رواية الليالي المظلمة
استغرب أورهان من حالتها الشاردة حدثها و لم تجبه نادى عليها
"سيلين. ابنتي"
ومع تكرار مناداته عليها نظرت له قائلة "افندم أورهان بيه هل تحدثني"
ابتسم أورهان قائلا
"لا يا ابنتي اجرب صوتي فقط"
( جرب يا عمو جرب شكلك ها تشرب من ده كتير😂😂😂)
أكمل أورهان حديثه
"ماذا كنتِ تقولين وما هذه الحالة التي انتِ عليها"
ابتسمت سيلين بردها
"اعتذر منك كنت شاردة قليلا"
فرح اورهان كثيراً بهذه الابتسامة التي انارت وجهها حين اشرقت وازدهرت بمجرد تذكرها لقاءهم الأول أمام بنايتهم القديمة
اعجب يوسف بمكتبه وخاصة عندما علم ان ما يفصل بينه وبين مكتب أورهان غرفة صغيرة لفتاة جميلة تسمى سيلين.
تجول بجانب السيد احمد في ارجاء واقسام الشركة حتى تمّ الأمر وتعرف على كل شيء
اتت غمزة إليهم بمنتصف اليوم وهي تقول
"أمازلتم تعملون"
نظر يوسف نحوها
"لن اشتكي كنت اتشوق كثيرا لاجل ذلك، ما شاء الله الشركة أكبر مما توقعت"
اقتربت غمزة من يوسف وهي تضحك قائلة
"يكفي إلى هذا الحد لتكملوا بالغد. حان الان موعد الطعام. لقد اخترتك اليوم لتكون رفيقي"
ابتسم يوسف " بكل سرور "
تدخل السيد احمد بحديثهم قائلا
"اذاً اترككم لراحتكم أراكم غدا بالاجتماع"
تحرك يوسف ليسلم عليه ويشكره على وقته ومجهودهُ معه طوال اليوم
ذهب السيد أحمد لينظر يوسف لغمزه بوجه مبتسم وصوت مفعم بالاخلاق والرقي
"تفضلي اين تريدين ان نذهب لتناول الطعام"
ضحكت غمزة وهي ترد عليه
"سأصطحبك لمكان يفقدك عقلك. يوجد مطعم جميل يصنع شطائر الشاورما لا يمكنك مقاومتها. من الان اقولها لك ستكون ضيفا دائما معي هناك"
علا صوت ضحكة يوسف وهو يسخر مما قالته "هل شطائر ظننت أنه مشويات وما شابه"
أجابته وهي تبادله الضحك
"تسخر مني الآن ولكنِ سأجعلك تدمنها"
مضى وقت جميل وهما بجانب بعضهما في المطعم، حكت له عن اصدقائها و تجولهم ومغامراتها بشكل ممتع.
اخرجت هاتفها وهي تقول ليوسف
"علينا ان نوثق هذه اللحظات"
ابتسم "ليس لدي مانع" واقترب قليلا ليلتقط صورة معها، لم تُعجب غمزة بالصورة استأذنت من شخص مار بجانب طاولتهم أن يصورهم .
لتنظر غمزة للصورة وهي تقول
"لنأخذ وضعية أخرى" وتحركت من مكانها واقتربت من مقعد يوسف وانحنت قليلاً بالقرب منه وبدأت تلتقط صور سيلفي لهم بأكثر من وضعية.
ضحك يوسف
"جميعكن تختلفن بكل شيء إلا هذه الأمور تتشابهن لدرجة لا يمكننا تفريقكم عن بعضكم"
ضحكت غمزة بصوت عالي
"لنضعها على صفحتي بالانستجرام"
جمعتهم غمزة بصورة واحدة ونشرتهم كاتبة أعلى الصورة *يوم جميل*
فرح يوسف بالصور فهو يعلم أول من ستنزل عليه الصور كالصاعقة. شعر باقتصاصه لنفسه حين ينجح بتعكير صفوها ولو بصورة.
بالمساء جلس يوسف بجانب انيسة في المطبخ يخبرها انه وجدها. قص عليها والسعادة تملأ وجهه كيف تصادما وكيف شعر بها وسأل عنها وتفاجأ انها هي.
