رواية الليالي المظلمة
بقلم أمل محمد الكاشف
صُدم يوسف واتسعت عيناه، ابتلع ريقه مقاطعها قبل انهائها لحديثها
"ألهذه الدرجة تريدين التخلص منا "
تفاجأت سيلين برده عليها مما زاد هذا من ارتباكها، تحركت على المقعد حركه بسيطة مجيبة بعدها بصوت منخفض متقطع
" أليس هذا ما كنت تريد ان تتحدث به "
أتاها جوابه الصادم بتعابير وجهه الناهية النافية لما يسمعه منها
قائلا " لا انا لا افكر بهذا إطلاقًا "
ابتلعت ريقها خجلًا و اختناقًا ليكمل يوسف قائلا
"ألهذا الحد يضايقكِ وضعنا حتى ترغبين بالتخلص السريع منا"
امتلأت عيون سيلين بالدموع و هي تقول
"بالعكس تمامًا ولكنِ ظننت أنك أردت ان تحدثني بهذا. فتكلمت اولًا كي أرفع عنك الحرج"
انحنى يوسف قليلًا على مقعده ليقترب من مقعدها قائلا بصوت غلبه القلق
"ان رغبتِ بهذا لن امنعك ولن احزن. فسعادتكِ وراحتكِ الأهم لدي. ولكن إن لم يضايقكِ فأنا ارغب باستمراركِ معنا ومشاركتكِ حياتنا الجديدة. حتى انظري لست انا فقط من يرغب بهذا فصغيرتي أيضا تعلقت بكِ من اليوم الأول مثل أبيها حتى انها لم تستطع النوم بعيدًا عنكِ، رجاءً استمري معنا فترة اخرى كي تكتمل سعادتنا وفرحتنا و راحتنا وايضا ما زال علاجكِ مستمرًا ولا يمكنكِ توقيفه. كما أنكِ سعيدة بوجودكِ معي أقصد معنا ألستِ سعيدة؟".
ظلت صامتة دون ان تجيبه ليكمل هو
" انظري انا لا اريد فرض شيء عليكِ بالأخير هذه حياتكِ وان شئتِ ان تبدئي حياة جديدة فلن اكون عائقًا بطريقك، بالعكس سأكون بجانبكِ وادعمك دائمًا فالاهم لدي ان لا اراكِ حزينة".
صمت يوسف بحزن بعدما كان يتحدث بصوت متقطع حين تسلل إلى قلبه شعور القلق والخوف بأن تطلب الرحيل، ليغلق عينيه مترقبًا ردها على كلامه وهو يدعو الله بداخله ان تقبل بالبقاء.
التزمت هي ايضا الصمت بعيونها المخفضة الخجلة مما قاله فبدون ان يشعر اخرج يوسف ما يحمله بقلبه موضحًا مدى تعلقه بها وسعادته وهي بجانبه، حتى انه تخطى صيغة الجمع باحاديثه منفردا بشرح احتياجه لها في حياته لأجله هو دون ان ينتبه ويعود ليتحدث بصيغة الجمع وهو مرتبك خائف من خسارتها وبعدها عنهم.
ما زال ينظر نحوها بترقب ينتظر ردها وداخله لا يريد سماعه خوفًا مما ستقوله
لتقطع صمتها بصوتها الخجل قائلة
"انا سعيدة بوضعي ولا اريد انهائه على الأقل الان. ولكنِ ظننت انك تريد هذا"
ابتمست واسترخت تعابير وجهه من فرحته حتى أوشك على القفز ليعانقها.
تحدث سريعً دون ان يعطيها فرصة بإكمال كلماتها
"وهل جننت كي أفكر بهذا. لقد جعلتني أنسى الأمر المهم الذي كنت اريد اخباركِ به"
نظرت سيلين له باهتمام قائلة
"قلقت مما ستقوله هل هو سيء"
ابتسم يوسف قائلا
" لا ليس أسوأ مما قلتيه"
واكمل ليخبرها عن رغبته بالسفر لفرنسا كي يرى والدته ويطمئن عليها فلقد مر شهر كامل بدون رؤيتها.
واستمر بالتحدث معها مستخدم صيغة الجمع ليشرح لها بسعادة وفرح حاجته لرؤية والدته وانها ستشعر بهم وستسعد بزواجهم وبعودة لي لي لأحضانهم وانهم اصبحوا عائلة جميلة.
فرح قلبها لأجل فرحته وعيونه المتلألئة بالسعادة. من يراه وهو يتحدث بحب وحماس يعلم جيدًا كم أصبح هذا القلب عاشق ومحب لزوجته.
فهذه الشرارة التي تخرج من عيونه وهذا الحماس الذي يظهر بجسده المهتز وهو يتحدث بجوارحه الفرحة لا تدل على زواج متفق و حب اخوي.
