recent
جديدنا

الليالي المظلمة الفصل الحادي والعشرين

Wisso

 

       رواية الليالي المظلمة  

                             بقلم أمل محمد الكاشف



عمت  السعادة و الفرح ارجاء المنزل كان  يحمل بحضنه عروسته الجميلة ليدور بها من فرحته الكبيرة التي وصلت لفرنسا بسرعة وصوت أبكى فضيلة وجعلها تسقط على فراشها مجهشة ببكائها فرحا برجوع لي لي و حزناً على وضع أختها الذي لا علم لابنها به..

لم ينم يوسف ليلته ارتدى ملابسه قبل طلوع الشمس وخرج مبكرا ليكون اول الحاضرين بالشركة.

أوقف سيارته لينظر لسيلين بجواره متسائلا

"كيف ساتحكم بفرحتي أمامها، أخشى أن تتراجع فور رؤيتي بهذا الحماس"

ردت سيلين عليه بقلق

"خوفك من ضياع حلمك هو من سيساعدك، عليك ان تظهر بمظهر الغير مهتم المرغم على أخذ ابنته وتحمل مسؤوليتها"

اومأ رأسه "حسنا حسنا لا تقلقي"

نظر للساعة بيده مكملا "هيا لننزل ليس لدينا وقت"

ضحكت سيلين وهي تقول له 

"نعم تأخرنا لم يعد أمامنا سوى ساعتين فقط"

ضحكا وهم ينزلان سويا من السيارة مقتربين من بعضهم ليدخلا الشركة، من فرحته امسك يدها وشبكها بذراعه دون تركها منحنيا عليها بسيره وهو يحدثها عن ما سيفعلوه مع ابنته فور ذهاب هوليا، وضع الكثير من الخطط والمرح.

وعلى الموعد المعلوم اتت هوليا وهي تحمل ابنتها بحنان وحب ومن خلفها تسير المربية.

تفاجأت غمزة عند رؤيتها لهوليا بالشركة ظلت تراقب الوضع من بعيد دون ان تفصح عن شخصها امامها،  لم تلاحظ هوليا وجودها من كثرة جهادها وصراعها الداخلي بين الترك والتراجع عنه.

دخلت غرفة مكتب يوسف لتتفاجئ بوجود محامين وأوراق مجهزة بدقة واحترافية عالية. 

رفضت هوليا ان توقع على هذه الأوراق ليقف يوسف وتحدث بقوة عكس ما كان يكمن داخله

 "هذا شرطي الوحيد. عليكِ ان تتنازلي عنها اولاً حتى اضمن انكِ لن تعودي بعد يومين وتأخذيها مني" 

ترددت هوليا بخوف  ليطمئنها المحامي انه هناك بنود تضمن لها حقوق زيارتها بأي وقت وحتى انه ادرج حق هوليا بأخذ ابنتها بعطل نهاية الاسبوع للبقاء معها بشرط وجودها بإسطنبول. 

نظرت نحو يوسف بعيون معاتبة منكسرة

ليحدثها بقوته

"لن افعل مثلك ستريها وقتما تشائين ولن نتقيد ببنود الأوراق ما دمتِ لا تحدثين ضررًا". 

وبحزنها الكبير تركت ابنتها للمربية و وقعت على الاوراق دون قراءتها وانتهت وعيونها ممتلئة بالدموع قائلة له

 "هل تريد ان اترك المربية معها حتى تعتاد عليك؟ فهي تعلم كل شيء عن لي لي و احتياجاتها كما ان صغيرتي معتادة عليها و لن تصمت دونها"

رفض يوسف  قائلا 

"شكرا لكِ سأتدبر انا أمرها لا تقلقي "

نظرت نحو ابنتها مكملة حديثها

 "هي امانتك الآن عليك ان تحافظ عليها " 

وخرجت وهي تتهرب من ابنتها وصراخها ومناداتها عليها، هرولت بهروبها دون توديعها أو تقبيلها لم تتحمل صوت بكائها الذي يدوي بإذنها وقلبها لتشعر وكأنها باعت ابنتها إلى الأبد.

