recent
جديدنا

الليالي المظلمة الفصل الرابع والعشرين

Wisso

 

      رواية الليالي المظلمة  

                             بقلم أمل محمد الكاشف


وقف يوسف اعلى قصر الفولاذ محاولا اقناع سيلين ان تتقدم الى الامام قليلًا، شعرت فور صعودها بالرعب و الخوف فالمنظر صباحا ليس كما رأته ليلا  ،بقيت مترددة بجانب الباب ترفض الحركة و الكلام فكل ما بدر منها هو هز رأسها بالرفض بعيون واسعة مليئة بالخوف

ضحك على حالتها وهو يقترب منها ليهدئها قائلا 

" حسنا اغمضي عينيكِ و اعطيني يدكِ واتركي نفسكِ لي" 

نظرت له بصمت ليكمل قائلا :

" هل تثقين بي"

ترددت من خوفها ولكنها اغمضت عيونها ومدت يدها معلنة أنها تثق به وكثيرا أيضا 

فرح يوسف وبدأ بتحريكها حتى وصلا لنفس المكان السابق بجانب مجسم الفولاذ الكبير، تحرك ليجعلها أمامه وهو يحتضنها من الخلف ليهمس بإذنها قائلا


" لا تخافي انا بجانبك لن اترككِ، ما دمت معكِ لن اسمح ان يصيبكِ اي اذى" 


زادت دقات قلبها ليس فقط بسبب الخوف ولكن الاكثر سبباً هو قربه منها و صوته القريب من اذنها وهو يتحدث بهمس ليجعلها تنسى ما هي به وتتذكر فقط قربه وصوته.

حدثها عن جمال ما يراه امامه قائلا:


"المنظر هذه المرة اجمل بكثير من المرة السابقة فهو واضح المعالم حتى الهواء مختلف" 

تنفس يوسف بعمق قائلا بصوت حنون

"افتحي عينيكِ و تأملي جمال المنظر"


وبدأ ينظر لوجهها من الخلف ليكمل حديثه هذه المرة وهو يصف جمال المنظر الذي ينظر إليه و رائحة الهواء العطرة التي تتدفق من مضيق البسفور


فتحت سيلين عينيها لترى انه محق فالمنظر بوضح النهار أجمل بكثير خصوصا انها بالمرة السابقة كانت خائفة حتى من لمسه.

وقفا يتأملان جمال البسفور بسكون و بدون كلام لا اعلم هل يستمتعان بجمال البسفور ام بحضنهما سكونهما وانسجامهما بمشهد رومانسي ساحر .


نظرت للسفن المتحركة في المضيق بينما هو كان يتأمل جانب وجهها و يستنشق رائحتها الممزوجة بنسيم البسفور.


تحدث مرة أخرى ليقول

" هل تسمحين لي برقصة جميلة هادئة أمام هذا المشهد الساحر" 

استدارت سيلين برأسها لتنظر له لتجد وجهه امامها كادت العيون والوجوه تتلاصق، لاحظت تقربه البطيء من وجهها الذي بدأ بالتلاصق الفعلي لتتحرك مبتعدة قليلا وهي تقول 

" لا يمكن ما زلت اخاف من التحرك فما بالك بالرقص وايضا تأخرنا على لي لي "

لا احد يعرف مع من كانت تتحدث بعد ان فقد عقله وذهب بعالم السحر والأحلام.

ادارها ليجعل وجهها مقابل وجهه وتقرب منها ليحتضنها ويرقص معها وهو يقول 

" اعدكِ أنه سيكون بدون حركة " 

اغمض عينيه وهو يتحدث متخيلا معها انهما بحفل كبير وهي تنزل الدرج بفستانها الذهبي.


 ابتسم قائلا لها :


"وطبعا انا سأكون مرتدياً طقماً رسمياً فلا يمكنني الذهاب للحفل بالبيجامة " 


 ضحكت ليضمها اكثر إليه وهو يكمل حلمه قائلا


" سيتقدم الفارس الذهبي نحو الاميرة ليطلب منها اكسير الحياة " 


تحركت قليلا للخلف كي تنظر لوجهه وهي تقول


 " اكسير الحياة؟ انتظر من تقصد بالفارس االذهبي؟ " 


ضحك يوسف ورفع يده ليحرك رأسها كي يضعها على صدره مرة اخرى وهو يكمل


 " وهل هناك فارس غيري..."

وأكمل بضحك متفاخراً 

" ستتقاتل الاميرات للفوز بهذه الرقصة لكن الفارس سيختص بها صاحبة الشعر الاسطوري. سيأخذها بين يديه ليدور بأرجاء الحفل وهو محتضنا لها تحت انظار كل الاميرات"


كان يحكي لها ويصف جمال رقصتهم ودورانهم وتألقهم تحت الأضواء. طاروا وذهبوا بدنيا الاحلام فجمال حضنهم وانسجامهم ورأس سيلين التي تتحرك على صدره باستمتاع يشرح جيدا عاشقهما لبعضهما، حتى طول مدة هذه الرقصة و حالة الصمت والسكون والاستمتاع فقط بتلك اللحظات لا تشير ابدًا لعلاج بل تشير فقط لقلبين متحابين عاشقين. 


( الواد  بيضيع ياوديع راح الاسد في شربة مية🏃‍♀️🏃‍♀️🏃‍♀️🏃‍♀️) 


وبوسط الأحلام وهيام كل منهما بقلب الاخر أتى الى مسامعهم صوت أورهان بيه الشبيه بالصراخ من علوه، كان ينادي على يوسف وهو يبحث عنه، حاول ان لا ينتبه للصوت وكأنه يسمع اسم غير اسمه بهذه اللحظة ابتعدت وهي تصر عليه أن يرد عليه، ومع تجاهل يوسف لاورهان واصرار سيلين على الرد تحركت هي هاربة من بين يديه تحاول العودة لباب سطح القصر بخوف وحذر.


