به ، رن هاتفها لتفتحه مجيبة:
" صباح النور يا حبيبتي ".
ردت زوجة أخيها:
" شغل عقلي طوال الليل بما اخبرتيني به ، طمنيني إلى أين وصلتم، هل استطاع ابوه إقناعه".
و بنفس حالة صوتها الحزين ردت زيزي :
" ذهب ليتحدث مع والد الفتاة ، لم نستطع إقناعه ولم نستطع مراجعته عن ما أراد ، قال له أمين كما تشاء نحن قلقون عليك و لا نريد أن نراك حزينا او مكسورا و إلا ما الداعي لرفضنا، تدخلت أنا وحاولت إقناعه شارحة له الوضع من جديد ولكنه رفض وتمسك باختياره ".
ردت:
" لا اله الا الله ، والعمل ؟".
ردت زيزي وهي تجلس على مقعد من الخوص:
" قلت لكِ ذهب ليتحدث مع والد الفتاة، برأيك أي عمل بعد هذا ".
_" لا حول و لا قوة إلا بالله ، خير ان شاء الله، لا تحزني و اتركي الأمر بيد الله ، انا والله رغم رفضي للموضوع إلا أن الفتاة اثرت بي جدا ، يا قلبي لا زالت ببداية حياتها كان الله بعون أهلها ".
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
ذهب شريف لمقابلة الحاج البغدادي والد شهرزاد ، تحير بأمره ناظرًا لأبواب الشقق المنزلية داخل البناية محاولًا معرفة أيًا منهم منزلهم.
يقف أمام كل باب وهو يفكر يا ترى هل هو باب منزلهم ام الذي بجانبه كرر صعوده ونزوله بالطوابق متمنيا رؤية أي إشارة أو صوت يدله على ضالته، سمع صوت يأتي من الأعلى انتظر نزول صاحبة الصوت الدرج ليجدها طفلة لم تتعدى عامها العاشر اقترب مبتسما منها قائلا " لو سمحت أي منهم منزل أستاذ بغدادي" و أشار خلفه نحو البابين .
نظرت الطفلة للبابين ثم نظرت له بصمت استغربه هو ناظرا خلفه ليكرر سؤاله من جديد متعجبًا من تحرك الطفلة لتنزل باقي الدرج راكضا قائلة:
" العنوان خاطئ ابحث بمكان آخر".
وقف شريف مع نفسه لعدة دقائق يراجع العنوان ورؤيته دخول شهرزاد البناية، نزل الدرج من جديد ليخرج للشارع كي يتأكد من البناية ليرى الطفلة وهي تتحدث مع صاحبة عربة بيع الفلافل، ركز نظره قليلا على حالتهم و حديثهم وهم يشيرون نحوه قائلا لنفسه :
" ما بهم وكأنني أتيت لسرقتهم".
نظر لملابسه ليتأكد من وضعها بعد أن شك بنفسه .
تحرك و دخل البناية من جديد ملتقط نفس عميق مليء بالتوتر قائلا:
" سأختار اول باب أمامي و أجرب حظي ".
اقترب من الباب متراجعًا عن طرقه:
" هل يحبون اللون الأخضر لهذه الدرجة ".
تراجع للخلف و هو يهز رأسه نافيا :
"لا ليس هو. إن رأته أمي ستسقط بالحال ".
قرر أن يصعد للطابق الثاني وبعدها للثالث ثم الرابع لينزل بعدهم من جديد وشعور الحيرة والقلق والتردد والهروب من المواجهة يمتلكونه.
رن جرس الباب الذي أمامه بطريقة لم يطرقها ضابط شرطة من قبل، لم ينتبه على نفسه حتى رأى عيون السيدة التي فتحت له الباب بسرعة ذعرها، ازداد توترًا تحدث به:
" معذرةً لم انتبه على يدي التي علقت على الجرس".
ردت السيدة بدون مقدمات:
" الحمدلله انك لم تنتبه ، الله عليم ماذا كنت ستفعل إن انتبهت، قل ماذا تريد ؟".