فرحت انيسة كثيراً لاستجابة دعواتها له ان يجدها كي تراها وتشكرها على ما فعلته مع امينة هانم و اهتمامها بيوسف في أوقاتهم الصعبة
✿✿✿
عادت سيلين لمنزلها وانشغلت بالاوراق المطلوبة انهائها لأجل إجتماع الغد مع الشريك الجديد، تواصلت مع سيلا هانم وارسلت لها الأوراق والمستندات واستقبلت منها بعض الملفات، فعلت ذلك مع السيد أحمد بعد أن داهمها الوقت لتستطيع تسوية أعمال وأوراق ومستحقات الأسهم بنسبة كبيرة بهذا الحجم في شركة كشركة أورهان .
فسرعة أورهان بقراره وتنفيذه بوقت قصير جعلهم يعملون طوال اليوم والليل كي يستطيعوا انهاء الامر حتى موعد الاجتماع الصباحي.
نامت سيلين على الطاولة وهي تعمل الحمدلله ليس لديها وقت كي تفكر بأي شيء يؤذيها كان انشغالها بالعمل قد أفادها على الاقل ستنام ما تبقى من ليلتها بعمق
اشرقت شمس صباح يوم جميل يضيء الفؤاد ويدعو للتفاؤل يوم غير عادي على يوسف الذي قام باكرا ليجهز نفسه للاجتماع
ارتدى طقمه ووضع ساعة يده وهو ينظر لنفسه بالمرآة مبتسماً، جاء صوت رنين الهاتف تحرك ليأخذه من جانب الفراش ليرد مبتسما قائلا
"عثمان بيه اهلا بك. هل انت مستعد"
وبدأ يتحرك للخروج من غرفته وهو يكمل "سأتناول قهوتي واخرج بعدها على الفور نتقابل امام الشركة لا اريد اي نقص بالاوراق"
جاء ليغلق ولكنه تذكر شيئا تحدث به
"هل تأكدت من المعاملات المالية لا اريد احراج بهذا الامر سنكون جاهزين للدفع فور الامضاء".
فرحت انيسة بحالة يوسف وهو ينزل الدرج بابتهاج ناظرا نحو مائدة الطعام المقابلة للدرج قائلا
"لقد فعلتِ ما تريدين"
ضحكت انسية قائلة
"أنت مجبر اليوم على تناول الطعام لا دعاء لك حتى تنهي فطورك"
ضحك يوسف وقال
" نحن مجبرون اذاً من أجل الظفر بالدعاء"
وجلس على الطاولة وبدأ بتناول طعامه
و بسيارته كان أورهان ينتظر سيلين اسفل بنايتها، نزلت مسرعة وهي تعتذر على التأخير، نظر لها متحدث بضحك
"ألم تسأمي يا ابنتي من الأسف المتكرر. من يراكِ وانتِ تعتذرين يعتقد انها اول مره"
ضحكت سيلين و أغلقت باب السيارة ليبدأ اورهان بالقيادة وهو يقول
"لن اقبل باعتذارك اليوم الا بعد ان اتذوق الملفوف خاصتي "
اغمضت سيلين عينيها وهي تضع يدها عليهم قائلة
"لقد نسيت امره مع ازدحام العمل"
وفتحت عيونها مكملة
"لا تؤاخذني سأحضره لك اليوم فور عودتي أعدك بهذا"
ضحك على أمل الوفاء بوعدها، وصلا للشركة وهما يتحدثان عن الاجتماع والاوراق كي يتأكد منها أن كل شيء كامل فهو دائم الحرص أن لا يجعل نقصا لديها يحزنها.
لذلك كان يراجع معها قبل الاجتماعات والمقابلات المهمة وهذا ما جعل سيلين تتعلم عملها بسرعة حتى انها بدأت تتفوق قليلا به.
دخل أورهان غرفة مكتبه لتتحرك سيلين وهي تقول له
"سأذهب لأعطي الملفات لسيلا هانم وايضا هناك ملف لأسماء هانم واعود سريعاً قبل بداية الاجتماع"
وبالفعل تحركت سيلين وخرجت من غرفة أورهان مسرعة.
لمحها يوسف من بعيد ليزداد وجهه فرحة وسرور برؤيتها، وقف ليراقبها وهي تسير بكل ثقة. أكمل سيره نحو غرفة مكتبه هو ومحاميه الخاص السيد عثمان.
تحضر الجميع لبدأ الاجتماع منتظرين وصول الشريك الجديد. انشغلت سيلين بترتيب الأوراق والملفات على الطاولة.
