رواية الليالي المظلمة
بقلم أمل محمد الكاشف
💛الحلقة السادسة عشر💛
......... 💐الليالي المظلمة 💐
#القرميزية
الحمدُ لله الذي زرع فينا القدرة على الصبر والتحمل،
فالصبر من الصفات الأساسية التي يجب أن نتحلّى بها حتى نستطيع أن نُكمل طريقنا في الحياة.
فلا تيأس إذا تعثرت أقدامك وسقطت في حفرة واسعة، فسوف تخرج منها وأنت أكثر تماسكاً وقوة، وتذكر حينها ان الله مع الصابرين. لربما الأشواك التي تتعثر بها في يومٍ من الأيام تكون بلاء من ربك فلا تيأس فكلما أحب اللهُ عبداً ابتلاه. فلقد ابتلى الله سيدنا يوسف واشتد عليه البلاء عشرة سنوات هل لأنه لا يحبه؟ هل لأنه اسوء الخلق؟ هل لأنه أراد به السوء؟ لا والله بل لأنه يحبه و يعلم جيدا قدر استطاعته بالصبر.
ابتلى الله يوسف كي يُحضره لامر وملك عظيم. هو ان يحكمه على خزائن الأرض كلها وهذا هو جزاء الصابرين "وبشر الصابرين" البشرى هنا لكل مبتلى رسالة من الله الرحيم الكريم يقول لك عز وجل ان صبرت سينعم عليك لتتحول دنياك لفتحٍ مبين. فما اجمل من ان يُبشرك رب العباد. وما أجمل من أن يجازيك الكريم على صبرك. وما اجمل من ان يخطط ويدبر الله لأجل تعويضك عن هذا الصبر. فطوبى للصابرين. .
صمت لدقائق محاول فهم ما تقوله مجيبا بسخرية "بمن ستتزوجين؟"
ردت بقوتها "سنتزوج"
ضحك ساخراً من حالته قائلا
"هذا ما كان ينقصني حقاً. ولكن عليكِ اولاً ان تخطفيني على حصانكِ الابيض ونطير سوياً باتجاه الأفق لأني أخشى أن تتوافد الاميرات على الأمير ويضيع حقك بينهم"
تحدثت بجدية مرة اخرى بنفس القوة والثبات قائلة "لحل مشكلتك عليك ان تتزوج زواج خاص لمدة شهور محددة تسترجع خلالها صغيرتك لحضنك ومن بعدها ينتهي كل شيء لتهدأ وتستقر و تختار شريكة حياتك كما تحلم وترغب"
ابتلعت ريقها ملتقطة نفسها مكملة
"وانا ارى أن هذه الشهور مناسبة لي فأنا ايضا احتاج لهذا الزواج ليقويني و ايضا و.. ايــضــا ليكمل نقص علي اكماله قبل ان أتزوج بأي شخص آخر،بالأخير ما اريد قوله سنتزوج لعدة شهور ليحقق كل منا حاجته و بعدها نعود لننفصل، ستكون ابنتك بحضنك وسيكون معي ما يثبت زواجي من قبل"
وقف يوسف بعدما شعر بجدية ما تقوله فهي بالفعل لا تمزح، وقبل أن يبدأ محاورتها وصلته رسالة هاتفية نظر نحوها ليجدها من غمزة فتحها ليجد صورتها وهي مرتدية فستان زفاف ابيض وتاج أعلى رأسها.
اتسعت عينيه وهو ينظر للصور لتقترب سيلين كي ترى ما بداخل هاتفه لتتسع اعينها هي ايضا، خجلت واحمر وجهها ليس خجلا بل حزنا وضيقا واستجابة للنار الداخلية بقلبها قائلة له
"هل اتفقتم على كل شيء"
لم تعطيه فرصة للرد عليها تحدث مرة اخرى معتذر
"اعتذر منك لا اعرف إنكم وصلتم لهذه النقطة، فكرت بهذا لأنك تستحق المساعدة. و لأن لي لي تستحق ان تعيش في حضن أبيها دون أن تجبر على الارتباط بشخص لا تريده طوال العمر"
تحركت لتبتعد خطوات للخلف مكملة
"تعلم أنني فقدت ابي بعمر صغير و اعلم جيدا كيف يكون شعور الفقد و ألمه، و حزنه، و لأني لا أريد أن يعيش كلاكما نفس الشعور وانتم على قيد الحياة، ولأنك أيضا ذو مكانة خاصة لدي ومساعدتك بهذه الحالة فرض علي. وخاصة أنه بإمكاني مساعدتك بكل سهولة. يعني اردت شرح هذا لأني لا اريد ان تفهمني خطأ فأنا لم أعلم انكما اتفقتما سوياً"
انهت حديثها بصعوبة لتخرج بعده هاربة من مكتبه وقد تغلب عليها الحزن وحالة من الانكسار.
تحرك يوسف سريعاً ووقف امامها ليمنع خروجها من المكتب قائلا
"ماذا تقولين؟ عن أي اتفاق تتحدثين هل سأتفق معها دون ان اخبرك وايضا انتِ تعلمين كل شيء. ان كنتِ تقصدين ما رأيته فأنا ايضا انصدمت مثلكِ تمامًا"
ردت سيلين بصوت مختنق قائلة
"هل ستذهب لترتدي فستان الزفاف وترسل لك الصورة فقط لأن فضيلة هانم نعتتها بعروستي الجميلة"
اغمض يوسف عينيه وهو يقول بضيق
"ألم اخبركِ بالأمس عن الحديث الذي دار بينهما يعني اعتقد ان هذا العمل من ضمن القرارات المتخذة بسرعة لإتمام الزفاف "
عادت سيلين لرشدها بعد ان تملكها بكائها وكادت ان تفقد سيطرتها على نفسها امامه
عاد ليحدثها قائلا
"اشكركِ كثيرا على اهتمامكِ بي وتفكيركِ بهذا الشكل حقاً لقد ازدادت مكانتك بداخلي بعد هذا الكلام ولكن لا يمكنني قبول عرضكِ. لا يمكنني أن أفعل بكِ ما تقوليه"
ردت سيلين محاولة التظاهر بالقوة قائلة
"ولكنك لم تطلبه مني انا من عرضته عليك. سيكون زواجا متفق عليه لا شروط ولا طلبات من جانبي سنعيش بنفس المنزل فقط ولن يكون بيننا اي شيء إضافي اعني لن يحدث" حركت نظرها لتنظر بالجوار وهي تقول "سيكون زواجا على الورق وبعد أن تسترجع لي لي ننفصل بهدوء"
نظر نحوها مطولا وهو يفكر بعرضها فلم يتخيل بيوم انه سيتلقى عرضاً كهذا وخاصة منها، يريد بشدة أن يوافقها على خطة انقاذه من السقوط بزواج لا يعلم نهايته وحجم مشاكله. وبنفس الوقت لا يريد أن يستغلها لأجل مصالحه الشخصية.
