رواية مقرينوس
ضي القمر وظلمات يونس
"الأمل هو المفتاح... والإيمان بالرحلة هو الطريق."
الفراغ المظلم يلفهما كما لو أنه كيان حي، يلتف حول أرواحهما ويثقل أنفاسهما. لا صوت سوى خفقان قلبيهما المتسارع. لا ضوء إلا ذاك الخافت البعيد الذي بدا وكأنه يخفت أكثر مع كل لحظة تمر.
_"يونس!"
نادت قمر بصوت مرتجف، وهي تتلمس الهواء من حولها كمن يبحث عن أرضية ثابتة وسط هذا الفراغ.
_"أنا بخير..."
أجاب يونس بصوت مشحون بالغضب والتوتر، وهو يقترب منها، ليطمئن أنها هناك بجانبه:
"وأنتِ؟"
هتفت بخفوت:
"لا شيء، لكن... أين نحن؟"
تبادلا النظرات رغم أن الظلام جعل تفاصيل وجهيهما باهتة. لفت انتباه يونس وميض صغير كأنه انعكاس ضوء على شيء معدني.
هتف وهو يشير نحو البعيد:
"الكتاب!"
تحرك الاثنان بحذر نحو الوميض، كل خطوة تشعرهما كأن الأرض تحت أقدامهما قد تختفي في أي لحظة. ولكن قبل أن يتمكن يونس من الوصول، ظهرت البومة مرام. كانت كبيرة بشكل غير معتاد، ريشها اللامع يعكس ضوءًا فضيًا يزيد المشهد غرابة.
صرخت قمر:
"البومة!"
لكن يونس كان أسرع في رد فعله، محاولًا الوصول إلى الكتاب قبلها. ركض بخطوات متعثرة يمد يده نحو الكتاب الذي كان يستقر على بقعة كأنها نقطة تماس بين الزمن والمكان.
قبل أن يلمسه انقضت البومة بحدة. أمسكت الكتاب بمخالبها ثم حلقت عاليًا في الهواء المظلم تاركة خلفها دوامة من الريح الغريبة.
صرخ يونس بغضب: "لا!"
متسمرًا في مكانه يحدق بالبومة التي ابتعدت بسرعة، حاملة معها آخر وأهم خيط يربطهما بمهمتهما.
صاح وهو يضرب الأرض بقدمه كمن يحاول طرد الغضب الذي يتصاعد في صدره:
"منيفة! وألاعيبك الحقيرة!"
اقتربت قمر بخطوات حذرة، لكن يونس استدار نحوها بعينين تشتعلان:
"كيف يمكننا الخروج الآن؟ كيف؟ لقد سرقت الكتاب، ولم يعد لدينا شيء نسترشد به!"
حاولت التحدث بهدوء، رغم أن القلق بدأ يظهر على ملامحها:
"الغضب لن يعيد الكتاب. علينا التفكير، هناك دائمًا طريقة أخرى."
لكنه أدار وجهه بعيدًا عنها، يضغط بيده على جبهته كأنما يحاول منع انفجار داخلي:
"طريقة أخرى؟ نحن في فراغ مظلم لا نعلم له بداية ولا نهاية، والكتاب الوحيد الذي قد يفتح لنا باب الخلاص اختطفته تلك البومة اللعينة!"
صمتت قمر للحظة ثم قالت بصوت منخفض:
"أعلم أن الأمر يبدو ميؤوسًا منه، لكن ربما هذا الفراغ يخفي أكثر مما نراه. لنركز قليلًا... ربما نجد أثرًا. إشارة... أي شيء."
رغم غضبه بدأ يهدأ قليلًا وأخذ نفسًا عميقًا، لكنه لم يستطع منع نفسه من التحديق في الاتجاه الذي اختفت فيه البومة ليقول:
"إذا كانت منيفة قد أخذت الكتاب، فهي تعرف أهميته، وهذا يعني أنها ستحاول منعنا من الوصول لنقطة النهاية، اى انها تفهم مهمتنا وتعلم من أين أتينا"
_"بالضبط."
ردت قمر وهي تنظر حولها، تحاول التقاط أي علامة أو تغيير في الظلام المحيط. توقفت مشيرة نحو نقطة بعيدة في الظلام حيث بدا كأن خيوط ضوء دقيقة تترنح كأطياف هاتفة:
"هناك!"