فُتح باب الغرفة واتى السيد احمد وهو يقول "وصل يوسف بيه".
دخل يوسف غرفة الاجتماعات ومن خلفه المحامي الخاص به. وقف أورهان ليرحب به ومن بعده باقي الموظفين بهذه اللحظة سقط من يد سيلين عدة أوراق نزلت للأسفل كي تجمعهم. جاء لمسمعها صوت يوسف وهو يحدث أورهان
"اشكرك كثيرا لمنحي هذه الفرصة، اصبحت مدينا لك بهذا طيلة حياتي"
رفعت رأسها بسرعة وهي منحنية لأسفل تنظر نحو مصدر الصوت بعيون مندهشة وكأنها سترى حسن امامها.
استقامت بوقفتها شيئا فشيء حتى استقامت بالكامل وضعت الأوراق على الطاولة وهي تنظر ليوسف الذي تعمد أن لا ينظر نحوها محاولا تمالك نفسه وتمالك ابتسامته التي خرجت منه رغم محاولاته الكثيرة.
بادر أورهان بتعريف يوسف على نخبة موظفين الشركة المشاركين بالاجتماع حتى وصل لمن تقف بجانبه وقال
" سيلين هانم السكرتيرة الخاصة بي"
رحبت بهِ دون النظر إليه مكتفية بهز رأسها وهي مخفضة الأعين قائلة
"تهانينا اهلا بك بيننا"
شكرها يوسف قائلا
"اعتقد انه ليس لقاءنا الأول بلين هانم"
رد أورهان ليصحح ليوسف خطئه
"من أين أتيت بلين أسمها سيلين وليس لين"
اتسعت عيونها وهي ترى ضحكه وإصراره على انها لين لقد تأكد قلبها قبل عقلها من هويته، ابتسم يوسف وبدأ يقص عليه كيف تصادما في مدخل الشركة بالأمس.
تعمد أن يحكي لهم كيفية تصادمهم وكأنه يروي تصادمهم الاول امام بناية منزل والدته أمينة. وصل لهدفه حين جعلها تحتار بصوته وما يقوله للحظة شعرت انها تراه وهو يحكي لباريش كيف تصادما.
حركته وذوقه العالي بانتقاء كلماته حتى نظراته لها وهو يبتسم سألها بعيونه
"والان هل لين هانم تعرفت عليٌ أم لا زالت لا تتذكرني"
سألها وهو لا يعلم بأن قلبها تعرف عليه قبل نطق اسمها الحركي بينهما من كثرة رُأيتها له باحلامها كل ليلة.
من فرحة يوسف بإيجادها وعملهم بنفس المكان نسي نفسه ومد يده ليسلم عليها بحماس رغم ان داخله يعلم ويتأكد أنها لا تسلم ولا تلامس احد.
مد اورهان يده ليمسك يد يوسف الممدودة وتحرك به مشيراً له ان يجلس بجانبه قائلا
"اتمنى لك تحقيق ما تريد واكثر معنا"
ظلت عيون يوسف المبتسمة تحدق بسيلين بشكل ملفت للأنظار حتى أورهان استغرب من الأمر.
بهذا الوقت فُتح الباب وجاءت غمزة وهي تسير بقوة ودلع وجمال قائلة
"اعتذر للتأخير الطرق مزدحمة اليوم بشكل مضاعف"
اقتربت من يوسف مرحبة به وهي تحتضنه وتقبله و تبارك له عمله الجديد
"هل تعلم أن هذه هي سنتي الثالثة بالشركة. لذلك استطيع ان ابشرك من الآن بأنك ستستمتع كثيرا معنا وخاصة لأني موجودة"
ضحك الجميع ليقول أورهان ليوسف
"هي هكذا دائما متواضعة لأبعد حد"
ما زالت اصوات الضحكات تتعالى ليرد يوسف وهو يقول
"هكذا اعتدنا عليها دائما"
صمتت سيلين دون ان تشاركهم حتى ولو بالنظر إليهم، كانت تختلس النظر ليوسف كي تتأكد من شخصه. فصوته وعيونه حتى يده وهيئة جسده ونعتها بلين جميعهم يقولون انه هو.
كذبت حدسها قائلة لنفسها
"لا يمكن شيء كهذا" وعادت تتذكر قوله لين وهي تكذب ما تأكد قلبها وعقلها منه.