خجلت من صمته لتتحدث مبررة ما تقوله
"اعلم أن الفكرة تبدو مجنونة بالنسبة لك. و لكن اذا جلسنا سوياً وفكرنا مطولا سنستطيع أن نصل لحلول ترضي جميع الأطراف و أيضا هذا الحل سيجمعك بالنهاية بابنتك. أليس هذا ما تريده؟"
رد يوسف وهو يفكر بعمق قائلا
"لنفترض اني وافقتكِ على هذه الفكرة المجنونة"
ابتسمت ولمعت عيونها ليسرع يوسف قائلا
"انا لم اوافق بعد ولكني قلت لنفترض"
لتعبس بوجهه قائلة "حسنا وكأني لم اقل شيء بالاذن منك"
اوقفها من جديد قائلا
"أي إذن هذا؟ توقفي لأكمل حديثي الم تفكري بمن حولنا كيف يقتنع الجميع إننا واقعان بالحب واتفقنا على الزواج بهذه السرعة تعلمين الظهور حقيقي مهم جدا لأجل الوصاية"
ردت بضيق "نعم لم تجمعنا صور وما شابه مما تجمعك بغمزة…"
قاطعها ليقول
"لم اقصد ذلك يعني ان تزوجنا سيكون علي لمسكِ واظهار بعض العاطفة تجاهكِ امام الناس وخصوصا هنا بالعمل وامام الاعلام و ما سننشره لأجل صفحات التواصل"
احمر وجهها واخفضت نظرها لتنظر نحو يديها المتشابكتين بصمت، اكمل يوسف وعينيه على حالتها المرتبكة
"كنت اعلم هذا. لا اعرف من اين اتت لكِ هذه الفكرة المجنونة. اعتقد حدث هذا بعد حديثنا بالأمس واخراجي كل ما بداخلي لكِ اعتذر منكِ اعلم انني اثقل عليكِ ولكنِ ارتاح كثيرا عندما اتحدث معكِ"
صمتت أمام حديثه وقوله
"ليس بهذه السهولة سيكون صعب عليكِ و علي أيضا التصرف معكِ كحبيبين. كما لا اريد احزانكِ او وضعكِ بموضع حرج أمام أحد"
جاء اتصالا لها ليكون هذه المرة بمثابة منقذ لها مما هي به بعد استنفاذها كل قوتها بالسيطرة على دموعها تحركت سريعا وهي تجيبه
"حسنا كما تشاء كانت مجرد فكرة واتضح انها غير جيدة بالإذن منك "
خرجت مغلقة الباب خلفها ليعود يوسف ويجلس على مكتبه بعقل شارد تماما.
ذهبت سيلين لمكتب اورهان لتجده يضج بموظفي الأقسام بقيت لساعتين مندمجة بعملها معهم وتوزيع المهام وكتابة الملاحظات المهمة حتى انهت عملها على أكمل وجه.
عادت لمكتبها كي تريح جسدها وعقلها الذي لم يتوقف عن التفكير وقول
"اختار طريقه وانتهى نعم انتهى"
جلست على مقعدها وهي تتذكر حديثها الاخير مع سيفدا هانم وخروجها من العيادة وهي غير راضية عن نفسها جالست على مقعد محطة الاتوبيس قائلة
"ستكون آخر خطوة بعلاقتنا، إن أراد بعدها ان يكمل فليكمل لأضع انا حدودي التي ترضي ربي عني فنحن لسنا بأخوه"
تفاجأت بدخوله للمكتب قائلا
"واخيرا انتهيتِ من عملك"
أومأت برأسها "نعم كان اجتماع مهم كما تعلم، تفضل بماذا يمكنني مساعدتك"
استغرب حدتها بردها ليحدثها
"لا زال حديثك عالق برأسي لا أنكر فكرت بهدوء و وجدت انه الأنسب لكلانا، لم اضطر للزواج وإكمال حياتي مع شخص لا أريده وانتِ ستكونين غير مجبرة على شرح ما مررتِ به او تأليف قصص كاذبة ولكنِي أخشى عليكِ من…"
قاطعته بخجل قائلة
"ذهبت صباح اليوم لعيادة سيفدا هانم اخبرتها انك بصدد عرض الزواج علي وانني أشعر بذلك. وسألتها هل سأستطيع فعل هذا ام لا. وطبعا أخبرتها أنني سأشترط أن نكون كالأخوة حتى نعتاد على بعضنا البعض لم استطع قول اتفاق أو أنه سيكون عرض من جهتي لحساسية الوضع"
تدخل يوسف بالحديث متسائلا بفضول كبير
"وبماذا أجابتك من المؤكد انها رفضت ليس هذا فقط بل حذرتك من خطوه كهذه"
هزت سيلين رأسها بالنفي وقالت
"بالعكس تماما رحبت بالفكرة وقالت انه سيكون جيدا لي من اجل تحسني يعني انني سأشعر بالأمان والهدوء النفسي كوني مسؤولة من احد اخر كما ان الاختلاط بالمنزل سيعطيني القوة والدافع نحو التحسن. وافقتها الرأي بأن يكون تدريبا لي وجئت لأحدثك به"
لم يصدق ما يقال أمامه ومنها هي بالذات لتكمل سيلين قائلة
"انت من قال لي سابقا بأن من حقي عيش حياتي بحرية و اختار من احب و اتزوج و اكون عائلة. وانا افعل ذلك سيكون زواجنا تدريب لي كي أخوض بعده تجربتي الحقيقية يعني سأكون بزواجي منك مطمئنة و بدون خوف لأنه بالأخير زواجنا فقط على الورق، وهنا سيكون دافع لتكرار التجربة بالمستقبل ولكن بعد إتمام الشفاء وبشكل حقيقي" .
