recent
جديدنا

الليالي المظلمة الفصل التاسع والعشرين

Wisso

  

      رواية الليالي المظلمة  

                             بقلم أمل محمد الكاشف


غادر يوسف منزلها لتغادر معه روحها وفرحتها وأمانها، ظلت ثابتة امام اورهان حتى دخلت غرفة لي لي واغلقت على نفسها ليبدأ عذابها النفسي زبكائها الصامت وهي تضع يدها على فمها كي لا تخرج صوت آهاتها صراخات قلبها النازف. 

لم يكن الوضع مختلف لدى يوسف الذي كان يتألم من تخليها عنهم دون مراجعة ودون اعتبار لأحاديثه ومخاوفه، شعر ان لا قيمة له لديها وكأنه شيء عابر استطاعت تجاوزه والتخلي عنه بهذه السهولة

استلقى بجانب ابنته على فراشهم وهو يحدثها بحزن 

"كيف استطعتي تخطينا؟ كيف تخليتي عنا؟ كيف تركتينا بعد ان تعلقنا بكِ؟"

أنهى كلماته ليغمض عينيه حزنًا وألمًا، لم يستمر صمته طويلًا حتى عاد ليحدثها دخله

"ياليتنا لم نتعلق بكِ. ياليتني لم احزنكِ. ياليتكِ بقيتي اختي التي أقسمت على حمايتها. ياليتنا لم نتشارك طرقنا. ياليتنا بقينا كما كنا بأول لقاء"

لام نفسه بحزن شديد فشعوره انها حزنت وستحزن منه كان يعذبه ويجعله يغضب على نفسه وعليها، ظل طوال الليل يشرح ويبرر لنفسه سبب موقفه ومعارضته وحديثه لها وتركه منزلها بصمت  محاولًا ارضاء ضميره الذي تمرد عليه، فتح عينيه لينظر لابنته متلفظ بحديثه الأخير 

"وان رضيت وتنازلت لأجلكِ. ماذا سيحدث بصغيرتنا كيف تسمحين لهم ان يأخذوها من بين يدينا. كيف سأتحمل بُعدها من جديد"  


كان الأمر ليس بمختلف عن سيلين التي كانت تبكي وهي تقول لنفسها

 " ياليتنا لم تتقاطع طرقنا بشركة من جديد. ياليتك بقيت حسن بأحلامي" 


 زاد بكائها وهي تقول

"ياليتني لم أراك من البداية. ياليتني بقيت دون روح ودون حياة"


ازداد بكائها كلما تذكرت ضحكات عيونه و تقربه لها حتى اصبحت تهتز بجسدها 

الضعيف على الفراش من شدة حزنها وبكائها وهي تتذكر احضانهم ورقصاتهم وكلامه الجميل المضحك لها.


كل ذلك و أورهان خلف الباب يتألم بعيون دامعة وهو يستمع لحزنها وقهرها، يهز رأسه ويده موضوعة على قلبه الضعيف المتألم قائلا 

" عليكِ ان تتخلصي ممن ظلمك. عليكِ ان تتغلبي على من ظلمك كي تعيشي حياتكِ براحة واستقرار". 


صمت قليلًا متألمًا فلقد زاد ألم قلبه ليكمل مرة أخرى قائلا

"كي اذهب من هذه الحياة وانا مطمئن عليكِ"


انتهت ليلة شديدة الحزن والتألم ليبدأ يوم جديد مليء بالمخاوف و المواجهات و الاقتراب 

ذهبت سيلين بكل إصرار وعيون تشبه الكؤوس الحمراء من كثرة البكاء والحزن مع أورهان لقسم الشرطة ليقدموا بلاغ بالواقعة 

كان ليس مجرد بلاغ عابر وحسب ولكن كان عليها أن تشرح ما حدث معها و ما شكل وحجم ونوع الاعتداء.


لم تتوقف دموعها طيلة حديثها حين خيم عليها شعور الوحدة والخذلان و الضعف لشعورها انهُ ليس بجانبها وكأنها فجأة أصبحت دون احد من جديد. 


رن جرس الباب نظرت انيسة نحو يوسف لتجده يتحرك ليفتحه هو بنفسه كي يستقبل هوليا ويرحب بها بعد اتصال صافية هانم بالصباح لتبلغه انها تريد رؤية ابنتها وان الطبيب سمح لها بالخروج وإن اتفقا سيذهبان لأي حديقة مفتوحة بعد أن ضاق صدر هوليا من الرقود بالمشفى ومن بعدها غرفة الفندق.


حينها اقترح يوسف أن تأتي إلى منزله كي لا يتأثروا بتغيرات الطقس فما زالوا يخافون على الصغيرة حتى الآن وبالطبع الوضع ما زال خطرًا على هوليا

تم الاتفاق ولكنه لم يتوقع وصولها بهذه السرعة فهي حقا اشتاقت لابنتها.


ارتاحت هوليا من عدم رؤيتها لسيلين هذا ما جعلها اكثر تحرر بالحركة والتعامل مع يوسف الذي أخبرها أنها خرجت مبكرا لأجل عمل هام.


فرحت لي لي بتلك الساعات القليلة التي قضتهم بين امها وابيها حتى أنهم صنعوا لها كيك الشكولاتة الجميل لماهرة هوليا بهذا الامر 


ساعدت انيسة ابلة هوليا ولكن المساعدة الأكبر كانت من نصيب يوسف الذي كان يحمل ابنته على يده ليجعلها تساعد امها هي ايضا.