لفت انتباه شريف ذلك الشاب الذي تحرك من خلف السيدة واختفى داخل المنزل لينظر للسيدة قائلا: " لا شيء شكرا لكِ ".
اتسعت عينيها بغضبها ليضطر لتفسير طرقه الباب قائلا ليكمل هو سريعًا:
" كنت أبحث عن منزل أستاذ شرف الدين البغدادي ".
ردت السيدة بصوت قوي يعلوه نبرة شديدة:
" بغدادي ؟، خير ما حاجتك به ".
ارتبك شريف مجيبًا:
" كنت أريد التحدث معه ".
_" في ماذا ستتحدث و أيضا هل جئت لتتحدث معه بهذا الوقت المبكر ".
نظر نحوها بتعمق محاولا استيعاب ما هو به، ثم نظر حوله من جديد قائلا:
" تمام لنأتي المرة القادمة بوقت أفضل من هذا بالأذن منك ".
تحرك ليبتعد وأذنه تستمع لصوت أتاه من الأعلى:
" ما بكم جعلتوا الأمر أكثر إرهابًا، من سيكون يعني وكأني هارب من حكم قضائي ".
تعرف شريف على الصوت صعد للأعلى وعيونه على السيدة التي تحركت خلفه وهي لا زالت تنظر له بعيون قوية.
ضحك بغدادي فور رؤيته للضيف:
" أستاذ شريف ".
( بسيوني بسيوني 😂😂😂 حازم حازم ههههههه ، أيوه يا حج هو بعينه هههههه ).
ارتاح شريف عند رؤيته لوجه بغدادي الضاحك، اقترب بيده الممدودة ليسلم عليه ويأخذه بالأحضان قائلا : " اهلا بك تفضل تفضل ".
فتح البغدادي ذراعه مشيرًا للضيف نحو باب منزلهم ثم نظر لجارتهم قائلا:
" شكرا يا ام عيسى".
_ " هل هو من معارفكم يا حاج ".
رد البغدادي عليها:
" كوني مطمئنة يا ام عيسي شككتموني بنفسي ".
نزلت الجارة ليدخل شريف المنزل ومن بعده الحاج البغدادي الذي لا زال يضحك ساخرا:
" و الله يا ابني للحظة كنت سأصدق أنني هارب من حكم قضائي ".
أجابه شريف بخجل:
" أنا آسف جدا على قدومي بدون موعد ".
رد بغدادي بسرعة :
" اهلا بك بأي وقت ، ولكن عليك ان تنتبه أنا رجل صاحب مرض ولا قدرة لي على الهروب بسرعة ".
خرجت ضحكة عليه أكمل بغدادي حديثه بعدها:
" أربع اتصالات تحذرني من رجل غريب الشكل يبحث عني ، بصراحة اعطيتهم الحق دخلتك علينا تشبه رجال المباحث ".
ضحك شريف من جديد مكرر اعتذاره، خرجت الأم أمال مرحبة بضيفهم وهي تترقب ما سيقوله بقلق .
تحدث بغدادي:
" بماذا نضيفك هل تحب القهوة، الشاي، عصير".
_ " لا داعي لأتعابكم شكرا لك ".
رد البغدادي باستنكار:
" استغفر الله عن أي تعب تتحدث".
ثم نظر لزوجته قائلا:
" حضري لنا قهوة سكر زيادة تعوض التوتر الذي عايشناه " .
ضحك شريف قائلا باحترام كبير:
" يفضل قهوة سأكون ممنونا إن كانت سادة ".
_ " أنا قلت دخلتك دخلة رجال المباحث".
قالها والد شهرزاد وهو ما زل يضحك، تحركت أمال بوجهها المبتسم:
" من عيوني دقائق واجهزها لك ".
وبأخلاقه العالية أومأ شريف رأسه ليشكرها.
