رواية الليالي المظلمة
رفع حسن يده للاعلى قائلا
"لا تخافي. انه انا المعلم حسن. إهدئي لا تخافي"
تحركت وجلست علي المقعد الجانبي بالغرفة وهي تحاول ان تلتقط انفاسها بهدوء، اعتذر منها وهو يقول
"كنت أظن أنكِ على علم بوجودي يعني بعد ان اخبرك باريش بالامس.."
قاطعته بإيماء رأسها وتحدثها بصوتها المنخفض "نعم أخبرني بذلك ولكني نسيت. فانا لستُ معتادة على وجود أحد بالمنزل في هذا الوقت"
وقفت وتحركت لتخرج من الغرفة مكملة حديثها دون النظر له
"انا سأصعد لمنزلي يجب أن تتناول السيدة أمينة طعامها الآن. ومن ثمَ تتناول دواءها".
تحرك حسن خلفها وهو يرد بطريقه زادت من تعجبها من ذوقه الرفيع في اختيار كلامه، حين قال لها
"عذرا سيدتي. هل من الممكن ان استفسر على شيء صغير؟"
استدارت ونظرت له ليكمل حسن قائلاً
"انا لستُ جيدا بأمر الطعام. لقد أخبرني باريش كيف اعدهُ لها ولكني لا اعلم هل اضع الماء اولا ام الخضار أم الاثنين معاً"
نظرت اتجاه المطبخ وتحركت نحوه وهي تجيبه
"لا داعي لكل ذلك لقد حضرت لها طعامها قبل نومي"
فتحت البراد وأخرجت منه طعام أمينة قائلة "ها هو طعامها"
ثم اخرجت باقي الأطعمة وهي تكمل
"وهذه من اجلك تستطيع التناول منها عافية لك"
ابتسم بلطف
"شكرا لكِ سأتناول بالخارج. لا اريد ان اثقل عليكم يكفيكِ اهتمامك بأمي"
استغربت من كلمة أمي حتى ظهر هذا على تعابير وجهها ليسرع حسن بالتوضيح قائلا
"لقد اعتدت على مناداتها بأمي يعنى كما قال لكِ باريش هي من قامت بتربيتي ورعايتي"
وتحرك ليضع منشفهةصغيره كانت بيده خاصة بالمطبخ جانباً ثم نظر لها مرة آخرى قائلا
"يكفي أن تقولي لي ماذا افعل؟"
تحركت سيلين واخرجت باقي الأطعمة من البراد وهي تقول
"أنا سأسخنها. تفضل انت بجانب السيدة أمينة وانا سأنهي الأمر"
تحرك حسن جانباً دون أن يخرج من المطبخ واقفا بجانب بابه يراقبها وهو يقول
"سأتعلم ما تفعليه دون كلام، حتى افعل مثلك بالمرة المقبلة حين اكون وحدي"
زاد هذا الوضع من ارتباك سيلين و توترها فهي شخص يخاف وينقلب حاله أمام جنس الرجال
وضعت الطعام على الموقد واخرجت الخضار من البراد لتحضير طبق السلطة وهي تكاد أن تنقطع أنفاسها من الخجل
تحدث متسائل
"هل يمكنني أن أسألك عن اسمك، اعلم انه امر سخيف ولكني لا اعلم ما الذي يحدث لي كلما اخبرني باريش به اتذكره بسيرين. اعلم انه ليس باسمك فهذا ما ضحك باريش عليه لشهور ولكني لم أستطع حفظه على غير هذا النحو"
توقف تفكيرها للحظات وهي تركز بحديثه عن علاقته بالضابط باريش ويتحدث معه عنها.
اجابته بصوت منخفض مفعم بالخجل بعد صمت طال قليلا
"اسمي سيلين"
رد عليها "لين. يا له من اسم جميل"
راجعته "سيلين"
ابتسم "يلين"
خجلت حتى احمرت وجنتيها مجيبة بابتسامة بالكاد تظهر على وجهها
"سيلين. س سيلين، سيلين"
ضحك ساخرا من نفسه متجردا من هيئته الغريبة قائلا
"هل كبر سني وخفض سمعي يا ترى ام انه توجب عليكِ رفع صوتك قليلا، انتظري لا تجيبي من المؤكد انه بالأخير فتاة مثلك لا يمكنها مصارحة شاب بضعف سمعه وكبر سنه اعتقد رفع صوتك خيار الطف بكثير"
خبئت وجهها كي لا يرى ابتسامتها، أكمل هو حديثه "لين. ليان. لي لي. هل تعلمين أنني أحب اسم لين و ليان كثيرا من الممكن أنني سمعت خطأ لهذا السبب عذا يعني انني لم اشيخ"
ضحك مكملا "رغم حبي للاسمين إلا أنني اجبرت على حب اسم لي لي، الصراحة بأول وهلة تشعرين بغرابة ولكن مع التكرار ستحبيه كثيرا حتى أنه أصبح أجمل وأحب الأسماء لقلبي"
خجلت من أن تسأله عن سبب محبته للاسم وخاصة بعد أن قرر مناداتها
"لين"
اجابته بخجل
"انه اسمي المفضل والأقرب لدى أبي ولكني أفضل مناداتي بأسمي سيلين"
رن جرس الباب ليتحرك حسن وهو يقول "أنا سأفتح.."