رد بذهول
"ما زلت لا اصدق ما اسمعه، انظري لحالي بيومين فقط انقلبت كل الموازين"
نظرت سيلين لساعة هاتفها ثم نظرت له قائلة "تأخرت على أورهان بيه. أتيت لارتاح قليلا وارتب بعض الأوراق لاجتماع مجلس الإدارة بعد نصف ساعة من الان انت ايضا ستنضم اليه"
تحدث غارقا بوجهها الخجل
"لا اعتقد الشكر يوفيكِ قدركِ. كنت محقا من أول يوم رأيتكِ فيه حين قلت لنفسي انكِ مميزه بل اكثر من مميزه"
تسارعت ضربات قلبها وارتجفت يديها المتبلله خجلا متحدثة بصوت ضعيف يكاد لا يسمع قائلة
"علي ان احضر الاوراق لأجل الاجتماع، يعني انت تعلم أهمية الاعداد للاجتماعات. يعني لأجل هذا علي ان.."
صمتت حين زاد ارتباكها بعد هذه الكلمات التي كانت بالنسبة لها بمثابة اعتراف جميل مرضي لقلبها الصغير.
صدمها مرة أخرى عندما تحدث قائلا
"ان كنتِ مستعدة لخوض التجربة فانا اوفقك الرأي كلانا بحاجة لهذا الاتفاق سيكون كهدنه لنا نهدأ و نعيد ترتيب أولوياتنا ومتطلباتنا لنبدأ بعدها من جديد".
ضحك وجهه متحدث بسخرية
"قبلت عرضك للزواج ولكن عليكِ ان تأتي خطبتي من خالتي أولا"
ضحك وجهها وازدهر مر الوقت بشكل جميل على سيلين التي ولأول مرة تشعر وكأنها ستطير من فرحتها حاولت لأكثر من مرة اخبار أورهان بيه ولكن شجاعتها خذلتها وخجلها لم يسمح لها
ارتاح يوسف وهدأ كثيراً بعد حديثهم وقرر ان يواجه ما فعلته خالته ويصحح منه. فذهب لمكتب غمزه كي يتحدث معها فلم يجدها غضب قائلا
"اه ياخالتي ماذا فعلتي انتِ هل يعقل ما فعلتيه"
عند عودته رآها قادمة نحوه وهي تقول
"لقد اتيت"
ابتسم لها قائلا
"اهلا بكِ تفضلي لنجلس قليلا بالمكتب "
فرحت غمزة ودخلت مكتبه وهي تتمايل من فرحتها لاعتقادها أنه سيحدثها عن موعد الخطوبة وما شابه و لكنها تفاجأت به وهو يعتذر منها عن تسرع خالته، صمت يوسف أمام تعبير الصدمة على وجه غمزة ليكمل وهو أكثر حرجاً مكرراً اعتذاره لأنه حتى وإن رآها مناسبة له إلا انه غير مستعد لاتخاذ اي خطوة غير مدروسة كما اخبرها سابقا.
ظل يشرح لها عدم استعداده لبدأ حياة جديدة وانه لا يريد ان يظلمها معه لأجل مصالحه الشخصية.
صمت قليلا مجددا ليكمل بعدها
"اعتقد انكِ لن تكوني سعيدة ان عدتي لبيت ابيكِ بعد عدة شهور حزينة وغير راضية بسبب عدم توافقنا"
صدمت غمزه أكثر ليعود ويشرح لها انها لم تعرفه وهو أيضا لم يتعرف على طباعها.
اقتنعت غمزة كثيرا بكلامه واعطته الحق معتذرة منه انها للحظة تحمست ولكن خطوة كهذه عليهما أن يقوما بدراستها جيدا.
انهت حديثها الذي ارادت منه حفظ ماء الوجه لتأتيها صدمتها الكبرى حين اخبرها بعرضه الزواج على سيلين بموجب اتفاقية صغيرة جاءت بعد ان سمعا سويا عن قصة اشخاص تزوجوا بهذه الطريقة وانه لا يعرف كيف تجرأ و وصل الحديث لعرضه عليها الزواج بهذا الشكل وهي لم ترده لرغبتها الكبيرة في مساعدته. تغيرت ملامح وجه غمزة كمن غرس بخنجر بقلبه اختنقت كثيرا واحمر وجهها من احتقان بكائها لدرجة انها لم تستطع الرد ولا التحاور.
لم يتركها تخرج من مكتبه مكسورة وحزينة تحدث كثيرا عن ثقته بها وأنه أعطاها سره الذي لم يعطيه لأحد غيرها حتى خالته لم تعلم ولن تعلم بأمر الاتفاقية سيمثلون على الجميع الزواج لعدة شهور يسترجع بهم إبنته ومن ثم ينفصلان وحينها سيكون مستعد لبدء حياة جديدة مع من اختارها قلبه وعقله. كما وعدها انهم سيجربون مرة أخرى بعد الطلاق وسيكون لديهم فرصة أن يتعارفوا على بعضهما حتى يتخذوا القرار الصائب.
ومع حزن غمزة الشديد مما سمعته الا أنها لم تستطع سوى ان تحترم موقفه الأخلاقي وحفاظه عليها ليكبر قدره بعينها اكثر واكثر.
تحدثت بعد أن تمالكت نفسها قائلة
"كلامك صحيح. اتمنى ان يأتي الوقت لنعمق علاقتنا و يكون بيننا مشاعر حقيقية تؤهلنا للارتباط لأننا بالأصل نُكن لبعضنا بعض المشاعر الجميلة، انت محق فأنا لم أرغب بالإقدام على هذه الخطوة الجادة واحتمالية الفشل والانفصال أو العيش دون حب وسعادة موجودة بيننا نحن نرى كثير من العلاقات الزوجية حولنا بهذا الشكل فلا داعي للتكرار"
لم يتوقع يوسف تفهم غمزة لوضعه لهذه الدرجة فبرغم من غيظها وشدة حزنها وخاصة أن سيلين من ستكون العروس الا انها اقتنعت بكلامه كثيراً ولم تكن تريد خوض مجازفة غير مضمونة نتائجها بشكل كبير.