لم يخلوا الأمر من الضحك و حديث هوليا عن ذكرياتهم قائلة 

"هل تعتقد انها ستحبها كما احببها أباها من قبل" 

انصدم بحديثها وكأنه انصدم بذكرياتهم القديمة فجأه، صمت وهو ينظر لها متذكرا أيامهم السعيدة اول زواجهم وكيف كانوا يصنعونها سويا بحب وسعادة 

ظل صامتا دون ان يجب عليها حتى انه تحرك جانبا ليغسل لابنته يديها و وجهها الملطخين بالشوكولا، لم تمر دقائق على يوسف إلا وينظر لساعة يده شاردًا

لدرجة شعرت هوليا بغرابة بالأمر و لكن هذا لم يجعلها تكف عن ضحكها وتقربها وأحاديثها عن الماضي الجميل وهي تحدث ابنتها تارة ويوسف تارة اخرى.

لم يعجب السيدة انيسة وضع تقاربهم و ما رأته بعيون هوليا وهي تنظر ليوسف 

حاولت اكثر من مرة التدخل وإنهاء أحاديثها ولكن بالأخير كانت حريصة على حالتها النفسية كما اخبرتهم وحذرتهم أمها صافية هانم. 

أنهت سيلين حديثها و عريضة الدعوة التي قدمت ضد الوحش الذي انهكها وسرق حياتها منها، ليخبرهم المأمور بعدها أنهم سيحققون بكل ما ذكر بعريضة المحضر ويواجهون بهِ الوحش وايضا سيستدعون امها وخالتها كي يعطوا اقوالهم بما جاء بحقهم بالمحضر .

توترت سيلين ليقف اورهان ويقترب منها وهو يقول للمأمور

 " نحن مستعدون لكل المواجهات على كل شخص اخطأ ان ينال عقابه العادل" 

خرجت سيلين من قسم الشرطة وهي بحال أسوأ مما كانت عليه وقت دخولها 

تحدث اورهان لها متسائلا

 " هل أنت متأكدة مما ستفعلينه؟  انا لن اعارضكِ ولكن ان انتظرتِ للغد حتى تهدئين ومن ثم تذهبين  سيكون أفضل " 

عارضته بعيونها الحمراء المملؤتين بالدموع و بجسدها المنهك من الحزن والبكاء والوحدة مصرة على الذهاب إليه ومواجهته والتحدث معه وخاصة عند علمها تغيبه عن العمل معتقدة انه لا يريد رؤيتها.

لم تكن هذه هي الأسباب الوحيدة وراء ذهابها له والتحدث معه فلقد ظهر بعيونها حاجتها الكبيرة بالدخول في حضنه كي تشعر بالاطمئنان.

 ارادت اللجوء إليه والهروب من حزنها داخل احضانه. كانت كلمة واحدة منه كفيلة ان تنهي ألم قلبها فهي حقا تحتاج لدنياتها و قلبها و لأنفاسها التي قطعت منذ لحظة تركه لها.

 

فتح يوسف باب منزله مرة أخرى كي يرى من القادم،  لم يتوقع قط أن ينصدم بها امامه بل لم يتوقع حالة وجهها و عيونها 

نسي  كل شيء واقترب منها وهو يقول بخوف "ما حالتكِ هذه ما بكِ هل اصابك مكروه" 


( وما من مكروه أصعب مما هي به😥) 


جاءت لتتحدث والدموع تتجمع بعيونها التي تنظر نحوه بعتاب شديد، ولكن سبق حديثها صوت ضحك هوليا المرتفع وحديثها مع ابنتها بالمطبخ بل ونداءها على بابا يوسف كي يشهد على تقطيع كعكة الشكولاتة.

 

نظر خلفه نحو مصدر الصوت لتتحرك سيلين كي تتراجع و ترحل بهدوء استدار سريعًا وامسك ذراعها ويدها بأحكام وهو يوقفها قائلا "إلى أين ستذهبين؟" 

نزلت دمعة من عيونها المحتقنة وهي تقول

 "اترككم لراحتكم. أعتذر ان أتيت بدون موعد"

امسكها من يدها وتحرك بها للداخل دون كلام متجهًا للأعلى يسحبها خلفه وهي مسالمه له تصعد معه بعيون باكية 

خرجت هوليا من المطبخ لتشهد على صعودهم الدرج، حزنت لأجل عودتها المبكرة كان يظهر من الاسفل صورة الزوج المشتاق الذي يسحب زوجته خلفه نحو غرفتهم 

ولكنها لا تعلم وضعهم فبمجرد دخولها غرفتهم ونظرها لإرجائها انهمرت الدموع منها، اقترب يوسف واحتضنها بقوة داخله ليهدئها، مرة اخرى لم تعارضه ولم تبتعد وكيف تبتعد وهي من أتت لتلقي بنفسها بين أحضانه لتشعر بالأمان.

كان يحرك يده على ظهرها وهو يهدئ منها قائلا " اشششش انتهى ذهب وانتهى ها نحن معًا من جديد. ها انتِ بيننا لا يمكن لأحد ان يفرقنا. لقد اختارنا قلبكِ هو من اجبركِ علينا. سننسى سويًا احزاننًا سنكون دومًا بجانب بعضنا البعض. لا يمكن لأحد احزاننا. لا يمكن لأحد الاقتراب منكِ وانا بجانبك. سنعيش ثلاثتنا بحب وسعادة يكفينا ما حدث"

تحركت سيلين لتنظر لعينيه متسائلة

"هل تخجل مني. هل تشعر اني مذنبة بما حدث"

وعادت لبكائها ليسرع  بضمها مرة اخرى في حضنه قائلا له

" لا، ليس كما فهمتي. ليس كما وصل إليكِ. انا فقط لا اريد لاحد ان يحزنكِ. لا اريد لاحد ان ينظر لكِ نظرة ناقصة. لا اريد ان يجرحكِ المجتمع بنظرته الخاطئة. انتِ لا ذنب عليكِ ولكن لا يمكنني تحمل رؤيتكِ وانتِ تلقين بنفسكِ وبنا في طريق لا نعرف نهايته. وأيضا طريق الخسارة بهِ واضحة"

تحركت وهي تمسح دموعها قائلة

" انت وعدتني"

قاطعها بسرعة

" نعم وعدتك بمحاسبته و وعدتك بحمايتك وعدم ترككِ، ولكني لم اعدكِ أن اترككِ تقفين امامه وامام الجميع. لم اعدكِ أن اترككِ تفضحين و يتم تعريتكِ أمام الجميع. أصبحتِ اميرة الفولاذ هل اتركك لتصبحي اميرة….؟"

 

اغمض عينه وصمت دون اكمال اخر كلمة ولكنه لا يعلم ان اكمالها كان اهون من صمته.