فظل ينظر لها من الخلف مبتسماً ليعلوا صوته قائلا


 "أنا قادم إليكم" 


استمرت أجواء النزهة بشكل ممتع كان اللعب والضحك والاستمتاع بجمال الأحاديث العائلية اكثر ما جعلها مميزه، طبعا بجانب لي لي التي أضافت الفرحة والسعادة على الجميع وخاصة والديها 


فظلت تتحرك وتركض وتلعب وتتدلل و تغني وهي تأكل حتى نامت بآخر اليوم في حضن سيلين وكأنها سقطت بنومها غارقة بأحلامها السعيدة نعم سعيدة فهذه السعادة ظهرت على وجهها المبتسم بعد نومها.


انتهى حفل الشواء وطعام العشاء لينتهي معه يوم جميل ممتع تواعد الجميع على اعادته مرة اخرى

وسط الأضواء والنجوم اللامعة و في قمة نجاح هوليا بحياتها العملية كانت هي شاردة تنظر لحياتها وكيف اصبحت بمرور الأيام القليلة فبعد اطمئنانها انها ليست حامل اكملت حياتها دون اعتناء او اهتمام بصحتها التي بدأت تتدهور بشكل ملحوظ حتى اصبحت علامات تدهور صحتها اكثر وضوحاً عندما لم يتوقف الأمر عند شعورها بالدوار فقط ليصطحبه صداع مزمن مصاحب لارتفاع بسيط بالحرارة بجانب انعدام شهيتها للأكل 


كانت تفسر هذا أنه من كثرة التوتر وضغطها بالعمل و فوق ذلك اشتياقها لابنتها التي لم تسمع حتى صوتها منذ وقت طويل 


وقفت بوسط اصدقائها و اهلها و جان الذي يتحدث ويضحك مع الحضور وهي تجاهد تعبها دون انتباه أحدهم لها لتشعر فجاة بعدم القدرة على التنفس. بدأت رؤيتها تظلم وكأنها تسقط في حفرة مظلمة كل ما شعرت به ورأته هو نظرات القلق بعيون جان حين شددت من قبضتها على ذراعه ليأتي بعدها ظلام دامس حين سقطت مغشيا عليها وسط قاعة العرض لينذعر الجميع ويسرع لمساعدتها.


تم نقلها للمستشفى بسرعة شديدة بعد أن فشل الجميع بمحاولات استعادتها لوعيها.

استيقظت لي لي فور عودتهم من نزهتهم، حاولا ان يجعلانها تعود لنومها مرة اخرى دون جدوى فهي تتهرب من نومها ومن غرفتها بتجولها بين الغرف بالطابق العلوي 


تركتها سيلين مع ابيها كي تبدل ملابسها ليأخذها هو لغرفتها ليلعبها بألعابها الغريب بالأمر أنه كان يريد ان يطير النوم من اعينها بعد ان اوصته سيلين ان يظل هادئا أمامها ويمثل النعاس والتثاؤب وان لا يضيء انوار اضافية كي تعود للنوم. ولكنه يفعل العكس تماما حتى سمع صوت فتح باب غرفتها ليبدئ بالتثاؤب وتمثيل النوم. 


دخلت سيلين عليهم الغرفة وهي خجلة تنظر نحو لي لي قائلة


 " حان موعد النوم لا يمكنكِ السهر أكثر من هذا تأخر الوقت" 


تحرك يوسف من صدمته وأسرع خارج الغرفة وهو يقول


 " سأبدل ملابسي واعود"


( الجري نص الجدعنه هههههههه 😂) 


استغربت سيلين من سرعته وخروجه لتتحرك كي تجلب بيجامة لي لي القطنية وبدأت تبدل لها ملابسها وهي تغني لها تهويدة النوم، رفضت لي لي  النوم وهي تهز رأسها بالرفض حتى أنها تهربت منها بأرجاء الغرفة يمينا وشمالا 


تحركت خلفها وهي تحدثها بوجوب نومها لتتفاجأ بضحك الصغيرة وخروجها من الغرفة مسرعة نحو غرفة أبيها قائلة " بابا بابا" 


خرج يوسف من الغرفة وهو يرتدي سترة بيجامته حاملا ابنته بضحك تحدث به 


" من الواضح ليس لنا قسمة بالنوم اليوم" 


ابتسمت سيلين هي ايضا واستدارت وهي تقول له " نعم واضح بعيونها "


ابتلع ريقه وهو ينظر لثوبها الجميل.


ظلت لي لي تعذبهم خلفها ليغنوا لها ويلعبوا معها ويقرؤوا لها القصص واحدة تلوا الاخرى حتى ناموا وهم بجانبها ينتظرون نومها. 


وهذا ما كان يسعى إليه يوسف كل ليلة، فأصبح لا يستطيع النوم بعيدا عنهما يفتعل الحجج كي ينام بجانبهما حتى وان ضاق فراش لي لي بهم 


استيقظت سيلين ليلا لتجد نفسها بحضنه نائمة على صدره، رفعت رأسها لتجد لي لي نائمة بجانب والدها بالطرف الاخر حركت نظرها لتنظر نحو يده التي تحاوط اكتافها لتعود لتنظر لوجهه المبتسم وهي لا تصدق ما هي به، بهذه اللحظة وعلى غير المنتظر ارتسمت ابتسامة جميلة سعيدة على وجهها البهي 


لتنتقل بنظرها بين وجهه وصدره موضع رأسها لتزداد ابتسامتها وهي تعود برأسها كي تضعها بكل حب واريحية. 


بهذا الوقت لم تكن تتوقع حركته ليزيد من احتضانها وهو يقرب رأسه من رأسها


لتنام سعيدة فرحة بقلب اسُرعت دقاته لتمر ساعات الليل الجميلة بهذا الشكل لم يكن الاستيقاظ ليلا مقتصرا عليها. 


حارب يوسف نومه لينام بعض الوقت ويستيقظ البعض الاخر ليستمتع بوجودها بحضنه وحالة وجهها المبتسم احتضنها اكثر داخله وهو يستنشق هواء نسائمها داخله. 