وافقت سيلين على وجوب سفرهم لنتفاجأ بسرعة حجزه موعد الطائرة بعد عدة ساعات
وبالفعل وصل يوسف وعائلته الصغيرة لفرنسا لتكون مفاجأة كبيرة لفضيلة التي صُدمت بوصوله
بالأصل كانت قد قررت اخباره ولكنها لم تتوقع رؤيته بجانبها في المشفى
توجه يوسف من المطار نحو مشفى امه مباشرةً لتكون اول من يراها فور وصوله لينصدم بحالة خالته وبكائها وهي تتحدث مع الطبيب ليقترب منها وهو يسمع الطبيب يقول لها
"مع الاسف لقد دخلت بمرحلة الموت السريري ولكن لا اعتقد مقاومتها كثيرًا فكل الفحوصات تؤكد انه لم يتبقى لها سوى ساعات او ايام"
سقطت هذه الكلمات على مسامع يوسف لتصدمه و تكسره لم يكن يتوقع وصول وضع أمه لهذا السوء
تحدث سريعًا وبقوة قائلا
" ماذا تقول انا لم افهم "
ثم نظر لفضيلة التي اتسعت اعينها من مفاجأتها بوجوده قائلا
"هل كان حديثكم عن أمي. ام عن مريض اخر "
لتزداد فضيلة بالبكاء العالي وهي تمسك ذراعيه. خرجت سيلين من الحمام الجانبي بأول الممر وهي تمسح وجه لي لي المبلل لتنصدم بالوضع.
فكانت فضيلة تبكي بانهيار و امامها يوسف يحدثها بصوت عالي و وجه حزين
ثبتت سيلين بمكانها ولم تتقدم نحوهم و خاصة عندما تمسكت بها لي لي بقوة من خوفها فكانت الأصوات عالية ومؤثرة .
مع الاسف كان وضع امينة هانم يسوء يوماً بعد يوم ولكن هذه المرة شاءت الاقدار ان يكون ابنها شاهدًا على اخر ايام لها بهذه الحياة
ذهب إليها ليفرحها ويطمئنها على نفسه ليجد انه يعيش اصعب ساعات بحياته، مكث بجانب امه وهو يبكي. ورغم انها مريضة وغائبة عنه وكأنها بتعداد الأموات منذ وقت طويل الا انها بالأخير أم ولم تَهُنْ مهما كبرت ومرضت سنختار بقائها بجانبنا لنشعر بالأمان والدفئ، مهما كبرنا ومهما كانوا مرضى سيبقون بقلوبنا نحتاج إليهم وكأننا صغار.
رأى امه امام اعينه وقد ذبلت و انتهت، تعيش فقط على الاجهزة الصناعية بلحظات وداع مؤلمة.
في منتصف الليل دخل يوسف غرفة امه وجلس بجانبها وهو يتألم حزنًا عليها ليبدأ حديثه لخالته قائلا
"هل تشعر بي. أتسمعني ان حدثتها" ونزلت دموعه.
انهارت فضيلة من البكاء مجدددًا محاولة التحدث بصعوبه ألمها قائلة
"طبعا يا بني هي تسمعك وتشعر بك بقلبها المعلق بك"
ومع بداية تحدث يوسف مع امه وعدم تحمل فضيلة رؤية حزنه وقفت لتذهب للفندق بجانب سيلين و لي لي لتعود مرة اخرى بعد ان تبدل ملابسها وترتاح قليلًا
كان الجميع يأتي ويذهب الا هو ظل بجانب امه لشعور الكبير بفقدها ان ذهب لأي مكان، وكأن جلوسه بجانبها سيجعلها تبقى دون رحيل.
قضى يوسف ايامه و لياليه الثلاثة وهو بجانب فراش امه يحكي معها و يحدثها عن لي لي و سيلين و كيف انه متأكد بأنها تحبها وراضية عن وضعهم الحالي.
شرد معها بالحديث مكملا
" لأكون صادقا معكِ يا أمي هي من اختارتني وليس انا. والآن ابنتي هي من تختارها لتشعر بجانبها بالأمن والامان"
مرت الساعات والأيام الحزينة المثقلة بالدموع و الأحاديث التي تمنى يوسف أن يقولها لأمه حين تتحسن. اما سيلين فاكتفت بالبقاء في الفندق لأجل الصغيرة وظلت تتصل به لتطمئن عليه وعلى حالة امينة والاكثر كانت تحاول مواساته و تهدئة حزنه.
وفي منتصف الليلة الثالثة توفيت أمينة هانم بهدوء و وجه مبتسم و كأنها قد سمعت كل كلمة حدثها وطمئنها ابنها عليه بها لترحل عن هذا العالم تاركة فضيلة و يوسف وهما متعانقان يضجان بالبكاء.
دخل يوسف بحضن خالته وهو يبكي كطفل صغير متألم لا يريد ان ترحل امه وتتركه وحيدًا، علا صوته وهو يحتضن خالته قائلا لأمه
" لا تتركيني وحيدا"
انهارت فضيلة لتسقط على المقعد مغشيًا عليها ليسارع الأطباء نحوها ليساعدوها كي تستعيد وعيها مرة أخرى.
اما يوسف فكان قد سقط جاثيا على ركبتيه بجانب الفراش ارضًا يبكيها بقلب حزين مكلوم.
وبعد وقت عصيب عاد لغرفة الفندق ليسقط حزينًا بحضن سيلين فور رؤيته لها. ظلت تهون عليه وتحن على ظهره وكأنه طفل صغير بحضنها.
مرت ايام شديدة الصعوبة انهى يوسف خلالها اجراءات نقل جثمان والدته إلى اسطنبول لتقام شعائر الدفن والجنازة هناك.