أومأت برأسها مستنكرة ما قاله متسائلة بغضب 

" أميرة ماذا؟ اخبرني اميرة ماذا؟ هل اميرة الليل أم اميرة الاعتداءات؟ ام اميرة الفاحشة والرذيلة"

علا صوت يوسف وهو يقول بغضب

"يكفي بهذا القدر لماذا تصرين على تحميلي ما لم اقوله. انا بنظركِ غير محق وانتِ المحقة. ماذا ان طلبوا الكشف عليكِ واتضح انه ليس اعتداء كامل. حينها سيتمكن من الطعن بالقضية و ستخرجين انتِ الخاسرة. ماذا ان قالوا لكِ انه لم يخرج شيء بالكشف فأنتِ الان متزوجه هل ستقولين لهم كنا كالأخوات بغرفة واحد كل تلك الشهور، اجبيني هيا اجبيني ألم تفكري بصغيرتنا ماذا ان تم أخذها منا لعدم توفر مناخ عائلي مستقر. هل سأتحرك والجميع ينظر لي ان زوجتي… "

مرة ثانية صمت وهو بقمة غضبه كي لا يكسرها ولكنه كسرها فعليا.

تمالكت نفسها لتبدأ حديثها بقوة

"انت محق. لا يمكنني اجبارك على تحمل ذنب لا يد لك به. ولا يمكنني ادخالك بأمر كهذا انت او ابنتك "

تحدث  مستنكرًا قولها " ابنتك؟! "

لتكمل هي قائلة 

" اردت ان اتحدث معك كي نصل لنقطة مشتركة بالتفكير ولكن اعتقد انني اخطأت. اعتذر لقدومي و اشغالك عن ضيوفك "


تحركت بحزن لتخرج من الغرفة ولكنه امسكها من ذراعها وهو يقول

" لا يمكنكِ التحدث معي وكأني اصبحت غريبًا، وايضا هل تظنين انني سأترككِ بعد ان امسكت بكِ. مستحيل لا يمكنني ترككِ. لا يوجد لكِ خروج من منزلنا، نحن عائلتكِ وحياتكِ وعلاجكِ من الماضي. لين انظري الي. انظري"

حركت رأسها ونظرت لعيونه ليكمل وهو 

" هل برأيك أننا لا نستحق تضحيتك" 

تحركت مرة اخرى ليعلو صوته وهو يقول لها

 "اطلبها لأجل صغيرتك، لا تفكري بي  افعليها لأجل صغيرتك" 

وقفت خلف الباب وهي ممسكة بمقبضه بقوة تغلق اعينها لتفرغ الدموع الثابتة بهم قائلة بنار قلبها

 " لقد تم الأمر ذهبت وقدمت شكاوي بالصباح لقد بدأت الشرطة بالتحري و استدعاء الشهود"

فتحت باب الغرفة وخرجت منها لتنزل الدرج بسرعة متجهة نحو باب المنزل لتخرج منه دون توقف برغم صوت انيسة ابله التي كانت تنادي عليها.

دخلت هوليا من الحديقة وهي تنظر نحو الباب مكان نظرات انيسة الحزينة 

ظلت هوليا تنظر للإرجاء بصمت حتى تستطيع ان تفهم ما حدث ولكن لا شيء واضح 

ظل يوسف بغرفته لأكثر من ساعة مصدومًا صامتًا لا يصدق انها تنازلت عنه فعليًا

وبعد مرور الوقت صعدت انيسة لغرفة تناديه ليشاركهم  مائدة الطعام 


وبعد نوبة من البكاء والانهيار جلست على فراشها ممسكة بدفترها وقلمها بيد وعينيها تنظر على صورتهم العائلية السعيدة بشاشة الهاتف. مررت اطراف يدها لتلامسهم بهدوء وسكون بسبب جرعة العلاج التي أخذتها فور عودتها حتى انها ضاعفت الجرعة دون الرجوع لأحد وهذا عكس ما أوصت به الطبيبة.

بهذا الوقت أتاها اشعار برسالة جديدة فتحتها لتجد صورة جديدة نشرتها هوليا بصفحة التواصل الاجتماعي خاصتها

كانت الصورة عبارة عن عدة صور مجمعة بجانب بعضها تحكي عن جمال اللحظات وسعادتهم وكأنهم أصبحوا عائلة من جديد.


نظرت نحو الصورة بحزن وحسرة شديدة والاكثر نظراتها نحوه بعتاب كبير

جاءت لتغلق الهاتف فقلبها لم يحتمل ولكن دون قصد تم وضع اشارة اعجاب بشكل قلب صغير على الصورة.

توترت وارادت ان تحذفه ولكنها بالأخير تركته والدموع تنهمر من عينيها مجددًا

تركت هاتفها لتحتضن دفترها الذي لأول مرة لم تستطع كتابة حرف واحد به.

تركت ذلك الاعجاب لتسقط جانبا ملقية برأسها على الفراش بشكل عشوائي يعبر عن كم حزنها و وحدتها.