وبآخر الليل وقبل شروق الشمس استيقظ يوسف بلا عودة للنوم ليتمتع بالوقت المتبقي وهي بحضنه ليفقده عقله شيئا فشيئا.


شعرت سيلين بتغير طريقة احتضانه لها صمتت مستسلمة لمشاعره الجياشة وشوقه ومحبته لينتج عن ذلك اول تقارب حقيقي صريح بينهم حتى كاد ان يجعلها زوجته بشكل كامل لولا استيقاظ لي لي و طلبها للماء و تحركها لتفصل بينهم وهي تبكي مغمضة العين تريد ان تأخذ سيلين من بين احضان والدها وتريد الماء ايضا. 


وبصعوبه كبيرة استعاد يوسف القليل من عقله وحرر زوجته التي حملت الصغيرة وهربت بها للخارج.


استمر خجلها حتى جعلها تتغيب عن الشركة بهذا اليوم حتى انها اغلقت على نفسها بغرفتها حتى خرج هو لعمله.


مر اليوم على يوسف في الشركة وسط الانشغال بالعمل  وتذكره ما حدث بينهم كان يخبئ وجهه عن العاملين كي لا يروا الابتسامة التي رفضت الاختباء معلنة عن سعادته الكبيرة بهذا اليوم. 


لم يكف عن حك لحيته وشعره وشروده كعاشق مجنون بالفعل ذهب عقله بلا عودة كان من الجيد عدم مجيئها للعمل حتى لا يفضح أمام العاملين الذين لم يخفضوا أنظارهم ولا تغامزهم بالكلام عليه ولكنه استحق هذا حقاً فهل يسير المرء بممر شركته وهو يحدث نفسه ضاحكا.


عاد لمنزله متوقع عزلتها وبعدها عنه حتى عودتها لملابسها الأولية ولكنه لا يعلم انه على موعد جديد مع مفاجآت وصدمات قرمزيته فكان اللون السماوي يستقبله عند عودته ليكمل على ما تبقى من عقله 


اصبح وضع سيلين غير مفهوم هل حقا تريده زوجا لها، هل تفعلها عنوة كإشارة منها للسماح له بإكمال حياتها وسط هذا الدفئ العائلي الذي حرمت منه.


 مرت الايام بهذا الشكل يقترب منها ويهيء الظروف والأجواء كي ياخذها بحضنه ليلا ويعود بالصباح ليؤنب ويحذر نفسه فهو بأكثر من مرة يكاد ان يجعلها زوجته فعليا.

وهنا بدأ يستيقظ من غفلته وطيرانه لخوفه من ظلمه لها واجبارها على الاستمرار معه ان فعلها. 


حارب نفسه اكثر من محاربته لجمالها حتى انه حرمها من هذا الحضن وهذا الصدر الحنون الذي اعتادت ان تشعر بالأمان والراحة النفسية وهى تستند عليه مما جعلها تتخلى عن المهدئ بهذه الفترة فأصبحت بجانبه لا تحتاج الى اي مهدئات وكأنه هو علاجها و شفائها. 


طال بعده وهروبه الغير مفهوم فهو يتركها لينام مبكرا او يتحجج برغبته بالسهر لأوقات متأخره يجد نفسه بعدها يدخل للغرفة وكأنه يقتحمها كي يطلب منها الاغاثة طالبا منها الرقص لأجل العلاج.


استغربت حالته ودخوله وطريقة طلبه بل يده التي تمتد لسحبها من الفراش كي يحتضنها بقوة داخله وهو مغمض العين وكأنه يستنشق جرعة الإدمان خاصته فالمدمن الوحيد الذي يفقد عقله عند احتياجه لما ادمنه.


 لذلك يسرع نحوه دون إدراك ليأخذه وهو يحارب نفسه فداخله يريدها بقوة وعقله يحذره بقوة أكبر لينتج عن هذا عصبية وشدة بأخذهُ لما ادمنه وكأنه يدافع عن نفسه امام نفسه وعقله وادمانه.


( تأثرت كثيرا بحالته فهو من اجل ان يحافظ عليها اختار عذابه الروحي😔 ليصبح مختنق بهذه الحالة التي سيطرت عليه لتزيد اختناقه وضيقه وغضبه ببعض الأوقات 😔 و بأوقات اخرى يسيطر قلبه على عقله فيحتضنها بقوة كبيرة و كأنه يستمد منها راحته وهدوءه ليعود لحياته😔) 


لاحظت سيفدا هانم هذا الفتور و الحزن بعيونهم لتتفاجأ بحالتهم تحدثت معهم محاولة فهم ما هم به وعدم رؤيتها للفرح والحماس الذي كان يغلف جلساتهم العلاجية دون ان يتحدث احد منهم.


اتت ايام على سيلين شعرت انها غير مرغوب بها و أنه حان وقت الفراق، لم يتحمل قلبها فعلها أو قولها فكيف تذهب وتترك روحها وحياتها خلفها


ازداد يوسف حدة وغضب فعقله سيطر عليه لعدة أيام متتالية ليجعله يدور وهو لا يعرف ما يريد كما قلت لكم كالمدمن الذي يريد جرعته المهدئة. 


حاولت سيلين التدخل وتهدئته بطلبها معرفة ما به ولكنه كان يتهرب حتى من التحدث معها، ليسوء الأمر حين غضب على ابنته عندما اسقطت عليه قطرات اللبن اثناء تتدللها عليه


علا صوته وهو يغضب عليها وكأنها شابة كبيرة امامه او انها احد الموظفين و قد اخطأت خطأ جسيما 


ذعرت الطفلة و صدمت من صوت ابيها الغاضب بوجهها ولأول مرة لتسرع سيلين وتأخذها من يده لتصمت صوت بكائها.

اقترب يوسف و هو يكمل غضبه على الاثنين قائلا


 " يكفيها دلالا. لقد زاد الأمر عن الحد" 


تحركت سيلين بغضب لتبتعد عنه وهي تهدئ الصغيرة ولكنه اصر على أخذ ابنته و اكمال عقابها دون دلال 


رفضت سيلين اعطائها له وخاصة ان لي لي تعلقت بعنقها مخبئة رأسها بداخلها خوفا من أبيها وكأنها الان تركتها امها له. 