  

وحال وصولها للسيارة لحق بها المحامي  كي يعطيها نسخة من الاتفاقية الموقع عليها والتي كان من بينهم أوراق تسجيل قطعة ارض كبيرة بإسم هوليا.

اخذت الاوراق من المحامي دون النظر له فقط كانت تستمع لقوله 

 "اراد يوسف بيه ان  تبقى هذه الأوراق لديكِ" 

صعدت السيارة دون أن تعلم ما بداخل هذه الاوراق، بعد ان وقعت على ثمن تخليها عن ابنتها وبيعها مقابل ارض كبيرة تعويضا عن الأيام التي اعتنت بهم بالصغيرة، وكان ذلك بناء على طلب وتخطيط فضيلة لتكون حجة عليها ان عادت وطلبت الطفلة.


لم يبقى يوسف في الشركة دقيقة واحدة بعد استلامه حضانة ابنته، ذهب لمنزله وهو يحاول تهدئة صغيرته التي لم تكف عن البكاء و الصراخ بشكل هستيري منذ رحيل امها و مربيتها و الأسوء بانها لم تقبل النظر لأبيها نهائيا،  تعلقت برقبة سيلين وهي تخبئ وجهها من ابيها خوفا و فزعا فبالرغم من انها كانت خائفة من الجميع و لكن خوفها الاكبر كان من يوسف.

دارت سيلين في كل مكان محاولة تنويمها دون فائدة،

 حل المساء وهي بنفس الحالة رافضة كل شيء حتى الطعام.

ومن شدة بكائها طوال اليوم نامت الطفلة مستسلمة لواقعها الجديد وهي تأن بإسم امها من يراها يعتقد انها مازالت تبكي 

وهي نائمة تصدر اصوات همهمات بكاءها وخوفها

 الذي يظهر بيديها المثبتين بقوة بحجاب سيلين

 التي لم تجد وقتًا لنزعه منذ عودتها .

تحركت سيلين بهدوء وحاولت الجلوس على الأريكة دون أن توقظها. طلبت من يوسف كأس ماء ليسرع لجلبه لها وإعطائها اياه  وهو يقول بصوت منخفض

 "لنضعها في فراشها كي ترتاحي. لقد هلكتِ معها بشكل زائد" 

رفضت ان تنزلها من يدها قائلة بصوت يشابه صوته المنخفض

 "انا لم اشتكي سننام سويًا كي لا تخاف إن استيقظت ليلًا" 

وبالفعل تحركت وصعدت للأعلى لتنام على فراشها بملابسها دون تبديلهم خوفا ان تستيقظ وضعتها على الفراش، تردد يوسف على الغرفة بين الحين والاخر ليطمئن على ابنته وهو حزين على وضعها وخوفها وبكاءها على امها والاكثر من ذلك عدم تقبلها له نهائيا.

نام بوقت متأخر من شدة قلقه على طفلته وهذا ما جعله لم يشعر باستيقاظهم ونزولهم للأسفل مرة اخرى.

لم تستطع لي لي مواصلة نومها من جوعها فهي لم تأكل منذ صباح أمس، اختارت سيلين قناة تلفزيونية للأطفال و اخذت تغني لها مع الكرتون وهي تطعمها، حاولت معها اكثر من مرة حتى استجابت بالأخير واكلت من يدها القليل وشربت ربع كأس الحليب بصعوبة شديدة.


لم تكن لي لي طفلة معتادة على كل هذا الدلال كالأكل بمنتصف الليل و مشاهدة التلفاز بهذا الوقت وايضا الغناء لها اثناء تناول الطعام. والاهتمام والاحتواء بحنان كبير وهذا ما جعلها تهدأ وتستجيب للطعام وهي تشاهد التلفاز .

سعدت سيلين بحالتها رغم عدم تقبل الصغيرة لها بشكل كامل ولكنها كانت تكتفي بصمتها واستجابتها للطعام من يدها معتبرة  هذا نجاحا كبيرا.

استيقظ يوسف بالصباح ليذهب مباشرةً لغرفتهم ليتفاجأ بعدم وجودهم بها 

تحرك ونزل للأسفل بسرعة ليجد سيلين نائمة وهي جالسة على الاريكة محتضنة لي لي التي نامت ايضا وهي تشاهد التلفاز.

