recent
جديدنا

الليالي المظلمة الفصل الثالث والعشرين

Wisso

 

       رواية الليالي المظلمة  

                             بقلم أمل محمد الكاشف



جلس يوسف بجانب سيلين في عيادة سيفدا هانم التي كانت مستاءة من تأخر جلسات العلاج وعدم الاتصال بها بشكل دائم كالسابق لتبرر وتشرح لها سيلين ما مروا به من صعوبات. 

ومع هذا أكدت سيفدا على عدم تأخرها بهذا الشكل مرة أخرى  كي لا يتأثر سير علاجها وشفاءها

تدخل يوسف ليعتذر محملًا نفسه المسؤولية عن تأخرها بعد ان وقفت بجانبه في أصعب لحظات مرت عليه وايضا تحملها عبء ابنته العنيدة، لم يلاحظ يوسف تغير ملامحه وهو يتحدث عن سيلين و اهميتها بحياته و دورها الكبير باحتضان ابنته وترويضها حتى انه سقط وسط حديثه ليقول 

"اصبحنا لا نستطيع التخلي عن وجودها بيننا حتى وإن أرادت هي. احاول تخيل الحياة بدونها وايضا وضع ابنتي التي اعتادت عليها وانا أتساءل ماذا سنفعل عند رحيلها كيف سنكمل حياتنا بدونها" 

لم تلاحظ سيلين سقوط يوسف بحديثه لأنها وببساطه كانت مستمتعة بما يخرج منه وكأنه اعتراف بالحب مغلف من الخارج بالاهتمام والتقدير.

لتصدمهم  سيفدا بسؤالها 

" ولماذا تفكر او تتخيل أنها ستتركك وانك ستعيش بدونها. 

هل يتعلق هذا الأمر بخوفها أم أنك تشعر ببعدها عنك "

نظر لسيفدا  وكأنه استوعب ما قاله ليظل ينظر لها مطولا يفكر بالرد ، لم تنتظر سيفدا منه وغيرت الموضوع وهي تقول 

" اعتقد انه نتج لزيادة ارتباطكم ببعضكم. يحدث هذا فحينما نرتبط بأحد كثيرا يراودنا الشعور بالفقد "

ثم نظرت لسيلين لتسألها كيف اصبحت وهل ما زالت تخاف

 من تقاربهم ، هل مازال شبح الليالي يراودها بأحلامها 

صمتت سيلين للحظات وهي تنظر ليوسف الذي كان يترقب اجابتها 

لتبدأ حديثها قائلة

" اشعر وكأنني تخلصت من هذا الذعر والخوف. لا اعلم أهذا صحيح ام لا ولكني انام مجهدة بعد يوم طويل اقضيه مع لي لي لهذا انام دون ان اشعر بنفسي" 

وضحكت وهي تكمل قائلة

 " لو رأيتها ستحبينها كثيرا فهي تتمتع بضحكة تسحر القلوب وتعلقها بها" 


لاحظت سيفدا نظرات يوسف نحو من اسرت قلبه باندمجها في حديثها و وصفها سعادتها بحياتها و وجود لي لي معهم، حتى وصلت لان تخبرها عن تلك الليالي الكثيرة التي يستيقظون بالصباح ليجدوا انفسهم نائمين بجانب الصغيرة امام التلفاز او بأرضية غرفتها وسط الالعاب .

ضحك يوسف وهو يقول

 "لا اعرف كيف يحدث هذا لم انتبه على نفسي سوى بالصباح عندما استيقظ لأجد أحداهما بحضني والاخرى تتكئ على كتفي"

 ثم ضحك اكثر وهو ينظر لحبيبته قائلا

 " ولكنه كان مختلفاً بآخر مرة وجدت رأسها على بطني وابنتي على ارجلي لقد جعلوا مني وسادة حقًا" 

ضحكت سيلين وهي شديدة الخجل من كلامه لترد عليه قائلة 

" ما زلت تكرر هذا الأمر رغم اعتذاري منك"

ثم نظرت لسيفدا قائلة

 " كما اخبرتكِ اصبحت انام بعمق دون ان اشعر بشيء حولي "

سعدت سيفدا كثيرا بالتقدم الملحوظ والتقارب والحب بينهما فنظراتهما وحديثهما حتى ضحكهما كان ينبئ بانتصار سيلين على نفسها واجتيازها مرحلة كبيرة من العلاج. 


اكملت سيلين حديثها

 "هذا الجو الجميل والسعادة التي نعيشها مع لي لي تشعرني بأيامي السابقة مع والدي. فكم كان حنونا محبا للضحك واللعب معي فكلما رأيت يوسف مع ابنته تذكرت ابي وحبه لي و تعلقي به" 

صمتت ليعم الصمت قليلا ولكن تدخلت سيفدا لتقول لها

 " دعيني احكي لكِ قصة جديدة لم يتعدى على حدوثها عدة اسابيع فقط كي تتأكدي انه ما حدث لكِ ليس لان اباكِ ترككِ ولا لان امكِ سيئة اختارت زوجها واستغنت عنكِ. سأحكي لكِ هذه القصة كي تتأكدي انه قدرنا وعلينا تحمله والمصابرة والجهاد لأجل مجابهته كما تفعلين انتِ الان فلولا عزمك على التخلص من هذا العبئ ما كنتِ الان تجلسين امامي وانتِ سعيدة بزواجكِ وعائلتك الصغيرة "

واكملت سيفدا و هي تقول لها

" ليس كل الاباء مثاليين فهناك اباء سيئين ومنهم من لم ينتبه على سوئه كبطل قصتنا هذا. فهو اب لطفلة جميلة اضطرت امها لترك رعايتها ومسؤوليتها لوالدها كي تخرج كل يوم من الساعة السادسة صباحًا حتى الخامسة مساءً لتعود بحالة مزرية بالمساء من كثرة انخراطها وارهاقها في العمل 