غادرت مكتبه لتتركه خلفها وهو غاضب على نفسه وعلى خالته وعلى الظروف التي أوقعته بتلك المواقف الصعبة
خرج يوسف من الشركة بعد أن انضم للاجتماع و ودع سيلين وهو يخبرها بنيته في التحدث مع خالته.
تحدثت بخجل
"لا اريد ان يعلم احد انني طلبت ذلك بنفسي أي لا أريد لاحد غيرك معرفة…"
قاطعها "وكيف سأضعك بموقف كهذا أنا من طلب وعرض وايضا هل نسيتِ انه سيظل هذا العرض والاتفاق سرا بيننا فإن علمت خالتي بهذا او علم اورهان بيه"
تحدثت بسرعة
"إياك أن تخبره لا يمكنني النظر لوجهه مجددا وايضا من الممكن أن يرفض وحينها"
اجابها "وهذا تماما ما سيحدث أن علمت خالتي فمن المستحيل قبولها شيء كهذا"
اكد عليها ضرورة اخبار اورهان بعرضه الزواج عليها اليوم قبل الانتهاء من الدوام بالعمل كي لا يسمع من فضيلة ويحزن منها.
انتهى يوم ثقيل بالشركة معبئ بالأحداث والاجتماعات الكثيرة خرج اورهان وسيلين من الشركة مع بعضهما كالعادة.
تلجمت سيلين طوال الطريق فكلما أرادت أن تتحدث تجد نفسها تتراجع حتى اقتربا من منزلها ولم يعد لديها مجال ان تصمت أكثر بدأت تمهد له حتى أخبرته بعرض يوسف الزواج عليها.
تفاجأ متحدثا بنبرة عتاب
"ما الذي تقوليه يا ابنتي كيف اكون انا اخر من يعلم؟ هل انا غريب لهذا الحد؟ وكيف ليوسف ان يطلبكِ مباشرة دون اخذ المباركة مني؟ هل هذه الأصول التي تربى عليها؟ لم اكن اتوقع ذلك منه ومنكِ. اعتقدت انني ذو مكانة لديكم اكبر من هذا القدر. تبقى عليكم ان ترسلوا لي دعوة بموعد الزفاف وهذا ايضا كان سيأتي ما دمتم اتفقتم على كل شيء"
ردت سيلين سريعاً
"تحدث معي اليوم وكان الأمر مفاجئ لي"
فاجأها اورهان بموقفه وتوتره حتى انه سألها قائلا "هل تحبينه؟ اعتذر منكِ ولكن موافقتكِ بهذه السرعة جعلتني خائف عليكِ اكثر"
هزت سيلين رأسها وهي تقول بخجل
"نحن تعرفنا على بعضنا منذ وقت طويل ونشأ بيننا...."
صمتت ليبتسم اورهان بحزن قائلا
"هل كبرت ابنتي وأصبحت عروس"
استغربت سيلين من حديث أورهان ونظراته الحزينة التي تحدث بها قائلا
"يوجد نقص بهذا العرض. لا يمكنهم طلب ابنتي بهذه الطريقة. اتركي لي هذا الامر واصعدي انتِ الآن لمنزلكِ لترتاحي وغدا نتكلم بالتفاصيل"
نزلت سيلين من السيارة ودخلت البناية ليقول أورهان ليفوز "هيا يا بني لنكمل سيرنا. "
وفتح هاتفه ليجري اتصالا وهو يقول لنفسه
"هل تطلب العروس بهذا الشكل؟ "
تحدثت فضيلة مع انيسة قائلة
"هذه الأمور لن تسير بالضغط ما دام هناك من يشغل تفكيره فلم اعارضه بالأخير سعادته فوق كل شيء"
و صمتت قليلا لتكمل
"رغم خيار زواجه من غمزه هو الافضل والرابح بحربنا، ولكن كما قلت له الاختيار الاخير له. إن كنت أعلم بالأمر ما كان سيحدث ما حدث من البداية. بالاصل كان عليه اخباري ومصارحتي"
جاء صوت هاتفها ليقطع حديثها امسكته ونظرت له لتستغرب بإسم أورهان بيه على شاشة هاتفها أجابت عليه بصوتها القوي المليء بالثقة لتقول
"من البداية علينا أن نشكر الظروف التي جعلتك تتصل بنا"
اجابها اورهان ضاحكا
"انتِ لم تتغيري منذ ثلاثين عام تكررين هذه الجملة"
ابتسمت فضيلة وهي ترد عليه
"اعتذر لمراجعتي لك فهناك خطأ بالحساب أنت تقول ثلاثين سنة لا أعتقد أنني كبيرة لهذه الدرجة"
ضحك اورهان مرة اخرى قائلا
"لا اعتقد سناً بل هو مقاماً ومكانة لدينا لهذا انا اتصلت معاتبا"
استغربت فضيلة وقالت
" خير ان شاء الله بماذا قصرنا نحن لنحزن أورهان بيه ونجبره على العتاب الذي لا يحبه"
ليجيبها اورهان
"هل بهذا الشكل يتم خطبة ابنتي؟"
ردت فضيلة وهي بحيرة قائلة
" ابنتك؟ وخطبة؟ عن ماذا تتحدث؟"
ضحك أورهان وهو يقول لها
"ألم تعلمي انكِ مجبرة على القدوم إلي وطلب ابنتي سيلين مني"
ابتسمت فضيلة وقالت
"هي تستحق هذا الحب فلقد رأيتها وتأكد لي حقيقة حديث الجميع عنها"
استغرقت فضيلة بضع دقائق لتستوعب المفاجئة و لكن ما دار بينهما من حديث بعد ذلك كان أبعد ما يكون عن فكرة زواج سيلين ويوسف بعقد قران مدني بحضور خمسة أشخاص فقط كما كان يريد العريس.
