رواية الليالي المظلمة
بقلم أمل محمد الكاشف
ذهب يوسف لغرفته الجديدة وهو فرح مسرور بحالته، بدل ملابسه بسعادة كبيرة بدت على وجهه المنشرح ابتهاجا لما يشعر له في قلبه، وقف أمام المرآة ليحسن من شعره ويرجعه للوراء ناظرا لبيجامته برضا كبير.
فتح باب غرفته و وقف ينظر نحو غرفتها منتظر خروجها الذي طال، قرر أن يذهب للمطبخ وهو يبرر لنفسه تأخيرها.. "من المؤكد بسبب الفستان وإزالة المكياج".
جهز يوسف الفاكهة وهو يدندن ما تبقى بذاكرته من اغاني الفرح الجميل فهو ما يزال تحت تأثير الأجواء الأسطورية و لا زالت اصوات الموسيقى والكلمات بأذنه بجانب رقصهم وقربهم الذي يراه أمام عينيه. تمايل برقصات خفيفة وهو يضع الفاكهة المقطعة بالطبق واضعًا جانبها كأسين من العصير المحضر بعناية كبيرة ليخرج بعدهما ليضعهم أعلى طاولة الصالون
(ما أراه ليس باتفاق بل عريس حقيقي، من يرى سعادته وبهجته من المستحيل أن يصدق إنها لأجل زواج متفق عليه)
وعندما طال الانتظار صعد للأعلى كي يذهب ليرى سبب تأخرها بنفسه، تردد بطرق الباب فكر قليلًا ليتحرك بعدها كي يجلب هاتفه الذي نسيَ أمره داخل جيب جاكيته ليكتب لها.
(الادب حلو مفيش كلام ديه لو مكهربة الباب مش هتخاف كده يا ابن أمينة 😂)
بتلك الاثناء كانت سيلين قد بدلت ملابسها وعلقت فستانها على الاستاند الجانبي بشكل طبيعي بل أكثر من الطبيعي، ولكن الغير طبيعي بل والحدث الاسطوري بهذه الليلة هو ارتداء العروس ثوبها الأبيض نعم ارتدت الثوب الأبيض الجميل.
وقفت بجانب فستانها تنظر وهي سعيدة تحرك يدها عليه ببطء شاردة بذكريات العرس والأغاني والرقص وأكثر ما تتذكره وهي مبتسمة فرحة يوسف وتقاربه منها و رقصه أمامها، جاء لمسامعها صوت رنين هاتفها استقامت بوقفتها و تحركت لتبحث عنه لتجده بالأخير داخل الخزانة.
ابتسمت عندما علمت ان عريسها من يتصل تحركت لتجلس على فراشها وهي تقول بصوت خجول
" الوووو"
رد عليها بسرعة حماسه
"أين انتِ كل هذا الوقت تأخرتِ كثيرًا"
اجابته باستغراب
"تأخرت؟ هل كنت تريد مني شيئًا"
انصدم مما سمعه قائلا لها
"هل اريد شيء!! ماذا يعني هذا السؤال؟ هل يترك العريس وحده هكذا بأول يوم"
ابتسمت سيلين وهي تغلق روب ثوبها الرائع من الأعلى جيدًا لتشعر بالأمان قائلة
"ولكنِي متعبة وسأنام الان، نلتقي بالصباح ليلة سعيدة لك"
قالتها مغلقة الهاتف سريعًا دون أن تتيح له الفرصة بالرد.
(ما هذا الذي أراه ههههههه شربنا مقلب😂)
تحركت لترفع غطائها الابيض الجميل كي تنام، تذكرت رفيقها تحركت من جديد لتجلبه من حقيبتها وعادت لتجلس على فراشها لتكتب داخله عدة كلمات سقطت على إثرها دموعها، اغلقت الدفتر وهي تقول لنفسها
"نعم أنا عروس عروس"
استلقت على فراشها ورفعت الغطاء عليها وهي تنظر لوسادته المجاورة بحزن كبير حركت به يدها و وضعتها عليها قائلة لنفسها
"سيأتي هذا اليوم. انا اثق بعدالة السماء"
واغلقت عينيها لتنزل منهم دمعة صغيرة على وجهها المبتسم..