اقترب منهما وامسك جهاز التحكم بالقنوات واغلق التلفاز ثم نظر نحو الطاولة الممتلئة بالأطعمة المختلفة ليفهم ما عاشته سيلين من حيرة بإطعام الصغيرة 


بهذا الوقت المبكر كانت هوليا بالطائرة للاستعداد لأولى جولاتها نحو التألق والمتعة و الحرية بحسب نظر جان

كانت حزينة بعيون منتفخة محمرة لم يتوقع احد  كل هذا الحزن الذي خيم عليها حتى إنها كانت متحاملة على جان لم ترد عليه ولم تنظر له لأنه السبب بتركها لابنتها.

ولكن دون جدوى فهي بالفعل تركت ابنتها بل باعتها حتى و ان كانت لا تعلم إلى الآن محتوى الاوراق التي وقعت عليها فسعيها للشهرة و الحياة الجديدة المتألقة قد أعمت عينيها عمّا يجب عليها فعله لتتركها بشكل سيء. 

 

فتحت سيلين عيونها لتجد يوسف ينظر نحوهما حركت نظرها لتطمئن اول شيء على الصغيرة بحضنها اذا مازالت نائمة ام لا.

 

اقترب ومد يديه وهو يتحدث بحماس قائلا 

"اعطيها لي كي انيمها بفراشها وانتِ ارتاحي قليلا". 

اجابت عليه بهز رأسها رافضة للفكرة واضعة اصبعها على فمها تحذره من التحدث كي لا تستيقظ لي لي.

وتحركت ببطء و وقفت بمساعدة يوسف الذي اقترب وامسكها من ذراعها كي تستطيع الوقوف ولي لي بحضنها، ظل واقفًا أمامها ينظر لابنته عن قرب ثم انحنى قليلًا نحوها ليشتم رائحتها الجميلة

تحركت لي لي بنومها لتسرع سيلين بهزها كي لا تستيقظ وتحركت بها لتصعد الدرج و هي متعبة، صعد من خلفها متوقع ان تضع  ابنته بغرفتها الخاصة بها 

ولكنه تفاجئ برفضها دون كلام و توجهت نحو غرفتها و انحنت ببطء وحنان لتضعها على فراشها وهي تحتضنها حتى اطمأنت انها ما زالت نائمة.

 تحركت بهدوء لتسحب يدها من تحتها بحذر شديد لتقف بعدها وهي تنظر ليوسف متحدثة بصوت يكاد ان لا يسمع من انخفاضه قائلة 

"سأبدل ملابسي سريعاً قبل ان تستيقظ" 

نظر نحو ابنته مطولا وهو لا يصدق انها امامه نائمة لتقترب سيلين منه و تكرر ما قالته له. تحرك يوسف وهو يرد عليها قائلا 

"سأنتظر امام الباب اسرعي قليلًا" 

ثم عاد ليتحدث مرة اخرى مكملًا 

" انتظري يمكنكِ تبديل ملابسكِ بغرفتي وانا سأجلس بجانبها" 

ضحكت سيلين وبيدها امسكته من ذراعه 

واخرجته للخارج وهي تقول له 

"غرفتك ليس بها حمام وايضا لن اتأخر" 

واغلقت الباب بوجهه وهو يؤكد عليها انه ينتظرها بالخارج، وبالرغم من ارهاقها الا انها ابدلت ملابسها بسعادة كبيرة.

 

بفرنسا كان اورهان بيه يبارك لفضيلة عودة حفيدتهم ويطمئن على امينة التي اصبح وضعها لا يحتمل. حتى انه تحدث معها بضرورة اخبار يوسف على وضعها  فلا يمكنها ان تخبئ الامر عنه اكثر من هذا.