انتشر الخبر بعد يومين من تقديم سيلين الشكوى وفتح القضية ضد زوج أمها التي خرجت أمام الكاميرات لتفضح ابنتها وتتهمها بالأنانية والمرض النفسي وحب الذات،

لم تكتفي امها بهذه الفضيحة لتزيد الامر سوءً عند ذهابها الى الشركة ليكون أول لقاء لهم أمام العاملين

حاولوا السيطرة عليها ولكنها تحدثت بالكذب لتكسر وتهدم ابنتها لأجل الدفاع عن زوجها.

من سوء الحظ كان هناك اجتماع لرجال أعمال مهمين مما زاد الأمر انتشارا.


اتصل اورهان سريعا بالأمن كي يتدخل ويخرجها من الشركة 

ظلت امها تصرخ وهي بيد الامن وتلوح بيدها نحو سيلين مهددة ومتوعدة.


وظلت صامدة تنظر امامها بعيون ثابتة الكل ينظر نحوها مصدوم مما سمعه، حتى يوسف ظل صامتا ينظر نحوها بحزن كبير فهذا اقل ما كان يتوقعه وينتظره، تحركت سيلين عدة خطوات ليقترب اورهان منها كي يصطحبها نحو مكتبه ولكنها رفضت الذهاب معه 


استجمعت قوتها اكثر وبدأت حديثها الاول امام جموع الناس قائلة بصوت مرتفع على غير عادته أمام الغرباء

 "نحن لا نختار اقدارنا بايدينا. كما لا يمكننا اختيار ابائنا وامهاتنا وحياتنا . جميعهم يفرضون علينا. وهذا ما حدث معي." 

قوية نظراتها للموظفين مكملة

 "نعم من سوء قدري ان تكون هي امي، ومن سوء قدري ان تكون هي المسؤولة عني بعد وفاة أبي، ومن سوء قدري ان اقع فريسة لذلك الوحش الذي كانت تنعته بزوجها، نعم نعم نعم لقد كنت ضحية لذلك الوحش، اخطأت عندما تملكني خوفي و بقيت اسيرة لذعري ورعبي حتى كنت اسيرة للخوف من الفضيحة. و لكني لست الأولى التي كتبت أقدارها عليها ان تعيش تحت وطأة هذا الألم ولستُ الاخيرة ولكنِ استطيع الان محاسبة ذلك الوحش للحد من شره. حتى وان لم انتصر فسيكفيني شرف المحاولة. وسيكفيني شرف فضحه وتعريته امام الاخرين"


تحركت بقوة نحو مكتبها واغلقت الباب خلفها بقوة اكبر تاركة الجميع مندهشًا مما سمعه. 


منهم من كان مصدومًا. ومنهم من كان متعاطفًا معها. وهناك من كان متألمًا من شدة وقوة حديثها وجرحها.

تحرك يوسف هو أيضا ولكن نحو مكتبه فبالوقت الذي كان الجميع ينتظر تحركه خلفها ليساندها وجدوه حزين يدخل غرفة مكتبه ويغلق الباب خلفة لينهي اورهان بعدها هذا التجمع ويأمر الجميع ان يذهبوا لعملهم.


تحرك شاهين وعدة رجال أعمال ليستأذنوا بالذهاب وتأجيل الاجتماع لوقت لاحق، اعتذر منهم أورهان وايد قرارهم فهو لم يتبقى لديه عقل بعد ما حدث.

من الغريب وقوف شاهين إمام الشركة بالخارج يدافع عن سيلين امام باقي رجال الأعمال بل واعطاها الحق بدفعها عن حقها في معاقبة الوحش مستنكر هذا الفعل الذي اصبح وصمة عار وخزي بجبين الانسانية.


كان موقف شاهين عكس موقف يوسف الذي ظل يتعذب بغرفة مكتبه على ما حدث ولكنه للأمانة كان حزينا عليها اكثر، يتذكر هذه القوة التي ظهرت بعيونها وحديثها وهو يهز رأسه بحزن قائلا 

" لا احد يعلم ما وراء هذه القوة بقدر ما اعلم انا"  

تذكر دموعها بأخر لقاء بينهم اختنق بحزنها فهو من كان يخاف عليها من نسمات الهواء فكيف له ان يتحمل كل هذا الحزن.


وقف وتحرك بغرفته حتى قرر اخيرا ان يستمع لنبض قلبه ويذهب إليها ليواسيها مبررا لنفسه 

 "سأقف بجانبها وإن لم نستطع الاستمرار كزوجين. علي ان أعتاد على التصرف معها كصديقين" 

وتحرك نحو غرفة مكتبها بسرعة أشبهت سرعة سجين يتحرر من سجنه بعد سنوات، كان يتنفس بقوة وهو يفتح الباب مسرعا للداخل لدرجة ان كانت أمامه لسحبها وضمها داخله ليحميها من دنياها.


ولكنه تأخر على قراره فبنفس الوقت كانت هي بسيارة أورهان بيه تبكي حزنًا ليس على احد سواه فكان خذلانه لها وتركه لها بهذا الوقت اشد ثقلا و عذابا من القضية وموجهتها لامها، حاول اورهان تهدئتها كي تستطع مواجهة والدتها بعد قليل ولكنها لم تستطع.


خيرها ان يأجلوا ذهابهم لقسم الشرطة ولكنها أصرت على المواجهة والخلاص.

وقفت بقسم الشرطة امام امها لتواجه ظلمها و افتراءاتها من جديد ولكن هذه المرة وبرغم كثرة بكائها طوال الطريق الا انها اصبحت تعلمت من قسوة الأيام والليالي كيف تكون قوية وصامدة أمامهم.


وكالعادة نفت الأم هذا الادعاء وأوضحت ان ابنتها تعاني من مشاكل نفسية ونوبات ذعر و ايضا تغير منها بحد الجنون وهذا لان أباها كان يفضلها ويميزها عن سيلين فهي كانت طفلة غير سوية و لا احد يتحملها بسهولة.