حيث أقيمت جنازة مهيبة شارك بها عدد كبير من الاصدقاء والاقارب، وكالعادة مهما طال توافد المعزين يذهب الجميع وتنتهي الشعائر ويبقى الالم والحزن والنقص بالقلب طوال الحياة، لا يستطع احد ملأ هذا النقص مهما كانت غلاوته وقدره لدينا، من الممكن بعد مرور الوقت يحاول الانسان الخوض بحياته وايهام نفسه بالنسيان مع ان هذا مستحيل فمع اول ذكرى يعود الحنين والحزن من جديد وكأنك فقدتهم الآن وكأن هذه الحسرة والألم المشتعل بالقلب ينتظر من يضغط عليه ليخرج صارخاً من داخلك .
مرت عدة ايام على وفاة امينة وحالة الحزن التي سادت على منزل يوسف كله وليس هو فقط حتى لي لي الصغيرة تأثرت بالوضع و كأنها استشعرت بحزن الجميع فلم تكن بالبكاء والصراخ المعتادين بل اكتفت بنوبات قليلة بسبب جوعها او نعاسها.
ودع يوسف خالته فضيلة لتعود الى فرنسا مرة أخرى ولكن هذه المرة ذهبت لتنهي وتصفي اعمالها وتعود لتمكث بإسطنبول بشكل دائم.
حاولت سيلين اخراج يوسف من حالته الحزينة نعلم ان الامر صعب ولكنها كانت تنجح بهذا وهي تتحجج بصغيرته
و ترغمه على الخروج معهم للحدائق بحجة اسعاد لي لي ليس كما كانت تجعله يشاركهم بالحديث واللعب حتى نجحت فعليًا بإخراجه من هذا النفق المظلم
ببلدة سيلين تحرر الشبح من حبسه وخرج وهو فرح بالحرية بعد ان مضى وقت كبير على مكوثه بالحبس خاضعًا لعقاب يتلوه عقاب ولكن إلى هنا وحسب لم يستطع باريش التحفظ عليه اكثر من هذا.
استقبلته فايزة والدة سيلين فرحة بخروجه احتضنته بقوة اشتياقها إليه، بادلها
الحضن بقوة وحب وسعادة فبرغم دنائته وخيانته لها بالسابق مع ابنتها. إلا انه عاشق لهذا الجمال المبهر والشعر الذهبي.
(فكما اخبرناكم سابقًا فهي شديدة الجمال والإغراء تتمتع بحضور فاتن جاذب للأنظار ولكن مرضها ونومها الكثير هو من جعله يبحث عن غيرها لا بل دنائته وعيونه الفارغة و سوءه الداخلي هو من جعله يفعل هذا مع ابنتها. لم يفعله لأول مرة قد فعله سابقًا بشكل مختلف عندما اخذ امرأة متزوجة لنفسه بحجة انبهاره بجمالها الفاتن اخذا من الحب ستارا وحجة ليقترب منها و يأخذ ما يرغب به بالحرام حتى جعلها زوجته بعد وفاة زوجها. ولكن السوء لم يتوقف لهنا فلقد تسرب ليصل لابنتها وكأنه عقاب لها ان تتذوق خيانتها وايضا بأقرب شخص منها. فلقد تجرعت نفس الكأس ولكن بصمت ومصابرة تصرخ لتقنع الجميع وزوجها اولا انها لا تصدق ما تقوله سيلين. وهي من داخلها تعلم جيدا انه حدث كما حدث معها بالسابق. فهل الحب يعمي القلوب لهذه الدرجة *اللهم اننا نستعيذ بك من عماء القلوب *)
جلس يوسف بجانب لي لي ينظر للتلفاز وهو شارد دون انتباه لضحكتها وهي تشاهد الكرتون. اقتربت سيلين وجلست بجانبهم وهي تحدثهم
"أنهيت كل شيء وجاء موعد النوم هيا لنغلق التلفاز ونصعد للأعلى"
حركت لي لي رأسها رافضة النوم تريد اكمال مشاهدتها للكرتون
نظر يوسف لابنته وهو يسألها
"هل تريدين متابعة المشاهدة. هل احببتي الفيلم"
اومأت لي لي برأسها لأبيها ليسعد بحالتها مقتربًا منها ليقبلها من شعرها الذهبي ناظرًا لسيلين قائلًا
"دعينا نتركها وقت إضافي حتى ينتهي هذا الفيلم"
رفضت طلبه قائلة
"لا يمكننا فعلها لقد فوتنا معاد نومنا منذ ساعة تقريبًا يكفي بهذا القدر "
نظر يوسف لأبنته كي يحدثها متفاجئ بها تتحرك بسرعة لتقترب منه رافضة النوم.
