قلق الجميع حيال سقوط فاطمة، اقترب الإخوة منهم متسائلين:
" ما الذي حدث كيف سقطتي؟".
تحدث هادي بضيق:
" سقطت من سباق باهي وفارس"
وبصوته القلق سألها البدري:
" هل تأذيتي؟".
هزت رأسها نافية أذيتها وبدأت تقف من على الدرج وهي ممسكة بيديه، تسائل محسن:
" هل قدمك بخير؟".
اومأت توته رأسها:
" أشعر بألم بسيط لا يستدعي القلق، شكرا لك".
تحركت للأعلى بعد أن اعتذرت لقلقهم وشكرتهم جميعا على اهتمامهم، تركت يد زوجها بأول خطوتين مؤلمتين لتعود ممسكة بهم مرة أخرى كي تتسند عليهم، كانت تسير ببطء وتعكز محاولة ألا تضغط على القدم التي جبست من قبل لما بها من ألم.
وبعد ان ساعدها بنومها على الفراش طلبت منه أن ينظر للأطفال ويتأكد من بدأ كتابتهم للواجبات.
ضحك البدري قائلا:
" وجدتي الحجة لتلقي بهذا الهم علي".
ابتسمت قائلة:
" اعلم انك لا تحب متابعتهم بدروسهم لن اطلبها منك من قبل لأجل قدمي اليوم فقط، كل ما عليك فعله متابعتهم واجبرهم على البدء".
تحرك ليجلس على أريكة التلفاز قائلا:
" هل تظنين أنكِ سقطتي على لسانك، لا تخافي انه بخير حتى تستطيعي التجربة بالمناداة عليهم وأمرهم بفعل ما تريدين".
تفاجأ بضحكتها وتذمرها بدلال عليه:
" ألم تراني وأنا أسقط عليه".
ضحك قلبه قبل وجهه قائلا:
" بدأت اشك بهذا الآن حتى ان التردد تغير وأصبح أقل حدة".
خجلت حين انتبهت على نبرة صوتها الذي خرج من داخلها دون تفكير، نادت على الأطفال بعد أن فقدت الأمل في مساعدته، منهم من استجاب لها ومنهم من تقاعس وتباطئ.
ظلت تنادي وتتابع وتتوعد لباهي ان لا ينام قبل انهائه للواجبات حتى امتلأ داخله واعلى صوته متحدثا بقوة:
" ما بكم اليوم هل صعب عليكم انهاءها بسرعة".
ازداد ضيقا من دلعهم وتذمرهم ليتحدث مرة أخرى قائلا:
" أمامكم نصف ساعة ان لم تنهوها سترون عقابا لم تروه من قبل".
أعلى صوته بغضب أراد به ان يكتسب طاعتهم الاجبارية:
" هيا اذهبوا وانهوا ما عليكم".
اقتربت سلمى من توتة كي تتحامى بحضنها أعلى الفراش دون ان تتوقع سقوطها بيد من استغلت الفرصة وأخذت الفرشاه من جوارها وهي تقول للبدري:
" وسلمى ستمشط شعرها كي لا تتعاقب هي ايضا".
كاد وجهه أن يضحك وهو يرى ابنته صامتة مستسلمة لتمشيط شعرها.
لم تتعدى دقائق حتى انتهت توته من تمشيط شعر الصغيرة وتنويمها بحضنها وهي تحنو على ظهرها وتقبل وجهها.
ظل ينظر نحوهما بسعادة وراحة قلب، فلقد روت توته أولاده بحنانها وعطفها واحتضانها لهم كأنها أمهم، وهذا ما رأى نتائجه مترجمة امام عينيه بارتباط أولاده بها، وركض سلمى لحضنها اثناء وجوده، وسماع فارس لكلامها وحرصه على إرضائها، وهذا كله لم يحدث هباءً او صدفة فكان بالنسبة له حصاد بوقت مبكر جدا عن ما كان يتوقعه وينتظره.
توالت الشهور الأولى من زواجهم على هذا المنوال شد وجذب وجذر تقلل من حدتهما والفتور الذي بينهما تارة وتزيد منه تارة أخرى ، ليأتي صباح جديد اصرت توته على فارس أن يكمل كوب الحليب وتحركت لتأتي بعلب السندوتشات لتضع لكل منهم ما طلب.
تدلل فارس، حدثه والده قائلا:
" ألم تسأم من إعادة نفس القصيدة كل يوم".
رفع البدري كوبه وأكمل شربه ليكمل حديثه لابنه بعدها :
" حتى أنا أصبحت اريح رأسي وانهيه خوفا من العقاب".
ضحك الأولاد ورفعوا اكوابهم لينهوا الحليب.
نظر البدري لابنه قائلا:
" هيا يا بني لأجل مصلحتك ام تريد ان تخرج ضعيف لا قوة لك هيا اشرب ولا تعترض".
عادت توتة للطاولة ليتفاجأ البدري بابنه يرفع كوبه منهي حليبه، ابتسم بتخفي قائلا داخله:
" كان الله بعوننا أصبح علي أن أخاف انا ايضا الله عليم ماذا تفعل بهم أثناء غيابي".
تحدثت توته:
" راجعوا حقائبكم وكتبكم قبل ذهابكم لا اريد اي نواقص ان اتصلت مدرسة الفصل واشتكت من جديد سأحزن منكم واقاطكم".
تحدث باهي:
" قلمي داخل الغرفة".
ردت امه:
" انتظر انا من سيجلبه كي لا توقظ اختك".
لم تكمل كلمتها حتى ضحك الجميع بمجرد رؤيتهم سلمى تخرج من الغرفة وهي تحك عينيها.
انشغل البدري بالرسالة التي أتته على هاتفه وهو يستعد لاقتراب ابنته كي يحملها ليضعها على إحدى قدميه.
ومع تأخر اقترابها رفع عينه من على هاتفه باحثا عنها ليجدها تكمل نومها على كتف توته التي كانت تشير للأولاد أن لا يصدروا صوت.
فرح لحالتهم واندماج فاطمة مع الاولاد واهتمامها بجميعهم دون أن تميز أحدا على الآخر.
تحرك وهو يشير للأولاد أن يلحقوا به كي لا يتأخروا على المدرسة، كان من المفترض أن يقترب منها ويقبلها قبلة صغيرة على راسها تكررت مرتين باخر أيام، أو على الأقل ان يقبل ابنته بحضنها ولكنه تركهم واسرع بنزوله لأجل اولاده واعماله الكثيرة التي تنتظره.
صعد بسيارته وانتظر صعود الأولاد متذكرًا ما فعله، صدم المقود بيده نادما على تركه لها فكانت فرصة له ان يقترب منها ملبيا نداء قلبه الذي احترق طوال الليل بقربها منه دون أن يلمسها.
حزنت توته من نزوله دون التحدث معها، أخذت الطفلة لتعود بها لفراشها كي يناما بحضن بعضهما دون أن ترفع الفطور وترتب المكان.
…….
مرت عدة ساعات خرجت شهرزاد وشريف من الجامعة بعد ان انهيا عملهما ليذهبا لمقر دار النشر التي بدأ العمل عليها وتجهيزها لافتتاحها قريبا .
اقترح شريف ان تذهب شهرزاد لأمها كي ترتاح وينهي هو ما عليهم بالمقر ويعود ليلا لاخذها من هناك ولكنها رفضت وأصرت على الذهاب معه لتكون شريكته بكل شيء حتى المجهود، تحدث بقلقه؛
" ليس من الجيد أن تزيدي من اجهادك لأجل الطفل ".