وهذا ما حدث حين قال أورهان
"ليس لدي سوى ابنة واحدة ولا يمكن قبول زواجها بهذا الشكل. سأتكلف بأمر الزفاف ليكن عرساً اسطورياً يليق بوريثة ملك الفولاذ اريد أن تتحدث اسطنبول عن زواج سلطانة ابيها لشهور وشهور"
تحركت فضيلة و وقفت وهي صامتة شاردة تفكر بما قالة فهل من الممكن ان يمزح بقوله وريثة، تحدثت بحنكة قائلة
"شكرا لك ولتقديرك الكبير لها ولكننا نعفيك عن هذا. و ايضا لا اريد ان ينشغل بالك يعني كنت افكر بعرس كبير ولكن يوسف يعارضني بهذا، لم استمع له طبعا لذلك أعدك سيكون فرح يليق باسم عائلتنا"
عارض أورهان كلام فضيلة ليقول لها
"اي شكر واي تقدير هي ابنتي انا لا امزح لقد وضعتها بمكانة ابنتي وسوف اقيم لها عرس اسطوري كما قلت. وسيكون قصر الفولاذ المطل على المحيط هدية زواج وريثتي"
أنهى أورهان المكالمة وهو مُصر على ما قاله تارك فضيلة شاخصة الاعين ناظرة للأمام تتحدث مع نفسها
"ماذا يعني هذا؟ هل سيُورث أورهان سيلين أملاكه كما يقول؟ قصر الفولاذ؟ هل كان يقصد ذلك القصر الساحر المُطل على البسفور أم أنه.."
بصباح يوم جديد تفاجأ الجميع بوجود صحفيين كثر امام شركة اورهان للفولاذ ينتظرون تجمع الصحفيين والمصورين ليحاوطوا سيارة أورهان بيه فور وصولها أمام الشركة.
نزل و هو مبتسم يلوح لهم بيده مرحباً بهم، نزلت من السيارة وهي لا تفهم ماذا يحدث حولهم اقتربت من اورهان وهي تراقب الأجواء بصمت.
تعالت الاصوات بالأسئلة من الصحفيين…
"
_هل ستكتب لابنتكِ القصر الفولاذي؟
_هل حقا سيكون فرح اسطوري؟
_ أورهان بيه هل ما كتب على صفحتك الشخصية بالأمس صحيح؟
_هل نحن على موعد مع ملتقى كبار رجال الأعمال؟
"
نظر اورهان لها وهو ينحني قليلا عليها قائلا بصوت لا يسمعه غيرهم
"ارفعي رأسك و ابتسمي للكاميرات"
استقام وهو ينظر نحوهم ليجيبهم
"مرحبا يا اصدقاء نعم ما تم كتابته صحيح. بدأنا بالتجهيزات للزفاف الاسطوري كما صرحت. وسيكون قصر الفولاذ هدية صغيرة لوريثة ثروة الفولاذ ابنتي سيلين زهرة اورهان"
نظرت لأورهان بعيون دامعة لا تصدق ما تسمعه ولكنه لم يطل الحديث كثيراً شكرهم ووضع يده على ظهر سيلين ليصطحبها لدخول الشركة بشكل ابوي
انتظرت سيلين دخولها الشركة بل دخولها المكتب معه حتى تتحدث معارضة لما قاله. ولكنه لم يستمع لها ظل يكرر انتِ ابنتي و وريثتي
لم تصدق فضيلة ما رأته على صفحات التواصل والأخبار المحلية وقفت تاركة شوكة الطعام من يدها وهي تنظر لهاتفها قائلة
"لم يمزح معي، انه حقاً لا يمزح"
تمالكت نفسها واستعادت قليلا من صوابها لتبتسم وهي تقول
"حلم بل تعدى ما أراه الحلم من الواضح انها الضربة القاسمة لهوليا "
صدقت فضيلة بما قالته فلقد احترقت هوليا من غيرتها وحقدها وغضبها و أنانيتها السوداء.
صرخة بقوة عالية هزت ارجاء القصر في سان فرانسيسكو ليرافقه ايضا صوت تحطم زجاج، بعد ان كسرت احد الفازات الموجودة بغرفة المعيشة حال رؤيتها لخبر خطبة يوسف من وريثة الفولاذ
انتشر الخبر على هذا النحو بالصحف والمجلات كونه خبر عاجل.
فقدت هوليا عقلها حين رأت وجههما الضاحك وعيونهما تلمع والسعادة البادية عليهم بتلك الصور التي التقطت بشركة أورهان .
حطمت هوليا وبعثرت كل الارجاء بعد هذه الصورة لتقف دقيقة وهي تقول "حسنا سألقنك درسا كبيرا سترى كيف تفعل هذا بي. ساريك كيف يكون اللعب معي"
علم باريش بخبر زواج يوسف وسيلين تعجب واتصل به مستفهما منه على ما قرأه معربا عن قلقه حيال الصور التي انتشرت بالصحف والانترنت.
سأله يوسف عن زوج أمها ليطمئنه باريش
انه لا زال بالسجن أنهى الثلاث شهور الاولى من محكوميته ولا زال أمامه ثلاث شهور آخرين إثر العراك المفتعل الذي تم الاتفاق عليه مسبقا.
تمنى يوسف أن لا يخرج نهائياً من حبسه ليتحدث باريش بعقليته البوليسية قائلا
"عليك أن تغير من ملامحها في الصور التي ستنشر فعليها ان تكون مختلفة كي لا يلحق بكم، من الجيد ما نعتتها به الصحف كأميرة للفولاذ و زهرة قلب ملك الفولاذ هذه الكنايات لن تجعل اقاربها ولا اصدقائها يتعرفون عليها ولكن مع هذا علينا أن نتخذ التدابير اللازمة لتزيد من وضع مساحيق التجميل بشكل زائد حتى يمكنك أن تتفق على تغيير الملامح والتغيير من شكل حجابها"
اقتنع يوسف بحديث باريش وختامه الحديث بأن الحرب خدعة وعليهم ان يحتاطوا بشكل كبير كي لا يأتي احد اقاربها للزفاف ويحدث ما لم ينتظره أحدا منهم.
وقبل أن يغلق المكالمة الهاتفية تحدث باريش قائلا
"جاءتني فكرة إضافية سأتحدث مع زوج خالتها وابلغهم انها مريضة انت تعلم هم ما زالوا يعتقدون اننا سوياً بنفس البناية حتى يمكننا ان نقول انها تخضع لعملية صغيرة بإحدى ارجلها نتيجة سقوطها من ذعرها"
وافق يوسف على هذه الفكرة التي ستبعد اي تفكير او ربط بين ما ينشر بالصحف بيوم الزفاف.