فرح كثيرًا بقربها منه أخذها بحضنه مقبل وجهها بحب كبير متحدثًا لسيلين بصوت اشبه بنبرة الأطفال
"رجاءً أعطينا وقتا إضافيا فنحن نريد اكمال الفيلم سويًا"
سعد قلبها بحالتهم لتظهر على وجهها ابتسامته جميلة محبة، اومات رأسها وهي تقول للصغيرة بحزم
" ولكننا سننام بعد انتهاء الفيلم"
تفاجأوا بها تهز رأسها بالنفي وهي تضحك بحضن ابيها
( ضاعت البنت انا عارفة ان ابن امينة مش وش تربية عيااال😂😂😂)
ضمها أكثر بحضنه وهو يغمض عينيه قائلا لها " كوني هكذا دائمًا فأنا بحاجة لهذا الحضن"
تحركت سيلين بحزن وجلست بجانبه وهي تقول له
" بهدوء كي لا تخاف منك"
حرك يوسف يده وفتحها قليلًا كي تأخذ الصغيرة راحتها وهي مستمتعة بمشاهدة الفيلم، لتكمل سيلين حديثها وعلاجها الروحي له دون أن تشعر فهي والطفلة كانوا أكبر معين لإخراجه من حزنه.
أما لي لي فكانت تعيش أجمل أوقاتها دون حدود ولا قوانين ولا ضوابط فقط ضحك ولعب ودلع كما يجب لكل طفل في عمرها ان يعيش ويكبر بسعادة.
وبعد مرور ساعات استيقظ يوسف من نومه على يد صغيرة تتحرك على صدره لتصدمه صدمات ناعمة فتح عينيه كي يرى ما هذه الحركة ليأتي لمسامعه صوتها وهي تقول
" امممممم امممممم"
تفاجأ بنوم ابنته بحضنه لأول مرة نظر بجانبه ليجد سيلين نائمة هي ايضا بجانبه رأسها متكئة على كتفه.
نظر لأبنته بوجهه المبتسم وهو لا يفهم عليها بأول الأمر، لم يلبث كثيرًا بهذه الحيرة حتى استيقظت سيلين تحك بعينيها وهي تنظر لهم بنصف عين قائلة
" تريد ان تشرب، اجلب لها الماء"
قالتها وأسندت رأسها على الاريكة لتكمل نومها العميق فكان ارهاقها ودورانها خلف لي لي طوال اليوم يجعلها تنام ليلها بعمق وثبات وهذا ما جعلها لا تفكر بالماضي.
ابتسم يوسف لصغيرته هامسًا
"سقط العمل على رؤوسنا"
وتحرك وهو يحملها بحضنه ليضع لها الماء ويُسقيها بيده ببطء وحذر كي لا تسقط الماء على ملابسها.
أشارت لي لي نحو الطعام ليفرح بحالتها متسائلا " هل تريدين الطعام ايضا"
أومأت برأسها للإجابة دون كلام، تحرك ابوها نحو البراد وفتحه لينظر داخله بحيرة لا يعرف ماذا يُطعمها، وبضحك وحب وصوت منخفض اخبرها ان خبرته قليلة و لا يستطيع مساعدتها بهذا الامر ولكنهم يمكنهم الاكتفاء بالبيض المسلوق الان حتى تستيقظ سيلين.
وبالفعل اطعمها البيض المسلوق و وضع لها كأس حليب دافئ لتنام بيده وهي تشرب أواخر الحليب.
وضع الكأس على طاولة المطبخ واحتضن طفلته بحب وراحة وعيونه كانت ستخرج من مكانها راقصة فرحة سعيدة بحالتها بحضنه.
لم يصدق ولم يتخيل انها ستعتاد عليه لهذه الدرجة، مع ان هذا الامر طبيعي فالقلب يشعر به ولكنها احتاجت بعض الوقت فقط لتعتاد، فبعد مرور شهر لوجودها معهم تتلقى كل سبل الراحة والحب واللعب والدلع والحنان فكيف لا تعتاد عليه.
صعد بها للأعلى و وضعها بفراشها كي تكمل نومها براحة وسكون، وعاد لينزل مرة اخرى كي يوقظ سيلين لتصعد هي ايضا لتكمل نومها بغرفتها ولكنها لم تستيقظ سريعًا فلقد اخذت وقتًا وهي تهلوس قائلة
" لقد أكملت طعامها. ستجده بجانب الدبدوب الصغير"
ضحك على حالتها فحتى بنومتها ترعى صغيرته وتغمرها بالحب والحنان، وبصعوبة وبعد عدة محاولات صعدت سيلين لغرفتها لتنام على فراشها دون رفع الغطاء ليسقط هذا أيضا عليه رفع الغطاء و وضعه عليها بهدوء وهو فرح ينظر نحو شعرها الذي اخفى ملامح وجهها بحب واعجاب.
وكالعادة استغل الفرصة كي يلمس هذا الشعر الحريري اللامع شاردا بجماله وهو بين يديه يرفعه من على وجهها و يرجعه للخلف.
انزل يده كي يلامس أطرافه ولكنه لم ينجح فطوله و نعومته جعله يختبئ أسفلها وبحضنها لذلك من الصعب تحريك يده حتى نهايته.
كاد ان يغلبه النوم بجانبها وهو يداعب خصلات شعرها بين يده ولكن بفضل الله تحرك ليذهب هو أيضا ليكمل نومه بحب وسعادة غامرة.
احتفلت فايزة بعودة زوجها بطريقتها الخاصة كسابق عهدهم تزينت و ارتدت اجمل ثوب لديها لتبهره و تسعده كالسابق،
فكانت ليلة سعيدة مملؤة بالشرب والضحك والغزل بجمالها ولكنه لم يكذب او يضحك عليها فمن يراها يعتقد انها صغيرة ولا يتوقع ابدا انها ام لشابة كبيرة.