_ " الطفل وأمه سيحزنان ان تركتهم وذهبت وحدك "
ضحك شريف قائلا:
" وكأني ذاهب لمدينة الملاهي".
شاركته ضحكته:
" سنذهب معك لا مفر لك منا".
_" يناسبني كثيرا حتى فرصة ان ارى وجهك الجميل بشكل أطول ".
ضحكت على نفسها قائلة:
" تقصد وجهك المنفوخ هكذا تكون اصدق"
و صعدا السيارة بسعادة كبيرة وفرح ليبدأوا سيرهم بطريق حلمهم الكبير.
…….
عاد البدري في منتصف اليوم صاعدًا للأعلى متحججا ببعض الأوراق المهمة، فرحت توته عند رؤيتها له.
دخل المطبخ وهو يشتم رائحة الكيك قائلا :
" من الواضح أنني جئت بالوقت المناسب على التمام"
-" نحن نقول عن ذلك حماتك تحبك ، يعني حين يأتي الشخص على الطعم نقول ذلك"
أومأ رأسه مجيبا عليها:
" نعم ونحن أيضا نقول هذا"
وتحرك ليفتح محضر الشاي الكهربائي مكملا :
" سأحضر لي الشاي كي ااكل به الكيك"
ابتسمت بردها :
" في هذه الحالة توجب عليك انتظار ربع ساعة على الأقل"
" يمكنني أن انتظر العمر كله أمام هذا الجمال"
لم تخجل توته هذه المرة وحسب بل خفق قلبها معلنًا عودته الفعلية للحياة حين تحولت مشاعرها لفتاة بعمر المراهقة.
اقترب منها بحذر وبطء متغزلا بها:
" ما بكِ ؟"
ابتلعت ريقها بخجل رفعت به عينيها بعينه :
" ما بي؟"
اقترب أكثر طابعًا قبلة على وجنتها دعي ربه أن لا تصده أو تتغير ملامح وجهها على إثرها.
ازدادت توته خجلا لتتجرأ البدري بمد ذراعه كي يحوط زوجته ويضمها داخله.
وبهذه الدقائق الخاصة جدا تفاجئ العروسين بدخول ناهدة المطبخ منصدمة قائلة بوجه تصنع المفاجئة : " البدري ابن عمي"
ابتعدت توته عن يده التي لم تصل لها، كما استقام البدري بوقفته ناظرا بضيق نحو ناهدة منتظرا تفسير وجودها بالمطبخ دون إصدار أي صوت مسبق.
تحدثت ناهدة بعين قوية :
" جئت لأطلب منك قالب الكيك الدائري سألت فدوه عنه واخبرتني أنه عندك بالاعلى"
ردت توته بصوتها الذي لا زال مخفض من خجله:
" انتظري تبقى القليل ليخرج من الفرن …
قاطعت حديثها :
" لا عليكِ سأنتظر خروجه كي نتذوقه سويا مللت من الجلوس وحدي لنجلس مع بعضنا البعض نأكل ونشرب القهوة قبل عودة الأولاد "
تحرك البدري ناظرا لشاشة هاتفه، أسرعت ناهدة بتوجيه حديثها لابن عمها :
" لنؤجلها ليوم آخر إن كنت ستبقى اليوم بالسرايا"
نفى ما تقوله موضحا ضرورة مجيئه لأخذ بعض الأوراق المهمة وعودته للعمل من جديد.
تحدثت له زوجته قبل خروجه من المطبخ:
" هل اضع لك نصيبك في علبة كي …..
قاطع حديثها رافضا أن يأخذ معه أي شيء كونه سيتنقل من مكان لأخر ، استودعهم لله وذهب لأخذ الأوراق ومن ثم خرج عائدا لعمله بقلب غير راضي عن ما حدث.
ودون أن تنتبه لحالتها جلست توته مع ناهدة بوجه مبتسم وعقل شارد الذهن وكأنها حقا عروس صغيرة تفرح وتستمتع بجمال البدايات.
وهذا ما اشعل النار بقلب ناهدة التي اقسمت على انفصال البدري من توته بشكل سيء يجعل الجميع يقف ضد فاطمة ويجبروها على العيش في منزل فهمية مقابل ان لا يأخذوا أبنائها وارثهم منها.
كانت تفكر بشكل شيطاني من شدة حقدها الذي أعمى بصرها وغيرتها الحارقة من هدوءها والسعادة التي ترسمها فاطمة بمجرد نزولها للأسفل.
لم تكن تمثل بشكل كبير فكانت فاطمة تعيش حياة هادئة مستقرة إلى حد يجعلها تتأمل بالخير، يتخللها حزنها وزهد زوجها بها ببعض الأوقات ولكن في المجمل كانت جيد ولا غبار عليها وخاصة حين يعود له عقله ويتجرا بقربه منها والتغزل بها.
لم تترك ناهدة شيء إلا وفعلته حتى أصبحت تزيد من سخريتها من جسد توته وتوصفها أنها دون ملامح، مع الاسف كانت جميلة تتدخل وتنصح فاطمة بدون تعمد أو نية سيئة أن تزيد من أكلها وتناول مكملات غذائية و فواتح للشهية كي لا يسوء وضعها وينظر زوجها لغيرها فهو الكبير والجميع يدور من حوله.
ضحكت ناهدة ضحكة أرادت أن تكيد وتقهر قلب فاطمة بها قائلة:
" انظري إلينا وتعلمي منا عليكِ أن تمليء مكانك و وضعك ويظهر عليكِ عز وهناء السرايا، أعتذر منك لا تفهميني خطأ ولكن حتى فدوه يظهر عليها هذا اكثر منك".
ردت جميلة بضيق:
" انا لا احب هذه الفتاة ينقبض قلبي كلما أتت لتقدم الشاي وما بعده للرجال، لا ترتدي الا ما يرسم جسدها ويظهر مفاتنها وكأنها ذاهبة لعرض نفسها لا للخدمة".
جاءت توته لتؤكد على ما قالته جميلة لولا أن بادرت ناهدة بالرد قائلة:
" هل تغارون على أزواجكم من خادمه، أن حدث هذا عليكم أن تغيروا بأنفسكم وليس هي، ما ذنب المسكينة في ما أكرمها الله به من جمال فتان، ستذهب هي وتأتي غيرها، اشبعوا عيونهم وقلوبهم قبل أن تلقوا اللوم على غيركم".
ردت جميلة على ناهدة بغضب:
" على أي شيء تلمحين هل ازواجنا سينظرون لخادمتهم".
اجابتها ناهدة:
" أنتم من تغارون وتتحدثون حتى اصبحتم ترون نقصكم بها".
تحركت ناهدة وهي تكمل:
" اغلقوا هذا الحديث سأذهب لأراهم بالمطبخ".
تحدثت جميلة بعد ذهاب ناهدة بحزن:
" النقص ليس باجسامنا الحمدلله على ما أكرمنا به الله ولكن عدم انجابنا حتى الآن هو ما ينقص".
اقتربت توته من جميلة قائلة بصوت حنون:
" اعلم ان الوضع العائلي عليه عامل كبير بهذا ولكن الطب تقدم ومادمتي أنتِ وهو بخير كما قلتي لي سابقا فلماذا لم تسعيان للحل بطرق أخرى ".
تحدثت جميلة قائلة:
" اخبرته بما قلتيه أنتِ وأمي لي ولكنه رافض خوفا من فشل العملية وسوء حالتي النفسية".
