recent
جديدنا

الليالي المظلمة الفصل الرابع عشر

Wisso

  

       رواية الليالي المظلمة  

                             بقلم أمل محمد الكاشف



تحدثت سيلين مبررة بكائها وعدم استطاعتها السيطرة على نفسها  قائلة  

 "ارتاح عندما ابكي يعني انت ترتاح عندما تخرج ما بقلبك وانا ارتاح بالبكاء، اعتذر لحدوث ذلك ولكنه ليس بيدي" 


رد عليها وهو ينظر للساحل   

"انتِ محقة البكاء يريح كثيراً يا ليتني استطيع فعل هذا.

 أشعر به يقف بحلقي وخاصة عندما يأتي الامر لأبنتي و وضع امي الذي يزداد سوءً يوماً بعد يوم. ولكني لا استطيع لا انجح بالبكاء "

ارادت العودة لمنزلها بعد ان تأخر الوقت استجاب لطلبها وتحرك ليقود سيارته حتى وصلا اسفل البناية طالبا منها فتح إنارة الصالون فور دخولها المنزل ليطمئن على دخولها به ويذهب بقلب مرتاح.

تقطع قلبها لما تسمعه تحركت بسرعة لتنزل من السيارة مهرولة على الدرج حتى وصلت لمنزلها ودخلت مغلقة الباب خلفها اقتربت من مكبس الضوء لتنير إضاءة الصالون.

وصل اليها  صوت كلاكس سيارته  قبل ذهابه وكأنه يقول لها "الان اطمئن قلبي " وبدأ يتحرك ليذهب

 سقطت بعدها مكانها لتبكي حزناً والما وقهرا دون صوت لا تصدق ما سمعته لقد تهدمت احلامها بلحظة صدق منه.

وبعد نصف ساعة تقريبا وقفت لتدخل غرفتها وتبدل ملابسها وهي تحاول ان تكون قوية مرددة لنفسها "هو ليس بحسن هو ليس بحسن. لا تحلمي كثيرا"


تحركت جانباً واخذت المهدئ وتناولته وهي تنظر لنفسها بمرآتها قائلة 

"ماذا كنتي تنتظري منه. ان كان حسن لكان سيكون الأمر مختلفا. اما هو" 

وصمتت لتتحرك بهدوء نحو فراشها بحثت 

عن دفترها تحت وسادتها تذكرت انها اصبحت تصطحبه معها للشركة أخرجته من حقيبتها وفتحته وهي تجلس على فراشها لتكتب…

"هو محق فكيف ليوسف بيه ان ينظر لمثلي ويترك امثال غمزة، ليست غمزه فقط فهناك الكثير ممن يدورون حوله ينتظرون إشارة منه، كيف حلمت ان يترك كل هؤلاء لينظر لي ويختار شخص ناقـــ. صــ" 


لم تستطع اكمال كتابة الكلمة كانت تحاول ان تقنع نفسها بأنها قوية أغلقت دفترها ووضعته بجانبها ثم استلقت على فراشها دون أن تبدل ملابسها.

كانت تنظر أمامها وهي تفكر بما قاله وعيونها ترى تدلل غمزه. تذكرت قربهما وضحكهما وصورهم التي ملأت صفحات التواصل الخاصة بهم بحلق يختنق ببكائه


تحركت سيلين وجلست مرة اخرى لتفتح دفترها  من جديد  لتكتب به…

 "ولكنه ليس حسن. انا احببت حسن. نعم احببت حسن. نعم اعترف انني احببت.

 اعترف ان قلبي هو من قادني له. نعم نعم نعم انا احببت ليس عيباً وليس نقصا ولما لا نعم انا احببت. ولكني لم احببت حسن وسأظل أحب حسن وسأظل أحلم بحسن فقط"


كان هذا أول اعتراف صريح وواضح لسيلين مع نفسها.  اول مرة يخط قلمها كلمة احب وتدافع عن حبها أمام نفسها حتى ولو بالاحلام فقط ، ليس هذا وحسب قررت بهذه الليلة ان تبتعد عن يوسف و تتجنبه ليصبح صديق عمل فقط.

ومع أنها كانت تحاول ان تكون قوية أمام نفسها الا ان اعترافها بحبه ادمى قلبها واظهر كم تحمل قلب مكلوم ضعيف نازف وكأنها تناقض نفسها فظاهرها يتحدث بقوة انها ستتعامل معه كصديق وتبتعد عنه. 

وداخلها يدافع عن أحلامها وحبها بقوة يصرخ ليبقيه داخل احلامها كي لا يسرق أحد ما أضاء له لياليها السوداء.


جاء صباح مختلف مليء بالقرارات والارادة القوية بقيت تردد مع نفسها طوال الليل وحتى الصباح

 "هو ليس بحسن. انتِ تحبين حسن. هو صديقكِ بالعمل فقط" 


جاء أورهان بالصباح واصطحابها للعمل، ألقت الصباح عليه وعلى سائقه يفوز الذي عاد لإيصاله بالذهاب والعودة فمن الواضح أن وضع اورهان الصحي غير مستقر فهو مجهد وهزيل طوال الوقت.


دخلا الشركة وهي تتحدث مع نفسها لتقويتها على الالتزام بعهدها.  تلاشت كل هذه القرارات حين رأت دخول يوسف وغمزه مع بعضهما سوياً الشركة

 نظر الجميع لبعضهم البعض وتبادلوا السلام ثم توجهوا بشكل جماعي باتجاه المصعد. 


وبداخل المصعد لاحظت سيلين تغير بوجه اورهان بيه اقتربت منه وهي تسأله قائلة 

"هل انت متأكد انك بخير" 

نظرا كل من غمزة ويوسف نحو أورهان باهتمام  ليبتسم وهو يرد عليها قائلا

 " نعم عزيزتي انا بخير لا تقلقي. ولكنِي سأكون أفضل إذا رأيت الابتسامة الجميلة الغائبة عن وجهك بهذا اليوم" 


تبسمت له سيلين على خجل  ليقول لها اورهان  

"هذا هو الآن اصبحت بخير"

ضحك يوسف وقال 

"الووو نحن ايضا هنا "

ليضحك الجميع ماعدا سيلين التي اصرت ان لا تضحك بوجوده

استمر اليوم بانشغال الجميع بأعماله. وايضا بتجاهل سيلين ليوسف تماماً. تتحدث معه دون النظر له تعطيه الاوراق الخاصة به وتأخذ منه التواقيع دون إهتمام في محاولة منها أن تفعل ما قالته،  كلما أراد التحدث معها تتم مقاطعتهم من قبل احد العاملين او من غمزة او حتى اورهان بيه ليقرر يوسف كعادته ان يتحدث معها و يستفسر منها عن حالتها الغريبة  قبل نهاية اليوم و مغادرتها للمنزل.