تبادل الاثنان نظرات سريعة وبدون كلمة إضافية بدأا التحرك نحو الضوء الخافت، أملهما الوحيد في هذا الفراغ الذي لا يرحم ضجيج عقولهما.
اقتربا من النقطة التي أشارت إليها قمر خطواتهما حذرة لكنها تزداد سرعة مع كل لحظة. خيوط الضوء أشبه بدخان شاحب، يتلوى كأنه يرقص على لحن لا يسمعانه. كلما اقتربا تزداد تلك الخيوط وضوحًا، وكأنها تدعوهما ليكتشفا سرها.
همست قمر وهي تشير إلى أرضية الفراغ التي بدت وكأنها تتغير:
"يونس، انظر…"
خطوط متشابكة، أشبه بنقوش قديمة، بدأت تظهر تحت أقدامهما، مضيئة بلون أزرق بارد.
توقف يونس يتأمل النقوش التي بدا أنها تتحرك، تلتف حول قدميهما كأنها تدلهما على طريق. أردف:
"هذه النقوش... إنها ليست مجرد زينة. إنها خريطة!"
سألت قمر وصوتها يحمل مزيجًا من الحذر والأمل
"لكن خريطة إلى أين؟"
انحنى يلمس إحدى الخطوط المتوهجة بأطراف أصابعه. شعر بحرارة طفيفة، كأن الأرض تتحدث إليه بلغة لا يفهمها، لكنها مألوفة بشكل غريب:
"ربما... ربما تقودنا إلى الكتاب. أو إلى شيء آخر أكثر أهمية."
في تلك اللحظة. انتشرت رياح باردة عبر الفراغ، حملت معها أصواتًا غير واضحة، كأنها همسات من مكان بعيد. تجمد كلاهما في مكانه، يتبادلان النظرات.
صاحت قمر وهي تنظر حولها بحذر:
"يونس، هل سمعت ذلك؟"
_"سمعت. إنه صوت..." توقف يصغي بانتباه، قبل أن يتسع نظره بدهشة:
"إنه صوت جدتي!"
شهقت بصوت منخفض وازدادت سرعة نبضات قلبها: "ميثال؟ هل هذا ممكن؟"
قبل أن يتمكن أي منهما من التفكير أكثر، بدأت النقوش على الأرض تتحرك بسرعة، تشكل دوائر وأشكال هندسية متداخلة. وفجأة. انفجر الضوء حولهما، وغمرهما شعاع ساطع جعل كل شيء يختفي للحظة.
وسرعان ما وجدا نفسيهما في مكان مختلف تمامًا. لم يكن الفراغ المظلم بعد الآن، بل غرفة واسعة مضاءة بشعاع خافت من قبة أعلاها. الجدران مغطاة بكتابات ونقوش قديمة وفي منتصف الغرفة، كان هناك مذبح حجري تعلوه خريطة قديمة. نفس المذبح الذى رأوه في الكتاب. ذاك الذى ارتكب فيه الملك إيليادور جرائمه.
همست قمر وهي تشير إلى الخريطة:
"هذه خريطة بيت إشراق."
رغم دهشته ابتسم ابتسامة صغيرة كأنما بدأ يرى بصيص أمل جديد:
"ربما فقدنا الكتاب، لكننا لم نفقد الطريق."
حدقا في الخريطة التي كانت تلمع بضوء خافت، وكأنها تنتظرهما لاتخاذ القرار التالي.
فكرت قمر قليلًا، ثم أردفت بتحدٍ:
"مقرينوس استدعتنا عن طريق غرفة القصر، وهي من أهدتنا ذاك الكتاب. لم يكن مجرد صدفة بل تلك خطة الزمن المحكمة. إذا فزمن المملكة نفسه هو المفتاح لكل هذا."
كان يستمع بصمت. أشرق وجهه بابتسامة تحمل أملاً جديدًا ليردف:
"إذن، مقرينوس هي المرشد الأهم. الكتاب كان مجرد وسيلة. علينا أن نستمر بغض النظر عن فقدانه. وحين نصل إلى ما نبحث عنه، سنجد الكتاب بانتظارنا، أنا واثق من ذلك."