وافقت فضيلة اورهان الرأي لتقول له وهي حزينة

 "يومين على الاكثر وسأخبرهم بسوء الوضع. عليه ان يرى امه ويودعها بنفسه" 


سألته هل هو بالشركة ام تأخر اليوم عن عمله ليضحك أورهان وهو يرد عليها

 "اخشى ان لا آراه مجدداً. ولكنِ طلبت منه ان لا يأتي للشركة اليوم ويتمتع بعودة ابنته ليزيلا الشوق معًا" 

استمر حديثهم وتبادل الهموم التي اثقلت قلب فضيلة حتى أصبحت لا تتحمل اكثر. لتنتهي المكالمة التي اصبحت تطول اكثر و اكثر بكل مرة يتصل احدهم بالآخر.


ومع مرور وقت قليل صعد يوسف الدرج وبيده ابريق الماء من أجل سيلين العطشة 

دخل الغرفة بهدوء ليجدها نائمة بجانب ابنته بعد ان غلبها نومها بسبب السهر و الارهاق طوال الليل.

 نامت بمنتصف الفراش بشكل معاكس للطبيعي وبجانبها لي لي، نظر لهم بسعادة لا توصف وتحرك بهدوء ليستلقي بجانب أميرته الصغيرة من الجهة الاخرى لتصبح لي لي بمنتصفهم، ظل ينظر إليها وهو لا يصدق ما يراه وكأنه امتلك الدنيا وما بها مد يده ليلمس ابنته ولكنه تراجع خوفا من استيقاظها ظل يقرب يده عليها ويحركها فوقها دون لمس 

 

كتبت فضيلة على موقعها الخاص

 "انتصرنا بمعركتنا بكل سهولة. اعتقدنا انها ستطول ولكن كانت كالماء لم نشعر بمرورها وعودة صغيرتنا حفيدة أل بيرقدار من جديد لأحضان أبيها. عادت القطع الثمينة لمكانها الطبيعي " 

قرأت هوليا هذه الكلمات بحزن شديد فهي حقًا حزينة على ترك ابنتها وكأنها اول مرة تتركها وتبتعد، فارقتها ضحكتها وفرحتها وبهجتها حتى لم يكن لديها جهدا للغضب على ما كتب.

خيمت الفرحة على المنزل التي ازدادت بقدوم السيدة انيسة فرحة بقدوم طفلتهم قائلة ليوسف "كم كبرت ماشاءالله وتغيرت ملامحها لتزداد جمالاً على جمالها. ياليت امينة هانم معنا الآن وشهدت فرحتنا وسعادتنا"

أومأ يوسف رأسه بحزن وقال 

"انوي اخذهم والسفر إليها حتى وان لم تشعر بنا. لقد قطعت عهدًا على نفسي في حال رجوعها أن اذهب إلى امي على الفور لأفرحها. من الممكن أن تشعر بنا حتى وان لم يظهر عليها فهي دائما كانت هكذا تشعر بي وبما يجول بداخلي حتى بدون ان اتحدث معها" 

ردت عليه انيسة بعيون دامعة وهي تقول

 "وهل لها الا تشعر من المؤكد انها تشعر. وانت لم تقصر بالذهاب اليها تحضيرات الزواج هي ما جعلتك تتأخر قليلًا هذه المرة" 

ابتسم يوسف وهو متحمس قائلًا

"حجزت تذاكر الطائرة مساء غد لم أجد حجز مناسب قبل هذا الموعد"

 

بهذا الوقت وصل إليهم صوت بكاء لي لي ليتحرك يوسف مسرعاً للأعلى 

دخل الغرفة وابتسم لطفلته وهو يقول لها

"صباح الخير ابنتي الجميلة. صباح الخير حبيبة ابيها "

امسكها ورفعها بحضنه ليزداد بكاءها وصراخها بمجرد احتضانه لها، كانت خائفة بشكل محزن تمد يدها باتجاه سيلين النائمة وكانها تستنجد بها أن تنقذها.

استيقظت سيلين بصعوبة وهي تبحث عنها بجانبها لتجدها تصرخ بيد يوسف جلست وهي تحاول ان تفيق 

كانت تعتقد انها ستصمت ولكنها مستمرة بصراخها 

دخلت انيسة للغرفة بوجهها الضاحك السعيد وغنائها الهادئ لاغنية العصافير وهي تأخذها من يد يوسف و تهزها وتكمل غنائها كي تسيطر على صراخها 

بهذه اللحظة عادت سيلين لنومها مرة اخرى فهي لم تستطع القيام فنعاسها و ارهاقها سيطرا عليها لتعود مجددًا مستلقية على الفراش 

تحركت انيسة بالصغيرة خارج الغرفة ومن خلفها يوسف كي يتركوا سيلين تكمل نومها.