توجه الى مكتبها ليسألها عن حالتها الغريبة. فوجهها لا يضحك ولا تتحدث كعادتها اعتقد انها  مرت بأزمة او زارها وحش الليالي كما بدء يسميه يوسف في اشارة الى كوابيسها بزوج أمها الدنيء

 دخل كعادته بدون استئذان ليجد السيد شاهين واقفا بمكتب سيلين وهي غير موجودة به.


انتبه عليه شاهين ليقول

 "يوسف بيرقدار من الجيد اني رأيتك اليوم  كنت سأمر إليك قبل ذهابي لأسالك عن بعض البنود المتعلقة بعقد المشروع الاخير" 

تكلم شاهين هو يحدثه بهذا وهما يتصافحان ليجيبه يوسف 

 "نعم كنت سأتصل بك لنرتب لاجتماع في الأيام القادمة" 


دخلت سيلين مكتبها لتتفاجأ بهم تصلبت قليلا حال رؤيتها لشاهين بيه و يوسف معاً بمكتبها


 حاولت أن تستجمع نفسها لتخاطب شاهين  قائلة

 "تفضل شاهين بيه هل تحتاج الى شيء. حسب علمي لقد انتهى اجتماعك مع أورهان بيه على أكمل وجه" 

رد شاهين بابتسامة ساحرة قائلا

"ما احتاجه ذو طابع خاص ليس له علاقة بالعمل هنا" 


تشنج فك يوسف انزعاجاً لما قاله فهو لا يفهم ما يقصده شاهين بهذه الكلمات

اكمل شاهين امام صمت سيلين واخفاضها لعينيها  ليقول

"ليس خاص بي. انما خاص بشركتي علمت من أورهان بيه ما حدث لكِ بشركتي الخاصة وجئت لأعتذر منكِ وانا اؤكد لكِ اني لم اعلم ان لدي من يتعامل  بهذه الطريقة. أعدك بمحاسبة من فعل هذا أشد محاسبة حتى لا يتكرر الأمر مع الآخرين. ارجو منكِ تقبل اعتذاري الشخصي" 

نظرت له  بسرعة قائلة

"لا يوجد داعي للاعتذار او ما شابه كما اني لا احب ان اكون مسؤولة عن قطع رزق احدهم يكفي ان تنبه العاملين المسؤولين عن التوظيف أن يتبعوا سياسات أفضل تراعي التعامل الجيد مع المتقدمين إليها"


 ابتسم شاهين بوجهها لتخفض سيلين عينيها بخجل مرة اخرى. انزعج يوسف من نظرات شاهين المطولة نحوها لذلك تحرك متحدثا له

"ان تم الامر فلنذهب لمكتبي لنرى عملنا. وايضا لنترك سيلين هانم لعملها" 

(ابقى سلملي على اللي هيسلمها لعريسها يا اسماعيل بيه😂) 

اومأ شاهين رأسه موافقا و بدأ بمغادرة المكتب ولكنه توقف والتفت لينظر لسيلين ليرمقها بنظرة طالت أكثر مع الصمت.

انارت عينيه بإعجابه الشديد بجمالها المنير قائلا 

"لم اصدق في البداية ما قاله اورهان بيه عنكِ. ولكن حقا فريدة من نوعكِ. سررت بمعرفتكِ. ارجو ان تتقبلي اعتذاري مرة اخرى. تأكدي ما حدث معكِ بشركتي كان أكبر خسارة لنا" 

(اشتم رائحة شخص يحترق من الغيرة 🙈انتبه الحريق قادم) 

تحرك يوسف وخرج بسرعة من المكتب و وقف بالخارج وهو ينادي على شاهين الذي استغرب من مقاطعته واستعجاله على العمل. 

ساءت حالتة بمكتبه وضع يده على صدره متألماً بألم في صدره و ضيق في تنفسه.

كابر و رفض نصيحة الاطباء بوجوب دخوله الى المستشفى فورا و قيامه بعملية بالقلب والا سيحدث مالا يحمد عقباه  فمن الممكن تعرضه لنوبة قلبية قد تقضي على حياته هذه المرة. 

اهمل اورهان بصحته عن قصد بعد ان أرهق من المحاربة في سبيل البقاء والقوة دون احبابه، ليستسلم هذه المرة لحزنه وكأنه يقول  "مرحبا بالموت الذي سيأخذه بقرب زوجته و ابنته الحبيبة "

انتبهت سيلين  لوضع أورهان المضطرب ظلت تذهب إليه بين الحين والآخر كي تطمئن عليه ليطمئنها انه بخير و مجرد برد طارئ نتيجة لنومه قبل يومين على الأريكة بدون غطاء. 

بهذه الايام كانت سيلين قد كررت زيارتها لعيادة السيدة سيفدا مرتين في الأسبوع.


كان تقدمها بطيئا لكنه ملحوظاً خصوصا أن سيلين قررت محاربة نفسها بقوة كي تتخلص من هذا الذعر والألم.


 استمرت دكتورة سيفدا بتكليف سيلين بكتابة كل ما تشعر به بدفتر خاص بها ثم تعود ليتحدثوا بماذا شعرت حين كتبت هذه الكلمات. 


كما اخبرتها انها بإمكانها كتابة الصفات الجميلة التي تتمناها بصديقتها او من حولها او شريك حياتها.


كانت هذه الفروض المنزلية بجانب الدواء المهدئ تساعد سيلين بتحسين وضعها النفسي وتقليل كوابيسها الليلية.


وبعد مرور أيام متتالية من تجاهل سيلين ليوسف ومعاملتها الباردة نوعا ما معه 

وصل هو لنهاية صبره ليجد نفسه قد أرسل رسالة لها مساءا متسائلا 

"هل نحن بخير؟"لترد عليه بكتابة

  "أنا بخير شكراً لك

ليرد يوسف كاتباً

 "اشعر بشيء غريب بكِ ولكنِي ابرر هذا بذهابكِ للدكتورة أكثر من مرة بالاسبوع" 

نفت سيلين هذا كاتبة 

"بالعكس تماماً لقد ارتحت كثيراً لأجل هذا" 


لتتفاجأ به يكتب لها 

"اذا سأذهب انا ايضا معكِ بالمرة المقبلة. اشعر نفسي وكأني ببئر مظلم اختنق وأصرخ بلا منقذ ولا منجي منه"