تحدث اورهان بغضب مستنكرا ما تقوله وكيف يمكنها ان تكون ام 

ليتدخل المأمور فورا و يحذر اورهان من التدخل والتحدث 

لتكمل الأم افتراءاتها المهينة والمخزية والمخيفة.. 

وبعد سماع الطرفين وإصرار سيلين على أقوالها ونفي كل ما اتهمت به 

اصدر المأمور قرارًا بإحالة سيلين للفحص الطبي والنفسي ليحسم أمر ما قيل بحقها.


كما تم استمرار حجز الوحش على ذمة القضية بجانب ذمة قضية الاعتداء على المجمع السكني 

 

مرت عدة ايام اخرى اشد صعوبة عليها اصبحت تذهب للشركة بالصباح كي تظهر قوتها وعدم استسلامها وضعفها أمام الجميع وتعود بالمساء تاركة نفسها للحزن والبكاء.


تقربت غمزة من يوسف بحجة العمل سويًا وهذا أكثر ما احرق روحها.

 تفاجأ الجميع بزيارات هوليا للشركة وتقربها هي ايضا من يوسل ولكن المضحك المبكي ان هوليا كانت تنافس وتصارع غمزة على عليه وكأنهم يخضون حربًا عليهم كسبها والفوز به مجددًا. لقد اعماهم صراعهم وتنافسهم عن وضعه كمتزوج فكلاهما يعلم أنه انفصل عن سيلين بالمنزل وان مسألة انفصالهم الرسمي مجرد وقت.

 

لم يرفض يوسف هذا التقارب و كأنه يفعله عنوة ليرد على تقرب شاهين من سيلين و تردده بكثرة على مكتبها واعلانه دعمه ومساندته هو ونفوذه لها.

الحق يقال مساندة شاهين واورهان كانوا بصالح القضية كثيرا فبعدة أيام قليلة أصبحت القضية قضية رأي عام يتحدثون بها بالأعلام و تنشر على صفحات الجرائد الرسمية بسبب دعمهم.

لم تتخلص من حزنها وبكائها ولكنها أصبحت اكثر قوة في محاربة ضعفها وانهيارها وبكائها وحزنها حتى وهي بمفردها.


عكسه تماما بعد أن أصبح يغلق على نفسه في منزله رافضًا لأي اتصالات وزيارات خارج الشركة  لينعزل تماما متقوقعا داخل حزنه يتابع الاخبار بقلب مكلوم.

تم فحص سيلين ليتأكدوا  من صحة اقولها  وثبوت الاعتداء عليها بشكل غير آدمي فهي وعلى الرغم من بقاء عذريتها كان هناك تشوه و اثار بمناطق اخرى مما اكد كلامها حين ذكرت بالعريضة اعطائها المخدر ليفعل ما يريد بها، تأكد أكثر حديثها عن حادثة الدماء التي ذكرت بالقضية واستيقاظها لتجد نفسها غارقة بدمائها. فلقد أثبتوا بالتقرير الطبي  تعرضها للنزف من قبل. فهذه التشوهات وهذا الاعتداء الغير سوي يؤكد حالات النزف ويؤكد اعتداء وحشي غير طبيعي، فبرغم مرور سنوات على الحادثة الا ان اثار جروح أظافره وادوات اخرى محفورة بعدة مناطق بجسدها مما اكد على تعرضها لتعنيف شديد قبل مقاومتها،


انتهى الفحص الطبي ليأتي بعده ما هو اصعب بالفحص النفسي حين ضغطت عليها الطبيبة بشكل سيء عند مواجهتها بحديث امها وانها من أغوته بالتقارب والتلامس وانتظارها الأوقات المتأخرة لتبدأ بإغرائه، 

اخرجت الطبيبة صورة الوحش في منتصف حديثها لتواجهها به قائلة 

" أهذا من اردتيه لنفسكِ كما قالت امكِ " 

حاولت سيلين التماسك والدفاع عن نفسها ولكن مع كثرة الضغوط و ظهور صورة الوحش بوسط هذا الحديث جعلها تدخل بنوبة شديدة الصعوبة لم تدخلها من قبل فلقد ارتفع صوتها ليهز جدران المشفى.


كانت تصرخ وهي ترتجف بعيون مذعورة تنظر بكل مكان بخوف وهي تنادي على ابيها مستنجدة به ليأتي ويحررها .

وهذا ايضا يؤكد صحة ما ذكرته بالمحضر.

 

كان أورهان بالخارج يستمع لصوتها وهو يبكي لم يستطع التدخل ورؤيتها بهذا الشكل فهو يعلم جيدا تألمها واهاااتها وكيف لا يعلم وهو المكلوم بابنته.

اقتربت الطبيبة منها كي تحقنها بالمهدئ ولكن هذه المرة كانت تهرب مذعورة بعيون فزعة منها داخل الغرفة بعد ان أصبحت تراها بصورة الوحش.

استمرت بالتهرب من الطبيبة وهي تنادي على ابيها حتى سقطت ارضًا

لتتسع أعين الطبيبة وتهرول للخارج مستنجدة بأطباء المشفى فلقد تعرضت سيلين ولأول مرة لنوبة تشبه الصرع، لم يستطيعوا السيطرة عليها حتى كادت ان تلفظ انفاسها الأخيرة ارضا بين ايدي الاطباء.


( و بنحبك يا دنيا بجد و مهما تعمـــــــلي فيــــــــــنا.) 


كانت جلسة قوية وصعبة قامت بها الطبيبة بعملها فكان عليها اثارة غضبها لمعرفة مدى تأثرها ومدى صدق حديثها 

اسرع يوسف بقدومه للمشفى بعد استنجاد اورهان به فهو يعلم قدره لديها وانه الوحيد الذي يستطيع إصلاح ما كسره الزمان.