ردت وهي تربت على كتف جميلة:
" لن يكون أسوأ من حالتك وما حكيتي لي عنه توكلي على الله وخذي بالاسباب وان كان لكِ نصيب فسيصيبك وإن لم يكن فعلينا ان نرضى بحكم الله فلعله خير لنا، ألم يكفيكي أولادنا وهم يدورون حولك ويفقدوكِ صوابك حتى تصرخين وتنادين عليّ كي أخذهم بصوت يسمعه الرجال من عملهم بآخر الدنيا".
ابتسم وجه جميلة قائلة:
" والله اني احبهم ولكني اتمنى…"
قاطعتها توته قائلة:
" طبعا ستتمني وتدعي الرحيم ان يعطيكِ''.
دمعت عين جميلة لتتحدث توته من جديد:
" ولكن عليكِ ان تأخذي بالاسباب وأنتِ تدعين الله فإن الله يحب المتوكل لا المتواكل".
صمتت جميلة لتفكر بما قالته توته التي اكملت: " وان كان على محسن اتركي الامر عليّ سأتحدث مع البدري كي يضغط عليه وإن احتاج الأمر لان نتحدث انا وأنتِ معه لنفعل، حتى اقول لكِ انتظري تبقى أقل من أسبوع على امتحانات الأولاد لنصبر حتى ينتهوا واخذك معي للقاهرة وهناك نحجز موعد عن اكبر دكاترة ونستمع لهم وتقومي بإجراء العملية ان لزم الامر هذا ولن اتركك حتى تأخذين الخبر السعيد ".
تحمست جميلة من فرحتها ودعت لتوته ان يحفظ لها أولادها وزوجها من الذين يدورون حوله، وبخوف سألتها توته:
" ومن يدور حوله".
تحدثت جميلة وهي تحاول ان تهرب من سؤالها:
" لا اعرف خرجت مني على هذا النحو".
وأمام صمت توته واحساس جميلة بالعرفان اتجاهه تحدثت لتكمل:
" استمعي لي كما استمعت لكِ أنتِ ايضا عليكِ ان تتغيري وتهتمي بنفسك، لا أقول شيء ملابسك جميلة بشكل كبير ولما الكذب شهادة لله تخرج عيني عليهم ولكني أشعر أنهم بغير موضعهم لا أعرف أين العيب هل لان المقاس واسع وكبير عليكِ ام الموديلات غير لائقة بكِ وايضا لم تصبحي تهتمي بهم كأول اسبوع من زواجك، حبا في الله لا تفهميني خطأ اردت ان انصحك وافهمك الدنيا من حولنا غابة كبيرة اخرجي بالشوارع لتري البنات وما يصنعونه باعينهم وخلقتهم وملابسهم، لا اعرف كم من الوقت يستغرقون قبل خروجهم، ازواجنا يخرجون ويرون من كل الألوان ويعودون إلينا وهم يحملون كل ما رأوه باعماق قلوبهم متأملين ان يجدوا ما يسرهم بحلالهم، تخيلي بعد كل هذا يعودون ولن يجدوا سوا الملابس الواسعة والحجاب الذي نرتديه اغلب الوقت بوجههم".
نظرت جميلة حولها وهي تقترب من توته قائلة: " جاءت عليّ ايام كنت انام بحجابي من كثرة التصاقه برأسي، وبيوم جائتني امي بالصباح لتصطدم من حالتي وعباءتي وجلست تعطيني دروس بحق زوجي علي وما شابه دروس من التي نعلمها ونحفظها دون ان تؤثر بنا نمر عليها مرور الكرام وهذا ما حدث حتى بيوم شعرت بالخطر ورأيت عيون زوجي تذهب يمينا ويسارا، وهنا وقفت مع نفسي وبدأت بالتغيير والاهتمام المبالغ به حتى اصبح يتشوق لدخوله الغرفة كي يسعد بالمفاجأت التي تنتظره، ولهذا نصحتك كما نصحتني أمي لا تنتظري حتى تزوغ عين زوجك وتسرعي بالاهتمام والحفاظ عليه، ابدئي من الآن ان لم يكن لأجلك فليكن لأجل كوم اللحم الذي برقبتك، جميعنا رأينا فرحة أولادك وارتباطهم بالبدري ابن عمي ورأينا ايضا ركض سلمى وهي تسابق باهي عليكِ وتناديكِ بأمي كما يناديكِ باهي".
ردت توته:
" ولكني حزنت على هذا لم أستطع منعها عن قولها وبنفس الوقت لا اريد إهدار حق امها بهذا".
تحدثت جميلة بضيق:
" ما الخيبة التي أنتِ بها انا لم اتوقع منك هذا الفراغ، الطفلة رأت بكِ حنان امها التي حرمت منه الحي ابقى من الميت هل ستقهرين الطفلة وتجعلي الكلمة تقف بحلقها طول عمرها وتظل باحثة عن طعمها وشعورها بها ، ما دامت قالتها وحدها دون تدخل فاتركيها ولا تمنعيها لعلها تكون شفيعة وحلقة وصل وطيدة بينك وبين البدري".
تحدثت توته مدافعة عن نفسها:
" لا تقلقي انا لم اقصر بملابسي بالأعلى حتى أنني أنزع حجابي بعد دخولي من الحاجز مباشرة ".
تحدثت جميلة:
" بالله عليكِ هل هذا ما فهمتيه من حديثي وايضا حتى وان خلعتي حجابك عليكِ ان تبدلي بيجاماتك الواسعة التي لم اصعد إلا واراكِ مرتدية إياها".
ثم نغزتها من ذراعها وهي تكمل:
" تنصحي وإفتحي عيناكِ، عليكِ ان ترتدي ما يليق بعودك ان لم تنجحي بازدياد وزنك فعليكِ ان ترتدي ما يوحي بهذه الزيادة كالمفتوح صدره والقصير والمنفوخ من جهة الخصر هذا كله يزيد من الوزن وخاصة الاخير فانا اتجنب المنفوخ كي لا أشبه الكرنبة".
خرجت ناهدة من المطبخ وهي تراقب وضعهم وعدم تفرقهم كل هذا الوقت اقتربت وهي تراقب جلستهم وحديثهم الذي قطع بمجرد اقترابها.
صعدت توته طابقها العلوي وهي تفكر بما قالته لها جميلة حاولت ان تأخذ بالنصيحة، تحركت للمطبخ قائلة لنفسها:
" لنأكل بشكل عائلي اليوم".
تذكرت فستانها الوردي لتتحدث بوجهها المبتسم " سيكون مناسب ان ارتديته اليوم".
وتحركت لغرفتها كي تخرجه وتضعه عليها، كان بسيطا ثلث كم ليس بمنفوخ ولا طويل على الأكثر يصل لركبتها.
قررت ان تحضر الطعام اولا ومن ثم ترتديه وبهذا الوقت يكونوا الأولاد قد عادوا من مدارسهم ومن ورائهم البدري.
حلمت كثيرا ليضيع هذا الحلم حين تأخر البدري لعدة مشاكل ومشاجرات بالعمل بينهم وبين عائلة أخرى.
ولكنه عاد بالاخير وهو مقتضب وجهه دخل غرفته ليبدل ملابسه دون كلام معها.
تحركت لتأخذ ملابسه من أعلى فراشهم لتعلقهم بخزانتهم قائلة:
" انتظر الأولاد عودتك ليتناولوا وجبة العشاء معك ولكنك تأخرت".
رد بصوت غليظ دون ان ينظر لها:
" أخبرت فارس ان لا ينتظروني".