 

نظر لسيلين قبل خروجه من الغرفه وهو  مبتسم فلأول مرة يجدها بهذا الشكل دون مهدئ، بالأسفل ظلوا يحاولون مع لي لي كي تصمت و تهدأ دون فائدة ظلت تبكي وتصرخ مُبعدة عينيها عنهم خوفًا منهم.

بهذا الوقت نزلت سيلين بخطوات مسرعة نحوهم وهي على نومها العميق، واقتربت من يوسف لتأخذ  روحه منه وهي تضحك بوجهها وتداعبها 

دارت بها في المنزل وهي تحدثها وتغني لها وتهزها ولكنها ما زالت تبكي طلبت من انيسة تحضير الطعام لعلها جائعة


ثم نظرت ليوسف قائلة

 " سأصعد لأحممها بالماء الدافئ لتهدأ قليلًا" 

رد عليها باستغراب

 " كيف ستحممينها هل تستطيعين وحدكِ " 

فكرت قليلًا لتجيب عليه قائلة 

" لا تقلق اعتقد انه ليس بأمر صعب" 

تحرك بجانبها وهو يقول

 "اذا سأساعدكِ انا ايضا. لا يمكنكِ بمفردكِ "

وصعدا للأعلى دون علم منهم انهم سيفشلون امام بكاء

 ورفض لي لي للماء.

تفاجأ يوسف بعناد سيلين واصرارها على تكملة ما بدأته فرغم بكاء الطفلة ظلت تحممها حتى انتهت و وضعتها بالمنشفة ولفتها جيدًا ومن ثم اخذتها بحضنها وخرجت من الحمام.

جاءت انيسة بالطعام لتجد الطفلة مرتدية لملابسها متعلقة برقبة سيلين التي سرعان ما بدأت بترويضها وهي تطعمها بيدها. 

تناولت الطفلة من يدها الطعام  وهي تخبئ نظرها من انيسة وابيها خوفا منهما

ظلت تأكل حتى انهت طعامها فاتضح ان شدة بكائها لم تكن فقط من خوفها بل لشدة جوعها.

هدأت بعدها لتقف سيلين بها وهي تقول ليوسف " ولكن هكذا لا يجدي نفعًا" 

نظر لها  متسائلا

 " ماذا تقصدين كيف لا يجدي نفعًا" 

لتكمل سيلين قائلة 

" علينا ان نخرج سويًا كي تعتاد علينا اكثر لنذهب للحديقة. 

وايضا نذهب لشراء بعض الألعاب لها كي تشعر بالسعادة والأمان" 

ثم نظرت لحقيبة ملابس لي لي الصغيرة قائلة " وايضا اعتقد اننا سنحتاج لمزيد من الاغراض" 

تحرك يوسف بحماس

 " هيا لنخرج على الفور" 

عارضتهم انيسة قائلة

" لا يمكن الان فقد خرجت من حمامها للتو انتظروا حتى يدفأ جسمها وداخلها ومن بعدها اذهبا أينما شئتم "

اقتنعا بكلام انيسة واقتراحها 

"هيا لننزل للأسفل. لنفتح لها التلفاز و نرفع الستائر من النوافذ كي ترى جمال الورود بالحديقة" 

مر اليوم بشكل جميل لم يستطيعوا الخروج لتقلب حالة الطقس المفاجئة ولكنهم استطاعوا السيطرة على الصغيرة باللعب معها و مشاهدة افلام الكرتون التي كانت قد حرمت منها .

فلم تصدق سيلين ما قرأته بلائحة الممنوعات و نظام الطفلة وما اعتادت عليه عند والدتها 

مدت يدها واعطت الأوراق ليوسف قائلة 

" لقد وجدتهم وسط اغراضها" 

ليتفاجأ يوسف ويغضب على ما رآه من ممنوعات وقواعد ونظام حاد لا يطبق حتى بالسجن الحربي


نظر بالأوراق ثم نظر لابنته التي كانت قد اندمجت بالنظر لشاشة التلفاز وكأنها تراها لأول مرة، تحرك بحزن كي يشير بيده نحو الشخصيات الكرتونية وهو يحكي لها ما يفعلون ويغني بجانبها مع الشخصيات الكرتونية. 