سادت روح الود على الاجتماع وكأنهم في منزل عائلي و هذا ما سعى اورهان اليه دائما.
هدأ هذا الوسط الجميل من توتر يوسف وقلقه من الاجتماع، انطلق بأحاديثه وضحكه وهو ينظر بين الحين والآخر نحو سيلين التي ما زالت تختلس النظر نحوه بكل فرصة.
دققت النظر لعيونه الضاحكة فهي اكثر شيء يؤكد لها انه هو حتى كانت تنظر لحركات يده نعم هو وكأنه هو تماما.
نجح يوسف أن يجعلها في حيرة من أمرها. فقدت تركيزها وهي تحاول ان تتعرف عليه بل وتنتظر تصريحه بذلك، استمتع بهذا الوضع حتى اصبح يضحك ويزيد من حركة يده وكلماته التي كان يستخدمها معها حتى يزيدها حيرة وشك.
لاحظ أورهان ارتباكها، أجبرت على الاقتراب منه كي تعطيه الاوراق التي سيوقع عليها وقفت بجانبه وهي تشير له نحو مكان التوقيع، اسرع القلب بنبضه وخاصة حين كان ينظر لعيونها بعد كل توقيع مشير لنفس المكان الذي تشير له وهو يقول
"هنا " ويوقع، ثم ينظر لها مرة اخرى وهو يقلب الورق ويقول "هل هنا ايضا" وهكذا حتى افقدها ما كان متبقياً منها.
أجابته بهز رأسها دون النظر إليه وفور وصوله لآخر ورقة وبحركة لا ارادية حرك يوسف القلم بين اصابعه بطريقته المعتادة.
ثبت نظرها للقلم بيده وحركته الدائرية على الورقة ثم نظرت لعيونه بشكل مطول قليلاً مكرره حديثها
"انه هو نعم هو. عيونه. ضحكته. صوته. يده. حركاته. لا يمكن لكل ذلك أن يخرج شخص اخر من وراءها"
انتهى يوسف من التوقيع دون النظر لعيونها الثابتة عليه كي لا يلفت الأنظار إليهم
انتهى التوقيع وعادت سيلين للوقوف بجانب
اورهان وهي شاردة.
كان الجميع يتحدث ويضحك ويرحب الا هي اكتفت بشرودها وتذكر حسن وهذا الحس الذي علا داخلها ليخبرها انه هو.
نظر أورهان لها قائلا " سيلين. سيلين"
لم تسمعه تحرك على مقعده قليلاً منادي بصوت اعلى قليلا "سيلين"
نظرت نحوه فور انتباهها "افندم أورهان بيه"
ابتسم لها متحدثا على حذر
"لماذا انتِ واقفة اجلسي بمكانكِ" وأشار لها نحو المقعد المجاور له. تحركت وجلست وسط اندهاش كبير من جهة يوسف لما رآه من تقارب بينها وبين اورهان
وخاصة حين تحرك اورهان قليلا بالمقعد وانحنى عليها قائلا بصوت منخفض لا يسمعه غيرها
"ماذا حدث؟ ما بكِ؟"
زادت من اندهاشه حين أجابت اورهان بهز رأسها وصوتها المنخفض "لا شيء"
أخبرها اورهان
"تستطيعين الخروج إن أردت فنحن انتهينا من القسم العملي بالاجتماع ولكن لا تنسي امر القهوة لقد أصبحت ديناً عليكِ"
وافقت سيلين وتحركت لتخرج من الغرفة بصمت، كانت عيون أورهان تنظر خلفها حتى خرجت واغلقت الباب. ثم استدار ليكمل حديثه مع الجميع وهو متفاجأ بنظرهم نحوهم ومراقبتهم وضعهم.
توجهت سيلين نحو الحمامات سريعا دخلت واغلقت الباب بقوة خلفها، تمسكت بحوض غسيل الأيدي بصعوبة واضعة يدها على قلبها الذي لا زال يدق بسرعة عالية
رفعت نظرها للمرآة وهي تقول
"هل كان هو حقا أم أنني أصبحت اتخيله في وجوه الآخرين، لا يمكن أن يكون شخص آخر غيره"
فتحت الماء وبدأت تغسل وجهها وهي تقول
"عودي لصوابك ماذا حدث لكِ وإن كان هو ماذا سيضيف لكِ بالاخير خدعكِ".