رفض الاطباء دخوله خوفًا عليها فهي بوضع غير مستقر ولكن بعد تحدث اورهان لهم. ورؤيتهم وضع وحالة يوسف المحزن على زوجته سمحوا له بالدخول ولكن بحرص.


عند دخوله غرفتها واسراعه نحوها ليضمها داخله معتذرًا منها مقبلها من رأسها بشكل عشوائي نابع من حزنه وخوفه عليها حدث ما حذره منه الاطباء فبرغم المهدئات إلى انها ذعرت منه وتحركت للخلف بعيون متسعة تتلفظ بصوت ضعيف مستنجدة بأبيها ان ينقذها.

كانت حالتها و صوتها الذي بالكاد يسمع يقطع قلب زوجها الحزين حتى اصبح يهز رأسه نافيًا " انا من بجانبكِ انا يوسف انتِ بجانبي الان" 

ولكنها ولأول مرة تخاف منه وتبتعد عنه بجسدها الهزيل ليتدخل الأطباء لإخراجه.


مع الاسف الشديد لم يلبث حديث الأطباء ليوسف وطلبهم منه الخروج إلا ثواني قليلة تابعتها نوبة ثانية أكثر شدة على سيلين ليكون شاهدًا على قوة ما تحملته بالماضي المرير.


 

تغير لون وجهها ليصبح ازرقاً بسبب توقفها عن التنفس وتحول جسدها المتشبث للوح خشبي من شدة تصلبه، تتلوى أطرافها بشكل مخيف حتى كادت ان تخلع، لم يصدق يوسف ما يراه امامه  تقطعت انفاسه وكادت روحه ان تخرج منه وهي ينظر لمقاومتها لنوبتها.

اخرجه احد الاطباء بقوة للخارج بعد بدأ يصرخ بالأطباء كي ينقذوها دون ان يعلم خطورة هذا الصراخ لمن يمرون بهذه النوبات و المرضى النفسيين.


وبرغم صعوبة ما حدث ورغم قضاء سيلين عدة أيام بالمشفى تحت الرقابة والمهدئات 

إلا أنه كان سببًا قويًا بخروج تقرير طبي يؤكد على تعرضها للاعتداء الوحشي والظلم لأكثر من مرة.

ليقوي هذا من موقفها و وضعها بل وجعل الرأي العام كله يضج و يستنفر من اجل اعطاء الوحش اقصى عقوبة على ما فعله.

خرجت من المشفى دون ان تعطي ليوسف اي فرصة للتحدث معها بعد ان اخذت على نفسها عهدا و وعدا ان لا تجعل احد يشاركها حربها و معركتها وان لا تحطم دنياه معها.


كانت تشعر  انها ستظلمه ان سمحت له بالتحدث والاقتراب منها، وايضا اعتقادها انه يفعل هذا لأجل ما حدث بالمشفى واستياء حالتها.

تحدد موعد الجلسة لتسرع سيلين وتطلب من اورهان مساعدتها برفع دعوة قضائية لأجل طلب الطلاق قبل موعد الجلسة حتى لا يتأثر يوسف وابنته بأي امر معاكس بسبب حكم الجلسة.

لينصدم يوسف في نفس اليوم بالمحامي يتحدث معه ليخبره عنه فتح دعوى للطلاق.

رفض وذهب لمكتب اورهان ليجدها هناك، صمت لوجود شاهين وعدة محامين من افضل المحامين لديه أتى بهم لينضموا لباقي المحامين مساندتا منه لسيلين التي أصبحت تمتلك اسطولا مدافعا عنها.

تفاجأ مرة اخرى بموقف شاهين و وقوفه بجانبها لعدة مرات مؤيدا ومساندا 

مما جعله  ينسحب دون التحدث بالأمر الذي اتى لأجله، لم ينسحب لمكتبه بل انسحب من الشركة كلها محترقا بعذاب ضميره قائلًا لنفسه 

"كنت اردت ان نعيش حياة هادئة. اردت ان لا يؤذيكِ احد حتى ولو بكلمة او بنظرة. اردت ان اعيش سعيدا معكم. لا يمكنني التخلي عنكما انتم حياتي "


اقترب موعد الجلسة وما زالت سيلين رافضة ان تجعل زوجها شاهد بالقضية كما أراد و شرح لها المحامون.


ومع اهمية الامر الان ان اورهان احترام رغبتها ولم يضغط عليها ولكنهم تفاجأوا بطلب شاهين ان يكون شاهدا بهذه الجلسة استغرب اورهان وقال له "وبماذا ستشهد"

ليقول شاهين" انا ايضا كنت شاهدا على تصرفاتها الغريبة عندما تتفاجأ بي امامها. وايضا لم انسى ذلك اليوم الذي لامست طرف يدها بالخطأ وانا ااخذ الاوراق منها اعتقد جميعنا يعلم ماذا حدث بذلك اليوم "


صمت أورهان وقال 

" نعم انت محق رغم انني سيطرت على الوضع واخرجتها سريعا من الاجتماع إلا انه أمر لا نستطيع تجاهله وتجاوزه "

بصباح يوم جديد بدأته سيلين بالصلاة والدعاء، كان الجميع يتجهز للذهاب للجلسة الاولى وكان الدعم و التغطية الصحفية بشكل هائل خارج قاعة المحكمة، توقفت سيارة أورهان وخلفها سيارة شاهين بيه امام المحكمة ليسرع المحامين بالتجمع لاستقبالهم.


نزلت سيلين بقوة هي واورهان ليقترب شاهين ايضا لهم وبدأوا بالسير لداخل المحكمة تحت نداء وأصوات دعاء الداعمين لها، وما اشبه اليوم بالبارحة فبرغم قوته وصلابته الا انه خاوي من داخله فكان اورهان يعيش الألم للمرة الثانية. 