جاء الصباح ليستيقظ يوسف فرحًا مبتهجًا ظل ينتظر استيقاظها حتى اقترب وقت الظهيرة ولم تخرج من غرفتها.
اتصل بها ليطمئن عليها ويطلب منها الاستيقاظ لتجيبه
"ليس بعد لا زلت احتاج للنوم"
تركها براحتها حتى جاءه اتصال من خالته لتخبره أنها ستأتي بعد وقت قصير كي تودعهم قبل سفرها.
هذا ما جعلها تضطر للخروج من غرفتها لاستقبال ضيفتهم، تفاجأ يوسف بحالتها
من صدمته ظل يضحك ويضحك وهو لا يصدق ما يراه أمامه.
وقفت تنظر نحوه بتعجب لا تعرف على ماذا يضحك، وهنا نجح يوسف بإخراجها من خجلها وتوترها دون أن يشعر، شاركته
الضحك متسائلة
"ما بك هل ملابسي مضحكة لهذه الدرجة"
زاد من ضحكه وهو يضع يده على فمه قائلا
" نــعــم وكثيرا "
استغربت مما قاله نظرت لملابسها و لأستمرار ضحكه وهي متعجبة ليصمت يوسف أمام تعابير وجهها التي تغيرت قائلا
"حسنا صمت ولكنِي محق بعد أن فاجأتني بالحجاب و لون ملابسك يعني ان إخترت لونا افتح قليلًا… " وصمت مكمل ضحكه
ردت عليه بجدية وضيق من ضحكه
"انت محق اعتقد حدث هذا لأنني احب اللون الاسود"
تحرك يوسف ليقترب منها خطوات متحدثًا بشكل جاد قائلا
"ما الداعي لكل هذا الخجل. النوم لوقت متأخر. وارتداء الحجاب بالمنزل. أنا لم أعد غريبا عنكِ. انتِ غير مجبرة على فعل هذا. وأيضا هذه ليست بأول مرة نمكث سويًا بمنزل واحد. فعلناها سابقًا ونفعلها الان بفرق الألقاب يعني اريدكِ ان تكوني براحتكِ أكثر كي لا أشعر بالذنب"
تحرك مقتربًا بخطواته مكمل حديثه قائلا
"ولكن هذا ليس كل شيء فليس من اللائق ارتداء هذه الملابس امام خالتي. كما تعلمين فهي لا علم لها بوضعنا. لذا عليكِ ان تظهري كالعروس وتنزعي حجابك"
نظرت له بصمت ليكمل مرة أخرى
"عليكِ الاعتياد على الوضع الجديد فلا نعلم كم من الوقت سيستغرق هذا"
ردت على استحياء قائلة
"انت محق ولكن عليك أنت ايضا تحمل وضعي حتى اعتاد"
ثم نظرت نحو غرفتها قائلة
"سأذهب لأختار شيء مناسب كي ارتديه"
ابتسم يوسف بفرح أجابها به
"دعيني اساعدك بهذا"
وتحرك ليدخل الغرفة دون انتظار رد منها، وقفًا أمام الخزانة الكبيرة قائلا بصوت يصل لها بالخارج
"هيا تعالي لنرى سويًا ما يمكنكِ ارتدائه"
فتح خزانتها ليقول
"ماشاء الله ما كل هذا! لم تترك خالتي شيء بالمتجر إلا وجاءت به"
اقتربت سيلين منه على استحياء ليبدأ يوسف بتحريك الفساتين المعلقة واحد تلو الاخر وهو لا يصدق ما يراه فالأغلبية منهم لا يناسب عروسته، اختار واحد من بينهم بالتل الابيض اللامع مغلق اليدين كما يتمتع بوسط منفوش يصل للركبة ابيض مزين بورود جميلة، أخرجه وهو يقول لها
"اعتقد انه الأكثر تحفظًا من بينهم"
نظرت سيلين لطول الفستان بيده ليسرع بتحدثه قائلا
"سنتفق على شيء سأجعل رأسي ونظري مرفوعين للأعلى طوال الجلسة وهكذا لن أرى طوله من عدمه"
ابتسمت خجلا وتوترًا، ترك الفستان على الفراش وتحرك ليخرج وهو يقول لها
"اترك لكِ القرار الاخير فجميعهم اجمل من بعضهم ولكن عليكِ ان تسرعي فلقد حان موعد وصولها"
وتحرك ليخرج من الغرفة وهو يسمع صوت جرس الباب استدار متحدثًا بسرعة
"ألم أقل لكِ ها قد جاءت. سأنزل كي استقبلها وانتِ اسرعي قليلًا"
وخرج مسرعًا وأغلق الباب خلفه، لتتحرك سيلين نحو خزانتها لتقلب بملابسها من جديد لعلها تجد ما هو أكثر تحفظًا.