امتلأت أعين سيلين بالدموع لتصرخ بوجه يوسف لأول مرة رافضة اعطائه الطفلة وخرجت بهذا الغضب خارج المكتب متوجهة لمخرج الشركة وسط انظار العاملين التي كانت تترقب مصدر الصوت العالي

اهتز قلبه امام عيونها الدامعة و صراخها المختنق بالبكاء ليعود لصوابه محاولا ان يسيطر على نفسه. 


نظر لقطرات اللبن على ملابسه وتحرك ليأخذ منديلا من اعلى مكتبه وخرج من الشركة يبحث عنها معتقدا انتظارها بجانب السيارة حتى يخرج لها.


ولكنه غضب على نفسه عندما لم يجدها، سأل أحد أفراد الأمن ليتأكد من عدم استقلالها لأي سيارة واختيارها السير بالطرف الأيمن من الشركة .


اسرع وهو يكاد ان يكون راكضاً اتجاه سيرهم ليراهم من بعيد اسرع اكثر ليقترب منها، وعندما اقترب منها وجد ما لم يخطر على عقله ولا خياله فكانت واقفة متشبثة بلي لي في حضنها بأعين متسعة وجسد يرتعش تقف بمنتصف الطريق وكأنها تائهة.


اقترب اكثر ليأخذ ابنته منها وهو يعتذر ليتفاجأ بخوفها منه وهي تتراجع للخلف بوجه يهتز رافضاً اعطائه الطفلة او الاقتراب منه 

توتر يوسف وغضب على نفسه بل حزن بشدة ليقترب منها كطفل مذنب يترجاها ان تتحرك معه 

اقسم لها أن لا يعيدها 


 "لا اعرف كيف علا صوتي؟ وكيف غضبت؟ ولكنكِ لا تعرفين ما بداخلي.." 


لا زالت عينيها ثابتة للأمام استدار لأكثر من مرة لينظر مكان ما كانت تنظر هي ولكنه لم يجد شيء.


اقترب مرة اخرى لتنتفض دون النظر له وهي تتراجع للخلف، رفع يده كي يصدم جبهته من غضبه على نفسه ولكنه خاف عليها فاكتفى بأرجاع شعره للخلف بحزن.


لم ييأس عاد ليكلمها بصوته الحنون وبترجي واعتذار ليخرج منها أخيرا صوتا قائلة


 "كان هو ، وجدني، سيأخذني، هو كان هو".


تحرك يوسف بذعر وخوف شديد ينظر حوله ليطمئن على الارجاء وعاد ليقَول لها :


" لا ليس هو لقد حدث هذا بسبب حزنكِ مني ولكني اعتذر اقسم انني لن افعلها مرة اخرى" 

ازداد ارتجاف سيلين وذعرها وهي تقول

" لا تتركني له، رجاءً لا تتركني له" 

وهزت رأسها وهي تكمل

" لن نسكبه مرة اخرى سأفعل ما تريد ولكن لا تتركني له" 

وبدأت بحالة الذعر خاصتها لتفيض الدموع من عيونها كالأنهار وهي تقترب من الأرض شيئا فشيئا متمسكة بالطفلة الخائفة بحضنها


نظر يوسف للطريق كي يستقل سيارة اجرة، ليجد اورهان امامه ينزل من السيارة مذعورا خائفا وهو يقول

" ماذا حدث هل انخفض ضغطها " 


ولكنه تفاجأ بحالتها لتأتي صورة ابنته أمام نظره فجاة كالبرق يضوي بوجهها بعد ان دخلت بنوبة ذعر شديدة تهتز بجسدها ورأسها هزا قوياً..


لم يتوقع اورهان لجوئها له وقيامها من جديد لتدخل هي والطفلة بحضنه قائلة


 " لا تتركني له. انت لن تتركنني له. هل ستتركني هل ستجعله يأخذني"


ضمها اورهان داخله والدموع تفيض من عينيه


" مستحيل ان اتركك مستحيل ان اجعل احد يؤذيكِ ما دمت حيا"


رددت بخوفها


 " رأيته، لقد اتى، وجدني، سيأخذني، سيعيدني له" 


تحرك اورهان بها ليدخلها سيارته وهو يقسم لها انه لا يتركها لأي احد يؤذيها.


ليتحرك يوسف ليجلس بالجهة الاخرى لتكون سيلين في الوسط 


اسرع يافوز بقيادة السيارة ليقول اورهان ان يسرع بطريقه لمنزله.


نظر يوسف معترضا دون كلام امام نظرات أورهان القوية الغاضبة تجاهه.


 واخيرا استطاع يوسف حمل ابنته بحضنه بعد ان غمرها بحنانه وجعلها تطمئن له من جديد، استدعى السيدة انيسة لمنزل أورهان بيه كي تعتني بالطفلة فحالة سيلين لا تسمح لها ان تعتني بأحد بل هي من تريد ان يعتنى بها.


 ظلت تردد لا تتركني رجاء ليأخذني حتى سيطر عليها مفعول جرعة الدواء المضاعفة. 


فأصبحت نائمة بحضن يوسف الجالس بجانبها على الفراش ممسك بيدها وهو يحتضنها يحنو على ظهرها بهدوء وحزن متألم على انتفاضها و فزعها بنومها وكأنها تجاهد احدا او تحاول الهروب.


غضب لحالتها و لكابوسها مما جعله يشدُ على قبضة يده بقوة وكأنه سيلكم احدهم ليطرحه ارضا.