تأكل مما صنعه زوجها وتجلس قليلا مع ابنتها وتنام دون ان تشعر بنفسها استمر الامر على هذا المنوال فلقد استغنى الاب عن وظيفته التي لا تجدي سوى ببعض الاموال القليلة وتفرغ لرعاية ابنته و الاعتماد على زوجته بالمصاريف فكانت وظيفتها تجعلهم يعيشون بمستوى جيد، مرت الايام والاسابيع والسنوات كبر الاب ابنته وحده حتى امتلكت قلبه وعقله بلحظات اشتياقه لزوجته مما جعله يتخذ حمام الطفلة متعة له وقضاء نزواته دون الشعور بسوء او ذنب فلقد اعتادوا منذ صغرها على اللعب سويا بالبانيو ويضحكان ويحتضنان بعضهما وينامان بالبانيو بجانب بعضهم بعد نوم الاب لدقائق ليرتاح مستمتعا بحالته. حتى تطور الأمر لطلب الأب من هذه الطفلة القيام ببعض الافعال الخادشة للحياء ويبادلها هذه الاعمال من باب الضحك والاستمتاع، ومع الاسف احبت هذه الطفلة هذا الوضع و مع مرور الوقت وكِبر الطفلة بالعمر اصبح سرا بينها وبين ابيها، فيا لسوء القدر ان تصبح الطفلة بعمر العاشرة من عمرها و والدها ما زال يحممها ولكن تخطى الامر التحمم كما ذكرنا، ازداد هذا السوء لتبدأ القبلات بالصالون بعدما يفوزان بلعبة او تتقدم بالدراسة،لا اخفيكم سرًا فهذا الاب حالة خاصة ونادرة تمر علي بحياتي العملية،

فهو لا يشعر انه مخطئ او مذنب بالعكس تماما كان يبرر هذا على انه حب زائد لابنته وانه يبني علاقة قوية بينهما، والاكثر غرابة انه كان يهتم كثيرا بتحصيلها الدراسي حتى جعلها من المتفوقين مع ان الحافز كان صعبا ويهز الوجدان، لم يقصر هذا الاب بحب زوجته بل كان يحدث بينهم علاقة كاملة وان كانت على فترات متباعدة بحكم اجهادها وعملها، والان نحن ما زلنا امام اب يحب ابنته كثيرا وابنة تريد اباها ولا ترى ما تفعله خطأ بحكم انه والدها ولن يفعل هذا سوى معها فقط، وامام ايضا ام تحطم داخلها وانهزم لا تستطيع ترك زوجها وتحميله كل الخطأ ولا تستطيع العودة بالزمن واخراج حب هذا الشيء من قلب ابنتها الصغيرة بهذا السن المبكر، نعم تذكرت امرا غريبا كان حجة الاب انه لم يفقد الطفلة عذريتها ولم يقترب لهذه المنطقة نهائيًا كان يعتقد انه عذر ولكنه اسوء و اقبح من الذنب".

صدمت سيلين مما تسمعه مسحت  دموعها التي ملأت اعينها قائلة

 " انا لا اصدق كيف حدث و كيف وصلت الأمور لهذا الحد دون ملاحظة الام كيف لأب ان يتخذ ابنته"


كان وضع يوسف المختنق اكثر صعوبة بعد ان غضب على الام والاب حتى اوصى سيفدا هانم ان تأخذ الطفلة منهما وتضعها بدار رعايا فهم لا يستحقونها .

وكالعادة ادارت سيفدا الحوار سريعا واخرجتهم من حالتهم وهي تقول لسيلين

" انا لا ارغب بأحزانكم ولكنِ اردت ان اوصل لكِ رسالة ان ما حدث بكِ ليس فقط لموت ابيكِ وبقائك بدونه. فهو لم يترككِ ولم يتخلى عنكِ. ولكن رسالته بالحياة قد انتهت علينا ان نتذكره بهذا القدر وندعو له. فليس له ذنب ان تسقطي بوسط كهذا بعد وفاته"

 

لم تعطي سيفدا الفرصة لها كي ترد او تتحدث لأنها لا تريد لها ان تحزن اكثر .

 

انهت الجلسة و حددت موعد الجلسة المقبلة لتكون بالشهر المقبل نظرا لظروفهم و وجود الصغيرة التي تركوها نائمة بجانب انيسة.


و قبل خروجهم طلبت سيفدا من سيلين ان يبدآ مرحلة جديدة بالتقارب والعلاج الروحي ، طالبة منها ان لا تجلس بمنزلها بملابس مغلقة وان لا تنام ليلتها إلاوهي ترتدي ملابس متحررة كما يحدث بالحالات الطبيعية للعروس.

اتسعت اعين سيلين وهي تقول لها

" لا يمكن هذا "

لترد عليها سيفدا قائلة 

" فعلتها سابقًا لعدة مرات وانتِ بمفردكِ والان سترتدينهم أمامه مع العلم انكما ما زلتما منفصلين بالفراش يعني انه شيء غير مستحيل القيام به" 


خجلت سيلين من حديث سيفدا وافشاء امرها امام يوسف  بأنها كانت ترتدي تلك الملابس وتنام بها، ولكنهما لم يدركا ماذا كان صدى تلك الكلمات والطلبات على شخص كيوسف يحارب نفسه وروحه بمجرد رؤية شعرها يتمايل راقصا على ظهرها واكتافها فكيف سيتحمل ملابسها 


( يا صبر ياصبر 😂😂😂أبو الصبر هيستحمل أم الصبر بملابسها الجديدة ازاي 😂 😂😂😂😂)


انتهت الجلسة وخرجا من عيادة الطبيبة ولكن لم تنتهي صدمتهما وشرودهما وصمتهما حتى وصلا للمنزل لتسمع سيلين صوت بكاء لي لي من الخارج ليسرعا بدخولهم المنزل، ألقت لي لي نفسها بحضن سيلين وكأنها غريق يجد قارب نجاته تعلقت بها وهي تئن ببكائها الصامت مغمضة اعينها المنتفخة من البكاء.


نظرت انيسة ليوسف واعتذرت منه انها نسيت هاتفها بالمنزل ولم تستطع التواصل معهم فلقد استيقظت فور خروجهم لتبحث عنهم وابتدأت بالبكاء دون توقف حتى انها رفضت تناول الطعام او الماء.

قبلتها سيلين  من رأسها وهي تهزها بين يديها قائلة  " أعتذر منكِ لن اترككِ وحدكِ مرة اخرى". 