اجابته بحذر:
" نعم قال لي هذا وبعدها تناولوا طعامهم وناموا لأجل المدرسة".
تحرك ليدخل الحمام وهو يستمع لها:
" سأحضر لك طعامك حتى تخرج من الحمام".
رد عليها بصوته المتعب:
" لستُ جائعا لا تتعبي حالك”
تحدثت بسرعة:
" ولكننا انتظرناك لنأكل معك".
وقبل أن يغلق الباب عليه حدثها:
" عافية لكم".
حزنت محدثة نفسها:
" هل كان يومه صعب لهذه الدرجة".
تحركت لخارج الغرفة منادية على سلمى لتسرع الطفلة بالخروج من غرفتها وبيدها عروستها اقتربت منها توته قائلة:
" أين أنتِ أتى البدري دون أن تحتضنيه أو تقبليه سيحزن منكِ الآن، هيا سأضع لنا الطعام وأنتِ أذهبي إليه واستعجليه ليأتي ويأكل معنا لا تأتي الا وهو معك كي لا تحزن العابك".
اسرعت سلمى بفرح نحو غرفة والدها باحثة عنه لتسمع صوت الماء يأتيها من الحمام الذي وقفت على بابه تطرق وتطرق منادية على والدها.
استعجل بخروجه ليجدها أمامه فاتحة ذراعيه، رفعها مقبلها وجهها، تحدثت بصوتها الصغيرى
" هيا لنأكل مع العابي".
ابتسم لها:
" لا لست جائعا اذهبي أنتِ وعروستك لتشاركوا أمك فاطمة بالاكل".
هزت رأسها رافضة ان تذهب وحدها ليغمض عينيه بتعب قائلا:
" اذا اذهبي واحضري سندوتش وعودي لتتناوليه بجانبي".
هزت رأسها من جديد:
" توته تقول لا ، الاكل بمكان الأكل فقط ".
ابتسم لطفلته وقبلها ومن ثم انزلها أرضا ليمسك يدها متحركا معها للخارج متفاجأ بزوجته قد أمدت مائدة الطعام باطباق المكرونة بشاميل وبجانبها البطاطس المقرمشة الخاصة بها وقطع الدجاج المقرمشة.
اقترب اكثر وهو يحدث ابنته:
" سأجلس لأجلك تناولي أنتِ والعابك بسرعة نفذت طاقتي وأريد أن أنام".
اقتربت توته لتضع أمامه طبقه الفارغ ومن ثم اخذت سلمى و رفعتها لتجلس على المقعد الجانبي لتبدأ بعدها وضع الطعام بالاطباق، وبرغم قوله لستُ جائعا الا أنه لم يستطع مجابهة رائحة طعامها الشهي ليتناول بصمته وحرصه على عدم النظر نحوها.
وبينما هم يتناولون طعامهم قاطع صمتهم وصول ناهدة بصينية القهوة منادية من خلف الساتر الكبير:
" يارب يا ستار، بدري، ولد عمي هل لا زلت مستيقظ".
رفع عينه على تغير ملامح وجه زوجته قائلا:
" تفضلي يا ناهدة، تفضلي".
دخلت ناهدة لتتفاجأ بحالتهم وتناولهم للطعام بشكل جماعي ظاهره رومانسي، تقدمت خطوات بقلب املأه الغيرة وأعمى رشد قلبها حين وضعت القهوة بجانب ابن عمها:
" اشتهيتها فقلت لنفسي أن أحضر لك فنجانا معي اعلم قدر اجهادكم اليوم"
وابتسمت مكملة:
" بجانب أنني أعلم حبك لقهوتي".
نظر البدري للقهوة شاكرا صانعها:
" سلمت يداكِ يا اختي اجلسي لتأكلي معنا ستعجبك البطاطس و الدجاج المقرمشة اجلسي".
وبمجرد وقوف فاطمة تفاجأ البدري بسرعة جلوس ناهدة وكأنها تكيد بها، احتار بأمره ما كان منتظرا من زوجته حركة كهذه أمام ضيف دعاه على مائدته الخاصة حتى وإن ثقيل على قلبها استضافته.
تحدثت ناهدة لتقول بصوت مسموع:
" رغم أنني لست جائعة إلا أنني لا يمكنني رد كلمتك".
ابتسم لها ابتسامة منقوصة:
" تسلمي يا بنت عمي صحة وعافية".
نظر تجاه المطبخ ليجد توته عائدة من المطبخ حاملة بيدها طبق فارغ ملأته فور دنوها من المائدة بالمكرونة و وضعته بعدها أمام ضيفتهم ومن بعده وضعت بجانبه الشوكة والملعقة.
فرح قلبه بمجرد رؤيتها بهذه الحالة واقترابها منه لتضع له المزيد من الدجاج بطبقة قائلة:
" فرحت انها اعجبتك لهذه الدرجة صحة وعافية لك ".
أشارت سلمى على البطاطس طالبة المزيد منها لتقربها ناهدة منها:
" خذي يا روحي صحة وعافية على قلبك يارب".
قالتها وهي تراقب توته بفستانها وشعرها المرتب باهتمام.
نزلت ناهدة بعد انتهائهم من تناول الطعام، تاركة توته خلفها تهتم برفع الاطباق و وضعهم بالغسالة الخاصة بهم بجانب تحضير القهوة لزوجها، اقتربت واطفأت اسفلها بسرعة لتسكبها بالفنجان الصغير متحركة بها نحو غرفتها لتجد البدري جالس على الاريكة يتابع الأخبار عبر الشاشة الكبيرة التي أمامه.
اقتربت واعطته القهوة وهي تنظر نحو سلمى بحضنه قائلة:
" من الجيد انها نامت اعطني اياها كي اضعها بفراشها".
_" لا اتركيها عليّ سأشرب القهوة واضعها انا بفراشها".
لم تستمع له مالت عليه بسرعة امتلكت بها فؤاده وقلبه. حامله ابنته بحضنها :
" لا داعي لقيامك بكل الأحوال سأذهب لأطمئن على الأولاد".
استقام بجلسته بعد ان ابتعدت عنه ليخرج نفسه بقوة شوقه وحبه، رفع فنجانه ليرتشف منه دون أن ينتبه للكم الكبير الذي شربه بهذه الحرارة التي دخلت لتتنافس مع حرارته الداخلية.
كان كالذي أوشك على الانفجار من شدة ارتفاع حرارته .
أنهى قهوته بضيق مقتربا من فراشه لينام على جانبه الأيمن رافعا الغطاء عليه مغمضا عينيه متمنيا أن ينام قبل عودتها التي لم تطل كثيرا.
يعلم جيدا أن عادت وهو بهذه الحالة لن يستطيع تركها براحتها فلكل إنسان طاقة احتمالية وهو ورغم قوته وحكمته إلا أن أصبح لا يتحمل قربها دون امتلاكها .
عادت للغرفة مغلقة خلفها الباب ومن ثم الإضاءة وشاشة التلفاز واضعة جهاز التحكم به في مكانه.
أخرجت ثوب نوم بسيط لا شفاف ولا مفتوح ولا قصير، ارتدته وهي تختبئ خلف درفة الخزانة على استحياء تخوفا من تحركه واستيقاظه جزء منها يريد أن يرى انبهاره وتعلقه وتقربه منها والجزء الآخر يرتعب قلبه من خوض تجربة جديدة متكاملة.
صعدت الفراش لتنام بجواره بهذه اللحظة تذكرت ناهدة والاعيبها وما تفعله من أجل تزين فدوه بعيون الكبير، كما تذكرت فرحة وحديث زوجها بانبهاره بطعامها .