وقف الجميع منتظر النداء على رقم القضية اقتربت والدتها وهي تتوعد وتهدد حتى اصبحت تقول لها

 " كنت محقة فلقد ترككِ زوجكِ. وسيترككِ الجميع بعد معرفتهم الحقيقة وستقعين بيدي من جديد" 

لم تكترث سيلين لحديث امها فكانت اعينها تنظر بحزن الى خالتها التي انهكها مرضها الجديد فهي جالسة بصعوبة شديدة من شدة تألمها.

خرج رجل الأمن ونادى على رقم الدعوى ليتحرك الجميع للدخول لقاعة المحكمة 

جلس الجميع بأماكنهم وتم اقتياد الوحش و وضعوه جانبا مكبلا بجانبه اثنان من أفراد الأمن، تعمدت سيلين عدم النظر له كي لا تفقد قوتها امام نظراته المخيفة.


وقبل البدأ بالجلسة تفاجأ الجميع بوصول شخص طالبًا من القاضي ان يكون شاهدا 


فلاش باك قبل الجلسة بيومين 

زادت سيلين من بتباعدها و وضع سد بينها وبين يوسف، ورغم هذا طلب يوسف من المحامين ان يكون شاهدا معها لأنه زوجها و رأى بجانبها ما لم يراه أحد ، ليجيبوه احد اجابه المحامون بالرفض ثلاث مرات وعدم قبول سيلين بشهادته.

 كان لمعرفته ان شاهين شاهد بهذه الجلسة قد احزنته وجعلته يتراجع عن طلبه، ظل باليومين يُذكر نفسه بحديثه لهاقبل الزواج وانه تعهد ان يسلمها لزوجها الذي يستحقها.


حارب نفسه وحبه فداخله يريدها له وحده وعقله يقول له اتركها لخوض حياتها بنفسها اتركها تختار من تستمر معه بنفسها اتركها لمن يستحق.


وبرغم هذا كله لم يستطع يوسف تركها وحدها ليقرر ان يذهب ويكون شاهد وداعم وسند لها رغماً عنها….

نظر جميع من بالقاعة نحو يوسف متفاجئين بوجوده وطلبه، وقف امها بفرحة كبيرة طالبة من القاضي ان يجعله شاهد بصفهم لأنها أكثر من رأى كذبها واستدلت على ذلك باثارة خبر قضية الطلاق ليحزن المحامون واورهان لأجل هذا، وافق القاضي على ضم يوسف بيرقدار للقضية لتفرح الام وتزداد نظراتها القوية نحو ابنتها


بدأت الجلسة بسماع الشهود اولهم اورهان مروراً بشاهين و بعض العاملين وصولا ليوسف 

الذي سأله القاضي بأول الأمر بأي طرف هو ليرد  سريعا قائلا

 "بطرف من اُظلمت دنياها على يد اقرب قلب لها. تلك التي من المفترض أن تكون ملجئها ومأواها. بصراحة كنت أعلم بأمر الاعتداء قبل زواجنا حتى علمت بالأمر من اول لقاء لنا بمنزل امي الصغير. حينها تفاجأت بها وبذعرها. حاولت مساندتها نفسيًا بعد ان رأيت نقائها ولمست صفائها وصدقها. اقتربنا وتعارفنا اكثر لتصبح بمكانة مميزة لدي. فهي بكل يوم يمر علينا كانت تثبت لي انها أعلى و اكبر واسمى واصفى شخص رأيته بحياتي. تزوجنا دون علاقة جدية بيننا. ذهبنا لطبيبة تدعى سيفدا هانم ساعدتنا كثيرا بلحظاتنا الصعبة ونوباتها التي كانت تعصف بها لتجعلها تنهار بكل مرة"

 صمت يوسف لثواني قائلا بعدها

 " بالمناسبة الطبيبة تنتظر بالخارج مستعدة لشرح الحالة وتأكيدها على اقوالي"

تداول القاضي الرأي مع مساعديه ليوافق على ادخال وادراج سيفدا هانم قاعة المحكمة كشاهدة بالجلسة.

وبعد دخولها طلب القاضي من يوسف ان يكمل حديثه الذي شرح به معاناة زوجته ومحاولاتها التصدي لخوفها و رغبتها بالعلاج واكمال حياتها 

شرح تفاصيل كثيرة محزنة وخاصة لصعوبة أول تقارب واول تلامس للأيادي.

تأثر الجميع بحديثه و محاولته إظهار كم هي شخص نظيف ونقي وصادق بمشاعره.


انهى يوسف حديثه بمطالبته بصفته زوج الضحية و تعرضه للأذى النفسي جراء ما تعرضت له زوجته من أمراض نفسية كالذعر والخوف و والحزن ان يحاكم الوحش بأكبر عقوبة تجعله عبرة لكل من يسول له نفسه ان يفعل هذا الامر.

تم اخذ شاهدة الطبيبة سيفدا كاملة كما تم أخذ شهادة الجانب الاخر فأمها وزوج امها تلفظوا نفس الكلام وانها هي من اغوته ومن راودته عن نفسه. حتى زاد الامر الى اتهام والدتها انها ببعض الأيام كانت لم تجدها صباحا بغرفتها. وبسبب دوائها كانت لا تستطيع معرفة هل كانت خارج البيت طيلة الليل ام خرجت بالصباح. واكملت امها قائلة "كان زوجي لا يريد احزاني فهي كانت تتحجج له بنومها عند اصدقائها وتطلب منه ان لا يخبرني بالأمر"

صدم الجميع من هذا الاتهام لتصرخ سيلين قائلة 

" كيف يمكنك قول هذا عني كيف طاوعكِ قلبكِ ان تتحدثي عن ابنتك بهذا الشكل"  

أوقف القاضي الحديث بينهم وطلب من الجميع الجلوس بأماكنهم 

ليأتي الدور على آخر شاهدة وهي خالتها التي لم تتمكن من الوقوف رغم مساعدة جارتها المقربة لتتحدث وهي جالسة بمكانها.