كانت لي لي تنتفض من بكائها حتى بعد توقفها عنه ليقترب يوسف ويضع يده على رأس ابنته بجانب يد سيلين وينحني ليقبل لي لي وهو يهدئها بصوته الحنون 


فكرت قليلا وهي تنظر لوجه يوسف القريب منها قائلة "علينا مصالحتها الان"


تراجع برأسه للخلف وهو يرد عليها قائلا

 " ها هي توقفت عن البكاء وبعد قليل نلعب سويا حتى نرى ضحكتها من جديد" 


لم يعجب سيلين ما قاله اقترحت عليه ان يذهبا للحديقة القريبة من المنزل كي تلعب بالألعاب والأرجوحة لترتاح الطفلة وتنسى خوفها.


ذهبا سويا يلعبون ويركضون احضرت سيلين كرة صغيرة معهم كي يلعبوا بها كما أحضرت لها وجبة فطورها لتطعمها أثناء لعبهم 


كانا يظنان انهما ذاهبان كي تلعب لي لي وتسعد و لكنهما لم يتوقعا لعبهما بالكرة والارجوحة أكثر من الصغيرة 


علت أصوات ضحكة لي لي كلما ركض يوسف خلف سيلين وامسك بها وهي تنادي على الصغيرة كي تخلصها منه 

(يالها من نزهة جميلة أرى بها طيور المحبة يرفرفون و يلعبون بفرح وسعادة. فكما نلاحظ اصبح التقارب والتلاصق والتلامس وضع طبيعي بين الزوجين بالطبع نحن نعلم من يستغل الفرص كي يحتضن خصرها بحجة اللعب والإمساك بها)


سقطت لي لي وهي تركض خلف الكرة 

تحركا سريعا وجلسا بجانبها ليروا ما بها لم يصدر شيء عن سقوطها، لينام يوسف على حشائش الحديقة وهو يضع يده خلف رأسه مستنداً عليها


تحركت لي لي كي تفعل مثل ابيها لتصورهم سيلين بهذا الوضع وهذه الفرحة، طلب يوسف منها ان تأتي هي ايضا بجانبهم لتتحرك لي لي وتقترب من ابيها وهي تصدم يدها بحنان على كتفه مشيرة لسيلين ان تأتي هي ايضا بجانبهم. 


ابتسمت سيلين وتحركت بجانب لي لي كي تجعلها بمنتصفهم ، لم تقبل الطفلة التي  اعتادت على وجود ابيها بمنتصفهم اثناء نومهم ، لتصر عليها وهي تشير لها نحو كتف يوسف الاخر كي تنام هي ايضا عليه.


ضحك بوسف وقال " تفضلي لقد تمادت بدلالها حتى اصبحت تتحكم بأماكننا "


تحركت سيلين على غير المتوقع باقناع الصغيرة بهذا الوضع، وذهبت للجهة الأخرى لتضع يدها بجانب كتف يوسف كي تسند رأسها عليها بنومها. 


ظل يوسف ينظر لسيلين التي بالقرب منه ووضع رأسها على كتفه ، اغمض اعينه وأخذ نفسا عميقا مريحا معبرا به عن قمة سعادته واستمتاعه.


بالمساء صعدت سيلين الدرج كي تضع لي لي بفراشها لتكمل نومها براحة وسلام


ومن ثم توجهت لغرفتها لتبدل ملابسها وهي تتذكر كلام الطبيبة اثناء الجلسة بالصباح نظرت لبيجامتها التي امامها قائلة لنفسها

 "لا لا يمكنني فعلها" 


دخل يوسف المطبخ ليرى  ماذا طبخت انيسة لهم قبل ذهابها،  لم ينتظر نزولها بعد ان طال بقائها في غرفتها ليبدأ هو بسكب الطعام وتحضير المائدة

ظهرت سيلين اخيرا وهي تنزل الدرج بخجل لم ينتبه يوسف لنزولها بأول الامر فهي حافية الاقدام تسير ببطء وخجل. يتمايل شعرها على اكتافها لترفعه للخلف ولكن هذه المرة مستحيل أكثر مما سبق ففستانها الحريري الناعم الملمس يجعل ثباته من اصعب المستحيلات.


ابتلع يوسف ريقه وهو ينظر نحوها لا يصدق انها استمعت لكلام الطبيبة، لم تستمع فقط وتنفذ بل كانت دقيقة باختيارها في التنفيذ حين ارتدته باللون الأحمر الجميل.


وقف امامها وهو لا يعلم ما عليه فعله هل يهرب تاركا لها المنزل ام يظل امامها على حالته وتلعثمه بريقه الذي أصبح لا يستطيع بلعه


جلست سيلين على المائدة دون كلام ولا انتظار ان يقترب و يجلس هو ايضا بجانبها.


تحرك بعيونه التي لم تسقط من عليها ليجلس امامها على الطاولة، وبحالتها المختلطة لم ينتبه لاطراف قدمه التي صدمت بحامل الأنتيكة الجانبي

ليتألم قائلا " اووووو" 


(واخيرا خرج صوت منه كنت خايفه على الواد طلع عايش الحمدلله 😂😂😂😂) 


تحركت سيلين بسرعة واقتربت منه وهي تقول 

"ماذا حدث هل جرحت. كم من مرة اصطدمت بها من قبل عليك أن تتوخى الحذر" 


لم يجب عليها تراجع للخلف كي يستطيع التنفس و ابتلاع ريقه الذي أصبح يختنق به.