وضعت الماء على وجهها مكملة لنفسها
"لا تفكري به توقفي لا يمكننكِ فعل هذا لقد اصبحتِ ترينه بوجوه كل الناس"
انتهى الاجتماع وذهب العاملون لمكاتبهم تحدثت غمزة ليوسف قبل خروجها
"انتظرك بمكتبي كي نكمل حديثنا. فهناك الكثير و الكثير اريد مشاركته معك" وخرجت مغلقة الباب خلفها
تحرك أورهان وجلس على رأس مكتبه ليتحرك يوسف من خلفه وجلس أمامه بجانب المكتب وهو ما زال يشكره ويبلغه من خالته السلام ليبتسم أورهان ويرد عليه السلام .
تحدث أورهان ليقول
"سيظل هذا ديناً عليك" .
اسرع برده
"اؤمرني لأفعل لك ما تريد"
ضحك أورهان وقال
"ما حدث اليوم ليس بسببي ولكنه بسبب عمل خير لك أو لأبيك. دار الزمان وعاد إليك الخير الذي فعلته مرة اخرى"
وأكمل أورهان بنبرة جدية
"أريدك أن تساعد الشباب دائما. وتكثر من عمل الخير. فما يدريك من سيكون صاحب حصاد ثمرة هذا الخير، من الممكن ان تكون انت مرة اخرى. ومن الممكن ان تكون ابنتك او يكون ثواب يدخره الله لك يوم القيامه ليرفع بهِ عنك إثم واذي ".
ابتسم يوسف وقال له
"انت محق سأفعل هذا. فلا أعتقد أنني سأنسى هذا اليوم طوال حياتي".
طُرق باب المكتب نظر أورهان نحوه وهو يقول "تفضل"
دخلت سيلين الغرفة ليقول لها اورهان
"ولكنكِ تأخرتِ كثيرا على صنعها"
تحركت بهدوء ملحوظ قائلة
"سأحضرها فورا"
اقتربت من مكان في زاوية المكتب كان أورهان قد خصصه لها لصنع قهوتها المميزة للضيوف المميزين.
تحدث أورهان ليوسف وهو ينظر نحو سيلين
"انا لا أُضَيِّفُ أي احد من قهوتي الخاصة. ولكنِ وعدتك أن يكون لك فنجان خاصًا. لا تطمع بالمزيد أحذرك من الان" صمت ضاحكا
ليشاركه يوسف الضحك قائلا
"هذا كثير عليَّ ولكنِ متأكد انها خاصة كما تقول بل انها اكثر من خاصة، بالأصل حدث معي شيء مقارب لهذا فكنت من قبل مستحيل ان اشرب القهوة التركية من يد أي شخص حتى شاء القدر ان اشتم رائحتها من شخص مميز يصنعها. حينها طلبت منه ان يحضر لي فنجانا معه بعد أن كنت رافض له ببداية الأمر مكتفيا بكأس شاي"
سقطت الملعقة من يد سيلين فور اعلان يوسف عن هويته بشكل واضح تصريح أنه هو. عاد ارتباكها وسرعة ضربات القلب لها مرة اخرى.
صمت يوسف وهو مبتسم يعلم ما حدث خلفه ثم اكمل كلامه دون النظر نحوها وقال.. "ومن بعدها اصبحت مدمنا لهذه القهوة من يد هذا الشخص المميز فقط. لهذا انا اشعر جيدا بما تقوله انت محق من يصنع القهوة له دور كبير بجمال مذاقها"
تحركت سيلين ووضعت لأورهان القهوة بجانبه ثم اقتربت من يوسف بصعوبة ووضعت فنجان القهوة بجانبه وتحركت مسرعة دون كلام خارج المكتب
نظر أورهان نحوها وهو لا يفهم حالتها قائلا " سلمت يداكِ" ولكنها لم ترد عليه مغلقة الباب خلفها.
شعر أورهان بشيء غريب فلماذا ترتبك اثناء وجود يوسف لهذا الحد. ابتسم من جديد وهو ينظر نحو ضيفه قائلا
"انها فتاة جيدة. ستعتاد عليها مع مرور الوقت. ولكن عليك أن تعلم من الان لا يمكنك الضغط عليها بأي شيء. فهي خاصة ومميزة جدا جدا بالنسبة لي. وايضا لا يمكنك ان تتحدث معها بكل وقت. عليك ان تحترم تغيراتها ورغبتها بالحديث أم لا. الجميع يعلم كم هي مميزة بالنسبة لي على اساس هذا يتعاملون معها ".