اخفض البغدادي صوته متحدثًا وعينيه على جهة ممر المطبخ:
" نصيبك أن يكون بهذا القدر، إن كانت توتة موجودة لكان زمانك الآن تتمتع بالنسكافية والملتوتشيك والتمرسون والأشياء الغريبة الخاصة بها، ولكنها ذهبت لمنزلها عند عودة زوجها بوقت متأخر، فمدحت يعمل بنظام ورديات أوقات في الصباح واوقات بالمساء، المرة المقبلة أخبرني بقدومك وانا سأجعلها تحضر لك عفريت جميل من عفاريتها".
امسك شريف نفسه عن الضحك بصعوبة ليتحدث بحماس وراحة متسائلا:
" و يا ترى ان كان العكس يعني ان كانت شهرزاد هي الموجودة ".
خرجت ضحكة عالية من بغدادي لم يستطيع التحكم به مجيبًا عليه:
" سيكون أخرك شاي ويصلك أما مغلي زيادة وأما بارد وغير مضبوط ".
حك شريف لحيته الخفيفة بيده قائلا:
" هل الوضع مأساوي لهذه الدرجة ".
أكمل بغدادي ضحكه:
" امزح طبعا بالمرة السابقة حضرت لي نسكافيه ليس بسيء كما إنه لم يحدث لي شيء بعده، طبعا اعتنت بتحضيره وايصاله ساخنًا لأجل أن أسمح لها بالسهر ".
وفجأة لاحظ شريف تغير ملامح وجه بغدادي الذي تحدث بحزن وألم قائلا:
" والله يا ابني أصبح الواحد منا يضحك وقلبه يبكي، أتمنى لو يعود الزمن لتعود لسهرها وعنادها ".
فهم شريف عليه وهنا تذكر سبب زيارته ، تحرك على مقعدة ليضبط جانبي جاكيته وهو يحدث نفسه " كيف سأخبره بمرضها وهو متألم على حالها دون معرفة الحقيقة ".
علا صوت رنين جرس الباب تحرك البغدادي وهو يتحدث بضحك:
" الجيران قلبهم لم يهدء حتى اصعد بوكس الترحيلات أمام أعينهم ".
فتح الباب ليجده مدحت زوج ابنته رحب به وادخله مستغرب حالة وجهه واستيقاظه بهذا الوقت رغم عودته متأخرًا من عمله.
دخل مدحت مرحبًا بشريف وام زوجته التي سألته عن ابنته ليجيبها:
" قلت أمر لاطمن عليكم قبل أن أذهب لشراء لوازم البيت ".
وضعت أمال القهوة أمام شريف و بغدادي ، رافعة رأسها لتنظر إلى مدحت:
" سأحضر لك فنجانا".
رفض بوجهه الحزين الذي زادهم استغرابًا ، ساد الصمت المكان ، علقت انظار أمال وبغدادي لبعضهم محاولين فهم سبب زيارة أستاذ ابنتهم لهم، بالإضافة لحالة زوج ابنتهم أيضا .
تحدثت أمال لتنهي حالة الصمت قائلة :
" صحيح يا أستاذ شريف طمنا على وضع شهرزاد في الجامعة ".
رد شريف بحماس :
" ما شاء الله شهرزاد طالبة متفوقة ونشيطة، الجامعة كلها تفتخر بها ليتم اختيارها لتمثل الجامعة بالمنتدى الدولي ".
رد بغدادي بصوت مختنق:
" فرحنا لأجل مشاركتها ولكنها ليست بخير هذه الفترة، بصراحة يا ابني نحن متخوفين من ازدياد سوؤها من كثرة تفضيلها الدراسة عن نفسها".
بهذه اللحظة زفر مدحت بغضبه جامع الأنظار نحو باستغراب ، تحدث شريف .
" بصراحة هذا هو سبب زيارتي" .
صمت يفكر بأيهما يبدأ وكيف سيبدأ ، لتسأله أمال :
" هل سبب زيارتك مرض شهرزاد ، نعم من المؤكد مرضها السبب أنتم ترونها أكثر منا ، والله يأبني حاولنا أكثر من مرة كي تهتم بنفسها وصحتها وهي لا تستمع لأحد منا حتى أبيها برغم أنه من يقويها علينا ".