عاد للمائدة و جلس عليها ليبدأ مصارعته بتناول الطعام نعم مصارعته فمن يرى سرعته وعدم توقفه يشعر وكأنه يحارب وليس يأكل حتى عيونه التي ثبتت بالأطباق تدل على حالته الداخلية 


كان من المفترض ان تسرع من انتهاء طعامها كي تصعد خجلة لغرفتها، ولكنها لم تفعل ليسرع يوسف بتبديل الأدوار حين هرب للأعلى بعد انتهائه من طعامه وهو يقول لها دون النظر إليها 

" ليلة سعيدة لكِ" 


اخرج نَفَسه بقوة وهو يقول بداخله دون صوت

 " ماذا كان هذا الآن. لا يمكنها ارتداء هذه الملابس بهذه الراحة" 


وصمت ليشرد بجمال الاحمر عليها وهي تتحرك خجلة حافية الأرجل بثوب قصير


عاد يوسف ليختنق بريقه مجددًا، اصبح يحك يده بفروة رأسه يخرج من داخله انفاسا ساخنة ملتهبة


ليتحرك ويخرج من غرفته وهو يحدث 

نفسه قائلا

 "عليها ان تعلم انني لا اقبل  ما هي عليه، لا يمكننا تنفيذ هذا القسم من العلاج. سأقول لها لا يمكنكِ ارتداء هذه الملابس والنزولـــ.. " 


صمت عندما رأها امامه تصعد الدرج وهي تنظر نحوه ليعود لوضعه الصامت مرة اخرى، اقتربت من غرفة لي لي وقالت له 

" سأدخل لأطمئن عليها قبل نومي" 


فتحت الباب النصف مغلق وهي تنظر للصغيرة لتجدها نائمة دون غطاء دخلت وبهدوء رفعت غطائها عليها.


لتتحرك لي لي بنومتها متمسكة بيد سيلين التي بدأت بهزها بهدوء وهي على الفراش 


اقترب يوسف من فراش ابنته وهو ينظر لها بسعادة كبيرة فهي كالملاك ببراءتها الطفولية و جمالها.


عادت لي لي للنوم سريعًا ليتحركا سويًا خارج الغرفة كل منهما توقف كي يسمح للآخر بالخروج اولا ليتحركا بعدها سويا بخطوة واحدة ليجدا أنفسهم متقاربين من بعضهما 

خرجت سيلين وهي تقول


 "حسنًا سأتحرك أولًا كي لا تنتظر كثيرا"


تحدث يوسف " هل نرقص " 


( نعم ياخويا😂😂😂امال فين الاسد الي مش عايزه تلبس كده بالبيت هههههه) 


خجلت سيلين متحججة بتأخر الوقت قائلة

" لنجعلها بيوم آخر"


( يتمنعن وهن الراغبات😅😅)


اقترب منها وكالعادة احتضنها ليرقص معها وكأنها سمحت له فكان عقله مغيب لدرجة انه لم يستمع لما قالته 


بدأ الرقص معها بحركة اسرع مما سبق يدور بها في الصالون العلوي استمرت بصمتها وحربها ضد خوفها وبرغبتها بالشفاء بل برغبتها بكسب قلبه، تحملت كي يشعر ويتعلق بها كما تشعر هي به.


هدأت حركاتهما فأصبحا يرقصان كسابق عهدهما بهدوء وكأنهما لا يتحركان، استيقظت لي لي وهي خائفة بسبب اضطرارها الاعتياد وتوديع اكثر من مربية وايضا ابتعادها عن حضن امها الذي يحتاج إليه كل طفل كي يشعر بالأمن والأمان 


اسرعت سيلين للداخل مرة اخرى صعدت بجانبها كي تأخذها بحضنها وهي على الفراش فهم يعلمون جيدا ان استيقظت لن تنام مجددا الا بعد شروق الشمس.


ظل يوسف يراقبهم حتى نامت سيلين على وضعها ليتحرك وهو مازال فاقدا لعقله لينام بجانبهم لتصبح لي لي بمنتصفهم.


 نام وهو ممسك بشعرها الذي سحره يحركه بين اصابع يده التي تحتضن لي لي ليناما بشكل جميل ودافئ.


وفي صباح ذلك اليوم الذي فقد يوسف عقله ونام بجانبهم وهي مرتدية الأحمر استيقظت على شعاع اشعة الشمس العنيدة التي أصرت على التسلل من بين ثنايا الستائر المنسدلة لتشاكس وجهها معلنة عن استحالة نومها بعد الآن.


تفاجأت فور استيقاظها بقرب وجهها من وجههُ المشرق وكأنهُ هو من اشرق بوجهها ليوقظها وليس شمس الصباح

اخفضت نظرها للاسفل قليلا لتجد يده تحتضن اكبر قدر من شعرها الحريري، وبخجل نظرت نحو رأس الصغيرة على بطن ابيها وارجلها التي تعتلي صدرها بصمت كبير.

اسرعت بالهروب البطيء كي لا يستيقظا عليها وتسقط من خجلها امامهم، وبعد خروجها من الغرفة اتضح ان هناك عيون كانت تراقبها بوجه فرح، تحرك ليقبل ابنته رافعها لحضنه كي يكمل نومه.

من يرى خجلها بالشركة و بالمكتب يعلم كم هي عاشقة لهذا القلب، تشعرون بسعادتها وفرحتها الممثل بصوتها المنخفض وهي تحدث لي لي قائلة

 "هل استمتعتِ بنومكِ؟ هل فرحتي لنومنا بجانبكِ؟ نعم انتِ ايضا فرحة بحالتنا" 

طبعت قبلة على رأس الصغيرة تعبر بها عن فرحتها وسعادتها بهذا اليوم.


لم يختلف الوضع بمكتب يوسف الذي يشع من سعادته وفرحته، تحمس وازداد نشاطا من بهجته.

مرت ساعات العمل وانشغال الجميع بعمله حتى أتت ساعة الراحة بمنتصف النهار 

ليذهب يوسف الى مكتبها باحثًا عنها دون أن يجدها، اخبرته المسؤولة عن لي لي انهم بمكتب اورهان بيه.