أكمل باريش
"لازلت لا اصدق انها اصبحت اميرة الفولاذ. ولكنها تستحق كل جميل. اتمنى ان تكون بداية لعائلة جميلة وتحتضن ابنتك بأقرب وقت. سأجد الفرصة كي احضر الزفاف لقد اشتقت إليكم"
-دخلت سيلين المكتب على يوسف لأخذ بعض التوقيعات انهى محادثته ونظر لها قائلا
"اوووو اميرة الفولاذ بمكتبنا لمن نحن مدينون بهذا"
صمتت دون أن تكترث له واعطته الاوراق كي يوقع عليها.
نظر لها متسائلا بقلق
"ما بكِ؟ ما حالة وجهك هذه"
تهربت منه كي لا تخبره ولكنه لم يتركها إلا بعد أن علم خوفها من الصور وما يتداول بصفحات الإنترنت.
ابتسم لها وهو يرد باطمئنان
"افهم عليكِ جيداً ولكن هل تعتقدين أن امر كهذا سيمر علي. وعدتكِ انني سأحميكِ ولا اسمح لأحد بأذيتكِ لا تقلقي حللت الامر مع باريش قبل قليل. نقلت له تخوفي وهو طمأنني"
حكى لها ما دار بينه وبين باريش قبل قليل ليهدئ هذا من قلق سيلين ولكنها بظل كل هذا كانت تنظر له وهي لا تصدق ما تسمعه وتراه فهو حقا يهتم ويخاف عليها من كل شيء.
كانت هذه الكلمات الجميلة هي السقوط المدوي الأخير لسيلين بقلب يوسف.
مرت ايام من اجمل واسعد ايام في حياة سيلين وهي تحلق فوق السحاب تشرق بالصباح بضحكتها المنيرة و وجهها الباهي و تنير ليلا كالنجوم الساطعة.
كانت لا تستطيع النوم من فرحتها تتقلب على فراشها طوال الليل مبتسمة فرحة تتذكره وتتذكر ضحكه واقترابه منها ونظراته بل تذكرت خروجهم سويا لينهوا تجهيزات العرس.
لم تجلس فضيلة ثابتة بمكانها ونفذت ما وعدت به حين اهتمت بأدق التفاصيل للنشر بالصحافة لتجعل من الزواج حديث الساعة
تبقى يومان على حفل الزفاف دخلت سيلين الشركة بجانب يوسف وهي تستمع لحديثه وضحكه وهو يقول لها
"لقد جعلتيني حطباً تماماً أمام الناس. كان عليكِ ان تأخذي إجازة ليومين،سيقولون يوسف بيرقدار يترك زوجته تعمل لأخر وقت. يبدو الأمر غير رومانسياً من الخارج"
ابتسمت وهي ترد عليه
"مؤسف عليك لقد حزنت الآن لأجلك"
خرجت ضحكة عالية من اعماق قلب يوسف الذي كان يكفي أن يرى وجهه لمعرفة مدى سعادته وفرحته بصوته وعيونه وكأنه عريس حقيقي.
شهدت الشركة كلها على سعادتهم وتقاربهم بل شهدت اسطنبول كلها هذه السعادة بعد أن أصبحوا حديث الساعة بالتجهيزات التي يعد لها اورهان وفضيلة على اعلى مستوى.
قابلهم أورهان بالممر قائلا
" لماذا اتيتم الم اقل لكم انكم بإجازة"
نظر يوسف نحوها قائلا
"أخبرتها بهذا ولكنها لم تقبل وأصرت أن تخرجني بهذا الشكل "
تحدث أورهان مرة اخرى
"أخبرتني فضيلة هانم أن لديكم موعد اليوم مع المصمم الشهير"
اجابه يوسف "نعم ولكن ما زال لدينا وقت كبير على الموعد بآخر اليوم"
امتنعت غمزة عن القدوم للشركة بهذه الايام فهي لا تتحمل رؤيتهم متقاربين وايضا لم تستطع تحمل عيون يوسف الفرحة وسعادته التي لم يستطع التغلب والسيطرة عليها.
بعد الظهيرة ذهبت سيلين لمكتب أورهان دخلت وهي تقول "حان موعد قهوتك"
ابتسم بحب كبير
"عليكِ ان تسرعي قليلا فأنا بحاجة إليها"
قام من على رأس مكتبه وتحرك ليجلس على الاريكة وهو يحاول الاتصال بأحدهم دون إجابة.
اقتربت سيلين واعطت اورهان قهوته وجلست بجانبه وهي شاردة، نظر لها بعيونه الحنونة الفرحة متسائلا
"بماذا تفكر عروستي الجميلة "
لتبتسم سيلين والدموع ملئت عيونها وهي تنظر له مطولا، تحدث بسرعة
"انتِ تعلمين قلبي لا يتحمل تلك النظرات"
مسحت دموعها التي ملئت عينيها قائلة
"ولكنك اعطيتني وعداً. ستقوم بإجراء العملية بعد الزفاف مباشرةً
رد أورهان عليها
"لا تقلقي سأفي بوعدي ولكن علي ان اطمئن على ابنتي اولاً حتى إن كتب الله لي الذهاب سأذهب بقلب مرتاح "
بكت سيلين عندما سمعت هذه الكلمات ليقول لها سريعا
"مزحت معكِ لن أذهب لأي مكان لا تحزني"
صمت يراقب وجهها ليتحدث مجددا
"اشعر بأن هناك امر اخر يشغلك فتلك العيون لا تستطيع أن تخبئ ما بداخلها"
حاولت التهرب منه ولكنها فشلت بالأخير لتخبره عن اشتياقها لوالدها قائلة
"اتذكر أمنيته برؤيته لي وأنا مرتدية الفستان الابيض كم كان ينتظر هذا اليوم، حتى أوصاني أن أعقد على يد شيخ يبارك زواجي، كان قلبه يشعر انه لن يشهد هذا اليوم لذلك اوصاني ان تغيب عني"
صمتت لتمسح دموعها التي اصبحت مصاحبة لعينيها بالفرح والحزن.