جاء رد يوسف غريبا بالنسبة لأورهان عندما قال له
" سررت لهذا. أعدك أنني سأحافظ على هذا أكثر من الجميع".
جاءت رسالة لهاتف يوسف نظر لها ثم نظر لأورهان قائلا
"تم وضع المبلغ بالحساب شكرا لك"
رد عليه أورهان بوجه رحب
"مبارك عليك يا ابني".
وقف وهو يقول
"سأنظر للأرجاء و اخرج بعدها لأنهي عدة معاملات بالبنك. لنعود و نبدأ غدا اول يوم عمل"
مد يده وسلم عليه وودعه ثم خرج من المكتب وعيونه تبحث عنها بحماس بعد أن علم وتأكد انها تعرفت عليه قائلا لنفسه
"أعتقد أنني أطلت الأمر كان علي ان اتحدث معها قبل هذا".
ملأت الضحكة وجهه حين قال
"قسمة. نعم هي قسمتنا أن نلتقي بهذا الشكل ما زلت لا اصدق اننا التقينا بهذا الشكل".
لم يبحث عنها كثيرا فكانت بمكتبها المجاور لمكتب اورهان، طرق الباب وفتح ليدخل دون أن تأذن له. نظرت نحوه بعيون متسعة فهي لم تتوقع قدومه إليها، وقفت بمكانها صامتة ليدخل وهو ينظر للمكتب قائلا "صغير ولكنه جميل"
ثم نظر لها وهو يكمل كلامه بنبرته التي تغيرت لعتاب
"كيف استطعت أن تختفي وتتركيني خلفكِ ابحث عنكِ بخوف. ألم تعلمي قدركِ عندي. كيف هانت أمي عليكِ حتى تتركيها وهي بهذه الحالة دون تفسير. ان أتيتِ وتحدثتِ معي كنت شرحت لكِ كل شيء"
جاءت لتتحدث وتفسر له خوفها ولكن فُتح الباب فجأة، نظرت سيلين نحو الباب لتجده أورهان بيه.
نظر باستغراب نحو يوسف لم يتوقع وجوده ثم نظر لسيلين قائلا
"اعتذر سأقطع تعارفكم ولكني سأخرج اليوم باكرا"
ردت سيلين بقلق
"خيرا هل حدث شيء"
ابتسم أورهان قائلا
"نعم حدث أنني لم آكل طعامي حتى الان. ولا أحد يهتم بي"
ابتسمت سيلين وهي تنظر له بحب قائلة "ولكنِّ سأعوضك عن هذا"
ضحك أورهان وقال
"لا نريد وعودا هيا اجلبي حقيبة يدك واسرعي كي تفي بوعدك اليوم"
تحركت سيلين وجمعت الاوراق التي على المكتب ثم أخذت حقيبتها وتحركت وهي تنظر ليوسف قائلة "بالإذن منك"
وخرجت من المكتب وهي تسرع لتقترب من اورهان وتسير بجانبه، خرج خلفهم ينظر إليهم من الخلف مندهشاً من انسجامهم الغريب وتقاربها دون خوف منها.
أتت غمزة من الخلف ووضعت يدها على كتفه قائلة "إنها خاصته. يعني لم أكن اتوقع بعد كل هذا العمر أن يقع اورهان العظيم بحب فتاة أكثر من عادية كهذه"
لم يهتم بوجودها انشغل بمراقبة قربها ونظراتها لأورهان التي كانت تظهر من الخلف فهي بجانبه راسها اتجاه اورهان تتحرك بفرح وحماس وقوة وكأنها شخص مختلف عن الذي عرفه وجلس معه لشهور.
لا اعرف لماذا تغيرت ملامح وجه يوسف لهذه الدرجة هل لأنه خائف عليها من اورهان ولأنه كبير بالسن ام لأنه غار عليها ولم يتحمل وجودها بجانب شخص اخر بهذا التقارب تتكلم وتتحدث وتضحك.
تحدثت غمزة بأكثر من موضوع حتى انها أخبرته أن صورهم بالأمس حازت على اعجاب كثير من الوسط وان الكثير مما يعرفونك علق عليها متمنين لك التوفيق بالعمل الجديد.
ابتسم يوسف فرحا بوصول الرسالة لهوليا، نظر لغمزة مبتسماً وهو يقول بداخله
"هذه بداية الطريق فقط" .