حزنت سيلين لوضعه فكرت برد اكثر من مرة ولكنها لم تكتب 


ليكتب هو مرة اخرى

 "متى سيأتي اليوم الذي احتضنها به واشتم رائحتها الجميلة وانا المس شعرها القطني الذهبي"


وارسل لها صورة لي لي الجديدة وكتب فوقها "حديثة النشر"


ارتسمت ابتسامة جميلة على وجه سيلين التي كتبت سريعاً

 "كم هي جميله أصبحت شبيهة  الكتكوت لقد وقعت بحبها أكثر وأكثر"

اتصل بها ليبدأ حديثه قائلا

"لقد اصبح لي شريك بحبها اذا" 

خجلت وهي ترد عليه 


"وكثيراً ايضا يعني ليس شريكاً عادياً" 

فرحت سيلين بحديثها معه وكأنها كانت تنتظر هذه المحادثة منذ زمن، نسيت نفسها وقراراتها و وعودها لنفسها بلحظة سماع صوته. هدأ يوسف من حزنه واكمل حديثه عن ابنته وكأنها بمحادثتها له رجعت له الحياه 

ارسل لها عدة فيديوهات مما رأوها سوياً بحديقة منزله. لم تطول فرحتهم بصور لي لي حين عاد يوسف  ليخرج همه ويشتكي لها ما يضيق صدره به وخاصة أنه لا يريد الذهاب غدا لحفل افتتاح معرض سيارات خاص بإحدى اصدقاء غمزه.


اغمضت سيلين عينها بحزن عند عودة الحديث لغمزه ولكنها تمالكت نفسها وسألته "لماذا لا تريد الذهاب "


ليجيبها 

"انه فنان مشهور وسيكون هناك كاميرات ومصورون و وسط اختنق كثيراً عند تواجدي به" 

فاجأته وهي تتحدث معه كي تقنعه بذهابه معها وانه بأشد الحاجه لهذه الاضواء والصور كما تقول فضيلة هانم.


ابتسم يوسف "خالتي الجميلة كم اشتقت لها هي و والدتي. افكر ان اذهب اليهم بعطلة نهاية الأسبوع اذهب يومين او ثلاث على الأكثر واعود"


رحبت سيلين كثيرا بالفكرة واخبرته ان هذا القرار سيحسن منه كثيراً.

اخبرها ان فضيلة تريد التحدث معها طلبت هذا منه اكثر من مرة ولكن الظروف غير متهيئة من جميع الجهات كي يجمعهم بوقت يناسبهم هما الاثنين .


ابتسمت سيلين وقالت

 "سيأتي هذا اليوم لا تقلق" 

 صمت يوسف قليلا ليفكر ثم صدمها قائلا 

"لتأتي انتِ ايضا معي ستكون مفاجأة جميلة لها. وايضا ترين امي اعتقد انكِ اشتقتِ لها ، حتى وان لم تشعر بنا على الاقل نكون قد ازلنا شوقنا لوجهها النادي" 


صدمت سيلين بطلبه وتلجم لسانها لم تعرف بماذا تجيب ظلت لثواني تفكر، ليقول يوسف   "افهم من هذا انكِ وافقتي على طلبي"

لترد عليه بسرعة 

"ااااااااا"


ابتسم يوسف وقال 

"ماذا قلتي انا لم افهم "


خجلت سيلين وقالت

" لا يمكنني فعل هذا. وايضا انا لستُ مستعده للسفر فليس لدي اوراق رسمية للسفر خارج البلاد" 


هز يوسف رأسه وقال

 "بسيطة بسيطة "


رفع الهاتف من على اذنه لينظر للشاشة باستياء ثم وضعه على أذنه مرة أخرى ليقول لها "ياليتنا أغلقنا محادثتنا قبل دقائق من الان. فهي تتصل الان و من المؤكد أنه ظهر لديها انني مشغول بمكالمة أخرى"


عادت سيلين للواقع من جديد ضمت أجنحتها وهبطت على ارض الواقع مرة اخرى.


تركته لاتصاله طالبة منه ان لا يخبر غمزه انها من كانت معه على الهاتف.


وافق يوسف على هذا وتمنى لها ليلة سعيدة وانهوا الاتصال. حدث نفسه بحزن 

"لا زالت تخجل امام الناس ولكن خطوه خطوه يذهب كله ذلك وتعتاد على القوة"

حدث نفسه وهو على فراشه دون أن يتخيل للحظة انه سينام قبل معاودة الاتصال بغمزة.

نام متحدثا مع نفسه انها ستكون بخير وستكون قويه وانه سيظل خلفها حتى هذا الوقت.


بالصباح طلبت سيلين من اورهان ان تتأخر بذهابها للعمل واخبرته ايضا انه ليس لديه اعمال مهمه او اجتماعات قبل الظهيرة وانها 

رتبت كل شيء ولا يوجد اي نقص.


اجابها أورهان بصعوبة وهو يضع يده على قلبه متألماً 

 "جيد انكِ أخبرتني بهذا. إذا سأتأخر انا ايضا اليوم مادام لا يوجد شيء مهم قبل ساعات الظهيرة" 

شعرت سيلين بتغير بصوته لتسأله عن صحته وهل مازال  يشعر بألم في صدره. ليرد عليها سريعاً "انا بخير بأفضل حال فقط بقايا الزكام كما اخبرتك سابقاً"

 لم ترتاح سيلين لما يقوله صمتت ليقول لها اورهان

" اراكِ على خير يابنتي" 

واغلق الهاتف تاركها بحالة قلق يراودها حيال صوته الغير طبيعي.


وبعد عدة ساعات وصلت سيلين الشركة توجهت أول شيء لمكتب أورهان بيه وهي تبتسم دخلت فلم تجده شكرت الله وقالت 

"لتكون مفاجأة جميلة له"

 اخرجت سيلين من حقيبة ورقية زهرة جميلة  باللون الابيض.

 أتتها الفكرة عند رؤيتها لهذه الزهرة منتشرة بكل ركن بالجمعية وقد كتب عليها 

"لأجل كل زهرة"  

(بالأصل هذا ليس شعار فقط بل هو اسم الجمعية مرتبط به هذه الزهرة البيضاء) 


وضعتهاعلى مكتبه بمكان واضح وهي تقول لنفسها بفرح 

"اتمنى ان تعجبه الفكرة"

 (يالهوي دي هتجلط الراجل 🤦‍♀️) 


خرجت بفرح متوجهة نحو مكتب يوسف، طرقت الباب دون ان تجده بالداخل ارتاح قلبها اقتربت من مكتبه واخرجت اطار جميل باللون الأصفر مزين بكتاكيت صفراء صغيرة بعضها بداخله نصف بيضة، وبعضهم متجمعين يأكلون سوياً الذرة، كان الاطار وحده يجلب السعادة فما بالكم بالصورة الجميلة التي زينت هذا الإطار.

