recent
جديدنا

الليالي المظلمة الفصل الثلاثين

Wisso

 

      رواية الليالي المظلمة  

                             بقلم أمل محمد الكاشف



الجميع بقاعة المحكمة مندهشون مما سمعوه، ينظرون لبعضهم وهم لا يصدقون حقيقة ما قيل أمامهم، ساءت حالة سيلين مما سقط على رأسها طالت نظراتها نحو من كانت تعتقد  انها خالتها بعقل لا يستوعب ما سمعه.

 

ما زال حديث الخالة وكلماتها يتردد باذنها

 "سيلين ليست ابنة اختي الحقيقية" 

علا صوت الحاضرين وهم يشاركون بعضهم هذه الحقيقة الصادمة باندهاش.


طرق القاضي بمطرقته الخشبية فالتزم الجميع لطلبه بالتزام الصمت والهدوء  لإكمال  المحاكمة، ثم نظر للخالة قائلا "تفضلي أكملي شهادتك"

لتكمل الخالة قائلة

" تم تزوير الشهادة على مرأى ومسمع من أونور والد سيلين الذي تم خداعه حين ابلغوه أن الطفلة ماتت مع امها أثناء الولادة، وبعد عدة أيام عادت إليه اختي فايزة لتخبره ان طفلته لم تمت بل تبدلت بالخطأ مع طفلة اخرى وتم فقدانها لعدة ساعات، مثلت اختي مساعدتها لأونور وخوفها على طفلته حتى نجحت بإعادتها له لتكسب وده وحبه، وتحقق مرادها في ذلك الوقت، بالحقيقة اونور والد سيلين كان صديق قديم لأختي فايزة بالمدرسة ربطتهم علاقة قديمة ولكنها لم تكتمل وانتهت بزواج اونور بأم سيلين الحقيقية، استطاعت اختي خداعه بحنانها على الطفلة حتى جعلته يسجل سيلين باسمها بكل رضى مقابل حمايتها والحفاظ عليها وايضا تعاطفا معها فهي عاقر بالوراثة". 


سألها القاضي

"وأين أهل والدة الطفلة ألم يسألوا عنها؟ ألم يشكوا بالأمر؟ أم هم أيضا شركاء بهذا الإثم" 


ردت الخالة بصوتها الضعيف قائلة

"كانت سيلين مأمون وحيدة والديها الذين علموا بوفاة ابنتهم والطفلة معًا، لا أحد يعلم بباقي التفاصيل بعد  انتقال اختي لبلدة أخرى لتعيش بها لعدة سنوات اعتنت وأخفت الطفلة التي سميت على اسم امها رغبة من أونور  حتى عادت من جديد معلنة أن إنجابها لطفلة جميلة شبيهة لزوجها أونور، وبالطبع كان لوفاة والدي السيدة سيلين مأمون دور كبير بعودتهم"


ساءت حالة سيلين من بكائها وصدماتها التي لم تنتهي عندما أتضح أن من كانت تستغيث به كي ينجدها بلياليها المظلمة هو أيضا شاهدا على ظلمها منذ صغرها.


أضطر القاضي أن يؤجل القضية للنظر بالمستجدات والتحقيق بما جاء في شهادة الخالة من جرائم اخرى 


اخرجوا رجال الشرطة  سرحات من القاعة ليأخذوه إلى الحبس مجددا وهو يصرخ مدافعًا عن نفسه 

" أنا لم اشاركها بباقي جرائمها. انا لا دخل لي ببيع الأطفال. هي من كانت تفعل هذا الجرم بمفردها" 


تم إدراج اقوال سرحات بالقضية بناءً على طلب من يوسف فما قاله يعتبر شهادة على إثم وتورط فايزة بجانب طلبه لادراج تهديد سرحات للخالة بإنهاء عمر ابنها وهذا ايضا اثبت بالمحضر 

وقف أورهان بيه ليطلب من القاضي التحفظ على الشاهدة و وضعها تحت الرقابة الأمنية كي لا يصيبها مكروه حتى موعد الجلسة المقبلة 

وافق القاضي وأمر بوضع الخالة تحت الرقابة الامنية بإحدى المستشفيات الخاصة المدعمة بفريق امني خاص تم تعيينه من قبل أورهان بيه لزيادة الاطمئنان.


( بصراحه كانت جلسة قوية بل شديدة القوة، كما أنها خالية من التباهي بالمواقف او غيرة رجل من رجل آخر، كانت  قوية مليئه الاندهاش والصدمات و تفكير الجميع في معاقبة هؤلاء المجرمين) 


اقترب يوسف من زوجته وهو يمد لها يده كي يساعدها بالوقوف فالجميع تحرك و وقف ما عدا هي.