وجد الفرصة ليتحدث معها عن وضع ابنتها قائلا
" هل لا زال مكانها غير معلوم"
لترد فايزة قائلة
" لا تذكرني بها. لا اريد التفكير بأمرها وخاصة هذه الليلة"
لم يعجبه الرد ليتحرك مبتعدا عنها قليلا وهو يقول
" ولكننا بحاجة إليها انتِ تعلمين وضعنا المادي و ما فعله ابوها قبل وفاته. فلقد جعلنا اسرى لها طيلة حياتنا"
تحركت فايزة للخلف وهي تقول
" انت مُصر على إكمال الحديث بهذا الامر. ألم يكفيني انني امتنعت عن تناول دوائي هذه الليلة من اجلك لتأتي وتفتح هذه الصفحات من جديد "
لم يهتم بما قالته ليأكل الفاكهة من امامه وهو يقول
" لقد خدعنا و سدد هدفه المدمر لنا فلم نتوقع ابدا ان يضع املاكه جميعها بإسم ابنته "
غضبت فايزة وردت عليه قائلة انت سبب ما نحن به انظر لحالنا الآن، لا احد يستفيد من هذا المال لا نحن ولا هي
يتجمع بالبنوك فقط "
أنب سرحات نفسه على ما فعله قائلا لها
" حسنًا اخطأت ولكنكِ تعلمين بعدكِ عني هو من جعلني افعل هذا لقد ذبلت وتأكلت ببعدكِ ماذا كنت تنتظرين مني"
جاءت لتتحرك من جانبه ليسحبها نحوه قائلا
" لقد تحدثنا بهذا سابقًا واعطيتك وعدا أن لا افعلها مجددًا.
ولكننا الآن مجبرين على البحث عنها والاعتذار منها
وإعادتها الى المنزل. فكما تعلمين اموالنا على وشك التصفير ليس لدينا حل اخر سوى إعادتها كي نستفيد مما يخرج منها كالسابق. فلا يمكنها التمتع بكل هذا المال وحدها"
صمتت فايزة لتفكر بحديثه وهي تأكل شفتيها غيظًا قائلة
" لا اعرف كيف ومتى كتب لها كل أملاكه. ولكنِ متأكدة انه كان يشعر بنا لهذا اراد حماية ابنته "
ليرد سرحات عليها
" نعم انتِ محقة ولكننا تخلصنا منه بالوقت المناسب ولولا فعلته القذرة لأنهينا امر ابنته و القينا بها للشوارع دون الالتفات لها"
حزنت فايزة من كلامه لتقول له
" هل تعلم انني حزينة لما وصلنا له. فبالرغم من كل ما حدث يأتي علي بعض الاوقات لأجد نفسي اشتاق إليها"
ضحك سرحات بخبث قائلا
" بالطبع ستحزنين كيف لا تحزنين وتشتاقين وانتِ من اهتم و رعى وكبر هذه الفتاة. فلقد حصدوا زهرة حياتكِ وانتِ تهتمين بها وبالأخير وضع كل أملاكه بإسم ابنته دون التفكير بكِ "
حزنت فايزة اكثر لتتحدث قائلة
" أنت محق لقد أهدرت حياتي وشبابي كي اعتني بابنته. ولكنِ لن اجعلها تسعد وحدها بتلك الأموال . سنبحث عنها ونأتي بها من جديد كي ننعم نحن ايضا بتلك الثروة "
( هل يوجد بهذه الحياة اناس بهذا الشكل ام ليست بأم ورجل خائن لزوجة خائنة لزوجها السابق وطفلة بريئة دعست بين ارجلهم وهم يسعون للأموال)
في صباح يوم جديد بشركة اورهان
فرح الجميع بوجود لي لي بينهم و تنقلها بين مكتب ابيها وسيلين
ارادوا تركها مع انيسة ولكنهم فشلوا في ان يفرقوها عن سيلين التي تفاجأت بقرار اورهان الحكيم بانتداب موظف يدير منصب ابنته حتى تفرغها وعودتها للعمل مرة اخرى.
رفضت سيلين وطلبت ان تستمر بالعمل لأنها وببساطة وجدت نفسها به، ليصل اورهان لحل وسط انها تأتي بالوقت الذي تراه مناسبًا لوضعها الجديد تمارس اعمالها بالشركة بشكل طبيعي دون ان يكون مفروض عليها.
وافقت سيلين على هذا الحل وخاصة مع كثرة ارهاقها مع لي لي التي اتخذت من المكاتب تسلية لها فأصبحت تتجول وتجري وتضحك بسعادة.
حاولت غمزة التقرب من الصغيرة واكتساب حبها والتقرب من خلالها لقلب يوسف ولكنها خسرت فهي لا تعلم ان هذه الطفلة بالكاد اعتادت على أبيها.
لم تيأس بالاقتراب والتودد ليوسف وشراء شطائر الشاورما والقهوة كي تجلس بجانبه اكبر قدر ممكن وهذا ما جعل سيلين لا تترك عملها و المداومة بالذهاب للشركة بعد ان تملكتها غيرتها لتجعل من مكتبها غرفة ألعاب ورعاية الطفلة.