 وضعته على المكتب  بجانب جهة اليمين وخرجت وهي تبتسم قائلة  

 "لقد تم الامر" 

انشغلت سيلين لإنهاء بعض الاوراق بالإدارة العامة وقسم المحاسبة. تنقلت بين المكاتب ليكون من حظها رؤية دخول غمزة للشركة بكامل اناقتها وشياكتها ولما الاستغراب فهذا ما ننتظره منها وهي ذاهبة لحفل افتتاح كبير واسع النطاق.

 وقفت سيلين قليلا لتنظر لملابسها دون لفت انتباهها لهذا. استمرت بانشغالها بالعمل حتى أتت ساعة الظهيرة و وصل أورهان بيه للشركة  استقبلته سيلين بالممر لتسير بجانبه وهي تطمئن على صحته، ضحك معها قائلا " سأعينكِ طبيبتي الخاصة" 

وضحكا سوياً دخل  المكتب لتتحجج سيلين أنها ستجلب اوراق من مكتبها وهربت وهي تضحك تريده أن يرى المفاجأة  وحده دون أن تعلم ما فعلته به. 

دخل أورهان المكتب وصدم بالزهرة على مكتبه اتسعت اعينه وتحرك ببطء  ليجلس على مقعده وضع يده على صدره مره وقلبه مرة اخرى متألماً مختنقاً فبدون علم منها قد جلبت اجمل واحب زهرة لقلب زهرة أبيها  و وضعتها أمامه وكأنها  جلبت  ابنته لتضعها امامه من جديد، تساقطت دموعه وهو يتذكر ابنته وزهرته الصغيرة وهي بعمر الخامسة عشر تتنقل من مكان الى مكان اخر لتزرع تلك الزهرة  بحديقة القصر حتى جعلتها كلها باللون الابيض. تذكر فرحتها وضحكتها كلما جاء فصل الربيع ونبتت زهرتها وفتحت لتضيء الحديقة كلها بلونها الابيض الجميل وكانت فراشة ابيها تتنقل بينهم فرحه تصورهم وتتصور معهم.

لم يستطع التنفس ظا ينظر فقط بعيون باكية وهو يعيد الذكريات فلم يستطع نسيان ما حدث بآخر لقاء في الجمعية حتى جاءت هذه الهدية لتقضي على ما تبقى منه. 

جلست سيلين بمكتبها فرحة و من حماسها اخذت الاوراق وخرجت كي تعود لمكتب أورهان بيه لتتفاجأ بقدوم يوسف هو أيضا للشركة اوقفها وهو يقول لها 

"تعالي معي لدي مفاجأة لكِ سأستحق بعدها ان اخذ قهوتي المميزة" 

 ابتسمت سيلين وقالت له

 "اي مفاجأة" 


رفع يوسف يده ليتضح انه يحمل حقيبة صغيرة زرقاء قائلا 

" تعالي معي" وتوجه نحو مكتبه.

 حاولت أن تتهرب كي لا تكون بجانبه عند رؤيته للاطار ولكنها قررت ان تشاركه الفرحة تحركت خلفه ودخلت المكتب واغلقت الباب وهي تنظر له بترقب متى سيقع نظره على الإطار.


لم يلاحظ  الاطار من حماسه وضع الحقيبة على المكتب واخرج منها كوبين صغيرين باللون الاخضر داخلهم زهرة الصبار الجميلة قائلا "سمعت ان هذه الزهرة تزيل التوتر وتمتص الطاقة السلبية المنبعثة من الأجهزة والهواتف حتى أنها تخرج موجات ايجابية تشعر الانسان بالراحة والهدوء النفسي لهذا يشاع عنها أنها تزيل التوتر"


ابتسمت سيلين وأخذت منه هذه الزهرة الصغيرة جدا تنظر نحوها بقلب يرفرف من فرحته لمجرد شعورها انه ايضا يفكر بها.

من حماسها وفرحتها لم تستطع الانتظار أكثر فأشارت له بيدها نحو الاطار لينظر يوسف نحو ما تشير له 


ان قلت لكم انه طار عقله بهذا الإطار فسأكون قد ظلمته لان الطيران اقل بكثير من فرحته بهذه اللحظة 


دمعت عينيه وتلجم لسانه فأصبح لا يستطيع الكلام من شدة اعجابه بهديتها 


سألته سيلين

 "هل اعجبتك. اردت ان تكون أمامك دائماً. تستطيع تغيير الصورة ان اردت ولكنِي ارى انها من اجمل ما نشر". 


مسح يوسف دمعته التي سقطت من تأثره بصورة ابنته الجميلة قائلا 

"لقد اهديتني اليوم  الدنيا وما فيها" 


و عاد ليتأمل صورة لي لي بضحكتها الجميلة  ليقول لها

 "هي أجمل شيء رأيته بحياتي "


لترفع سيلين يدها بزهرة الصبار قائلة

"وانا ايضا اشكرك على هذه الهدية الجميلة. شعور انك تذكرتني وانت تشتري لنفسك اسعدني" 


ولكنه أجاب عليها سريعا قائلا

" ماذا تقولين كيف تذكرتني ونفسك. بالأصل ذهبت لأشتريها لكِ وتذكرت نفسي بعدها فأشفقت على نفسي واشتريت واحده اخرى لي ولكني اخترت واحدة شبيهه بخاصتكِ كي نكون متشابهين "


كانا يقفان بالقرب من بعضهما في لحظة انسجام و تعاطف كان كمن يحمل قلبه في عينيه من فرحته تحدث معها عن اشتياقه لها وكم اسعدته بوضع صورتها امامه ليستمتع بها طوال اليوم 


بهذا الوقت دخلت غمزة عليهم المكتب لتنتبه لقربهما وانسجامهم وعيونهم الفرحة الباسمة  وهم ينظرون لبعضهم البعض


تغيرت ملامح غمزه التي شعرت بنوع من الاغتياظ  لتقاربهم


تحركت لتقترب منهم  وهي تنظر للإطار بيد يوسف قائلة

 "اوه صورة لي لي الجميلة. لقد رأيتها أمس هذه اجمل صورة شاركتها هوليا الى الان اختيار موفق. وايضا اهنئك لاختيارك تصميم الاطار المميز. فهي بملابسها وشعرها الذهبي تشبه الكتكوت حقاً" 

(كانت لي لي ترتدي فستان جميل اصفر مصمم على شكل الكتاكيت للأطفال ومعه كاب  على شكل رأس كتكوت خاص به لتكتمل صورة الكتكوت عندما يرتديه الطفل. وكانت لي لي ممسكه الكاب بيدها وهي تضحك) 


 اقتربت غمزه اكثر ووقفت  بين يوسف و سيلين وهي تلتصق به و تضع ذراعها على كتفه بحجة انها تشاهد ما بيده .