انقطعت عن عالمها من شدة صدمتها وذهولها فأصبحت جالسه ثابتة تنظر للأمام بحزنها وقلبها المكلوم 


اقترب اكثر وهو يحدثها بحذر فعيونها الثابتة كانت لا تنبأ بخير، كما اقترب اورهان ايضا وانحنى قليلا وهو يناديها باسمها قائلا 

"سيلين. ابنتي. هيا بنا علينا ان نخرج. اعدكِ انني لن اتركهم دون دفعهم ثمن ما فعلوه بكِ" 


حاول يوسف و اورهان اقناعها ان وجودهم لا فائدة منه وأنهم لن يصمتوا حتى يعيدوا حق والدتها قبل حقها 

و أمام حالتها ونفيها وصمتها اكتشفوا عدم قدرتها على الوقوف بعد أن فقدت السيطرة على التحرك وكأنها لم تشعر بأرجلها، كل ما يصدر عنها اهتزاز رأسها بالنفي اشارة منها على عدم استطاعتها الوقوف أو الكلام.


انحنى يوسف ليرفعها ويحملها بين يديه خوفا عليها وخاصة بعد حديث سفيدا بصوتها المنخفض بجانبه "من المحتمل أنها تتعرض لبوادر جلطة بسبب الضغوطات والحقائق"، رفضت سيلين التجاوب مع زوجها، تساقطت دموعها فور اقترابه انحنائه عليها واخذها بحضنه لتزداد حركة راسها المعبرة عن الرفض.


اقترب شاهين وهو يقول لها

" يمكنني مساعدتكِ أن سمحتِ لي"


حينها لم يفكر يوسف برفضها ولا بأي شيء حملها رغم رفضها وزيادة بكائها ليسير 

بها نحو مخرج القاعة وهو يضمها داخله خائف عليها،  وقبل خروجه تفاجأ بفقدانها للوعي وهي بين يديه لينادي عليها بصوت عالي مسرعًا نحو سيارته ليطير بها لأقرب مشفى.

ولأنها قضية رأي عام كان ينتظرهم بالخارج لفيف من الجمهور الداعم والمتعاطف والمؤدي لمهمته الإخبارية ولهذا تم توثيق وتصوير مشهد خروج يوسف السريع من القاعة ومناداته عليها بوجهه المذعور، انتشرت الصور والأخبار بسرعة كبيرة لتزيد القضية شعبية وانتشارا ودعم أكثر وخاصة من قبل جمعيات حقوق الإنسان ومناصرة الضعيف وغيرهم الكثير.

وبعد عدة ساعات تحسنت سيلين لأجل ما تم حقنها به من مهدئات وما شابة، اقترب اورهان من يوسف ليطلب منه ان يتركها على راحتها فلا زالت رافضة التحدث له أو أي مساعدة من قبله.


عاد يوسف لمنزله بحال أسوأ مما خرج به في الصباح، لا يستطيع الخروج من اجواء المحكمة الصادمة ولا يستطيع التهرب من وجهها واهتزاز جسدها اغلق عينيه بقوة حزنًا عليها وهو يقول

 "لهذا رفضت وعارضت كنت اعلم انكِ ستتعذبين و تحزنين" 


وتحرك ليدور بمكانه وهو يكمل

 " كيف لي ان اتحمل رؤيتك بهذه الحالة ونحن نعلم  انها البداية فقط "


تاثرت سيلين من بعد هذا اليوم بشكل كبير حتى ظهر على وجهها نظرات عيونها التي لا تظهر من احمرارها و انتفاخها.

 

رفضت الجلوس بمنزلها رغبة منها في مواجهة نفسها قبل مواجهة الآخرين.


مرت عدة أيام بالشركة ما بين العمل واهتمام المحامين بسير تحقيقات القضية واهتمام شاهين بسيلين والقضية و حالتها النفسية حتى أصبح يأتي كل يوم للشركة وكأنه غير محل إقامته.

حاول يوسف ان لا يعطي الامر اكبر من حجمه، تحمل اهتمامه وتقربه الملحوظ من زوجته وهو يهدأ نفسه مؤكدا على حبها له.

 

وضعت سيلين حاجزًا صلبا بينها وبين زوجها فلا حديث ولا تقارب ولا نظرات سوى بقدر الحاجة الضرورية للعمل.


ليلجأ يوسف لكرتهُ الرابحة كي يستطيع التقرب منها وسماع صوتها وأيضا كي يخرجها مما هي به.

وبالفعل في صباح يوم جديد ركضت لي لي امام ابيها لتدخل الشركة قبله وكأنها تتسابق معه لم تنتظر ان يوجهها لأي اتجاه ستذهب فهي تعلم جيدا أين ستتجه او الى اين سيوجهها قلبها واشتياقها


تابع ابنته بعيونه الباسمة الحزينة المعبرة عما في داخله تحرك خلفها وهو ينتظر لحظة إلقاء ابنته بنفسها داخل احضانها.