وبالفعل فتح باب المنزل القريب من باب المطبخ واجدا شابة امامه تنظر نحوه نظرات ازدراء واستغراب
قائلة "هل الضابط باريش موجود؟"
رد حسن بصوت أراد أن يخرج بغلاظة
"لا لم يأتي بعد..".
مدت آسيا عينيها للداخل قائلة
"جئت لأرى السيدة أمينة".
ثم نظرت له مرة اخرى باستياء
متسائلة
"عفوا من انت؟"
ليرد عليها بحاجبيه المقتضبين
"انا من أقرباء السيدة أمينة"
جاءت سيلين لتنظر مع من يتحدث لتجدها آسيا، تحدثت لحسن دون النظر لعينيه قائلة
"انها جارتنا هي من كانت تهتم بالسيدة أمينة بوقت غيابنا"
تحركت اسيا ودخلت المنزل بعدما تراجع حسن للخلف خطوات
استأذنت سيلين لوجوب ذهابها للمطبخ لاطفاء الموقد تحت الطعام.
اسرعت للمطبخ لتتحرك اسيا خلفها وهي تحدثها عن حسن ومظهره بصورة غير مهذبة مستهزئة به وبملابسه.
مع الأسف لم تهتم آسيا لسماع حسن لحديثها ام لا، حزنت سيلين لما فعلته جارتهم قائلة
"لقد سمعك عيب عليكِ والله عيب، كيف سنخرج ونقف أمامه الان، نحن لا نعلم بظروف الناس شيئ ليس الكل سواسية"
لم تهتم اسيا فآخر همها ان يحزن شخص كحسن منها.
نظرت لساعة الهاتف بيدها وهي تقول
"اخبرني انه سيعود اليوم بوقت مبكر" وتحركت تنظر من نافذة المطبخ.
ردت عليها سيلين قائلة
"ظننت انكِ اتيتي من اجل الاطمئنان على السيدة أمينة".
مازالت آسيا تنظر من النافذة مترقبة وصول باريش مؤكدة على مجيئها من اجل أمينة وليس باريش.
وضعت سيلين الأطعمة بالأطباق و نظرت لآسيا قائلة
"هل أضع لكِ طبق"
رفضت اسيا بشده قائلة
"كيف سأكل معه مستحيل، لقد لات معدتي من علي بعد. لا استطيع"
مع الأسف سمعهم حسن حين عاد لأخذ كأس ماء، دخل بصمت أخذ إبريق الماء والكأس دون كلام او النظر لأحدهم وخرج مجددا.
تغيرت تعابير وجهة سيلين حتى أصبحت تنظر لآسيا بغضب، حاولت اصال ما فعلته وقفت امام باب المطبخ وهي تقول بصوت مسموع
"تناولت طعامي و أتيت إليكم على الفور لست جائعة, يعنى لأجل هذا لا استطيع"
قالتها مقتربة من سيلين مرة اخرى قائلة
"اياكِ أن تشاركيه الطعام أخشى.."
تضايقت سيلين أكثر مدافعة عن حسن
"لا تكوني سيئة لهذه الدرجة ما بها حالته؟ لا يمكن للناس جميعا ان يكونوا سواء بهذه الحياه. نحن لا نعلم ظروفه"
هربت آسيا من المنزل متحججة بخروجها مع والدتها دون ان تكمل حديثها مع سيلين عن الجميع سواء ولا فرق بين غني وفقير جميل وقبيح.
كانت آسيا تحدث نفسها أثناء عودتها لمنزلها
"بالأصل سيكون غريب على شخص مثلك يهتم بحجارة الأرض أن يفعل عكس هذا"
تحركت سيلين لتنقل الأطباق لغرفة امينه على خجل مما حدث.