استقبل يوسف خالته مرحبا بها، اصطحبها للداخل ليجلسا بالصالون لتبدأ فضيلة بالتحدث عن ليلتهم الاسطورية وجمال العرس كما هنئته على اختياره الفريد. اخذهم الحديث لتخبره عن اندهاشها من اورهان و مشاعره الحقيقية اتجاه سيلين وكأنها ابنته الحقيقية.
ظلا يتبادلان الأحاديث في محاولة من فضيلة تأخير سؤاله الدائم عن وضع أمه ولكنه بالأخير جاءها سؤاله المنتظر لتتوتر بإجابتها السريعة "لا شيء جديد "
لم تخبره بسوء حالتها حتى لا تحمله فوق طاقته واكملت حديثها
"أأمل ان تعود لنا قريبا"
أراد أن تبقى ليومين آخرين على الأكثر ليذهب هو وزوجته معها كي يروا والدته ولكنها تحججت قائلة
"لا يمكن التأخير أكثر من ذلك لأجل أعمالي هناك حتى وإن كان لا فرق لديه وجودي وعدمه فعلي أن أكون متواجدة بجانبه، مسؤولية المشفى و مراكز الرعاية تحتاج لمجهود كبير لا يستطيع هو وحده القيام به"
رد يوسف عليها
"ما الداعي لتحمل كل هذا العبئ رغم انفصالكم منذ سنوات عديدة، ما زلتم تتقاسمون المنزل وشراكة الأعمال "
ابتسمت فضيلة وهي تقول
"دعك منا لا اريد التفكير بشيء الآن يكفينا السعادة التي أراها بعينيك"
رد بصدق
"نعم هو كذلك. اشعر كأنني طائر من سعادتي"
لم يكمل يوسف حديثه حتى سمع صوت خطوات نزولها على الدرج استدار بجلسته لينظر نحوها متفاجئ بها، كاد ان يفقد صوابه من شدة انبهاره مما يراه أمامه بعد أن ارتدت الفستان الذي اختاره لها.
خفضت سلين رأسها وهي تتوخى الحذر بنزولها الدرج بكعب حذائها العالي. انسدل شعرها للأمام مخبأ اكتافها ووجهها
وقفت فضيلة مرحبة بعروستها التي رفعت رأسها ويدها لتحرك شعرها للخلف دون ان تنجح بجعله ثابت على ظهرها فهذا ما يحدث حين يتحرر ذلك الشعر الحريري.
احتضنتها فضيلة وهي تحنو على شعرها وتثني على جمالها، كل ذلك وهو يقف ثابتًا بمكانه ينظر نحوها بعيون واسعة مزبهلة.
تعجبت فضيلة وتفاجأت بحالته متحدثة له
"بني ماذا حدث لك؟ بني. يوسف"
( راح الواد هنتفضح بسببه 😂😂😂😂)
وقف يوسف وكأنه استعاد وعيه الان نظر لخالته وقال "افندم خالتي العزيزة"
ضحكت فضيلة وهي ترد عليه
" اووووو ما بك هل طار عقلك حين رأيت عروستك؟ من يراك بهذه العيون يعتقد أنك تراها لأول مرة"
ضحكت اكثر مكملة
"الله عليم ماذا فعلت بالأمس" ثم نظرت لسيلين متسائلة " ماذا فعل؟"
تحرك يوسف سريعًا أمام نظرات وارتباك عروسته قائلا لخالته
"ماذا تقولين هل تسأل العروس عن هذا؟ ام انكِ تشكين بي"
(اعتقد ان البنت هتقع وسطهم😂😂 وبعدين تشك ايه على يدي على يدي بصوت فؤاد المهندس🤣)
تعالى صوت فضيلة بضحكها قائلة
" لا يمكننا التشكيك بهذا فأنت اسد بيرقدار"
(😂بتقولكم اسد🤣 والله يا اخت فضيلة احنا مشفناش لحد دلوقتي غير دب اسم الله على لسانه مدب الله اكبر عليه)
لم يرفع يوسف عيونه من على شعرها الكثيف الطويل اللامع، تحركت لتضايف فضيلة بخجل من نظرات عريسها التي لم تتركها، الحق يقال من يرى جمال شعرها الذي يتحرك حولها ليتساقط من الجوانب وهي تميل وتتحرك يصعب عليه رفع نظره عنه.