اقترب أورهان منها قليلا وقال بحزن
"لا تبكي يكفيكِ بكاء، لنرتب اذا حفل الحناء على هذا الأساس"
ردت سريعاً وهي تمسح ما تبقى من الدموع
"حفل حناء؟ لا لا اريد حفل حناء لقد فهمتني بشكل خطأ اتمنى فقط تحقيق ما تمناه ابي يكفي ان ارتدي فستان احمر واذهب لشيخ كي يعقد زواجنا ويتم البركة كما كان يقول أبي لي"
استغرب أورهان متسائلا
"ألم تعلمي أن فضيلة حضرت لحفل حناء اكبر يضارب حفل الزفاف الذي أحضر له. جعلتنا بسباق مرة أخرى لكنِي أعلم أن النتائج محسومة لصالحها ككل مرة فهي دائما من ينتصر علي بالنهاية"
مسح جبهته وهو يكمل
"أنا أيضا لدي طلب صغير منكِ من الممكن أن يكون أنانية ولكنِ اريد ان اكون شاهداً على زواجكم وان اسلمكِ بيدي لزوجكِ"
لم تعي سيلين على نفسها الا وهي تتحرك بسرعة لتلقي بنفسها بحضن اورهان قائلة
"أنت أبي. أنت أبي"
بكيا سوياً في مشهد مؤثر وصعب لأقصى درجة فكلاهما مجروح مكلوم يحتاج للآخر ليداوي بهِ جراحه
"ربنا ينكد عليكم زي ما نكدتوا عليا وخلتوني اعيط😭 هو انا مش مكتوب لي افرح في الرواية دي ولا ايه😭"
طرق الباب ودخل يوسف ليتفاجأ بوضعهما وهم يبكون، أغلق الباب خلفه مازحًا
"ولكننا لم نتفق على ذلك من قبل، لقد اضعتم حقي في المشاركة بحفل البكاء ألستُ انا العريس ومن حقي ان اشارك بتلك الحفلات"
اقترب وجلس على الاريكة المجاورة مكملا بضحك
"من الجيد بل من حسن حظكم انني لم اشارك وإلا كنت سأتفوق عليكم لدرجة لا أحد يستطيع ايقافي بها"
ضحك أورهان وسيلين وهما يمسحان دموعهم و استقامت بجلستهم. نظر أورهان له كي يخبره بأمر الشيخ كي يرتبوا أمورهم وفق ذلك.
حل المساء وأتى موعد ذهاب فضيلة وسيلين ويوسف للمعرض الرئيسي للمصمم الشهير جوتشي، ورغم تحدثها ليوسف انها لا تريد فستان كبير وحفل حناء ضخم إلا أنهم ابهروا بجمال التصاميم التي اسلبتهم عقولهم والجمت ألسنتهم.
جاءت إليهم احدى العاملات معتذرة بالنيابة عن جوتشي لتأخره قليلا عن الموعد واخبرتهم ان اوزجي هانم قادمة إليهم كي تهتم بطلبهم بنفسها.
تحرك يوسف جهة قسم بدل الزفاف البيضاء وهو يشاهد جمالهم واحد تلو الاخر قائلا لسيلين التي كانت تتبعه بالنظر لما ينظر له "اعجبني كثيرا ببساطته"
نظر لآخر أكثر بساطة قائلا "هذا أفضل منه"
اقتربت فضيلة منهم وهي تنظر لما يختاران باستغراب قائلة
"لماذا علقتم بهذه الجهة هل ستختارون ملابس الخروج قبل بدلة الزفاف"
نظر يوسف للفستان بيده قائلا
"وماذا نفعل نحن الآن. حتى اننا اقتربنا من اعتماده" ورفع الفستان قليلا ليقدمه أمام عيني خالته التي انحنت للخلف قليلا وهي تنظر لابن اختها باندهاش تحدث به
"هل ستختار من هذه المجموعة فستانا للزفاف"
قاطع حديثهم مجيء اوزجي هانم إليهم وهي ترحب بهم لتصطحبهم معها لقسم بدل الزفاف لينبهروا بما وجدوا.
اخبرتهم اوزجي هانم بان هذه التصميمات جميعها لم يتم عرضها بالأسواق.
اقتربت فضيلة من أحدهم وهي تقول
"هذا هو"
اعترض يوسف على اختيارات فضيلة مما أغضبها منه بشدة، فهو يريد كل بسيط وناعم دون طرز عكس خالته التي كادت أن تختار أكثرهم إنارة وبهجة.
اقترب من سيلين وهو يقول لها
"لا اريد ان اسرق منكِ اول فرحتكِ، ستلبسين هؤلاء بزواجكِ الحقيقي حتى سيكون حينها هدية مني"
جاءه اتصال قطع حديثه الذي أخبرها به عن عدم رغبته في سرقة فرحتها لذا عليهم أن يختاروا بدلة زفاف غير مبالغ بها. على ان يكون الاخر هدية خاصة منه.
فتح هاتفه ليجد أورهان بيه يرد عليه من رقم هاتف منزله الخاص يطلب مجيئه إليه لأمر طارئ ومهم.
لم يستطع يوسف رفض او تأجيل طلب لأورهان، أخبرهم بضرورة خروجه مؤكد على خالته ان لا تجبر عروسته على شيء، واقترب اكثر من فضيلة ليخبرها بجدية عن مواصفات الفستان الذي يرغب به.
من الغريب موافقة فضيلة على كل ما قاله حتى أجابته وهي تشير نحو فستان بسيط شيفون بالكثير يمكن ارتدائه بحفل صغير قائلة "سيكون قريب من هذا لا تقلق"
فرح يوسف واطمأن قلبه وهو يودعهم ملبياً لنداء اورهان، وهنا زفرت فضيلة بانفاسها قائلة
"واخيراً تخلصنا منه. الان يمكننا الاختيار براحة وهدوء"
ابتسمت سيلين عندما علمت بالاتفاقية الصغيرة التي أجريت لتتخلص فضيلة من يوسف وتطلق العنان بعده لكل ما هو مميز وبراق فلقد اختارت جميع ما يلزم العروسين من ملابس نوم، خروج، حفلات، استقبال بمساعدة اوزجي هانم.