ظل على هذه الحالة بدون نوم يتألم على ألمها وخوفها ليغفل قليلا بنومه، و قرب الفجر بدقائق معدودة استيقظ على حركتها بحضنه وصوت ذعرها وهي تتمسك به قائلة


 " يوسف لا تتركني يوسف سيأخذني" 


انتفض  من نومه وهو ينظر لها ليستوعب ما تقوله ليسرع بتهدئتها قائلا 


" لا يمكن لأحد ان يمس شعرة منكِ وانا بجانبكِ لا تخافي انتِ معي" 


واحتضنها مرة اخرى ولكنها ما زالت تكرر نفس الكلمات 


" لا تتركنني له ، رأيته جاء ليأخذني" 


مع الاسف ارتفعت حرارتها من شدة ذعرها فأصبحت تهلوس من خوفها اكثر واكثر.


 كان يضع لها الكمادات وعينيه تدمع عليها ليس هو فقط فكان أورهان يقف خلفه باكيا يسترجع ذكرياته المؤلمة مع ابنته وكيف كانت بنفس حالتها. 


ساءت حالة سيلين لتعيش نفس المأساة بحلمها لتتحرك يمينا وشمالا وهى ترفس بأرجلها مدافعة عن نفسها منادية على أبيها لتستغيث به ان يخلصها منه. 


كانت تصرخ


 " اتركني، لاااا ابتعد عني،  اتركني" 


انهار يوسف بجانبها وهو يأخذها بحضنه ليوقظها من كابوسها ويطمئنها انه بجانبها قائلا لها 


"مستحيل لاحد ان يفعل بكِ هذا وانا بجانبك" 


كانت كلما صرخت او استنجدت كلما زاد بكاء يوسف و احتضانه لها 


ساءت حالة اورهان اكثر واكثر ليجلس على المقعد الجانبي منهارا من جديد وكأن ابنته هي من تصرخ وتبكي وتستنجد، بالأصل هو لا يسمع ولا يرى سيلين فكل ما يأتي الى أذنيه صوت صراخ ابنته و ارتجافها ورعبها بحضنه. 


كانت ليلة من أسوأ الليالي المظلمة انب يوسف نفسة كثيرا ووضع كل الذنب عليه معتقداً أن ما حدث معها نتيجة غضبه الزائد عليها وارتفاع صوته لأول مرة أمامها بهذا الشكل.


ولكنه لم يعلم أنها حقاً راته كما انها سمعت صوت امها وهي تناديه ليركب الحافلة قبل تحركها، و من حسن حظها انه لم يتأكد من كونها هي.


حاولت سيلين اقناع الدكتورة سيفدا انها رأته امامها وسمعت اصواتهم بكت وهي تقسم لها انه كان هو لقد صدمت برؤيته امامها صدفة.


لم يتعرف عليها بأول الامر ولكنها عندما اتسعت عينيها وثبتت عليه دون حركة منها تعرف عليها ليتلفظ بأسمها.


اقسمت انها سمعت صوت امها تنادي عليه ولكنها لم تستطع تحريك رأسها ولا عينيها وهي بهذه الحالة كي تنظر إليها.


وبدأت تبكي وهي تقول


 " لقد تعرف علي وعلم مكاني، مجيئه إلي واسترجاعي مسألة وقت فقط " 


تحرك يوسف على مقعده واحتضنها بقوة داخله وهو يؤكد لها ان من المستحيل لأحد ان يؤذيها وهو بجانبها.


تحركت سيفدا ايضا واقتربت منها لتعطيها الماء وتهدئها حتى بدأت تحدثها عن  شجاعة زوجها وانها الان بيد امينة ولديها من يحافظ عليها ويحميها.


حركتها سيفدا لتجلسها على الأريكة كي تكون براحتها اكثر لتحدثهم  فور جلوسها قائلة 


"انتم لا تعلمون شره. لا تعلمون ماذا يمكنه ان يفعل ليأخذني"


مدت يدها وهي تنظر ليوسف ليتحرك ويجلس بجانبها وهو يضمها له مستمع لحديثها


" ارجوك لا تصدقه ارجوك لا تجعله يتحايلُ عليك. ارجوك لا تعجلني أعيش تلك الأيام مجددا ارجوك"


قبل رأسها بقوه وعيون حزينة وغاضبة وقفت سيفدا متأثرة بحالتها المحزنة قررت ان تعطيها جرعة صغيرة اضافية من المهدئ كي لا تزداد سوءا. 


لتصبح سيلين بعدها جسدا بدون روح تتحدث بهدوء شديد وهي بحضن يوسف تنظر للفراغ امامها قائلة


" لا اعلم ماذا حدث ولكني استيقظت على صوت خالتي وهي تصرخ على امي تحذرها منه. لقد فعل ما لا يخطر على عقل احد كي يأخذ ما يريد. نظرت لنفسي لأجدنني عارية أسفل الغطاء"


ضمها يوسف اكثر ليسكتها وهو يقول 


" اصمتي رجاءً اصمتي لا تتحدثي اهدئي الان ونكمل فيما بعد" 


 لم يحتمل سماعها فوجهه وجوارحه لا ينبؤون بخير ابداً ولكنها لم تستمع له كانت تحكي دون انقطاع بصوت هادئ و وجه شارد مكملة


" نظرت بجانبي لأتحرك فزعا وخوفا، بعد ان رأيته بجانبي حالته كحالتي، اقتربت خالتي مني لتضع علي وشاحاً كبيرا ساترا لكل جسدي، كنت بحالة منتهية ما زلتُ اشعر بدوار شديد برأسي اتضح بعدها انه بسبب المنوم، ما زلتُ اسمع صوت صراخ خالتي على امي التي مازالت تدافع عن هذه الجريمة، وتقذفني بالاتهامات انني من يفعل هذا واراوده بعد نومها وانه شكا لها أكثر من مرة تقرب ابنتها منه. لقد أظلمت دنياي اكثر لم اعد استطيع ان استمع لتلك الكلمات والاتهامات الرذيلة حركت نظري نحو الفراش مكاني لأجد دماً على الفراش، عدت سريعاً لأنظر لنفسي لأجد اسفل رجلي دماً وانا واقفة ليغشى علي من الصدمة ولم اشعر بنفسي سوى ببيت خالتي تبحث لي عن مخرج ومهرب" 


صمتت سيلين عن حديثها وهي تكاد ان تنام من دوائها حتى انفاسها هدئت وقلت.