لتلين لي لي اكثر وتبتسم لأبيها اول ابتسامة صغيرة وهي تتعلق بعنق سيلين 


كانت هذه الابتسامة كفيلة بتغير حالة يوسف و زيادة فرحته واراحة قلبه ليستمر بهذا الامر حتى اصبح يلاعبها شيئًا فشيئًا ليقترب منها ويضحكها ليتمتع بصوت ضحكاتها 


لم يستطع اخذها من يد سيلين من شدة تعلقها بعنقها ولكن استطاع التقرب ولمسها ودغدغتها 


لا اعرف بهذا الوقت هل كان يلامس سيلين ام صغيرته فرأسه المنغمسة ببطن ابنته التي بداخل سيلين تزيد من خجل وفرحة عروسته.

 انتهى اليوم بشكل جميل و سعيد صعدا سويا ليدخلوا 

غرفة لي لي كي تنام بمكانها كما شرحت سيلين له عن اهمية نومها بغرفتها وعلى فراشها كي تعتاد النوم وحدها

 وبذلك يكونوا قد حافظوا على نظامها الخاص بدون أي اضطرابات.

وقف يوسف بجانب باب الغرفة يراقب سيلين وهي تقوم بتبديل ملابس لي لي لتجهزها للنوم بعد ان اشبعت بطنها ليكون نومها هادئا وجميلا، لاحظت سيلين اعجاب لي لي بغرفتها وألعابها الجديدة كان يظهر هذا بعيونها الفرحة ويدها التي تشير بها نحو الالعاب تريد امساكها.

انزلتها من على الفراش بعدما بدلت ملابسها و انحنت عليها وهي بجانبها تقول لها 

"جميعهم لكِ... اذهبي وخذي ما تريدين" 

خافت الطفلة فور ترك سيلين  لها لتقترب منها وتمسك يدها وعيونها على ابيها خائفة. 

حزن لمشاهدته خوف ابنته منه ليتحرك وهو يقول 

 "سأتركها على راحتها كي تعتاد على غرفتها دون خوف" 

وقبل أن يخطو خطوته الثانية تفاجأ برد سيلين عليه قائلة 

"ابي حبيبي احضر لي هذه العروسة " واشارت للجوار نحو أكبر عروسة 

ابتسم يوسف وتحرك ليأتي بالعروسة لتغير سيلين رأيها وهي تضحك بصوت واضح قائلة 

" ابي ابي اريد من يرقص هناك " واشارت للجهة الاخرى نحو القرد البهلوان فوق المكتب الصغير.

تحرك يوسف و ضغط على زر القرد الراقص دون تحريكه من مكانه ليبدأ برقصته البهلوانية المرحة .

وأكمل ليضغط ويشغل جميع اللعب المتحركة ذات الاصوات والاغاني والرقص والانوار.

تحركت سيلين وهي مازالت تنادي على يوسف بأبي وتضحك وتمسك بالألعاب حتى بدأت لي لي هي ايضا تتحرك وتمسك بالألعاب مثلهم.

زادت فرحته عند اقترابه من ابنته ليعيد تشغيل القرد الراقص كي يبدأ رقصته من جديد، ليس هذا وحسب بدأت لي لي تحرك رأسها كي تندمج مع الاصوات و حركة الالعاب، كل ذلك و لم تتوقف سيلين عن مناداة يوسف بأبي كي تجعلها تعتاد اسمه الجديد وتنشأ  علاقة بينهم.

فعلتها لأجل الطفلة ولكن من يرى عيونها التي كانت  تلمع وتبرق كلما نادته بأبي، بل من يلمس الفرحة والراحة والطمأنينة التي ظهرت عليها وكأنه والدها هي وكأنها فجأة شعرت بوجود ابيها بجانبها وانه لم يمت. 