 ابتسم بفرح وشكرها ذاهبا هو ايضا كي ينضم إليهم، طرق الباب وفتحه متحدثًا

" هل تشربون القهوة بدوني "

ضحك أورهان وهو يحتسي آخر رشفة من فنجان قهوته قائلا

 "الذنب عليك انت من جاء متأخراً هذه المرة" 

ضحكا ليدخل مغلقا الباب خلفه و هو ينحني للأسفل كي يحتضن من اتت تركض نحوه فرحة بوصوله، رفع  ابنته وقبلها مقتربًا من زوجته ليجدها تبتعد بخجل قائلة

"سأحضر لك فنجان بسرعة"

أومأ رأسه وهو يدغدغها لتزداد ضحكاتها الجميلة مقتربا من الاريكة  ليجلس بجانب أورهان الذي تحدث ليذكرهُ بموعد اجتماع الغد ، وباهتمام  وجدية تحدث يوسف 

 "أهذا موعد يحتاج للتذكير؟ كنت سأتحدث معك بخصوص الاوراق والبنود الجديدة التي تطرقت اليها، كما تعلم علينا ان نجهز انفسنا زيادة عن الحد المطلوب وايضا هناك بنود علينا مراجعتها فانا لا اقتنع بها اشعر وكأننا نضيع حقوقنا بالموافقة عليها وايضا كي لا يستخف بشركتنا. اعلم ان شركة شاهين بيه كبيرة ولكن لا يمكنهم التصدي والخوض بهذا الصرح الكبير بدوننا يعنى هم بحاجة لنا أكثر من حاجتنا إليهم "

استمع اورهان له باهتمام كبير قائلا

"ليس لدينا وقت لنهدره غدا في الاجتماع عليك ان تضيف ما ذكرته للأوراق وارسالها لهم اليوم قبل انتهاء موعد العمل. فأنت تعلم انني لا احب المفاجأت بالاجتماعات وخاصة إن كان الوضع كبير وحساس بهذا الشكل. عليهم أن يأتوا غدا وهم على علم بكل المستجدات "

أخذ يوسف قهوته من يد زوجته وهو يقول لاورهان

"حسنا سأسرع لإنهاء الأمر" 

وقف ليخرج بصحبة قهوته مقتربا من زوجته 

ليقبلها على وجنتها وهو يقول لها

"سلمت يداكِ سأكملها بمكتبي فأنا بحاجة إليها"

وخرج من المكتب ليتركها في قمة خجلها أمام اورهان. 

اقتربت لي لي منها ورفعت يدها نحوها كي ترفعها انحنت وحملتها لتأتيها مفاجاتها حين طبعت لي لي عدة قبلات متتالية على وجنتها.

 

ضحك اورهان بصوت عالي قائلا

"اقسم ان هذه الطفلة تغير عليكِ من ابيها. انا اعلم غيرة البنات على أبيهم ولكنِ لأول مرة ارى غيرة البنت على امها من ابيها"

رأى تعابير الاندهاش على وجه سيلين وهي ترد عليه باندهاش 

" امها؟" 

ليكمل وهو يومأ برأسه  

 "ستكونين دائما بمكانة أفضل من مكانة امها. وسأكون انا شاهدا على هذا  وحينها سأذكرك. بالطبع ان كان لنا عمر وان لم تذكريني انتِ بهذا" 

قاطعته سيلين وهي تقول 

" حفظك الله لنا" 

ضحك أورهان مقاطعا لها

"هناك امر اريد ان اخبركِ عنه فكما تعلمين الوقت يمر بالشركة والمنزل بشكل روتيني متعب مما يجعلني اختنق منه لهذا قررت ان اكسر هذا الروتين وان انظم نزهة صغيرة بعطلة نهاية الأسبوع"

فرحت سيليت وقالت 

 " ممتاز فرحت كثيرا من أجلك" 

رمقها بضيق "لاجلك؟ هل ستتركيني وحدي؟ فكرت ان نذهب بشكل عائلي انا وانتم وندعو ايضا فضيلة هانم انتِ تعلمين القصر كبير ولا يمكن لأحد أن يتمتع به وحده. كما يمكننا ان ندعو غمزة وبعض العاملين إن أردتم أن تكون بشكل موسع " 


تفاجأ بمقاطعة سيلين له 

" لاااااا لنبقى بمفردنا افضل" 

رد عليها وهو يراقب ردة فعلها فور سماعها اسم غمزة قائلا

"لماذا يا ابنتي سنستمتع وايضا لي لي ستفرح بهذا التغيير "


خجلت من تسرعها وردها بهذه الطريقة لتتحدث مرة اخرى وهي تقول

"أعني أننا لسنا مضطرين أن نأخذ أحد من العاملين بالشركة. لنجعلها بشكل عائلي افضل واكثر راحة "

فرح اورهان بموافقتها 

"حسنا فهمت عليكِ اخبري أنتِ زوجكِ. وانا سأخبر فضيلة هانم"

ابتسمت سيلين دون ان تظهر له بعد ان اصبحت تلاحظ التقارب بينهما بل كانت شاهدة على بعض المحادثات و رؤيتها لملامح اورهان بيه التي تتغير بمجرد التفكير بالحديث معها

جاء المساء و تجمعت العائلة الصغيرة على مائدة العشاء تحدثت القرمزية لتخبر اميرها بأمر النزهة وانها فضلت ان تكون خاصة بهم كي لا يضايقهم احد، ظلت تحكي له وهي تأكل وتطعم لي لي بحضنها، دون أن يجيبها ظل صامتا ينظر لها وهو مندهش مما يراه أمامه، نظرت له عندما لم يصلها رده عليها قائلة

 "ام انك تريد أن تكون مختلطة" 


ما زال صامتا ينظر لجمال فستانها ولشعرها المنعقد اكثر من عقدة خلف ظهرها بأكثر من مشبك ورابطة شعر كي يبقى ساكنا.


خجلت من عدم رده وشروده وهو يتناول طعامه ونظراته المتنقلة عليها لتعود هي لتنظر لطعامها و تشغل نفسها بإطعام لي لي بحضنها. 

ظلت تتجاهل نظراته حتى أصبح طعامها يقف بحلقها من كثرة خجلها من عيونه فتوقفت عن تناول طعامها واكتفت

 بإشباع لي لي. 


ازدادت خجلا حين رأت يداه تقترب منها وتتجه نحو ظهرها، كادت أن تسقط مغشيا عليها من شدة خجلها تصنعت عدم انتباهها ليده رغم ان سرعة تنفسها وضربات قلبها أفشوا ما هي به، لامست يده شعرها لتنظر له بعيون ثابتة و شبه متسعة من المفاجأة.


 وجدته بنفس الصمت ينزع رابطة الشعر ويحرره من المشبك العلوي وهو يحركه كي يغطي كل ظهرها كما اعتاد عليه.