كما تم اختيار بدلة الزفاف على أعلى مستوى، عرضت اوزجي على فضيلة ان تتولى خبيرة التجميل الخاص بشركة جوتشي تزيين العروسة ووضع حجابها بطرق جديدة عالمية
وافقت فضيلة سريعاً وهي تقول
"ليس لدي مانع لكنِ أحذركم من الان لا اريد شيئاً ناقصاً "
تذكرت الفستان الاحمر نظرت لسيلين قائلة بضيق
"إلى متى ستظلين صامتة هكذا ساعديني قليلا. كنت سأنسى فستان الحناء"
خجلت وهي تشير لها نحو الفستان الذي اعجبها و وضعته بصمت بجانب باقي المشتريات.
انتهت المهمة وتم اختيار كل شيء كما كانت تحلم فضيلة وأكثر، ولكن لم ينتهي تواعد يوسف بعد ان علم المكيدة والاتفاق عليها من قبل اورهان وفضيلة كي يتركهم براحتهم.
(😂بصراحة كان لازم يتعمل فيه كده 😂عشان خاطر اعصاب البنات في الجروب حرام من امبارح بياخدوا مهدئات ههههههه بسبب اسلمك لعريسك والمفاجأة هيجبلها فستانها وعليه جلطة بناتي هدية 😂😂منك لله ضيعت هيبة ابطالي🏃♂️🏃♂️)
وبيوم جديد مشرق وبناء على طلب اورهان من فضيلة التي لم تستطع احزانه تم الاتفاق على إقامة حفل الحناء بقصر الفولاذ قائلة له "ومن أين سنجد مكان اكبر وافخم من قصر الفولاذ المطل على البسفور لإقامة حفلنا"
ليصبح حفلا مميزا أكثر مما تخيلوا وخططوا. فمع اقتصار الحفل على الاقرباء إلا أنهم تفاجأوا بتوافد الكثير من سيدات وفتيات الطبقة المخملية الراقية
تابعت هوليا الفيديوهات التي تعمدت فضيلة نشرها أول بأول مؤكدة لقافلة المصورين ان يهتموا بأدق التفاصيل، فتحت فمها وهي لا تصدق شخصيات الحضور بالحفل.
وصل يوسف الحفل بصحبة اورهان وباريش ودمير وعدد آخر من الأصدقاء، بحث بعينيه عنها فور دخوله دون أن يجدها ابتلع ريقه قلقا وخوفا عليها.
شعر بغرابة بالأمر وخاصة ان الجميع كان ينظر نحوه وهم يضحكون، اقتربت فضيلة قائلا " هل تعتقد أنك ستراها بهذه السهولة" فهم الامر ليبدأ وجهه بالاسترخاء وإبداء الفرح عليه وهو يرد على خالته
"خالتي على الأقل لا تفعليها الليلة فأنا لم انسى ما حدث بالأمس حتى الان"
ضحكت فضيلة ليتحرك الفتيات جانبا مفصحين عن ظهور سيلين من خلفهم على اصوات الموسيقية الرائعة.
ازداد يوسف فرحة وبهجة حتى أصبح فمه لا يخبئ شيء من أسنانه .
اقترب وهو بحالة ذهول مما أصبحت عليه ، وبصوت عالي وكأنه يعلن للناس جميعاً قائلا لها
" اصبحتِ قرمزية الآن يا قرمزيتي الحمراء "
تعالت اصوات الصفقات من جميع الحضور،
جاء الشيخ وجلس على الطاولة المزينة بالورود الحمراء وجلس على جانبيه يوسف و اورهان متشابكين الايدي يرددون ما يقوله الشيخ لهم وهم ينظرون لسيلين بعيون فرحة من جهة يوسف ومن جهة أخرى باكية بحب أورهان.
بارك لهم الشيخ زواجهم و دعا لهم ليردد المدعوين الدعاء خلفه.
كان عليكم ان تروا عيون يوسف المبهجة لتعلموا مدى فرحته، لقد نسي تماما بهذه اللحظة انه زواج متفق عليه، نعم هذا ما يراه الجميع بعينيه فكيف تكون هذه الفرحة والبهجة التي على الوجوه وبالعيون لزفاف متفق. طغت المشاعر المخفية بالقلب على عقله بهذه اللحظات الجميلة لدرجة جعلته ينسى نفسه مقتربا من عروسته ليقبلها من اعلى رأسها. ثم تحرك بفرحته ليحتضن أورهان بقوة تفوق الخيال.
اقتربت فضيلة لتأخذ نصيبها من هذه الفرحة التي ادمعت عينيها لها وهي تتذكر اختها امينة بقلب تمنى ان تكون موجوده بينهم لترى ابنها اخيرا يضحك من أعماق قلبه. وكأن السعادة جاءته فجأة لتستعمر قلبه و حياته بشكل كامل
بدأ الجميع بالرقص على اصوات الموسيقى ماعدى العروس التي اكتفت بالتصفيق فقط.
أرادوا منها ان تشاركهم ولكن القرمزية من خجلها كانت لا تستطيع حتى رفع نظرها فما بالكم بالرقص
كان عليكم بهذه اللحظة رؤية فرحة يوسف وهو يرقص ويدور حول عروسته التي لا يرى بهذا الحفل سواها. بل وقلبه وفرحته لا تسع سوااااها .
ما اجمل القرمزية وهي تتمايل برأسها قليلا بحب وعيون مملوءة بدموع الفرح. لا تصدق ما تراه اصبح حلمها حقيقة أمامها.
نسيت القرمزية نفسها من شدة فرحتها ليجدها يوسف تتمايل وهي تتحرك بشكل بسيط بوجه يضحك له حتى برزت غمزات وجنتيها بقوة.
تحمس اكثر من فرحته التي أفقدته عقله وجعلته يقترب منها وهو يقول بصوت منخفض
"هيا لنهرب"
تفاجأت من كلماته و لم تسمعه جيداً، اعادها عليها لتخجل مما قاله، ألح عليها بعيونه طوال الرقصة حتى اقترب بالأخير منها وهو يقول إن لم تأتي معي سأضطر لاختطافكِ بطريقتي الخاصة
ثم نظر للفستان وتسائل عن وزنه