مع الاسف قرر يوسف ان يستغل الوضع و يعاقب هوليا عن طريق تقربه من غمزة فهو يعلم جيدا كم تغار منها وتتمنى دائما ان تكون بمكانها
اهتمت غمزة من اول يوم بيوسف محاولة شرح كيفية العمل و الخطط ونظام السير به والقوانين المتعارف عليها، كان لديها خبرات واسعة بمجال الشركات وخاصة شركة أورهان
وهذا ليس بغريب عنها فهي ابنة رجل أعمال كبير بالوسط التجاري نشيطة تحب ان تعتمد على نفسها كما انها قويه أرادت العمل بشركة اورهان وترك شركة أبيها للبحث عن ذاتها وتحقيق نجاحاتها وحدها. و استطاعت بالفعل النجاح وحدها فلا احد يستطيع مجابهة وملاحقة غمزة اكتاش صاحبة شخصية قوية و ارادة عالية واصرار على النجاح وايضا صاحبة مال وجاه وعائلة واسم و سند كبير بالدولة فهي ليست بشخص يستهان به كما لها وضعها القوي بالطبقة المخملية فهي الاختيار الأمثل للنيل من هوليا وإشعال غيظها.
تحولت سيلين لفراشة تتراقص بين الزهور بوجهها المبتسم، استلقت على فراشها وهي ما زالت لا تصدق ما حدث فلم يخطر على عقلها يوما ان يكون اللقاء بينهم بهذا الشكل وأيضا ان يعملا سوياً بنفس المكان، وفجأة تحقق حلم من احلامها انه مديرها بالعمل .
جلست لتبحث عن دفترها كي تتحدث معه..
"لم أكن أعلم ان القدر سيأتي بك لتكون اجمل حدث بحياتي، لم اكن اعلم ان الذي كنت اهرب منه سأجده أمامي"
أغلقت دفترها لتحتضنه سابحة باحلامها السعيدة
لم يختلف وضع يوسف عنها كثيرا فهو ايضا سعيد و طائر من الفرح مبتهج بحديثه مع أنيسه
" اقتربنا. لقد اقتربنا كثيرا"
تبسمت انيسة وهي ترد عليه قائلة
"أعلم أنك ستنجح باستعادة صغيرتنا كي تكبر وتعوض كل ما ضاع منك بجانبها"
رد يوسف وهو يكمل حديثه قائلا
"اقتربت عودتها. اقترب ضمها بحضني من جديد. ساستعيدها بأقرب وقت لن اتركها لأمها كي تجعلها شبيهتها"
نظرت له انسية بعيون حزينة قائلة
"انا ايضا اشتقت اليها. افتح صورها وانظر لها ولكنِّ ما زلت لا اصدق كم كبرت وتغيرت ملامحها ماشاء الله ماشاء الله"
مرت ليلة هادئة جميلة مليئة بالأحلام والأمنيات المختلفة. مع الاسف كليهما يحلم بشكل مختلف ولكنهم مشتركين بالسعادة والفرح.
بدأ يوم جديد صف يوسف سيارته امام شركة اورهان لصناعة الفولاذ وبدأ بالنزول منها مغلق بابها وهو ينظر لمبنى الشركة بفرحة كبيرة وانتصار.
تحرك كي يدخل ليكتشف أن سيارة أورهان بيه تصل هي ايضا للمكان وقف أمام بوابة الشركة الكبيرة ينتظره بفرح
ذهب فور تفاجئه بسيلين تنزل من السيارة مبتسمة، استغرب من وقوف سيلين جانبا تنتظر أورهان كي يدخلا سويا وهما يتحدثان بوجوه مبتسمة
تحرك بهدوء ليسير خلفهم يراقب وضعهم فهما متقاربين كثيرا حتى ذراعها كان يتخبط بذراع أورهان وهي تتحدث بفرح دون خوف أو ذعر كحالتها السابقة.
اقترب منهم اكثر كي يتحدث معهم ليجدهم توقفوا أمام المصعد دون رؤيته.
لا زالت سيلين تتحدث لأورهان لتخبره أنها حضرت له الملفوف والفاصوليا البيضاء خاصتها ولكنه لا يستطيع تناولهم خارج منزلها.