(ولكن هل هي فقط من اشتاقت لهذا الحضن؟)


تفاجأ جميع من في مكتب اورهان بيه بفتحها الباب دون طرق واسرعها وهي تركض نحوها تنادي على اسمها " لين لين "


رأى  الجميع تغير وجهها الحزين الهزيل فاجأة ليصبح مبتسما مزدهرا، تحركت سيلين وانحنت لتحتضنها وترفعها بين يديها ليتبادلا القبلات العشوائية التي من الفرحة أصبحت لا مكان لها تتساقط على شعرها الذهبي ويدها الصغيرة.


ابتسم شاهين وهو ينظر نحوهم قائلا 

" الامومة تليق بكِ كثيرا. عليكِ ان تفكري بالأمر بجدية لتنتهي محاكمتك وقضية طلاقكِ و تبدئي حياة جديدة حقيقية مليئة بالأطفال " 


نظر يوسف نحوه بعيون حادة وقوية، تحركت لتستأذن منهم للذهاب لمكتبها محتضنة صغيرتها تحدثها عن أشياء جلبتها لها.

وقف أورهان ليأخذ نصيبه من تقبيل رأس الصغيره والترحيب بها تاركهم بعدها ليكملوا سيرهم للخارج.

تحرك يوسف محرك عينه ونظره الذي طال على شاهين وخرج من المكتب دون كلام.


خجل شاهين  واعتذر من اورهان موضح عدم تعمده لما حدث، رد عليه أورهان بحزن

" لا عليك حدث وانتهى. فلتنتبه بالمرة المقبلة" 

تحرك شاهين ليجلس من بعد جلوس أورهان قائلا 

" كنت أظن انهم انفصلوا او سينفصلون حتما لأجل هذا.."

قاطعه أورهان بضيق 

 " نعم جميعنا نعلم بأمر القضية وان انفصالهم مجرد وقت ومع ذلك أعطيه الحق بردة فعله فما زالت تحمل اسمه حتى الآن" 


وقف يوسف خلف باب غرفة مكتب زوجته كي  يراقب وجهها الجميل بعد ان سمع ضحكاتهم وفرحتهم وأحاديثهم الجميلة كعادتهم.

من يرى فرحة سيلين حينها يعتقد انها التقت ابنتها الحقيقية بعد غياب دام سنوات.


تعمد يوسف الإكثار من ذهابه لمكتب سيلين كي يسألها عن الأعمال تارة وعن ابنته تارة اخرى كنت اتوقع تغير وبداية جديدة لهم ككل مرة ولكن من الواضح جديتها وعدم تخليها عن ذلك  الجدار الصلب التي اقسمت بحدتها معه أن لا تعود لضعفها امامه مجددا.


انصدم يوسف من قسوتها وشدة حدتها التي لم يعهد عليها، بعد ان لجأت لكل ذلك من أجل أن تمنع قلبها قبل ان تمنعه هو فهذه المرة حقا مختلفة عن ما سابقها.


توالت الايام وازداد شاهين من تقربه وتواجده بالشركة لدرجة كاد الموظفون أن يجزمون على نقله لأعماله  لمكتب اورهان.


و ذات صباح دخل العاملين الشركة لينبهروا بالورود والبالونات المعلقة بكل مكان من مدخل الشركة حتى المكاتب في الأعلى.


أعجبت سيلين كثيرا بالأجواء حتى انها سألت اورهان بيه عن سبب التزين والاحتفال ليتوقف بجانب المصعد وهو ينظر للإرجاء مندهشًا حتى هو لا يعرف السبب.


أتى يوسف من خلفهم  مسرعًا بخطواته ليدخل معهم المصعد متحدثا بصوت ضاحك 

" لمن نحن مدينون بهذه الأجواء المبهجة" 

تعمدت سيلين ان لا تنظر له ولا تجيب عليه ليكن من نصيب اورهان الرد قائلا

 " لا علم لنا تفاجأنا مثلنا مثلك" 

هز رأسه وهو ينظر لها بقلب حزين على ما وصلوا إليه من حال فلم يتوقع بيوم انها ستحرمه من اعينها وصوتها بهذه القوة 


خرجوا من المصعد لتكون أولى الخطوات المسرعة لسيلين نحو مكتبها متعمدة الابتعاد عنه لم تتحرك نظراته من عليها وهو  يؤكد لنفسه انه لا يستحقها وانها تستحق الافضل منه والاسوء من هذا احساسه انه ظلمها بزواجه بها.