تبادلت قمر معه نظرة تفاؤل حذر، ثم اقتربت من الخريطة التي كانت تلمع على المذبح الحجري. مدّت يدها لتتبع الخطوط والنقوش بحذر، وعيناها تدرسان التفاصيل:
"انظر هنا، هذا الرمز… يبدو أنه يرشدنا إلى اتجاه محدد."
اقترب يونس وراح يتأمل النقوش عن كثب:
"إنها ليست خريطة مكان فقط، بل خريطة زمن أيضًا. انظرى إلى هذه الأرقام... إنها تشير إلى تواريخ قديمة!"
_"تواريخ؟"
رفعت قمر حاجبيها بدهشة:
"هل تقصد أن الخريطة تقودنا عبر الزمن أيضًا؟"
_"يبدو كذلك. ربما لهذا السبب فقدنا الكتاب هنا، لأنه يحمل مفتاح التحكم بهذا السفر. لكن هذا لا يعني أننا عالقون. الخريطة تكشف الطريق، فقط علينا فهمها."
بينما يحدقان في الخريطة بدأت النقوش تتحرك ببطء، وكأنها تستجيب لوجودهما. تشكلت خطوط جديدة، بينما رموز أخرى اختفت، لتظهر في النهاية نقطة مضيئة في أحد أطراف الخريطة.
صاحت قمر، وهي تشير إليها:
"هذه النقطة! هل تعتقد أنها المكان الذي يجب أن نصل إليه؟"
أومأ بثقة. عينيه تلمعان بحماس جديد:
"نعم. مقرينوس تخبرنا بالخطوة التالية. لكن علينا أن نتحرك بسرعة، قبل أن يحدث شيء آخر يعوقنا."
أخذت قمر الخريطة بحذر، وبدأت تنظر حولها:
"ولكن كيف نصل إلى هناك؟ لا باب هنا، ولا مسار واضح."
وفجأة انبثق صوت غامض في الهواء، أشبه بهمسات متعددة تتداخل مع بعضها البعض:
"الأمل هو المفتاح... والإيمان بالرحلة هو الطريق."
تجمد كلاهما في مكانه، يبحثان عن مصدر الصوت، لكن الفراغ يعج بالهدوء.
_"الأمل هو المفتاح..." تمتمت قمر، وهي تنظر إلى يونس:
"ماذا يعني ذلك؟"
أردف يونس بنبرة واثقة:
" يعني أن مقرينوس تختبرنا مرة أخرى. علينا أن نؤمن بأننا سنجد الطريق، حتى لو بدا كل شيء مجهولًا."
أخذ كلاهما نفسًا عميقًا قبل أن يتجها نحو النقطة المضيئة في الخريطة، التي بدأت تُسحب ببطء نحو جدار بعيد في الغرفة، مشكّلة ممرًا من الضوء يتوهج بخفوت، كأنه يدعوهما لخوض رحلة جديدة.
تبع يونس وقمر الضوء عبر الممر، خطواتهما تتسارع مع كل ثانية، والفراغ المحيط بهما يزداد تلاشيًا، حتى بدا وكأن العالم كله يطوي نفسه حولهما.
فجأة. شعر كلاهما بقوة خفية تسحبهما، وبدأ كل شيء يدور حولهما كإعصار من الألوان والظلال. صرخ يونس وهو يحاول التمسك بأي شيء، بينما أغمضت قمر عينيها، تدعو ألا ينتهي بهما الأمر إلى الفراغ المجهول مرة أخرى.
وفجأة توقف كل شيء. هدأ الدوران. حلّ الظلام. فتح يونس عينيه، يتحسس الأرض الحجرية الصلبة تحت قدميه، يلتفت حوله. الغرفة مظلمة، لكن انعكاسًا باهتًا لضوء من مصدر غير مرئي جعل الجدران الحجرية تبدو كأنها تتنفس متوهجة بشكل خافت.
قال يونس بصوت حاد:
"أين نحن الآن؟"
عيناه تراقبان كل زاوية. ثم رفع صوته بغضب:
"هل هذه مقرينوس؟ هل هذا هو طريقنا؟ لماذا دائمًا نهاياتها مظلمة؟"
قالت قمر محاولة طمأنته:
"اهدأ. هذا ليس وقت الغضب. علينا أن نركز"
قبل أن يرد يونس، قطع صوت مألوفًا حديثهما:
"كنت متأكدة أنكما ستصلان وتجدانني."