استمرت الاجواء السعيدة بغرفة لي لي حتى بعد ان تأخر الوقت فلم تعد الطفلة مجبرة على مواعيد النوم والترك بمفردها وعدم اللعب إلا بمواعيد محددة لهذا كان تأثير الوضع الجديد الهادئ على لي لي ذو مفعول سريع.

التقط يوسف صورا عديدة لها هي وسيلين  مع الألعاب..

 ورغم هذه الفرحة الكبيرة الا انه حان موعد النوم بعد أن سيطر النعاس على لي لي لتقترب من سيلين ودخلت بحضنها واضعة رأسها على صدرها.

احتضنتها داخلها وهي تقول لها

"هل تريدين النوم" 

حملتها و وقفت بها تهزها بحنان وهدوء كي تذهب بنومها العميق، نعم نومها العميق فهي طفلة غير معتادة على يوم كهذا مليئ باللعب والضحك والدلال و الحركة .

كادت سيلين أن تنام بجانبها من كثرة ارهاقها خلفها طوال اليوم. تحركت و وضعتها بفراشها واخفضوا الأنوار.

 ليقترب يوسف ويصورها أخر صورة وهي نائمة كي تكون هي صاحبة النشر على حسابه بهذا اليوم كاتباً عليها

 "فلتنامي بهناء ايها الملاك الصغير "


خرجا من الغرفة سويًا والابتسامة مازالت ترسم ملامح وجههما ليتحدث يوسف اولا قائلا " شكرا لكِ" 

نظرت له بتعجب و هزت رأسها متسائلة دون كلام 

ليكمل هو 

 "لا ادري كيف كنت سأتعامل معها بتلك الظروف فلولا تواجدك بجانبنا. كان من المؤكد فشلي وعدم سيطرتي على الوضع من اول يوم "

ابتسمت وقالت له 

" لا على العكس تمامًا انا اؤمن بأنك اب جيد وتستطيع ادارة الوضع بمهارة عالية ولكن عليك ان تصبر و لا تحزن بسرعة وتنسحب. وانا أعدك انها ستقع بحبك و ستتقبلك بجانبها حتى انها لن تقبل ان تذهب لأي مكان بدونها. وعند ذهابك سننتظر عودتك بالشرفات حتى تعود إلينا. وحتى يأتي هذا اليوم علينا ان نتحلى بالصبر اعدك سنكون جميعاً سعداء فرحيين"

لم تنتبه انها شملت نفسها بهذه الصورة السعيدة ولكن ليست هي التي سهت فحسب حتى يوسف ايضا كان يقتنع بكلامها مؤمنا بهِ وكأنهم عائلة حقيقية متكاملة


 تحدثت عن ابنته ولكنها بالأصل كانت تتحدث عن نفسها فثقتها بحبها هي من جعلتها تتحدث بهذا الشكل وكأنها تقول له لا يمكن لأحد معرفتك دون ان يُحبك ولا يمكن لأحد ان يتعلق بك ومن ثم يبتعد عنك هذا ما تبين عندما جلست على فراشها و كتبت بدفترها

 " لم اكذب عليه انا محقة بهذا ستحبه ابنته وتتعلق به وتسعد بجواره ولا تستطيع مفارقته فهل يستطيع المرء مفارقة قلبه الكبير " 


 كانت تكتبها وهي سعيدة فرحة لتغلق دفترها وتضعه جانبًا ثم تحركت لتفتح باب الغرفة كي تنام وهو مفتوح دون خوف بل بسعادة بالغة لم تسبق لها.

وبصباح يوم جميل مشرق بأشعة الشمس الدافئة استيقظ يوسف بوجهه السعيد ليتحرك سريعًا متوجهًا نحو غرفة صغيرته كي يكون اول من يتصبح بوجهها الجميل 

ولكنه لم يجدها بفراشها نظر للجوار فمن الممكن ان تكون استيقظت مبكرًا وارادت اللعب بألعابها ولكنها حقاً غير موجودة بالغرفة.

تحرك واقترب من الدرج لينظر للأسفل ليجد الهدوء قد ساد المكان 

اقترب من غرفة سيلين بحذر دون دخولها ليراهم نائمين بجانب بعضهما تتعلق لي لي بعنقها .