تاركة زوجها بجانبها يتجرع الالم والحزن وكأنه حدث هذا بعد زواجهم، وكأن زوجته اغتصبت أمام عينيه، فحالته و وجهه وعيونه الغاضبة المتألمة الحزينة تشرح اكثر من هذا.


أتى سؤال سيفدا الصادم الذي ليس بمعاده نهائياً قائلة 


" هل كان اعتداء كلي ام  مازلتي عذراء" 


نظر يوسف لها بعيون متسعة مخيفة لتتراجع سيفدا عن سؤالها.


لتأتيهم الإجابة صادمة " لا اعلم" 


اغمض يوسف اعينه حزنا وفتحها بقوة فور سماعه سيفدا تقول  لها


" هل تريدين التأكد من هذا الامر" 


تحرك وهو يرفع سيلين بجانبه كي يوقفها بعدما غضب واستنكر سؤالها الأخير. 


وقفت سيلين بصعوبة تستمع ليوسف وهو يحدث الطبيبة قائلا


 "هي الان زوجتي هي سيلين بيرقدار ، ما مضى مضى وانتهى من الان وصاعدا هي زوجتي فقط بهذا القدر "


صمتت سيفدا امام حالته و صوته الغاضب المرتفع مبررة حديثها أنها من الممكن اراحتها ان اكتشفوا أنه لم يكن كليا لم يستمع يوسف لها و خرج وهو يساند زوجته بحضنه ليجلسها بسيارته ويتحرك سريعا كي يذهب بها لمكان هادئ لا احد بهِ سواهم.


 نظرت سيلين للشاطئ بشرود جاءت لتحدثه ولكنه لم يسمح لها طالبا منها ان تسترخي فقط ، هدأ هذا الجو والهدوء الطبيعي من حالتها ليطلب يوسف منها ان تنزل لتجلس على رمال الشاطئ ولكنها رفضت مكتفية بالجلوس في السيارة التي أغلقت أمانها فور توقفهم.


 مرت ساعات صعبة لم ييأس يوسف بمحاولاته لإخراجها مما هي فيه ما زال يعتذر كلما تذكر انه السبب بحالتها.

اما هي فلقد ارهقت بمحاولاتها لإقناعه انها لم تتخيل وان ما رأته حقيقيا 

ليبدأ الخوف يدب بقلبه متسائلا ماذا ان كان حقيقيا، ماذا ان كان قد عاد فعليا، ماذا ان كان علم مكانها، وبدأ بالضغط عليها بنقطة ضعفها فهو يعلم جيدا ماذا يحدث بها عندما تذعر منه، نظر  لها وهو يقول لنفسه 


"اتمنى ان يظهر أمامي لأنهي قصته قبل بدأها"


انتهى اليوم بكل صعوباته ليأتي يوم جديد جعله يوسف عطلة خاصة بهم  


حاول بها الاعتذار من ابنته و وسيلين عن ما صدر منه 


اما سيلين فما زالت متأثرة بالمهدئ فهي تتحرك بهدوء وتتحدث وتلعب بسكون شديد مع لي لي التي شعرت بتغير سيلين فظلت بحضنها وكأنها تطمئنها بقلبها الصغير  

رن جرس الباب لترتبك سيلين وهي تنظر للباب اسرع يوسف الذي نزل من الاعلى وهو يقول 


" انه لي انتظروا" 


فتح الباب وخرج ليتحدث مع أحدهم ثم عاد وهو حاملا بيده حقائب هدايا.


وعاد ليقف  امام ابنته وزوجته وهو رافع يداه بالحقائب امام انظارهم  


لتسأل سيلين " ما هذا؟" 


ابتسم و وضعهم على الطاولة وبدأ يخرج منه فستانا صغيراً باللون اللبني منفوخ و مزين برسومات الاميرة روبنزل صاحبة الشعر الذهبي الطويل فرحت لي لي بفستانها الجميل اخذته لتضعه على رأسها تريد ان ترتديه. 


ليضحكا عليها امسكته سيلين منها والبستها اياه وهي تقول

" لنرتديه اولا فوق ملابسنا مادمتي تتشوقين لتجربته "  


كانا فرحين بجمال الفستان عليها ليخرج يوسف شبيهه من الحقيبة الاخرى وهو يقول " من الواضح انها الموضة الجديدة الام وابنتها يرتديان نفس الشكل وايضا رأيت هذه الأميرة التي تشبهك كثيرا فلم استطع المرور امام الإعلان دون اقتنائه " 


واخرج فستان سيلين من الحقيبة مبتسما 

" لم اجدها بشعر اسود لهذا فكرت ان نلون شعرها نحن بأيدينا "  


سحبت سيلين فستانها من يده و هي فرحة كثيرا به لم يتوقع ان يرى فرحتها التي اشبهت فرحة طفلته حتى كادت ان ترتديه على ملابسها لولا خجلها امامهم.


ردت سيلين عليه بفرح قائلة 


" لا يمكننا تلوينه سيفسد فستاني " 

ثم نظرت لصغيرتها وهي تقول:

" هل نصعد لارتدائه " 

فرحت لي لي وتحركت قبل سيلين تركض على الدرج ومن خلفها سيلين التي لم تنتبه من فرحتها على سرعتها  


استغرب من حالتهما ليقول وهو ينظر لهم من الخلف بصوت ضاحك


 " العفو منكم هذا شيء لا يحتاج لشكر " 


وقفت سيلين اعلى الدرج لتنظر نحوه بخجل قائلة 


" علينا ارتدائه اولا كي نرى سيعجبنا ام لا وبعدها نقرر ماذا سنقول"  


ثم نظرت لصغيرتها قائلة "أليس كذلك"  


دخلت الصغيرة الغرفة من فرحتها قبل اكمال سيلين لحديثها معها لتتحرك هي كي تدخل خلفها. 