وفور وصولها للغرفة وضعت الأطباق جانبا، مقتربة من الطاولة لتسحبها وتفتحها.
اسرع حسن ليأخذها منها ويفتحها عوضا عنها ليضع الاطباق عليها.
تحركت وأتت بالمقاعد وضعت واحد جهة اليمين بجانب أمينة والاخر بجهة اليسار هو من نصيبها لانه الأقرب لأمينة كي تطعم أمينة بسهولة
وضع باقي الاطباق على الطاولة وهو يقول لها
"هل اساعدك بجلب المزيد؟"
نظرت سيلين له وقالت
"لم يتبقى شيء تفضل بالجلوس"
جلست كي تبدأ بإطعام أمينه، ظل حسن مُصر على عدم تناول الطعام
رفضت بشدة وضغطت عليه كي يشاركهم الطعام، حتى بدأت هي بتناول القليل على استحياء رحمة وجبر بحالته الحزينة بعد ان ضاق صدره مما حدث قبل قليل.
حدثته من جديد بصوت مشفق على احمرار وجهه وقرب بكائه
"هيا كي لا تحزن السيدة أمينة"
لامست حزنه الكبير بقلبها الذي تألم لحاله فهي شخص يعلم مدى ثقل هذه الدموع المتجمعة بالعيون وانها لم تظهر بهذه السرعة الا ان كان القلب مليء بالألم والقهر والأسى.
كان المشهد غريبا على شخص كسيلين جلست مع رجل غريب وتناولت الطعام امامه بالإضافة إلى إجباره على مشاركتهم الطعام. ارادت جبر خاطره من باب الشفقة على حالته ورفضها للتفريق بين الناس بايمانها الشديد أن الكل سواء حتى وان اختلفت الظروف كما قالت لآسيا.
اطعمت أمينة بوجهها البشوش وهي تتناول طعامها هي ايضا بخجل وهدوء كبير.
لم ترفع عيونها من على الطعام تضع له بطبقه وتحثه أن يأكل دون النظر له
استحى حسن أن يشاركها الطعام بأول الأمر كي لا يثقل عليها وخاصة انه أمامها بهذا الحال ولكنه فعلها لأجل مسايرة الأمور واعتيادهم على بعضهم.
تذوق طعامها الشهي وبدأ يأكل شيء فشيء حتى أصبح يأكل وكأنه لم يأكل منذ زمن
ابتسم قائلا بصوت مهذب مختلف عن نبرته التي تحدث بها أمام اسيا
"اهنئكِ كثيرا على مهارتك باعداد الطعام. كيف لكِ بهذا السن ان تصنعي طعاماً بهذا المذاق الشهي"
وصمت وهو ينظر للطعام ثم ينظر لها مبتسماً مكملا
"أم أن هناك من يساعدك بصنعه؟ اصدقيني القول و أعدك لن اقول لباريش هذا وعد".
هزت سيلين راسها بالنفي قائلة على استحياء
"انا اعددته بمفردي"
كان حسن مهذب وعالي الخُلق ولديه رقي غير عادي بانتقاء الكلمات والرد. مما خلق وسط هادئ ومريح لسيلين التي تحررت قليلا من ذعرها..
انهى طعامه وشكرها
"احسنتِ صنعاً انهُ رائع لدرجة انني لم استطع القيام حتى أنهيت جميع ما بطبقي"
ردت عليه رافضة قيامه قبل ان يشبع، وضعت له الطعام مرة أخرى اطمئنت وتحررت قليلا بعد ان اخبرها باريش عن حُسن خلق ذلك الرجل حتى قال لها وكأنه أنا بغيابي كما حدثها عن وجود ضغوط قوية بحياته كسرته وجعلت منه رجل غريب الأطوار.
اشفقت علي حالته وارادت أن تجبر خاطره لينشئ عن ذلك كيمياء غريبة بينهما بعد هذا الطعام. فكان حسن بعيونه المبتسمة وكلامه الجميل الراقي قد حرك قلبها الصخري دون أن تشعر.
انهوا طعامهم وبدأت هي بجمع الاطباق وقف حسن وبدأ يساعدها هو أيضا
كان واضح عليه عدم خبرته في مجال المطبخ من كثرة أسئلته اين اضع هذا وكيف افعل هذا حتى انتهى الأمر ورفع الطاولة ووضعها جانبا
كل هذا ولم ترفع عينيها بعينه إلا بضع ثواني او اقل نظرات خاطفة كلمح البصر..