اثارت غمزة غيرة سيلين كالعادة  اخفضت اعينها خجلا من تقاربهم  و فضلت ان تنسحب بهدوء قائلة 

" تأخرت على اورهان بيه ورفعت زهره الصبار التي بيدها قليلا وهي تكمل قائله

" شكرا لأجلها" 


بدأ  بأنزال يد غمزة عن كتفه وهو يقول لغمزة

 " لست انا بل هي هدية  سيلين لي، علمت بمدى اشتياقي لابنتي و قررت ان تفاجئني بهذه الهدية الجميلة"


كالعادة تركتهم سيلين دون الاستماع لكلام يوسف كانت تخرج متحججه بتأخيرها 


 تحركت بغضب نحو غرفة اورهان بيه وقفت على باب المكتب قبل دخولها وهي تحاول أن تهدئ من نفسها 


طرقت باب المكتب و دخلت بهدوء وهي ترسم ابتسامة على وجهها

 تفاجأت بما رأت امامها لتتسع اعينها وهي تركض مسرعة نحو أورهان  بيه الذي كان ساقطا على الارض فاقدا لوعيه 


 سقطت على ركبتيها بجانبه لتحركه محاولة إيقاظه ولكنه فاقد للوعي بوجه شاحب و جبين تجمعت عليه قطرات من العرق 


 كانت تنظر له بعيون واسعه وجسد يرتعش تحرك رأسها بالنفي وهي تصرخ قائله 

" لا لا لا لا يمكن ان تتركني لا ارجوك استيقظ ابي لا ترحل.. ابي. ابي. ابي " . 


دخلت بحالة هستيرية لا شعورية من صدمتها فأصبحت تصرخ قائله

" ابي لا تتركني ابي لا تتركني" 


 سمع يوسف صراخها بل سمع كل من في الشركة  صراخ سيلين و نحيبها 


ركض يوسف مسرعا ليبحث عنها بمكتبها ولكنه علم أن الصوت يأتي من مكتب اورهان فأسرع راكضاً نحو مكتبه

  لينصدم بها وهي تهز راسها بخوف تبكي و تصرخ و اورهان ملقى على الارض يبدو انه قد اصيب بنوبة قلبية 


صرخ يوسف على الموظفين لسرعة الاتصال  بالإسعاف  ركع بجانب اورهان ليتفحص النبض ليجده ما زال حيا بنبض ضعيف


 التفت الى سيلين وهو يقول

 " لا تخافي مازال حيا" واخذ يدها بقوة ووضعها على رقبة اورهان فهو يعلم انه لم يصل لها صوته بهذه الحالة.

كان جميع العاملين يبكون خوفاً على اورهان ولكن أعينهم على حالة سيلين الغريبة وجلوس يوسف امامها ليهدئ من ذعرها

" حسنا  انظري إلي تنفسي بعمق ارجوكِ لا تخافي. خذي نفساً طويلا واخرجيه" 


 في هذا الوقت حضر المسعفون و بدأوا بعملهم قام يوسف وركض نحو مكتب سيلين واحضر حقيبتها مخرجاً منها  المهدئ وهو حريص على ان لا يرى احد هذا الدواء خرج الجميع خلف اورهان الذي تم نقله متوجهين نحو سيارة الاسعاف.


ليجد يوسف الفرصة كي يعطيها دوائها قبل ان يلاحظ أحد سوى غمزه التي عادت كي تسأله ماذا سيفعلان متفاجئة به ممسك بيد سيلين ليوقفها وهو يهدئها ويجعلها ستنشق الهواء بداخلها وتخرجه بهدوء 

كررت سيلين قول 

" لا اريد فقده لا اريد فقده" 

تحدثت غمزة معه ولكنه لم يستمع لها كان منشغلا و خائفاً من فقده السيطرة على سيلين بالشركة أمام الجميع 

وبلحظة مفاجئة وجدها تركض لخارج المكتب وكأن وعيها عاد إليها وادركت انتقال اورهان للمشفى، ركض خلفها وهو يقول "بهدوء بهدوء" ولكنها لم تستمع له

 تحركت غمزه خلفهم وهي لا تصدق ما تراه امامها. 


اقتربت سيلين من سيارة الإسعاف لتسمع المسعف يقول لدينا رجل  بأواخر الخمسينات يتعرض لازمة قلبية شديدة ضغط الدم ١٩٠/١٠٠ النبض غير منتظم. التنفس ضعيف. فاقد للوعي مقياس غلاسكو 6 يستجيب للألم. 

ارادت سيلين الصعود معه بسيارة الاسعاف ولكنهم رفضوا لسوء حالتها ليصعد السيد احمد معاهم وتنطلق سيارة الاسعاف 

وامام انهيارها وبكاءها وهي تقول

 " لا تتركني ابي لا تتركني" 

ولأول مره تجرأ يوسف واقترب منها وهي بهذه الحالة ممسك ذراعها بصمت متوجه بها لسيارته كان يخاف ان يتحدث او يحدث اي امر يزيد من حالتها. استمر فقط بسحبها نحو سيارته لتصعد بها وهي تستمع ليوسف "سنذهب اليه هيا سنذهب اليه".

ثم تحرك للجهة الاخرى كي يصعد ويقود السيارة بسرعة خلف سيارة  الإسعاف


كان من المفترض ان تصعد غمزه معهم او ان تستقل سيارتها وتذهب خلفهم ولكنها ظلت صامته متفاجئة تنظر خلفهم وهي لا تصدق حالتهم.


تم إدخال أورهان بيه غرفة العناية المركزة إثر تعرضه لأزمة قلبية حادة

عملت سيلين حقيقة الحالة المرضية لأورهان وتعرضة لسلسلة من الأزمات التي مر بها خلال الفترة القصيرة الماضية.

اخبرهم الطبيب بضرورة إخضاعه لعملية   جراحية بالقلب باقرب وقت.