تحرك من جديد بذهن شارد واقفة أمام مرآتها ممسكة بعطرها لتغرق به غرفتها وليس ثوبها فقط .
مشطت بعدها شعرها ثم عادت للفراش كي تنام عليه بوجه مبتسم، لم يستوعب عقله ما رآه فتح عينيه بشكل كامل ناظرا تجاهها بصمت يعذب نار قلبه، لم تفعلها جرأه أكثر من غيرة و كيد ومحاولة إثبات نفسها انها محقة في اختيار حياتها الجديدة أمام نفسها قبل الجميع.
انتظرت تحركه والنظر اتجاهها او تحدثه ولكنه ظل ساكنا على حالته الأولى، ظلت مغمضة العينين حتى نامت وهي أشد ضيقا وغضبا عليه وعلى ناهدة.
……
وبعد يوم شاق استلقت شهرزاد على جانبها الايمن حافة فراشها مغمضه عينيها لتسترخي وتنام بسلام، دخل شريف الغرفة باحثا عنها ليجدها قد استعدت لنومها تحرك لينام على الجانب الاخر رافعا الغطاء ليغوص اسفله مقترب منها ليحيط خصرها وطفلهما بذراعه مقبلها من كتفها القريب منه ، فتحت عينيها المتسعة المحدقة محركه مقلتيها يمينا ويسارا بذعر من انفاسه التي همست باذنها:
"لا زال الوقت مبكر على نومنا لنجلس سويا لنتحدث مع بعضنا".
ردت بسرعة:
" نعسانة بجسد مرهق اتركني لانام وصباحًا نجلس ونتحدث كما تشاء".
اقترب أكثر لتتسع عينيها وتتكور ملامح البكاء على وجهها وهي تستمع لقوله:
" ولكني لا استطيع الانتظار للصباح اشتقت لحبيبتي ".
وبصوت تحذيري استدارت لتنام على ظهرها:
" لا تلمسني يداك كلوح الثلج".
_" أعلم ولهذا اريد ان ادفئهم بحضنك".
_ " شريف انا لا امزح اتركني لانام من غير شيء جسمي بارد و اتألم من فقداني الشعور بأطرافي ".
اجابها بعقل ذهب بعطلة مفتوحة:
" سادفئك لا تقلقي اتركيها علي وايضا من أين علمتي درجة حرارة يدي وانا لم اخترق الطبقه الاولى، حتى لازال أمامي ثلاث طبقات لتصل لكِ حرارة يداي، لم يتبقى شيء بالخزانة الا و ارتديتيه أشعر وكأني اجاهد لاصل لكِ".
وبعيونها التي أغلقت ونبرة صوتها الراجية:
" حبا في الله اتركني لانام إن أفسدت ترتيبهم سيتعكر صفائي ولن أنام حتى اعيدهم لمكانهم".
ضحك قائلا بنبرة مازحة ساخرة:
" الأول مع الأول والثاني مع الثاني والثالث مع الثالث، أقول لنفسي ماذا ان ذهبنا لثلوج اوروبا كم طبقه ستزيدين عليهم".
_ " اصمت يا شريف والله مجرد التفكير بهذا يرجف قلبي".
نظر نحو المدفأة الكهربائية قائلا:
" ماذا افعل لأجل تدفئتك".
خاطبته بترجي:
" لا تفعل شيء يكفي ان ترتدي ملابس تشعرني بالدفئ بدلا من تعذيب الروح هذا وكأننا بمنتصف يوليو".
نظر لملابسه الصيفية شورت وتيشيرت قائلا:
" أفعلها كي يرق قلب مولاتي وتشفق علي بقلبها الحنون لتضمني بحضنها الدافئ لنشعر سويا بحرارة منتصف أغسطس".
اجابته:
" أقسم أن لا شيء يشعرني بما تقول حتى وان اشتعلت النار أسفل الفراش".
عاد وحاوطها بذراعيه ليثبت لها أنه قادر على تدفئتها بقلبه المشتعل بنار حبها واشتياقه لها، حاولت مجابهته وإقناعه أن يتركها للصباح ولكنها بالاخير استسلمت لحبه وغزله وعيونه التي لا ترى امامها سواها.
ليأتيها عذابها الثاني حين أصر على إيقاظها لصلاة الفجر بهذه الأجواء الباردة.
تذمرت وكادت ان تبكي ليتركها ويذهب هو ليصلي فرضه ولكنه أبى مقسما لها بقلبه المحب ان لم تقم بمفردها سيتولى هو امرها ويساعدها باستحمامها و وضوءها كي لا تتعب نفسها.
ابتعدت عنه وهي غاضبة:
" شريف انا لا امزح الآن اقول لك اتركني بحالي ".
رفع غطائها لتصرخ:
" يوما ما ستجدني ميتة من البرد وما تفعله بي حرام عليكِ ارحمني".
ابتسم قائلا:
" ها أنا أفعل ما أرحمك به قلبي لا يتحمل محاسبتك على الصلاة لهذا اجبرك عليها كي نتنعم سويا بالجنة".
واقترب منها مكملا:
" ألم نحلم أن ندخل الجنة سويا وتكوني أنتِ سلطانة حور العين الخاصة بي".
وبنفس ضيقها ونعاسها ردت عليه:
" غيرت رأي وقررت أن اختار النار هاربة منك ومن الحور العين الخاصة بك، هل ارتحت الآن هيا ابتعد لاكمل انا عذابي بالنار".
سحب منها غطائها قبل ان ترفعه عليها من جديد قائلا:
" بعد الشر عليكِ هل تظنين أنني سأترككِ هناك، وايضا من سيحكم ويهذب وينظم الحور العين بغيابك هل ستتركيني فريسة لغيراتهم وتهافتهم عليّ"
حدثته بصوت ممثل بكائه:
" انا مني لله ، اه والله انا مني لله ".
وتحركت من مكانها:
" ما أدخلني أنا بالروايات وعالم الخيال".
سحبها للحمام الذي دفئهُ لها المدفأة الكهربائية كي لا تبرد، دخل قبلها وهو يخرج لها بورنس الحمام والمنشفة الصغيرة قائلا:
" تفضلي يا سلطانتي انا ساساعدك كي انهي حمامك بسرعة.
ابتسمت بوجهه ليبادلها ابتسامتها:
" الآن نستطيع أن نقول صباح الخير يا حوريتي".
ضحكت أكثر متسائلة:
" هل انت بلائي؟".
أومأ رأسه قائلا:
" اكيد تقصدين انني أجمل ابتلاء ابتليتي به في دنيتك ".
اقتربت بوجهها الضاحك لتقبله بوجنته قائلة:
" حفظ الله ابتلائي وعقلي الذي يعينني على تحمله".
حضنها من جديد رافضا ابتعادها قبل ان ترضي الجانب الآخر الذي غار مما قبلته، رفعت نفسها قليلا لتقبله وتبتعد بعده قبل أن يفقد عقله على الاخير.
اصر على مساعدتها لتزيد هي من اصرارها على خروجه، لم تجد نفسها الا وهي مخرجة غضبها وضيقها المغلف بالدلال منبهة عليه أن لا يظهر أمامها كي لا يندم ومدت يدها واخرجته.
ضحك بصوت يتذمر من إخراجها وإغلاق باب الحمام عليها لم يتوقع سرعة إنهائها الأمر، بغضون بخمس دقائق او اقل كانت تسرع لغرفتها وهي تترجف من برودة قلبها ورتك أسنانها ببعضها، وقف أمامها يمازحها على سرعتها وما هي به حدثته بتعب:
" ابتعد عني ياشريف كي لا نخسر بعضنا الآن".