تحركت قائلة
"سأحضر القهوة لك. كيف تشرب قهوتك؟"
اعتذر منها وهو يقول
"هل يمكنني استبدال القهوة بالشاي ان سمحتي بهذا".
ردت بسرعة
"على الرحب ولكني سأشرب القهوة لا استطيع بدونها بعد هذا الوقت"..
وتحركت نحو المطبخ ليجلس حسن بجانب امينة وهو يقبل يدها ويحنوا عليها فرحا بحالة وجهها السعيد قائلا بصوت منخفض
"هي كما قال باريش عنها. الان ارتاح داخلي كثيراً".
عادت سيلين وبيدها الماء لتجد حسن يتحدث بصوت منخفض كما يفعل باريش.
دخلت قائلة
"لأعطيها الدواء قبل أن أنسى"
وقف حسن أخذا منها الماء
"سأتولى أنا ذلك"
اعطته علبة الدواء وخرجت سريعاً لكي تنظر للقهوة على الموقد وهي تحدث نفسها "نسيت ان اضع له الشاي"
جاء للمطبخ واضعا كأس الماء الفارغ بالجوار مستمتعا برائحة القهوة
"هل يعقل أن تكون بهذا الجمال؟ مر زمن طويل على عدم اشتمام رائحة جميلة كهذه، جعلوني اقاطع القهوة بسبب سوء تحضيرها"
سألت بفضول "من هؤلاء"
صمت حسن حين انتبه لما قاله
نظرت له نظرة خاطفة متسائلة من جديد "هل غيرت رأيك؟ ان اردت احضر لك فنجانا"..
اقترب حسن من الموقد ليشتم رائحتها وهو مغمض العينين.
اسرعت سيلين لتغلق اسفل القهوة قبل ان تفور ويسقط وجهها على الموقد.
بهذا الوقت ودون قصد لامست يدها يد حسن بالخطأ، ليحدث ما لا تستطيع التحكم به انتفضت صارخة بعيون متسعة مذعورة.
انصدم حسن من حالتها التي تغيرت فجأة تراجع للخلف كي يبتعد عنها رافع يده للأعلي قليلاً قائلا
"انا لم افعل شيء انتِ لامستِ يدي بالخطأ"
ابتلعت ريقها واخفضت نظرها وهي تحاول ان تهدأ من أنفاسها المتسارعة.
تحرك حسن وخرج من المطبخ وهو يقول لها
" لأترككِ بمفردك كي ترتاحي، اعتذر منكِ مرة اخرى".
وبعد وقت قصير حضرت سيلين القهوة واعطتها له وهي تتحدث بعيون مخفضة
"سأصعد لارتاح بمنزلي إن حدث أي أمر معاكس يمكنك اخباري. منزلي بالطابق الثاني بنفس الجهة" واشارت للأعلى خرجت من المنزل وأغلقت الباب خلفها
لينظر حسن لأمه قائلا باستغراب
"ماذا حدث لها؟ ايمكن ان يكون كل هذا التغير لان يدانا تلامسا بالخطأ"
تغيرت نظرات أمينة لتصبح حزينة على حالها فهي اكثر من كان شاهدا على اوضاعها المتغيرة و كوابيسها طيلة الشهور السابقة.
مرت عدة أيام على هذا الحال يذهب حسن للعمل بالمساء ويعود بعد الظهيرة ليطمئن على السيدة أمينة
اما باريش فكان قد انشغل كثيرا بعمله فأصبح لا يعود لمنزله بانتظام حتى انه كان يمكث بعمله لعدة أيام متتالية دون أن يراه أحد.
بحثت سيلين عن عمل بأكثر من مكان كان هناك من يرغب بها لأفضلية ملفها وتقديراتها اخبروها لأكثر من مرة انهم سيتصلون بها ولكن دون جدوى تنتظرهم لعدة أيام وأسابيع دون اتصال.
بهذه الفترة اعتادت سيلين على حسن حتى أصبحت تعد الطعام وتنتظره لترى انبهاره بجمال طعمه.
تعلق قلبها به دون أن تشعر، اما هو فكان غريب الاطوار من يراه وهو يضحك ويتحدث معها ونظراته لوجهها الاحمر الجميل يقول انهُ قد وقع بحبها. ولكنه حين يتحدث مع باريش عنها نرى عكس ذلك وبالأخص عند إبداء باريش إعجابه بها امام حسن وتحدثهم سوياً بصوت منخفض عليها.