ثم عاد بنفس الصمت ليكمل طعامه كانت لا تستطيع ابتلاع طعامها بأول الأمر حتى  أصبحت لا تستطيع التنفس. 


جاءت لتطعم الصغيرة بحضنها لتجدها سابحة بنومها وهي تمضغ ما تبقى بفمها الصغير.

امسكت كأس الماء وحاولت جعلها تشرب منه كي تبتلع الطعام الذي ظل بفمها. 


وتحركت بعدها دون النظر له كي تضعها بمكانها، اطال صمته ونظرات عيونه التي علقت خلفها لتزيد من ارتباكها وخجلها


(لا اعرف ما به وما هذا الوضع الذي أصبح عليه وكأنه فقد عقله تماما. 

فهو داخل حرب قوية يعذب بمشاعر غير مفهومة وغير واضحة وغير معترف بها لديه. كل ما يعلمه انه يريدها بجانبه بحضنه يرى ضحكتها وفرحتها وأمانها. يريدها ان تكون ابنته و امه و عائلته. اكبر همه أن لا تبتعد عنه. لماذا؟ لا يعرف هو إجابة هذا السؤال. فلقد احبها بشكل زائد عن الحد و وضعها بمقام اكبر واعلى من الحب لدرجة جعلته يتعذب بحبه دون ان يشعر.)


و بعد مرور وقت على نوم سيلين خرج يوسف من غرفة لي لي وهو محتضنها متوجهًا بها نحو غرفة من ملكت قلبه ليضعها بجانبها على الفراش كي تكون حجة لنومهم جميعا بنفس الغرفة. 


اتخذ من ابنته حجة له كي ينام بجانبها بعد ان حاول لساعات النوم بمفرده وعلى فراشه بدونها ولم ينجح. 


سحرته بجمالها الذي استحوذ على عقله وقاده لحمل ابنته والذهاب لغرفتها كي يشاركها فراشها ويستمتع بوجهها المضيء.


نام فور وضع رأسه على الوسادة بجانبها وهو ممسك بشعرها الحريري كعادته.


وبمنتصف الليل تقلبت سيلين بنومها مستشعرة بوجود احد بجانبها، فتحت عينيها بصعوبه لتنظر نحوهم بوجه ابتسم وارتاح بمأمنه عائدا لنومه مجددا

استيقظ يوسف بالصباح ليجد نفسه على حالته مازال ممسك بأطراف شعرها.

نظر نحوها لتتسع عيناه عندما رآها قد ازدادت جمالا فوق جمالها بنومها.

امسك الغطاء ورفعه عليها ليس من اجل التدفئة بل فعلها لأجل تخبئتها عن نظره كي يستطيع تركها والتحرك من جانبها قبل استيقاظها بل قبل فقدانه لعقله الذي اعتقد أن ذهابه اصبح اقرب من القريب. 


وبعد وقت ليس بكثير خرج يوسف من الحمام ليجدهم مازالوا نائمين ارتسمت ابتسامة على وجهه حين لاحظ ابنته الصغيرة وهي تمسك بحفنة من شعر سيلين بيدها بقوة.


استيقظت سيلين بهذه اللحظة لتجده يقف بجانب الفراش ينظر نحوهم مبتسمًا 

خجلت وتحركت لتجلس ولكن وجدت ان عليها تحرير شعرها من بين يدي الصغيرة اولا، فعلتها ببطء و وقفت منصدمة بقربه وامساكه بخصلات شعرها لم تستطع رفع عينيها به من شدة خجلها. 


 تحدث شاردًا بجمال شعرها ليقول

 "أصبحت محبة لهذا الجمال كأبيها فلا يمكن لأحد أن يراه دون الوقوع بحبه" 


رفعت نظرها متفاجئة مما خرج منه لينظر هو ايضا لها دون ان يعي ما قاله فلقد ذهب وتبخر عقلة منذ زمن. 


احمرت وجنتاها وخفق قلبها بسرعة كبيرة نظرت لتقاربهم و لشعرها الذي ما زال يتحرك بين أصابع يده وهي خجلة. 


رفعت كتفها لتصل به لرأسها وهي تخفض عينيها مندمجة بهذه اللحظات الساحرة التي لم تستطع مقاومتها ولكنها عندما اخفضت نظرها ليأتي على فستانها زادت خجلا وارتباكا. 


تحركت مبتعدة عنه وهي تحاول ان تنزل الفستان لأسفل كي تطيل من طوله القصير قائلة

" علي ان ابدل ملابسي قبل أن تستيقظ لي لي. وايضا لدينا اجتماع مهم علي أن أصل قبل الجميع لإكمال بعض المهام"

 

أومأ يوسف رأسه بالموافقة دون ترك شعرها

 ازدادت خجلا ليس فقط من لمسه لشعرها بل لنظراته المطولة لعيونها وكأنه غرق بهم دون منقذ، رفعت سيلين يدها بخجل شديد وسحبت شعرها من بين يده وتحركت مسرعة نحو الحمام.

ولكنه حتى هذه اللحظة لم ينتبه على نفسه وعلى شروده فظل ينظر نحو باب الحمام مبتسمًا حتى بعد اغلاقه.


في شركة أورهان لصناعة الفولاذ 

 وبعد مرور الوقت كان الجميع قد هيئ نفسه للاجتماع وصل شاهين بيه ومحامي شركته ومساعدته الخاصة الى مكتب أورهان بيه 

دخل يوسف المكتب وخلفه سيلين وباقي الموظفين اقترب يوسف ليرحب بشاهين بيه الذي وقف ليسلم عليه وهو يكمل حديثه مع اورهان الذي كان عن تحفة اثرية نادرة اقتناها مصنوعة من الخزف الصيني وعن انها تحفة نادرة جدا صُنع منها القليل، 

نظر شاهين ليوسف وهو ما زال يصافحه قائلا

 " ولكننا لم نستطع إيجاد ما وجدتهُ، فانت اكثر شخص يفهم بالقطع النادرة" 

نظر له يوسف متسائلا بعيونه ليرد شاهين له 

"اذواقنا و اعيننا متشابهين برصد الاشياء المختلفة و النادرة الوجود" وأشار بعينيه نحو سيلين.