ضحك وجهه وهو ينظر لسرعتها وهي تهرول تجاه غرفتها مغلقة الباب عليها واضعة يدها على قلبها لتدفئه من برودته وارتجافه.
عادت لتعيش عذابها مع اكمال ارتدائها في هذا البرد القارس بهذه الساعة وهي تدعي على الزواج ومن يقل عقله ويفكر بالارتباط مثلها قائلة:
" ما دخلي انا بكل هذا، ما به منزل أبي حسبي الله ".
مدت سجادة الصلاة وبدأت صلاتها شيء فشيء حتى انهتها وانهت بعدها دعائها وأذكارها كما اعتادت على فعلها معه .
فاجأها بتحضيره الفطور لها جلس بجانبها ليطعمها بيده ويشربها الشاي من بعده ليدفأ قلبها، تحدثت شهرزاد قائلة:
" عليك ان تجد حلا لهذا الشعور البارد يتجمد قلبي ويترجف جسدي كله لم أعد أتحمله".
رد عليها شريف وهو ينظر للتكييف بالأعلى:
" ماذا افعل احضرنا الوكالة لتصلح العيب ولا زال على وضعه".
أجابته بصوت راجي:
" دعك من الوكالة لا يفهمون شيء لنحضر مصلح لديه خبره يلقي نظرة عليه ويخبرنا بعلته او نبدله نشتري تكيف آخر ونضع هذا بالغرفة الصغيرة ليبردها بالصيف" .
رد عليها شريف:
" ليس لهذه الدرجة من المؤكد ان له حل، سبحان الله رغم أنني اعتنيت كثيرا باختياره واصريت على كبر حجمه ليدفئ ويبرد الغرفة كلها بكفاءة عالية".
_" لا عليك دوما اسمع عن هذه الأمور كانت أمي تقول لابد من حدوث شيء أو تعطل جهاز او كسر قطعة غالية لتذهب العين معها".
ضحك شريف وقرب المدفئة الكهربائية اكثر من الفراش قائلا:
" هل دفأ قلب ابني".
وبخوف أجابته:
" ابعدها عن المفروشات والله انا لا اخاف بهذه الدنيا اكثر مما أخافه من هذه المدافئ".
ضحك واجاب:
" نعم ولهذا نتحمل البرد على ان نفتحها بجانبنا طوال الليل، ولكن لا تقلقي سأحل الامر سريعا حتى وان لم نصل لحل سنغير مكانه ونشتري من هو افضل بالتدفئة".
اغمضت عينها وهي ترفع يدها لتحك شعرها من الخلف قائلة:
" هيا لننام ساعة قبل ذهابنا للجامعة".
رد بسرعه أي نوم هذا لم يتبقى وقت للنوم إن عدت لنومي لن تكفيني ساعة انا اقترح ان تقرئي لي ما تبقى من حكاية الاغوات وضعت يدها على جبهتها و عينها وهي تقول:
" رأسي يدور".
رأف بحالتها وتراجع عن طلبه كي لا يضغط عليها:
" تمام أنتِ نامي وارتاحي وانا سأقرأ قليلا بالخارج".
طرأت عليها فكرة تحدثت بها:
" ما رأيك بأن تأخذ روايتي وتقرأها، أعني الفصل الجديد الذي كتبته أمس بالمقر".
ابتسم وجهه:
" تقولين لا فائدة بروي أي فصول جديدة اليوم".
أجابته بدلال وحب:
" ماذا افعل ابنك يريد النوم ".
مال عليها وقبل طفله ببطنها ثم ارتفع ليقبل وجنتها مقتربا من شفتيها لتصرخ بهذه اللحظة قائلة:
" والله أذهب لأمي ولا أعود قبل الولادة".
ضحك مبتعدا عنها رافعا يديه وهو يقول:
" أقسم أنني أخاف من تنفيذ تهديدك هذا، ألم تجدي غيره بكل مرة".
_" ماذا افعل يا حبيبي ان ارسلتك لمنزل والديكِ سأخاف من النوم وحدي وايضا أمك لن ترحمني، فذهابي انا لمنزل والدي افضل حل حتى سأتحجج بطفلي وقتها".
ضحك برده:
"ارأيتي صدقت بخوفي فأنتِ جادة لدرجة ترتيبك لكل المعطيات والاجابات أحسنتي ولكني سأحبط كل هذه المخططات وأخرج لابدأ قرأتي لفصلك الجديد ما رأيك هل أصلح لأكون زوج وديع مطيع رومانتيك".
ردت عليه بنبرة مازحة:
" ان اغلقت المدفئة ومن بعدها الإضاءة والباب خلفك سيكون كذلك واكثر".
خرجت منه صوت ضحكته النابعة من قلبه لتضعف أمامه قائلة:
" تمام غيرت رأي سأسمح لك بأن تقرأ بجواري احضر الدفتر من حقيبتي ها هي على المقعد الذي بجوارك".
قام ليجلب دفترها طامعا بتغير رأيها من جديد و قراءتها ما كتبت له، ولكنه عاد ليجدها قد وضعت عازل الإضاءة على عينيها ونزلت للاسفل رافعة الغطاء عليها دون كلام.
ابتسم وجهه وهو يجلس بجانبها متحمسا لفصله الجديد قارئاً في دفترها نصف ساعة حك شريف خلف رأسه بعدها وهو يأخذ نفس من أعماق صدره الملتهب غاضبا على انتهاء الفصل.
وقف مقتربا من البلكون ليفتح نافذته مستنشقا المزيد من الهواء قائلا لنفسه:
" لهذا هربتي من قراءته لي تعلمين ما سيحدث بكِ ".
سحب يده من الخلف وحك لحيته مداعبا أنفه وهو يكمل:
" عليكِ ان تدعي لابنك و لبرودة الطقس ايضا".
اغلق النافذة وتحرك متجها للغرفة مكمل حديثه الحار مع نفسه:
" اقول لها انا ادفئك وهي لا تصدق، ستجعلني احضر مصلحين الكون كله اليوم كي ينهوا أمر برودة الغرفة حتى ان تطلب الامر سأشتري ثلاث مكيفات ونضعهم جميعا فوق رؤوسنا لنرى هل سيكفي ام انها حجة لحرق روحي وفؤادي".
دخل غرفته ليجدها بشكل كامل أسفل غطائها تذكر حديث الطبيب بأن هناك نساء يبردون بالحمل بشكل كبير حتى وان كانوا بمنتصف الصيف ورغم أنها حالة نادرة إلا أنها موجودة ومتعارف عليها.
حن قلبه ورأف بها ليقرب المدفأة الكهربائية من الفراش قليلا كي تسعد بنومها.
…….
لم تتراجع ناهدة بأحزان توته التي أصبحت تقف أمامها هادئة الأعصاب تتحدث بهدوء دون أن تظهر أي ردة فعل أمامها.
ظاهرها يعكس ما بداخلها وهي تحاول في هذا كي تصل لبر الأمان باتقائها شرها وشر ما تفعله.
مرت ايام اخرى ارادت توته أن تقرب زوجها لها وأن تنفذ شرع الله بحقوق زوجها.
وقفت أمام خزانتها ناظرة نحو أثواب النوم وهي تختار من بينهم محاولة إيجاد أصغرهم مقاسا ليناسب نحافتها.
أخرجت فستان بلون قلب البطيخ لا هو أحمر ولا هو زهري و وضعته عليها وهي تنظر للمرآة داعيه ربها أن يساعدها بفعلها.