التفتا معًا في آنٍ واحد عندما اخترق الصوت صمت الغرفة، خفق قلباهما بنفس الدرجة وابتهجا بفرح ممتزج بحيرة ولوعة فراق وألم فقد، ووقعت أعينهما على ميثال، جدتهما التي اعتقدا أنها ضاعت إلى الأبد ما ضاعت.
تجلس على كرسي خشبي قديم في زاوية الغرفة المظلمة، يحيط بها قيد حديدي سميك. ملامحها كما هي، مألوفة إلى حد الألم، دون أن تبدو عليها آثار الزمن الذي مر.
شهق يونس واتسعت عينيه بدهشة كأنما يرى طيفًا من الماضي يعود للحياة فنظر لقمر بحيرة ثم لجدته ثم اماء لقمر كي يتأكد ان ما يراه حقيقة وليس وهما فرقت عينا قمر شوقا وكادت تقع لهول ما رأت لكنها تمالكت نفسها.
همس يونس بتوجس:
"جدتي؟! أنتِ هنا؟"
وضعت قمر يدها على فمها، تشعر بالدموع تغلي في عينيها:
"لا أصدق... لقد قادتنا مقرينوس إلي مكانك رغم مكايد منيفة وخططها! لم تخذلنا مقرينوس، لم يخذلنا الكتاب يا يونس انظر هي صدقا هي لقد نجحنا.
اندفعا كلاهما نحوها خطواتهما تحمل لهفة ما مر من وقت طويل قضياه في البحث عنها والحنين إليها. يونس كان الأسرع ركع بجانبها وأمسك بيدها بارتعاش، يتحسس دفء جلدها وكأنه يحاول أن يتأكد أنها حقيقية وليست وهمًا، تأملها برهة والدموع تنجمع على مقلتيه وقلبه يكاد يفر من صدره، امتزج شعور الفرح باللهفة داخله وهاهو يجد جدته بعد رحلة وهن غريبة، تبعته قمر. جلست على ركبتيها بجانب الكرسي، ولفت ذراعيها حول ميثال بحنان ودموعها تسيل على وجنتيها غدقا، تلك المرأة التي ظنت أنها فارقتها دون وداع هاهي أمامها الآن تجلس بوقارها المعتاد رغم. التعب الذي يظهر جليا على وجهها.
نظرت ميثاال إليهما، عيناها تمتلئان بالدموع لكنها أبقت ابتسامتها ثابتة، كأنها تحاول أن تمنحهما القوة:
"أوه، أحبائي... لقد كنتُ أنتظركما. كنتُ أعلم أنكما ستصلان، رغم كل شيء." كنت على يقين أنه سيكون بيننا لقاء آخر، لقد اوفيتما بالعهد.
اخذ يونس يتحسس القيود الحديدية حول معصميها، رفع رأسه بغضب مكبوت:
"ستكونين بخير لا تقلقي جدتي ها نحن هنا، لكن من فعل هذا بكِ؟ كيف يمكن لأي أحد أن يقيدكِ هكذا؟"
نظرت قمر إلى القيود، تتحسسها بعناية. تبدو القيود كأنها جزء من الكرسي، منحوتة بعناية غريبة أشبه بالسحر القديم:
"توقف يونس لايمكنك كسره مهما حاولت إنه صلد جدا"
اومأ بتوجس فأضافت:
هذا ليس قيدًا عاديًا... إنه مصنوع ليبقى."
تنهدت ميثال بصوت خافت، وكأنها تحمل وزنًا أكبر مما يستطيع قلبها تحمله:
"الوقت هنا لا يمضي كما تعرفانه. بالنسبة لي. كانت ساعات قليلة... لكن بالنسبة لكما، يبدو أنه كان عُمرًا."
أمسك يونس بيدها بقوة أكبر، نظراته ممتلئة بالألم والغضب:
"لن نترككِ هنا. سنكسر هذه القيود، سنخرج من هنا معًا. لن نترككِ خلفنا، أعدكِ!"