قاوم رغبته بلمس شعرها ليرفعه من على عينيها ووجهها بعد ان طغى على جمال فستانها وبياض بشرتها الزائد عن الحد فهي تصلح لأن تضيئ بالليل دون إنارة من شدة بياضها.
لم تطل الزيارة حتى ودعتهم فضيلة وتركتهم بأمان الله. أتى إليهم بهذا اليوم باريش وزوجته ليسلموا عليهم ويودعوهم هم أيضا قبل عودتهم لأزمير
اقترح يوسف عليها أن يتجولا أو يجلسا بالحديقة فالجو جميل بالخارج رفضت كلاهما
فما زالت غير معتادة عليه وايضا متعبة قليلا تريد ان ترتاح.
تركها براحتها على شرط أن تستيقظ بالصباح الباكر وأن لا تتركه وحيدًا كما فعلت اليوم
دخلت سيلين غرفتها واغلقت عليها بعد ان تركها يوسف بصعوبة مكثرًا الأحاديث كي لا تتركه. ومن كثرة تثاؤبها و عيونها التي ظهر عليهما النعاس صمت ليحررها.
نظرت للملابس التي بالخزانة و اخرجت منها ثوب نوم باللون الكحلي اللامع ارادت ان ترتديه قبل ان تسقط عينها على بيجامة ستان باللون الزهري اخرجتها وهي تحرك يدها لتلامس نعومتها بشرود. وتحركت لترتديها وهي تحارب نفسها وتجاهدها كي تتعالج وتتخلص من عبئها
نامت سيلين بعد أن حدثت دفترها عن مدى فرحتها وسعادتها كونها بجانبه
مرت عدة أيام بسعادة كاملة فمنذ اليوم الثاني بعد الزفاف رفض يوسف المكوث بالمنزل فكانا يتجولان يوميا منذ الصباح حتى الليل ليستكشفا المدينة معا كالسياح ذهبا لجزيرة الاميرات. وايا صوفيا. ومضيق البسفور. والشاطئ كما كانت ترغب هي. وقلعة العذراء وغيرهم.
ملئت صورهم صفحات النت بجولاتهم وهذا ما جعل هوليا تموت من غيظها وخاصة أنهم ليسوا فقط من كانوا ينشرون هذه الصور، فلقد التقط لهم احد المصورين صورة رائعة خلسة كان يوسف يرفع يديه للأعلى حاملاً سيلين من اعلى سور لينزلها للأسفل، فعند خوفها من النزول بمفردها بعد تصويره لها اضطره ان يمسكها من خصرها لأول مرة ويرفعها لينزلها.
حينها صرخت سيلين بقوة وهي تغلق اعينها لتخرج الصور من بعيد وكأنها تصرخ بضحكتها و سعادتهم
( فليس كل الأمور كظواهرها)
ليس فقط هوليا من اغتاظ فكانت غمزه هي ايضا تشاهد تقاربهم الملحوظ وسعادتهم التي تشع من ضحكات عيونهم بغيظ شديد لدرجة انها اغلقت على نفسها لتدخل بحالة نفسية سيئة
بسان فرنسيسكوا
جلست هوليا وجان بمنزل اهلها يتحدثون عن استعدادهم للسفر بجولة في عدة بلدان أوروبية بهدف الترويج لمعارضها من جهة و لأعمال تخص جان من جهة أخرى.
نظرت هوليا لوالديها وهي تبلغهم بأنها ستترك لي لي في المنزل وأن عليهم الاهتمام بها ورعايتها طوال فترة سفرهم، لتفاجأها أمها بموعد سفرها مع أصدقائها والذي سيوافق موعد سفرهم .