لم يطول هذا التفكير كثيرا بعد أن قاطعه الصوت العالي الذي خرج من مكتب سيلين فور فتحها الباب


تجمع الموظفين المقربين بمكتبها ليفاجئوها فور دخولها بكعكة عيد ميلادها 


اقترب اورهان ويوسف بوجوه فرحة بعد ان علموا سبب التزين والابتهاج 


لم تصدق سيلين ما رأت أمامها شكرتهم كثيرا وأخذت الكعكة من أيديهم و وضعتها على مكتبها

 

تمنوا لها السعادة وحياة جميلة، تغيرت ملامح وجه يوسف عندما رأى شاهين وعلم أنه خلف ترتيبات الاحتفال.

لم يتحمل ضحكاته العالية وقربه من زوجته وهو يطالبها بإغماض اعينها كي تتمنى أمنية خير قبل اطفائها الشموع


اغمضت سيلين اعينها وصمتت قليلا حتى تساقطت دموعها لتسره باطفاء شموعها  بوجهها الحزين.


خرج الجميع يتجه نحو مكاتبه متمنين أن تنتصر بمعركتها و حربها 


تحركت غمزة هي ايضا بوجهها الضحوك الغيور قائلة

 " لنذهب نحن ايضا للعمل" و اقتربت من يوسف وهي تكمل

 " سأتي إليك بعد قليل فهناك ملف علينا ان نعمل عليه سويًا" 

لم يرد عليها ظل صامتا ثابتا في مكانه، وقف اورهان بجانبه خوفا من تركه بهذه الحالة وهذه العيون وخاصة عندما أخرج شاهين من جاكيته علبة فاخرة وفتحها أمام وجه سيلين ليتفاجأ الجميع بالأنوار اللامعة التي خرجت تتلألأ منها.


عادت غمزة لتدخل المكتب على أصوات الموظفين وعيونها تخترق العلبة قائلة 

" كيف حصلت عليها. الأمس فقط أعلنوا عنها" 

ضحك شاهين متباهيًا 

" يمكننا فعل أي شيء لأجل من يستحق كل شيء" 

اشتدت غيرة غمزة لدرجة أنها ظهرت على وجهها بعد حديث شاهين ونظراته التي بمثابة تصريح رسمي  لنواياه تجاه سيلين.


انسحب يوسف قبل أن يرتكب جريمة لتسرع غمزة خلفه وهي تقول 

"هناك ملف مهم علينا أن نعمل عليه"

نظر أورهان بترقب نحو صمتها، 

تحدث  شاهين قائلا

"ألم تعجبك؟. ان شئتي نبدلها بموديل اخر او.." 

قاطعته وهي تقول

 " لا بالعكس تماما فهي جميلة جدا شكرا لك. ولكني لن استطع قبولها اعتذر منك" 


نظر شاهين لأورهان ثم نظر لها قائلا

" هل ستردين هديتي. لا يمكنكِ هذا فرسولنا قبل الهدية" 

رد أورهان وابنته الروحية قائلين

" عليه الصلاة والسلام " 

لتكمل  هي حديثها

 " حقا أعتذر منك فلا يمكنني قبول هدية بهذا الحجم وان نظرنا لوضعي فمن الطبيعي أن لن يسمح زوجي بقبول هدية كهذه يعني..." 

أومأ شاهين برأسه وقال

"حسنا  فهمت عليكِ لا داعي لشرحكِ اكثر من هذا. ولكن هي لكِ سأحتفظ بها لُاهديكِ إياها بوقت لاحق لا يكون لأحد قيود عليك "

تحرك أورهان وهو يوجه حديثه لشاهين 

" لنذهب لمكتبي فلقد اقترب موعد قدوم المحامين" 

تحرك شاهين أيضا وهو يرد عليه مبتسما 

" نعم انت محق فلقد سمعت ان هناك اخبار جديدة تخص القضية "


 وصلت غمزة بمكتب يوسف ليبدأا العمل بعقل وقلب تمزق من غيرته تنظر للملفات وهي لا تركز بها، زاد  الأمر سوءا عليها بقدوم هوليا للشركة 

ليغمض يوسف عينه ويقول بداخله

 " هذا ما كان ينقصنا اليوم" .