هم بغدادي ليتحدث رادًا على ما قالته زوجته لولا مقاطعة شريف ببدأ حديثه الذي فاجئهم به: " أتيت اليوم إليكم لطلب يد تلميذتي المجتهدة القوية الناجحة ".
صمت والديها وهما ينظران لبعضهما محاولين استيعاب ما قاله، رفع مدحت نظره بشريف متفاجأ بطلبه محاولًا هو أيضا فهم ما يحدث أمامه فالساعة لم تتعدى العاشرة صباحًا.
أكمل شريف قائلا:
" أخترتها لتكون شريكتي بهذه الحياة الطويلة وادعوا الله أن لا ترفضوا طلبي، لا أريد أن تفهموني بشكل خاطئ نعم تسرعت بالطلب وكان عليّ أن انتظر انتهاء مشاركتها بالمنتدى او حتى انتهاء الامتحانات ولكني لم أستطع التأجيل أكثر من هذا ، لا أعرف من أين سأبدأ فأنا لا أريد احزانكم وأيضا لا أريد أن أخفي عنكم أمر مهم كهذا ، يعني يحق لكم معرفة هذا كما يحق لي الموافقة على طلبي ".
قاطعه بغدادي قائلا بفكر مشوش :
" بهدوء يا ابني. تكلم بهدوء. لم يركض خلفك أحد، أنا لم أفهم منك شيئا ما بك".
نظر لتوتره الذي ظهر على أرجله المهتزة وكفي يديه المنغمسين ببعضهم مكملًا:
" لا داعي لكل هذا بهدوء، أن لم أفهم بشكل خاطئ أتيت إلينا لتطلب يد ابنتنا شهرزاد للزواج، ولكن ماذا عن أحزاننا و أخبارنا حق لنا و موافقتنا عليك حق لك انا لم افهم ، يعني لولا أني واثق في بناتي كنت فكرت بشيء اخر ، استغفر الله العظيم أنا أثق ببناتي لحد انت لا تستطيع استيعابه ".
راقبت أمال ضيفهم منتظرة جوابه الذي خرج ليصدمهم جميعا بقوله:
" رغم أنها امنتني على سرها إلا أن هناك بعض الأسرار لا ينطبق عليها شروط الأمانة وخاصة إن كانت حياتها رهان هذا".
تقدمت أمال على المقعد بعد ان تسارعت ضربات قلبها مستمعة لحديث شريف
"لن أطيل عليكم اعتذر وأأسف لأني وضعت بهذا الموقف، ولكني سأفعلها لأجل توجب الوقوف بجانبها ودعمها كي تبدأ بالعلاج ، مع الأسف شهرزاد لديها مشكلة ليست بسيطة من لحظة معرفتي وانا افكر كيف لعائلة مترابطة مثلكم أن يغفل عليها هذه المعطيات الواضحة".
صمت قليلا ناظرًا لعيون والديها بقلق مكملًا :
"رجاءً لا تجعلوني أندم على مصارحتي لكم، لقد رأيت بكم وبابنتكم الدين والإيمان بالله وبأقداره وهذا ما شجعني لاتي واتحدث معكم ".
خرج صوت امال الذي كاد أن لا يسمع متسائلة برعب كبير:
" ما مرضها؟ ولماذا أخبرتك أنت ولم تخبرنا ".
تحدث مدحت باهتمام كبير:
" تحدث بسرعة يا أستاذ شريف أبويها لم يتحملوا ما تفعله ".
نظر شريف لوضع الأم بقلق وتوتر ظهر على صوته المهتز عند قوله:
" أنا من ضغط عليها وخاصة بعد ان رأيتها صدفة تخرج من عيادة طبيب كبير لأمراض الدم والأورام، لا أعرف أي شيء عن نوع مرضها حتى هي لم تعرف حتى الان، كان عليها ان تجري تحاليل و أشعة وفحوصات كي تحدد نوع وحجم المشكلة ولكنها لم تقم بهذه الخطوة ، أعتقد أن قوتها ليست كافية لذلك، كما أنها تريد تحقيق أحلام ابيها بها وأن لا تحزن قلب أمها واختها عليها ".