عارضت هوليا سفر امها لأجل لي لي قائلة
"لا يمكننا تركها وحدها"
اقترح جان ترك الطفلة لدى والدها خلال فترة تجولهم لتنصدم هوليا بما قاله، غضبت وعارضت كثيرا وضغطت على امها ان تؤجل رحلتها.
واجهت صافية ابنتها بالرفض قائلة
" يمكننا تركها مع المربية فمربيتها جيدة و سنتواصل معها طوال اليوم"
ردت عليهم وهي تخبرهم بعدم استطاعتها تركها بمفردها كل هذه الفترة، ضاق صدر جان من حالتها وأخذ يتحدث عن النجاح والتألق وعدم أحقيتها في رفض ذلك لأجل تعنتها بإرسال ابنتها لأبيها.
بهذا اليوم شعرت هوليا كم ان لي لي مسؤولية كبيرة وعائق أمام نجاحها.
من حزنها وغضبها لم تشعر انها احزنت جان منها حتى خرج من منزلها قبل معاده حاولت ان تصالحه و تشرح له سبب غضبها مبرره أن يوسف سيئ للغاية وأنها لا تستطيع استئمانه على ابنتها
اغلق جان المكالمة معها قائلا
"كما تريدين ولكن عليكِ الاختيار تأتين معي ام تجلسين من اجل ابنتك" واغلق الهاتف
اخرجت هوليا حزنها وغضبها على أمها التي رفضت إلغاء سفرها. ثم ذهبت إلى جان كي ترضيه ليفاجأها هو بعرض الزواج عليها بخاتم فاخر.
طار عقل هوليا ونسيت كل شيء حتى انها اقتنعت برأي جان أن تترك طفلتها عند والدها ليواصلا هما نجاحهما وفرحتهما فيكفيهم هم بهذا القدر ليتحمل معهم المسؤولية.
وأصبح يحدثها عن خططه بالتجول بعد زواجهما ليدورا حول العالم كله بمتعة وسعادة ليري الجميع زوجته الناجحة.
حدثها عن نجاحاتهم وما ينتظرهم من تألق وازدهار حتى لمعت عينها وهي تتخيل معه الأحلام الجميلة التي جعلها تبحر بها من الآن.
رضخت هوليا لرأي جان وقررت ترك ابنتها هذا الشهر لدى يوسف على أن تعود لاسترجاعها. حتى قررت أن تكرر ذلك
أثناء عطلة زواجهم و اوقات تحضيرها لمعارضها الكبيرة، دون التفكير بتأثير هذه التنقلات على روتين طفلة لم تتجاوز الثانية من عمرها و كأن لي لي عبأ تريد التخلص منه بشكلٍ مشروط.
حضر العروسين أنفسهم لربورتاج خاص بإحدى أكبر مجلات المشاهير بتركيا. تم تخصيص قصر الفولاذ وخاصة بالجزء المطل على البسفور كي يكون موقع لهذا اللقاء.
ارتدت سيلين فستان جميل من تصميم الشهير جوتشي كما كان يوسف بكامل اناقته المعتادة
بدأ اللقاء بالمباركة لهم ووصفهم بطيور الحب لهذه السنة، أكثر يوسف من ضحكه وهو ممسك بيد عروسته ينظر لها طوال حديثه بالاجابات عليهم.
ظلت سيلين تنظر له بعيون محبة مبتسمة وكأنها تستمتع بإعتراف عيونه لها. تحدثت بشكل قليل عنه
جاءهم آخر سؤال بهذا الحديث
"هل سنرى اطفالكم قريبًا"
أجاب يوسف سريعًا
"قررت انا وقرمزيتي تأجيل مسألة الإنجاب بأول أيام ارتباطنا. لرغبتنا بالتمتع بجولة شهر العسل بالإضافة إلى أن مستقبلنا العملي يضغط علينا كثيرا بهذه الفترة"
نظر بكل حب الى من احمر وجهها خجلا ورفع يدها ليقبلها، ليتم تصويرهم بصورة رائعة.
تحدث يوسف مكملاً بعدها
"اريد ان استمتع بكل لحظة معها دون مسؤولية او مجهود. الشكر لله لدي طفلة واحدة وامها تعتني بها كثيرا هذا يكفينا"
تغيرت ملامح وجه يوسف لتطغى عليه مشاعره الحقيقية بهذه اللحظة فهو شخص لا ينجح باخفاء ما بقلبه، فلولا تلقين فضيلة له بهذه الكلمات ما كانت خرجت منه وكأنه غير مهتم بمن يشتعل قلبه شوقا لها.