دخلت هوليا مبتسمة 

" لقد اعجبت كثيرا بأجواء الشركة اليوم ولكني تساءلت من سعيد الحظ الذي حظي بكل هذه الترتيبات" 

تحركت غمزة بمكانها متحدثه بصوت ساخر ضاحكة 

" من أجل اميرة الفولاذ" 

نظر يوسف لها بقوة لتتراجع سريعا 

" اعني لأجل الاحتفال بعيد ميلاد سيلين" 


تحركت لتخرج من المكتب وهي تنظر لهوليا محدثة يوسف قائلة 

" اترككم الان و نكمل عندما تتفرغ " 


في مكتب أورهان تجمع المحامين ليشرحوا مسار القضية والمستجدات حيث تم استدعاء أكثر من شاهد تم ذكره بالقضية كما تم التحفظ على بعض الأطباء الذين ثبت تورطهم الحقيقي بالقضية 

فلم ترد فايزة ان تتورط بقضية كبيرة كهذه بمفردها فأخرجت ما كانت تخفيه لتحتمي به بوقت كهذا، كل هذه المستجدات دعمت قضية سيلين وجعلتها بمركز القوة.


لم ينتهي اليوم بهذا القدر بعد ان ذهبت هوليا لمكتب غمزة بحجة الاطمئنان على أحوالها الاجتماعية و أصدقائهم المشتركين.

جلست وهي تكثر من أحاديثها كي تصل لمرادها ورغبتها بمعرفة أجواء الاحتفال التي أضاعته.

 وجدت غمزة الوقت المناسب لجعل هوليا تكتظ من غيرتها فلا يمكن لغمزة تحمل الغيرة وحدها فبدأت تحكي لها على التجهيزات والاهتمام حتى فاجأتها بالساعة الألماس اللامعة.

اتسعت اعين هوليا وهي تقول متفاجئة بما سمعته 

" شااااهين بيه! وهذه... أأأ.... حتى لساني لا يستطيع قولها" 

اكلت غمزة شفتيها بغيظ وهي تقول 

" وانا مثلك تفاجأت كثيرا" 

زادت غيرة يوسف عند رؤيته لأورهان وشاهين وزوجته يخرجون سويا من الشركة وجميعهم مندمجين بالحديث معا وكأن هذا المشهد القشة التي قسمت ظهر البعير.


 تحول بعدها لشخص صامت ذهب لمنزله ليعيد الذكريات وكأنه يريد إثبات عكس ما رأه. كان يتذكر ما كتبته بدفترها وهو يقول لنفسه

" هل استطعتي انهاء أمرنا بهذه السهولة" 


تحرك ليدخل غرفتهم وهو ينظر لإرجائها بحزن ليعود ليتحدث مرة اخرى 

 " يا ليتني لم اسمح لكِ بالخروج منها"


ليس هو فقط الذي يعيد بالذكريات فهي ايضا كانت بمنزلها تساير ذكرياتها التي كانت تجابهها وتحاربها لأجل شعورها بالقوة واستطاعتها الصمود أمامه.


تألمت وبكت بصمت وهي تقلب بدفترها قائلة "لا انت ولا هو. يجب أن ينتهي كل شيء"


 وبحركة غير منتظرة ألقت بالدفتر في الأرض وهي تكرر 

"لا أنت ولا هو انتهى. انتهى. ستعتادين. لن تعودي. ستمزقين قلبكِ أن اجبركِ على العودة" 

وعلى العكس تماما أعلن يوسف عدم تنازله عنها ومحاولته لكسب رضاها واستردادها، تحرك بخطوات بطيئة ليجلس جانبا بجسد هزيل. عائدا عن ما قاله 

"انا لا استحقها، وعدتها ان اتركها لتختار من تريد بعد علاجها و انفصالنا"

تذكر احاديثه لها قبل الزوج وكيف كان يعذبها وهو يخبرها انها اخت وام وابنة له وأنه سيسلمها بيده لزوجها. اغلق عينيه ليتذكر وعده لها انه هو من سيشتري لها بدلة الزفاف البيضاء عندما تختار شريكها الذي تستحقه.

احترق بنار ذكرياته وما اضاعه من يده


لتنتهي الليلة باستقرار يوسف على التخلي عنها كي تختار دون ضغوط و دون شعورها بالنقص وايضا ان يكون بالقدر الذي يستحقها.


نعم انتهت الليلة بهذا الشكل المحزن ليبدأ يوم جديد أشد بقوته من تلك الليلة من يرى يوسف بهذا اليوم يعتقد أنه تحول لرجل صخري .