أصبح وضع الأبوين يرثى له كادت الصدمة أن توقف قلبهم عن النبض بل كادت اعينهم تنفجر من لهيب دموعهم الحارقة، أما الأنفس فلا يظهر خروجها وكأنهم قطعوها بشكل كامل.
وقف مدحت مقتربًا منهما محاولًا تهدئتهم وإنكار ما قاله شريف الذي أخفض رأسه بدموعه المتساقطة مكملا لحديثه:
" اسمحوا لي أن أقف بجانبها واساعدها بهذه المرحلة الصعبة، اسمحوا لي أن أكمل حياتي بجانبها، أنا أؤمن بشفائها واستردادها لصحتها وعافيتها ، بقوتها و صبرها وايمانها و دعمنا لها ستتخطى كل ما هي به ".
حزن مدحت و ملئت عيونه وهو أيضا بالدموع متذكرا قهر قلب زوجته على اختها .
●▬▬▬▬▬๑۩۩๑▬▬▬▬▬●
نظر نديم لساعة يده قائلا:
" تأخر بعودته هل يستدعي طلب الفتاة كل هذا الوقت؟".
طُرق باب غرفة مكتبه ليسمح للطارق بالدخول، ابتسم وجه شهرزاد بمجرد فتحها الباب:
" لو حضرتك مشغول يمكننا تأجيلها ليوم اخر، علما انه ليس امامنا الكثير من الوقت".
أومأ أستاذ نديم رأسه مجيبًا:
" رحل الذنب عني هيا لنبدأ ".
وتحرك ليجلس على طاولة الاجتماعات ليستمع لخططها حول القصة والمشاهد المختارة، شرحت له شهرزاد مجرى الأحداث والمشاهد القوية، فتحت دفترها لتريه ملاحظات أستاذ شريف لها .
امسك أستاذ نديم الدفتر وبدأ بتقسيم محتوى الرواية من حيث الشخصيات والحوار والسرد، بجانب نقاط القوة والضعف وأي من المشاهد تستحق أن تذكر وأي منها تحتاج تغيير جزئي كما أشار لبعض المشاهد التوضيحية، قاموا بحصر سريع تقديري لعدد الأسطر وحجم الرواية ليستطيعوا ترتيب المشاهد من حيث الأفضل.
أخذهم الوقت وهم مندمجين بالأساسيات والأولويات حتى إنهم لم يشعروا بوصول أستاذ شريف الذي تقدم نحوهم و هو يقول:
" اتمنى ان لا أكون قد أضعت اهم قسم وأكثرها متعة بالجلسة ".
ضحك أستاذ نديم قائلا:
" امك دعت لك ، كنا سنبدأ بالقسم الجديد والأخير الآن ".
جلس أستاذ شريف بجانبهم لتصبح شهرزاد مقابلة له قائلا:
" الحمد لله هذا يعني أن الله يحبني ، هيا باسم الله أحكي يا شهرزاد ".
ضحك أستاذ نديم بسؤاله:
" ما بك ما هذه السرعة ، التقط انفاسك أولا، وأيضا هل علمت اسم الرواية ام أنك تقولها بشكل عشوائي ".
لم يفهم شريف بأول الأمر ليكمل نديم كلامه له :
" لقد سمت شهرزاد قصتها أحكي يا شهرزاد بدلا من ألف ليلة و ليلة ".
نظر لها بفرح كبير اخجلها به ، غمز نديم لشريف كي يعرف ما فعل عند والدها ولكنه حذره وهو ينظر نحو شهرزاد التي بدأت حديثها لأساتذتها قائلة :
" أود أن أشكر أستاذ شريف قبل البدأ لأنه هو من أوحى لي باسم القصة، فكان كلما جاء علي الدور بالإلقاء يقول لي احكي يا شهرزاد ارتبط الاسم بالقصة رغمًا عني فلا اعتقد انه سيكون هناك اسم عاش و كبر مع الأحداث أجمل منه ".