بصباح اليوم التالي اشتعلت هوليا غضبا عندما قرأت انه لا يريد الإنجاب على عكس ما كان يفكر معها. كما غضبت اكثر عندما قرأت "لدي طفلة أمها تعتني بها"
هزت رأسها وهي تقول بغضب
"لا يا يوسف بيه ستتحمل أنت ايضا جزء من هذه المسؤولية، اتضح أن جان محق فإن كنت انت عريس وتريد التمتع انا ايضا عروس ومن حقي هذا ايضا" ونظرت لخاتم الزواج الكبير بيدها وهي فرحة
ياليت الأمر توقف عند هوليا فقط، فبنفس اليوم خرجت غمزة عن السيطرة لتكتب على صفحات التواصل وهي ثملة
"تعتقدون انه حب اسطوري كما يدعون. ولكن ليست كل الأمور كما نراها من الخارج فهناك ما لا يصدق تحت عباءة هذا الزواج"
كانت الصدمة قوية على يوسف الذي صعد للأعلى وطرق باب غرفة عروسته سريعا لأكثر من مرة وهو ينادي عليها "لين، لين"
فتحت الباب وخرجت وهي لا تفهم ما به كانت تحاول ان توقظ عقلها كي تستوعب حالته فتح يوسف الهاتف ووجهه نحوها قائلا " انظري انظري"
اتسعت اعينها فهي لم تصدق ما قرأت تحرك وجلس غاضبا على الاريكة الجانبية في منتصف مفرق الغرف لتتحرك هي ايضا وتجلس بجانبه تحاول أن تجمع شعرها كله على كتفها الأيمن كي تستطيع النظر له قائلة
"هدئ من نفسك لا يمكن لأحد تصديقها، يعني زواجنا وصورنا و حديث امس للمجلة مستحيل ان يصدقوها بكلمتين كتبتها بدون دليل، ولكن هذا ما حذرتك منه، ما كان عليك ان تخبرها بما تم بيننا حتى وان كان لمداواة ما فعلته خالتك"
بينما كان الهاتف بيد سيلين وهي تتحدث معاتبة عليه، جاء اتصال من فضيلة ليوسف نظرت للهاتف قائلة
" من المؤكد انها تتصل لأجل ما كُتب"
تردد يوسف بالرد على خالته لتقنعه ان يتحدث معها وينكر كل شيء مؤكد انهم ليسوا بصدد ان يبرروا لاحد وان يثبتوا حبهم يكفي انهم يعلمون ومتأكدين من مشاعرهم، لم يصدق يوسف قوتها وثباتها وحكمة عقلها.
فلقد اخرجت غيرتها من غمزة بهذه القوة لتتحدث مدافعة عن حبها وزواجها أمامها.
انتهت المكالمة وهما يتحدثان أخذ يوسف الهاتف ليعاود الاتصال بخالته ويقول لها ما اتفقا عليه.
تفاجئ بهذه اللحظة باتصال جديد أتاه من زوجته السابقة، فتح سريعًا خوفًا على ابنته من أن يكون أصابها مكروه، إذا بهوليا
تبارك له زواجه وتخبره بنفسها عن خبر خطوبتها الذي اخفته عن الجميع كي تفجره بإحدى حفلات سفراتها.
بارك لها ارتباطها وهو يحدثها عن سعادته باتصالها لأهمية لغة الحوار بينهم من اجل ابنتهم. احتبس غيظهُ متحدثا بهدوء شديد.
ابلغته هوليا انها ستكون أوائل الشهر القادم خارج امريكا من اجل أعمالها التي ستستغرق شهر أو أقل قليلًا، وهذا ما جعلها تقرر ترك لي لي لديه بهذه الفترة، لتكون فرصة جيدة ليزيل الشوق هو وابنته.
فرحت سيلين بما تسمعه ولكنه صدمها وصدم هوليا عندما اخبرها انه لا يستطيع بالوقت الحاضر فهو عريس جديد كما تعلم، و أيضا بدأ موسم الربيع وهم يحضرون أنفسهم للسفر برحلة شهر العسل إلى جزر المالديف، و وعدها انه سيأخذها لديه بوقت آخر عندما تسمح ظروفهم.