دخل الشركة بقوة وصلابة مخيفة و بعد مرور ساعات قليلة على بدء العمل تأخرت سيلين بقدومها حتى ظن الجميع أنها متغيبة، 

ذهب يوسف لمكتب أورهان طرق الباب ودخل ليجده يتحدث بالهاتف، تحرك وجلس أمامه ينتظره لينهي مكالمته و يا ليته لم ينتظره. فلقد سمع أورهان يتحدث مع شاهين قائلا

 " ممتاز من الجيد انها معك. لم اعلم انك ستذهب للاجتماع اهنئك على هذا الدعم" 

لم يفهم يوسف الحديث بأول الأمر لينصدم بأورهان وهو يكمل 

 " اسمعني ما دمت قادمًا للشركة فلنفعل كالآتي انا لم ارسل يفوز لها وانت اصطحبها للشركة" 

أنهى حديثه وهو ينظر ليوسف موضحًا

" كان هناك اجتماع لمناصرة الطفلة التي تحدثنا عنها سابقا. اصرت ابنتي على الذهاب تواصلت مع سيفدا هانم وذهبوا سويًا" 


صمت اورهان أمام نظرات يوسف للحظات اكمل سريعا بعدها 

" لم نعلم انضمام شاهين بيه لهذا الاجتماع من الواضح انه جاد بدعم هذه الفئة من المظلومين. ولأنه قادم الى الشركة أخبرته ان يصطحب سيلين معه "

وقف يوسف وهو يقول

" خيرا فعلت "

وخرج من غرفة المكتب بعد ان نسي سبب مجيئه للغرفة، اتضح هذا من الملفات التي تركها خلفه دون كلام، لم يرد اورهان الضغط عليه كان يصمت أمام حزنه وهو يقول لنفسه

" انت من اختار يا بني "

رن هاتفه مرة اخرى ليبتسم وجهه مجيبًا

" هل اعجبكِ هواء فرنسا من جديد لهذا اطلتي سفرتكِ" 

( بصوا بقى مش وقتكم خالص دلوقتي انتفخ داخلي من ولادكم...😔😔😔) 


ضحكت فضيلة و قالت 

" ليس بيدي علي ان انهي كل شيء على اكمل وجه هذه المرة حتى لا اجبر على العودة مرة اخرى" 

أومأ أورهان رأسه وقال

 "نعم انت محقة لا تتركِ عملا هناك فانا لن اسمح لكِ بالابتعاد مرة اخرى. حتى تعلمين لولا القضية والاوضاع المتوترة كنت ذهبت بهذه الفترة كي اتعالج بهواء فرنسا "

ضحكت فضيلة من جديد وقالت 

" لا تقلق سأنهي كل شيء بأسرع وقت . ولكن طمئني على الأولاد هل حالهم كما هو" 


( انتوا خليتوا فيها اولاد 😔😔لا ياحبايبي متشغلوش بالكم ركزوا انتوا بهواء فرنسا وتتحرق فوفه فوق ما هي 🤐🤐🤐) 

بالجانب المقابل للمكاتب كان يوسف يتفقد نوافذ الممر المطلة على مدخل الشركة منتظر عودتها مع شاهين بغضب كبير، أتت غمزة إليه وهي تنظر له باستغراب متسائلة

" ماذا تفعل هنا "

نظر لها مجيب بضيق 

" لا شيء أردت استنشاق الهواء "

ضحكت غمزة 

" هل تركت نافذة مكتبك الكبيرة لتستبدلها بهذه" 

تحرك يوسف وهو يقول بصوت حاد

" تفضلي هل اردتي شيئا "

فتحت غمزة الأوراق وهي تتمايل بجانبه لتقول

 "نعم عليك أن توقع هذه الورقة لاعتمادها اليوم" 

اخذ منها الورقة دون النظر لها وتحرك نحو مكتبه مرة اخرى وهو يقرؤها دخل وامسك القلم موقعًا عليها سريعا قائلا

" تفضلي. اي خدمة اخرى ". 

استغربت غمزة من حالته وطريقته الحادة لتختار الانسحاب وهي تقول

 " لا شكرا لك "

وخرجت من مكتبه ليسمع صوتها بعدها بدقائق قائلة

" اوهوووو شاهين بيه توجب علينا تخصيص مكتب خاص لك بشركتنا من بعد الان" 

ازداد غضب يوسف حاول تمالك اعصابه ولكن لم ينجح تحرك وخرج ليبحث عنها بمكتب أورهان متأكدا انها بجانبهم. 

ولكنه لم يجدها رد شاهين عليه واخبره انها ذهبت لمكتبها فور وصولهم 

ليزداد غضبا وخرج دون رد، وقف اورهان واراد التحرك خلفه فحالته جعلته يقلق حيال ما يريده من ابنته، ولكنه تراجع أمام اهتمام شاهين ونظراته هو ايضا للخارج 


دخل يوسف مكتب زوجته بقوة وأغلق الباب بغضب لتفزع سيلين من حالته، وقفت متسائلة بخوف " ما بك. ماذا حدث" 

اقترب  للمكتب وهو يقول

 " ماذا حدث؟. أليس لديكِ علم بما حدث ويحدث كل يوم امام عيناي وأنتِ تتحدثين بكل اريحية مع الغير و تقبلين بالحفلات والهدايا. وتأتي بصحبتهم للشركة ومن ثم تسأليني ماذا حدث. نحن لا علم لنا فهذا ما يحدث امامنا الله عليم ماذا يحدث خلف أنظارنا" 

قالها يوسف بلحظة غضب وتوقف عقله عن العمل بسبب غيرته المميتة. كان يقصد اتصالات شاهين خارج العمل لقائها معه بالجمعية عكس ما فهمت وصدمت به سيلين.