 حزنت سيلين وانهارت تماما خوفاً على فقد أورهان 

الذي جسد لها دور الأب الروحي لها منذ التقائها به جلست بجانب غرفة العناية بعيون حمراء متورمة من البكاء تردد دعائها لله أن يحفظ لها ابيها 

عادت لتلك الفتاة الصغيرة التي جلست بمكان مشابه لهذا قبل عدة سنوات بعد ان أبلغهم الطبيب عن  انتكاسة والدها، هدأها يوسف وهو يردد "لا تخافي على  أورهان بيه إنه قوي سينتصر على هذه الوعكة و سيخرج لنا سالما"

بقيا على جلستهما لساعات ينتظران أي خبر عن صحة ذويهم، جاء الى المشفى كلاً من السيدة سيلا والسيد احمد وغمزة وبعض العاملين بعد انتهاء الدوام بالشركة كي يطمئنوا على حالة أورهان بيه، لم يبقوا كثيرا غادروا وهم يتواعدون بالرجوع مرة اخرى. 

تحدثت غمزة ليوسف "هيا انت ايضا لا داعي لوجودنا هنا"  


نظر لسيلين ثم عاد لينظر لغمزه قائلا

 "هي ترفض الذهاب لأي مكان حتى تطمئن على صحته و تراه بعينيها" 


لترد عليه  بعيون قوية مليئة بالغيرة و الاغتياظ

 "إذا لنذهب نحن ونعود بالصباح لتطمئن عليه" 


ثم نظرت لسيلين مكملة حديثها ليوسف

 "يمكنك تركها وحدها هي ليست بصغيرة لا أعرف ما الداعي لكل ما فعلته فجميعنا حزنا على وضعه دون ان نفعل مثلها اعتقد انها بالغت قليلا" 


سحبها يوسف مبتعدا اكثر عن سيلين وقد تغيرت ملامح وجهه وهو يقول لها 

"ماذا تقولين انتِ. ماذا تعرفين عنها كي تقولي بالغت ام لا.

 وايضا ليس مشاعر الجميع نفسها فهناك من يحمل قلب رقيق لدرجة تجعله لا يتحمل أذية نملة"


ردت غمزة سريعا قائلة 

"انا لا اقصد شيء. وايضا أنت حر إن أردت البقاء فلتبقى قلت ذلك من خوفي عليك فكيف ستقضي ليلتك هنا.

 ولكن كما قلت لك إن أردت هذا لن امنعك حتى يمكنني ان ابقى معك لأهون عليك تلك الساعات الطويلة "


شكرها يوسف "لا داعي لبقائها فالأطباء سمحوا لنا بعد عدة محاولات فلا يمكن اضافة شخص آخر'' 


خرجت غمزة من المشفى بعد أن ودعتهم بوجه لطيف يخفي خلفه الغيظ والغيرة والغضب. 

من خوف سيلين وحزنها على اورهان ظن الاطباء أنها أبنته التي كان ينادي عليها عند استعادته لوعيه.

حاول يوسف تهدئتها 

 "سينجيه الله بصدقاته والخير الذي يفعله في مساعدة الضعفاء الله لا ينسى عباده الصالحين سيكون بخير ليكمل طريق الخير" 

ورغم ثقل الليل وتباطئ مرور ساعاته الا أنه مر وزال ليشرق الصباح مفصحاً عن بدأ يوم جديد استيقظ السيد يفوز داخل السيارة أمام المشفى ناظرا للساعة بقلق نزل به على عجل ليدخل كي ليطمئن على حالة اورهان بيه معاتب على  نفسه "كيف غلبني النوم"

نام كلا من يوسف وسيلين على مقاعدهم وهم جالسين أمام غرفة العناية المركزة 

فُتح باب العناية ليخرج الطبيب المناوب منها، شعرت سيلين بحركة جانبها فتحت عينيها وتحركت سريعا عند رؤيتها للطبيب   متسائلة عن حالة أورهان بيه. بهذا الوقت اقترب ايضا السيد يفوز منهم مستمع لحديث الطبيب الذي طمأنهم أنه بحال أفضل بعد ان  تعدى مرحلة الخطر. نظر الطبيب لسيلين مكملا "ظل ينادي عليكِ طوال الليل قائلا ابنتي ابنتي من الواضح قوة المحبة والارتباط بينكم"

اخفض يفوز رأسه و هو يرد على  الطبيب 

"انه ينادي على ابنته الحقيقية رحمة الله عليها"


فتح يوسف عينيه وقام مقتربا منهم ليستمع للطبيب وهو يقول لهم 

"سينتقل خلال الساعات القليلة القادمة لغرفة خاصة حينها تستطيعون رؤيته. أوصيكم بالتحلي بالهدوء علينا أن نبعد عنه اي مؤثرات او أي اخبار سيئة الفترة القادمة فأي عارض معاكس سيكون عواقبه سيئة جدا" 


انصرف الطبيب لتنظر  سيلين للسيد يفوز متسائلة

 "هل كان لديه ابنه، أنا لا أعلم بذلك قبل"


رد يفوز بحزن قائلا

 "كانت وفاتها سببا بسوء حالته وإصابته بالقلب وامراض أخرى. لذلك لا تجديه يتحدث عنها ولا يقترب كثيرا من ذكرياته معها كي لا تسوء حالته كما هو الحال الآن" 


حزنت سيلين لأجل ما سمعته قائلة بحزن

"هل ما حدث له بسبب تذكره ابنته"


اومأ يفوز رأسه بحزن قائلا 

"احاول جاهدا بكل مرة منعه للذهاب لتلك الاجتماعات ولكنه لم يستمع لي تسوء حالته ويعزل نفسه بمنزل المزرعة لعدة أيام حتى يعود لطبيعته. ولكن هذه المرة من الواضح انها كانت قاسية وذكره الأمر بما حدث لابنته مند زمن .


نظرت سيلين ليوسف الذي بدأ يتحدث متسائلا 

"العفو منك ولكني لا اعرف ماذا حدث لابنته. يعني هل توفت اثر حادث سير أم مرض مزمن". 


صمت يفوز والحزن يملأ عينيه بالدموع، استغربا حالته وتغير ملامح وجهه واستأذانه منهم كي يعود ليجلس بالسيارة حتى موعد السماح بالزيارة. 

لم تتركه تحركت خلفه خطوتين قائلة

 "ماذا حدث لابنته " 

نظر يفوز ليوسف قائلا 

"ابحث على صفحات النت عن سبب وفاة

*زهرة ابنة ملك الفولاذ* وستعرف كل شيء فهو ليس بسر" 


فتحت سيلين هاتفها سريعاً وكتبت ما قيل امامها لتتسع اعينها بالمفاجأة حين فتح امامها عدة روابط بعناوين مخيفة.

 اقترب يوسف ناظرا لهاتفها بدون اهتمام تغير حين قرأ ما قرأته سيلين، نظر لها ثم نظر للهاتف مرة اخرى قارئ معها  قدر  المأساة التي تحملها ذلك الرجل المكلوم بأعز ما يملك.