والأغرب من هذا اعتذار يوسف من هوليا عن أقواله السابقة وغضبه عليها. مفسرا هذا أنه كان مضغوط ويمر بفترة صعبة ولكنه عندما جلس وجد نفسه غير قادر على تحمل مسؤولية طفلة صغيرة و ان الحل الامثل تحملها هي مسؤوليتها الكاملة.
عارضته هوليا مدافعة عن حق ابنتها بالتعرف على والدها والمكوث معه.
ولكنه اعتذر مره اخرى بشدة فهو لا يمكنه ان يأخذها ويعتاد عليها و من ثم تذهب بعيدا عنه، وايضا زوجته غير مستعدة لتحمل مسؤولية الطفلة بالوقت الحاضر.
غضبت هوليا بينما كانت سيلين مندهشة من كلامه اغلق الهاتف، ليتفاجأ بغضب عروسته الكبير لرفضه استقبال ابنته لمدة شهر كامل وهو من كان يحلم بضم صغيرته بين ذراعيه ولو لدقائق.
اخبرها انه فعلها لأجل ان يضغطوا على هوليا اكثر كي تعطيها لهم دون رجعة.
كان يصفها لها كم هي انسانة مستهترة ولا تحب المسؤولية ومؤكدًا لها أنها ستستسلم سريعًا وخاصة عند ارتباطها قريبا بجانب احلامها وأعمالها.
نسي يوسف ما كتبته غمزه وكأنه شيء لم يكن واتصل بفضيلة كي يخبرها ما حدث.
فرحت فضيلة كثيرا وأيدت أبن أختها بما فعله قائلة
"انت اسدي هذا ما نحتاج إليه، سنضغط اكثر و اكثر"
فكرت فضيلة قليلًا ثم قالت مرة اخرى
"ستذهبون الليلة لحفل الدفليه الخاص بجوتشي، سيكون هناك صحافة عالمية و أضواء عليكم الظهور تحتها وانتما متقاربان وعليك أن تظهر مدى حبكما لتخرسا الأفواه التي تتحدث من غيرتها فلا وقت لدينا لملاحقتها"
من الواضح أن فضيلة علمت بأمر غمزه وفسرته انه من غيرتها
وافق يوسف خالته قائلا
"مع أني لا أحب تلك الاضواء والحفلات الا أنني مضطر أن اقبل دعوتهم ونذهب إلى هناك "
فكرت فضيلة مرة أخرى قائلة
"ستشتري افضل تصميم سيعرض هذا المساء لأجل زوجتك اريد لأسمك أن يكون بقائمة أوائل المشتريين، ولا تنسى التقارب عليك تمثيل الاختباء وتقبل زوجتك امام الكاميرات وكأن لا أحد يراك. سيخرس هذا فم الجميع وسيزيد من تخبط وارتباك هوليا حتى لانستطيع توقع ماذا ستفعل بعدها. اسمع مني فلن يكتمل الأسبوع حتى تأتي تحت اقدامنا بشكل لا يصدق"
نظر لعروسته بصمت أنهى به مكالمته ليفكر بحديث خالته وهوليا و ما كتبته غمزة، هزت سيلين رأسها رافضة لما تسمعه وهي تقول "انا معك بكل شيء دون الأخيرة. يعني انت تعلم من المستحيل حدوث هذا مستحيل. مستحيل"
وتحركت من جانبه لتدخل غرفتها مغلقة على نفسها حزنا ليس منه بل من خوفها وذعرها.
اتصلت بالدكتورة سيفدا و تحدثت معها بصوت شبه باكي لتحكي عن طلب فضيلة امام الكاميرات من اجل ان يكتسب حضانة ابنته وحدثتها عن غمزة وأنها فكرت بالعلاج ولكن ليس بهذه السرعة فهي بالكاد استطاعت الاعتياد عليه والجلوس امامه بشعرها.