وبعد وقت ليس بكثير ركضت لي لي بخطواتها الصغيرة كي تنزل للأسفل لتسرع سيلين خلفها كي تلحق بها خوفا ان تسقط على الدرج من حماسها 


انتبه يوسف للصوت لينظر للأعلى ليجدهما  مرتدين فساتينهما الجميلة ولكن الاجمل شعر سيلين الذي منع الرؤية أمام عينيه بسبب انحنائها على لي لي خوفا عليها. 


غارت لي لي من شعرها فأمسكت به وجرته بيدها الصغيرة وهي تضحك لتتألم سيلين امامها وهي تمثل حزنها منها قائلة


 "عندما يطول شعركِ سأجره لكِ كما فعلتي بشعري" 


ضحكت لي لي وهي تضع يدها على شعرها تخبئه منها متوجهة نحو الدرج لتتحرك سيلين من خلفها وهي حذره من سقوطها.


وكالعادة لم يصدق ما يراه فهذه المرة امامه اميرتان وليست اميرة واحدة كانت اجواء مفرحة استطاع يوسف ازالة حالة التوتر والحزن التي كانت تعم على المنزل اجمع 


حتى انه امسك يد ابنته ورفعها لأعلى كي تدور كعرائس الباليه بين يديه 


تعالت ضحكات لي لي لتطلب من ابيها حين توقف عن ادارتها ان يفعل مع سيلين كما فعل معها  


لتضحك سيلين وتقول يكفي ما ارتديه لا تزيد الامر اكثر، اقترب منها وهو يقول 


" لا يمكنني التغاضي عن هذا الامر علي ان أعدل بين ابنائي" 


ضحكت سيلين متسائلة " ابنائك؟" 

امسك يوسف يدها ورفعها كي تدور لتقفز لي لي بجانبه عدة قفزات من فرحتها  


بدأ يحركها سريعا لتزداد سرعتها مع زيادة صوت ضحكات يوسف ولي لي ليرتفع الفستان ويدور بجانبها بشكل جمالي. 


دارت لي لي بجانبها وهي تضحك ترفع فستانها لأعلى كي يدور مثل فستان سيلين. 


شعرت وكأنها ستسقط و تفقد وعيها من الدوران فأمسكت به وهي تضحك قائلة 


" يكفي سأسقط منكم" 


ليحتضنها وهو يرد عليها قائلا


 " وهل سأترككِ لتسقطي"  

ضحكت بجوابها " وماذا ستفعل ان سقطت " 


ليضحك يوسف اكثر وهو يقول

" سأسقط بجانبك " 


( الحمدلله اطمنت كنت خايفة تسيبها تسقط لوحدها يا فرحة امك بيك 😂😂) 


ضحك الجميع حتى لي لي التي لا تعلم أي شيء  تركها وتحرك نحو مشغل الموسيقى ليعلن عن بدأ رقصتهم 


عارضت سيلين  بأول الامر وايضا وضع لي لي ليرفع ابنته ويبدأ بضمها لهم كي يرقصوا بشكل جماعي، فرحت لي لي برقصها معهم ولعبها فظلت تحتضن ابيها وتقبله مرة وتتحرك لتقبل سيلين مرة اخرى


لم يتوقعوا حركة يد لي لي بسحب وجه سيلين نحو أبيها كي يقبلها مثلها. 


خجلت سيلين وقبل ان تتحدث لتشرح للصغيرة رفضها وجدت من يقبلها قبلات متتالية كأبنته ولكنها مطولة 


ازدادت سيلين خجلا ليقول 


"انا لا استطع كسر ابنتي" لتنظر له بعين مرفوعة الحاجب 


ارادت لي لي ان تفعل سيلين ما فعله ابوها 


لتزداد ضحكته وهو يقول لابنته


 " مستحيل ان تفعلها" وضحك ضحكة عالية 

قطعتها سيلين بل قطعت انفاسه عندما جعلت المستحيل متاح وقبلته عدة قبلات على وجنته وهي لا تنظر له قائلة بصوت منخفض

" وانا ايضا لا استطع كسر صغيرتي " 


بهذه اللحظة طار وتبخر عقله ليحتضنهم اكثر ويتحرك بهم بخطوات سريعة يدور بهم وبجمالهم المنزل كله.


عادت الحياة بدون عصبية وغضب بعد اتخاذ يوسف العلاج النفسي حجة للتقرب من زوجته حتى أقنع نفسه أن ما يفعله من أجلها فأصبح لا يضطر أن يبتعد عنها او يتهرب ويغضب من بعدها


ولهذا أصبح التقرب والاحتضان وقبلات الخد سمة سائدة في المنزل وخارجه

استخدم واستغل يوسف ابنته الذكية الصغيرة في زيادة التقارب ومشاركته معهم الفراش.


كما اعتادت سيلين ان تستيقظ كل صباح وهي بحضنه، تفرح ويطمئن قلبها عائدة لنومها براحة كبيرة ليزيد هو من احتضانها واقترابه.


من الغريب عدم مصارحة يوسف بحبه رغم تسلله لغرفتهم بعد نومهم ليستلقي بجانب زوجته على الفراش وهو يقترب منها بوجه منير بمشاعره المكتظة بحقها.


والمفاجأ انها كانت تمثل النوم في سبيل انتظار قدومه كي تطمئن وتنام بجانبه براحة وسلام، أصبحت لا تفارق زوجها وتعمل بجانبه في المكتب من بعد رؤيتها لزوج أمها مما جعله يزيد من قربه وامانه لها.


مع توالي الأيام والاعتياد أصبح من الطبيعي وجود تقارب بين الزوجين حتى وإن صدمها يوسف بعد انتهاء هذا التقارب بقوله 


"فعلتها لأجل العلاج"


كم كسرت وعصفت ودمرت بهذه الكلمات التي كانت تسقط على رأسها بلحظة عناقها للسحاب من فرحتها، تعذبت كثيرًا بشعورها أنها مريضة يعالجها وليست حبيبة يعانقها بقلب يشتاق لها.