و بفرحة انسته قليل مما عايشه في منزل والديها رد عليها :
" نعم و كأنها خُلقت لتحكي لنا " .
وضع أستاذ نديم كف يده على فمه وهو يسعل قائلا بعدها :
" تمام إذا كان هكذا فأحكي يا شهرزاد ما بجعبتك كي لا ينقضي الليل وتصيح الديوك ويضيع الوقت دون أن نستمع لكِ ".
أومأت رأسها وفتحت دفترها وهي تقول دونت الأحداث على شكل نقاط رئيسية.
امسك شريف دفترها الاخر ليفتحه :
" وانا كالعادة سأدون ملاحظاتي".
فتح صفحاته بشكل عشوائي ليقرأ بداخلهم آخر ما كتبت بالأمس تغيرت ملامح وجهه وتسارعت أنفاسه من جديد، مر بعينه على الكلمات كالذي يمر على سباق الجري لا يريد أن يقرأ ولا يستطيع منع نفسه عن تكملته ليختنق بآخر كلماتها سامحني يارب تقبلني عندك تب عليّ، ابتلع ريقه المحتقن بالدموع التي لم تجف مما وصل له ابويها من حالة مزرية منتهية.
رفع عيونه الحزينة ليستمع لها وهي تبدأ روايتها بنبرة مودعة قائلة:
" بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد و العقل الحكيم أن الأمير توران حمل أميرته الحسناء و ركض بها مسرعا قاصدًا قصره الكبير معلنا فور وصوله زواجه ممن حمت المملكة بدهائها و حكمتها".
شرد شريف بصوتها ووجها الذي تغير ملامحة من شدة الإرهاق وتحمل ما لم يتحمله بشر.
كانت عيونه دامعة طوال إلقاءها يبتلع ريقة منفصل عنهم بكلماتها التي سجلتها بدفترها .
سكتت شهرزاد عن الكلام المباح مستمعة لصوت أستاذها نديم وهو يقول:
" ماذا حدث وكأني انتقلت من حقبة الخيال والأحلام لمؤتمر حقوق الإنسان ودعم الشباب ، هل انتِ عضوة بجمعية حقوق الإنسان وما شابه وانا ليس لي علم بذلك ".
ضحك شريف على ما قاله أستاذ نديم معلقًا عليه:
" نعم هي كذلك ، لا تجد نفسك إلا وأنت تخرج و تدخل بطرق مختلفة غير متصلة بالمضمون ولكنها اكيد متصلة بالمجمل ".
شربت شهرزاد الماء من زجاجتها الخاصة وهي تستمع لأستاذ نديم الذي عاد ليحدثها قائلا:
" تمام الان اكتملت القصة ، لنترك الجزء الجديد لنناقشه غدا، ركزي انتِ بالجزء الذي تحدثنا به وخاصة بالملاحظات المهمة التي دونتها لكِ ".
تحدثت شاكرة استاذها قائلة:
" شكرا لك سأهتم بكل ما دونته وقلته لي لا أعرف كيف سأفي حقكم عليّ".
رد أستاذ نديم وهو ينظر لشريف فاضحًا سره:
" لا تقلقي اجتمعوا انتم على خير و انا سآخذ حقي منكما بشكل مضاعف ".
وغمز لشريف ضاحكًا ضحكة جعلته يندم ليس فقط على تأمينه على سره بل على اليوم الذي ولد به.
( بصراحه يا شريف تستاهل هو انت رايح تطلب البنت و له تدعو الامة على فرحكم 🤣🤣 الله عليم مين كمان عارف تاني ههههههه يا فرحت سيف فيك وفي زيزي هانم ههههههههه).
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد لا تنسى قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا .
منها رواية حياتي
رواية جديدة قيد النشر من ضمن سلسلة روايات الكاتبة أمل محمد الكاشف ..