تحدث يوسف وهو ينظر لوجه زهرة قائلا

"وكأنها أنتِ، أنظري كم تشبهك، انظري لاحمرار وجهها"

 اختنقت سيلين لدرجة انزلاق هاتفها من يدها المرتجفة دون مقاومة منها. 

حركها يوسف ليجلسها على المقعد وأخرج المهدئ من حقيبتها مرة اخرى ليعطيها إياه، رفضت بأول الامر ولكنها استجابت بعد ان سمعته يقول لها

"لأجل أورهان بيه عليكِ ان تكوني قوية أمامه.

  لقد وضعك مكان ابنته بعد أن رأى ابنته بكِ. 

اتضح الآن أنه يكمل فقده ونقصه بكِ. عليكِ أن تكوني قوية كي تساعديه وتسانديه لا يمكنكِ الانهيار"

كانت هذه الكلمات القوية سبباً بصمود سيلين  ومواجهتها لخوفها وانهيارها لأول مرة.

تم نقل اورهان بغرفة خاصة والسماح لسيلين ويوسف ان يكونا اول الزائرين له 

دخلت الغرفة لتجده جالس على الفراش الطبي وهو يستند بظهره على الوسائد الخلفية يبتسم لها بوجه متعب، اقتربت منه شيئًا فشيئًا حتى جلست بجواره على فراشه وبلحظة لم ينتظرها أحد تفاجأوا بها تلقي بنفسها داخل حضنه دُهش يوسف كما تفاجأ اورهان الذي رفع يده ليضمها داخله وهو يقول "لا تخافي يا بُنيتي أنا بخير".

 جائتهم المفاجأة الاخرى حين سمعوها وهي تناديه "بأبي" سقطت هذه الكلمة على قلب اورهان بقوة حتى أصبح يتنفس بسرعة

قلق يوسف عليه اراد ان يرفعها من حضنه ولكن اورهان رفض تركها وهو يقول لها 

"لا تخافي لن اذهب لمكان واترككِ. انا بجانبكِ يا عمري" 

مسح يوسف دموعه التي تجمعت بعينيه تأثرا بهذا المشهد المدمي للقلب فكل واحد منهم يداوي جرح الاخر وهو يتألم بشدة.

للحظة توقعت القاء يوسف بنفسه داخل حضن اورهان بالجهة الأخرى ليبكي هو ايضا، فمن يرى تحركه واقترابه من اورهان واضعا يده على كتفه بقوة يعتقد ذلك.


(الحمد لله طلع ابني عاقل لأول مره لأنه لو عملها كان جاب اجل الراجل هو وقرمزيته هههههه😂😂😂) 


دخلت غمزه وسيلا هانم الغرفة بوجوه مبتسمة قائلين لأورهان 

"هل تتدلل علينا لترى غلاوتك بقلوبنا" 


تفاجأوا بوضع سيلين الغير مفهوم بحضنه ودموعها التي اغرقت صدره ، نظرت غمزة نحو يوسف لتجده يعطيهم ظهره ليمسح دموعه التي سقطت من قلب أضعفه ثقل اقداره.


وبعد مرور خمسة أيام استمرت سيلين خلالها بالعناية  باورهان بيه والمحافظة على علاجه وطعامه لدرجة انها مكثت بمنزله الخاص رافضة الابتعاد عنه حتى تطمئن على سلامته التامة. اخذها يوسف حجة كي يتخلص من وحدته بالمنزل لينام هو  ايضا معهم بنفس المنزل مما زاد هذا من سعادة وبهجة

 سيلين فيا لجمال نومها واستيقاظها وهو معها بنفس المنزل كسابق عهدهم.

 سعد أورهان بهذا الوسط العائلي الجميل الدافئ  مستعيد بهم ذكريات عائلته.

لم تقصر بإطعام اورهان طعامه بنفسها حتى اخر معلقة.

 ولم يقصر يوسف ايضا باضحاكهم وكثرة احاديثه التي وصلت للأيام السابقة عندما كان ينتحل شخصية حسن.

علا صوت ضحكهم عندما مثلت سيلين حركات حسن وخطواته. أرهق اورهان من كثرة الضحك الكثير حاول اسكاتهم دون فائدة فلقد اجتمعوا كالأطفال فوق رأسه.

طردهم من غرفته أكثر من مرة حتى يستطيع النوم بهدوء وبمجرد خروجهم ومرور عدة دقائق قليلة ينادي عليهم كي يأتوا ويجلسوا معه ليبدأ هو بالأحاديث والضحك 

✿✿✿

عاد اورهان لممارسة عمله بالشركة مرة اخرى مع إعطائهم وعد بالسفر قريبا لإجراء العملية بعد ان ينظم بعض الأعمال وينهي المهم منها اولا. 

وبهذا عاد الجميع لممارسته الحياة العملية كالسابق. وعادت غمزة للتقرب من يوسف وعيونها على سيلين التي اختارت دوما الانسحاب تاركة اياهم خلفها متقاربين.

لم يرضى يوسف عن وضعه وحاله مع غمزة. كثر ضيقه واختناقه حتى أصبح يشتكي لسيلين منها

(قال جاني بعد يومين يشكي من حب جديد💔)

 وبأحد تلك الأيام وقف في مكتبه يتحدث مع سيلين وهو منزعج يشكوا لها انتظاره أسفل منزل غمزة لساعتين كاملتين حتى انتهت من ارتدائها. صمتت بنار غيرتها ليكمل يوسف

"اقسم انه اقترب اهدائها بسيارة جديدة بدلا من سيارتها المعطلة كي تعتق رقبتي"

كان مختنق كثيرا وهو لا يعلم تأثير هذا التقارب على هوليا التي خرجت عن السيطرة ونسيت كل المقاييس المعهودة لتنشر صور اقل ما يقال عنها "أنها بذيئة" فقط كي تثير غضب وغيرة يوسف عليها

كانت تنظر للصور بثقة كبيرة وكأنه لا زال مستمرا بحبها وغيرته عليها، فإن علمت هوليا  بذلك الوحش الغاضب الذي صنعته بيدها داخل قلبه ما كانت ستثق كل هذه الثقه.


بهذا اليوم وبعد الانتشار الواسع الذي حققته الصور اتخذت فضيلة قراراً حاسماً مفصلياً سيقلب الموازين والخطط. فلقد نزل ما تداول على صفحات التواصل الاجتماعي عليها كالسيف أقسم ظهرها وجعلها غاض بوجه ناري متجمر وقفت تكرر قراراتها النارية وهي تحرك رأسها لتأكد لنفسها انها اتخذت القرار الصائب الذي لا رجعة فيه.