استجمعت نفسها لتردد ما قاله متسائلة

" الله عليم ماذا يحدث خلف أنظارنا؟. هل تحدثني انا؟  هل وجهت حديثك هذا لي؟ "

ابتلع يوسف  ريقه متراجعًا عما قاله

" لا انا لم اقصد هذا بالمعنى الذي وصل لكِ. ولكنكِ تضغطين كثيرا علي، تبقى القليل لتعلنون ارتباطكم قبل انفصالنا" 


(كان غضبة يسيطر عليه بقوة ليجعله لا يعلم بماذا يتفوه لسانه) 


صمتت أمام كلامه الثقيل فهو حقا لا يفهم ما يقوله ليكمل هو متحججا باستمرار زواجهم وأنها ما زالت على اسمه ولا يمكنها فعل هذا وخاصة بالشركة. 


مرة اخرى حاولت سيلين التماسك والتراجع عن رغبتها بالصراخ لتتحدث بهدوء قائلة


" انت محق. ما زلت على اسمك. ولهذا لم أقبل أي هدايا من أحد. ولم أأتي اليوم مع اي احد للشركة بعد اصراري على الاستعانة بسيارة أجرة أتيت به. ولم ولن اسمح لاحد باصطحابي لأجل اسمك ولأجل اخلاقي التي لم ولن تسمح لي" 


أنهت حديثها وتحركت كي تأخذ حقيبتها لتخرج من الغرفة، وقفت مرة أخرى لتستدير ناظره له قائلة بقوة أكبر 

 " اعلم أن الوضع حساس وانك رفضت الطلاق حتى انتهاء القضية مشكورا. ولكن أعلم جيدا أنني سأحافظ على اسمك حتى ننهي هذا الزواج المتفق قريبا "


تحرك سريعا ومنعها من الخروج وهو يقول " لم يكن بالاتفاق. كنا نخدع انفسنا. كنا زوجين حقيقين. كنا روحين بروح واحدة. حتى اصبحنا عائلة سعيدة بجانب صغيرتنا "


اغمضت اعينها بحزن أمام قربه و كلماته لها ولكنها سريعا ما فتحتها لتنظر له وتجيبه 

" صدقني لم يحدث ولن يحدث نحن اعتدنا فقط على هذا الترابط واردنا ان نسايره. اتمنى لك حياة سعيدة حقيقية مع من تختارها بالمرة المقبلة "


وتحركت مرة اخرى لتخرج ليعود ويوفقها من جديد وهو يقول

" انتِ تكذبين لقد قرأت دفترك. انا اعلم كل شيء الان. انتِ اخترتي الحياة بجانبي. انتِ ايضا تشعرين بما اشعره انا. لقد انسقنا كلانا لإرادة قلوبنا فهي من ارادت لنا العيش بجانب بعضنا. انا حسن وإن كذبتي على نفسكِ وخدعتيها فأنا هو" 

صدمت وخجلت مما سمعته لتجيبه دون تفكير قائلة

" قرأته إذا؟. حسنا ولكنِ اريد ان اخبرك بأن الذي قرأت لا وجود له الآن فلقد ألقيت وتخلصت منه لينتهي كما انتهى كل شيء "


رفض بحركة رأسه الغاضبة وهو يقول لها

" لم ينتهي كل شيء " 

 تحرك وامسك حقيبتها من يدها بقوة وهو يفتحها قائلا

 "فلماذا تحتفظين بهِ حتى الآن" 

كان يبحث عن هذا الدبدوب الصغير وهو لا يصدق عدم ايجاده لتسحب حقيبتها من يده قائلة

" تخلصت منه أيضا انتهى. صدقني انتهى "


تحركت أمام صدمته وخرجت من غرفة مكتبها متوجه لمكتب أورهان لتكمل عملها 

مرت ايام اخرى تأكد يوسف خلالها أنها أغلقت صفحات دفترها من قلبها،

اقترب موعد القضية استعد الجميع وخاصة المحامين الذين أعدوا العدة لهذه الجلسة.


تم تقسيم القضية إلى عدة قضايا 

( الاعتداء الجنسي... بيع الأطفال.... جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد) 

حدث هذا حتى يستطيعوا إعطاء كل قضية منهما حقها.