اختار يوسف تجاهل كلامه و ادعاء عدم الفهم كي لا يحدث مشاكل بوسط اجتماع مهم كهذا.. 

اقتربت غمزة لترحب بشاهين بيه ليتحرك يوسف بهذه اللحظة مقتربا  من زوجته  التي كانت تضع الأوراق وتنظم المهام بجدية كالعادة، وبعد السلام والترحيب وتوجه الجميع نحو طاولة الاجتماع نظر اورهان بيه لهم وهو يترأس الاجتماع قائلا 

"ما دمنا جميعا هنا لنبدأ على الفور. لا أريد ارهاقكم ولا التحدث كثيرا بالطبع تحدثنا وتناقشنا وايضا هناك بعض البنود اضفناها البارحة للائحة الاتفاقية ان تم الموافقة عليها نتوكل على الله ونوقع الأوراق" 

تنقلت نظرات يوسف طوال الاجتماع بين شاهين وسيلين فغيرته عليها جعلته لم ينتبه لاجتماع مهم بهذه الدرجة 

و كان محامي الاطراف يراجعون الأوراق لأخر مرة قبل التوقيع ليقول شاهين

" نظرنا للبنود ورأينها غير ضارة للصالح العام لهذا تمت موافقتنا عليها مع انى ارى انكم كنتم زائدون قليلا هذه المرة " 

ضحك أورهان برده

" ليس الى هذا الحد نحن بأول الطريق عليك ان تتحدث عن الزيادة فيما بعد" 

ليبادله شاهين الضحك وهو يقول

 " انت تقول احذر منا ولكنني اعلم مع من أضع يدي واطمئن بوضعها. شاءت الأقدار أن يكون لي نصيب ان اشاركك بعمل كهذا فيكفيني هذا الفخر وهذا الشرف" 

ثم نظر شاهين للجميع وقال

" حقا ان لم اربح بهذا العمل سوى البقاء بجانب أورهان بيه سأفعل هذا وبكل حب" 

شكره اورهان ومدح به وبشركته وانه يثق بنزاهتهم ولهذا وافق على مشاركتهم 

ليعيد شاهين حديثه عن امتنانه للعمل بجانب شخص كاورهان بيه وانه مستعد للتوقيع على بنود اكثر مما وقع عليها فهو يعلم جيدا انه لن يظلم أحد بجانبه.

كان المشروع عبارة عن فتح شركة مشتركة بروسيا لصناعة الفولاذ وتوريده 

وبعد التوقيع والاتفاق كلف أورهان مهمة اختيار المكان وانشاء الشركة وتأسيسها لشاهين ومن ثم سيذهب هو لإتمام باقي الأعمال و المكوث لفترة حتى يطمئن على سير عملها 

انتهى اجتماع دام لأكثر من ساعتين ليغادر الجميع تاركاً شاهين واورهان بمفردهم بالمكتب و قبل خروج سيلين طلب شاهين منها ان تضايفه من قهوتها الخاصة ان سمحت بهذا. 

ابتسمت سيلين ابتسامة خفيفة وقالت 

"طبعا و بكل صدر رحب. ساعدها على الفور" 

وتحركت نحو ركن القهوة كي تحضرها ليتراجع يوسف عن الخروج من المكتب ويعود ليجلس امام اورهان منتظرا انتهاء إعداد القهوة وهو يشعر بضيق اتجاه شاهين.

 

بدأت الأحاديث تتداول بين اورهان وشاهين حتى أتت سيلين بالقهوة تفاجأوا بقيام يوسف واقترابه من زوجته بعد وضعها للقهوة على الطاولة 


قائلا لها 

" هيا بنا لقد تأخرنا علي صغيرتنا" 

وامسك يدها وتحرك بها متجها نحو الباب ليخرج منه مكملاً نحو مكتبها وهو غاضب.


استغربت من حالته تحركت بجانبه وهي تسرع قليلا كي تلحق خطواته الواسعة ليتركها بعد وصولهم لمكتبها قائلا لها 

" اذهبي انتِ بجانب لي لي وسأذهب انا لأغسل وجهي وازيل اجهاد العمل قليلا واعود".

وتحرك بنفس سرعته وغضبه نحو مكتبه لينفجر بمجرد دخوله المكتب ويقول 

" لقد تعديت حدودك اين الادب والمثالية التي كنا نسمع عنها" 

غار وغضب عليها حتى عاد ليبرر لنفسه من جديد انها حتى وان لم تكن زوجته حقيقية الا انها امام الجميع زوجته وعليه ان يحافظ عليها من عيون الذئاب و يبعدهم عنها. 


جلس على مكتبه وهو يتذكر وجه شاهين المبتسم وهو ينظر لمن سحرته طالبا منها القهوة ليغضب اكثر ويصدم المكتب بيده..

 

ودع أورهان شريكه الجديد الذي استأذن من اورهان ليعود لأعماله، تحرك شاهين وخرج مغلقا الباب خلفه مستمعا لاصوات قهقهات الطفلة الصغيرة استدار لينظر خلفه وعاد لينظر بجانبه ليجد الممر فارغًا

تحرك وهو يقترب من باب الغرفة النصف مفتوح ليتأكد انها لي لي وسيلين .


دخل بهدوء ليرى انهم يفترشون زاوية من زوايا المكتب تم اخلائها خصيصا للطفلة حيث فرشت الارضية بفراش خاص باللعب و توزعت العاب الطفلة بعشوائية في هذا المكان.

كانت لي لي تمسك بدبدوب تلعب به وهي تتحدث وسيلين تجيبها بكلماتها الغير مفهومة و كأنها بحوار جاد معها لكنها بنفس الوقت تقلب بأوراق الملف الذي بيدها تعمل عليهم.

 

وقفت المربية وهي تقول 

"تفضل سيدي هل تأمر بشيء" 

أُسر شاهين بجمال سيلين الغير مصطنع كما اعتاد أن يرى الوجوه برتوش و مساحيق تجميل فكلما رآها تذكر لوحة فنية نادرة اقتناها في مزاد خاص.