وامام هذا الوضع عينَ يوسف موظفة جديدة لتكون مسؤولة عن ابنته بوقت العمل وهذا كان الحل الأنسب للجميع وخاصة اورهان الذي كان يقضي اجمل اوقاته باللعب معها. فلقد حظى على رضا وحب لي لي بشكل سريع و كيف لا يحظى به والاطفال يرون ما بالقلب.
أصبحت غمزة اكثر شراسة حتى انها اتخذت من تقربها منه حقًا لها تدافع عنه امام سيلين التي لم تسمح بهذا التقارب وكثير ما تنجح بإفشاله.
صدمتهم الحقيقية عندما تتحدث غمزة بثقة انهم ليسوا زوجين حقيقيين وانه جاء وقت انهاء اللعبة.
( لا أخفيكم سراً استطاعت غمزة بهذا الشكل ان تكون اكبر خطأ يعاتب يوسف عليه نفسه باخبارها سره)
ومع هذا الندم كانت غمزة ستار وحجة ليوسف للتقرب من سيلين بالشركة فأصبح عليهم اظهار وايضاح كم هما سعداء وزوجين حقيقيين امامها.
وقع يوسف فريسة قلبه المحب الولهان فكثيراً ما ينسى نفسه بهذا التقارب ليجد نفسه يحتضنها وهي حاملة ابنته. ويقبلها من وجنتيها كلما قبل ابنته لتندهش سيلين التي تفاجأت بتماديه بالتقرب دون وجود احد.
( معلش يا اختي حافظ مش فاهم😂😂)
ليزيد هذا من فرحتها وخجلها حتى تطور الأمر لطلب يوسف قبلة جديدة لأجل ابعاد غمزة و تهدئة حربها عليهم.
ترددت سيلين بهذا الأمر وخاصة أنهم بالشركة وانها لم تجلب المهدئ معها ليحترم يوسف رأيها ويوافقها الرأي.
ذهب لمكتبة وظل يتذكر اول تقارب بينهم بيوم حفل الازياء حين سحرته و خربت اعداداته، افقدته الذكريات عقلة وتمنى لو أن يكررها من جديد.
غلبته الذكريات لترسم الابتسامة على ملامح وجهه لتلمع عيونه من جديد، دخلت غمزة عليه المكتب حاملة بيدها بعض الأوراق بحجة أنها لا تستطيع العمل عليهم بمفردها و انها تريد من يوسف مساعدتها بهم قبل انتهاء اليوم فهم مهمين بشكل عاجل.
وبهذه الحجة استطاعت غمزة ان تمكث بمكتب يوسف لساعات متواصلة دون انقطاع.
ليزيد هذا التصرف من احتقان وغضب سيلين التي مع مرور الوقت اصبحت لا تتحمل هذا العمل المشترك وهذا التقارب ذهبت إليهم اكثر من مرة ولكن دون جدوى.
كانت تسير بمكتبها ذهابًا و ايابًا تفكر وتفكر تنظر نحو لي لي النائمة وهي تقول
" لن اترككِ لها "
وتحركت لتخرج من مكتبها وهي كتلة نار مشتعلة لتجد غمزة بفضل الله تخرج من المكتب وهذا من حسن حظها وحظه وإلا لا احد يعلم ماذا كان سيحدث.
دخلت المكتب وهي حاملة غضبها بوجهها ليبتسم هو لها قائلا
" لقد اتيتِ بالوقت المناسب فأنا بحاجة مُلحة للقهوة"
نظرت لموضع القهوة ثم نظرت له وهي تقول "هل انتهى عملك معها "
ظهر الاستياء على وجه يوسف الذي اقترب منها وهو يقول
" مع الاسف تبقى القليل ذهبت لتأتي ببعض الاوراق وستعود لننهيه ولكننا تخطينا مرحلة كبيرة تبقى فقط بعض البنود الأخيرة نضيفها ونكون قد انتهينا"
لم تستطع إخفاء تعبير الغضب والغيرة من على وجهها لتتحرك نحو الباب وهي تقول
" اتركك اذا كي تكمل براحتك من الواضح انه اعجبك هذا الأمر كثيرًا"
وفتحت الباب لتخرج امسكها من ذراعها متسائلًا بسرعة
" انتظري عن أي راحة وأي آعجاب تتحدثي"
لم يتوقع يوسف قربه منها لهذه الدرجة وهو يتحدث فعند تحركه السريع خلفها وامساكها من ذراعها قبل خروجها من الغرفة لم يكن يتوقع انهم سيكونان بهذا القرب ليشرد بوجهها رغم الغضب الذي يملأه.
ابتلع ريقه ونظر للخارج ثم نظر إليها قائلا
" مرة واحدة لأجل ان تبتعد ولا تضغط علينا".
( 😂😂كداب يا شيخه 😂😂😂)
اتسعت اعين سيلين و تفاجأت من قربه وشروده وهو يقولها خجلت وتسارعت نبضات قلبها، ليكمل وهو يقترب اكثر منها هامسا لها
"ها هي عائدة انها فرصتنا لإبعادها اسمحي لي".