( لا يمكن لأحد لومها بها😭 أو اتخاذ موقف معادي منها😭 فهي محقة 😭طفح الكيل بما ينضح به وأصبحت لا تتحمل المزيد😭)


تفاجأ الجميع بقرار فضيلة الذي سقط على رؤسهم ليبعثر ما تبقى بها، لم يكن القرار وليد اللحظة فقد حدث بذلك اليوم ما لا يتحمله عقل ودين.

فمع بداية صباح ذلك اليوم وبالتحديد في أمريكا كان الوضع قد وصل إلى حد استفز كل من شاهد تلك الصور التي تم نشرها من قبل هوليا في صفحات التواصل و الصحف الصفراء معلنين عن مدى علاقة جان بيه كبير اثرياء أمريكا بالفنانة الرسامة المشهورة هوليا اصلان. بعد أن خرجت في رحلتها الاخيرة على يخت عشيقها جان في البحر لقضاء بعض الوقت الممتع معه ومع والاصدقاء و والديها الذين انضموا لهم تم التقاط صور لهم فاضحة جدا بهذه الرحلة المليئة بالرقص و المشروبات و ملابس السباحة الفاضحة التي ارتدتها هوليا كأنها تقوم بعمل دعاية لمجلة أزياء. ملئت صفحات المجلات الصفراء بهذه الصور المخزية الفاضحة حتى إنهم عند وصولهم لحد الشرب والسكر الفادح ليجد كل منهم نفسه بأحضان جديدة عليه فكانت هوليا تتنقل بأحضان الشباب وهي بغير وعيها. 

وايضا جان الذي شارك والد هوليا بصحبته لفتيات جميلات عاريات ليشاركهم كل ما يغضب الله ويذمه المجتمع والناس.

في مشهد أقل ما يقال عنه بذيء لا يقبله أي مجتمع او دين او عقل. وهذا ما يحدث عندما لا يربطنا لا دين ولا أصول ولا عادات ولا تقاليد ولا أدب بل ولا شيء.

لم تهتم هوليا لما كتب على الصور زادت من توثيق اللحظات الحميمة بينها وبين جان واصبحت تنشرها بشكل متتالي قريب بالوقت كرد على صور يوسف وغمزه،  وبخبث احد مصورين الصحف الصفراء تم نشر فيديوهات مسربة أشد فسقًا 

كانت هذه الصور والفيديوهات كالقشة التي قصمت ظهر البعير و أثارت غضب فضيلة هانم لدرجة جعلتها تتخذ ردة فعل قد تؤثر على حياة الجميع. سقطت هذه الصور بيد فضيلة هانم ليجن جنونها من هذه التصرفات الغير مسؤولة ارتفع ضغطها وهمت سريعا بالاتصال بيوسف وهي غاضبة. 

كان بمكتبه يأخذ فنجان القهوة من يد سيلين سمع صوت هاتفه  ليضحك  قائلا 

"واخيرا تذكرتني حبيبتي" 


تفاجأت سيلين بما قاله ظهرت الغيرة على وجهها ظننا منها انها غمزه، فتح يوسف الهاتف وهو يقول

"سأفتح المكبر وافاجأها بوجودك" 


فتح يوسف هاتفه ووضع المكالمة على وضع المكبر قائلا

"حبيبتي وروحي اشتقت إليكِ كثيراً" 


أتاه صوت فضيلة الغاضب وهي تقول له

 "هل رأيت اخر ما فعلته عديمة الحياء والشرف تلك. إلى هنا وحسب لقد نفذ الصبر لن اسمح بوجود ابنتنا لديها من بعد الان" 


ترك يوسف ما بيده وبدأ يتحدث  متسائلا

"اهدئي قليلا لنفهم ماذا حدث عن ماذا تتحدثين ماذا فعلت هوليا مجددا" 


أكملت فضيلة بغضبها قائلة

"تبا لها و لعائلتها المشينة كان يجب علينا ان لا نسمح بهذا النسب و هذه العائلة ان تدخل بيتنا، ولكنِ سأريهم قدرهم حتى سنفعل ما  يهزهم ويوقفهم عند حدهم" 

ترك يوسف القهوة من يده ليأخذ الهاتف مغلق وضع المكبر كي لا يفضح اكثر من ذلك أمام سيلين التي سمعت فضيلة وهي تقول


"ستتزوج! نعم  ستشهد هوليا على زواجك بغمزة قريباً جدا بل اكثر من قريباً. سأحجز  طائرتي واتي لاسطنبول ولن أغادرها حتى يتم الزواج، ستكون أسرة بأقرب وقت ليتم كسب قضية الوصاية ونأخذ منها ابنتنا شاءت ام ابت"


كانت تلك الكلمات كفيلة لألجام  يوسف وسيلين عن التحدث، ظلا يسمعان صوت فضيلة يأتي إليهم بغضب وتوعد وهم ينظران لبعضهما البعض بعيون متسعة من الصدمة والمفاجأة.

يتبع ..

 ‎إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.


الليالي المظلمة الفصل الرابع عشر
Wisso

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف20 يناير 2025 في 12:51 ص

    روعه تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • غير معرف21 يناير 2025 في 10:10 م

      الحلقة قوية قوى قوى بصعوبة من بداية مرض الرهان بيه واكتشاف وجعة وفقده لابنتة الوحيدة بهذا الشكل المفجع وتألم الرجل وحده وعذابه

      حذف التعليق
      • غير معرف21 يناير 2025 في 10:11 م

        غيرة سيلين من غمزة وغيرة غمزة من سيلين وحضرة شهريار عصرة ولا حاسس بحاجة من سيلين ده غمزة حست يااابيك

        حذف التعليق
        • Amany Ahmed photo
          Amany Ahmed23 يناير 2025 في 2:10 ص

          انا متعجبة من حالة فضيلة هانم خالة يوسف كيف يصل لعملها إن تقرر زواج رجل عاقل كبير كان يعمل بنشاط صاحب منصب وناجح بدراستة وعملوا إن تقرر خالتي زواجة من نفسها وتحتار كمان العروس بنفسها بدون الرجوع لكليهما وكأنهم لعبة بيديها يحققون رغبتها ويوافقوا عليها وينفذوها لها
          بدون اخذ رأيهم ومشاعرهم حتى عقولهم لابد أن تسأل رغباتهم

          حذف التعليق
          • Amany Ahmed photo
            Amany Ahmed23 يناير 2025 في 2:12 ص

            حتى لم تراعى فضيلة هانم رغبة ابن اختها يوسف طب عائلة غمزة أين سؤالهم وجوابهم على الطلب
            الست دى ضايقتني وبالقوي كمان

            حذف التعليق
            google-playkhamsatmostaqltradent