ارتدته وعادت لمرآتها لتتزين كعروس ليلة زفافها فهي أكثر من يبدع بهذا، اتصلت شهرزاد مكالمة فيديو لتطمئن عليها منبهرة مما هي عليه لم يكن الفستان مفتوح بحد كبير ولم يكن مرتفع عن ركبتها ولكنه كان جميلا عليها.
فرحت شهرزاد باختها رغم شعورها بشيء غريب في صوت توته سألتها عنه أكثر من مرة دون ان تصل لجواب يرضيها.
سألتها توته:
" هل عدتي لمنزلك ام لا زلتي بالجمعية".
ردت شهرزاد:
" كرهت الجمعيات من تحت رأسك، اسمه مقر ألف ليلة وليلة للنشر والتوزيع".
ابتسمت توته قائلة:
" تمام لا وقت لفلسفتك الآن المهم عدتي لمنزلك أم لا زلتي هناك ".
ردت شهرزاد بارهاق:
" كان بودي ان اخبرك بأنني عدت لمنزلي واتنعم بفراشي ولكن الواقع مختلف مع الاسف لم أعد حتى الآن انتهينا للتو من طباعة النسخ الأولية واطمئن قلبنا على جودة الطباعة بصراحة شيء يفتح النفس على الحياة حتى ذهب تعب وارهاق الشهور الماضية ".
تحدثت توته لأختها قائلة:
" يكفيكِ إجهاد لنفسك وطفلك اخشى ان تتعبي وتندمين".
أجابت شهرزاد:
" لا تقلقي انا بخير، اتابع مع طبيبي خطوة بخطوه فلا يمكنني أن أهمل بكار خاصتي".
ضحكت توته قائلة:
" سترنا الله من فالك اتمنى ان يخرج أمير عصره كما ينعته أباه".
ضحكت شهرزاد قائلة
" اتركينا من شريف انه يعيش بكوكب خاص به".
سمعت توته صوت ناهدة وهي تنادي لم تخرج من باب غرفتها حتى وجدتها تجتاز الساتر الكبير وتدخل وهي تتحجج بسلمى.
خجلت توته من حالتها أمامها أنهت المكالمة مع اختها و اغلقت الهاتف وهي تخبر ناهدة بنوم سلمى مع أخواتها.
ظلت ناهدة تنظر لفستانها ومكياجها نظرات ازدراء وكأنها رأت أمامها فتاة ليل، تحركت دون الرد عليها مرددة رحمة الله عليك يا حبيبي و نزلت للأسفل وهي تبكي تاركة توته خلفها مصدومة مما حدث تبرر لشهرزاد انها لا دخل لها فلقد وجدتها أمامها دون اذن مسبق.
هدأت شهرزاد منها واخبرتها انه كان سيحدث ما رأته بشكل او آخر فهم بالأخير يعيشون بمكان واحد وان لم تحترم حرمة المكان والخصوصية سترى أكثر من هذا.
عاد شريف للمقررات بعد ان ودع كاتب مبتدأ كان ضيفا لديهم ، استأذنت شهرزاد من اختها كي تغلق و تتصل بها بوقت آخر كي يبدأوا برحلة العودة لمنزلهم .
أنهيا المكالمة لتقف شهرزاد وهي ممسكة ظهرها بيدها متألمة، اقترب شريف منها وهو يضع يده على بطنها المنتفخة بحجم طفلهم قائلا
" هل كبرت قليلا".
ضحكت:
" أنت أعلم بهذا القياسات لديك".
بادلها ضحكها وهو يرد:
" نعم حتى لنعيد القياس عند عودتنا".
_'' أقسم أنني سألقي الشريط القياسي من نافذتنا كي تكف عن قياس محيط بطني كل دقيقة".
رد عليها:
" ألم يخبرنا الطبيب ان زيادة حجمها تعني اقتراب مجيئه".
أخذا حقيبتها وتحركت نحو الباب قائلة له:
" دائما تأخذ من الكلام ما يناسبك فقط".
اجابها اثناء تحركه خلفها:
" إذا علي أن أتراجع وأخذ اليوم ما يناسبنا ".
_" حتى بأحلامك لن ترى هذا، اليوم سأنام دون روايات ولا احلام ولا حتى هز"
ضحك قائلا:
" وأهون عليكِ؟".
نزلت الدرج بردها:
" كلمة إضافية وسأتركك بالدار لتنام ليلتك بسلام".
عاد البدري متفاجأ بحالة زوجته أدار وجهه مبتعد عن قبلتها محاولا فهم ما هي عليه، فكانت هذه هي المرة الثانية أو الثالثة لرؤيته لها بهذه الحالة، سعل مقتربا من خزانته ليخرج ملابسه تحدثت من خلفه قائلة:
" ها هم بالخارج حضرتهم لك".
رفع نظره عليها سابحا بجمالها الذي اسره بها من اول يوم ابتلع ريقه وتحرك ليأخذ ملابسه ويدخل الحمام ليبدلهم على غير العادة.
توترت وتعرقت يداها وهي واقفه بجانب الفراش تنتظر خروجه حتى تسأله هل تحضر له شيء يشربه او فاكهة يأكلها.
وبعد دقائق طالت قليلا خرج البدري وهو يسير جهة الخزانة ليعلق ملابسه مكانها على غير العادة ايضا، اقتربت منه وهي مخفضة الأعين قائلة بصوتها الخجول:
" انا سأضعهم"
اخذتهم من يده وبدأت بترتيبهم وتعليقهم بالداخل
استدارت لتجده استلقى على الفراش رافعا الغطاء عليه، تحركت خطوات قربتها من فراشها وهي ترجع شعرها للوراء قائلة
" أريد أن أحدثك بشيء".
فتح عيناه قائلا بجدية مصطنعة:
" تفضلي اسمعك".
رفعت كتفها بخجل وعين مخفضة:
" أريد أن اشتري ملابس جديدة لاني أشعر بأن ملابسي اكبر مني في المقاس انت تعلم امي من اختارهم لي".
قاطعها ليهدأ النار التي اشتعلت بصدره جراء حالتها وصوتها الجميل قائلا
" تمام لا عليك أنتِ محقة انهم اكبر من حجمك فعلا عليك أن تهتمي بتناول الطعام أو اذهبي للطبيب كي يعطيك بعض الفيتامينات وفواتح للشهية بهذا الحال لم تستطيعي الاستمرار بواجباتك تجاه الاولاد، وايضا نفسك. لنفسك عليك حق"
نظر لصمتها واحمرار وجهها مكملا:
" على كلا جميعهم ضعيهم في حقيبة ذات شكل جميل وأعطيهم إلى فدوه ومن ثم اذهبِ لتشتري ما تريدين وما تريه مناسب لكِ".
تغيرت ملامح وجهها بضيق متسائلة:
" ولماذا فدوة؟ هل سيليق عليها أفضل مني؟".
وباستغراب أجابها:
" لا اعرف خرجت مني على هذا النحو نحن اعتدنا على إخراجهم كهذا ، ولكن إن كان لك راي آخر فلا مانع لدي"
-" نعم لدي رأي آخر أنا حرة افعل ما اريد ارتدي وافرط فيما أريد، كما أنني سعيدة بوضع وزني لا داعي للطبيب لزيادة وزن وكسب الأمراض على إثرها"
أكملت حديثها داخل نفسها دون صوت:
" هي من على البال والخاطر"
تذكرت حديث جميلة لتشتعل غيرتها الغير مفهومة لديها.