بدأت جلسة قوية متعبة  وثقيلة انتهت على غير المتوقع بعد ان تم ادانة الوحش بقضية الاعتداء على سيلين ليأخذ حكم خمسة وعشرون سنه و لزوجته خمسة سنوات لصمتها وشهادتها على الاعتداء.


 أما الخالة فلقد درجت بالقضية كشاهدة اساسية ولم تعاقب على صمتها لأجل ادلائها بشهادتها وان تأخرت بها


فرح الجميع بانتصارها و نجاح القضية تحولت الأجواء للفرح  أمام قاعة المحكمة بالخارج 


صرح أورهان للصحف ان هذا اول الطريق فهم لن يتركوا حقهم بباقي القضايا


تفرق الجميع حتى الصحفيين ليقترب يوسف منها كي يتحدث معها نظر أورهان نحوهم وقال

 " اترككم براحتكم"

ثم نظر لابنته  

 " انتظرك بالسيارة " 

وتحرك وهو يشير لشاهين أن يتحرك معه ليتركوهم وحدهم.


استجاب  شاهين لطلب أورهان بعد تردد ظل لثواني فهو لا يريد تركهم بمفردهم ولكن ليس بيده شيء فكان عليه ان يتحرك بجانب اورهان كما كان يشير له.


نظر يوسف نحوها بسعادة وبارك لها  انتصارها وتخلصها منه مجددا فسنوات الحكم كانت البداية بالنسبة لما ينتظر الوحش وفايزة من أحكام أخرى تجعلهم ينتهون بالسجن مدى الحياة.


شكرته سيلين على كل شيء وخاصة تضامنه معها رغم مخاوفه ليعتذر لها عن ما حدث منه بأول الأمر قائلا 

" انا لم استوعب الامر بالبداية يعني لم أفكر من قبل بهذا. تفاجأت وصدمت برأيك و انتابني الخوف على ابنتي وعليكِ وعلى وضعنا. لا اعرف كيف سأشرحها لكِ و كأن عقلي توقف عن التفكير السليم" 


قاطعته بحزن كبير

 " لا تجهد نفسك بالشرح ان كنا بالماضي كنت سأنتظر التوضيح والشرح ولكن الان حقا لا داعي للشرح. بل علي شكرك لما فعلته لأجلي. اتمنى لك حياة سعيدة ومستقرة"


حزن يوسف امام كلامها وشعوره أنه أصبح لا شيء بالنسبة لها، وكأنه مجرد أوراق رسمية ستنتهي قريباً.

اكملت حديثها بنفس القوة والجفاء قائلة

" اعتذر منك انت تعلم قضينا قبل قليل ساعات صعبة واريد ان ارتاح بالأذن منك"


جاءت لتتحرك ولكنه سبقها بالحديث قائلا

 "كوني سعيدة مع من يستحقكِ. سأكون سندكِ دائما بهذه الحياة" 

وقفت واخفضت نظرها قليلا ثم رفعته بقوة نحوه قائلة

" يكفي بهذا القدر لقد فعلت أكثر مما يتوجب عليك. الأمر لي من بعد الأن كن على راحتك" 

وتحركت مرفوعة الرأس بخطوات ثابتة قوية صعدت بها السيارة لتتحرك سيارة أورهان ومن خلفها سيارة شاهين الذي كان ينتظرها بترقب.

 

ما زال يوسف ينظر نحوها وهو يودع حياته و سعادته و فرحته و بل ويودع مشاعره.



الليالي المظلمة الفصل الثلاثين
Wisso

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق
  • غير معرف8 فبراير 2025 في 5:18 م

    روعه تسلم ايدك حبيبتي

    حذف التعليق
    • Rim kalfaoui photo
      Rim kalfaoui8 فبراير 2025 في 7:53 م

      حلقة مؤلمة لفراقهم وانكسار قلوبهم ولكن السيد شاهين ناسي انها مازالت متزوجه وليه الضغط على الأعصاب ده
      ولحاجة التانيه الجيدة انها انتصرت عن من اذاها واخذوا عقابهم

      حذف التعليق
      • Amany Ahmed13 فبراير 2025 في 1:59 ص

        مش عارفة اقول لك ايه يايوسف اعاتبك على كلامك ولا تصعب عليا من حالتك دلوقتي
        بس ار جع اقول لك انت السبب والحق عليك

        حذف التعليق
        • غير معرف13 فبراير 2025 في 2:00 ص

          غمزة وزفتة هولية دول ك ة حقد وغيرة وكره ملتهبة نمشي عالأرض

          حذف التعليق
          • Amany Ahmed13 فبراير 2025 في 2:03 ص

            البت غمزة والزفتة هوايا من نفس العجينة

            حذف التعليق
            google-playkhamsatmostaqltradent