فرح وارتاح قلبه نظر بجوار الفراش ليجد طبق الطعام ليهز رأسه قائلا لنفسه 

" هذا ما يحدث عندما تتدللين علينا بتناول الطعام" 

ودخل الغرفة بهدوء واخذ طبق الطعام وخرج دون صوت ولكنه لم ينجح بهذا 

أصدر صوتا صغيرا أيقظ سيلين عليه. 

تحركت بهدوء وهي تحاول الافلات من بين يدي الصغيرة و وقفت لتنظر  لمن بدأ حديثه قائلًا بصوت منخفض " صباح الخير "

تحركت لخارج الغرفة وهي تنظر للصغيرة وتحسن من حالة بيجامتها وشعرها 

ليتحرك يوسف خلفها ينظر نحوها لتقول له

 " صباح الخير لك أيضا" 

ابتسم متسائلًا 

" ماذا حدث لنومها بغرفتها ونظامها الخاص ام انكِ اعتدت عليها بحضنكِ" 

ردت عليه بنظرة حنونة 

" استيقظت بمنتصف الليل تبكي وحدها فلم استطع تحمل بكائها. يعني لتعتاد علينا اولًا ومن ثم نضع لها نظامًا ثابتًا "

حرك رأسه لينظر نحو ابنته النائمة بالداخل قائلا

" انتِ محقة يكفينا ان تنام بهدوء وراحة بهذه المرحلة و بعدها سنرى ما علينا فعله و نطبقه بهدوء وحب كي تستجيب لنا دون ضغوط. يكفيها ما تحملته من قوانين بعمرها هذا"

نظرت سيلين نحو لي لي بحنان قائلة

 " انت محق ما زلت لا اصدق ان هذه اللائحة من القوانين والضوابط قد طبقت عليها فعليًا "

ثم اكملت لتقول

" اعتذر منك. ولكن علي ان اسرع بتبديل ملابسي قبل استيقاظها وايضا اداء فرضي فلقد فوت صلاتي وانا احاول إعادة تنويمها حتى وجدت نفسي انا من نام قبلها"

ضحك يوسف وقال 

 " اذا لن اشغلك اكثر انهي ما عليكِ فعله وانا سأنتظرك بالأسفل. هناك امر خاص و مهم علينا ان نتحدث به" 


وتحرك لينزل للأسفل تاركها خلفه تنظر له بحزن كبير للأسف تحول الوجه المبتسم الفرح لحزين، كانت تبدل ملابسها بحزن شديد وهي تنظر نحو لي لي لتقول لنفسها

" عاجلًا ام آجلًا كان سيأتي هذا اليوم "

انهت ارتداءها لملابسها وصلاتها و نزلت للأسفل بحالتها الحزينة داخليًا اما خارجيًا حاولت ان لا تظهر حزنها وان تكون ثابتة امامه دون ان تنجح بالأمر كثيرا فلقد استغرب يوسف من حالتها.

تحرك على مقعد الصالون وهو ينظر لها قائلا 

" هل بكِ شيء. هل أنتِ متعبة "

جلست على المقعد القريب له وهي تهز رأسها بحزن قائلة 

" لا يوجد تعب ولكنِ أشعر أني بحاجة لمزيد من النوم"

تحججت بهذه لتخبئ حزنها خلفها، اعتذر منها انه تسبب باستيقاظها وطالبها ان تصعد وتكمل نومها قبل ان تستيقظ صغيرته

ولكنها رفضت وقالت له

" كنت تريدني بأمر مهم" 

رد يوسف وقال 

 "يمكننا تأجيله بعد استيقاظكِ"


لتقول هي له بعد ان استجمعت شجاعتها بسرعة

" ارفع عنك الحرج. اعلم ان هدف زواجنا قد انتهى وبهذا علينا ان ننهي زواجنا بأقرب وقت، وكما قلت انت قبل الزواج علينا ان نظهر الخلافات لفترة وبعدها نتطلق بهدوء ليكون الامر اكثر واقعية"

يتبع ..

 ‎إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.

google-playkhamsatmostaqltradent