وأمام صمتها رفع البدري الغطاء على رأسه ليخبئ نفسه أسفله وهو يقول:
" أنا متعب كثيرا اليوم اغلقي الإضاءة كي انام غدا لدي الكثير من العمل، علي أن أنام كي الحق عليه".
أحزنتها بهروبه منها وتأكدها من زهده بها وعدم استطاعتها لفت نظره لها، رغم أنها السبب فذلك فكيف تريد منه أن يقترب ويتغزل بها وهي تصده وتغضب عليه بهذه الحدة .
نظرت للمرآة بعين لم ترى سوى عيوبها ونحافتها وقصرها.
حزنت وكسرت بشكل سيء فما اصعب ان تشعر المرأة أنها غير مرغوب بها من زوجها حتى وان تدللت وهربت وامتنعت بالأول حتى وإن غضبت تتمنى أن يحتويها بعطفه وحنانه، فكل امرأة ترى في نفسها سلاح قوي يهزم المشاكل والفتور الخصوم فإن اختل وقلت ثقتها بهذا السلاح تهزم وتهتز من داخلها بقوة كبيرة.
طال الهدوء والسكون بالغرفة جعله ينزل الغطاء من على رأسه يتخطف النظر إليها ليراها تنظر في مرآتها، بدأت حربه الداخلية هل يذهب إليها ويغرق باحلامه ام يبقى كما هو متخوفا من ردها وحدتها.
ولأنه قطع على نفسه عهدا ان لا يضغط عليها استدار على الجهة الاخرى وأكمل نومه بعقله المستيقظ الذي كان شاهدا باحساسه على تبديلها لملابسها و نومها على فراشها بشكل متباعد جدا.
وبعد مرور ساعات الفجر واقتراب الليل على الانطواء أذن المؤذن لصلاة الفجر، استيقظ البدري من النوم الذي لم يأتيه منتظما.
نظر جانبه ليجدها نائمة بعمق كبير تحرك للحمام مناديا عليها كعادته اليومية ولكنها لم تستجب له دخل الحمام وتوضأ وخرج لصلاة الفجر بالمسجد القريب منهم.
عاد البدري للسرايا وصعد للطابق العلوي متأملا رؤيتها مستيقظة كي يتحدث معها ويشيد بجمالها واعجابه بها في كل أحوالها وأنه لم يقصد شيء سيء حين تحدث عن وزنها واهتمامها بطعامها.
أراد أن يشرح لها سبب نومه بعيدا عنها كي لا يكسرها أو يضغط عليها لعلها تخبره بعكس ما يشعر به وتفتح له أبواب قلبها.
عاتب على نفسه وراجعها في تركه لها وما شعره من حزن كبير طرأ عليها حيال ذلك.
دخل الغرفة وهو يتراجع عن كل ما حضره ورتبه لقوله لها، وجدها نائمة مكانها نظر جانبا ليجد لباس الصلاة موضوع على سجادة الصلاة كرسالة منها على أدائها فرضها.
عاد ليستلقي على فراشه مناديا بصوت منخفض " فاطمة ، فاطمة هل انتِ مستيقظة ".
لم تجبه تنهد بحزنه وأغمض عينه ليبدأ نومه الحقيقي .
استيقظت بعد مرور ساعة على الأكثر، نزلت للاسفل كي تبلغ جميلة باسم الطبيب المتميز وتخبرها انها اخذت لها حجز موعد باواخر الشهر القادم.
تحدثت معها جميله لتشكي لها ضيقها من أخيها وما فعلته زوجته مع امها استمرت أحاديثهم المتفرقة واهتمامهم بسلمى.
شعرت ناهدة بهذا اليوم ان البساط يسحب من تحت أقدامها ظلت على حالتها منتظرة قدوم الرجال لتفتعل مشكلة كبيرة متهمة توتة باهانتها.
بكت وانهارت بالصالون وهي تشتكي تحملها للاهانات وما تفعله توته بها على مدار أشهر ومحاولتها للتحلي بالصبر لأجل ابن عمها وأولاد اخيها.
غضب البدري من توته وهي ترد على ناهدة بحدة وغضب:
" انتِ تكذبين حتى دموعكِ هذه لن اصدقها".
بكت ناهدة اكثر قائلة:
" كيف تتهميني بالكذب كيف تتجرئين علي هل كل هذا لاني صمت وأردت لكِ وللأولاد الخير هل هذا جزائي بعد كل تحملي لكِ".
تحدث سيد قائلا للبدري:
" نعم يا اخي انا شاهد على هذا، كانت تدخل الغرفة وتقول صمت لأجل أن لا يحزن ابن عمي وايضا لاجل الأولاده".
رد البدري على أخيه بنبرة حاول ان تكون مازحة دون أن ينجح بهذا:
" اهدأ يا سيد كلها أمور نساء ببعضهم دعهم يحلون مشاكلهم بمعرفتهم ويتصالحون كعادتهم".
اجابه سيد بضيق:
" لا هذه المرة مختلفة لن أصمت على اهانة زوجتي أمام عيني عليها أن تعتذر لها والآن".
نظر البدري لزوجته التي قالت فور التقاء نظرهم ببعضهم:
" اقسم لك أنني لم أقترب منها ولم اقل ما قالته دعك من أمر ملابسها وما افترته بحق إفساد فستانها الجديد بمادة الكلور، وأخبرني هل أنا شخص سيء بنظركم حتى اعايرها بعدم إنجابها واحرمها من أولاد أخيها وابن عمها".
اصر سيد على اعتذار فاطمة من زوجته التي لا زالت تبكي بنار حزنها، وبقوة وضيق ملأ قلبها نظرت توته لزوجها قائلة:
" هل توافق على ما يطلبه أخيك".
رد البدري بضيقه:
" بزيادة ما تفعلون لقد اشعلتم النار بالسرايا من كثرة مشاجرتكم المستمرة هيا تفرقوا الآن كي تهدؤوا واطردوا شيطانكم ومن بعدها نرى المخطئ من المصلح، المظلوم من الظالم".
نظرت له بعيون ملأت بدموعها التي كانت تكوي قلبه بعتابها الصامت متحدثة أمام الجميع: " نعم أنت محق يا سيد لا يمكنك أن تصمت على إهانة زوجتك أمام الجميع، ولا يمكنك تحمل الاتهامات والمشاجرات المفتعلة كل هذه الشهور وتصمت".
ثم نظرت إلى ناهدة وهي رافعة حاجبيها متحدثة بقوة لم يعهدوها عليها قائلة:
" أعتذر منكِ يا ناهدة، نعم اعتذر منك أمام الجميع، اعتذر لزوجك ولمحسن وجميله حتى اعتذر من زوجي، اعتذر منكم جميعا وأن لم يكفيكِ الاعتذار يمكنني".
قاطعها البدري بضيق صدره وهو يقترب منها قائلا:
" لا تكملي يكفي تعالي معي لأعلى".
رفضت إمساكه لها مبتعدة عنه قائلة:
" ما بك ألم أفعل ما تريدون".
تحدثت جميلة لنفسها دون صوت:
" ألطف يا رب أقسم أن الكبير لن يمرر ما حدث بزوجته انا اعلم هذا الوجه جيدا".
ناداها زوجها دون ان ترد عليه اقترب منها ليمسكها من ذراعها متفاجأ بانتفاضها وذعرها.
نظر البدري لسيد بضيق ثم أدار رأسه مقتربا من زوجته قائلا:
" لا تكملي يكفي تعالي معي للأعلى ".
يتبع ......