فقد عقله تمامًا بهذه اللحظة فلا توجد غمزة ولا اي احد بالممر كل ما في الأمر انه وقع اسيرًا لقلبه، تفاجأ يوسف بزيادة انفاس سيلين واغلاق عيونها بقوة مستسلمة له، كان عليه ان يقلق ويبتعد كي لا يضغط عليها ولكنه اقترب منها دون تفكير او تردد
ليضمها إليه بقلب محب، وبهذه اللحظة حدث فعليًا اول تقارب حقيقي بينهما دون مهدئ او تداعيات ملحة لحدوثه. غرق بجمال محبوبته متوقعًا ان لا يراه أحد عكس ما حدث حين تم رؤيتهم من قبل بعض الموظفين و غمزة التي وقفت بعيون متسعة تراقب حالتهم.
أتى اورهان وهو يسرع خلف لي لي التي غارت من تقاربهم لتكون اول من يتحدث بهذا الصمت قائلة "ليين ليين"
لم تستطيع الطفلة نطق اسمها بشكل كامل ليخرج منها بهذا النحو، ابتعدت سيلين عنه فور سماعها لصوت لي لي التي ركضت لتحتضنها من أرجلها، انحنت عليها لترفعها بحضنها وهربت بخجلها لتتفاجأ بالصغيرة ترفع يديها لتشبكهم بعنقها وتقبلها عدة قبلات بوجنتها تعبيراً عن غيرتها مما رأته.
ضحك اورهان ويوسف بصوت عالي على الصغيرة لتسرع سيلين بالخروج قبل ان يتغلب عليها خجلها قائلة
" اتى موعد وجبتها سأذهب لإطعامها"
ليرد اورهان عليها من الخلف قائلا
" نعم بالأصل جئنا إليكم لأجل هذا فهي لا تريد تناول طعامها الا من يدك"
تحركت وخرجت سريعًا دون الرد عليهم تهربًا منهم
لتستمر بهروبها حتى بعد عودتهم للمنزل فهي لم تستطع رفع اعينها بعينيه من خجلها
(من الغريب عدم انزلاق سيلين الى خوفها و ذعرها وايضا عدم معاتبة يوسف لنفسه وكأن هناك شيئا قد تغير بداخلهم بل ازداد الامر غرابة واندهاشا عندما سمعته يطلب منها ما طلبه)
نامت لي لي بسلام على فراشها لتخرج بهدوء متجهة نحو غرفتها هاربة من نظارات يوسف التي لم تنقطع طوال اليوم.
اوقفها مرة اخرى وهو يسألها
" هل سنظل على هذا الوضع"
ارتبكت وقالت بصوت منخفض
" أي وضع "
ابتسم واقترب منها قائلا
" وتسأليني ايضا اي وضع. انظري لنفسكِ تتهربين مني ولا تتحدثين معي. لا يمكنكِ فعل هذا وخاصة أن لدينا ما سنفعله قبل نومنا"
استغربت سيلين لترفع اعينها وهي تنظر له بوجه متسائل عن ماذا سيفعلون
( ابوس ايدك اصحى قبل ما تخربها عليك وعلينا سيب الليلة تعدي على خير و كمل عبط بكرا😂😂)
اكمل يوسف حديثه وهو يقول
" لقد مر زمن بدون تنفيذ تعليمات الطبيبة. الا يكفيكِ عدم ذهابكِ لها بشكل منتظم وايضا لم ننفذ ما تطلبه وتؤكد على قيامنا به"
( قربت اصدق انه عشان خاطر الطبيبة والعلاج ههههه اخ يانه🤣🤣)
تسمرت بمكانها دون كلام ولا حركة حتى تغير لون وجهها وملامحه وكأنه لوح ثلج فرغ من الدموية.
اقترب منها وهو مستمر بحديثه وضحكه حتى قال لها
" لقد اعتدت على الرقص بالبجامة اخاف ان اذهب بها للحفلات من بعد الان "
( وغلاوة المرحومة تسبنا ننام بهدوء الليلة دي واوعدك بكرا هسيبك براحتك 😂 استهدي بالله وانجر على غرفتك خلي الليلة تعدي☺️. الأسد بيضيع يا وديع 😂 )
ضمها إليه بحنان وهو مغمض الاعين يرفع يديها الاثنين على اكتافه وهو يخفض رأسه نحوها ليلامس رأسها وكتفها و تحرك بها ببطء شديد وكأنه لا يتحرك.
أغمضت اعينها بخجل وقلب تسارعت نبضاته وتنافست مع انفاسها.
في تلك اللحظة وتلك الرقصة لم ينتبهوا إنهم كانوا يرقصون على نغمات دقات قلوبهم واشواقهم و حبهم وانسجامهم بدون موسيقى.
من يراهم يعتقد أنهم مندمجين مع اللحن فهم لم ينتبهوا لاختفاء الموسيقى من الإرجاء هذه المرة
كان من المتوقع ان ينهون رقصتهم بسرعة بعد ما حدث اثناء اليوم وذهاب كلا منهما على غرفته ولكنهم على غير المتوقع استمروا على هذه الحالة لوقت طويل.