تحدثت سيفدا معها كي تقويها
"ما دمتِ تحبينه ستفعلين اكثر من هذا لأجله عليكِ ان تحاربي معه، لا تضغطي على نفسك فكري وان استطعتي افعلي لتكون أكبر خطوة ايجابية في علاجك"
ولكن لم تكتفي سيفدا بهذه الكلمات بل حكت لها عن جمال هذا التقارب مع زوجها وخاصة انها تحبه واوصتها ان تهدأ ولا تخاف وهي بجانبه يكفي ان تسترخي و ابقي هادئة، لتكسري هذا الحاجز وتستقوي بقربكم.
قلقت سيفدا من صمتها لتعود وتخبرها قبل ان تغلق المكالمة
"لا تنسي أخذ المهدئ قبلها بدقائق حتى لا يحدث العكس امام الكاميرات"
اغلقت سيلين الهاتف وهي ترفض تمامًا فعل ما يطلب منها، خجلت وخافت من الآن فكيف ستفعل حينها
وبعد مرور وقت عصيب مليء بالتفكير جاء موعد الحفل اقترح يوسف أن يذهبا بدون حدوث تقارب بينهم و يكتفيا بظهورهم أمام الكاميرات، طمئنها رغم حزنه الداخلي انه لن يضغط عليها ولن يجعلها تفعل شيء دون رغبتها.
ذهبا للحفل وتألقا كثيرا اقترب صحفيين ليتحدثا إليهم ويباركا لهم، كما حظي يوسف بأن يكون من أوائل المشتريين لأفضل تصميم في الحفل ليعلو اسمه بالقائمة.
وبرغم أنهم سعدوا كثيرا بالحفل إلا أن موعد العودة للمنزل قد حان فبينما كان يخبرها أن عليهم العودة لأجل ما يشعره من ألم برأسه جاء بسبب كثرة الموسيقى الصاخبة.
اقتربت منه وأخرجت بشكل غير مرئي دواء المهدئ واخذته، استغرب مما فعلته وقال "ماذا فعلتي؟ هل تناولتي دوائك الان؟"
اومأت رأسها وهي مخفضة عينيها
"انا مستعدة الآن نستطيع فعلها لأجل لي لي ولأجل إغلاق الأفواه"
اتسعت اعين يوسف ورفض قائلا
"لقد وعدتكِ لن اضغط عليكِ مستحيل. لا يمكنني ان اكون سببًا بأحزانك و ذعركِ"
ردت عليه بخجل
"أولا عليك أن تسرع. ثانيًا علينا أن نخرج بعدها من القاعة مباشرةً. ثالثًا والاهم لن تحدثني بشيء بعدها سنذهب انت وانا دون كلام ولن يفتح الحديث بالأمر مرة أخرى"
رفض بشدة رغم تحذيرها بسرعة إتمام ما خططت فضيلة له قبل بدء مفعول المهدئ.
اصطحبها للخارج وهو يصر على عدم قيامه بما تقوله، توترت اكثر لتطلب منه الذهاب للحمام قبل مغادرة المكان.
تحرك بها جهة الحمامات وهو لا زال يرفض بقوله
"لا يمكنني فعل ذلك بك أنتِ اختي وايضا كيف سأكون سببًا بأحزانك"
ردت عليه بانكسار وحزن كبير بل وضيق كونها سمحت له بذلك وهو رافض بقوله اختي
"كما تريد انت محق كنت اتمنى ان اكون طبيعية كي اساعدك ولكن خوفك أعاد لي عقلي وذكرني…" وتحركت بغضب وحزن لتبتعد عنه دون أن تتوقع اقترابه السريع منها ليقبلها بدون مقدمات ولا اختباء، أغلقت اعينها سريعًا مستسلمة لما يحدث معها بجسد متشبث، سرعان ما عاد يوسف لوعيه مبتعدا عنها خائف من العواقب.
نسى امر طلبها لدخول الحمام أمام رغبته بالخروج من المكان قبل أن تنفجر، وضع يده خلف اكتافها ليصطحبها للخارج وهي مخفضة لنظرها وقد اصبحت اكثر من قرمزية، إثر تقاربهم ، طغت مشاعر قلبه واستحوذ تعلى عقله ليجد نفسه يسحبها جانبًا بمكان خالي من الناس وأسند ظهرها على الحائط وعاد ليكرر ما فعله بالداخل لأجل قلبه الذي اشتعل حبًا بها اراد نسيان الماضي والحاضر.
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.