ضحك أورهان وهو يقول
"انتِ تضغطين على نقطة ضعفي"
ضحكت سيلين "نعم اعلم هذا"
اقترب السيد احمد من يوسف قائلا
"مديرنا الجديد اهلا بك بأول يوم عمل"
التفت أورهان وسيلين خلفهم لتتفاجأ به أمامها
( قلبها لا يتحمل قربه فكلما رأته او سمعت صوته رفرف قلبها ويسرع بدقاته بصراحه يا اخت لين أخجل ان اخبرك ان كل بنات الجروب بيرفرفوا معاكي🤣 حاسه اني بشاهد مسلسل وأول ما يجي الجزء المفضل لي يبتسم وجهي وحده ولا أكني انا الي في المشهد ههههه)
أكمل السيد احمد وألقى السلام على الجميع ثم نظر ليوسف قائلا
"سأكون بجانبك اليوم كي اسلمك مهامك واساعدك بأي أمر يقف أمامك"
شكره يوسف على اهتمامه جاء المصعد وفُتح بابه امامهم، وقف اورهان وادخل سيلين اولا ومن ثم دخل واقفا بجانبها بل امامها قليلا كي لا يجعلها تقترب من أحد غريب.
وهذا ما ادهش يوسف وجعله يراقب قربهم بصمت وعقل لا يصدق ما سمعه من غمزة " انها خاصته"
خرجوا من المصعد ليتحرك يوسف مع السيد أحمد نحو مكتبه
وبعد مرور الوقت جاءت غمزة إليهم وهي تبتسم قائلة
"صباح الخير لك كيف حالك يا صديقي بأول يوم عمل"
ضحك يوسف وهو يرد عليها
"عليكِ ان تسألي السيد احمد فأنا لم اجلس منذ وصولي انتفخت رجلاي من اول يوم"
ضحك السيد أحمد وقال
"إذن سأتركك بمكتبك لتأخذ راحتك وإن أردت شيئا ابلغني فورا"
شكره يوسف مرة اخرى على مجهوده معه..
خرج أحمد لتتحرك غمزة وهي تقول لنشرب القهوة سوياً وفتحت هاتفها لطلب القهوة لهم.
بمكتب اورهان وقفت سيلين بجانبه وبيدها ملف اوراق تأخذ منه توقيعه وموافقته عليهم.
تحدث لها قائلا
"قصتكم ما زالت بعقلي كيف تفرقتم وكيف تقابلتم سبحان الله"
ردت سيلين قائلة
"ولكنِّ لم انسى كذبهم عليّ. كيف ونحن كنا عائلة واحدة او انا كنت اعتقد هذا"
أغلق أورهان الأوراق وهو يقول لها
"الظروف يا ابنتي فهو كان بوضع لا يحسد عليه فلقد خسر كل شيء بسبب هذا الفخ "..
وصلت القهوة لمكتب يوسف اخذتها غمزة وشكرت العم ناظم وتحركت لتعطيها له تعرقلت ارجلها ليمسكها يوسف بسرعة قبل سقوطها، تناثرت قطرات القهوة على طقمه لتحزن غمزة وامسكت مناديل لتمسح مكان القهوة وهي تعتذر.
تحركت لتضع ماء بالمنديل وعادت مرة اخرى لتكمل مسح قطرات القهوة على قميصه، حاول ايقافها
"لا عليكِ حدث خير. اتركي انا سأحل الأمر"
لم تقبل ترك الأمر له كانت تمسح وهي تقول "لا يمكن انه ذنبي"
اقتربت منه اكثر ووضعت ذراعها على كتفه ويدها الأخرى تنظف نقاط القهوة، كانت تتحرك بدلع وهي تمسح ليس تصنعا او غرض سيء منها فهذه طبيعتها، فهي كما يقال عليها مولودة وبفمها معلقة ذهبية. او انها هي القماش الهندي الفاخر الذي يتنافس على اكتسابها الكثير لخفة طيفها ودلعها ومميزات كثيرة.
تعلقت العيون ببعضهما مطولا، وبدأت الأنفاس تختلط نظر يوسف لها وهو لا يصدق قربها منه لهذه الدرجة.
شعرت غمزه بشيء غريب بقربها منه والنظر لعيونه بهذا القرب.
بهذه اللحظة فتحت سيلين باب الغرفة لتتفاجأ بحالتهما امامها.
(وقلوبُنا لا تَختَارُ مِنَ العِشقِ إلا أصعَبَه )
نزار قباني
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.