وضعت سيلين رأسها على صدر زوجها تاركة نفسها لمن ملك قلبها
( وانا الي كنت خايفة على البنت هههههه فاكرين اللمبي بقاعة المحكمة هههههههه وهو مصدوم بالبنت ههههههه وانا عاملة زيه كده وخصوصا بعد نومها وهي مبتسمة غارقة بجمال الرقصة وهدوءها 😂😂😂😂)
لم تستطع النوم بهذه الليلة برغم احتياجها الشديد له فكانت كلما نامت بفراشها جلست مرة اخرى لتكتب من جديد بدفترها استمرت على هذا ليكون اخر ما كتبته
" لم استطع النوم من سرعة دقات قلبي اشعر وكأني سأفقد القدرة على التنفس الان"
وابتسمت لتنام مرة اخرى غارقة بالأحلام الجميلة.
عكس يوسف الذي نام فور وضع رأسه على وسادته وكأن قلبه ارتاح واطمئن يظهر وجهه المبتسم كم هو عاشق غريق بحبها.
حققت هوليا نجاحا كبيرا في جولتها الفنية بأوروبا و على الرغم من انها اصبحت تتلألأ بالأوساط التي طالما حلمت بها،
إلا أن فرحتها كانت منقوصة وذلك لمتابعتها لأخبار لي لي على مواقع التواصل.
فلم يتوقف يوسف وخالته عن نشر الصور و الاخبار التي تخص اميرتهم الصغيرة بعد عودتها لأحضانهم
ليس هذا وحسب بل الفيديوهات القصيرة التي تم نشرها على صفحة سيلين واحد منهم وهي تطعم الصغيرة بيدها واخر
ولي لي تركض لتحتضنها وتقبلها وهي تقهقه من الضحك.
والاخير ولي لي نائمة بحضن يوسف النائم. ازدحمت صفحة سيلين بالفيديوهات القصيرة الدافئة التي تتحدث عن حبهم وترابطهم
حتى أصبحت هذه الفيديوهات تؤلم قلب هوليا التي استيقظت أخيرا من سُباتها العميق وكأنها الآن شعرت بمشاعر الامومة التي لم تتمتع بها نهائيا منذ ولادة ابنتها.
فهي من اعتبرتها عبئًا في ظل ملاحقتها للتألق والاضواء والنجاحات الفنية.
سمعت هوليا صوت جان ينادي عليها لتغلق هاتفها و تمسح دموعها التي تجمعت بعينيها و تنفست بعمق لتتحرك كي تعود لحياتها و تألقها بابتسامتها التي اصبحت زائفه
بصباح يوم جديد تشرق شمسه معلنة عودة فضيلة لإسطنبول عودة لا رجعة بها، بعد أن أنهت وصفّت كل اعملها بفرنسا
لتكون زيارة شركة اورهان اول عمل تقوم به فور وصولها
فرح اورهان برؤيتها قائلا
" الان أضاءت اسطنبول بأحبابها"
شكرته فضيلة من اجل كل شيء فعله وايضا لأجل مشاعره و حضوره شخصيا الى فرنسا و تسهيل أمر نقل الجثمان الى اسطنبول
ليقاطعها اورهان قائلا
" الا تسأمين من تكرار نفس الاحاديث. بالطبع كنت سأفعل هذا انتم عائلتي ما اعنيه ان عائلة سيلين هي عائلتي فنحن اقرباء بعد هذا الزواج. وايضا انتِ تعلمين قدركِ جيداً لدي فلا يحق لكِ تكرار هذا الشكر"
دار بينهما حوار هادئ ليقول لها اورهان
" ولكني اعتب عليكِ بشيء "
نظرت فضيلة له متسائلة
"هل عتاب؟ ولماذا العتاب؟ "
ليرد اورهان قائلا
" كان من المفترض ان تتخذي هذه الخطوة من تصفية اعمال و عودة الى بلدك منذ زمن. ارى انكِ تأخرتِ بهذه الخطوة فكان عليكِ القيام بها فور انفصالك عن زوجكِ منذ اعوام فلماذا اختارتِ البقاء وحيدة هناك بينما لديك من الاحباء من يتمنون وجودك معهم هنا؟"
( جوز كناريا يا اخواتي ايه الجمال ده كله🤦♀️)
لتجيبه فضيلة أن الظروف اقتضت هذا وانها لم تستطع ترك المستشفى الخاص بها وكما انها اعتادت على العيش بفرنسا ولكن مع تغير الوضع وشعورها بالمسؤولية اتجاه يوسف وعائلته وايضا ارهاقها من الاعباء الكثيره هناك جعلها تقرر العودة.
ابدت فضيلة اهتمامها الخاص بأورهان عندما تحدثت قائلة
" اتركنا من هذا الكلام واخبرني كيف هي صحتك؟ و متى موعد العملية؟ لا تخبرني أنك لا تريد ان تخضع؟"
اجابها بعيون فرحة قائلا
" انا بخير لا تقلقي هذا القلب مازال يمتلك الكثير من النبضات تساعده على المقاومة والمحاربة لأجل الحياة مع احبته.
فلقد وجدت سببا للحياة و امسكت بطرف السعادة لذلك انا لا انوي الرحيل قريبا و أترك سعادتي بعد ان وجدتها "
كانا ينظران لبعضهم بعمق وراحة وكأن كلا منهما وجد ضالته لدى الاخر.
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.