يزداد حديثهم ليزداد ضحك حسن وكلامه له "هدئ من نفسك يا أخي ستأكلها بعيونك"
كانوا يضحكون ويتغامزون على إعجابه وتعلقه بها، كل هذا لا يمنع استغراب حسن من حالات سيلين المتغيرة عند اقتراب احد منها ولو بالخطأ وهنا
يرى شخص مختلف امامه يفزع بعيون متسعة ويتحرك هارباً من مكانه.
حاول معرفة سبب تغيرها من باريش ولكن دون إجابة واضحة فحتى هو لا يعرف ما سبب حالتها
أخبره باريش انه على علاقة جيدة بخالتها وزوجها وأنهم عائلة مرتبطة ومتدينة بقريتهم.
سأله حسن عن عائلتها يعني امها وابيها فمن الممكن أن تكون مشاكل متعلقة بطفولتها، صمت باريش وهو يقول
"انت محق لا اعرف كيف نسيت هذا ولكن هناك اشغال كثيرة تضغط على هذه الفترة ننتهي منها وبعدها نفكر بأمر عائلتها، من الغريب انها متميزة بجامعتها الملف الخاص بها يقول انها طالبة فريدة من نوعها ونشيطة بسنوات جامعتها فهناك شهادات تقدير كثيرة علمية ومتنوعة كتنظيم المؤتمرات بالجامعة وخلافه"
اندهش حسن من هذا قائلا
"غريبة، كيف لشخص متغير الأحوال وخجول أن يكون له ملف كما وصفت، اعتقد ما حدث لها قد حدث بعد جامعتها والا لماذا هي هنا بمفردها دون عائلتها؟ كما ان هناك علامات استفهام كثيرة حول حالتها المضطربة"
تحرك باريش بمكانه وهو يرد عليه
"ولكنها مميزة بكل احوالها، احترامها لنفسها، أخلاقها مع الغير، رحمتها وقلبها الكبير الذي كان سبب تعلقي بها، وايضا لو تذكرنا جمال اكلاتها" وضحك
مستمع لحسن
"انت محق بهذا، هي مختلفة ومميزه"
مع مرور الايام كانت نظرات آسيا لحسن تزيد من غضبه وضيقه ولكنه مضطر لتحملها لأجل الظروف التي هم بها كما أنه ليس بوضع يستطيع به رفض وجودها.
ورغم تحمله لها إلا أنها ازدادت بتماديها حتى أصبحت تعلق بسخرية على نومه العميق عندما يأتي بالظهيرة دون خجل.
تصدت سيلين لها أكثر من مرة دون جدوى، لاحظ حسن تغير آسيا أمام باريش كما لاحظ الجميع هذا فحين يظهر باريش بالوسط تتحول آسيا لحمل وديع
تتحدث بلباقة واحترام حتى انها تتحرك وتساعد حسن على غير عادتها.
ذهبت سيلين لتحضير القهوة للجميع، لم يتعدَ دقائق قليلة حتى سئم حسن من تمثيل آسيا امام باريش ليتحرك هو أيضا نحو المطبخ وهو يقول لهم
"سأذهب لأشرب الماء".
وقفت آسيا وقالت له
"ارتاح انت انا سأجلب لك"
لم يستطع تحملها وتلونها اكثر اسرع بتحركه قائلا
"لا داعي لذلك. شكرا لكِ انا سأجلب لنفسي"
دخل حسن المطبخ وهو ينظر خلفه كي يتأكد أن لا أحد غيرهم بالمطبخ واقترب بهدوء لينحني قليلا تاركا مساحة صغيرة بينهما متحدثا بصوت منخفض
"وتريد ايضا احضار الماء لي"
لم يكمل كلامه حتى وجد يدها تصدمه بقوة كي تبعده عنها بصوت صراخ عالي.
تراجع بسرعة وخوف للخلف قائلا
"هذا انا لا يوجد شيء"
زاد صراخها وقولها
"ابتعد عني. ابتعد لا تلمسني. لا تقترب"
صدم حسن من حالتها الذي ظل ثابتاً وهو يقول لها
"هذا انا. هذا انا"
تحركت لتقترب من الحائط وهي تضع يدها على اُذنيها بعيون مغلقة بقوة
ركض باريش متسائلا
"ماذا حدث ؟".
اقترب من سيلين قائلا
"لم يحدث شيء لم يقترب لكِ أحد. أنا بقربك لا يستطيع أحد أذيتك انا بجانبك "
ابتعدت عن صوت باريش مرددة
" لا تقترب. لا تقترب مني".
يتبع ..
إلى حين نشر فصل جديد ، لا تنسوا قراءة الروايات والقصص المنشورة منها الكاملة ومنها وقيد النشر حصرية لمدونتنا.