حاربت من أجل هذا الشعاع المنير بعيونه كلما نظر وأقترب منها، فمن ينظر له مستحيل ان يقول انه ليس بعاشق ولهان. 


لم يقتصر الامر على تقارب وتلاصق الثنائي اثناء النوم ليتطور الأمر قليلا. فبيوم من  تلك الأيام استيقظت سيلين على يده تنحت ملامح وجهها لتحفرها داخل قلبه بحنان وحب، اصبح يقبلها دون كاميرات او ضغوط من احد يفعلها وكأنه مغيب عن الوعي ثم يستفيق على نفسه ليبدأ حربه وهو بغرفته يدور بها وهو يعاتب ما فعله 


"لا يمكنك التجاوز بهذا الحد انتبه لأفعالك" الأكثر من كل ذلك انه ببعض الاحوال يهرب من عتبه وتأنيبه لنفسه بخروجه من غرفته بسرعة باحثًا عنها ليحتضنها ويقبلها متحججًا بعدها بقوله 


"عليكِ ان تكوني مستعدة لكل شيء". 


وبيوم عطلة جديد قضوا صباحه في الحديقة بجانب لي لي وجدته سيلين يسحبها بزاوية احد العمدان البعيدة عن أنظار انيسة وابنته ليكرر فعلته  بعشق وحب كبير بعد ان أصبح لا يسيطر على نفسه.


وهذا ما جعله اكثر اضطرابًا يحبس نفسه بغرفته متحججًا بالعمل يوصي نفسه بالابتعاد عنها والسيطرة على نفس وهو بجانبها  وان لا ينجرف نحو  نزواته الطائشة لينفذ وعده لها.


مرت عدة ايام على هذا القرار والابتعاد والسيطرة على النفس لتتفاجئ سيلين بخروجه من غرفته باحثًا عنها ليجدها تصعد الدرج بفستانها الجميل وشعرها الذي اصبح يفقده عقله من جماله، سألها عن ابنته فور رؤيته لها لترد عليه قائلة "نامت قبل قليل، نزلت لاغلق التلفاز واتأكد من وضع المطبخ واعود لانام بجانبها"


حك جبهته وهو ينظر لها مطولًا خجلت من نظراته لتتحرك قائلة 


"ليلة سعيدة لك"


امسكها من يدها واحتضنها بشوق كبير قال بعده "لنرقص قليلًا كي نعوض الايام الماضية، اعلم انني قصرت بامر علاجك.."


لم تتحمل هذه المرة ابتعدت عنه قائلة


"لا لم تقصر وايضا اصبحت بخير، اعني لا داعي للرقص وما شابه لقد تحسنت ولم أعد بحاجة…."


لم تكمل حديثها حتى وجدته يسحبها من يدها ليدخلها الغرفة الجانبية المخصصة لنومه، تفاجأت من حالته وحمله لها ليضعها على فراشه حاولت تحمل الوضع الذي كان صعب عليها بأوله وخاصة شعورها أنها ستصبح زوجته بهذه اللحظات.


اغمضت عينيها محاولة التخلص من خوفها وتذكرها للياليها مظلمة التي تضرب بوجهها في هذه اللحظات المتشابهة عليها. 


أرادت ان تمنعه وتوقفه ولكنها صبرت وتحملت تماديه لرغبتها الكبيرة بان تصبح زوجته، أرادت شفائها الكامل على يده كما انها أبت كسره وصده.


قاطع هذا التقرب الحميم الفريد من نوعه رنين هاتف يوسف بشكل مستمر ومتتالي 


تحججت هاربة لغرفتها .


 غضب يوسف على المتصل ونظر لهاتفه ليجد هوليا المتصل رد عليها وهو منزعج منها لعدم تقديرها لفارق الوقت بينهم 


اراد أن يسمعها بعض الكلمات القاسية لإهمالها الاتصال او السؤال عن لي لي وان هذا غير جيد لوضع الطفلة، فلقد  كان حريص على نفسية ابنته كثيرا وبما انه رجل مطلع ومحب لعلم النفس فهو يعلم جيدا الجانب النفسي المهم لشعور الطفل بوجود أمه بحياته. 


بالأصل هذا ما توقعه هو منها ولكن ما ذنب الصغيرة ان تصاب بخيبة أمل من امها.


اجاب عليها وبمجرد تحدثه سمع صوت بكاء امها وهي تقول ليوسف


 "هوليا ليست بخير"  


رد عليها وقد طارت الكلمات المعاتبة من قاموسه قائلا


"لماذا هي ليست بخير؟ هل اصابها مكروه؟" 


ردت صافية هانم قائلة  "تعرضت لوعكة صحية و اكتشفنا بعدها انها تعاني من لوكيميا الدم (سرطان الدم) الحاد بسبب اهمالها لصحتها، ابنتي بحالة خطيرة اخبرونا الاطباء انها بحاجة الى خزعة نخاع العظام من ابنتها لكي يروا مدى تطابقهم، وأن حدث و وجدوا بينهم تطابق سنحتاج إلى صغيرتنا من أجل عملية زرع نقي العظام"

يتبع ..

 ‎إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.

الليالي المظلمة الفصل الرابع والعشرين
Wisso

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  • غير معرف30 يناير 2025 في 10:14 م

    روعه تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • غير معرف7 فبراير 2025 في 11:28 م

      انا حضرتى Amany Ahmed
      مش عارفة ليه أسمى مايظهر فى التعليق الخاص بي احيانا فى بعض الحلقات وأنا كده زعلاااانة قوى قوى ومقموصة من المسؤول عن ذلك
      اطنش بقى واكتب رأيي الخاص بالحلقة
      دلوقتي انا مستغربة حالة يوسف كل مرة اقرأ التخبط بتاعة ده طب ما بكلم الدكتورة سيبدأ ويحيى لها عن مشكلة ورايها ايه وهل دى مشكلة له وسيلين المسكينة ولا مشكله له هو وكمان يعرف الحل

      حذف التعليق
      google-playkhamsatmostaqltradent