وقفت سيلين لتقترب منها لي لي ممسكة بيدها  ليبدأ حديثه وهو ينظر للصغيرة قائلا 

" جميلة جدا كالكتكوت الصغير" و ضحك 


نظرت لصغيرتهم بوجه مبتسم و فرح مما سمعته متحدثه بعد ذلك وهي تنظر نحو ضيف مكتبها

 "تفضل شاهين بيه. هل هناك مشكلة بالأوراق ؟" 

اجابها بسرعة 

 " لا من أين اتيتِ بهذا، سمعت صوتكم و احببت ان اراى تلك الصغيرة التي ملئت ضحكتها الشركة" 

بهذه اللحظة دخل الاسد الغاضب المكتب و هو ينظر  نحوهم تحركت لي لي نحو والدها ليحملها، ازدادت غيرته التي تشتعل بداخله مما زاد شعوره بعدم الارتياح من شاهين.


 حمل ابنته بيد و تحرك باتجاه زوجته وهو يقترب منها ليحتضنها هي ايضا من خصرها قائلا " بماذا كنتم تتحدثون بدوني" 


نظرت له دون رد فهي لا تعلم حاجة شاهين منها حتى الان.


مال عليها ليقبلها ويزيد من خجلها لتميل لي لي هي ايضا كعادتها على سيلين لتقبلها ثلاث قبلات متتالية ثم قبلت ابيها بنفس الطريقة.

 

نظر يوسف نحو شاهين بعيون منتصرة وكأنه يقول له هذه عائلتي.

وبلباقة واناقة عالية تمنى شاهين لهم دوام السعادة والحياة المستقرة الجميلة وخرج من المكتب

 على الجانب الآخر كانت هوليا تمر بفترة صعبة فبالرغم من نجاحها المنقطع النظير اذ اكتسبت اعمالها شهرة جيدة في الوسط الفني و تميزت لوحاتها بلمسات خاصة تجعل من يراها يحس بالشباب والانطلاقة والحيوية إلا أنها كانت حزينة تميل للعزلة والانفراد   بنفسها بعيدا عن الضوضاء والحفلات لتنظر الى صور ابنتها بحسرة و حزن لرؤيتها بهذه الحالة الفرحة مع امرأة اخرى قد زاد هذا من ندمها على كل لحظة قضتها بعيدا عن ابنتها. 


كان أكثر ما يؤلمها هي تلك الصور التي تنشر بصفحة سيلين الشخصية وما تكتبه أسفلها من عبارات

 "صغيرتي الجميلة. سعادتي تكمن بضحكة اسنانكِ اللؤلؤية"

وغيرها من الكلمات الصادقة التي تصف عمق شعور سيلين تجاه لي لي و كأنها هي من انجبتها. 

هذه الكلمات وهذه الصور الحميمية الصادقة جعلت هوليا تشعر بالغيرة بشكل حاد حتى تملكها دائما الغضب والضيق والاختناق حتى وهي بأفضل حالاتها.

أغلقت هاتفها و هي تتحرك كي تستعد لحفل افتتاح معرض لبعض من لوحاتها لكنها أحست فجأة بدوار شديد و كأن الدنيا تدور بها لتعود الى الجلوس سريعاً و هي على وشك ان تفقد وعيها. 

تكرر دوران رأسها بالآونة الاخيرة لعدة مرات ولكنها لم تخبر احداً 

جلست و شربت بعض الماء لتعود الى رشدها وبعد ان هدئت وشعرت بالاحسن وقفت من جديد وهي تقول لنفسها 

"من المؤكد انه حدث. اخ كيف حدث وانا حذره جدا بهذا الأمر"

اقتربت من حقيبتها الشخصية واخرجت منها اختبار الحمل وتحركت نحو الحمام وهي ترجوا من الله ان لا يكون حملًا

توالت الأيام حتى جاء يوم العطلة وتجمعت العائلة الجميلة بقصر الفولاذ 

وقف كلا من فضيلة واورهان  بجانب الارجوحة الجميلة وهم يتعاونون على هز لي لي و اضحاكها و اللعب معها مستمتعين بدور الاجداد الذي اعطته لهم منذ وصولها.

 فلقد تدللت عليهم بلعبها وضحكتها حتى اسرت قلوبهم فأصبحوا عاشقين لهذا الوجه الطفولي الجميل. 

تداولت الأحاديث بينهم ليعبر أورهان عن مدى سعادته اليوم برؤية ابنته وهي سعيدة وسط عائلته مؤكدًا على ضرورة تكبير هذه العائلة قريبًا برؤية المزيد أطفال 


( شكلنا ياعمو هنشوف عيالكم قبلهم ☺️) 


اخذتهم كثرة أحاديثهم ولم ينتبهوا على اختفاء الزوجين من الوسط 

تساءل اورهان أين ذهبا هذان الاثنان لترد فضيلة هانم بابتسامة و عيونها تلمع قائلة 

"شابان واقعان بالحب، من المؤكد أنهم سيستغلان الفرص للاختفاء خصوصا بعد وضع لي لي في عهدتنا" 


( الاخت فضيلة بتلمح على حاجه ولا انا فهمت غلط ههههههه☺️) 


نظر اورهان لها قائلا 

"انتِ محقة فمن المؤكد ان قلبه اراد ان يختص بها ليتحدث معها وينظر إليها بكل اريحية" قالها لها بعيون محبة تنظر لعيونها كي تشعرها بما في داخله وكأنه يستنجد بها كي تأتي إليه لتكسر وحدته وعذاب الليالي المظلمة الحزينة المملؤة بالذكريات المؤلمة.


أما هي فلم تجب عليه سوى بنظرات متبادلة وحركة رأس تشير إلى اندماجها وانسجامها مع حديثه . 

يتبع ..

 ‎إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.


الليالي المظلمة الفصل الثالث والعشرين
Wisso

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  • غير معرف30 يناير 2025 في 12:05 ص

    روعه تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • غير معرف7 فبراير 2025 في 12:50 ص

      الغيرة ولعت الأجواء اللى مكهرب من الأساس من يوسف المندوب فى البيت ويولع فى الشغل 🤣🤣🤣🤣🤣

      حذف التعليق
      google-playkhamsatmostaqltradent