بكت سيلين مصدومة مما سمعته لتبدأ خالتها حديثها قائلة

"كانت مدللة ابيها. لقد رباها وكبرها على الاخلاق و الأدب والخوف من الله. كانت دوما كما وصفها زوجها نقية وصافية" 

صمتت خالتها فكان كلامها يخرج منها بصوت منخفض وصعوبة شديدة بسبب مرضها ورغم ذلك أصرت على إكمال شهادتها قائلة 

" لم نرى منها أي عمل سيء قط، فهي شديدة الخجل لا تستطيع جرح احد ولو بكلمة وان كان جرحها. لقد كنت شاهدة على ظلم اختى لها طوال سنوات طفولتها ولكن حب سيلين لها جعلني لا اتدخل. اصبح الامر يزيد سوءً عندما مرض زوجها لتجعل من الطفلة خادمة لديها ولكنها كانت خادمة بدون صوت او شكوى. ظلت تضغط عليها وهي تعلم بوفاة ابيها "

صمتت الخالة مرة اخرى ولكن هذه المرة بسبب صراخ اختها ودعائها عليها،

تدخل القاضي بشكل اقوى وهو ينبهها بعدم التحدث وإلا سيتم معاقبتها 

لتكمل الخالة قائلة

" لقد صمت لسنوات، بأول الامر كنت انتظر ان ينصلح حالها ولكن بعد علمي انها هي و سرحات كانا سبب بوفاة اونور والد الشابة لأجل أمواله..." 

رفض سرحات هذا الاتهام كما وقفت ام سيلين تنكر ما قالته اختها ليفرض عليها القاضي عقوبة التحفظ عليها واخراجها من قاعة المحكمة. وتحذير سرحات بعدم التحدث مرة اخرى.

صدمت سيلين مما تسمعه  طلب القاضي من الخالة اكمال شهادتها لتقول 

" لقد مضى العمر وها انا اعيش ايامي الاخيرة بهذه الدنيا لهذا لا اريد ان اذهب دون تخليص ضميري من هذا الذنب الكبير" 

حركت الخالة رأسها واعتذرت من سيلين قائلة

" انت تعلمين جيدا شره. لقد هددني بحياتي وحياة ابني ان تحدثت وأفصحت عنهم. فلقد كنت شاهدة على حديثهم ومعرفتي انهم كانوا سبب بوفاته بعد ان غيروا العقاقير الخاصة به مما جعل مرضه يزيد سوءً وعند اقتراب انكشافهم من قبل طبيب أعطوه جرعة زائدة من عقار مضر لحالته مما ادى الى وفاته بعدها "

سأل القاضي الخالة قائلا

" فرضنا حديثك صحيح فكيف لم يكتشف الطبيب الشرعي سبب الوفاة "

نزلت دمعة من اعين الخالة وهي تقول بصوت يكاد ان يسمع من سوء حالتها بسبب كثرة حديثها 

" كانت اختي لديها معارف و أطباء يساعدونها ببيع الأطفال الرضع الذين تتوفى امهم أثناء ولادتهم ويخرجون ليبلغوا أهالي المتوفية بوفاة الام والطفل معًا". 

تدخل القاضي مرة اخرى وقال لها 

" هذا اتهام خطير هل انتِ متأكدة من حديثك"

اصبحت الخالة تتنفس بصعوبة يتحرك جسدها الهزيل مع نفسها البطيء 

ليتفاجأ الجميع بالوحش قائلا

"انا لم اشاركها هذا الجرم انا ليس لي يد به "

تحولت القاعة لملتقى الصدمااااات والمفاجااااات للجميع 

اخرجت الخالة من حقيبتها ملف يظهر عليه القدم و وضعته على ارجلها وهي تقول 

" هنا يوجد مستندات تثبت هذا الجرم ليس كله ولكن عدة وقائع من جرمها احتفظت بها كي احافظ على ابني من شرهم. ولكنِ كما قلت اريد الان ان اكفر عن ذنبي وصمتي قبل موتي. حتى من ضمن هذه المستندات ما يثبت أن سيلين أنور ليست طفلة اختي الحقيقية" 



الليالي المظلمة الفصل التاسع والعشرين
Wisso

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف5 فبراير 2025 في 4:33 م

    روعه تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • Amany Ahmed11 فبراير 2025 في 2:49 ص

      هى هوايا دى ما عندها دم ولا اخلاق خاااالص
      مرة تحب يوسف ومتزوجه برضاها وتنجب طفلة منه وبعدها تقلب عليه وتسىمة لعصابات مافيا سرقة الشركات وتتركة واحدة يتعذب هو وأمه وبعدها تكرهه وهى تعبت حياتها وترجع تانى تش ف طريقة لرجوعها ليوسف طب سؤال لوليا
      بالنسبة لعمايلك السودة مع يوسف
      1: تسلمية لمافيا الشركات
      2 تهربى ببيتكم وتحرق قلبه عليها
      3 تشوفى حياة الشهرة وتتعلق ب جل تانى وانت متزوجة من رجل
      4حياتك كلها علاقات وفضايح ومسجلة عالنت بالصور والفيديوهات
      وعاوزة ترجعى للرجل مرة أخرى انت ماعندك لا دم ولا اخلاق

      حذف التعليق
      • Amany Ahmed11 فبراير 2025 في 2:50 ص

        الحلبة صعبة قوى قوى وبترجع سيلين مدمرة خالص خالص موقفها صعب والحالة كلها مرعبة وحزنها ووجعها يفوق الاحتمال

        حذف التعليق
        • Amany Ahmed11 فبراير 2025 في 2:52 ص

          انا كتبت بعض التعليقات واكتشفت إن هجاء بعض الكلمات خطأ منى
          عفوا يابنات

          حذف التعليق
          google-playkhamsatmostaqltradent