اقتربت قمر أكثر تدرس القيد بحذر. يبدو وكأنه ينبض بطاقة غريبة، لونها يميل إلى الأسود المائل للأرجواني، وكأن الحياة تسري فيه. أردفت:
"هذا القيد ليس عاديًا. إنه... إنه سحر يا يونس. لا يمكننا كسره بهذه السهولة."
صرخ يونس محاولًا بشدة سحب القيد من مكانه:
"سحر أو لا، يجب أن نفعل شيئًا!"
أغلقت ميثال عينيها للحظة، ثم قالت:
"لا تحاولا كسره. ليس هذا هو الحل."
قالت قمر بصوت يحمل قلقًا حقيقيًا:
"إذن ما هو الحل؟ نحن بحاجة لإخراجك. هناك الكثير من الأسئلة، والكثير مما علينا فعله."
هتفت ميثال بصوت يحمل ثقل الزمن. وعيناها تتأرجحان بين يونس وقمر، تحملان مزيجًا من الحزن والإصرار.
"ليس لدينا وقت كثير. يجب أن تعودا إلى القصر فورًا. يجب أن تجدي النصف الثاني من البرقية. تأخذيها وتعودا إلى عالمنا الحقيقي. إن بقيتما هنا أكثر، فستنتهي بكما الطرق في هذا العالم للأبد. الخيارات محدودة، وعليكما اتخاذ قرار الآن. إما إنقاذ مقرينوس، أو إنقاذ عالمكما الحقيقي."
عقدت قمر حاجبيها عيناها تحدقان في ميثال بتحدٍّ واضح:
"لا. لن يكون هذا خيارنا."
رفعت ميثال حاجبًا، ونظرت إليها بعمق:
"ماذا تقصدين؟"
وقفت وخطت خطوة للأمام:
"سننقذ الاثنين. لن نعود بدونك، لم نجد شئ يدلنا على البرقية ولكننا وجدنا الكتاب الذى يدون قصة مقرينوس. لذا سننقذ العالمين ولن نترك الكتاب بيد منيفة."
_"قمر، هذا..." بدأت ميثال الحديث، لكن يونس قاطعها بحركة يده، ملامحه مصممة وقال بنبرة حازمة:
"قمر على حق لن نتخلى عنكِ، ولن نترك عالمنا ينهار. سنخرج ثلاثتنا معًا، نواجه تلك الساحرة، نأخذ الكتاب، ونعود إلى عالمنا. هذا وعد."
نظرت ميثال إليهما بصمت لوهلة، وكأنها تزن كلماتهما، ثم ابتسمت ابتسامة خفيفة تحمل أكثر مما يمكن لكلمات أن تصفه.
لكن قمر كانت غارقة في أفكارها. للحظة بدت ملامحها وكأنها تغيرت، وكأن ظلًا من القلق والقرار يمر عبر وجهها. لم يلحظ يونس ذلك، فقد كان مشغولًا بالنظر إلى النقوش التي تملأ الجدران، يبحث عن أي دليل أو إشارة.
همست قمر لنفسها بصوت غير مسموع:
"يجب أن أضمن عودة يونس وميثال إلى العالم الحقيقي أولاً. مهما كان الثمن."
عادت ملامحها إلى طبيعتها بسرعة، وبدا على وجهها التصميم من جديد هتفت بصوت عالٍ وهي تنظر إلى ميثال:
"إذن، ما الخطوة التالية؟"
أشارت ميثال إلى القيد الذي يلفها:
"ليس الآن وقت الأسئلة. هناك شيء أهم.هذا السحر لا يمكن كسره بالقوة. يحتاج إلى كلمة مرور، أو ربما رمز يُنطق بصدق وإيمان."
_"رمز؟ ما هو"
ابتسمت الجدة،ولم تقل شيئًا. فقط أشارت إلى النقوش على الجدران، التي بدأت تلمع ببطء.
قالت بصوت بدا أقوى الآن:
"الإجابة هنا. لكن هل تستطيعون قراءتها قبل أن ينفد الوقت؟"
بدأت الجدران تمتلئ بالنقوش المتوهجة، وكأنها تدعوهم لسباق مع الزمن. كان عليهم أن يجدوا الإجابة... أو يخسروا كل شيء.
إلى هنا انتهي الفصل آمل أن ينل إعجابكم. منتظرة رأيكم وتعليقاتكم